المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[حَرْفُ الْجِيمِ] [

- ‌الْجَائِزُ]

- ‌[الْجُبْرَان]

- ‌[الْجَعَالَةُ كَالْإِجَارَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌[الْجِلْسَاتُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْجِمَاعُ وَدَوَاعِيهِ]

- ‌[الْجَمْعُ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[الْجَهْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[حَرْفُ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الْحَاجَةُ الْعَامَّةُ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ الْخَاصَّةِ فِي حَقِّ آحَادِ النَّاسِ]

- ‌[الْحَاجَةُ الْخَاصَّةُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَ]

- ‌[الْحَالُّ لَا يَتَأَجَّلُ]

- ‌[الْحَجْرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحُجَّةُ الَّتِي يَسْتَنِدُ إلَيْهَا الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ]

- ‌[حَدِيثُ النَّفْسِ لَهُ خَمْسُ مَرَاتِبَ]

- ‌[الْحُدُودُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحَدَثُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَالِاسْتِيلَاءِ]

- ‌[الْحَرِيمُ يَدْخُلُ فِي الْوَاجِبِ وَالْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ]

- ‌[الْحَشَفَةُ]

- ‌[الْحَصْرُ وَالْإِشَاعَةُ]

- ‌[الْحُقُوقُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[الْحُقُوقُ تُوَرَّثُ كَمَا يُوَرَّثُ الْمَالُ]

- ‌[الْحُقُوقُ الْمُوَرَّثَةُ]

- ‌[حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَة]

- ‌[حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى إذَا اجْتَمَعَتْ]

- ‌[الْحُكْمُ هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[حُكْمُ الْحَاكِمِ]

- ‌[الْحَلَالُ]

- ‌[الْحَلِفُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحَمْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحَوَاسُّ خَمْسَةٌ]

- ‌[الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّ وَحَقِّهِ]

- ‌[الْحِيَلُ]

- ‌[الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ وَالْمُسْتَمِرَّةُ وَعَيْشُ الْمَذْبُوحِ]

- ‌[الْحَيَوَانُ يَتَعَلَّقُ بِهِ أُمُورٌ]

- ‌[حَرْفُ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الْخَبَرُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَنْ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ]

- ‌[الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَة]

- ‌[الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ]

- ‌[الْخُطَبُ اثْنَتَا عَشْرَةَ]

- ‌[الْخَطَأُ يَرْفَعُ الْإِثْمَ]

- ‌[الْخَلْطُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ بِمَنْزِلَةِ الْإِتْلَافِ]

- ‌[الْخُلْفُ فِي الصِّفَةِ]

- ‌[الْخِلَافُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْخِيَارُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[حَرْفُ الدَّالِ] [

- ‌الدَّفْعُ أَقْوَى مِنْ الرَّفْعِ]

- ‌[الدَّوْرُ قِسْمَانِ]

- ‌[الدَّيْنُ ضَرْبَانِ حَالٌّ وَمُؤَجَّلٌ]

- ‌[حَرْفُ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الذَّهَبُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الرِّجَالِ]

- ‌[حَرْفُ الرَّاءِ] [

- ‌الرُّخَصُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الرِّدَّةُ لَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ]

- ‌[الرِّشْوَةُ أَخْذُ الْمَالِ لِيُحِقَّ بِهِ الْبَاطِلَ أَوْ يُبْطِلَ الْحَقَّ]

- ‌[الرِّضَا بِالشَّيْءِ رِضًا بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ]

- ‌[حَرْفُ الزَّاي] [

- ‌الزَّائِلُ الْعَائِدُ كَاَلَّذِي لَمْ يَزُلْ]

- ‌[الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ تَتْبَعُ الْأَصْلَ]

- ‌[الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا أَثَرَ لَهَا]

- ‌[الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَدَدِ إذَا لَمْ تَكُنْ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ]

- ‌[الزَّرْعُ النَّابِتُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ]

- ‌[حَرْفُ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌السَّبَبُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[السِّرَايَةُ حَقِيقَتُهَا]

- ‌[السَّفَرُ قِسْمَانِ طَوِيلٌ وَقَصِيرٌ]

- ‌[السَّفِيهُ تَصَرُّفَاتُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[السَّكْرَانُ فِي سَائِرِ أَحْوَالِهِ كَالصَّاحِي]

- ‌[السُّكُوتُ ضَرْبَانِ]

- ‌[السُّنَّةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[السُّؤَالُ مَعَادٌ فِي الْجَوَابِ]

- ‌[سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ]

- ‌[السَّهْوُ]

- ‌[السَّهْوُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[السَّيِّدُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ابْتِدَاءً]

- ‌[حَرْفُ الشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الشَّبَهُ]

- ‌[الشُّبْهَةُ فِيهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الشَّرْطُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[شَرْطُ الْعِلَّةِ هَلْ يَجْرِي مَجْرَى شَطْرِ الْعِلَّةِ]

- ‌[الشُّرُوعُ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَشْرُوعِ فِيهِ]

- ‌[الشَّفَاعَةُ ضَرَاعَةٌ عِنْدَ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ]

- ‌[الشَّرِكَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الشَّكُّ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الشَّلَلُ هَلْ هُوَ مَوْتٌ أَوْ تَيَبُّسٌ]

- ‌[حَرْفُ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الصَّبِيُّ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الصِّحَّةُ وَالْجَوَازُ وَالِانْعِقَادُ فِي بَابِ الْعُقُودِ]

- ‌[الصَّرِيحُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الصِّفَةُ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلتَّوْضِيحِ]

- ‌[صِفَاتُ الْحُقُوقِ لَا تُفْرَدُ بِالْإِسْقَاطِ]

- ‌[حَرْفُ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا]

- ‌[الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ]

- ‌[أَسْبَابُ الضَّمَانُ]

- ‌[حَرْفُ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الطَّارِئُ هَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْمُقَارِنِ]

- ‌[الطَّهَارَةُ تَثْبُتُ بِالتَّبَعِيَّةِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ]

- ‌[حَرْفُ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌ظُهُورُ أَمَارَاتِ الشَّيْءِ هَلْ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ تَحَقُّقِهِ]

- ‌[الظَّنُّ إذَا كَانَ كَاذِبًا فَلَا أَثَرَ لَهُ]

- ‌[حَرْفُ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الْعَادَةُ فِيهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْعِبَادَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُومِ]

- ‌[الْعِبْرَةُ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا]

- ‌[الْعَدَالَةُ هَلْ تُتَحَرَّى]

- ‌[الْعُذْرُ الْعَامُّ]

- ‌[الْعُرْفُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْعَزْمُ عَلَى الْإِبْطَالِ مُبْطِلٌ]

- ‌[الْعَقْدُ حقيقته]

- ‌[الْعَمَلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[عِلَّةُ الْحُكْمُ إذَا زَالَتْ وَخَلَفَهَا عِلَّةٌ أُخْرَى]

- ‌[الْعَوْلُ وَالرَّدُّ]

- ‌[الْعُيُوبُ الْمُعْتَبَرَةُ شَرْعًا]

- ‌[حَرْفُ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الْغَايَةُ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ]

- ‌[غَالِبُ الْبَلَدِ يُعْتَبَرُ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[حُكْم غَرِيمُ الْغَرِيمِ]

- ‌[الْغُسْلُ يَنْقَسِمُ إلَى وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ]

- ‌[حُكْم غُسْلُ الْعِيدَيْنِ]

الفصل: ‌[الشبهة فيها مباحث]

[الشُّبْهَةُ فِيهَا مَبَاحِثُ]

" الشُّبْهَةُ " فِيهَا مَبَاحِثُ الْأَوَّلُ:

أَنَّهَا مُسْقِطَةٌ لِلْحَدِّ وَهِيَ ثَلَاثٌ فِي الْفَاعِلِ كَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً وَظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ، وَفِي الْمَوْطُوءَةِ بِأَنْ يَكُونَ لِلْوَاطِئِ فِيهَا مِلْكٌ أَوْ شُبْهَةُ مِلْكٍ، كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَأَمَةِ " ابْنِهِ " أَوْ مُكَاتَبِهِ، وَفِي الطَّرِيقِ بِأَنْ يَكُونَ حَلَالًا عِنْدَ قَوْمٍ حَرَامًا عِنْدَ آخَرِينَ، كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ.

وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ لِلتَّدَاوِي وَحَكَمْنَا بِالتَّحْرِيمِ فَلَا حَدَّ فِي الْأَصَحِّ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ، وَيُشْتَرَطُ فِي مَأْخَذِ الْخِلَافِ أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا، كَمَا سَبَقَ فِي حَرْفِ الْخَاءِ. وَلَوْ سَرَقَ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ سَقَطَ الْقَطْعُ عَلَى النَّصِّ وَأُلْحِقَ بِهِ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ فِيمَا لَوْ وَطِئَ " مَنْ " لَمْ يُعْرَفْ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ. وَالْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوَطْءِ الْمُخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِالشُّبْهَةِ وَعَدَمِهَا خَمْسَةٌ: النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ " وَاعْتِبَارُهُمَا " بِالرَّجُلِ فَإِنْ ثَبَتَتْ الشُّبْهَةُ فِي حَقِّهِ ثَبَتَا، وَإِلَّا فَلَا.

" وَالثَّالِثُ ": الْمَهْرُ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِالْمَرْأَةِ.

وَالرَّابِعُ: - الْحَدُّ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ " بِمَنْ "" وُجِدَتْ الشُّبْهَةُ فِي حَقِّهِ مِنْهُمَا ".

وَالْخَامِسُ: - حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، فَإِنْ " شَمِلَتْهَا " الشُّبْهَةُ " تَثْبُتُ "، وَإِنْ

ص: 225

اخْتَصَّتْ بِأَحَدِهِمَا، فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُهَا بِالرَّجُلِ، وَقِيلَ بِهِمَا، وَقِيلَ " بِمَنْ " وُجِدَتْ مِنْهُ، وَلَا تَسْقُطُ التَّعْزِيرَاتُ بِالشُّبْهَةِ، قَالُوا لَوْ وَطِئَ الرَّجْعِيَّةَ يُعَزَّرُ مُعْتَقِدُ التَّحْرِيمِ مَعَ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ " رضي الله عنه " أَنَّهُ رَجْعَةٌ.

وَهَذَا أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُفَارِقُ فِيهَا التَّعْزِيرُ الْحَدَّ.

وَهَلْ تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ بِالشُّبْهَةِ ذَكَرَ الْمُتَوَلِّي تَبَعًا لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّ كَفَّارَةَ الصَّوْمِ تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْحَجِّ.

وَلِهَذَا لَوْ وَطِئَ الصَّائِمُ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ فَبَانَ خِلَافُهُ قَضَى، وَلَا كَفَّارَةَ.

وَلَوْ وَطِئَ الْمُحْرِمُ نَاسِيًا وَقُلْنَا إنَّهُ فَسَدَ حَجُّهُ " وَجَبَتْ " عَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَيُؤَيِّدُهُ نَصُّ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ " رضي الله عنه "" عَلَى " أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا ثُمَّ جَامَعَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ صَارَ مُفْطِرًا بِالْأَكْلِ نَاسِيًا لَمْ " تَلْزَمْهُ " الْكَفَّارَةُ لِلشُّبْهَةِ، وَكَذَا " لَوْ أَصْبَحَ مُجَامِعًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ الْفَجْرَ قَدْ طَلَعَ، ثُمَّ بَانَ طُلُوعُهُ لَا كَفَّارَةَ، لَكِنْ قَالُوا " لَوْ أَصْبَحَ مُقِيمًا ثُمَّ سَافَرَ لَمْ يُفْطِرْ خِلَافًا لِلْمُزَنِيِّ.

وَلَوْ أَفْطَرَ بِالْجِمَاعِ لَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، فَلَمْ يُرَاعُوا شُبْهَةَ الْخِلَافِ فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ عَنْهُ. أَمَّا الْفِدْيَةُ فَلَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ " غَرَامَةً "، بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ

ص: 226

فَإِنَّهَا تُشْبِهُ الْعُقُوبَةَ، فَالْتَحَقَتْ بِالْحَدِّ فِي الْإِسْقَاطِ، قَالَهُ الْقَفَّالُ.

الثَّانِي: هَلْ تُسْقِطُ الْإِثْمَ وَالتَّحْرِيمَ.

أَمَّا الشُّبْهَةُ فِي الْمَحَلِّ كَوَطْءِ " الْجَارِيَةِ " الْمُشْتَرَكَةِ وَفِي الطَّرِيقِ كَالْوَطْءِ بِبَيْعٍ وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَحَرَامٌ.

" وَأَمَّا فِي الْفَاعِلِ " كَوَطْءِ مَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: حَرَامٌ وَلَا إثْمَ لِعَدَمِ الْقَصْدِ وَعَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ.

وَالثَّانِي: لَيْسَ بِحَرَامٍ إذْ لَا إثْمَ فِيهِ.

وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا " بِحُرْمَةٍ ".

الثَّالِثُ: «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الشُّبْهَةَ وَسَطًا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ» .

ص: 227

قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ فِي الْوَدَائِعِ " أَمَّا " الشُّبْهَةُ " فَهِيَ " الشَّيْءُ الْمَجْهُولُ تَحْلِيلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَتَحْرِيمُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَيَجِبُ فِيمَا هَذَا شَأْنُهُ التَّوَقُّفُ " عَنْ " التَّنَاوُلِ لَهَا فَإِذَا لَمْ يَجِدْ غِنًى عَنْهَا تَنَاوَلَ " مِنْهَا " عَلَى حَسَبِ الْكِفَايَةِ " لَا عَلَى " حَسَبِ الِاسْتِكْثَارِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ الْمَيْتَةَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ فَالشُّبْهَةُ دُونَهَا انْتَهَى.

وَتَوَسَّعَ الْعَبَّادِيُّ فَقَالَ فِي الزِّيَادَاتِ سُئِلْت عَنْ الشُّبْهَةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَقُلْت هَذَا لَيْسَ زَمَانَ الشُّبْهَةِ اجْتَنِبْ مَا عَرَفْته حَرَامًا يَقِينًا.

وَالتَّحْقِيقُ انْقِسَامُ الشُّبْهَةِ إلَى مَا يَجِبُ اجْتِنَابُهُ وَإِلَى مَا لَا يَجِبُ، فَالْأَوَّلُ مَا أَصْلُهُ التَّحْرِيمُ، وَأَشْبَهَ التَّحْلِيلَ فَرَجَعَ لِلْأَصْلِيِّ، وَالثَّانِي مَا أَصْلُهُ الْحِلُّ، كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْغُرَابِ إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهِ وَعَدِمَهُ رَجُلَانِ، وَجَهِلَ لَا يُحْكَمُ بِطَلَاقِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا يَلْزَمُهُمَا اجْتِنَابُهُمَا، لِأَنَّ " الْحِلَّ "، كَانَ مَعْلُومًا، لَكِنَّ الْوَرَعَ الِاجْتِنَابُ وَعَدَّ الْحَلِيمِيُّ مِنْ " الشُّبْهَةِ "" التَّنَاهُدَ "، وَهُوَ أَنْ يُخْرِجَ كُلٌّ مِنْ الرُّفْقَةِ نَفَقَةً عَلَى قَدْرِ نَفَقَةِ صَاحِبِهِ وَقَالَ لَا بَأْسَ بِهَا، إلَّا أَنَّ تَرْكَهَا أَشْبَهَ بِالْوَرَعِ،

ص: 228

قَالَ وَإِنْ اجْتَمَعَتْ الرُّفْقَةُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى طَعَامٍ " فَذَلِكَ " أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ " النَّهْدِ ".

" وَقَالَ " النَّوَوِيُّ فِي آخِرِ الشَّرِكَةِ مِنْ الرَّوْضَةِ يُسْتَحَبُّ الِاشْتِرَاكُ " لِلْمُسَافِرِينَ " فِي الزَّادِ مَجْلِسًا مَجْلِسًا، قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَصَحَّتْ فِيهِ " الْأَحَادِيثُ ".

وَمَنَاطُ الِاشْتِبَاهِ أَنْوَاعٌ:

أَحَدُهَا: تَعَارُضُ ظَوَاهِرِ الْأَدِلَّةِ. ثَانِيهَا: تَعَارُضُ الْأُصُولِ الْمُخْتَلِفَةِ، بِأَنَّهَا تُلْحَقُ. ثَالِثُهَا: اخْتِلَاطُ الْحَلَالِ بِالْحَرَامِ وَعُسْرُ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا. رَابِعُهَا: اخْتِلَافُ الْأَئِمَّةِ وَمَا عَدَا هَذَا فَالشُّبْهَةُ فِيهِ مِنْ بَابِ الرِّبَا لَا الْوَرَعِ.

وَلِهَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَنْ تَرَكَ النِّكَاحَ فِي بَلَدٍ كَبِيرَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ " يَكُونَ " فِيهَا

ص: 229

مَحْرَمًا لَهُ مَكْرُوهٌ.

قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْإِلْمَامِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَرَعِ وَالْوَسْوَاسِ دَقِيقٌ عَسِرٌ، فَالْمُتَسَاهِلُ يَجْعَلُ بَعْضَ الْوَرَعِ وَسْوَاسًا وَالْمُتَشَدِّدُ يَجْعَلُ بَعْضَ الْوَسْوَاسِ وَرَعًا وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ " رَخَّصَ مَنْزِلَةً وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلَّ مَا " رَجَعَ " إلَى الْأُصُولِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَيْسَ بِوَسْوَاسٍ، وَلَا أُرِيدُ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ الْمُفِيدَةَ " لِلْعُمُومِ.

فُرُوعٌ: نَقَلَهَا النَّوَوِيُّ فِي الْبَيْعِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ إحْيَاءِ الْغَزَالِيِّ: قَالَ: لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ طَعَامٍ حَلَالٍ، " لِكَوْنِهِ " حَمَلَهُ كَافِرٌ أَوْ فَاسِقٌ، لَمْ يَكُنْ هَذَا وَرَعًا، بَلْ وَسْوَاسٌ " مُتَنَطِّعٌ " مَذْمُومٌ.

قَالَ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ غَزْلَ زَوْجَتِهِ فَبَاعَتْ غَزْلَهَا وَوَهَبَتْهُ الثَّمَنَ لَمْ يُكْرَهْ أَكْلُهُ، فَإِنْ تَرَكَهُ فَلَيْسَ بِوَرَعٍ، بَلْ وَسْوَاسٍ.

قَالَ: وَمِنْ الْوَرَعِ الْمَحْبُوبِ تَرْكُ مَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إبَاحَتِهِ اخْتِلَافًا مُحْتَمَلًا وَيَكُونُ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ مَنْ أَبَاحَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ دَلِيلُ الْمُبِيحِ حَدِيثًا " قَوِيًّا ".

" وَالْأَرْضُ " الْمَغْصُوبَةُ إذَا جُعِلَتْ شَارِعًا لَمْ يَجُزْ الْمُرُورُ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالِكٌ مُعَيَّنٌ جَازَ، وَالْوَرَعُ اجْتِنَابُهُ إنْ أَمْكَنَ الْعُدُولُ عَنْهَا. فَإِنْ " كَانَتْ " الْأَرْضُ " مُبَاحَةً "، وَعَلَيْهَا سَابَاطٌ مَغْصُوبُ الْأَخْشَابِ وَغَيْرِهَا جَازَ

ص: 230

الْمُرُورُ تَحْتَهُ، فَإِنْ قَعَدَ تَحْتَهُ لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ وَغَيْرِهِ فَهَذَا حَرَامٌ، لِأَنَّ السَّقْفَ لَا يُرَادُ إلَّا لِهَذَا.

قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَرْضُ الْمَسْجِدِ مُبَاحَةً وَسُقِّفَ بِحَرَامٍ جَازَ الْمُرُورُ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ الْجُلُوسُ لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِالْحَرَامِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُحَرَّمُ الْقُعُودُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، وَهُوَ " مِنْ بَابِ " الِانْتِفَاعِ بِضَوْءِ سِرَاجِ غَيْرِهِ وَالنَّظَرُ فِي مَرَآتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهَا وَهُمَا جَائِزَانِ بِلَا خِلَافٍ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَإِذَا كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ حَلَالٌ وَفِي بَعْضِهِ شُبْهَةٌ وَلَهُ عِيَالٌ وَلَا يَفْضُلُ " عَنْ " حَاجَتِهِ، " فَلْيَخُصَّ " نَفْسَهُ بِالْحَلَالِ ثُمَّ مَنْ يَعُولُ، " وَلْيَخُصَّ " بِالْحَلَالِ " قُوتَهُ " وَلِبَاسَهُ ثُمَّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أُجْرَةِ حَجَّامٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ تَعَارَضَ اللِّبْسُ " وَالْقُوتُ " فَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُ " الْقُوتِ " بِالْحَلَالِ، لِأَنَّهُ " يَمْتَزِجُ " بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ وَلِأَكْلِ الْحَرَامِ وَالشُّبْهَةُ أَثَرٌ فِي قَسَاوَةِ الْقَلْبِ، وَأَمَّا الْكِسْوَةُ فَفَائِدَتُهَا دَفْعُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ، وَقَالَ " الْمُحَاسِبِيُّ " يَخْتَصُّ الْكِسْوَةَ بِالْحَلَالِ، لِأَنَّهَا تَبْقَى مُدَّةً.

ص: 231