المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الوضوء من مس الذكر) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٢

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب صفة وضوء النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم)

- ‌(باب الوضوء ثلاثا ثلاثا)

- ‌(باب الوضوء مرتين)

- ‌(باب الوضوء مرّة مرّة)

- ‌(باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق)

- ‌(باب في الاستنثار)

- ‌(باب تخليل اللحية)

- ‌(باب المسح على العمامة)

- ‌(باب غسل الرجلين)

- ‌(باب المسح على الخفين)

- ‌(باب التوقيت في المسح)

- ‌(باب المسح على الجوربين)

- ‌(باب كيف المسح)

- ‌(باب في الانتضاح)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا توضأ)

- ‌(باب الرجل يصلى الصلوات بوضوء واحد)

- ‌(باب تفريق الوضوء)

- ‌(باب إذا شك في الحدث)

- ‌(باب الوضوء من القبلة)

- ‌(باب الوضوء من مس الذكر)

- ‌(باب في الوضوء من لحوم الإبل)

- ‌(باب الوضوء من مس اللحم النيء وغسله)

- ‌(باب في ترك الوضوء من مس الميتة)

- ‌(باب في ترك الوضوء مما مست النار)

- ‌(باب الوضوء من اللبن)

- ‌(باب الوضوء من الدم)

- ‌(باب في الوضوء من النوم)

- ‌(باب في الرجل يطأ الأذى)

- ‌(باب فيمن يحدث في الصلاة)

- ‌(باب في المذى)

- ‌(باب مباشرة الحائض ومؤاكلتها)

- ‌(باب في الإكسال)

- ‌(باب في الجنب يعود)

- ‌(باب الوضوء لمن أراد أن يعود)

- ‌(باب في الجنب ينام)

- ‌(باب من قال الجنب يتوضأ)

- ‌(باب الجنب يؤخر الغسل)

- ‌(باب في الجنب يقرأ القرآن)

- ‌(باب في الجنب يصافح)

- ‌(باب في الجنب يدخل المسجد)

- ‌(باب في الجنب يصلي بالقوم وهو ناس)

الفصل: ‌(باب الوضوء من مس الذكر)

حبيب عن عروة عنها (منها) ما رواه البزّار في مسنده قال حدثنا إسماعيل بن يعقوب بن صبيح حدثنا محمد بن موسى بن أعين حدثنا أبى عن عبد الكريم الجزرى عن عطاء عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقبل بعض نسائه ولا يتوضأ رجاله ثقات. قال عبد الحق بعد ذكر هذا الحديث لا أعلم له علة توجب تركه (ومنها) ما رواه الدارقطنى من طريق سعيد بن بشير قال حدثني منصور بن زاذان عن الزهرى عن أبى بسلمة عن عائشة قالت لقد كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقبلنى إذا خرج إلى الصلاة ولا يتوضأ وقال تفرّد به سعيد بن بشير عن منصور ولم يتابع عليه وليس بقوى اهـ وردّ بأن ابن الجوزى قال فيه وثقه شعبة ودحيم وأخرج له الحاكم في المستدرك وقال ابن عدى لا أرى بما يروى سعيد بأسا اهـ والغالب عليه الصدق وأقلّ أحوال مثل هذا أن يستشهد به (ومنها) ما رواه أيضا من طريق ابن أخى الزهرى عن الزهرى عن عروة عن عائشة قالت لا تعاد الصلاة من القبلة كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقبل بعض نسائه ويصلى ولا يتوضأ ولم يعله بشئ سوى أن منصورا خالف الزهرى (ومنها) ما أخرجه أيضا عن أبى بكر النيسابورى عن حاجب بن سليمان عن وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ ثم ضحكت وقال تفرّد به حاجب عن وكيع ووهم فيه والصواب عن وكيع بهذا الإسناد أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقبل وهو صائم، وحاجب لم يكن له كتاب إنما كان يحدّث من حفظه اهـ وردّه الزيلعى قال حاجب لا يعرف فيه مطعن وقد حدّث عنه النسائى ووثقه وتفرّد الثقة وتحديثه من حفظه لا يقدح في حديثه (ومنها) ما رواه عن على بن عبد العزيز الورّاق عن عاصم بن على عن أبى أويس حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنه بلغها قول ابن عمر في القبلة الوضوء فقالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقبل وهو صائم ثم لا يتوضأ. وقال ولا أعلم حدّث به عن عاصم بن على هكذا غير على بن عبد العزيز اهـ قال الزيلعى وعلىّ مصنف مشهور مخرجّ عنه في المستدرك وعاصم أخرج له البخارى وأبو أويس استشهد به مسلم اهـ (ومنها) ما رواه إسحاق بن راهويه في مسنده قال أخبرنا بقية بن الوليد حدثني عبد الملك بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله سلم قبلها وهو صائم وقال إن القبلة لا تنقض الوضوء ولا تفطر الصائم وقال يا حميراء إن في ديننا لسعة

(باب الوضوء من مس الذكر)

(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ

ص: 190

عُرْوَةَ، يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَذَكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ، فَقَالَ مَرْوَانُ: وَمِنْ مَسِّ الذَّكَرِ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: مَا عَلِمْتُ ذَلِكَ، فَقَالَ مَرْوَانُ: أَخْبَرَتْنِي بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يَقُولُ:«مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله عبد الله بن أبى بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم أبو محمد الأنصارى المدني. روى عن أبيه وأنس بن مالك وحميد بن نافع وعباد بن تميم وعروة وطائفة. وعنه مالك بن أنس والزهرى أحد شيوخه وهشام بن عروة وابن جريج والسفيانان وآخرون، قال أحمد حديثه شفاء ووثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائى وقال ابن سعد كان ثقة عالما كثير الحديث وقال ابن عبد البر كان من أهل العلم ثقة فقيها محدّثا مأمونا حافظا وهو حجة فيما نقل وحمل وقال مالك كان من أهل العلم والبصيرة ووثقه كثيرون

(قوله مروان بن الحكم) بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي أبو عبد الملك أو أبو القاسم أو أبو الحكم ابن عمّ عثمان الأموى المدنى وكاتبه في خلافته. ولد بعد الهجرة بسنتين وقيل بأربع ولم يصح له سماع من النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. روى عن عثمان وعلي وعمر وزيد ابن ثابت وعبد الرحمن بن الأسود وغيرهم من الصحابة. وعنه سهل بن سعد وهو أكبر منه سنا وقدرا لأنه من الصحابة. وروى عنه من التابعين ابنه عبد الملك وعلي بن الحسين وعروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وآخرون. كان يعدّ من الفقهاء وكان مع أبيه بالطائف إلى أن أذن عثمان للحكم في الرجوع إلى المدينة فرجع مع أبيه، شهد الجمل مع عائشة ثم صفين مع معاوية ثم ولى إمرة المدينة لمعاوية ثم لم يزل بها إلى أن أخرجهم ابن الزبير في أوائل إمرة يزيد بن معاوية وبقى بالشام إلى أن مات معاوية بن يزيد بن معاوية فبايعه بعض أهل الشام ثم كانت الوقعة بينه وبين الضحاك بن قيس وكان أميرا لابن الزبير فانتصر مروان وقتل الضحاك واستوثق له ملك الشام ثم توجه إلى مصر فاستولى عليها فكانت مدته في الخلافة نصف سنة مات في رمضان سنة خمس وستين

(قوله ومن مس الذكر) والواو عاطفة على محذوف أى ينتقض الوضوء بالبول والغائط ومن مس الذكر

(قوله ما علمت ذلك) أى ما علمت أن مس الذكر ينقض الوضوء، وقال عروة ذلك إنكارا على مروان فيما ادعاه ولذا احتج عليه مروان بحديث بسرة هذا وفى رواية للنسائى عن عروة بن الزبير أنه قال ذكر مروان في إمارته على المدينة أنه يتوضأ من مس الذكر إذا أفضى إليه الرجل بيده فأنكرت ذلك وقلت لا وضوء على من مسه فقال مروان أخبرتنى بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

ص: 191

ذكر ما يتوضأ منه فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ من مس الذكر قال عروة فلم أزل أمارى مروان حتى دعا رجلا من حرسه فأرسله إلى بسرة فسألها عما حدّثت مروان فأرسلت إليه بسرة بمثل الذى حدّثنى عنها مروان (قال) ابن حبان ومعاذ الله أن نحتج بمروان بن الحكم في شيء من كتبنا ولكن عروة لم يقنع بسماعه من مروان حتى بعث مروان شرطيا له إلى بسرة فسألها ثم أتاهم فأخبرهم بما قالت بسرة ثم لم يقنعه ذلك حتى ذهب عروة إلى بسرة فسمع منها فالخبر عن عروة عن بسرة متصل ليس بمنقطع وصار مروان والشرطى كأنهما زائدان في الإسناد اهـ

(قوله أخبرتني بسرة) بضم الموحدة وسكون السين المهملة (بنت صفوان) بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشية الأسدية خالة مروان بن الحكم وجدّة عبد الملك بن مروان. روى عنها عبد الله بن عمرو وعروة بن الزبير ومروان بن الحكم وسعيد بن المسيب. روى له أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه قال الشافعى لها سابقة قديمة وهجرة وقال ابن مصعب كانت من المبايعات

(معنى الحديث)

(قوله من مس ذكره) أى من غير حائل لما جاء عن أبى هريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من أفضى بيده إلى ذكره ليس دونه ستر فقد وجب عليه الوضوء رواه أحمد وابن حبان. ولأن المس في الأصل الإفضاء إلى الشئ باليد من غير حائل يقال مسسته مسا من باب قتل أفضيت إليه بيدى من غير حائل والاسم المسيس

(قوله فليتوضأ) أى وضوءا شرعيا وليس المراد غسل اليد لما في رواية الدارقطنى إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ وضوءه للصلاة. ولما في رواية أخرى له من مسّ ذكره فليعد الوضوء، والإعادة لا تكون إلا لوضوء الصلاة (وظاهره) يدلّ على انتقاض الوضوء من مسّ الذكر. وبه قال عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبو هريرة وابن عباس وعائشة وسعد بن أبى وقاص وعطاء والزهرى وابن المسيب ومجاهد وأبان بن عثمان وسليمان بن يسار وإسحاق ومالك والشافعى وأحمد محتجين بحديث الباب وبما تقدم من روايتي الدارقطنى وبما رواه أيضا عن عائشة أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال ويل للذين يمسون فروجهم ثم يصلون ولا يتوضؤون وهو دعاء بالشرّ ولا يكون إلا على ترك واجب. وبما رواه أحمد والطحاوى في شرح معانى الآثار من طريق محمد بن إسحاق عن عروة أيضا عن زيد بن خالد الجهنى قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول من مسّ فرجه فليتوضأ. قال الطحاوى هذا الحديث منكر وأخلق به أن يكون غلطا لأن عروة حين سأله مروان عن مسّ الفرج فأجابه من رأيه أن لا وضوء فيه فلما قال له مروان عن بسرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما قال قال له عروة ما سمعت به وهذا بعد موت زيد ابن خالد بكم ما شاء الله فكيف يجوز أن ينكر عروة على بسرة ما قد حدّثه إياه زيد بن خالد عن

ص: 192

النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اهـ. وحاصله أن حديث زيد غلط لأن عروة أنكر سماع نقض الوضوء من مس الذكر بعد أن أخبره مروان بسماعه من بسرة وإثباته ذلك وكان ذلك بعد موت زيد بن خالد بزمن طويل فلو كان حديث زيد ثابتا ما أنكر عروة مدلوله على مروان، وما قاله الطحاوى من تقدّم موت زيد بن خالد الجهنى توهم منه ولا ينبغى لأهل العلم أن يطعنوا في الأخبار بالتوهم فإن المعوّل عليه أن زيد بن خالد مات سنة ثمان وسبعين من الهجرة ومروان بن الحكم مات سنة خمس وستين كما تقدم فيجوز أن يكون عروة لم يسمعه من أحد حين سأله مروان ثم سمعه من بسرة ثم سمعه من زيد بن خالد فعلم أن حديث زيد بن خالد الذى أخرجه أحمد والطحاوى ثابت يحتج به على نقض الوضوء من مس الذكر فإن رجاله كلهم ثقات محتج بهم فلا معنى لردّه وأن عروة روى الحديث عن كلّ من مروان وزيد بن خالد وثبت بإقرار الطحاوى أيضا أن زيد بن خالد الجهنى لم يحدّث عروة قبل تحديث مروان له وأن الطحاوى بنى كلامه على رواية ضعيفة وهي موت زيد بن خالد في خلافة معاوية وترك رواية الأكثرين (وذهب) على وابن مسعود وعمار والحسن البصرى وربيعة والعترة والثورى وأبو حنيفة وأصحابه إلى أن مسّ الذكر غير ناقض للوضوء. واحتجوا بحديث طلق الآتى بعد هذا وقال الطحاوى فيه إسناده مستقيم غير مضطرب وصححه الطبرانى وابن حزم وقال ابن المدينى هو أحسن من حديث بسرة. وبما رواه الطحاوى في شرح معاني الآثار عن على رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قال ما أبالى أنفى مسست أو أذنى أو ذكرى. وبما رواه أيضا عن ابن مسعود وحذيفة نحوه وقالوا في حديث بسرة إنه خبر آحاد فيما تعمّ به البلوى ولو ثبت لاشتهر، وعلى تسليم ثبوته فهو محمول على غسل اليد لأن الصحابة كانوا يستنجون بالأحجار فإذا مسوه بأيديهم تلوّثت خصوصا في أيام الصيف. وبعضهم سلك طريق الجمع بين الروايتين فجعل مس الذكر كناية عما يخرج منه لأن مسه يعقبه غالبا خروج الحدث كما كنى تعالى بالمجئ من الغائط عن قضاء الحاجة لكن حديث طلق قد ضعفه الشافعى والدارقطنى والبيهقى وابن الجوزى وقال الشافعى قد سألنا عن قيس بن طلق فلم نجد من يعرفه فيم يكون لنا قبول خبره، وقال أبو حاتم وأبو زرعة قيس بن طلق ليس ممن تقوم به حجة. وعلى تسليم صحته فهو منسوخ بحديث بسرة لأنها أسلمت عام الفتح سنة ثمان من الهجرة وطلق قدم على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو يبنى المسجد في السنة الأولى من الهجرة. ففى الدارقطنى حدثنا إسماعيل بن يونس بن ياسين نا إسحاق ابن أبى إسراءيل نا محمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه قال أتيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهم يؤسسون مسجد المدينة قال وهم ينقلون الحجارة قال فقلت يا رسول الله ألا ننقل كما ينقلون قال لا ولكن اخلط لهم الطين يا أخا اليمامة فأنت أعلم به فجعلت أخلط لهم

ص: 193

وهم ينقلون ثم رجع طلق إلى قومه ولم يثبت رجوعه إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد ذلك واحتجوا أيضا بحديث أبي هريرة إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ليس بينه وبينها شئ فليتوضأ رواه الدارقطني، وإسلام أبى هريرة كان عام خيبر في السنة السابعة. وبما روى عن طلق نفسه بلفظ من مس فرجه فليتوضأ أخرجه الطبراني وصححه وقال فيشبه أن يكون سمع الحديث الأول من النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قبل هذا ثم سمع هذا بعد فوافق حديث بسرة (وممن قال) بالنسخ ابن حبان والطبرانى وابن العربى والحازمى (وسلك) بعضهم مسلك الترجيح فقال حديث بسرة أرجح من حديث طلق لكثرة من صححه من الأئمة منهم الترمذى والدارقطني وابن معين وأحمد. وقال البخارى إنه أصح شئ في الباب (وقال) في التلخيص قال البيهقي هذا الحديث وإن لم يخرجه الشيخان فقد احتجا بجميع رواته واحتج البخارى بمروان بن الحكم في عدة أحاديث فهو على شرط البخارى بكل حال (وقال) الإسماعيلى في صحيحه إنه يلزم البخارى إخراجه فقد أخرج نظيره اهـ ورجح أيضا بكثرة شواهده وطرقه. فقد روى عن جابر وأبى هريرة وعبد الله بن عمرو وزيد بن خالد وسعد بن أبى وقاص وأم حبيبة وعائشة وأم سلمة وابن عباس وابن عمر وعلى بن طلق والنعمان بن بشير وأنس وأبي بن كعب ومعاوية بن حيدة وقبيصة وأروى بنت أنيس (أما) حديث جابر فذكره الترمذى وأخرجه ابن ماجه والأثرم وقال ابن عبد البرّ إسناده صالح وقال الضياء لا أعلم بإسناده بأسا. وقال الشافعى سمعت جماعة من الحفاظ غير ابن نافع يرسلونه (وأما) حديث أبى هريرة فذكره الترمذى وأخرجه الدارقطني وغيره (وأما) حديث عبد الله بن عمرو فذكره الترمذى ورواه أحمد والبيهقي من طريق بقية حدثنى محمد بن الوليد الزبيدى حدثنى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه أيما رجل مسّ فرجه فليتوضأ وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ قال الترمذى في العلل عن البخارى هو عندى صحيح (وأما) حديث زيد ابن خالد الجهنى فذكره الترمذي وأخرجه أحمد والبزّار من طريق عروة عنه قال البخارى إنما رواه الزهرى عن عبد الله بن أبى بكر عن عروة عن بسرة وقال ابن المدينى أخطأ فيه ابن إسحاق اهـ وأخرجه البيهقي في الخلافيات من طريق ابن جريج حدثنى الزهرى عن عبد الله بن أبى بكر عن عروة عن بسرة وزيد بن خالد. وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده عن محمد بنى بكر البرسانى عن ابن جريج وهذا إسناد صحيح (وأما) حديث سعد بن أبي وقاص فذكره الحاكم وأخرجه (وأما) حديث أم حبيبة فصححه أبو زرعة والحاكم وأعله البخارى بأن مكحولا لم يسمع من عنبسة ابن أبى سفيان وكذا قال يحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائى إنه لم يسمع منه وخالفهم دحيم وهو أعرف بحديث الشاميين فأثبت سماع مكحول من عنبسة، وقال الخلال في العلل صحح أحمد حديث أم حبيبة وأخرجه ابن ماجه من حديث العلاء بن الحارث عن مكحول وقال

ص: 194

ابن السكن لا أعلم به علة (وأما) حديث عائشة فذكره الترمذى وأعله أبو حاتم وسيأتى من طريق الدارقطني (وأما) حديث أم سلمة فذكره الحاكم (وأما) حديث ابن عباس فرواه البيهقى من جهة ابن عدىّ في الكامل وفى إسناده الضحاك بن حمزة وهو منكر الحديث (وأما) حديث ابن عمر فرواه الدارقطنى والبيهقى من طريق إسحاق الفروى عن عبد الله بن عمر (العمرى) عن نافع عن ابن عمر مرفوعا والعمرى ضعيف، وله طريق أخرى أخرجها الحاكم وفيها عبد العزيز بن أبان وهو ضعيف، وطريق أخرى أخرجها ابن عدى وفيها أيوب بن عتبة وفيه مقال (وأما) حديث على بن طلق فأخرجه الطبراني وصححه (وأما) حديث النعمان بن بشير فذكره ابن منده. وكذا حديث أنس وأبىّ بن كعب ومعاوية بن حيدة وقبيصة (وأما) حديث أروى بنت أنيس فذكره الترمذى ورواه البيهقي من طريق هشام أبى المقدام عن هشام بن عروة عن أبيه عنها قال وهذا خطأ وسأل الترمذى البخارى عنه فقال ما تصنع بهذا لا تشتغل به ذكره الحافظ في التلخيص (وأجاب) الأولون عما قاله على وغيره من الصحابة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُم بأنها آثار موقوفة عليهم فلا تعارض الأحاديث الصحيحة المرفوعة إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وقولهم في حديث بسرة إنه خبر آحاد مردود لأنه قد رواه سبعة عشر صحابيا كما تقدّم وقد عده السيوطى في الأحاديث المتواترة قال المنذرى قال الإمام الشافعى رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قد روينا قولنا عن غير بسرة والذى يعيب علينا الرواية عن بسرة يروى عن عائشة بنت عجر دوأم خداش وعدّة من النساء لسن بمعروفات في العامة ويحتج بروايتهن ويضعف بسرة مع سابقية هجرتها وقديم صحبتها النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقد حدّثت بهذا في دار المهاجرين والأنصار وهم متوافرون. ولم يدفعه منهم أحد بل علمنا بعضهم صار إليه عن روايتها منهم عروة بن الزبير وقد دفع وأنكر الوضوء من مس الذكر قبل أن يسمع الخبر فلما علم أن بسرة روته قال به وترك قوله وسمعها ابن عمر تحدّث به فلم يزل يتوضأ من مس الذكر حتى مات وهذه طريقة الفقه والعلم اهـ وقال الحاكم قد روى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة والتابعين عن بسرة منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص وسعيد بن المسيب وعمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية وعبد الله بن أبى مليكة وسليمان بن موسى اهـ وقولهم وعلى تسليم ثبوته فهو محمول على غسل اليد فقط ممنوع أيضا لما رواه الدارقطني إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ وضوءه للصلاة كما تقدم. ولأنه صرف للفظ عن حقيقته الشرعية بدون موجب (وأما) ما سلكه بعضهم من الجمع بين الحديثين فجعل مسّ الذكر كناية عما يخرج منه فهو تأويل بعيد لا يخفى ما فيه من التكلف. وبما تقدم تعلم أن الظاهر أن مسّ الذكر ناقض للوضوء وللقائلين بذلك تفاصيل (فمذهب) المالكية أن الناقض للوضوء هو مس الشخص البالغ

ص: 195

ذكر نفسه المتصل من غير حائل ولو خنثى مشكلا سواء أكان المس عمدا أم سهوا التذّ أم لا من الكمرة أو غيرها بباطن الكف أو جنبه ورءوس الأصابع أو جوانبها لا بظفر ولا بظهر كفه ولا بذراع وهذا هو مشهور المذهب، وقيل إن كان بلذّة نقض وإلا فلا. وفي المس من فوق الحائل أقوال ثلاثة عدم النقض مطلقا وهو أشهرها والنقض مطلقا والنقض إن كان خفيفا وعدمه إن كان كثيفا، وفي مس المرأة فرجها عندهم أقوال أشهرها عدم النقض مطلقا وقيل إن أدخلت إصبعها فيه أو قبضت عليه نقض وإلا فلا وقيل لا ينقض إلا إن كان بلذّة، وأما مس دبره فلا نقض فيه مطلقا بخلاف مس دبر الغير أو ذكره فتجرى عليه أحكام الملامسة وتقدم بيانها (وقالت) الشافعية ينقض مس فرج الآدمى بباطن الكف من نفسه وغيره سواء أكان ذكرا أم أنثى صغيرا أم كبيرا حيا أم ميتا وكذلك مس دبر الآدمى على المعتمد عندهم، والمراد بباطن الكف عندهم الراحة مع بطون الأصابع (وقالت) الحنابلة ينتقض الوضوء بمس الذكر مطلقا سواء أكان الماسّ ذكرا أم أنثى بشهوة أم غيرها ذكره أم ذكر غيره بيده ببطن كفه أو ظهرها أو جنبها من غير حائل لا بظفر وينتقض أيضا بمس دبره ودبر غيره ذكرا كان أو أنثى وبمس امرأة فرجها الذى بين شفرييها وهو مخرج بول ومنى وحيض لا بمس شفرييها وهما حافتا الفرج، واستدلوا بما أخرجه الدارقطني من حديث أبى هريرة مرفوعا من أفضى بيده إلى ذكره ليس دونه ستر فقد وجب عليه الوضوء، وقالوا المراد باليد من رءوس الأصابع إلى الكوع كما في السرقة، والإفضاء الوصول أعمّ من أن يكون بظاهر الكف أو باطنه كما عليه أهل اللغة، وبما أخرجه ابن ماجه وصححه أحمد وأبو زرعة والحاكم من مس فرجه فليتوضأ والفرج يشمل القبل والدبر من الذكر والأنثى، وبما أخرجه أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال أيما رجل مس فرجه فليتوضأ وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ وبما أخرجه الدارقطني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال ويل للذين يمسون فروجهم ثم يصلون ولا يتوضؤون قالت عائشة بأبى وأمى هذا للرجال أفرأيت النساء قال إذا مست إحداكن فرجها فلتتوضأ للصلاة، وبذلك يردّ على من خص النقض بمس ذكر الرجل، ومن هذا علم أن الأقوى من جهة الدليل هو انتقاض الوضوء بالمس لا فرق بين رجل وامرأة ولا بين قبل ودبر ولا بين المس بباطن الكف أو ظاهرها

(فقه الحديث) دلّ الحديث على انتقاض الوضوء من مس الذكر وقد علمت ما فيه من الخلاف

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مالك في الموطأ والشافعى وأحمد والترمذى وصححه وابن خزيمة وابن حبان والحاكم في المستدرك وابن الجارود والدارقطني وقال هو صحيح ثابت وأخرجه الطحاوى في شرح معاني الآثار. قال الحافظ في التلخيص ونقل عن البخارى أنه أصح

ص: 196

شيء في الباب. وقال أبو داود قلت لأحمد حديث بسرة ليس بصحيح قال بل هو صحيح، وصححه أيضا يحيى بن معين والبيهقى والحازمى، وغاية ما يعلل به هذا الحديث أنه من رواية عروة عن مروان عن بسرة وأن رواية من رواه عن عروة عن بسرة منقطعة فإن مروان حدّث به عروة فاستراب عروة بذلك فأرسل مروان رجلا من حرسه إلى بسرة فعاد إليه بأنها ذكرت ذلك فرواية من رواه عن عروة عن بسرة منقطعة والواسطة بينه وبينها إما مروان وهو مطعون في عدالته أو حرسه وهو مجهول. وقد جزم ابن خزيمة وغير واحد من الأئمة بأن عروة سمعه من بسرة اهـ

(باب الرخصة في ذلك)

أى في أن مس الذكر لا ينقض الوضوء وتقدم أن الرخصة في اللغة التسهيل في الأمر والتيسير فيه، وفى اصطلاح الأصوليين والفقهاء الانتقال من حكم صعب إلى حكم سهل لعذر مع قيام السبب للحكم الأصلى

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو الْحَنَفِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ فَجَاءَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ بَدَوِيٌّ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا تَرَى فِي مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ:«هَلْ هُوَ إِلَّا مُضْغَةٌ مِنْهُ» ، أَوْ قَالَ:«بَضْعَةٌ مِنْهُ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله ملازم بن عمرو) بن عبد الله بن بدر أبو عمرو السحيمى اليمامى روى عن جدّه عبد الله وعبد الله بن النعمان وهوذة بن قيس. وعنه مسدد وهناد وسليمان بن حرب ومحمد بن عيسى الطباع وغيرهم. وثقه الدارقطني وابن معين وأحمد وأبو زرعة والنسائى وقال أبو حاتم صدوق وقال أبو داود لا بأس به، و (الحنفىّ) نسبة إلى بنى حنيفة قبيلة من اليمامة

(قوله عبد الله بن بدر) بن عميرة بن الحارث الحنفى اليمامى. روى عن ابن عباس وطلق وعبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن عمر الشيبانى. وعنه ملازم بن عمرو وعكرمة بن عمار وجهضم ابن عبد الله ومحمد بن جابر. وثقه العجلى وابن معين وأبو زرعة وذكره ابن حبان في الثقات

(قوله قيس بن طلق) بن على الحنفى اليمامى. روى عن أبيه. وعنه عبد الله بن بدر وعبد الله ابن النعمان ومحمد بن جابر اليمامى وآخرون. وثقه العجلى وابن معين وابن حبان وقال أبو حاتم وأبو زرعة ليس ممن تقوم به الحجة ووهناه ولم يثبتاه وضعفه أحمد ويحيى في إحدى الروايتين عنه. روى له أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه

(قوله عن أبيه) هو طلق بن على بن طلق بن عمرو، له صحبة

ص: 197

ووفادة ورواية ومن حديثه في السنن أنه بنى معهم في المسجد فقال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قرّبوا له الطين فإنه أعرف. روى عنه ابنه قيس وابنته خالدة وعبد الله بن بدر وعبد الرحمن بن على وغيرهم. روى له أبو داود والنسائى والترمذى وابن ماجه

(معنى الحديث)

(قوله قدمنا على نبى الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم) وفي رواية النسائى قال خرجنا وفدا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فبايعناه وصلينا معه فلما قضى الصلاة جاء رجل الخ، وكان ذلك الوفد وفد بني حنيفة وكان ستة نفر كما ذكره ابن حبان وقيل كانوا بضعة عشر فأنزلوا في دار رملة بنت الحارث وكان ذلك في السنة الأولى من الهجرة

(قوله كأنه بدوى) بفتحتين نسبة إلى البدو وهو خلاف الحضر وقيل نسبة إلى البادية على غير قياس ولم يجزم طلق بأنه بدوىّ لعدم معرفته له لأنه ليس من أهل المدينة

(قوله ما ترى في مس الرجل ذكره) أناقض للوضوء أم لا. وفى رواية الدارقطني ما ترى في مس الرجل ذكره في الصلاة. وفي رواية البيهقى عن قيس بن طلق عن أبيه قال بينا أنا أصلى إذ ذهبت أحكّ فخذى فأصابت يدى ذكرى فسألته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ

(قوله هل هو إلا مضغة منه) أى ليس الذكر إلا جزءا من الشخص والمضغة بضم الميم وسكون الضاد المعجمة القطعة من اللحم قدر ما يمضغ وجمعها مضغ وفي رواية ابن ماجه عن قيس عن أبيه قال سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن مسّ الذكر فقال إنما هو منك، وفي رواية له إنما هو حذية منك بكسر الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة ما قطع طولا من اللحم أو القطعة الصغيرة منه

(قوله أو بضعة منه) بفتح الموحدة وسكون الضاد المعجمة القطعة من اللحم وجمعها بضع مثل تمرة وتمر وبضعات مثل سجدات وبضع مثل قرب وبضاع مثل صحاف فالمضغة والبضعة بمعنى (وظاهر) الحديث أن مسّ الذكر ليس ناقضا للوضوء لأنه جزء من الجسد فكما أنه لا ينقض مسّ جزء من أجزاء الجسد غير الذكر لا ينقض مس الذكر. وإليه ذهب أبو حنيفة وجماعة من الصحابة والتابعين قال الترمذى وقد روى عن غير واحد من أصحاب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وبعض التابعين أنهم لم يروا الوضوء من مسّ الذكر وهو قول أهل الكوفة وابن المبارك وهذا الحديث أحسن شئ روى في هذا الباب اهـ، وتقدّم عن غير واحد أنه ضعيف، وعلى فرض صحته فهو منسوخ بحديث بسرة وبحديث أبى هريرة وبما رواه طلق نفسه مرفوعا "من مس ذكره فليتوضأ" أخرجه الطبرانى وصححه، ومنهم من رجح حديث بسرة لكثرة من صححه من الأئمة ولكثرة شواهده وطرقه ولأن الشيخين وإن لم يخرجاه احتجا بجميع رجاله، وذهب بعضهم إلى عدم الاحتجاج بالحديثين لتعارضهما ورجع إلى الآثار الواردة عن الصحابة القاضية بنقض الوضوء بمسّ الذكر

ص: 198

(قال) الخطابى احتج من رأى فيه الوضوء بأن خبر بسرة متأخر لأن أبا هريرة قد رواه عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو متأخر الإسلام وكان قدوم طلق على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في بدء الإسلام وهو إذ ذاك يبنى مسجد المدينة أول زمن الهجرة وإنما يؤخذ بآخر الأمرين، وتأوّلوا خبر طلق أيضا على أنه أراد به المسّ ودونه حائل، واستدلوا على ذلك برواية الثورى وشعبة وابن عيينة أنه سأل عن مسه في الصلاة والمصلى لا يمس فرجه من غير حائل بينه وبينه وحدثنى الحسن بن يحيى حدثنا أبو بكر بن المنذر قال بلغنى عن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين أنهما اجتمعا فتذاكرا الوضوء من مس الذكر وكان أحمد يرى الوضوء ويحيى لا يرى ذلك وتكلما في الأخبار التى رويت في ذلك فحصل أمرهما على أن اتفقا على إسقاط الاحتجاج بالخبرين معا خبر بسرة وخبر طلق ثم صارا إلى الآثار التى رويت عن الصحابة في ذلك فصار أمرهما إلى أن احتج أحمد بحديث ابن عمر فلم يكن ليحيى دفعه اهـ

(فقه الحديث) دلّ الحديث على عدم نقض الوضوء بمس الذكر. وعلى طلب السعى إلى معرفة أحكام الدين، وعلى مشروعية سؤال المفضول الفاضل ولو كان المسئول عنه مما يستحى من ذكره

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه النسائى والبيهقى والطحاوي وابن حبان والترمذى وقال هذا الحديث أحسن شئ يروى في هذا الباب اهـ وهذا لا ينافى أنه ضعيف

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وجَرِيرٌ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ. حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، وَقَالَ: فِي الصَّلَاةِ

(ش) أى روى حديث طلق من ذكر كلهم بإسنادهم عن محمد بن جابر بزيادة لفظ في الصلاة فصار لفظ الحديث في روايته فقال يا نبى الله ما ترى في مس الرجل ذكره في الصلاة بعد ما يتوضأ و (محمد ابن جابر) بن سيار بن طلق السحيمى اليمامى أبو عبد الله. روى عن قيس بن طلق وأبى إسحاق السبيعى ويحيى بن كثير وعبد العزيز بن رفيع وآخرين، وعنه السفيانان ووكيع وأيوب السختياني وكثيرون، ضعفه النسائى وابن معين وقال الفلاس صدوق متروك الحديث كثير الوهم وقال أبو زرعة ساقط الحديث عند أهل العلم وساء حفطه وكان يروى أحاديث مناكير وقال البخارى ليس بالقوى روى مناكير وقال أحمد لا يحدّث عنه إلا شرّ منه وقال ابن عدىّ روى عنه من الكبار أيوب وابن عون ومع ما تكلم فيه من تكلم يكتب حديثه (والحاصل) أن مسددا روى هذا الحديث

ص: 199