المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الشركة يتعلق بها مباحث] - المنثور في القواعد الفقهية - جـ ٢

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[حَرْفُ الْجِيمِ] [

- ‌الْجَائِزُ]

- ‌[الْجُبْرَان]

- ‌[الْجَعَالَةُ كَالْإِجَارَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌[الْجِلْسَاتُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْجِمَاعُ وَدَوَاعِيهِ]

- ‌[الْجَمْعُ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[الْجَهْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[حَرْفُ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الْحَاجَةُ الْعَامَّةُ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ الْخَاصَّةِ فِي حَقِّ آحَادِ النَّاسِ]

- ‌[الْحَاجَةُ الْخَاصَّةُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَ]

- ‌[الْحَالُّ لَا يَتَأَجَّلُ]

- ‌[الْحَجْرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحُجَّةُ الَّتِي يَسْتَنِدُ إلَيْهَا الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ]

- ‌[حَدِيثُ النَّفْسِ لَهُ خَمْسُ مَرَاتِبَ]

- ‌[الْحُدُودُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحَدَثُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَالِاسْتِيلَاءِ]

- ‌[الْحَرِيمُ يَدْخُلُ فِي الْوَاجِبِ وَالْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ]

- ‌[الْحَشَفَةُ]

- ‌[الْحَصْرُ وَالْإِشَاعَةُ]

- ‌[الْحُقُوقُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[الْحُقُوقُ تُوَرَّثُ كَمَا يُوَرَّثُ الْمَالُ]

- ‌[الْحُقُوقُ الْمُوَرَّثَةُ]

- ‌[حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَة]

- ‌[حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى إذَا اجْتَمَعَتْ]

- ‌[الْحُكْمُ هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[حُكْمُ الْحَاكِمِ]

- ‌[الْحَلَالُ]

- ‌[الْحَلِفُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحَمْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحَوَاسُّ خَمْسَةٌ]

- ‌[الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّ وَحَقِّهِ]

- ‌[الْحِيَلُ]

- ‌[الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ وَالْمُسْتَمِرَّةُ وَعَيْشُ الْمَذْبُوحِ]

- ‌[الْحَيَوَانُ يَتَعَلَّقُ بِهِ أُمُورٌ]

- ‌[حَرْفُ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الْخَبَرُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَنْ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ]

- ‌[الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَة]

- ‌[الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ]

- ‌[الْخُطَبُ اثْنَتَا عَشْرَةَ]

- ‌[الْخَطَأُ يَرْفَعُ الْإِثْمَ]

- ‌[الْخَلْطُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ بِمَنْزِلَةِ الْإِتْلَافِ]

- ‌[الْخُلْفُ فِي الصِّفَةِ]

- ‌[الْخِلَافُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْخِيَارُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[حَرْفُ الدَّالِ] [

- ‌الدَّفْعُ أَقْوَى مِنْ الرَّفْعِ]

- ‌[الدَّوْرُ قِسْمَانِ]

- ‌[الدَّيْنُ ضَرْبَانِ حَالٌّ وَمُؤَجَّلٌ]

- ‌[حَرْفُ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الذَّهَبُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الرِّجَالِ]

- ‌[حَرْفُ الرَّاءِ] [

- ‌الرُّخَصُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الرِّدَّةُ لَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ]

- ‌[الرِّشْوَةُ أَخْذُ الْمَالِ لِيُحِقَّ بِهِ الْبَاطِلَ أَوْ يُبْطِلَ الْحَقَّ]

- ‌[الرِّضَا بِالشَّيْءِ رِضًا بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ]

- ‌[حَرْفُ الزَّاي] [

- ‌الزَّائِلُ الْعَائِدُ كَاَلَّذِي لَمْ يَزُلْ]

- ‌[الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ تَتْبَعُ الْأَصْلَ]

- ‌[الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا أَثَرَ لَهَا]

- ‌[الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَدَدِ إذَا لَمْ تَكُنْ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ]

- ‌[الزَّرْعُ النَّابِتُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ]

- ‌[حَرْفُ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌السَّبَبُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[السِّرَايَةُ حَقِيقَتُهَا]

- ‌[السَّفَرُ قِسْمَانِ طَوِيلٌ وَقَصِيرٌ]

- ‌[السَّفِيهُ تَصَرُّفَاتُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[السَّكْرَانُ فِي سَائِرِ أَحْوَالِهِ كَالصَّاحِي]

- ‌[السُّكُوتُ ضَرْبَانِ]

- ‌[السُّنَّةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[السُّؤَالُ مَعَادٌ فِي الْجَوَابِ]

- ‌[سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ]

- ‌[السَّهْوُ]

- ‌[السَّهْوُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[السَّيِّدُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ابْتِدَاءً]

- ‌[حَرْفُ الشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الشَّبَهُ]

- ‌[الشُّبْهَةُ فِيهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الشَّرْطُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[شَرْطُ الْعِلَّةِ هَلْ يَجْرِي مَجْرَى شَطْرِ الْعِلَّةِ]

- ‌[الشُّرُوعُ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَشْرُوعِ فِيهِ]

- ‌[الشَّفَاعَةُ ضَرَاعَةٌ عِنْدَ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ]

- ‌[الشَّرِكَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الشَّكُّ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الشَّلَلُ هَلْ هُوَ مَوْتٌ أَوْ تَيَبُّسٌ]

- ‌[حَرْفُ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الصَّبِيُّ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الصِّحَّةُ وَالْجَوَازُ وَالِانْعِقَادُ فِي بَابِ الْعُقُودِ]

- ‌[الصَّرِيحُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الصِّفَةُ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلتَّوْضِيحِ]

- ‌[صِفَاتُ الْحُقُوقِ لَا تُفْرَدُ بِالْإِسْقَاطِ]

- ‌[حَرْفُ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا]

- ‌[الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ]

- ‌[أَسْبَابُ الضَّمَانُ]

- ‌[حَرْفُ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الطَّارِئُ هَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْمُقَارِنِ]

- ‌[الطَّهَارَةُ تَثْبُتُ بِالتَّبَعِيَّةِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ]

- ‌[حَرْفُ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌ظُهُورُ أَمَارَاتِ الشَّيْءِ هَلْ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ تَحَقُّقِهِ]

- ‌[الظَّنُّ إذَا كَانَ كَاذِبًا فَلَا أَثَرَ لَهُ]

- ‌[حَرْفُ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الْعَادَةُ فِيهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْعِبَادَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُومِ]

- ‌[الْعِبْرَةُ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا]

- ‌[الْعَدَالَةُ هَلْ تُتَحَرَّى]

- ‌[الْعُذْرُ الْعَامُّ]

- ‌[الْعُرْفُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْعَزْمُ عَلَى الْإِبْطَالِ مُبْطِلٌ]

- ‌[الْعَقْدُ حقيقته]

- ‌[الْعَمَلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[عِلَّةُ الْحُكْمُ إذَا زَالَتْ وَخَلَفَهَا عِلَّةٌ أُخْرَى]

- ‌[الْعَوْلُ وَالرَّدُّ]

- ‌[الْعُيُوبُ الْمُعْتَبَرَةُ شَرْعًا]

- ‌[حَرْفُ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الْغَايَةُ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ]

- ‌[غَالِبُ الْبَلَدِ يُعْتَبَرُ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[حُكْم غَرِيمُ الْغَرِيمِ]

- ‌[الْغُسْلُ يَنْقَسِمُ إلَى وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ]

- ‌[حُكْم غُسْلُ الْعِيدَيْنِ]

الفصل: ‌[الشركة يتعلق بها مباحث]

[الشَّرِكَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

ُ الْأَوَّلُ: تَثْبُتُ الْمُطَالَبَةُ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بِالْمُشْتَرَكِ فِيهِ، لَكِنْ إذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِقَبْضِ شَيْءٍ، هَلْ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ هُوَ عَلَى أَضْرُبٍ: أَحَدُهَا: مَا يُشَارِكُهُ فِيهِ قَطْعًا كَرِيعِ الْوَقْفِ عَلَى جَمَاعَةٍ، لِأَنَّهُ مُشَاعٌ. الثَّانِي:" مَا يُشَارِكُهُ " فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا لَوْ قَبَضَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ الدَّيْن قَدْرَ حِصَّتِهِ، فَلِلْآخَرِ مُشَارَكَتُهُ فِي الْأَصَحِّ، كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ بَابِ الشَّرِكَةِ، وَقِيلَ لَا يُشَارِكُهُ، إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمَدْيُونُ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَجِدُ مَالًا سِوَاهُ وَوَجَّهَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ الْمُشَارَكَةَ بِأَنَّهُمَا يَقْبِضَانِ ذَلِكَ بِنِيَابَةِ الْأَبِ لَا لِأَنْفُسِهِمَا.

وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ رَجُلَانِ اشْتَرَيْنَا مِنْك شَيْئًا بِكَذَا وَصَدَقَ أَحَدُهُمَا فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْإِرْثِ.

وَمِنْهَا: وَلَوْ ادَّعَى اثْنَانِ اتِّهَابَهُمَا عَيْنًا مِنْ رَجُلٍ وَأَنَّهُ وَهَبَهُ مِنْهُمَا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِمَا فَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحَدَهُمَا وَكَذَّبَ الثَّانِيَ فَيُسَلِّمُ لِلْمُصَدِّقِ النِّصْفَ، وَهَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْمُكَذِّبُ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ شَرِيكُهُ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ فِي بَابِ الرَّهْنِ وَقَالَ إنَّهُمَا يَجْرِيَانِ فِي كُلِّ مِلْكٍ وَحَقٍّ يَتَلَقَّى مِنْ عَقْدٍ عَلَى سَبِيلِ الشُّيُوعِ.

وَمِنْهَا: الدُّيُونُ الْمُشْتَرَكَةُ فِي ذِمَمِ النَّاسِ، إذَا أَذِنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ فِي قَبْضِ مَا " لَهُ " عَلَى زَيْدٍ عَلَى أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ، فَهَلْ يَخْتَصُّ بِهِ إذَا قَبَضَ قَوْلَانِ

ص: 250

أَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ " آخِرَ الْقِسْمَةِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ.

وَمِنْهَا: لَوْ ادَّعَيَا دَارًا إرْثًا فَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحَدَهُمَا " فِي نَصِيبِهِ فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُ الْمُكَذَّبُ عَلَى الْمَنْصُوصِ " وَخَرَّجَ " الْغَزَالِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَأَشَارَ الرَّافِعِيُّ " رحمه الله لِتَفَرُّدِهِ.

" الثَّالِثُ " مَا لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ " قَطْعًا "، كَمَا " لَوْ " ادَّعَى عَلَى وَرَثَةٍ أَنَّ مُوَرِّثَكُمْ أَوْصَى لِي وَلِزَيْدٍ بِكَذَا، وَأَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ لَا يُشَارِكُهُ " فِيهِ " الْآخَرُ قَطَعَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافُ مَا لَوْ قَالَا اشْتَرَيْنَاهُ مِنْك بِكَذَا وَصَدَّقَ أَحَدَهُمَا، فَلَوْ أَقَامَ الْوَارِثُ الْخَاصُّ شَاهِدَيْنِ أَخَذَ نَصِيبَهُ وَلَا يُشَارِكُهُ " فِيهِ " الْآخَرُ، وَوَقَعَ فِي الْحَوَادِثِ رَجُلٌ آجَرَ نَصِيبَهُ مِنْ دَارِ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ فَسَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ جَمِيعَ الدَّارِ وَتَعَذَّرَ عَلَى شَرِيكِهِ أَخْذٌ أُجْرَةِ نَصِيبِهِ مِنْهُ، فَقِيلَ يُشَارِكُهُ، " وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشَارِكَهُ " لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ اسْتَفَادَ حَقَّهُ بِعَقْدٍ يَخْتَصُّ بِهِ، وَيَرْجِعُ شَرِيكُهُ بِأُجْرَةِ " حِصَّتِهِ " عَلَى الْغَاصِبِ، وَتَشْهَدُ لَهُ " صُوَرُ " الْبَيْعِ الْآتِيَةِ.

الرَّابِعُ: مَا لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا لَوْ ادَّعَى الْوَرَثَةُ دَيْنًا لِمُوَرِّثِهِمْ وَأَقَامُوا شَاهِدًا وَحَلَفَ بَعْضُهُمْ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَأْخُذُ نَصِيبَهُ وَلَا " يُشَارِكُهُ " فِيهِ مَنْ لَمْ

ص: 251

يَحْلِفْ عَلَى " الصَّحِيحِ " الْمَنْصُوصِ، لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُجْزِئُ فِيهَا النِّيَابَةُ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا إذَا ادَّعَيَا دَارًا إرْثًا وَصَدَقَ أَحَدُهُمَا كَمَا سَبَقَ أَنَّ الْحَقَّ هُنَا إنَّمَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، فَلَوْ شَرَكِنَا النَّاكِلَ لَمَلَّكْنَاهُ بِيَمِينِ غَيْرِهِ، وَفِي الْأُولَى إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ " الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ يَتَرَتَّبُ عَلَى إقْرَارِهِ " إقْرَارُ الْمُصَدَّقِ بِأَنَّهُ إرْثٌ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ.

وَفِي الْمُعَايَاةِ: لَوْ ادَّعَى الْوَرَثَةُ دَيْنًا لِمُوَرِّثِهِمْ وَأَقَامُوا شَاهِدًا وَاحِدًا وَحَلَفُوا اسْتَحَقُّوا فَإِنْ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ الْيَمِينِ فَالْحَالِفُ يَأْخُذُ قَدْرَ نَصِيبِهِ وَلَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِيهِ. وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى " فِي دَارٍ أَوْ ثَوْبٍ "، وَحَلَفَ بَعْضُهُمْ شَارَكَهُ الْبَاقُونَ " فِيمَا يَخْلُصُ " وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ فَكُلُّ مَنْ حَلَفَ أَثْبَتَ حَقَّهُ فِيهَا، وَمَنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ وَالدَّارُ مُعَيَّنَةٌ " فَمَا يَخْلُصُ مِنْهَا " يَشْتَرِكُونَ فِيهِ، وَكَأَنَّ الْبَاقِيَ مَغْصُوبٌ مِنْ جَمَاعَتِهِمْ.

وَمِنْهَا: لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ مَالِكَاهُ فَهَلْ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِقَبْضِ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؟ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا، فَلَوْ قَبَضَ شَيْئًا شَارَكَهُ الْآخَرُ كَالْمِيرَاثِ، وَأَصَحُّهُمَا نَعَمْ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِالْبَيْعِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يُشَارِكُهُ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الشَّرِكَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الدَّيْنِ.

أَمَّا الْعَيْنُ فَحَكَى فِي الْمَطْلَبِ عِنْدَ نِكَاحِ السَّفِيهِ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ صُبْرَةُ قَمْحٍ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ جَازَ فِي وَجْهٍ، لِأَنَّهُ لَوْ طَلَبَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّيْدِ عَنْ الْبَغَوِيِّ: لَوْ اخْتَلَطَ

ص: 252

حَمَامُهُ بِحَمَامَةِ الْغَيْرِ فَلَهُ الْأَكْلُ بِالِاجْتِهَادِ إلَى أَنْ يَبْقَى وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ " تَمْرَةٌ بِتَمْرِ الْغَيْرِ "، قَالَ الرُّويَانِيُّ لَيْسَ لَهُ أَكْلُ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُصَالِحَ الْغَيْرَ أَوْ يُقَاسِمَهُ.

وَلَوْ انْصَبَّ حِنْطَةٌ لَهُ أَوْ مَائِعٌ لَهُ عَلَى مِثْلِهِ لِغَيْرِهِ وَجَهِلَ قَدْرَهَا فَكَاخْتِلَاطِ الْحَمَامِ.

وَلَوْ اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ أَوْ دَرَاهِمُ حَرَامٌ " بِدَرَاهِمَ لَهُ، وَدَهَنَ " بِدُهْنٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ: فَصَلَ قَدْرَ الْحَرَامِ وَصَرَفَهُ لِمَنْ هُوَ لَهُ وَالْبَاقِي لَهُ.

وَقَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ كَانَتْ الصُّبْرَةُ بَيْنَهُمَا قِسْمَيْنِ فَاقْتَسَمَا أَخَذَ هَذَا قَفِيزًا وَهَذَا قَفِيزًا " فَقَدْ " جَازَ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَسْتَوْفِيَ كُلَّ حَقِّهِ مِنْهَا ثُمَّ يُكَالُ لِلْآخَرِ مَا بَقِيَ، لِجَوَازِ أَنْ يَتْلَفَ الْبَاقِي قَبْلَ أَنْ يُكَالَ لَلشَّرِيك الْآخَرِ، لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْمِلْكِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الْقَبْضِ، قَالَ: وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْمُبْتَدِئِ مِنْهُمَا بِأَخْذِ الْقَفِيزِ الْأَوَّلِ " جَازَ، وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فِي أَخْذِهِ وَيَكُونُ اسْتِقْرَارُ مِلْكِ الْأَوَّلِ " عَلَى مَا أَخَذَهُ مَوْقُوفًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْآخَرُ مِثْلَهُ، فَلَوْ أَخَذَ الْأَوَّلُ قَفِيزًا مِنْ تِلْكَ الصُّبْرَةِ رَدَّ نِصْفَ الْقَفِيزِ.

الْبَحْثُ " الثَّانِي " إطْلَاقُ الشَّرِكَةِ، هَلْ يَنْزِلُ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ أَوْ هُوَ مُبْهَمٌ يَفْتَقِرُ إلَى " تَفْسِيرٍ " فِيهِ خِلَافٌ فِي صُوَرٍ:

" مِنْهَا ": لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً ثُمَّ قَالَ لِغَيْرِهِ أَشْرَكْتُك مَعِي وَأَطْلَقَ فَقِيلَ يَفْسُدُ الْعَقْدُ لِلْجَهَالَةِ، وَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ، وَيَنْزِلُ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الشُّرَكَاءُ،

ص: 253

فَهَلْ يَسْتَحِقُّ " الشَّرِيكُ " نِصْفَ مَا لَهُمْ أَوْ مِثْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، كَمَا لَوْ اشْتَرَيَا شَيْئًا ثُمَّ أَشْرَكَا ثَالِثًا فِيهِ فَهَلْ لَهُ نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثُهُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي.

وَمِنْهَا لَوْ أَوْصَى " بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ " وَبِمِائَةٍ لِعَمْرٍو، وَقَالَ لِخَالِدٍ أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا فَلَهُ نِصْفُ مَا فِي يَدِهِمَا فِي قَوْلٍ قَالَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْإِشْرَافِ.

وَمِنْهَا لَوْ قَالَ أَنَا وَفُلَانٌ " شَرِيكَانِ " فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ فِي هَذَا الْمَالِ، قَالَ الدَّبِيلِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا " نِصْفَيْنِ "، فَلَوْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ " الْمُقِرَّ لَهُ الرُّبْعُ أَوْ الْخَمْسُ أَوْ الْعُشْرُ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ " أَنَّهُ " يُسْمَعُ وَيَحْلِفُ مَعَهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ، قَالَ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، " لَكِنَّ النَّاسَ " يُطْلِقُونَ هَذَا اللَّفْظَ لِمَنْ لَهُ أَدْنَى جُزْءٍ فِي الْمُقَرِّ بِهِ فَيَقُولُ زَيْدٌ شَرِيكِي فِي كَذَا وَيُرِيدُونَ بِهِ أَصْلَ الشَّرِكَةِ وَتَفَاوُتَ الْأَجْزَاءِ فَالْمُخْتَارُ الْقَبُولُ، أَمَّا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ زَيْدًا وَعَمْرًا شَرِيكَانِ فِي كَذَا وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ تَسْتَفْسِرُ عَنْ مِقْدَارِ النَّصِيبَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنَا وَالْعَيْنُ بِيَدِهِمَا جُعِلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا، فَهَلْ يَرْجِعُ فِي مِقْدَارِ نَصِيبِ الْآخَرِ إلَيْهِ أَوْ يَقْضِي بِالنِّصْفِ فِيهِ نَظَرٌ.

وَمِنْهَا قَالَ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ قَالَ الشَّافِعِيُّ " رحمه الله " لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى أَنْتِ شَرِيكَتُهَا فِي هَذَا الطَّلَاقِ، ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى أَنْتِ شَرِيكَتُهُمَا فِي هَذَا الطَّلَاقِ تَطْلُقُ الْأُولَى ثَلَاثًا وَالثَّانِيَةُ اثْنَتَيْنِ وَالثَّالِثَةُ وَاحِدَةً، " لِأَنَّهُ يَحْصُلُ "

ص: 254