الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: عليه من الله ما يستحقه لموافقته مع التتار وقتاله للمسلمين. انتهى.
أمير مكة
00 -
0 - 829هـ - 000 - 1427م الحسن بن عجلان بن رُمَيْثَة بن أبي نمى محمد بن أبي سعد حسن بن علي بن قتادة الحسني المكي، الأمير بدر الدين أمير مكة.
مولده في سنة خمس وسبعين وسبعمائة بمكة، ونشأ في كفالة أخيه أحمد مع أخيه علي بن عجلان أمير مكة.
قال الشريف تقي الدين الفاسي في تاريخه: " ولي حسن بن عجلان هذا إمرة مكة من غير شريك إحدى عشرة سنة وتسعة أشهر وستة أيام، ووليها سنة وسبعة
أشهر شريكاً لابنه السيد بركات، وهو الساعي له في ذلك، وولي نيابة السلطنة سبع سنين إلا أشهراً وأياماً، وولي ابنه السيد أحمد عوضه نصف الأمر الذي كان بيده قبل أن يلي نيابة السلطنة؛ فمدة ولايته مكة أميراً ونائباً للسلطنة عشرون سنة وثلاثة أشهر إلا أربعة أيام " انتهى كلام الفاسي.
قلت: واستمر في إمرة مكة إلى أن وقع منه ما أوجب غيظ الملك الأشرف برسباي عليه وعزله، وعزل ولده بركات بالشريف علي بن عنان بن مغامس بن رميثة الحسني، وأرسله إلى مكة وصحبته العسكر المصري مع الأمير قُرقماس الشعباني الناصري أحد أمراء الألوف بالديار المصرية، والأمير طوخ مازي الناصري أحد أمراء العشرات ورأس نوبة بديار مصر؛ فوصل الجميع إلى مكة في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة. ولما قرب العسكر من مكة نزح الشريف حسن هذا
عنها بأولاده، واستمر نازحاً عنها إلى أن حج الأمير تغري بردى المحمودي الناصري أمير حاج المحمل في موسم سنة ثمان وعشرين وثمانمائة.
دُعِي الشريف حسن هذا إلى طاعة السلطان؛ فأجاب، وحضر إلى مكة، وتوجه صحبة الحاج إلى الديار المصرية، وأخلع عليه بإمرة مكة شريكاً لولده بركات.
واستمر الشريف حسن المذكور مستمراً بالديار المصرية مترقباً عود قُصَّاده من مكة بعد أن أذن لولده بركات في الحكم بمكة في غيبته؛ فبينما هو في ذلك إذ أدركه الأجل؛ فمرض أياماً. ومات في يوم الخميس سادس عشر جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثمانمائة، ودفن بجوار تربة الملك الأشرف برسباي، بحوش الشيخ خليفة، إنشاء الملك الأشرف المذكور بالصحراء، خارج باب النصر، وحضر السلطان الصلاة عليه، وتأسف عليه.
وكان الشريف حسن هذا من أجلِّ أمراء مكة ممن أدركنا، سؤدداً، وكرماً، وسياسة، وعقلاً. وأثرى، وكثر ماله، وعقاره؛ لكثرة ظلمه وعسفه ولجبروت كان فيه.
ووقع له ما لم يقع لغيره من أمراء مكة، فإنه أضيف إليه في بعض السنين إمرة المدينة النبوية، وإمرة الينبُع مضافاً لإمرة مكة وملك علي بن يعقوب من بلاد اليمن
من صاحبها الأمير موسى بن أحمد بن موسى الحرامي. وبنو حَرام بطن من كنانة ثم رجع الأمير موسى المذكور إلى بلدة حَلي ابن يعقوب بعد أمور وقعت بينه وبين الشريف حسن هذا.
ولما توجه القاضي شرف الدين إسماعيل بن محمد بن أبي بكر العذري، الشهير بابن المقرّي إلى الحج من زبيد في سنة ثمان وثمانمائة اجتاز بالأمير موسى بن الحرامي ببلدة حلي ابن يعقوب فرغب، الأمير موسى للقاضي شرف الدين إسماعيل المذكور أن يسعى في الصلح بينه وبين الشريف حسن صاحب الترجمة؛ فالتزم له القاضي شرف الدين بن المقري المذكور بذلك، وسار حتى وصل إلى مكة، وأخذ في إنشاء قصيدة يمدح بها الشريف حسن ويوصيه ويسأله الرضى عن الأمير موسى صاحب حلي وهي:
" أحسنت في تدبير ملكك يا حسنْ
…
وأجدت في تحليل أخلاط الفتنْ "
ما كنت بالزق العجول إلى الأذى
…
عند النزاع ولا الضعيف أخي الوهَنْ
تمشي ورأيك عن هواك معوقا
ذا الرئاسة في متابعة الهوى
…
ودواؤها في الدفع بالوجه الحسنْ
لا تصغ في سرٍ دعا فالسر أن
…
تنهض له ينهض وإن تسكن سكنْ
وإذا الفتى استقصى لنصرة نفسه
…
قلب الصديق لحربه ظهر المجنْ
رَدُ العدو إلى الصداقة حكمة
…
صفَّت من الأكدار عيش ذوي الفطنْ
وسديد رأي لا يحرك فتنةً
…
سكنت وإن حركته الفتن اطمأنْ
بالسيف والإحسان تقتنص العلا
…
وحصولها بهما جميعاً مرتهنْ
لا خير في منن ولا سيف لها
…
ماض ولا في السيف ليس له مننْ
في السيف جور فاجتنب تحكيمه
…
ما لم يضع أمر المهيمن أو يهنْ
فاكرم سيوفك عن دماء طردائها
…
فالحزم يكرم سيفه أن يُمْتَهَنْ
فاغمد سيوفك رغبة لا رهبة
…
ما في قتيل فر مرعوباً سمنْ
قد كان لا يرضى يجرِّب سيفَهُ
…
في ظهر من ولى أبوك أبو الحسنْ
أما حلى فإن خوفك لم يدع
…
أهلاً بها للقاطنين ولا سكنْ
أجليتهم منها وجسمك وادع
…
في مكةٍ لم يحوجوك إلى ظَعَنْ
حفظوا نفوساً بالفرار أصلَها
…
سيف على الأرواح ليس بمؤتمنْ
تركوا لك الأوطان غير مدافع
…
وتعلقوا بذُرى الشوامخ والفتنْ
ولحفظها بالغر أكبر شاهد
…
لك بالعلى فلم التأسف والحزنْ
فانظر إلى موسى فقد ولعت به
…
لما سَخَطَتْ عليه أحداث الزمنْ
لو شئت وهو عليك سهلٌ هينٌ
…
لجمعت بين الجفن منه والوسَنْ
بع منه مهجته وخذ ما عندَه
…
عوضاً يكن منك المثمن والثمنْ
هذي مساومة الفحول ومن يبع
…
ما بعت لم تعلق بصفقته الغبنْ
موسى هزبْر لا يطاق نزاله
…
في الحرب لكن أين موسى من حسنْ
هذاك في يمن ولم تسلم له
…
يمن وذا في الشام لم يدع اليمنْ
جئنا بحسن الظن نسألك الرضى
…
والعفو عنه فلا تخيب فيك ظنْ
فالحر يكرم سائليه يرى لهم
…
فضلاً إذا ابتدءوه بالظن الحسنْ
ويهين سائله اللئيم لظنه
…
في مثله خيراً وذلك لا يظنْ
لا زلت بالشرف المخلد نائباً
…
شرفاً ومجداً ثانياً لبني الحسنْ
ولما تم إنشادها أنعم عليه الشريف حسن المذكور بثلاثين ألف درهم بعد أن أجابه لسؤاله من الرضى عن الأمير موسى صاحب الحلي. واستمر الصلح بينهما إلى أن ماتا، رحمهما الله تعالى.