الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ تَضِيقُ وَأَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِنَصِّ " الْإِمَامِ " الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ " عَلَى " عَدَمِ جَوَازِ الْخُرُوجِ مِنْ الْفَرْضِ، وَقَدْ وَجَّهَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، حَيْثُ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَمِثْلُهُ فِي الْقَضَاءِ وَإِنْ كَانَ وَقْتُهُ مُوَسَّعًا، وَقَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ فِيمَا قَالُوهُ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْوِيَ الْقَضَاءَ فَكَيْفَ يَقْضِي مَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ. وَالْقَضَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ خَارِجَ الْوَقْتِ، " وَأَيَّدَ " مَا ذَكَرَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ بَعْدَ الْإِفْسَادِ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، وَلَوْ كَانَتْ قَضَاءً لَا يَسَعُ وَقْتٌ فَعَلَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ " أَوْ لَوْ " وَجَبَ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ عَلَى وَجْهٍ قَالَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ تَعَاطِيهَا عَلَى الْفَوْرِ عَقِبَ الْإِفْسَادِ، وَلَا قَائِلَ بِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِتَعَاطِيهَا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ.
قُلْت: صَرَّحَ هَؤُلَاءِ بِأَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِيهَا يَضِيقُ وَقْتُهَا فَيَكُونُ وَقْتَ أَدَائِهَا: زَمَنٌ يَسَعُهَا، وَقِيلَ يَلْزَمُهُمْ عَلَى هَذَا، أَنَّهُ إذَا أَعَادَهَا بَعْدَ " الْإِفْسَادِ " أَنْ يُخَرِّجُوهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الَّتِي يُفْعَلُ بَعْضُهَا فِي الْوَقْتِ وَبَعْضُهَا خَارِجَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الشَّفَاعَةُ ضَرَاعَةٌ عِنْدَ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ]
ُ، سُمِّيَتْ بِهِ، " لِأَنَّهُ يَشْفَعُ " الْكَلَامَ الْأَوَّلَ وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَقَدْ صَحَّ «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ» وَلِمَا فِيهِ مِنْ إغَاثَةِ الْمُسْلِمِ، وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ.
وَلَا تَكُونُ فِي حَدٍّ وَلَا حَقٍّ لَازِمٍ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلذَّنْبِ الَّذِي يُمْكِنُ الْعَفْوُ عَنْهُ وَقَدْ شَفَعَ اللَّهُ عز وجل فِي مِسْطَحٍ " لَمَّا حَلَفَ الصِّدِّيقُ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهِ فَقَالَ تَعَالَى {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور: 22] الْآيَةَ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ الشَّفَاعَةِ فِي " الْحُدُودِ " بَعْدَ بُلُوغِهِ الْإِمَامَ وَأَنَّهُ يَحْرُمُ " التَّشْفِيعُ " فِيهِ، فَأَمَّا قَبْلَ بُلُوغِهِ الْإِمَامَ أَجَازَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَشْفُوعُ فِيهِ صَاحِبَ شَرٍّ وَأَذًى لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُشْفَعْ فِيهِ.
أَمَّا الْمَعَاصِي الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ وَوَاجِبُهَا التَّعْزِيرُ، فَتَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِيهَا " وَالتَّشْفِيعُ " سَوَاءٌ بَلَغَتْ الْإِمَامَ أَمْ لَا، لِأَنَّهَا أَهْوَنُ، ثُمَّ الشَّفَاعَةُ فِيهَا مُسْتَحَبَّةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَشْفُوعُ " فِيهِ " صَاحِبَ أَذًى.
قُلْت: وَإِطْلَاقُ " اسْتِحْبَابِ " الشَّفَاعَةِ فِي التَّعْزِيرِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ التَّعْزِيرِ كَانَ لِلْإِمَامِ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِلْإِصْلَاحِ وَقَدْ يَرَى ذَلِكَ فِي إقَامَتِهِ وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَنْبَغِي اسْتِحْبَابُهَا.