الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائى وابن المدينى وابن حبان والعجلي والبزّار، مات سنة ثمان ومائة، روى له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله إذا أتى أحدكم أهله الخ) أى إذا جامع أحدكم زوجه ثم أراد أن يجامع ثانيا فليتوضأ وضوءا شرعيا لأنه المراد عند الإطلاق في كلام الشارع ولتأكيده بالمصدر لأن التأكيد به يرفع احتمال التجوّز وهو نظير قوله تعالى "وكلم الله موسى تكليما" فقد استدلّ أهل السنة بالتأكيد بالمصدر في الآية على أن التكليم فيها باق على حقيقته وليس متجوّزا به، وفى رواية ابن خزيمة فليتوضأ وضوءه للصلاة، وسيأتى بيان حكمة هذا الوضوء (وقد اختلف) في الأمر بالوضوء بين الجماعين في الحديث (فذهب) ابن حبيب المالكي والظاهرية إلى أنه للوجوب أخذا بظاهر هذا الحديث (وذهب) الجمهور إلى أن الأمر فيه للاستحباب وهو الظاهر لما في رواية الحاكم من قوله فإنه أنشط للعود، وغاية ما يفيده التعليل أن هذا الوضوء مندوب وليس بواجب إذ العود للجماع ثانيا ليس بواجب، ولما رواه الطحاوى عن عائشة قالت كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يجامع ثم يعود ولا يتوضأ (وذهب) أبو يوسف من الحنفية إلى أنه ليس بواجب ولا مندوب وحمل الأمر في الحديث على الإباحة (وحمله) بعض أهل العلم على الوضوء اللغوى الذى هو غسل الفرج احترازا عن إدخال النجس في الفرج ولأن ما يتعلق به من رطوبة الفرج مفسد للذة، وقالوا إنما شرع الوضوء للعبادة لا لقضاء الشهوة ولو شرع لقضاء الشهوة لكان الجماع الأول مثل العود، لكن ما قالوه ليس بالقوى لما علمته مما تقدم أن المراد به الوضوء الشرعي ولأنه لا يخفى الفرق بين الجماع الأول والعود فإن العود محتاج إلى التنظيف والنشاط
(فقه الحديث) دلّ الحديث على طلب الوضوء ممن أراد أن يعود إلى الجماع، وعلى أن الغسل ليس واجبا بين الجماعين
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم وابن ماجه والترمذى وقال حديث حسن صحيح والنسائى وابن خزيمة وابن حبان والطحاوى في شرح معانى الآثار والبيهقى والحاكم في المستدرك وصححه
(باب في الجنب ينام)
أى في بيان أنه يباح للجنب النوم قبل أن يغتسل، وفى بعض النسخ باب الجنب بحذف الجار
(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «تَوَضَّأْ
وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ نَمْ»
(ش)(رجال الحديث)
(قوله عبد الله بن دينار) القرشي المدني أبو عبد الرحمن مولى عبد الله بن عمر. روى عن ابن عمر وأنس ونافع وأبي صالح السمان وسليمان بن يسار وآخرين وعنه يحيى بن سعيد الأنصارى وشعبة والسفيانان ومالك بن أنس وطائفة، قال ابن حنبل ثقة مستقيم الحديث ووثقه أبو حاتم وأبو زرعة وابن معين والنسائى والعجلى وابن سعد وقال كثير الحديث. مات سنة سبع وعشرين ومائة. روى له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله ذكر عمر بن الخطاب الخ) مقتضاه أنه من مسند ابن عمر وهو المشهور عند أكثر الرواة (قال) الحافظ في الفتح وروى عن عبيد الله قال أخبرني نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر قال يا رسول الله أينام أحدنا الخ أخرجه النسائى، وعلى هذا فهو من مسند عمر وكذا رواه مسلم من طريق يحيى القطان عن عبيد الله بن عمر على نافع عن ابن عمر عن عمر لكن ليس في هذا الاختلاف ما يقدح في صحة الحديث اهـ ببعض تصرّف
(قوله أنه تصيبه الجنابة) الضميران المنصوبان عائدان على عمر كما هو ظاهر الخطاب في قوله توضأ وما بعده (قال) الحافظ في الفتح قد بين النسائى سبب ذلك في روايته من طريق ابن عون عن نافع قال أصاب ابن عمر جنابة فأتى عمر فذكر ذلك له فأتى عمر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فاستأمره فقال ليتوضأ ويرقد، وعلى هذا فالضميران يعودان على ابن عمر لا على عمر، وقوله في الجواب توضأ يحتمل أن يكون ابن عمر كان حاضرا فوجه الخطاب إليه اهـ ويحتمل أن الخطاب لعمر في غيبة ابنه جوابا لاستفتائه ولكنه يرجع إلى ابنه لأن استفتاء عمر إنما هو لأجل ابنه (وما ذكره) الحافظ في الفتح من رواية النسائى من طريق ابن عون (لم نقف) عليها في السنن الصغرى فلعله أخرجه في سننه الكبرى لكن قد علمت أن الظاهر عود الضمير على عمر ولا مانع من تعدّد الواقعة فيكون قد سأل عن نفسه مرّة كما في هذه الرواية وسأل عن ابنه مرّة أخرى كما في رواية النسائى المتقدّمة
(قوله توضأ واغسل ذكرك) أى اغسل ذكرك ثم توضأ فإن الاستنجاء مقدّم. على الوضوء، والواو لا تقتضى ترتيبا ويؤيده رواية أبى نوح عن مالك عند البخارى اغسل ذكرك ثم توضأ ثم نم (قال) الحافظ في الفتح وهو يردّ على من حمله على ظاهره فقال يجوز تقديم الوضوء على غسل الذكر لأنه ليس بوضوء يرفع الحدث وإنما هو للتعبد إذ الجنابة أشدّ من مس الذكر فتبين من رواية أبى نوح أن غسله مقدّم على الوضوء اهـ وقد روى من غير طريق بتقديم غسل الذكر على الوضوء، وإنما قدّم الوضوء في الحديث اهتماما بشأنه وتبرُّكا به، وقد جاء هذا الحديث
بصيغة الشرط كما جاء بصيغة الأمر "فقد" أخرج البخارى من طريق جويرة بن أسماء عن نافع عن ابن عمر قال استفتى عمر النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أينام أحدنا وهو جنب قال نعم ينام إذا توضأ (واحتج) بحديث الباب الظاهرية وابن حبيب من المالكية على وجوب الوضوء على الجنب إذا أراد النوم قبل أن يغتسل (وذهب) الجمهور إلى أن الوضوء مستحب وليس بواجب وحملوا الأمر في الحديث على الندب لما تقدّم ولحديث عائشة الآتى كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ينام وهو جنب ولا يمس ماء، وهو وإن كان فيه مقال إلا أنه اعتضد بأحاديث أخر (منها) ما أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما عن ابن عمر أنه سأل النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أينام أحدنا وهو جنب قال نعم ويتوضأ إن شاء وروى البيهقى بسنده إلى نافع عن ابن عمر أن عمر استفتى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال هل ينام أحدنا وهو جنب قال نعم ليتوضأ ثم لينم حتى يغتسل إذا شاء اهـ ولا منافاة بينهما لاحتمال تعدّد القصة فمرّة سأل ابن عمر كما في رواية ابن خزيمة وابن حبان ومرّة سأل عمر كما في رواية البيهقى (قال) الحافظ في الفتح قال ابن العربى قال مالك والشافعى لا يجوز للجنب أن ينام قبل أن يتوضأ واستنكر بعض المتأخرين هذا النقل وقال لم يقل الشافعى بوجوبه ولا يعرف ذلك أصحابه وهو كما قال اهـ (وقال) الزرقانى ولا يعرف عنهما وجوبه وقد نص مالك في المجموعة على أن هذا الوضوء ليس بواجب اهـ (وذهبت) طائفة إلى أن المراد بالوضوء هنا الوضوء اللغوى وهو غسل الأذى عن فرجه ويديه. واحتجوا بأن ابن عمر كان يتوضأ وهو جنب ولا يغسل رجليه رواه مالك والطحاوى. لكن ما ذكروه مردود بأن المراد بالوضوء هنا الوضوء الكامل لأنه الحقيقة الشرعية وهي مقدّمة على غيرها في كلام الشارع: على أنه قد صرّح بذلك في رواية البخارى عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة، ويحتمل أن أبن عمر ترك غسل رجليه لعذر فقد ذكر بعض العلماء أنه فدع في خيبر في رجليه فكان يضرّه غسلهما (والحكمة) في هذا الوضوء قيل تخفيف الحدث لما رواه ابن أبي شيبة بسند رجاله ثقات عن شدّاد بن أوس الصحابي قال إذا أجنب أحدكم من الليل ثم أراد أن ينام فليتوضأ فإنه نصف غسل الجنابة، وقيل لينام على إحدى الطهارتين خشية أن يموت في منامه "فقد" روى ابن أبي شيبة بإسناده إلى عائشة قالت إذا أراد أحدكم أن يرقد وهو جنب فليتوضأ فإنه لا يدرى لعله يصاب في منامه، ونحوه للطحاوى (وقال) ابن الجوزى الحكمة فيه أن الملائكة تبعد عن الوسخ والريح الكريهة بخلاف الشياطين فإنها تقرب من ذلك اهـ (وفي حجة الله البالغة) لما كانت الجنابة منافية لهيئة الملائكة كان المرضىّ في حق المؤمن أن لا يسترسل في حوائجه من النوم والأكل مع الجنابة فإذا تعذرت الطهارة الكبرى لا ينبغى
أن يدع الطهارة الصغرى لأن أمرهما واحد غير أن الشارع وزّعهما على الحدثين اهـ ومثل الوضوء في الاستحباب التيمم إذا كان قاقدا للماء أو عاجزا عن استعماله "فقد" روى البيهقي عن عائشة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان إذا أجنب فأراد أن ينام توضأ أو يتيمم، وهو وإن كان ظاهره التخيير إلا أن التيمم فيه محمول على حالة فقد الماء حقيقة أو حكما
(قوله ثم نم) أمر من النوم وأصله نام بسكون الميم حذفت الألف لدفع التقاء الساكنين
(فقه الحديث) والحديث يدل على طلب غسل الذكر بعد الجماع، وعلى أنه يطلب من الجنب أن يتوضأ إذا أراد النوم
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والبيهقى والنسائي ومالك في الموطأ وأخرجه النسائى من طريق نافع عن ابن عمر عن عمر بلفظ أينام أحدنا وهو جنب قال نعم إذا توضأ وأخرجه الترمذى وقال حديث عمر أحسن منه في هذا الباب وأصح وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والتابعين وأخرجه الطحاوى بنحوه
(باب الجنب يأكل)
أى في بيان ما يصنع الجنب إذا أراد أن يأكل
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قالت:«إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .
(ش)(قوله سفيان) بن عيينة، و (الزهرى) محمد بن مسلم. و (أبو سلمة) عبد الله ابن عبد الرحمن بن عوف
(قوله عن عائشة قالت إن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ) وفي نسخة عن عائشة أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وفي رواية البخارى قالت كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
(قوله توضأ وضوءه للصلاة) أى توضأ وضوءا كوضوئه للصلاة وهكذا رواية ابن ماجه. وفي رواية البخارى غسل فرجه وتوضأ للصلاة، وصرّحت به لدفع ما يتوهم من أن المراد الوضوء اللغوى (وظاهر) الحديث أن ذلك كان يتكرّر منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للتعبير فيه بكان المفيدة للتكرار، ومناسبة الحديث للترجمة باعتبار الزيادة التي زادها فيه يونس عن الزهرى في الطريق الآتى
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه ابن أبى شيبة في مصنفه ومسلم من طريق ليث عن ابن شهاب بهذا الإسناد وكذا ابن ماجه من طريق الليث بن سعد والبخارى من طريق محمد ابن عبد الرحمن عن عروة عن عائشة وأخرجه الطحاوى في شرح معاني الآثار عنها من عدة طرق
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، زَادَ:«وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ يَدَيْهِ» .
(ش)(قوله ابن المبارك) هو عبد الله. و (يونس) بن يزيد الأيلي
(قوله بإسناده ومعناه الخ) أى إسناد حديث سفيان السابق ومعناه وزاد يونس عن الزهرى فيه وإذا أراد أن يأكل غسل يديه يعنى ولم يتوضأ وضوءه للصلاة فجملة أراد أن يأكل مفعول زاد واقتصر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على غسل اليدين لبيان الجواز وإلا فأكثر الروايات على أنه كان إذا أراد أن يأكل أو يشرب وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة. وهذه الرواية أخرجها النسائى والدارقطني بلفظ كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وإذا أراد أن يأكل وهو جنب غسل يديه، وأخرجها البيهقى وابن ماجه بلفظ كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا أراد أن يأكل وهو جنب فغسل يديه، وأخرجها الطحاوى بلفظ غسل كفيه
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، فَجَعَلَ قِصَّةَ الْأَكْلِ قَوْلَ عَائِشَةَ مَقْصُورًا.
(ش) أى روى هذا الحديث عبد الله بن وهب عن يونس بن يزيد فجعل قصة أكل الجنب من قول عائشة موقوفة عليها، وغرض المصنف بهذا بيان الفرق بين رواية ابن المبارك عن يونس ورواية ابن وهب عنه. فجعل ابن المبارك في روايته قصة أكل الجنب مرفوعة إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وجعلها ابن وهب من قول عائشة موقوفة عليها، ولم نقف على من وصل رواية ابن وهب
(ص) وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ عُرْوَةَ، أَوْ أَبِي سَلَمَةَ.
(ش) أى أن صالح بن أبى الأخضر ذكر في روايته قصة أكل الجنب ونومه مرفوعتين إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما ذكرهما عبد الله بن المبارك إلا أن صالحا قال في روايته عن عروة أو عن أبى سلمة بالشك في الراوى عن عائشة بخلاف ابن المبارك فإنه قال عن أبى سلمة بدون شك