الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمير حسين
00 -
0 - 728هـ - 000 - 1327م الحسين بن جندر، الأمير شرف الدين الرومي.
قال الصفدي: كان وهو أمرد رأس مدرج لحسام الدين لاجين لما كان نائب الشام. وكان يؤثره، لأنه كان رأساً في الصيد، ولعب الطير.
ولما ملك لاجين الديار المصرية، خلع عليه، ورسم له بإمرة عشرة، فأقام بمصر حتى حضر الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك، فأقره على حاله، ثم أمَّره طبلخاناه بدمشق، ونادم الأفرم إلى أن فر الأفرم توجه الأمير حسين هذا إلى الملك الناصر إلى الكرك، وتوجه معه إلى القاهرة، ودخل عليه في الطريق بأنواع الحيل إلى أن صار مقرباً عنده، فكان يقول: يا خوند إن كنا ندخل إلى مصر، فهذا الطير يصيد. ويرمي الطير الذي يكون معه، فيصيد.
قلت: وكان الأمير حسين هذا محظوظاً في الصيد ورمي النشاب، لا يكاد يفوته منه شيء.
فلما دخل الملك الناصر إلى القاهرة، أنعم عليه بتقدمة ألف بالديار المصرية، وأفرد له زاوية من طيور الجوارح، وصار أمير شكار مع الأمير كوجري، وصار له حرمة وافرة بالديار المصرية.
واستمر على ذلك مدة إلى أن حصل له ضعف في بدنه، فرسم له السلطان بالتوجه إلى دمشق، فحضر إليها، وأقام بها عند الأمير تنكز على محبته له القديمة إلى أن وقع بينهما بسبب القصب الذي في قرية عيثا، وتخاصما في سوق الخيل، ورجعا إلى دار السعادة. وتحاكما. ثم إنهم سعوا بينهما في الصلح، فقام تنكز، وقام أمير حسين، فوضع أمير حسين يده على عنق تنكز، وقبل رأسه فما حمل تنكز منه ذلك، فاعتذر أمير حسين بعد ذلك بأن قال: والله ما تعمدت ذلك، ولكن كان خطأً كبيراً، فطالع السلطان تنكز فشد قطلو بغا الفخري من أمير حسين، فما أفاد كلام تنكز، ورسم السلطان لأمير حسين بأن يقيم بصفد،
وإقطاعه على حاله. وكتب السلطان إليه: إنك أسأت الأدب على نائبنا تنكز، وما كان يليق بك هذا. فاستمر بصفد مدة وهو لا يركب بخدمة نائبها، ولا يخرج إلى اليزك حسبما رسم له السلطان بذلك، فدام بصفد نحو السنتين حتى بلغ تنكز أن السلطان له ميل إلى الأمير حسين. وكان تنكز متوجهاً إلى القاهرة، فلما حضر إلى الغور أرسل إلى الأمير حسين أن يلتقيه بالغور، فقدم عليه واصطلحا هناك، وخلع عليه تنكز، ووعده بأنه إذا ما عاد إلى دمشق أخذه معه.
فلما قدم تنكز القاهرة سأل السلطان في ذلك، فما وافق السلطان، وأرسل طلب أمير حسين إلى القاهرة.
فلما وصل إليها أنعم عليه بإقطاع الأمير أصلم السلاح دار.
واستمر من جملة مقدمي الألوف بالديار المصرية إلى أن توفي بداره في أوائل سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، ودفن بجوار جامعه الذي عمره في حكر جوهر النوبي خارج القاهرة، وتأسف السلطان عليه. وهو الذي عمر القنطرة المشهورة به على الخليج، وإلى جانبها الجامع الذي له.
ولما فرغ عمارة الجامع، أحضر إليه المشد والكاتب حساب المصروف، فرمى به إلى الخليج، وقال أنا خرجت عن هذا لله تعالى، فإن خنتما فعليكما، وإن وفيتما فلكما.
وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي: كنت بخدمته سفراً وحضراً، وكنت أكتب عنده، فكان شحيحاً على الدرهم والدينار من يده.
وأما من خلفه، فما كان يقف في شيء وكان الفرس والقباء عنده هيناً. وكان خفيف الروح، دائم البشر، لطيف العبارة. وكانت في عبارته عجمه، لكنه إذا قال الحكاية أو ندر يظهر لكلامه حلاوة في القلب والسمع.
قال لي الشيخ فتح الدين بن سيد الناس: نحن إذا حكينا ما يقوله الأمير حسين ما يكون لذلك حلاوة.
وكان ظريفاً إلى الغاية، وهو الذي عمر الجامع الأبيض بالرملة وعمر تلك المنارة العجيبة.
وكان فيه الخير والصدقة، لكن كان يستحيل في الآخر.
ولم يخلف إلا بنتين.