الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الصَّرِيحُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]
ُ الْأَوَّلُ:
فِي حَقِيقَتِهِ: اعْلَمْ أَنَّ أَلْفَاظَ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا تَنْقَسِمُ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ.
وَالضَّابِطُ، كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ إنَّ مَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ إمَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ أَوْ لَا، فَإِنْ تَكَرَّرَ حَتَّى اُشْتُهِرَ كَالْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فَهُوَ صَرِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يَشِعْ فِي الْعَادَةِ، فَإِنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ " هُوَ " الْمُتَّبَعُ، وَعَلَيْهِ " بَيَّنَّا ". حَمْلَ الدَّرَاهِمِ فِي الْأَقَارِيرِ عَلَى النَّقْرَةِ الْخَالِصَةِ قَطْعًا، وَإِنْ غَلَبَ الْعُرْفُ " بِخِلَافِهَا "، وَعَلَيْهِ أَلْحَقْنَا الْفِرَاقَ وَالسَّرَاحَ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ لِتَكَرُّرِهَا شَرْعًا، وَإِمَّا أَنْ لَا يَتَكَرَّرَ، بَلْ " ذُكِرَ " فِي الشَّرْعِ مَرَّةً وَلَمْ يَشِعْ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ كَالْمُفَادَاةِ فِي الْخُلْعِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] ، وَالْفَكُّ فِي الْعَتَاقِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 13] ، وَالْإِمْسَاكُ فِي الرَّجْعَةِ قَوْله تَعَالَى {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] "، فَوَجْهَانِ " أَيْ وَالْأَصَحُّ الْتِحَاقُهُ بِالصَّرِيحِ فِي الْكُلِّ.
" وَأَمَّا " مَا لَمْ يَرِدْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَكِنْ شَاعَ فِي الْعُرْفِ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ شَرْعًا فِي الطَّلَاقِ " وَشَاعَ الْعُرْفُ " فِي إرَادَتِهِ فَوَجْهَانِ " أَيْ وَالْأَصَحُّ " الْتِحَاقُهُ بِالْكِنَايَةِ،
فَإِنْ قِيلَ: قَطَعْتُمْ بِأَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ صَرِيحٌ عَلَى قَوْلِ الْفَسْخِ فَهُوَ يَخْرِمُ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي " الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ ".
قِيلَ: الْخُلْعُ جَرَى " عَلَى " لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ حَتَّى كَأَنَّهُمْ " مَجْبُولُونَ " عَلَى " التَّلَفُّظِ " بِهِ، وَإِذَا نَطَقُوا رَأَوْهُ الْأَصْلَ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ " الْبَعِيدُ " كَالنِّكَاحِ فَاعْتَمَدَ فِيهِ مَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ " هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَهَذَا مِنْهُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرْعِ " وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَفِي قَضِيَّةِ حَبِيبَةَ جَرَيَانُ الْخُلْعِ " وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ» وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ ".
ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ نَاقِصٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَمَا لَمْ يَرِدْ عَلَى " لِسَانِ " الشَّارِعِ، وَلَكِنْ شَاعَ عَلَى " أَلْسِنَةِ " حَمَلَتِهِ، وَكَانَ هُوَ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَقْدِ فَفِي كَوْنِهِ صَرِيحًا وَجْهَانِ وَالْأَصَحُّ صَرَاحَتُهُ.
وَهَذَا كَلَفْظِ التَّمْلِيكِ فِي الْبَيْعِ وَالْفَسْخِ فِي الْخُلْعِ، لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِيهِمَا فَإِذَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ كَانَ صَرِيحًا فِيهِ لَكِنْ يُقَدَّمُ فِي هَذَا " لَفْظُ " التَّحْرِيمِ " وَالْإِبَانَةِ " فَإِنَّهُمَا مَقْصُودَا
الطَّلَاقِ مَعَ أَنَّهُمَا كِنَايَةٌ فِيهِ.
وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَيْضًا قَوْلَ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ قَوْلَهُ لَا أُجَامِعُك كِنَايَةٌ فِي الْإِيلَاءِ مَعَ شُيُوعِهِ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ وَلَفْظُ " الْمَسِّ " مُتَكَرِّرٌ فِي الْقُرْآنِ، " وَعَلَى " لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ؛ لِإِرَادَةِ الْجِمَاعِ وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِيهِ، وَفِي لَفْظِ الْإِمْسَاكِ فِي الرَّجْعَةِ وَجْهَانِ " وَهُوَ " مِمَّا " تَكَرَّرَ " فِي الْقُرْآنِ.
الثَّانِي: أَنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّعَبُّدِ وَلِهَذَا تَكَلَّمُوا فِي حَصْرِهِ فِي مَوَاضِعَ كَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَمّ فِي نَاحِيَةٍ اسْتِعْمَالُ الطَّلَاقِ فِي إرَادَةِ التَّخَلُّصِ عَنْ الْوَثَاقِ وَنَحْوِهِ فَخَاطَبَهَا الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ، وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ كَمَا سَبَقَ عَنْ الْإِمَامِ فِي أَنَّ الِاصْطِلَاحَ الْخَاصَّ لَا يَرْفَعُ الْعَامَّ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَصِيرُ كِنَايَةً بِالْقَرَائِنِ اللَّفْظِيَّةِ، فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ فَارَقْتُك بِالْجِسْمِ أَوْ سَرَّحْتُك مِنْ الْيَدِ أَوْ إلَى السُّوقِ لَمْ " تَطْلُقْ " فَإِنَّ أَوَّلَ اللَّفْظِ " مُرْتَبِطٌ " بِآخِرِهِ، " قَالَ " الْإِمَامُ: وَهَذَا يُضَاهِي الِاسْتِثْنَاءَ.
قُلْت وَهَذَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي صُورَةِ سُؤَالٍ، وَهُوَ أَنَّهُ قَدَّمَ
صَرِيحَ الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ طَلَّقْتُك، فَقَدْ " يَتَعَقَّبُهُ " نَدَمٌ فَيَصِلُهُ بِقَوْلِهِ مِنْ وَثَاقٍ، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِهَذَا التَّوَهُّمِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْمُتَّصِلَ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِجَمِيعِهِ لَا بِبَعْضِهِ " كَقَوْلِهِ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَا يُقَالُ فِيهَا أَنَّهُ نَفَى الْإِلَهَ أَوَّلًا فَخَافَ فَاسْتَدْرَكَ بِالْإِثْبَاتِ ثَانِيًا.
وَانْبَنَى عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فَرْعَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إذَا نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ وَقَعَ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَاهَا كِنَايَةً وَلَا شَكَّ " أَنَّ فِي " النِّكَاحِ نَوْعُ وَثَاقٍ، وَنَوْعُ يَدٍ وَنَوْعُ اخْتِلَاطٍ.
الثَّانِي: اعْتِبَارُ النِّيَّةِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي فَقَالَ " أَمَّا "، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَقْوَالِ " اللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا فِي التَّصْدِيقِ، فَقَدْ تَنْضَمُّ إلَيْهِ قَرَائِنُ تَصْرِفُهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ إلَى الِاسْتِهْزَاءِ كَتَحْرِيكِ الرَّأْسِ عَلَى شِدَّةِ التَّعَجُّبِ وَالْإِنْكَارِ، قَالَ وَيُشْبِهُ حَمْلَ قَوْلِ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا قَالَ لَهُ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ صَدَقْت أَوْ نَحْوَهُ عَلَى انْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ فَإِنْ احْتَفَّتْ بِاللَّفْظِ الْقَرَائِنُ الْمَذْكُورَةُ فَلَا تُجْعَلُ إقْرَارًا " وَيَأْتِي " فِيهِ " خِلَافُ " تَعَارُضِ اللَّفْظِ وَالْقَرِينَةِ.
وَمِمَّا يُعَارِضْ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ أَنَّ السُّؤَالَ لَا يَلْحَقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ، إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ، وَهِيَ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ وَاسْمُهَا فَاطِمَةُ: طَلِّقْنِي فَقَالَ: طَلَّقْت فَاطِمَةَ، ثُمَّ قَالَ نَوَيْت فَاطِمَةً أُخْرَى طَلَقَتْ وَلَا يُقْبَلُ؛ لِدَلَالَةِ الْحَالِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً: طَلَّقْت فَاطِمَةَ، ثُمَّ قَالَ: نَوَيْت أُخْرَى حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ " فِي الشَّرْحِ " عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ.
الرَّابِعُ: الصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ هَذَا بِقَوْلِهِمْ يُشْتَرَطُ قَصْدُ حُرُوفِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَى الطَّلَاقِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ، وَقَدْ تَكَلَّمُوا فِي وَجْهِ الْجَمْعِ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ، وَأَقْرَبُ مَا يُقَالُ فِيهِ: أَنَّ مَعْنَى " قَوْلِهِمْ الصَّرِيحُ " لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أَيْ: نِيَّةِ الْإِيقَاعِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مَوْضُوعٌ لَهُ فَاسْتَغْنَى عَنْ النِّيَّةِ.
أَمَّا قَصْدُ اللَّفْظِ " فَيُشْتَرَطُ " لِتَخْرُجَ مَسْأَلَةُ سَبْقِ اللِّسَانِ، وَمِنْ هَا هُنَا يَفْتَرِقُ الصَّرِيحُ وَالْكِنَايَةُ، فَالصَّرِيحُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَمْرٌ وَاحِدٌ وَهُوَ قَصْدُ اللَّفْظِ، وَالْكِنَايَةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَمْرَانِ قَصْدُ اللَّفْظِ، وَنِيَّةُ الْإِيقَاعِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: أَنْ يَقْصِدَ حُرُوفَ الطَّلَاقِ لِلْمَعْنَى الْمَوْضُوعِ لَهُ لِيَخْرُجَ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ.
الْخَامِسُ: الصَّرَائِحُ تَعْمَلُ بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِدْعَاءٍ بِلَا خِلَافٍ إلَّا فِيمَا إذَا قِيلَ: لِلْكَافِرِ قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَالَهَا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ قَالَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِدْعَاءٍ فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَصَحُّهُمَا: يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ احْتِمَالُ قَصْدِ الْحِكَايَةِ.
السَّادِسُ: كُلُّ تَرْجَمَةٍ " نُصِبَتْ عَلَى " بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الشَّرِيعَةِ فَالْمُشْتَقُّ مِنْهَا صَرِيحٌ بِلَا خِلَافٍ، إلَّا فِي أَبْوَابٍ فَفِي بَعْضِهَا لَا تَكْفِي عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي بَعْضِهَا تَكْفِي عَلَى وَجْهٍ.
الْأُولَى: " الشَّرِكَةُ " لَا يَكْفِي " مُجَرَّدُ " اشْتَرَكْنَا.
الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ: " الْمُتَيَمِّمُ "، لَوْ قَالَ: نَوَيْت التَّيَمُّمَ لَا يَكْفِي، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْفَرْضِ مَعَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَكَذَا الْوُضُوءُ عَلَى وَجْهٍ " صَحَّحَهُ الشَّاشِيُّ "، لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِيهِ الصِّحَّةُ.
الرَّابِعَةُ: الْكِتَابَةُ فَبِمُجَرَّدِ كَاتَبْتُك لَا تَصِحُّ حَتَّى يَقُولَ، وَأَنْتَ حُرٌّ إذَا أَدَّيْت.
الْخَامِسَةُ: التَّدْبِيرُ عَلَى قَوْلٍ.
السَّادِسَةُ: الْخُلْعُ.
" السَّابِعُ ": الصَّرِيحُ فِي " بَابِهِ " إذَا وَجَدَ نَفَاذًا فِي " مَوْضِعِهِ " لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي " غَيْرِهِ وَمَعْنَى " وَجَدَ نَفَاذًا أَيْ أَمْكَنَ تَنْفِيذُهُ، " كَمَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الطَّلَاقِ، وَالْمُرَادُ أَمْكَنَ تَنْفِيذُهُ " صَرِيحًا.
وَهَذَا كَالطَّلَاقِ لَا يَكُونُ ظِهَارًا " وَفَسْخًا " بِالنِّيَّةِ، وَبِالْعَكْسِ فَلَوْ قَالَ: وَهَبْت مِنْك وَنَوَى الْوَصِيَّةَ لَا تَكُونُ وَصِيَّةً فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَنْفِيذُهُ فِي مَوْضُوعِهِ الصَّرِيحِ وَهُوَ التَّمْلِيكُ النَّاجِزُ.
وَلَوْ قَالَ فِي الْإِجَارَةٍ بِعْتُك مَنْفَعَتَهَا لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَوْضُوعٌ لِمِلْكِ الْأَعْيَانِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنَافِعِ، كَمَا لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ.
وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ:
إحْدَاهَا: إذَا جَعَلْنَا الْخُلْعَ صَرِيحًا فِي الْفَسْخِ هَلْ يَكُونُ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ حَتَّى إذَا نَوَيَا بِهِ الطَّلَاقَ يَكُونُ طَلَاقًا يَنْقُصُ بِهِ الْعَدَدُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا مِنْ حَيْثُ " النَّقْلُ يَكُونُ " طَلَاقًا.
الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ " وَعَنَى بِهِ " الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَقَعُ مَعَ أَنَّ لَفْظَ التَّحْرِيمِ صَرِيحٌ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ، فَقَدْ يُعَدُّ كِنَايَةً مَعَ كَوْنِهِ وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ "، وَقَدْ يُجَابُ " عَنْ هَذَا بِأَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ بِهِ لَا يَخْتَصُّ بِالنِّكَاحِ، بَلْ يَجْرِي فِي مِلْكِ الْيَمِينِ إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَإِذَا لَمْ يَخْتَصَّ بِالنِّكَاحِ لَمْ يَبْعُدْ صَرْفُهُ إلَى حُكْمٍ آخَرَ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ قَالَ: بِعْتُك نَفْسَكِ بِكَذَا " وَقَالَتْ: " اشْتَرَيْت فَكِنَايَةُ خُلْعٍ.
الرَّابِعَةُ: قَالَ السَّفِيهُ لِعَبْدِهِ أَعْتِقْ نَفْسَك فَنَصَّ " الْإِمَامُ " الشَّافِعِيُّ " - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - " فِي بَابِ الْكِتَابَةِ مِنْ الْأُمِّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الْعِتْقِ إنْ نَوَى عِتْقَهُ وَقَعَ مَعَ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي التَّفْوِيضِ، وَقَدْ جَعَلَهُ كِنَايَةً فِي التَّنْجِيزِ.
الْخَامِسَةُ: لَوْ قَالَ: مَالِي طَالِقٌ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الصَّدَقَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ نَوَى صَدَقَةَ مَالِهِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْصِدَ قُرْبَةً.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِهِ أَوْ يَتَخَيَّرَ بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَاحِدَةٍ؟ وَجْهَانِ.
السَّادِسَةُ: صَرَائِحُ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِي الْعِتْقِ فَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَتْ وَعَكْسُهُ، قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: وَلَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا بِأَمَتِهِ فَوَكَّلَ سَيِّدَهَا