الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(معنى الحديث)
(قوله والتعفف عن ذلك أفضل) أى الامتناع عن الاستمتاع من الحائض بما فوق الإزار أكمل لأنه قد يجرّ إلى الجماع في الفرج وهو حرام في تلك الحالة (قال) العراقى هذا يقوى ما تقرّر من ضعف الحديث فإنه خلاف المنقول من فعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإنه كان يستمتع بما فوق الإزار وما كان ليترك الأفضل وعلى ذلك عمل الصحابة والتابعين والسلف الصالح اهـ وفيه أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قد يفعل خلاف الأفضل أو المكروه في حقنا وهو في حقه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مطلوب للتشريع وبيان الجواز (وقال) السيوطى لعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم علم من حال السائل غلبة شهوته فرأى أن تركه لذلك أفضل في حقه لئلا يوقعه في محظور اهـ
(قوله وليس هو يعنى الحديث بالقوىّ) وفي بعض النسخ وليس هو بقوىّ يعنى لأن فيه بقية وهو ضعيف إذا روى بالعنعنة وسعد الأغطش فيه لين وعبد الرحمن بن عائذ قال أبو حاتم لم يدرك معاذا وقال روايته عن علىّ مرسلة وإذا كان كذلك فروايته عن معاذ أشدّ إرسالا اهـ
(فقه الحديث) دلّ الحديث على جواز الاستمتاع بالحائض فيما عداها بين السرّة والركبة وعلى أن ترك الاستمتاع حال الحيض أفضل
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الطبرانى
(باب في الإكسال)
أى في حكم الجماع من غير إنزال يقال أكسل الرجل، إذا جامع ثم حصل له فتور فلم ينزل
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي بَعْضُ، مَنْ أَرْضَي، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ «إِنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ رُخْصَةً لِلنَّاسِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِقِلَّةِ الثِّيَابِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْغُسْلِ، وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ» ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يَعْنِي الْمَاءَ مِنَ المَاءِ
(ش)(رجال الحديث)
(قوله ابن وهب) عبد الله. و (ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهرى
(قوله بعض من أرضى) قال العينى الظاهر أنه أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج لأن البيهقي روى الحديث ثم قال وروينا بإسناد آخر موصول عن أبى حازم عن سهل بن سعد والحديث محفوظ عن سهل عن أبىّ كما أخرجه أبو داود (وقال) ابن عبد البرّ في الاستذكار إنما رواه ابن شهاب عن أبى حازم اهـ (وقال) ابن حبان قد تتبعت طرق هذا الخبر على أن
أجد أحدا رواه عن سهل بن سعد فلم أجد في الدنيا أحدا إلا أبا حازم فيشبه أن يكون الرجل الذى قال الزهرى حدثنى بعض من أرضى عن سهل هو أبو حازم اهـ ويؤيد ما ذكر رواية أبىّ الآتية فإنه قد صرّح فيها بأبي حازم عن سهل
(قوله سهل بن سعد) بن مالك بن خالد بن ثعلبة الأنصارى أبو العباس المدني كان من مشاهير الصحابة كان اسمه حزنا فغيره النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سهلا. روى له عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ثمانية وثمانون ومائة حديث اتفق الشيخان على ثمانية وعشرين وانفرد البخارى بأحد عشر. روى عن أبى عاصم وعمرو بن عنبسة ومروان. وعنه الزهرى وابن العباس وأبو حازم وأبو سهل الأصبحى وآخرون، قال الزهرى مات النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو ابن خمسة عشرة سنة وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة. مات سنة إحدى وتسعين بالإسكندرية وقيل غير ذلك و (الساعدى) نسبة إلى الساعد قرية من أرض اليمن كانت لحكم بن سعد العشيرة
(قوله أخبره) أى أخبر سهل البعض الذى رضيه ابن شهاب
(قوله أبىّ بن كعب) بن قيس بن عبيد ابن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصارى النجارى أبو المنذر سيد القرّاء، كان من أصحاب العقبة الثانية وشهد بدرا والمشاهد وبشره النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالعلم (فقد) روى الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن رباح عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال أبا المنذر اىّ آية في كتاب الله أعظم معك قال قلت "الله لا إله إلا هو الحيّ القيوم" قال فضرب على صدرى وقال ليهنأك العلم أبا المنذر، وكان من أصحاب الفتيا وسماه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سيد الأنصار فلم يمت حتى قالوا سيد المسلمين وآخى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بينه وبين سعيد بن زيد وعمرو بن نوفل وهو أوّل من كتب للنبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وممن روى عنه من الصحابة عمر وكان يسأله عن النوازل ويتحاكم إليه في المعضلات وروى عنه أيضا أبو أيوب وعبادة بن الصامت وسهل بن سعد وأبو موسى وابن عباس وأبو هريرة وأنس وكثيرون، وروى عن أبى سعيد الخدرى أن رجلا من المسلمين قال يا رسول الله أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا وما لنا فيها قال كفارات فقال أبىّ بن كعب يا رسول الله وإن قلت قال وإن شوكة فما فوقها فدعا أبىّ أن لا يفارقه الوعك حتى يموت وأن لا يشغله عن حج ولا عن عمرة ولا جهاد ولا صلاة مكتوبة في جماعة قال فما مسّ إنسان جسده إلا وجد حرّه حتى مات رواه أحمد وأبو يعلى وابن أبي الدنيا وصححه ابن حبان ورواه الطبرانى عن أبىّ، قيل مات في خلافة عثمان سنة ثلاثين
(معنى الحديث)
(قوله إنما جعل ذلك رخصة للناس الخ) أى جعل الماء من الماء تسهيلا وتوسعة على الناس بعدم إيجاب الاغتسال عند عدم الإنزال في ابتداء الإسلام لقلة
ثيابهم لئلا يسرع إليها البلى من كثرة مماسة الماء ولئلا يصيبهم الضرر من كثرة الاغتسال فلو كان الإيلاج بلا إنزال موجبا للغسل في ذلك الزمان لتحرّج أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولوقعوا في المشقة العظيمة وشريعتنا تأبى ذلك حيث قال الله تعالى "وما جعل عليكم في الدين من حرج" وفي بعض الروايات لقلة الثبات بدل الثياب فيكون معناه أن الناس كانوا في أوائل الإسلام ضعفاء الإيمان قليلى الاستقامة والثبات في أمور الدين فخفف الله تعالى عنهم رحمة بهم وترغيبا لهم في الإسلام والثبات عليه ولعلّ أبيا قال ذلك ردًّا على من سمعه يقول إن الإكسال لا يوجب الغسل لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الماء من الماء
(قوله ثم أمر بالغسل الخ) أى أمر النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالغسل من التقاء الختانين وإن لم يحصل إنزال ونهى عن ترك الغسل عند عدم الإنزال
(قوله قال أبو داود يعنى الخ) أى يقصد أبى بن كعب أن المشار إليه في قوله إنما جعل ذلك هو الماء من الماء والماء الأول ماء الغسل والماء الثاني المنىّ أى أن إيجاب الغسل إنما يكون بإنزال المنىّ فأل فيهما للعهد الذهني (والحديث) يدلّ على أن الجماع موجب للغسل مطلقا حصل إنزال أم لا (وقد اختلف) العلماء في ذلك فذهبت طائفة من الصحابة والتابعين إلى أن الجماع بدون إنزال ليس موجبا للغسل منهم أبو أيوب الأنصارى وأبو سعيد الخدرى وابن مسعود وسعد بن أبى وقاص وأبيّ بن كعب ورافع بن خديج وزيد بن خالد وهو قول عطاء بن أبى رباح وأبي سلمة وسليمان الأعمش والظاهرية، واستدلوا بأحاديث (منها) ما رواه مسلم عن أبى سعيد الخدرى قال خرجت مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يوم الاثنين إلى قباء حتى إذا كنا في بني سالم وقف رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على باب عتبان فصرخ به فخرج يجرّ إزاره فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أعجلنا الرجل فقال عتبان أرأيت الرجل يعجل عن امرأته ولم يمن ماذا عليه فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إنما الماء من الماء، وقالوا إن التنصيص على الشئ باسمه العلم يوجب نفى الحكم عما عداه (ومنها) ما رواه البخارى بسنده إلى يحيى بن أبى كثير قال أخبرنى أبو سلمة أن عطاء بن يسار أخبره أن زيد بن خالد الجهنى أخبره أنه سأل عثمان بن عفان فقال أرأيت إذا جامع الرجل امرأته فلم يمن قال عثمان يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره قال عثمان سمعته من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فسألت عن ذلك علىّ بن أبى طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وأبىّ بن كعب فأمروه بذلك (ومنها) حديث أبى هريرة قال بعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى رجل من الأنصار فأبطأ فقال ما حبسك قال كنت أصبت من أهلى فلما جاءني رسولك اغتسلت من غير أن أحدث شيئا فقال
رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الماء من الماء والغسل على من أنزل أخرجه الطحاوى (إلى غير) ذلك من الأحاديث الدالة على عدم وجوب الغسل إلا من الإنزال (وإلى إيجاب) الغسل بالتقاء الختانين وإن لم ينزل ذهب الخلفاء الأربعة والعترة وجمهور الصحابة والفقهاء (قال) النووى في شرح مسلم اعلم أن الأمة مجتمعة الآن على وجوب الغسل بالجماع وإن لم يكن معه إنزال وكان جماعة من الصحابة على أنه لا يجب الغسل إلا بالإنزال ثم رجع بعضهم وانعقد الإجماع بعد الآخرين اهـ واستدلوا ببعض أحاديث الباب وبأحاديث أخر (منها) حديث أبي هريرة عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا جلس بين شغبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل أخرجه الشيخان وزاد مسلم في رواية وإن لم ينزل (ومنها) حديث عائشة قالت إن رجلا سأل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل هل عليهما الغسل وعائشة جالسة فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل أخرجه مسلم (ومنها) ما رواه الطحاوى عن جابر هو ابن يزيد عن أبي صالح قال سمعت عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يخطب فقال إن نساء الأنصار تفتين أن الرجل إذا جامع فلم ينزل فإن على المرأة الغسل ولا غسل عليه وإنه ليس كما أفتين وإذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل (وأجابوا) عن الأحاديث التى استدلّ بها الفريق الأول بأنها منسوخة بحديثى أبيّ بن كعب في الباب وبما رواه الطحاوى عن يزيد بن أبي حبيب عن معمر بن أبي حبيبة عن عبيد بن رفاعة عن أبيه قال إني لجالس عند عمر بن الخطاب إذ جاء رجل فقال يا أمير المؤمنين هذا زيد بن ثابت يفتي الناس في الغسل من الجنابة برأيه فقال عمر أعجل علىّ به فجاء زيد فقال عمر قد بلغنى من أمرك أن تفتي الناس بالغسل من الجنابة برأيك في مسجد النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال له زيد أما والله يا أمير المؤمنين ما أفتيت برأيي ولكنى سمعت من أعمامي شيئا فقلت به فقال من أىّ أعمامك فقال من أبيّ بن كعب وأبي أيوب ورفاعة بن رافع فالتفت إلىّ عمر فقال ما يقول هذا الفتى قال قلت إنا كنا لنفعله على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ثم لا نغتسل قال أفسألتم النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن ذلك فقلت لا قال علىّ بالناس فاتفق الناس أن الماء لا يكون إلا من الماء إلا ما كان من علىّ ومعاذ بن جبل فقالا إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل فقال يا أمير المؤمئين لا أجد أحدا أعلم بهذا من أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من أزواجه فأرسل إلى حفصة فقالت لا علم لى فأرسل إلى عائشة فقالت إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل فتحطم عمر "أى تغيظ" وقال لئن أخبرت بأحد يفعله ثم لا يغتسل لأنهكته عقوبة، وبما رواه أيضا عن عبيد الله بن عدىّ بن الخيار قال تذاكر أصحاب
رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عند عمر بن الخطاب الغسل من الجنابة فقال بعضهم إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل وقال بعضهم إنما الماء من الماء فقال عمر قد اختلفتم عليّ وأنتم أهل بدر الأخيار فكيف بالناس بعدكم فقال عليّ بن أبي طالب يا أمير المؤمنين إن أردت أن تعلم ذلك فأرسل إلى أزواج النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فسلهن عن ذلك فأرسل إلى عائشة فقالت إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل فقال عمر عند ذلك لا أسمع أحدا يقول الماء من الماء إلا جعلته نكالا (قال) الطحاوى فهذا عمر قد حمل الناس على هذا بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلم ينكر ذلك عليه منكر اهـ وبما رواه مسلم عن أبي موسى الأشعرى قال اختلف في ذلك رهط من المهاجرين والأنصار فقال الأنصاريون لا يجب الغسل إلا من الدفق أو من الماء وقال المهاجرون بل إذا خالط وجب الغسل قال أبو موسى فأنا أشفيكم من ذلك فقمت فاستأذنت على عائشة فأذن لى فقلت لها يا أماه أو يا أم المؤمنين إنى أريد أن أسألك عن شيء وإني أستحييك فقالت لا تستحيى أن تسألني عما كنت سائلا عنه أمك التي ولدتك فإنما أنا أمك قلت فما يوجب الغسل قالت على الخبير سقطت قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا جلس بين شعبها الأربع ومسّ الختان الختان فقد وجب الغسل "فإن قيل" إن المنسوخ لا بدّ أن يكون حكما شرعيا وعدم وجوب الغسل بالإيلاج من غير إنزال ثابت بالبراءة الأصلية فلا نسخ فيه "أجيب" بأنه ثابت بالشرع إذ مفهوم الحصر المستفاد من الجملة المعرّفة الطرفين "الماء من الماء" كما في بعض الروايات أو من "إنما" كما في البعض الآخر يفيد إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه فكأنه قال لا غسل من غير إنزال المنيّ فهو مستفاد من الأحاديث لا من البراءة الأصلية، وهناك روايات أخر تدلّ على نسخ حديث الماء من الماء وما في معناه وقد صح أن بعض من روى عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الرخصة أفتى بوجوب الغسل ورجع عن الأول (قال) في سبل السلام حديث الغسل وإن لم ينزل أرجح لو لم يثبت النسخ لأنه منطوق في إيجاب الغسل وذلك مفهوم والمنطوق مقدّم على العمل بالمفهوم وإن كان المفهوم موافقا للبراءة الأصلية والآية تعضد المنطوق في إيجاب الغسل فإنه تعالى قال "وإن كنتم جنبا فاطهروا" قال الشافعى إن كلام العرب يقتضى أن الجنابة تطلق بالحقيقة على الجماع وإن لم يكن فيه إنزال قال فإن كل من خوطب بأن فلانا أجنب عن فلانه عقل أنه أصابها وإن لم ينزل، ولم يختلف أن الزنا الذى يجب به الجلد هو الجماع ولو لم يكن معه إنزال فتعاضد الكتاب والسنة على إيجاب الغسل من الإيلاج اهـ
(فقه الحديث) دلّ الحديث على وجوب الغسل بالجماع وإن لم يحصل إنزال، وعلى أن
تخصيص وجوب الغسل بالإنزال كان في أول الإسلام ثم نسخ، وعلى أن الأحكام الشرعية ينسخ بعضها بعضا، وعلى جواز نسخ السنة بالسنة
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقى وأحمد والدارمي وكذا الترمذى بلفظ إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ثم نهى عنها، وأخرجه ابن ماجه بلفظ إنما كانت رخصة في أول الإسلام ثم أمرنا بالغسل بعد (وقال) الحافظ في الفتح إسناده صالح لأن يحتج به وصححه ابن خزيمة وابن حبان وقال الترمذى حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أنه إذا جامع الرجل امرأته في الفرج وجب عليهما الغسل وإن لم ينزلا اهـ
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ، ثَنَا مُبَشِّرٌ الْحَلَبِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ أَبِي غَسَّانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قال حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، «أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يَفْتُونَ، أَنَّ الْمَاءَ مِنَ المَاءِ، كَانَتْ رُخْصَةً رَخَّصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالِاغْتِسَالِ بَعْدُ»
(ش)(رجال الحديث)
(قوله محمد بن مهران) بكسر الميم وسكون الهاء أبو جعفر (الرازى) الحافظ. روى عن المعتمر بن سليمان وعيسى بن يونس والدراوردى والوليد بن مسلم وآخرين. وعنه أبو زرعة وأبو حاتم والبخارى ومسلم وأبو داود، قال أبو حاتم صدوق ووثقه ابن حبان ومسلمة بن قاسم وقال ابن معين ليس به بأس. مات سنة تسع وثلاثين ومائتين
(قوله مبشر) بن إسماعيل أبو إسماعيل الكلبي مولاهم. روى عن الأوزاعي وجعفر بن برقان وشعيب بن أبي حمزة وتمام بن نجيح وغيرهم. وعنه عثمان بن أبى شيبة وأحمد ودحيم وزياد بن أيوب ومحمد بن مهران وجماعة، قال ابن سعد كان ثقة مأمونا وقال النسائى ليس به بأس ووثقه أحمد وابن معين وابن حبان وقال الذهبي تكلم فيه بلا حجة. مات بحلب سنة مائتين. روى له الجماعة. و (الحلبي) نسبة إلى حلب مدينة عظيمة معروفة بالشام (قال) الزجاجى سميت حلب لأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان يحلب فيها غنمه في الجمعات ويتصدق به فيقول الفقراء حلب حلب فسمى به اهـ
(قوله عن محمد أبى غسان) هو ابن مطرّف بن داود بن مطرّف الليثى التيمى أحد العلماء الأثبات. روى عن أبى حازم وزيد بن أسلم وصفوان بن سليم وابن عجلان. وعنه الثورى وابن المبارك ويزيد بن هارون وآخرون، قال أحمد وأبو حاتم ثقة وقال ابن معين ثبت ثقة وقال النسائى وأبو داود لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات وقال يغرب. روى له الجماعة
(قوله
(ص) عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار
(معنى الحديث)
(قوله أن الفتيا التي كانوا يفتون الخ) أى أن الفتيا التي كان يفتى بها فقهاء الصحابة كأبى سعيد الخدرى وأبى أيوب وأبىّ بن كعب فقوله يفتون بضم الياء والتاء مبنىّ للمعلوم. ويحتمل أن يكون بضم الياء وفتح التاء مبنيا للمفعول أى أن الفتيا التي كان يفتى بها النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أصحابه من أنه لا غسل إلا بالإنزال لا من الإيلاج بدون إنزال كانت رخصة أى تسهيلا وتوسعة سهلها رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بوحى من الله تعالى فنسبة الترخيص إليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لظهور الأحكام على لسانه وقد سهلها لما تقدم من قلة الثياب أو الثبات ثم أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالاغتسال من الإيلاج وإن لم يحصل إنزال بعد ظهور الإسلام وانتشاره وكثرة الفتوحات على الصحابة وتمكن الإيمان من قلوبهم. والفتيا بضم الفاء وسكون المثناة الفوقية وكذا الفتوى بفتح الفاء والواو مقصوران اسم من أفتى العالم إذا أجاب السائل وبين له الحكم والجمع الفتاوى بكسر الواو على الأصل ويجوز فتحها للتخفيف، وفي بعض النسخ زيادة "قال أبو داود ومحمد أبو غسان بن مطرّف" وأتى به ليتميز ذلك الرجل عن غيره ممن يشاركه في الكنية
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد والدارقطني وصححه وأخرجه ابن حبان في صحيحه وابن خزيمة وابن أبى شيبة والبيهقي
(ص) حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَرَاهِيذِيُّ، ثَنَا هِشَامٌ، وَشُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، قَالَ:«إِذَا قَعَدَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ، وَأَلْزَقَ الْخِتَانَ بِالْخِتَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ»
(ش)(رجال الحديث)
(قوله الفراهيذى) بفتح الفاء وتخفيف الراء وكسر الهاء وسكون المثناة التحتية وبالذال المعجمة منسوب إلى فراهيذ من أولاد فهم بن غنم بن دوس بطن من الأزد كما في جامع الأصول، وفي كثير من النسخ الفراهيدى بالدال المهملة
(قوله هشام) بن أبى عبد الله الدستوائى. و (شعبة) بن الحجاج. و (قتادة) بن دعامة. و (الحسن) البصرى
(قوله عن أبي رافع) هو نفيع بن رافع الصائغ المدني. أدرك الجاهلية ولم ير النبي صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، روى عن أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلى وابن مسعود وأبى موسى الأشعرى وآخرين. وعنه الحسن البصرى وثابت البنانى وحمد بن هلال وغيرهم، قال ابن سعد كان ثقة وقال أبو حاتم ليس به بأس وقال العجلى تابعى ثقة من كبار التابعين. روى له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله إذا قعد بين شعبها) والضمير فيه عائد على الرجل الواطئ المفهوم من المقام وقد وقع مصرّحا به في رواية لابن المنذر من وجه آخر عن أبى هريرة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قال إذا غشى الرجل امرأته فقعد بين شعبها، والشعب جمع شعبة قال في المصباح الشعبة من الشجر الغصن المتفرّع منها والجمع شعب مثل غرفة وغرف وفي الحديث "إذا جلس بين شعبها الأربع" يعنى يديها ورجليها على التشبيه بأغصان الشجرة وهو كناية عن الجماع لأن القعود كذلك مظنة الجماع فكنى بها عن الجماع والشعبة من الشئ الطائفة منه اهـ وقيل المراد بها رجلاها وشفراها وقيل غير ذلك
(قوله وألزق الختان بالختان) أى موضع الختان منه بموضع الختان منها فهما على تقدير مضاف لأن الختان اسم للفعل. وفى رواية البخارى ثم جهدها. وفي رواية النسائى ثم اجتهد. وفي رواية مسلم ومسّ الختان الختان. وفي رواية الترمذى إذا جاوز الختان الختان. وفى رواية البيهقى إذا التقى الختانان، والختان اسم من ختن من بابى ضرب ونصر وقد يؤنث بالهاء فيقال ختانة ويقال للغلام مختون وللجارية مختونة ويقال غلام وجارية ختين كما يقال فهما قتيل. فالختان يقال للرجل والمرأة بخلاف الخفاض فلا يقال إلا للمرأة وهو بالنسبة للرجل قطع جلدة الكمرة. وبالنسبة للمرأة قطع جلدة من أعلا الفرج تشبه عرف الديك مجاورة لمخرج البول بينها وبين مدخل الذكر جلدة رقيقة. والمراد بإلزاق الختان إدخال الذكر في القبل وتحاذى الختانين لأن ختان المرأة من أعلى الفرج ولا يمسه في الجماع ويؤيده رواية ابن ماجه إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل. أما مجرّد إلزاق الختان بالختان من غير غيبوبة الحشفة فلا يوجب الغسل اتفاقا
(قوله فقد وجب الغسل) أى على الفاعل والمفعول إذا كانا بالغين وإلا فعلى البالغ منهما وإن لم يحصل إنزال منيّ (قال) الترمذى وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وعائشة والفقهاء من التابعين ومن بعدهم مثل سفيان الثورى والشافعى وأحمد وإسحاق قالوا إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل اهـ ومثل غيبوبة الحشفة في قبل المرأة غيبوبتها في دبر أو فرج بهيمة أو دبرها حيا كان المغيب فيه أو ميتا فلا مفهوم لذكر الختان بل هو للغالب (قال) النووى في شرح مسلم قال أصحابنا لو غيب الحشفة في دبر امرأة أو دبر رجل أو فرج بهيمة أو دبرها وجب الغسل سواء أكان المولج فيه حيا أم ميتا صغيرا أم كبيرا وسواء أكان ذلك عن قصد أم عن نسيان وسواء أكان مختارا أم مكرها أو استدخلت المرأة ذكره وهو نائم وسواء انتشر الذكر أم لا وسواء أكان مختونا أم أغلف فيجب الغسل في كل هذه الصور على الفاعل والمفعول به إلا إذا كان الفاعل أو المفعول به صبيا أو صبية فإنه لا يقال وجب عليه لأنه ليس مكلفا ولكن يقال صار جنبا فإن كان مميزا وجب على الولىّ أن يأمره بالغسل كما يأمره بالوضوء فإن
صلى من غير غسل لم تصح صلاته وإن لم يغتسل حتى بلغ وجب عليه الغسل وإن اغتسل في الصبا ثم بلغ لم يلزمه إعادة الغسل، قال أصحابنا والاعتبار في الجماع بتغييب الحشفة من صحيح الذكر بالاتفاق فإذا غيبها بكمالها تعلقت به جميع الأحكام ولا يشترط تغييب جميع الذكر بالاتفاق ولو غيب بعض الحشفة لا يتعلق به شئ من الأحكام إلا وجها شاذا ذكره بعض أصحابنا أن حكمه حكم جميعها وهذا الوجه غلط منكر متروك. وأما إذا كان الذكر مقطوعا فإن بقى منه دون الحشفة لم يتعلق به شيء من الأحكام وإن كان الباقى قدر الحشفة فحسب تعلقت الأحكام بتغييبه بكماله وإن كان زائدا على قدر الحشفة ففيه وجهان مشهوران لأصحابنا أصحهما أن الأحكام تتعلق بقدر الحشفة منه والثانى لا يتعلق شيء من الأحكام إلا بتغييب جميع الباقى، ولو لفّ على ذكره خرقة وأولجه في فرج المرأة ففيه ثلاثة أوجه لأصحابنا الصحيح منها والمشهور أنه يجب عليهما الغسل والثاني لا يجب لأنه أولج في خرقة والثالث إن كانت الخرقة غليظة تمنع وصول اللذّة والرطوبة لم يجب الغسل وإلا وجب والله أعلم، ولو استدخلت المرأة ذكر بهيمة وجب عليها الغسل ولو استدخلت ذكرا مقطوعا فوجهان أصحهما يجب عليها الغسل اهـ كلام النووى (وبما ذكره) في الصغيرة والبهيمة والميتة قالت المالكية والحنابلة إلا أنهم اشترطوا في وجوب الغسل على من أولج في الصغيرة أن تكون مطيقة وإلا فلا يجب إلا بالإنزال (وإلى) هذا ذهبت الحنفية واشترطوا في وجوب الغسل على من أولج في البهيمة والميتة الإنزال والأصح عندهم فيمن لفّ ذكره بخرقة وأولجه ولم ينزل أنه إن وجد حرارة الفرج واللذة لزم الغسل وإلا فلا والأحوط لزوم الغسل فيهما
(فقه الحديث) والحديث يدلّ على أن إيجاب الغسل لا يتوقف على الإنزال بل يجب بمجرّد إدخال الحشفة وقد تقدم بيانه مفصلا
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الشيخان والنسائى والبيهقى وابن ماجه والترمذى والدارقطني والطحاوى في شرح معانى الآثار
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«الْمَاءُ مِنَ المَاءِ» ، وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ يَفْعَلُ ذَلِكَ
(ش)(قوله ابن وهب) عبد الله بن وهب بن مسلم. و (عمرو) بن الحارث بن يعقوب الأنصارى و (ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهرى
(قوله الماء من الماء) أى إنما يجب الغسل من إنزال المنيّ