المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[الْحِيَلُ] قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي أَوَاخِرِ الصَّدَاقِ مِنْ تَعْلِيقِهِ: الْحِيَلُ - المنثور في القواعد الفقهية - جـ ٢

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[حَرْفُ الْجِيمِ] [

- ‌الْجَائِزُ]

- ‌[الْجُبْرَان]

- ‌[الْجَعَالَةُ كَالْإِجَارَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌[الْجِلْسَاتُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْجِمَاعُ وَدَوَاعِيهِ]

- ‌[الْجَمْعُ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[الْجَهْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[حَرْفُ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الْحَاجَةُ الْعَامَّةُ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ الْخَاصَّةِ فِي حَقِّ آحَادِ النَّاسِ]

- ‌[الْحَاجَةُ الْخَاصَّةُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَ]

- ‌[الْحَالُّ لَا يَتَأَجَّلُ]

- ‌[الْحَجْرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحُجَّةُ الَّتِي يَسْتَنِدُ إلَيْهَا الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ]

- ‌[حَدِيثُ النَّفْسِ لَهُ خَمْسُ مَرَاتِبَ]

- ‌[الْحُدُودُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحَدَثُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَالِاسْتِيلَاءِ]

- ‌[الْحَرِيمُ يَدْخُلُ فِي الْوَاجِبِ وَالْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ]

- ‌[الْحَشَفَةُ]

- ‌[الْحَصْرُ وَالْإِشَاعَةُ]

- ‌[الْحُقُوقُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[الْحُقُوقُ تُوَرَّثُ كَمَا يُوَرَّثُ الْمَالُ]

- ‌[الْحُقُوقُ الْمُوَرَّثَةُ]

- ‌[حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَة]

- ‌[حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى إذَا اجْتَمَعَتْ]

- ‌[الْحُكْمُ هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[حُكْمُ الْحَاكِمِ]

- ‌[الْحَلَالُ]

- ‌[الْحَلِفُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحَمْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحَوَاسُّ خَمْسَةٌ]

- ‌[الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّ وَحَقِّهِ]

- ‌[الْحِيَلُ]

- ‌[الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ وَالْمُسْتَمِرَّةُ وَعَيْشُ الْمَذْبُوحِ]

- ‌[الْحَيَوَانُ يَتَعَلَّقُ بِهِ أُمُورٌ]

- ‌[حَرْفُ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الْخَبَرُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَنْ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ]

- ‌[الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَة]

- ‌[الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ]

- ‌[الْخُطَبُ اثْنَتَا عَشْرَةَ]

- ‌[الْخَطَأُ يَرْفَعُ الْإِثْمَ]

- ‌[الْخَلْطُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ بِمَنْزِلَةِ الْإِتْلَافِ]

- ‌[الْخُلْفُ فِي الصِّفَةِ]

- ‌[الْخِلَافُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْخِيَارُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[حَرْفُ الدَّالِ] [

- ‌الدَّفْعُ أَقْوَى مِنْ الرَّفْعِ]

- ‌[الدَّوْرُ قِسْمَانِ]

- ‌[الدَّيْنُ ضَرْبَانِ حَالٌّ وَمُؤَجَّلٌ]

- ‌[حَرْفُ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الذَّهَبُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الرِّجَالِ]

- ‌[حَرْفُ الرَّاءِ] [

- ‌الرُّخَصُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الرِّدَّةُ لَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ]

- ‌[الرِّشْوَةُ أَخْذُ الْمَالِ لِيُحِقَّ بِهِ الْبَاطِلَ أَوْ يُبْطِلَ الْحَقَّ]

- ‌[الرِّضَا بِالشَّيْءِ رِضًا بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ]

- ‌[حَرْفُ الزَّاي] [

- ‌الزَّائِلُ الْعَائِدُ كَاَلَّذِي لَمْ يَزُلْ]

- ‌[الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ تَتْبَعُ الْأَصْلَ]

- ‌[الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا أَثَرَ لَهَا]

- ‌[الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَدَدِ إذَا لَمْ تَكُنْ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ]

- ‌[الزَّرْعُ النَّابِتُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ]

- ‌[حَرْفُ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌السَّبَبُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[السِّرَايَةُ حَقِيقَتُهَا]

- ‌[السَّفَرُ قِسْمَانِ طَوِيلٌ وَقَصِيرٌ]

- ‌[السَّفِيهُ تَصَرُّفَاتُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[السَّكْرَانُ فِي سَائِرِ أَحْوَالِهِ كَالصَّاحِي]

- ‌[السُّكُوتُ ضَرْبَانِ]

- ‌[السُّنَّةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[السُّؤَالُ مَعَادٌ فِي الْجَوَابِ]

- ‌[سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ]

- ‌[السَّهْوُ]

- ‌[السَّهْوُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[السَّيِّدُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ابْتِدَاءً]

- ‌[حَرْفُ الشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الشَّبَهُ]

- ‌[الشُّبْهَةُ فِيهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الشَّرْطُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[شَرْطُ الْعِلَّةِ هَلْ يَجْرِي مَجْرَى شَطْرِ الْعِلَّةِ]

- ‌[الشُّرُوعُ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَشْرُوعِ فِيهِ]

- ‌[الشَّفَاعَةُ ضَرَاعَةٌ عِنْدَ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ]

- ‌[الشَّرِكَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الشَّكُّ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الشَّلَلُ هَلْ هُوَ مَوْتٌ أَوْ تَيَبُّسٌ]

- ‌[حَرْفُ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الصَّبِيُّ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الصِّحَّةُ وَالْجَوَازُ وَالِانْعِقَادُ فِي بَابِ الْعُقُودِ]

- ‌[الصَّرِيحُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الصِّفَةُ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلتَّوْضِيحِ]

- ‌[صِفَاتُ الْحُقُوقِ لَا تُفْرَدُ بِالْإِسْقَاطِ]

- ‌[حَرْفُ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا]

- ‌[الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ]

- ‌[أَسْبَابُ الضَّمَانُ]

- ‌[حَرْفُ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الطَّارِئُ هَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْمُقَارِنِ]

- ‌[الطَّهَارَةُ تَثْبُتُ بِالتَّبَعِيَّةِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ]

- ‌[حَرْفُ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌ظُهُورُ أَمَارَاتِ الشَّيْءِ هَلْ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ تَحَقُّقِهِ]

- ‌[الظَّنُّ إذَا كَانَ كَاذِبًا فَلَا أَثَرَ لَهُ]

- ‌[حَرْفُ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الْعَادَةُ فِيهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْعِبَادَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُومِ]

- ‌[الْعِبْرَةُ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا]

- ‌[الْعَدَالَةُ هَلْ تُتَحَرَّى]

- ‌[الْعُذْرُ الْعَامُّ]

- ‌[الْعُرْفُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْعَزْمُ عَلَى الْإِبْطَالِ مُبْطِلٌ]

- ‌[الْعَقْدُ حقيقته]

- ‌[الْعَمَلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[عِلَّةُ الْحُكْمُ إذَا زَالَتْ وَخَلَفَهَا عِلَّةٌ أُخْرَى]

- ‌[الْعَوْلُ وَالرَّدُّ]

- ‌[الْعُيُوبُ الْمُعْتَبَرَةُ شَرْعًا]

- ‌[حَرْفُ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الْغَايَةُ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ]

- ‌[غَالِبُ الْبَلَدِ يُعْتَبَرُ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[حُكْم غَرِيمُ الْغَرِيمِ]

- ‌[الْغُسْلُ يَنْقَسِمُ إلَى وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ]

- ‌[حُكْم غُسْلُ الْعِيدَيْنِ]

الفصل: ‌ ‌[الْحِيَلُ] قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي أَوَاخِرِ الصَّدَاقِ مِنْ تَعْلِيقِهِ: الْحِيَلُ

[الْحِيَلُ]

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي أَوَاخِرِ الصَّدَاقِ مِنْ تَعْلِيقِهِ: الْحِيَلُ جَائِزَةٌ فِي الْجُمْلَةِ قَالَ (اللَّهُ) تَعَالَى فِي قِصَّةِ إبْرَاهِيمَ {مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 59]، {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63] (وَخَلَّصَ) بِهِ (نَفْسَهُ)، وَاحْتَالَ لِصِدْقِهِ وقَوْله تَعَالَى فِي قِصَّةِ أَيُّوبَ {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} [ص: 44] .

وَمِنْ السُّنَّةِ مَا رَوَاهُ سُوَيْدُ بْنُ حَنْظَلَةَ، قَالَ:«خَرَجْنَا وَمَعَنَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ نُرِيد النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَهُ أَعْدَاءٌ لَهُ فَحَرِجَ الْقَوْمُ أَنْ يَحْلِفُوا وَحَلَفْت أَنَّهُ أَخِي فَخَلَّى عَنْهُ الْعَدُوُّ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ صَدَقْت الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمُ» فَأَجَازَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِعْلَهُ

ص: 93

قُلْت وَاحْتَجَّ غَيْرُهُ (بِحَدِيثِ بِلَالٍ فِي شِرَاءِ التَّمْرِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ اشْتَرِ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا» ، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ (الشِّرَى) مِنْ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَتَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ يَقْتَضِي الْعُمُومَ، وَإِلَّا يَلْزَمُ مِنْهُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ حَدِيثَ عَائِشَةَ (رضي الله عنها)

ص: 94

«إذَا أَحْدَثَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْخُذْ عَلَى أَنْفِهِ وَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ» (هُوَ) حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ (سَمِعْت)(الدَّارَقُطْنِيّ) يَقُولُ (سَمِعْت) أَبَا بَكْرٍ الشَّافِعِيَّ الصَّيْرَفِيَّ يَقُولُ كُلُّ مَنْ أَفْتَى مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْحِيَلِ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ (هَذَا الْحَدِيثِ) ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْ الْحِيَلِ مَا كَانَ مُبَاحًا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى مُبَاحٍ فَأَمَّا فِعْلُ (الْمَحْظُورِ لِيَصِلَ بِهِ إلَى الْمُبَاحِ) ، فَلَا يَجُوزُ وَقَدْ أَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ الْحِيلَةَ الْمَحْظُورَةَ لِيَصِلَ بِهَا إلَى الْمُبَاحِ، (وَقَدْ رَوَى) ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (رضي الله عنه) أَنَّ امْرَأَةً شَكَتْ إلَيْهِ زَوْجَهَا، وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا ارْتَدِّي لِيُفْسَخَ النِّكَاحُ، وَحُكِيَ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ قَبِّلْ أُمَّ امْرَأَتَك

ص: 95

بِشَهْوَةٍ فَإِنَّ نِكَاحَ زَوْجَتِك يَنْفَسِخُ.

وَالدَّلِيلُ (عَلَى)(أَنَّ) مِثْلَ هَذَا لَا يَجُوزُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَاقَبَ مِنْ احْتَالَ بِحِيلَةٍ مَحْظُورَةٍ فَقَالَ (تَعَالَى){وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف: 163] وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَيْهِمْ صَيْدَ السَّمَكِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَكَانَ السَّمَكُ لَا يَدْخُلُ مَوْضِعَ (يَصْطَادُونَهُ) فِيهِ، إلَّا يَوْمَ السَّبْتِ فَاحْتَالُوا بِأَنْ وَضَعُوا الشِّبَاكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَدَخَلَ السَّمَكُ يَوْمَ السَّبْتِ وَأَخَذُوهُ يَوْمَ الْأَحَدِ فَمَسَخَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قِرَدَةً.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا» (وَلَمَّا نَظَرَ) مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إلَى هَذَا قَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَصَّلَ إلَى الْمُبَاحِ بِالْمَعَاصِي، ثُمَّ نَاقَضَ فِي الْمَشْهُودِ لَهُ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ يَعْلَمُ أَنَّهَا غَيْرُ زَوْجَتِهِ (فَقَالَ)(إنَّهَا تَحِلُّ) لَهُ (وَكَذَلِكَ) قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ (يَحْرُمُ) مُعَالَجَةُ الْخَمْرِ بِمَا يَصِيرُ بِهِ خَلًّا، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّسَبُّبِ إلَى الْمُحَرَّمِ

ص: 96

بِالْعِلَاجِ وَالِاحْتِيَالِ فَهُوَ كَمَا حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَصْحَابِ السَّبْتِ.

قَالَ الْقَاضِي فَأَمَّا الْحِيلَةُ فِي الْأَيْمَانِ فَضَرْبَانِ. حِيلَةٌ تَمْنَعُ الْحِنْثَ وَحِيلَةٌ تَمْنَعُ الِانْعِقَادَ: فَاَلَّتِي تَمْنَعُ الْحِنْثَ ضَرْبَانِ: (أَحَدُهُمَا) : الْخُلْعُ فِي النِّكَاحِ وَإِزَالَةُ الْمِلْكِ فِي الرَّقِيقِ، فَإِذَا قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا) ، فَالْحِيلَةُ فِي دُخُولِهَا أَنْ يُخَالِعَهَا فَتَبِينُ، ثُمَّ تَدْخُلُ الدَّارَ فَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ، وَيَعْقِدُ النِّكَاحَ عَلَيْهَا.

وَإِذَا قَالَ (لِعَبْدِهِ) إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَهُ ثُمَّ يَدْخُلُ الدَّارَ فَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ.

وَالْحِيلَةُ الْعَامَّةُ أَسْهَلُ (فِي) هَذِهِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ: كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا (فَإِنْ) دَخَلَتْ (الدَّارَ) لَمْ تَطْلُقْ وَفِي (الرِّقِّ)(يَقُولُ) لِعَبْدِهِ: كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك عِتْقِي (فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ) فَيَدْخُلُ الدَّارَ وَلَا يَعْتِقُ.

ص: 97

قُلْت أَمَّا مَسْأَلَةُ الْخُلْعِ فَقَدْ ذَكَرَهَا الْأَصْحَابُ وَأَخَذُوهُ مِنْ أَنَّهُ، لَوْ وَقَعَ لَكَانَ تَعْلِيقًا قَبْلَ الْمِلْكِ وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهَا تَعُودُ بِمَا بَقِيَ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ (فَالطَّلَاقُ) لَوْ قِيلَ بِوُقُوعِهِ فَهُوَ الْمَمْلُوكُ الَّذِي كَانَ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ تَعْلِيقًا قَبْلَ الْمِلْكِ، فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ عَوْدِ الصِّفَةِ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ التَّعْلِيقَ وَالصِّفَةَ كِلَاهُمَا حَالُ الْمِلْكِ وَإِنَّمَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا فَلْيُنْظَرْ إلَى أَنَّهَا هَلْ (تَمْنَعُ) الْوُقُوعَ أَمْ لَا.

قَالَ الْقَاضِي: وَأَمَّا الْحِيلَةٌ الْمَانِعَةُ لِانْعِقَادِ الْيَمِينِ، فَكَمَنْ حَلَفَ كَانَ يَمِينُهُ عَلَى نِيَّتِهِ دُونَ مَا يُظَنُّ بِهِ، إلَّا إذَا حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ.

هَذَا إذَا كَانَ (فِيمَا) هُوَ حَقٌّ عِنْدَهُمَا، فَأَمَّا مَا هُوَ حَقٌّ عِنْدَ الْحَاكِمِ ظُلْمٌ عِنْدَ الْحَالِفِ كَالْحَنَفِيِّ يَعْتَقِدُ شُفْعَةَ الْجِوَارِ وَالْحَالِفُ لَا يَعْتَقِدُهَا يَحْلِفُ (لَا يَسْتَحِقُّ) عَلَى الشُّفْعَةِ، وَيَنْوِي عَلَى قَوْلِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَارًّا فِي يَمِينِهِ قَالَ: وَعَلَى هَذَا كُلُّ الْأَيْمَانِ عِنْد الْحَاكِمِ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ (إنَّ) النِّيَّةَ (فِيهِ)(نِيَّةُ) الْمُسْتَحْلِفِ أَبَدًا، وَهَذَا غَلَطٌ.

وَأَمَّا مَنْ حَلَفَ لِنَفْسِهِ فَالنِّيَّةُ نِيَّتُهُ أَبَدًا، فَإِذَا نَوَى غَيْرَ مَا نَطَقَ بِهِ، وَكَانَ (سَائِغًا) بَرَّ فِي يَمِينِهِ، فَكُلُّ مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ كَانَ قَدْ فَعَلَهُ أَنَّهُ مَا فَعَلَهُ وَنَوَى أَنَّهُ مَا فَعَلَهُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ كَانَ بَارًّا فِي يَمِينِهِ، وَكَذَا غَيْرُ هَذَا مِمَّا لَهُ اسْمٌ فِي اللُّغَةِ، فَقَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَنِسَائِي طَوَالِقُ، وَنَوَى (نِسَاءً لَا امْرَأَتَهُ) ، أَوْ قَالَ كُلُّ جَارِيَةٍ لِي حُرَّةٌ وَنَوَى بِذَلِكَ السُّفُنَ صَحَّ (فَلَوْ) قَالَ لَهَا إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى بِعَلَيْك

ص: 98

عَلَى ظَهْرِك أَوْ عَلَى رَقَبَتِك لَمْ يَحْنَثْ، فَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا فَعَلَ شَيْئًا، وَجَعَلَ مَا بِمَعْنَى الَّذِي، لَا النَّافِيَةِ صَحَّ.

(وَلَوْ) قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: طَلَّقْت فُلَانَةَ ثَلَاثًا، فَقَالَ: نَعَمْ وَنَوَى بِنَعَمْ إبِلَ بَنِي فُلَانٍ، لَمْ تَطْلُقْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: نَعَامٌ، يَعْنِي نَعَامَ الْبَرِّ صَحَّ، وَإِذَا حَلَفَ مَا كَاتَبْت فُلَانًا وَلَا عَرَفْته وَلَا شَفَعْت لَهُ وَلَا سَأَلْته حَاجَةً قَطُّ، وَنَوَى بِالْكِتَابَةِ كِتَابَةَ الْعَبِيدِ، وَمَا جَعَلْته عَرِيفًا، (وَمَا شَفَعْت شُفْعَتَهُ) وَمَا (سَأَلْته) حَاجَةً يَعْنِي (شَجَرَةً) صَغِيرَةً فِي الْبِئْرِ يُقَالُ لَهَا الْحَاجَةُ لَمْ يَحْنَثْ. هَذَا آخَرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ.

وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي التَّلْخِيصِ: الْحِيلَةُ فِي إبْطَالِ شُفْعَةِ الْجِوَارِ مُبَاحَةٌ قَبْلَ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ، لِأَنَّهَا حِيلَةٌ فِي إبْطَالِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبِ.

وَأَمَّا الْحِيلَةُ فِي إبْطَالِ الشُّفْعَةِ بِالْمُشَارَكَةِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ وُجُوبِهَا لَا يَحِلُّ لَهُ، (وَإِنْ) كَانَ قَبْلَ (وُجُوبِهَا) قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ يُكْرَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ صَحَّ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ (يُبَاحُ) ، وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ تَجُوزُ الْحِيلَةُ فِي إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ، وَقَالَ آخَرُ: لَا تَجُوزُ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ (الضَّرَرِ) ، وَالْحِيلَةُ تَمْنَعُ دَفْعَ (الضَّرَرِ) ، قُلْنَا إنَّمَا يَجِبُ زَوَالُ الضَّرَرِ عَنْ الشَّفِيعِ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ وُجُودِهَا (بِكَمَالِهَا) ، (فَأَمَّا) إذَا لَمْ تُوجَدْ، فَلَا يُقَالُ إنَّ

ص: 99

فِي ذَلِكَ مَنْعًا لِزَوَالِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُشْتَرِي.

حِيلَةٌ فِي الْبَرَاءَةِ عَنْ الْمَجْهُولِ: طَرِيقُهُ أَنْ يَذْكُرَ غَايَةً يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا، وَقَدْ أَشَارَ الشَّافِعِيُّ (رضي الله عنه) فِي الْبُوَيْطِيِّ إلَى ذَلِكَ، فَقَالَ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَّلَ رَجُلًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَبْرَأْ، حَتَّى يُبَيِّنَ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ حَلَّلَهُ مِنْ كَذَا إلَى كَذَا انْتَهَى.

لَيْسَ (لِأَبِي الزَّوْجَةِ الْعَفْوُ) عَنْ الصَّدَاقِ، فَإِنْ أَرَادَهُ فَطَرِيقُهُ فِي إبْرَاءِ الزَّوْجِ مِنْ الصَّدَاقِ أَنْ تُخَالِعَ زَوْجَهَا (عَلَى الصَّدَاقِ) فِي ذِمَّةِ الْأَبِ (فَيَصِيرُ لِلزَّوْجِ) فِي ذِمَّةِ الْأَبِ أَلْفٌ مَثَلًا وَلَهَا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ أَلْفٌ فَيُحِيلُ (الزَّوْجُ) بِنْتَه عَلَيْهِ فَيَسْقُطُ مِنْ ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَيَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْأَبِ، وَلَا يَتَخَلَّصُ بِالضَّمَانِ إذْ لَا (أَصِيلَ) هَا هُنَا.

حِيلَةٌ تُسْقِطُ الِاسْتِبْرَاءَ عَلَى الْمَذْهَبِ: وَهِيَ أَنْ يَسْتَبْرِئَ الْبَائِعُ قَبْلَ (الْبَيْعِ) ثُمَّ يُعْتِقُهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ، فَيَجُوزُ لَهُ (تَزْوِيجُهَا) ، كَمَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ، وَتَجِيءُ صُورَةٌ عَلَى وَجْهٍ وَهِيَ أَنْ (يَشْتَرِيَهَا) ثُمَّ يُزَوِّجَهَا لِغَيْرِهِ فَيُطَلِّقَهَا الزَّوْجُ فِي الْحَالِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَتَحِلُّ لِلسَّيِّدِ عَلَى وَجْهٍ، قَالَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ، وَيُقَالُ

ص: 100

أَنَّهُ عَلَّمَهُ (لِلرَّشِيدِ) فِي أَمَةٍ أَرَادَ وَطْئَهَا. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ كُنْت فِي مَجْلِسِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ الشَّاشِيِّ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ أَنَّهُ حَلَفَ لَا يَلْبِسُ هَذَا الثَّوْبَ وَقَدْ احْتَاجَ لِلُبْسِهِ، فَقَالَ (سُلَّ مِنْهُ خَيْطًا فَسَلَّ مِنْهُ) قَدْرَ الْأُصْبُعِ أَوْ الشِّبْرِ، ثُمَّ قَالَ الْبَسْ لَا شَيْءَ عَلَيْك وَأَيَّدَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} [ص: 44] لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ اللَّفْظِ لَا الْمَعْنَى الْمَفْهُومِ فِي الْعُرْفِ.

(حَلَفَ) لَا بِعْت هَذَا الثَّوْبَ لِزَيْدٍ فَبَاعَهُ النِّصْفَ، وَوَهَبَهُ النِّصْفَ لَمْ يَحْنَثْ (لِأَنَّ الْيَمِينَ وَقَعَتْ عَلَى بَيْعِ الْجَمِيعِ، فَلَمْ يَحْنَثْ) بِبَعْضِهِ.

حَلَفَ (لَيَشْتَرِيَنَّ) جَارِيَةً فَاشْتَرَى سَفِينَةً (بَرَّ) ، حَكَاهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ عَنْ (الْإِمَامِ) الشَّافِعِيِّ (رحمه الله) . رَجُلٌ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَقَالَ إنْ لَمْ آخُذْهُ مِنْك الْيَوْمَ، فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَقَالَ صَاحِبُهُ إنْ (أَعْطَيْته)(الْيَوْمَ) ، فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، فَالطَّرِيقُ أَنْ (يَأْخُذَهُ)

ص: 101

مِنْهُ صَاحِبُ الْحَقِّ جَبْرًا، وَلَا يَحْنَثَانِ، قَالَهُ صَاحِبُ الْكَافِي.

الْحِيلَةُ فِيمَا (إذَا) ادَّعَى (أَدَاءَ) عَلَيْهِ وَأَرَادَ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ (بِحَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ) أَنْ يَقُولَ: هَذَا الْمُدَّعِي قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَبْرَأَنِي، كَذَا قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْهُ، بِخِلَافِ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ.

الْحِيلَةُ فِي أَنَّهُ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ بِالْعَيْبِ، إذَا جَاءَ إلَيْهِ أَنْ يَقُولَ اعْرِضْهُ عَلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ قَالُوا لَا يُسَاوِي هَذَا الثَّمَنَ فَرُدَّهُ فَعَرَضَهُ عَلَيْهِمْ، وَرَجَعَ وَأَرَادَ الرَّدَّ قَالَ الْقَفَّالُ، لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ، لِأَنَّهُ قَصَّرَ فِي الرَّدِّ (بِلَا شَكٍّ) . قُلْت، وَلَا شَكَّ فِي التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ، لِإِبْطَالِ حَقِّهِ.

(لَوْ) صَالَحَ عَلَى (أَنَّهُ) يَسْقِي دَوَابَّهُ الْمَاءَ مِنْ بِئْرِهِ لَا يَجُوزُ، (قَالَ) الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَبِيعَ سَهْمًا مِنْ الْقَنَاةِ، ثُمَّ الْمَاءُ (يَسْتَتْبِعُ) الْقَنَاةَ.

وَلَوْ بَاعَ الْمَرْعَى لَا يَجُوزُ، وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَبِيعَ الْكَلَأَ بِدِينَارٍ ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي رَعْيِ الْمَاشِيَةِ (فِي الْمَرْعَى) ، (قَالَ) الْمُتَوَلِّي فِي بَابِ الصُّلْحِ، إذَا مَلَكَ أَرْضًا لَهَا حَشِيشٌ فَصَالَحَ مِنْ ذَلِكَ الْحَشِيشِ عَلَى مَالٍ لِتَرْعَى فِيهِ الْمَوَاشِي لَا يَصِحُّ، إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ الْقَلْعِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الْحَشِيشَ رَطْبًا، لِتَأْكُلَهُ الْمَوَاشِي. فَطَرِيقُهُ أَنْ

ص: 102

يَشْتَرِيَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، ثُمَّ يَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ حَتَّى تَكُونَ الْعُرُوقُ مَمْلُوكَةً لَهُ فَمَا يَحْدُثُ مِنْ الزِّيَادَةِ (يَكُونُ مِلْكًا لَهُ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى لَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَمَا يَحْدُثُ مِنْ الزِّيَادَةِ) يَكُونُ لِلْبَائِعِ، (فَإِذَا) لَمْ يَقْطَعْ وَحَدَثَتْ زِيَادَةٌ تَكُونُ مَسْأَلَةُ اخْتِلَاطِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِهِ.

إذَا (شَهِدَا) عِنْدَ قَاضٍ أَنَّك حَكَمْت بِكَذَا (وَلَمْ) يَتَذَكَّرْ لَمْ يَعْتَمِدْهَا، وَالطَّرِيقُ أَنْ (يُجَدِّدَ) الْمُدَّعِي الدَّعْوَى، وَيَشْهَدَانِ لَهُ بِالْحَقِّ.

لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى النَّسَبِ حِسِّيَّةٌ، وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهَا تُقْبَلُ (أَثْبَتَ الْقَاضِي النَّسَبَ وَأَسْجَلَ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ) ، فَالطَّرِيقُ أَنْ يَنْظُرَ الْقَاضِي مَنْ يَدَّعِي عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ فَتُنْكِرُ هِيَ فَيُقِيمُ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الِاسْمِ وَالنَّسَبِ، وَتَجُوزُ هَذِهِ الْحِيلَةُ لِلْحَاجَةِ. وَقِيلَ لَا تَجُوزُ، لِأَنَّ الدَّعْوَى الْبَاطِلَةَ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ بِهَا.

حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا ثُمَّ حَلَفَ عَلَى أَكْلِ مَا فِي كُمِّ زَيْدٍ وَكَانَ فِيهِ بَيْضٌ، فَطَرِيقُ الْبَرَاءَةِ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي الْحَلْوَى، وَيَأْكُلَهَا وَيُقَالُ إنَّ الْقَفَّالَ سُئِلَ (عَنْهَا) وَهُوَ فَوْقَ الْمِنْبَرِ فَتَوَقَّفَ فَأَجَابَ الْمَسْعُودِيُّ بِهَذَا، فَمِنْ ثَمَّ قِيلَ قُفِلَ (عَلَى) الْقَفَّالِ، وَسَعِدَ بِهَا الْمَسْعُودِيُّ.

يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَلَوْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ اللَّحْمَ وَبَعْضُهُمْ الْقُرْبَةَ جَازَ

ص: 103

وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَبَعْضُهُمْ مُسْلِمٌ، وَنَوَى التَّضْحِيَةَ بِحِصَّتِهِ جَازَ وَطَرِيقُ قِسْمَةِ اللَّحْمِ إنْ جَعَلْنَاهَا بَيْعًا أَنْ (يُعَيِّنُوا) اللَّحْمَ أَجْزَاءً، وَيُعَيِّنُوا بِاسْمِ كُلِّ وَاحِدٍ (مِنْهَا) جُزْءًا ثُمَّ يَبِيعُ صَاحِبُ كُلِّ جُزْءٍ نَصِيبَهُ مِنْ سَائِرِ الْأَجْزَاءِ بِالدَّرَاهِمِ وَيَشْتَرِي مَا لِأَصْحَابِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ بِالدَّرَاهِمِ وَيَتَقَاصُّوا.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، إذَا أَرَدْت الْحِيلَةَ فِي قَسْمِ (الْفَاكِهَةِ) الرَّطْبَةِ، وَقُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ، فَإِنَّك تَجْعَلُهَا جُزْأَيْنِ، وَيَبْتَاعُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الْآخَرِ نِصْفَ (الْجُزْءِ) الَّذِي اخْتَارَهُ بِدِينَارٍ (وَيَبِيعُ) عَلَى شَرِيكِهِ نِصْفَ (الْجُزْءِ) الْآخَرِ وَيَتَقَاصَّانِ الدِّينَارَ بِالدِّينَارِ، وَيَسْتَقِرُّ (مِلْكُ) كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِصَّتِهِ.

إذَا صَرَفَ مِنْهُ (دِينَارًا) بِعِشْرِينَ وَمَعَهُ عَشَرَةٌ، فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَسْتَقْرِضَهُ مِنْ مَالٍ (آخَرَ) ، فَلَوْ اسْتَقْرَضَهُ (مِمَّا) أَخَذَ مِنْهُ إنْ كَانَ قَبْلَ التَّخَايُرِ لَا يَجُوزُ (لِأَنَّ) التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ انْبِرَامِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ التَّخَايُرِ يَجُوزُ إنْ قُلْنَا أَنَّ التَّخَايُرَ لَا يُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ التَّفَرُّقِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَغَيْرُهُ.

حِيلَة فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا صَغِيرًا وَيُزَوِّجَهَا مِنْهُ (بِرِضَاهَا) (ثُمَّ

ص: 104