المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما يقول الرجل إذا توضأ) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٢

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب صفة وضوء النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم)

- ‌(باب الوضوء ثلاثا ثلاثا)

- ‌(باب الوضوء مرتين)

- ‌(باب الوضوء مرّة مرّة)

- ‌(باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق)

- ‌(باب في الاستنثار)

- ‌(باب تخليل اللحية)

- ‌(باب المسح على العمامة)

- ‌(باب غسل الرجلين)

- ‌(باب المسح على الخفين)

- ‌(باب التوقيت في المسح)

- ‌(باب المسح على الجوربين)

- ‌(باب كيف المسح)

- ‌(باب في الانتضاح)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا توضأ)

- ‌(باب الرجل يصلى الصلوات بوضوء واحد)

- ‌(باب تفريق الوضوء)

- ‌(باب إذا شك في الحدث)

- ‌(باب الوضوء من القبلة)

- ‌(باب الوضوء من مس الذكر)

- ‌(باب في الوضوء من لحوم الإبل)

- ‌(باب الوضوء من مس اللحم النيء وغسله)

- ‌(باب في ترك الوضوء من مس الميتة)

- ‌(باب في ترك الوضوء مما مست النار)

- ‌(باب الوضوء من اللبن)

- ‌(باب الوضوء من الدم)

- ‌(باب في الوضوء من النوم)

- ‌(باب في الرجل يطأ الأذى)

- ‌(باب فيمن يحدث في الصلاة)

- ‌(باب في المذى)

- ‌(باب مباشرة الحائض ومؤاكلتها)

- ‌(باب في الإكسال)

- ‌(باب في الجنب يعود)

- ‌(باب الوضوء لمن أراد أن يعود)

- ‌(باب في الجنب ينام)

- ‌(باب من قال الجنب يتوضأ)

- ‌(باب الجنب يؤخر الغسل)

- ‌(باب في الجنب يقرأ القرآن)

- ‌(باب في الجنب يصافح)

- ‌(باب في الجنب يدخل المسجد)

- ‌(باب في الجنب يصلي بالقوم وهو ناس)

الفصل: ‌(باب ما يقول الرجل إذا توضأ)

والسفيانان وابن علية وغيرهم. وثقه العجلي وأحمد وأبو زرعة والنسائى وذكره فيمن كان يدلس وقال ابن معين ثقة كان مشهورا بالقدر، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة

(قوله عن رجل الخ) هو سفيان بن الحكم أو الحكم بن سفيان على ما تقدم

(قوله بال ثم نضح فرجه) أى رشه بالماء بعد الاستنجاء ويحتمل أن يكون التقدير بال ثم توضأ ثم نضح فرجه كما في سائر الروايات ففى الحديث اختصار

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقي وقال رواه أبو عيسى الترمذى عن ابن أبى عمر عن ابن عيينة عن منصور وابن أبى نجيح هكذا وقال في الحديث ثم توضأ ونضح فرجه بالماء اهـ (وما قيل) من أنه ضعيف لأن في سنده مجهولين الرجل وأباه (مردود) بما علمت من أن الرجل هو الحكم وأبوه سفيان أو العكس

(ص) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ أَوْ ابْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَنَضَحَ فَرْجَهُ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله نصر بن المهاجر) المصيصى الحافظ. روى عن يزيد ابن هارون وعبد الصمد بن عبد الوارث وابن عيينة وآخرين. وعنه أبو داود ومحمد بن عوف الطائى، وثقه ابن حبان وقال مسلمة ثقة عالم بالحديث وذكر ابن وضاح أنه كان حافظا ضابطا. مات بعد الثلاثين والمائتين

(قوله معاوية بن عمرو) بن المهلب بن عمرو بن شبيب أبو عمر الأزدى الكوفى. روى عن زائدة بن قدامة وأبى إسحاق الفزارى وجرير بن حازم وآخرين. وعنه ابن معين وأبو خيثمة والبخارى وعبد بن حميد وكثيرون، وثقه أحمد وأبو حاتم وابن حبان ولد سنة ثمان وعشرين ومائة. وتوفى ببغداد سنة خمس عشرة أو أربع عشرة ومائتين، روى له الجماعة

(قوله بال ثم توضأ الخ) فيه دليل على أن الانتضاح كان بعد الوضوء وبه تعلم أن الرواية السابقة فيها اختصار ورواية زائدة أخرجها البيهقى تعليقا

(باب ما يقول الرجل إذا توضأ)

أى في بيان الأذكار التي يقولها من توضأ عقب فراغه من وضوئه. وفى نسخة إذا فرغ من وضوئه

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَعْنِي ابْنَ

ص: 154

صَالِحٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ خُدَّامَ أَنْفُسِنَا، نَتَنَاوَبُ الرِّعَايَةَ - رِعَايَةَ إِبِلِنَا - فَكَانَتْ عَلَيَّ رِعَايَةُ الْإِبِلِ، فَرَوَّحْتُهَا بِالْعَشِيِّ، فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:«مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ، يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إِلَّا قَدْ أَوْجَبَ» ، فَقُلْتُ: بَخٍ بَخٍ، مَا أَجْوَدَ هَذِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ الَّتِي قَبْلَهَا: يَا عُقْبَةُ، أَجْوَدُ مِنْهَا، فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقُلْتُ: مَا هِيَ يَا أَبَا حَفْصٍ؟ قَالَ: إِنَّهُ قَالَ آنِفًا قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ: " مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ وُضُوئِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ".

(ش)(رجال الحديث)

(قوله أحمد بن سعيد) بن بشر بن عبد الله أبو جعفر المصرى روى عن عبد الله بن وهب والشافعى وبشر بن بكر وإسحاق بن الفرات وجماعة. وعنه أبو داود والنسائى والفضل بن عباس، قال النسائى ليس بالقوى وقال الساجى ثبت ووثقه العجلى وقال الذهبى في الميزان لا بأس به. توفى لعشر خلون من رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائتين، و (الهمدانى) نسبة إلى همدان بوزن سكران قبيلة من حمير من عرب اليمن والنسبة إليها على لفظها

(قوله عن أبى عمان) قيل هو سعيد بن هانى الخولانى وقيل حريز بن عثمان الرحبي. روى عن جبير بن نفير. وعنه معاوية بن صالح وربيعة بن يزيد الدمشقى، قال الذهبى أبو عثمان لا يدرى من هو وخرج له مسلم متابعة اهـ، روى له أبو داود والنسائى وابن ماجه. مات سنة سبع وعشرين ومائة

(قوله جبير بن نفير) بالتصغير فيهما ابن ماك بن عامر الحضرمى أبو عبد الرحمن، أدرك النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأسلم في خلافة أبى بكر. روى عن أبى بكر وعمر وعبادة ومعاذ بن جبل وعمرو بن العاص وكثيرين، وعنه ابنه عبد الرحمن وخالد بن معدان ومكحول وزيد بن واقد وآخرون، قال أبو حاتم ثقة من كبار تابعى أهل الشام من القدماء وقال يعقوب ابن شيبة مشهور بالعلم وقال ابن سعد كان ثقة فيما روى من الحديث ووثقه آخرون. مات سنة

ص: 155

خمس وسبعين. روي له الجماعة إلا البخارى

(قوله عقبة بن عامر) بن عبس بن عمرو أبو حماد الجهني الصحابى المشهور. روى عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أحاديث كثيرة وروى عنه جملة من الصحابة والتابعين منهم ابن عباس وأبو أمامة وجبير بن نفير وأبو إدريس الخولانى، قال أبو سعيد بن يونس كان قارئا عالما بالفرائض والفقه فصيح اللسان شاعرا كاتبا وهو أحد الجامعين للقرآن ورأيت مصحفه بمصر على غير تأليف مصحف عثمان وفي آخره كتبه عقبة بن عامر بيده، وفى صحيح مسلم من طريق قيس بن أبى حازم عن عقبة بن عامر قال قدم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المدينة وأنا في غنم أرعاها فتركتها ثم ذهبت إليه فقلت بايعنى فبايعنى على الهجرة "الحديث" أخرجه المصنف والنسائى، وشهد عقبة بن عامر الفتوح وكان هو البريد إلى عمر بفتح دمشق وشهد صفين مع معاوية وأمره بعد ذلك على مصر وتوفي بها سنة ثمان وخمسين. روى له الجماعة

(معنى الحديث)

(قوله خدّام أنفسنا) أى أنه كان يقوم كل واحد منهم بخدمة نفسه وليس له خادم خاص ولعل هذا بالنسبة إلى معظمهم وإلا فقد كان لبعضهم خدم، وخدّام بضم الخاء المعجمة وتشديد الدال المهملة جمع خادم يطلق على الذكر والأنثى وهو من يؤدى مصالح سيده أو مخدومه

(قوله نتناوب الرعاية الخ) أى نتبادل رعي الإبل والمراد أنهم كانوا يضمون إبلهم بعضها إلى بعض فيرعاها كل واحد منهم يوما ليكون أرفق بهم وينصرف الباقون في مصالحهم

(قوله فكانت علىّ رعاية الإبل) أى في يومى ونوبتى. وفى رواية مسلم كانت علينا رعاية الإبل فجاءت نوبتي

(قوله فروّحتها بالعشى) عطف على محذوف أى رعيتها فروّحتها، وروّح بتشديد الواو أى رددتها في آخر النهار إلى مبيتها. والرواح في الأصل يطلق على الغدوّ أى الذهاب أوّل النهار وعلى الرجوع في آخره يقال راح يروح رواحا وتروح مثله يكون بمعنى الغدوّ وبمعنى الرجوع وقد طابق بينهما في قوله تعالى "غدوّها شهر ورواحها شهر" أى ذهابها ورجوعها. وقد يتوهم بعض الناس أن الرواح لا يكون إلا في آخر النهار وليس كذلك بل الرواح والغدوّ عند العرب يستعملان في المسير أىّ وقت كان من ليل أو نهار (قال) الأزهرى وغيره وعليه قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من راح إلى الجمعة في أول النهار فله كذا أى من ذهب، ثم قال الأزهرى وأما راحت الإبل فهى رائحة فلا يكون إلا بالعشىّ إذا أراحها راعيها على أهلها يقال سرحت بالغداة إلى الرعي وراحت بالعشى على أهلها أى رجعت من المرعي إليهم (وقال) ابن فارس الرواح رواح العشى وهو من الزوال إلى الليل والعشى آخر النهار ويطلق على ما بين الزوال إلى الغروب وقيل من الزوال إلى الصباح اهـ مصباح

(قوله فيحسن الوضوء) أى يتقنه بأن يأتى به تماما مستجمعا لفرائضه وسننه ومندوباته

(قوله ثم يقوم) عطف على ما قبله وذكر القيام لكونه

ص: 156

أكمل في صلاة النفل من الجلوس إلا لعذر

(قوله يقبل عليها بقلبه ووجهه) أى يخشع فيهما بقلبه ويخضع بجوارحه، والإقبال في الأصل ضد الإدبار والمراد هنا بإقبال القلب خشوعه وبإقبال الوجه خضوع الأعضاء، والقلب من الحيوان معروف ويطلق على العقل وهو المراد هنا ومنه ينشأ صلاح الجسد وفساده كما جاء في الحديث وسمى قلبا لتقلبه في أمره وأراد بالوجه ذاته ففيه إطلاق اسم الجزء على الكل، وجمع صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بهاتين اللفظتين أنواع الخشوع والخضوع لأن الخضوع في الأعضاء والخشوع في القلب

(قوله إلا قد أوجب) وفي نسخة إلا فقد أوجب وفى أخرى إلا وجبت له الجنة وهي رواية مسلم أى أوجب له ربه الجنة بمعنى أنه استحق دخولها بلا سابقة عذاب وإلا فمطلق الدخول يكفى فيه مجرّد الإيمان، والاستثناء من عموم الأحوال

(قوله فقلت بخ بخ) هي كلمة تقال عند الرضا والمدح والإعجاب بالشئ وتفخيمه وتعظيمه وتكرّر للمبالغة (قال) في القاموس بخ كقد أى عظم الأمر وفخم تقال وحدها وتكرّر بخ بخ الأول منون والثانى مسكن وقلّ في الإفراد بخ ساكن وبخ مكسورة وبخ منونة وبخ منونة مضمومة ويقال بخ بخ مسكنين وبخ بخ منونين وبخ بخ مشدّدين كلمة تقال عند الإعجاب بالشئ أو الفخر والمدح اهـ

(قوله ما أجود هذه) أى ما أحسن هذه الفائدة والبشارة، وتعجب من جودتها لسهولتها على كل أحد مع عظم أجرها

(قوله فقال رجل من بين يدىّ) أى أمامي وفي بعض النسخ إسقاط من

(قوله آنفا) أى قريبا وهو بالمدّ على اللغة المشهورة وبالقصر على لغة صحيحة وقرئَ بها في السبع

(قوله أشهد أن لا إله إلا الله) أى أقرّ بلساني وأذعن بقلبى من الشهادة وهي الإخبار بما شوهد فهى خبر قاطع يقال شهد الرجل على كذا وشهده شهودا حضره وقوم شهود حضور وأن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن والأصل أشهد أنه لا إله إلا الله وخبر لا محذوف أى موجود وإلا ملغاة ولفظ الجلالة مرفوع على البدلية من الضمير في الخبر ويقال فيه غير ذلك

(قوله لا شريك له) جملة حالية مؤكدة لوحده ويصح أن تفسر الوحدة بوحدانية الذات (والثانى) بوحدانية الصفات والأفعال، والأبحاث المتعلقة بتلك الكلمة المشرّفة مشهورة في علم الكلام

(قوله وأن محمدا عبده ورسوله) وفي بعض النسخ وأشهد أن محمدا، ومحمد في الأصل اسم مفعول من حمد مبالغة في الثناء نقل من الوصفية إلى الإسمية وسماه جدّه عبد المطلب رجاء أن يحمد في السماء والأرض وقد حقق الله تعالى رجاءه ووصفه بالعبودية التى هي غاية التذلل والخضوع لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان أتقى الخلق على الإطلاق ولم يبلغ أحد ما بلغه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من التذلل والخضوع لمولاه والإضافة فيه للتشريف إشارة إلى كمال مرتبته في مقام العبودية بالقيام في أداء حق الربوبية، وقدّمه على الرسول لأنه أشرف أوصافه وأعلاها، ووصف بالعبودية لئلا يتوهم

ص: 157

ضعفاء العقول أن سيدنا محمدا لعظم قدره إله أو ابن الله كما زعم النصارى في عيسى عليه السلام ووصفه أيضا بالرسالة إشارة إلى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بلغ أعلى مراتب القرب وأسمى منازل الحب، وزاد الترمذى في روايته اللهم اجعلنى من التوّابين واجعلنى من المتطهرين وروى الحاكم في المستدرك من حديث أبى سعيد الخدرى من توضأ فقال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتبت في رقّ ثم طبع بطابع فلا يكسر إلى يوم القيامة

(قوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية) مرتب على ما ذكر من إحسان الوضوء والإتيان بالشهادتين عقبه، والفتح يحتمل أن يكون على حقيقته بالنسبة للدار الآخرة ويحتمل أن يكون مجازا عن التوفيق للطاعات في الدنيا فإنها سبب في فتح أبواب الجنة في الآخرة وإنما فتحت له الأبواب الثمانية تكريما له لعظم عمله وإلا فالدخول يكون من باب واحد

(قوله من أيها شاء) أى أراد الدخول منه. وكذا في رواية النسائى بدون من وفي رواية الترمذى فتحت له ثمانية أبواب من الجنة يدخل من أيها شاء وهي تدلّ على أنها أكثر من ثمانية بناء على أن من تبعيضية وفي كلام القرطبى ما يؤيده وهو لا ينافي رواية المصنف لأن اسم العدد لا مفهوم له (والأبواب) الثمانية هي باب الإيمان وباب الصلاة وباب الصيام وباب الصدقة وباب الكاظمين الغيظ وباب الراضين وباب الجهاد وباب التوبة. ولا يعارض حديث الباب حديث إن باب الريان لا يدخل منه إلا الصائمون لأنه يخير فلا يوفق للدخول من باب الريان إن لم يكن من الصائمين، وفائدة التخيير حينئذ إظهار التعظيم والشرف كما روى أن الله أخذ الميثاق على الأنبياء أن يؤمنوا به صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن أدركوه، ومعلوم أنه لا يظهر في زمان أحد منهم وإنما ذلك لإظهار الشرف. وما ذكر من الأدعية عقب الفراغ من الوضوء هو الثابت عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (أما) ما اعتاده بعض الناس من الأدعية على أعضاء الوضوء كقولهم عند غسل الوجه اللهم بيض وجهى يوم تبيض وجوه وتسودّ وحوه فلم يصح عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم منه شئ (قال) الشوكانى في شرح هذا الحديث والحديث يدلّ على استحباب الدعاء المذكور ولم يصح من أحاديث الدعاء في الوضوء غيره وأما ما ذكره أصحابنا والشافعية في كتبهم من الدعاء عند كل عضو كقولهم عند غسل الوجه اللهم بيض وجهى الخ فقال الرافعى وغيره ورد بهذه الدعوات الأثر عن الصالحين اهـ وقال الحافظ في التلخيص قال النووى في الروضة هذا الدعاء لا أصل له ولم يذكره الشافعى والجمهور، وقال في شرح المهذب لم يذكره المتقدمون، وقال ابن الصلاح لم يصح فيه حديث (قلت) روى فيه عن علىّ من طرق ضعيفة جدًّا أوردها المستغفرى في الدعوات وابن عساكر في أماليه وهو من رواية أحمد بن مصعب المروزى عن حبيب بن أبي حبيب الشيباني عن أبى إسحاق السبيعى عن على وفي إسناده من لا يعرف ورواه

ص: 158

صاحب مسند الفردوس من طريق أبى زرعة الرازى عن أحمد بن عبد الله بن داود ثنا محمود ابن العباس ثنا المغيث بن بديل عن خارجة بن مصعب عن يونس بن عبيد عن الحسن عن علىّ نحوه ورواه ابن حبان في الضعفاء من حديث أنس نحو هذا وفيه عباد بن صهيب وهو متروك اهـ (وقال) ابن القيم في الهدى لم يحفظ عند صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه كان يقول على وضوئه شيئا غير التسمية وكل حديث في أذكار الوضوء الذي يقال عليه فكذب مختلق لم يقل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم شيئا منه ولا علمه لأمته ولا يثبت عنه غير التسمية في أوله وقوله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلنى من التوّابين واجعلنى من المتطهرين في آخره اهـ

(ص) قَالَ مُعَاوِيَةُ: وَحَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ.

(ش) أى قال معاوية إن صالح وحدثنى ربيعة بن يزيد عن أبى إدريس كما حدثنى أبو عثمان عن جبير في السند السابق عن عقبة بن عامر، وغرض المصنف بهذا بيان أن معاوية بن صالح روى الحديث بسندين (الأول) عن أبى عثمان جبير بن نفير عن عقبة بن عامر (الثانى) عن ربيعة بن يزيد عن أبى إدريس الخولانى عن عقبة وله إسناد ثالث ذكره الإمام أحمد والبيهقى فأخرجا بسندهما عن معاوية عن أبى عثمان عن جبير بن نفير وربيعة بن يزيد عن أبى إدريس وعبد الوهاب بن بخت عن الليث بن سليم الجهنى كلهم يحدّث عن عقبة بن عامر، وقد روي بأسانيد أخر يأتى بعضها في التخريج و (ربيعة ابن يزيد) الدمشقى أبو شعيب الإيادى بكسر الهمزة منسوب إلى إياد بن نزار أحد الأئمة روى عن معاوية بن أبي سفيان وواثلة بن الأسقع وعبد الله بن عمرو والنعمان بن بشير وغيرهم وعنه جعفر بن ربيعة وحيوة بن شريج والأوزاعى وكثيرون، وثقه العجلى والنسائى. مات بإفريقية في إمارة هشام بن إسماعيل خرح غازيا فقتله البربر. أخرج له الجماعة

(قوله عن أبى إدريس) هو عائذ الله بن عبد الله بن عمرو الخولاني أحد الثقات. روى عن عمر ابن الخطاب وبلال وأبى ذرّ وحذيفة وأبى هريرة وابن مسعود وكثيرين من الصحابة. وعنه مكحول والزهرى وشهر ابن حوشب وربيعة بن يزيد وغيرهم، قال مكحول ما رأيت أعلم منه وقال العجلى تابعى ثقة ووثقه أبو حاتم والنسائى

(فقه الحديث) دلّ الحديث على مشروعية التواضع وخدمة الشخص نفسه وعدم تكبره وإن كان عظيما. وعلى مشروعية التعاون في الأمور المعاشية. وعلى الحثّ على إتقان الوضوء وعلى طلب الإتيان بالشهادتين عقب الوضوء الذكر الوارد بعدهما. وعلى مشروعية صلاة ركعتين بعده (وإلى) سنية هاتين الركعتين ذهبت الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة. وعلى الترغيب في

ص: 159

ذلك بالثواب العظيم. وعلى أن الإخلاص والإقبال على العبادة وترك الشواغل الدنيوية هو روح العبادة. وعلى أن الله تعالى يعطى الثواب الكثير الدائم على العمل القليل الخالص له عز وجل وعلى أنه يطلب من الشخص أن يدلّ غيره على فعل الخير ويرغبه فيه. وعلى طلب الملاطفة في خطاب الغير بذكر الكنى والألقاب. وعلى مزيد عظم الشهادتين وكلمة التوحيد. وعلى أن هناك جنة ذات أبواب دار جزاء للمطيعين

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم من طريق معاوية بسندي المؤلف غير أن تلميذ معاوية عند مسلم عبد الرحمن بن مهدى قال حدثنا محمد بن حاتم حدثنا عبد الرحمن بن مهدى حدثنا معاوية بن صالح عن ربيعة يعنى ابن يزيد عن أبى إدريس الخولانى عن عقبة بن عامر ح وحدثنى أبو عثمان عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر "الحديث" والقائل وحدثنى أبو عثمان هو معاوية بن صالح وأخرجه النسائى من طريق زيد بن الحباب عن معاوية ابن صالح بسنديه (الأول) إلى عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى في الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء (والثانى) إلى عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى في ركعتين يقبل عليهما بقلبه ووجهه وجبت له الجنة وأخرجه ابن ماجه من حديث أنس بن مالك عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال ثلاث مرّات أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فتحت له ثمانية أبواب الجنة من أيها شاء دخل ومن حديث عقبة بن عامر عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما من مسلم يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء وأخرجه البيهقى من عدة طرق وأخرجه الترمذى من حديث عمر قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلنى من التوابين واجعلنى من المتطهرين فتحت له ثمانية أبواب من الجنة يدخل من أيها شاء وقال حديث عمر قد خولف زيد في حباب في هذا الحديث. قال ورواه عبد الله بن صالح وغيره عن معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبى إدريس عن عقبة بن عامر عن عمر وعن ربيعة عن أبى عثمان عن جبير بن نفير عن عمر وهذا حديث في إسناده اضطراب ولا يصح عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في هذا الباب كبير شيء قال أبو محمد وأبو إدريس لم يسمع من عمر شيئا اهـ قال الحافظ في التلخيص لكن رواية مسلم سالمة من هذا الاعتراض اهـ وقال

ص: 160

النووى في شرح مسلم قال أبو على الغسانى في كتابه تقييد المهل قد خرّج أبو عيسى الترمذى في مصنفه هذا الحديث من طريق زيد بن الحباب عن شيخ له لم يقم إسناده عن زيد وحمل أبو عيسى في ذلك على زيد بن الحباب وزيد برئ من هذه العهدة والوهم في ذلك من أبى عيسى أو من شيخه الذى حدّثه به لأنا قدّمنا من روايه أئمة حفاظ عن زيد بن الحباب ما خالف ما ذكره أبو عيسى والحمد لله. وذكره أبو عيسى أيضا في كتاب العلل وسؤالاته محمد بن إسماعيل البخارى فلم يجوّده وأتى فيه عنه بقوله يخالف ما ذكرنا عن الأئمة ولعله لم يحفظه عنه. وهذا حديث مختلف في إسناده وأحسن طرقه ما خرّجه مسلم بن الحجاج من حديث ابن مهدى وزيد بن الحباب عن معاوية بن صالح قال أبو على وقد رواه عثمان بن أبى شيبة أخو أبى بكر عن زيد بن الحباب فزاد في إسناده رجلا وهو جبير بن نفير ذكره أبو داود في سننه في باب كراهية الوسوسة بحديث النفس في الصلاة فقال حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا زيد بن الحباب ثنا معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبى إدريس الخولانى عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر فذكر الحديث اهـ

(ص) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، عَنْ حَيْوَةَ وَهُوَ ابْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِي عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ عَمِّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَمْرَ الرِّعَايَةِ، قَالَ: عِنْدَ قَوْلِهِ: «فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ» ، ثُمَّ رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: وَسَاقَ الْحَدِيثَ، بِمَعْنَى حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ

(ش)(رجال الحديث)

(قوله الحسين بن عيسى) بن حمران الطائى أبو على القومسى البسطامى سكن نيسابور. ومات بها سنة سبع وأربعين ومائتين. روى عن ابن عيينة وابن أبى فديك وأبى أسامة وغيرهم. وعنه الشيخان والمصنف والتزمذى والنسائى وأبو حاتم وقال هو صدوق وقال الحاكم من كبار المحدّثين وثقاتهم وأئمة أصحاب العربية ووثقه النسائى وغيره

(قوله عن أبى عقيل) بفتح العين المهملة وكسر القاف هو زهرة بضم الزاى وسكون الهاء ابن عبد الله بن هشام التيمى القرشي المدني سكن مصر. روى عن عبد الله بن عمر وابن الزبير وسعيد بن المسيب وعمر ابن عبد العزيز وغيرهم. وعنه الليث بن سعد وحيوة بن شريح وآخرون، قال أحمد والنسائى والدارقطنى ثقة وقال أبو حاتم مستقيم الحديث لا بأس به وقال ابن حبان في الثقات يخطئُ قال الحافظ لم نقف لهذا الرجل على خطأ وتوقف أبى حاتم في سماعه من ابن عمر لا وجه له ففي البخارى ما يدلّ عليه اهـ توفى بالإسكندرية سنة خمس وثلاثين ومائة

(قوله عن ابن عمه) قال المنذرى

ص: 161