الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثلاثين سنة، ثم توجه إلى حلب، ودرَّس بها أيضاً بالمدرسة القليجية والطرخانية نحواً من خمسة عشر سنة، وتفقه به جماعة، وانتفع به الطلبة مدة طويلة، ثم توجه من حلب يريد قلعة المسلمين، فأدركه الأجل، فمات في سنة خمس عشرة وسبعمائة، رحمه الله تعالى وعفا عنه.
الخليفة المعتضد بالله
00 -
0 - 845هـ - 000 - 1441م داود، الخليفة، أمير المؤمنين المعتضد بالله، أبو الفتح بن الخليفة المتوكل على الله محمد بن الخليفة المعتضد بالله أبي بكر بن الخليفة المستكفي بالله أبي الربيع سليمان بن الخليفة الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد بن الحسين بن أب
ي بكر بن علي بن الحسن بن الخليفة الراشد بأمر الله منصور بن الخليفة المسترشد بالله الفضل بن الخليفة المستظهر بالله أحمد بن الخليفة المقتدي بالله عبد الله بن الإمام ذخيرة الدين محمد بن الخليفة القائم بأمر الله عبد الله بن الخليفة القادر بالله أحمد ابن الموفق طلحة بن الخليفة المتوكل على الله جعفر بن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليفة الرشيد هارون بن الخليفة المهدي محمد بن الخليفة أبي جعفر المنصور ابن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه الهاشمي العباسي.
بويع بالخلافة بعد أخيه المستعين بالله أبي الفضل العباس في يوم الخميس سادس عشر ذي الحجة سنة ست عشرة وثمانمائة.
قال الشيخ تقي الدين المقريزي رحمه الله: وفيه - يعني التاريخ المذكور - استدعى السلطان الملك المؤيد داود بن المتوكل على الله؛ فحضر بين يديه بقلعة الجبل، وقد حضر قضاة القضاة الأربع، فعندما رآه الملك المؤيد، قام له، وقد البس خلعة سوداء، وأجلسه بجانبه بينه وبين قاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقيني، فدعا القضاة وانصرفوا على أنه استقر خليفة. ولم يقع خلع المستعين بالله، ولا قامت بينة بما يوجب شغور الخلافة عنه، ولا بويع داود هذا، بل خلع عليه فقط.
ولقب بابي الفتح المعتضد بالله.
وكانت العادة بديار مصر أن يدعى على منابرها أيام الجمع وفي الأعياد، ويذكر كنية الخليفة ولقبه، فمن حين منع المستعين بالله في أول شعبان من السنة الحالية، لم يذكر على المنبر.
قول الشيخ تقي الدين: منع، أي من السلطنة؛ فإنه دام خليفة بعد ذلك مدة. ثم قال: واستمروا على ذلك في أيام المعتضد. وصار من الخطباء من يقول: اللهم أصلح الخليفة، من غير أن يعينه. ومنهم من يقول: اللهم أيد الخلافة العباسية ببقاء مولانا السلطان. ومنهم من يقتصر على الدعاء للسلطان. انتهى كلام المقريزي.
قلت: وهذه البدعة السيئة بقيت إلى يومنا هذا. وأما قول المقريزي: لم يقع خلع المستعين ولا قامت بينة بما يوجب شغور الخلافة، ليس هو كذلك، بل إنما الملك المؤيد لما أراد أن يتسلطن لم يلبس الخلعة السوداء حتى خلع القضاة المستعين من السلطنة، لأمور توجب خلعه، ثم أبقوه على الخلافة إلى أن خرج الأمير نوروز الحافظي نائب الشام عن طاعة الملك المؤيد، ودعا للمستعين بالسلطنة، وصار يخطب بالبلاد الشامية له.
وبلغ المؤيد ذلك؛ فجمع القضاة، وحذرهم وقوع فتنة من هذه القضية؛ فأشار بعض القضاة بخلعه من الخلافة، صيانة لدم المسلمين، وخوفاً من إفساد أحوال الرعية، فمنع المستعين بدار بالقلعة، وطلب المعتضد؛ فهذا خلع وزيادة.
وأما البينة؛ فقد تكلم بهذا بين يدي القضاة في اليوم المذكور خلائق من أعيان الأمراء وغيرهم، وأي بينة تكون أعظم من ذلك. وأما شغور الخلافة فلا يلزم؛ فقد يمكن الخلع والتولية في ساعة واحدة. انتهى.
قلت: واستمر المعتضد في الخلافة دهراً، وطالت أيامه، وتسلطن في خلافته عدة سلاطين.
وكان خليقاً للخلافة، سيد بني العباس في زمانه.
وكان أهلاً للخلافة بلا مدافعة، كريماً، عاقلاً، سيوساً، ديناً، حلو المحاضرة، كثير الصدقات والبر للفقراء، وكان يحب طلبة العلم، ويكرمهم، ويحاضرهم كثيراً.
وكان جيد الفهم، ذكياً، ويميل إلى الأدب وأهله. وكان يجتهد في السير على طريقة الخلفاء ممن قبله مع جلسائه وندمائه، فيضعف موجوده عن إدراك ما يرومه، وربما كان يتحمل بسبب هذا المعنى دينا، وذلك لعلو همته مع قلة متحصله لأن متحصل إقطاعه في السنة دون الأربعة آلاف دينار. وجميع ما كان يتكلفه لنفسه ولحواشيه ولمماليكه من النفقات والجوامك، والكلف، والمترددين، وغير ذلك كله من هذا الإقطاع لا غير. هذا وهو خليفة الوقت، ومتحصله هذا النزر الهين.