المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في الاستنثار) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٢

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب صفة وضوء النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم)

- ‌(باب الوضوء ثلاثا ثلاثا)

- ‌(باب الوضوء مرتين)

- ‌(باب الوضوء مرّة مرّة)

- ‌(باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق)

- ‌(باب في الاستنثار)

- ‌(باب تخليل اللحية)

- ‌(باب المسح على العمامة)

- ‌(باب غسل الرجلين)

- ‌(باب المسح على الخفين)

- ‌(باب التوقيت في المسح)

- ‌(باب المسح على الجوربين)

- ‌(باب كيف المسح)

- ‌(باب في الانتضاح)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا توضأ)

- ‌(باب الرجل يصلى الصلوات بوضوء واحد)

- ‌(باب تفريق الوضوء)

- ‌(باب إذا شك في الحدث)

- ‌(باب الوضوء من القبلة)

- ‌(باب الوضوء من مس الذكر)

- ‌(باب في الوضوء من لحوم الإبل)

- ‌(باب الوضوء من مس اللحم النيء وغسله)

- ‌(باب في ترك الوضوء من مس الميتة)

- ‌(باب في ترك الوضوء مما مست النار)

- ‌(باب الوضوء من اللبن)

- ‌(باب الوضوء من الدم)

- ‌(باب في الوضوء من النوم)

- ‌(باب في الرجل يطأ الأذى)

- ‌(باب فيمن يحدث في الصلاة)

- ‌(باب في المذى)

- ‌(باب مباشرة الحائض ومؤاكلتها)

- ‌(باب في الإكسال)

- ‌(باب في الجنب يعود)

- ‌(باب الوضوء لمن أراد أن يعود)

- ‌(باب في الجنب ينام)

- ‌(باب من قال الجنب يتوضأ)

- ‌(باب الجنب يؤخر الغسل)

- ‌(باب في الجنب يقرأ القرآن)

- ‌(باب في الجنب يصافح)

- ‌(باب في الجنب يدخل المسجد)

- ‌(باب في الجنب يصلي بالقوم وهو ناس)

الفصل: ‌(باب في الاستنثار)

طاهر في الفصل وما رواه ابن السكن في صحاحه من طريق شقيق بن سلمة قال شهدت علىّ بن أبى طالب وعثمان بن عفان توضأ ثلاثا ثلاثا وأفردا المضمضة عن الاستنشاق ثم قالا هكذا رأينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم توضأ فهذا صريح في الفصل (قال) الحافظ في التلخيص أما رواية عليّ وعثمان للفصل فتبع فيه الرافعى الإمام في النهاية وأنكره ابن الصلاح في كلامه على الوسيط فقال لا يعرف ولا يثبت بل روى عن علىّ الجمع "ففى" مسند أحمد عن علىّ أنه دعا بماء فغسل وجهه وكفيه ثلاثا وتمضمض وأدخل بعض أصابعه في فيه واستنشق ثلاثا اهـ وقد روى ابن ماجه عن علىّ أيضا أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم توضأ فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا من كفّ واحد، وتقدّم أيضا عن المصنف روايات كثيرة عن على وغيره تدلّ على الجمع (والحاصل) أن كلا من الوصل والفصل ثابت لكن أحاديث الوصل قوية الإسناد وتقدّم بيان ذلك في باب صفة وضوء النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم.

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن الماء المتقاطر من العضو أثناء الوضوء طاهر وإلا لتحرّز النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عنه، وعلى مشروعية الفصل بين المضمضة والاستنشاق.

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقى.

(باب في الاستنثار)

من النثر بالنون والمثلثة وهو طرح الماء من الأنف بعد الاستنشاق الذى يجذبه المتوضئُ بريح أنفه لتنظيف ما في داخله سواء أكان الاستنثار بإعانة اليد أم لا، وحكي عن مالك كراهية فعله بغير اليد لكونه يشبه فعل الدابة، والمشهور عدم الكراهة، وإذا استنثر فالمستحب أن يكون بيده اليسرى لما تقدّم من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه، ويجعل شماله لما سوى ذلك.

(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْثُرْ»

(ش)(قوله عن أبى الزناد) عبد الله بن ذكوان و (الأعرج (عبد الرحمن بن هرمز

(قوله إذا توضأ أحدكم الخ) أى شرع في الوضوء فليستنشق ثم ليخرج الماء من أنفه، وينثر بمثلثة

ص: 81

مضمومة وتكسر من بابى قتل وضرب. وفى بعض الروايات ثم لينتثر من الانتثار. وفى رواية النسائى ثم ليستنثر يقال نثر الرجل وانتثر إذا حرّك النثرة وهى طرف الأنف فإنه يحرّكها عند إخراج ما في الأنف (وظاهر) الحديث يفيد وجوب الاستنشاق والاستنثار وأنه مغاير للاستنشاق ومرتب عليه (قال) الحافظ في الفتح ظاهر الأمر أنه للوجوب فيلزم من قال بوجوب استنشاق لورود الأمر كأحمد وإسحاق وأبى عبيدة وأبى ثور وابن المنذر أن يقول به في الاستنثار وظاهر كلام صاحب المغنى يقتضى أنهم يقولون بذلك وأن مشروعية الاستنشاق لا تحصل إلا بالاستنثار (وصرّح) ابن بطال بأن بعض العلماء قال بوجوب الاستنثار، وفيه تعقب على من نقل الإجماع على عدم وجوبه (واستدلّ) الجمهور على أن الأمر فيه للندب بما حسنه الترمذى وصححه الحاكم من قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للأعرابى توضأ كما أمرك الله فأحاله على الآية وليس فيها ذكر الاستنشاق (وأجيب) بأنه يحتمل أن يراد ما هو أعمّ من آية الوضوء فقد أمر الله سبحانه وتعالى باتباع نبيه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو المبين عن الله أمره، ولم يحك أحد ممن وصف وضوءه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه ترك الاستنشاق بل ولا المضمضة وهو يردّ على من لم يوجب المضمضة أيضا، وقد ثبت الأمر بها في سنن أبى داود بإسناد صحيح اهـ بتصرّف (أقول) وفى هذا الجواب نظر فإنه إنما يتمّ لو أحال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الأعرابى ولم يبين له أما بالنظر إلى تمام الحديث وهو فاغسل وجهك ويديك وامسح رأسك واغسل رجليك فيصير نصا على أن المراد كما أمرك الله في خصوص آية الوضوء لا في عموم القرآن فلا يكون أمره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الأعرابى بالوضوء أمرا بالمضمضة والاستنشاق والاستنثار لعدم ذكرها في آية الوضوء المرادة بقول النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما أمرك الله، أفاده في النيل، وأما قوله ولم يحك أحد ممن وصف وضوءه أنه ترك الاستنشاق الخ فيردّه ما تقدم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أن رجلا أتى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال كيف الطهور فدعا بإناء فيه ماء فغسل كفيه ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا فقد ترك النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المضمضة والاستنشاق والاستنثار في مقام البيان وهو ينفي وجوبها، وعلى فرض ثبوت المواظبة فلا تدل على الوجوب لعدم اقترانها بالإنكار على التارك كما هو مقرّر، ولم يذكر في هذه الروية عددا وقد ورد في رواية سفيان عن أبى الزناد وإذا استنثر فليستنثر وترا أخرجه الحميدي في مسنده، واقتصر في حديث، الباب على الأنف لأنه مظنة اجتماع الأقذار وحاول الشيطان "فقد" روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه، والشيطان إذا لم يمكنه الوسوسة

ص: 82

عند النوم لزوال الإحساس يبيت على أنفه ليلقى في دماغه الرؤيا الفاسدة ويمنعه الرؤيا الصالحة لأن محله الدماغ فأمر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالاستنشاق والاستنثار إزالة للوث الشيطان ونتنه.

(فقه الحديث) والحديث يدلّ بظاهره على وجوب الاستنشاق والاستنثار، وعلى أن الاستنثساق غير الاستنثار وقد علمت أن الأمر فيه محمول على الندب عند الجمهور.

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مالك في الموطأ والبخارى ومسلم والنسائى والبيهقى.

(ص) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا وَكِيعٌ، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ قَارِظٍ، عَنْ أَبِي غَطَفَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله وكيع) بن الجراح

(قوله ابن أبى ذئب) هو محمد ابن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبى ذئب العامرى المدنى أحد الأئمة. روى عن نافع وسعيد المقبرى وعكرمة مولى ابن عباس والزهري والأسود بن العلاء وكثيرين. وعنه الثورى ويحيى القطان وأبو نعيم وأبو عاصم والوليد بن مسلم وابن وهب وطوائف، قال أحمد كان صدوقا وكان لا يبالى عمن يحدّث وقال يعقوب بن شيبة ثقة صدوق غير أن روايته عن الزهري خاصة تكلم فيها بعضهم بالاضطراب وقال الواقدى كان من أورع الناس وأفضلهم وكانوا يرمونه بالقدر وما كان قدريا لقد كان يتقى قولهم ويعيبه وقال الخليلي ثقة أثنى عليه مالك فقيه من أئمة أهل المدينة حديثه مخرج في الصحيح إذا روى عن الثقات لكنه قد يروى عن الضعفاء. ولد سنة ثمانين. ومات سنة ثمان وخمسين ومائة

(قوله قارظ) بالقاف والظاء المعجمة ابن شيبة بن قارظ بن بكر الليثى المدنى حليف بنى زهرة. روى عن سعيد بن المسيب وأبى غطفان. وعنه أخوه عمرو وابن أبى ذئب، قال النسائي لا بأس به وقال ابن سعد كان قليل الحديث وذكره ابن حبان في الثقات قيل مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة

(قوله عن أبى غطفان) بفتحات قيل اسمه سعد بن طريف أو ابن مالك المرى بالراء المدنى. روى عن ابن عباس وأبى هريرة وسعيد بن زيد. وعنه إسماعيل بن أمية وعمر بن حمزة وداود بن الحصين وقارظ ابن شيبة وغيرهم، قال ابن سعد كان قد لزم عثمان وكتب له ولمروان وذكره في الطبقة الثانية ووثقه ابن معين وابن حبان. روى له الجماعة إلا البخارى.

(معنى الحديث)

(قوله بالغتين) أى كاملتين كمالا تاما

(قوله أو ثلاثا) أو فيه للتخيير

ص: 83

فالأمر مخير فيه بين المرّتين الكاملتين أو الثلاث، ولم يذكر المبالغة في الثلاث لأن المبالغة في الثنتين قائمة مقام المرّة الثالثة، والحديث يدلّ على طلب الاستنثار وعلى المبالغة فيه فهو من أدلة القائلين بوجوب الاستنثار، وقد تقدّم بيان ذلك.

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد والحاكم وابن ماجه وابن الجارود وصححه ابن القطان وأخرجه البيهقى بلفظ أتمّ.

(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، فِي آخَرِينَ، قَالُوا: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ وَافِدَ بَنِي الْمُنْتَفِقِ - أَوْ فِي وَفْدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، فَلَمْ نُصَادِفْهُ فِي مَنْزِلِهِ، وَصَادَفْنَا عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: فَأَمَرَتْ لَنَا بِخَزِيرَةٍ فَصُنِعَتْ لَنَا، قَالَ: وَأُتِينَا بِقِنَاعٍ - وَلَمْ يَقُلْ قُتَيْبَةُ: الْقِنَاعَ، وَالْقِنَاعُ: الطَّبَقُ فِيهِ تَمْرٌ - ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ فَقَالَ: «هَلْ أَصَبْتُمْ شَيْئًا؟ - أَوْ أُمِرَ لَكُمْ بِشَيْءٍ؟ » قَالَ: قُلْنَا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسٌ، إِذْ دَفَعَ الرَّاعِي غَنَمَهُ إِلَى الْمُرَاحِ، وَمَعَهُ سَخْلَةٌ تَيْعَرُ، فَقَالَ:«مَا وَلَّدْتَ يَا فُلَانُ؟ » ، قَالَ: بَهْمَةً، قَالَ:«فَاذْبَحْ لَنَا مَكَانَهَا شَاةً» ، ثُمَّ قَالَ:" لَا تَحْسِبَنَّ وَلَمْ يَقُلْ: لَا تَحْسَبَنَّ أَنَّا مِنْ أَجْلِكَ ذَبَحْنَاهَا، لَنَا غَنَمٌ مِائَةٌ لَا نُرِيدُ أَنْ تَزِيدَ، فَإِذَا وَلَّدَ الرَّاعِي بَهْمَةً، ذَبَحْنَا مَكَانَهَا شَاةً " قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي امْرَأَةً وَإِنَّ فِي لِسَانِهَا شَيْئًا - يَعْنِي الْبَذَاءَ - قَالَ:«فَطَلِّقْهَا إِذًا» ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَهَا صُحْبَةً، وَلِي مِنْهَا وَلَدٌ، قَالَ:" فَمُرْهَا يَقُولُ: عِظْهَا فَإِنْ يَكُ فِيهَا خَيْرٌ فَسَتَفْعَلْ، وَلَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي، عَنِ الْوُضُوءِ، قَالَ:«أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» .

ص: 84

(ش)(رجال الحديث)

(قوله في آخرين) يعني أن المصنف روى هذا الحديث عن قتيبة حال كونه مع جماعة كل واحد منهم حدّثه به عن يحيى بن سليم

(قوله يحيى بن سليم) بالتصغير أبو محمد ويقال أبو زكريا القرشى الطائفى المكي. روى عن موسى بن عقبة وإسماعيل ابن كثير والثورى وابن جريج وغيرهم. وعنه قتيبة وإسحاق وابن المبارك ووكيع والشافعى وأحمد وطائفة. وثقه ابن معين والعجلى وقال أبو أحمد الحاكم ليس بالحافظ وقال الدولابى ليس بالقوى وقال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث وقال النسائى ليس به بأس وهو منكر الحديث وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ وقال الدارقطني سيئُ الحفظ وقال أحمد أتيته فكتبت عنه شيئا فرأيته يخلط في الأحاديث فتركته وفيه شئ وقال أبو حاتم محله الصدق ولم يكن بالحافظ يكتب حديثه ولا يحتج به وقال يعقوب بن سفيان كان رجلا صالحا وكتابه لا بأس به فإذا حدّث من كتابه فحديثه حسن وإذا حدّث حفظا فيعرف وينكر. توفى سنة ثلاث أو أربع وتسعين ومائة. روى له الجماعة

(قوله إسماعيل بن كثير) الحجازى أبو هاشم المكي. روى عن سعيد بن جبير ومجاهد وعاصم بن لقيط. وعنه الثورى وابن جريج ويحيى بن سليم وداود ابن عبد الرحمن العطار، وثقه أحمد بن حنبل والنسائى ويعقوب بن سفيان والعجلى وقال أبو حاتم صالح وقال ابن سعد ثقة كثير الحديث. روى له أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه

(قوله عاصم بن لقيط) بفتح اللام وكسر القاف (ابن صبرة) بفتح الصاد المهملة وكسر الباء الموحدة وبعضهم يسكنها العقيلى الحجازى. روى عن أبيه. وعنه إسماعيل بن كثير قال النسائى ثقة وذكره ابن حبان في الثقات، روى له أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه

(قوله عن أبيه لقيط بن صبرة) بن عبد الله بن المنتفق بن عامر العامرى. روى عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وعنه ابنه عاصم ويقال لقيط بن عامر بن المنتفق بن عامر العامرى أبو رزين العقيلى قال ابن معين إنهما واحد وإن من قال لقيط بن عامر نسبه لجدّه وإنما هو لقيط بن صبرة بن عامر وحكاه الأثرم عن أحمد ومال إليه البخارى وجزم به ابن حبان وابن السكن وعبد الغنى بن سعيد في إيضاح الإشكال وابن عبد البرّ. وقال مسلم والبغوى والدارمي وابن قانع وغيرهم إنهما اثنان قال ابن حجر والراجح في نظرى أنهما اثنان لأن لقيط بن عامر معروف يكنيته ولقيط بن صبرة لم تذكر كنيته إلا ما شذّ به ابن شاهين فقال أبو رزين العقيلى أيضا، والرواة عن أبى رزين جماعة ولقيط بن صبرة لا يعرف له راو إلا ابنه، وإنما قوى كونهما واحدا عند من جزم به لأنه وقع في صفة كل واحد منهما أنه وافد بنى المنتفق وليس بواضح لأنه يحتمل أن يكون كل منهما كان رأسا اهـ ملخصا من الإصابة. روى له أبو داود والترمذى وابن ماجه والنسائى. (معنى الحديث)

(قوله وافد بني المنتفق) أى رسولهم قال الجوهرى في الصحاح وفد

ص: 85

فلان على الأمير أى ورد رسولا وبابه وعد فهو وافد والجمع وفد مثل صاحب وصحب اهـ والمنتفق بضم الميم وسكون النون وفتح المثناة وكسر الفاء بعدها قاف جدّ صبرة

(قوله أو في وفد بنى المنتفق) شك من أحد الرواة والأقرب أنه عاصم، والوفد القوم الذين يأتون الملوك ركبانا وقيل هم القوم الذين يجتمعون ويردون البلاد والذين يقصدون الأمراء لزيارة أو استرفاد أو انتجاع، أفاده في اللسان، والفرق بين كونه وافدا وفي وفد أن الأول يدلّ على انفراد لقيط أو كونه زعيم الوفد ورئيسهم، والثانى يدل على أنه كان واحدا من الوفد

(قوله فلم نصادفه) أى لم نجده يقال صادف فلان فلانا وجده

(قوله بخزيرة) بخاء معجمة مفتوحة وبالزاى المكسورة بعدها المثناة التحتية الساكنة على وزن كبيرة هى لحم يقطع قطعا صغارا ويصبّ عليه ماء كثير فإذا نضج ذرّ عليه الدقيق وإن لم يكن فيها لحم فهى عصيدة، وقيل هى حسا من دقيق ودسم، وقيل إذا كان من دقيق فهى حريرة وإذا كان من نخالة فهى خزيرة، كذا في النهاية

(قوله وأتينا بقناع) بكسر القاف وتخفيف النون الطبق من خوص ونحوه يؤكل عليه ويقال له القنع بالكسر والضم

(قوله ولم يقل قتيبة القناع) أي لم يذكر هذا اللفظ. وفي بعض النسخ لم يقم قتيبة القناع من أقام يقيم اى لم يثبته فهما بمعنى

(قوله والقناع الطبق الخ) وفي نسخة والقناع طبق وهو مدرج من أحد الرواة فسر به القناع

(قوله هل أصبتم شيئا) أى تناولتم شيئا من الطعام وفى بعض النسخ فقال أصبتم بدون هل

(قوله أو أمر لكم) بصيغة المجهول، والظاهر أن الشك من لقيط بن صبرة

(قوله فبينا نحن جلوس الخ) أى بين أوقات نحن جالسون عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيها إذ دفع الراعي غنمه أى ساقها، وفي بعض النسخ إذا رفع بالراء وهى بمعنى الأولى، وفي بعضها إذا دفع، وإضافة الغنم للراعي لأدنى ملابسة فقد كانت الغنم لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما يدلّ عليه بقية الحديث، وبينا أصلها بين أشبعت الفتحة فصارت بينا وهى ظرف زمان بمعنى المفاجأة تضاف إلى جملة إسمية أو فعلية أو مبتدأ وخبر وتحتاج إلى جواب يتمّ به المعنى، والأفصح في جوابها أن لا يكون فيه إذ ولا إذا وقد جاءا كثيرا في الجواب والغنم اسم جنس يطلق على الضأن المعز ولا واحد لها من لفظها وقد تجمع على أغنام

(قوله إلى المراح) بضم الميم الموضع الذى تأوى إليه الماشية ليلا أما بالفتح فهو الموضع الذى يروح إليه القوم أو يروحون منه

(قوله ومعه سخله تيعر) بفتح السين المهملة وسكون الخاء المعجمة ولد الشاة من المعز أو الضأن حين يولد ذكرا أو أنثى، وقيل يختص بأولاد المعزوبة حزم صاحب النهاية وجمعه سخل وسخال، وتيعر بفتح العين المهملة وكسرها من بابى ضرب منع أي تصحيح كما في القاموس

(قوله ما ولدت) أى أىّ شيء ولدته بتشديد اللام وفتح المثناة الفوقية يقال ولدت الشاة توليدا إذا حضرت ولادتها فعالجتها حتى ينفصل الولد منها (قال) في النهاية وأصحاب الحديث يقولون

ص: 86

ما ولدت بتخفيف اللام وسكون التاء يعنون الشاة، والمحفوظ التشديد على الخطاب للراعي اهـ (وقال) الخطابي هو بتشديد اللام على معنى خطاب الشاهد، وأصحاب الحديث يقولون ما ولدت خفيفة اللام ساكنة التاء أى ما ولدت الشاة وهو غلط اهـ (أقول) لا وجه لتغليظهم بل يصح التخفيف أيضا والمعنى ما صفة ما ولدته الشاة أذكر أم أنثى أو ما عدده

(قوله يا فلان) كناية عن العلم ولعل الصحابى نسى اسم الراعي فكنى بهذا اللفظ عن اسمه

(قوله قال بهمة) بفتح الموحدة وسكون الهاء أى ولدت الشاة بهمة، والبهمة ولد الضأن يطلق على الذكر والأنثى والجمع بهم مثل تمرة وتمر وجمع البهم بهام مثل سهم وسهام وتطلق البهام على أولاد الضأن والمعز إذا اجتمعت تغليبا فإذا انفردت قيل لأولاد الضأن بهام ولأولاد المعز سخال اهـ مصباح، والمراد هنا الأنثى بدليل قوله اذبح لنا مكانها شاة (قال) ابن الأثير هذا الحديث يدلّ على أن البهمة اسم للأنثى لأنه إنما سأله ليعلم أذكرا ولد أم أنثى وإلا فقد كان يعلم أن ما تولد أحدهما اهـ (قال) السيوطى ويحتمل أنه سأله ليعلم هل المولود واحد أو أكثر ليذبح بقدره من الشياه الكبار كما دلّ عليه بقية الحديث اهـ

(قوله لا تحسبن الخ) أى قال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للقيط لا تحسبن بكسر السين المهملة أى لا تظنن أنا ذبحنا الشاة لأجلك قال لقيط ولم يقل النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (لا تحسبن) بفتح السين، والغرض منه إظهار كمال حفظ الراوى حيث تيقن أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نطق بها بكسر السين لا بفتحها ولا يلزم منه أن لا يكون النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نطق بالمفتوحة في وقت آخر بل قد نطق بذلك فقد قرئَ بالوجهين (قال) السيوطى يحتمل أن الصحابي إنما نبه على ذلك لأنه كان ينطق بالفتح فاستغرب الكسر فضبطه، ويحتمل أنه كان ينطق بالكسر ورأى الناس ينطقون بالفتح فنبه أن الذى نطق به صلى الله تعالى عليه وعلى له وسلم الكسر اهـ وأراد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بذلك إظهار ترك الامتنان بالذبح على الضيف وأنه لم يتكلف له

(قوله لنا غنم الخ) جملة مستأنفة كالتعليل للذبح أى لا نريد زيادتها على المائة لأن هذا القدر كاف لما تدعو إليه الحاجة والزيادة عليه ربما جرت إلى الاشتغال بالدنيا وهو صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وإن كان معصوما لكنه مشرّع

(قوله يعنى البذاء) هذا التفسير من عاصم بن لقيط على الظاهر، والبذاء بفتح الموحدة وبالذال المعجمة ممدودا وقد يقصر الفحش في القول، وكنى لقيط عنه بالشئ تأدبا معه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (قال) في المصباح بذا على القوم يبذو بذاء بالفتح والمدّ سفه وأفحش في منطقه وإن كان كلامه صدقا فهو بذى على فعيل وامرأة بذية كذلك وأبذى بالألف وبذى وبذو من بابى تعب وقرب لغات فيه وبذأ يبذأ مهموز بفتحهما بذاء وبذاءة بالمدّ وفتح الأول كذلك وبذأته

ص: 87

العين ازدرته واستخفت به اهـ

(قوله إن لها صحبة إلخ) غرض لقيط بهذا الإشارة إلى الرغبة في عدم طلاقها لأن لها صحبة قديمة ولها أولاد، وحق الصحبة وحاجة الأولاد إلى من يعولهم يشقّ منها الفراق

(قوله يقول عظها) الظاهر أن هذه الجملة من كلام عاصم أتى بها تفسيرا لقوله مرها أى يريد النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بقوله مرها عظها، وعظ أمر من وعظ يعظ كوعد يعد والاسم الموعظة والأمر بالطاعة والنهى عن المخالفة بالطريق الحسنة مع بيان ما يترتب على الطاعة من الخير وعلى المخالفة من الشرّ وذكر الوعد والوعيد في ذلك

(قوله فإن يك إلخ) أى يوجد في تلك المرأة خير فستمتثل ما تأمرها به، وفى رواية الشافعى وابن حبان فستقبل بالقاف والموحدة وهو صحيح المعنى إلا أنه ليس بمشهور، والخير اسم جامع لأنواع المكارم

(قوله ولا تضرب ظعينتك) بفتح الظاء المعجمة وكسر العين المهملة أى امرأتك، والظعينة في الأصل وصف للمرأة في هودجها ثم أطلق عليها وإن لم تكن في الهودج سميت بذلك لأن زوجها يظعن بها ويرتحل

(قوله كضربك أميتك) متعلق بمحذوف صفة لمصدر محذوف أى ضربا مثل ضربك أميتك بضم الهمزة وفتح الميم تصغير أمة وهي الرقيقة صغرت تحقيرا لها بالنسبة للحرّة، والمعنى لا تضرب امرأتك مثل ضربك أمتك، وفيه إيماء إلى جواز ضرب المرأة ضربا خفيفا عند المقتضى لكن بعد وعظها وهجرها كما في الآية (وظاهر) الحديث يفيد جواز ضرب المماليك ضربا مبرّحا، وليس مرادا فقد نهى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن ضربهم وأمر بالإحسان إليهم بل المراد التنفير من معاملة الرجل زوجه معاملة من يسئ إلى مملوكه فيضربه ضربا مبرّحا مع ورود النهى عن ذلك (قال) الخطابى قوله ولا تضرب ظعينتك الخ ليس في هذا ما يمنع من ضربهنّ أو تحريمه على الأزواج عند الحاجة إليه فقال الله سبحانه وتعالى ذلك في قوله "فعظوهن واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ" وإنما فيه النهى عن تبريح الضرب كما يضرب المماليك في عادات من يستجيز ضربهم ويستعمل سوء الملكية فيهم، وتمثيله بضرب المماليك لا يوجب إباحة ضربهم وإنما جرى ذكره في هذا على طريق الذمّ لأفعالهم والنهى عن الاقتداء بهم، وقد نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن ضرب المماليك إلا في الحدود وأمر بالإحسان إليهم وقال من لم يوافقكم منهم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله. فأما ضرب الدوابّ فمباح لأنها لا تتأدب بالكلام ولا تعقل معاني الخطاب كما يعقل الإنسان وإنما يكون تقويمها غالبا بالضرب وقد ضرب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وحرّك بعيره بمحجنه ونخس جمل جابر حين أبطأ فسبق الركب حتى ما يملك رأسه اهـ

(قوله أخبرنى عن الوضوء) أى الوضوء الكامل الزائد على ما عرفناه وهو ما عرف واستقرّ في الشرع مدحه والثناء على فاعله فأل في الوضوء للعهد الذهنى

(قوله أسبغ الوضوء) بقطع الهمزة أى أكمله ولا تترك شيئا من فرائضه وسننه

ص: 88

ومستحباته

(قوله وخلل بين الأصابع) ظاهر الحديث يفيد وجوب تخليل الأصابع وإدخال بعضها في بعض مبالغة في إيصال الماء، وبه قالت المالكية في أصابع اليدين وقالوا يندب في أصابع الرجلين وذلك لإيجابهم تدليك كل عضو ولتفرّق أصابع اليدين اعتبر كل أصبع كعضو مستقلّ يلزم تدليكه. أما أصابع الرجلين فلشدّة اتصالها اعتبرت كعضو واحد فلا يلزم تخليلها (وقال) غيرهم يسنّ في اليدين والرجلين وحملوا الأمر في الحديث على الندب جمعا بينه وبين سائر الروايات التي حكى فيها صفة وضوئه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإنها لم يذكر فيها التخليل، ومحلّ هذا كله إذا وصل الماء إلى ما بين الأصابع بدون تخليل وإلا فيجب اتفاقا، وقد ورد في تخليل الأصابع أحاديث في كلّ منها مقال "فقد" أخرج أحمد والترمذى وابن ماجه والحاكم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك (قال) الحافظ فيه صالح مولى التوأمة وهو ضعيف لكن حسنه البخارى لأنه من رواية موسى بن عقبة عن صالح، وسماع موسى منه قبل أن يختلط اهـ وأخرج الترمذى من حديث المستورد بن شدّاد قال رأيت النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا توضأ يدلك أصابع رجليه بخنصره، وسيأتى للمصنف وفي رواية لابن ماجه يخلل بدل يدلك وفى إسناده ابن لهيعة لكن تابعه الليث بن سعد وعمرو بن الحارث أخرجه البيهقى وأبو بشر الدولابى والدارقطنى في غرائب مالك من طريق ابن وهب وصححه ابن القطان، وأخرج الدارقطنى عن عثمان أنه خلل أصابع قدميه ثلاثا وقال رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فعل كما فعلت، وأخرجه الطبرانى في الأوسط من حديث الرّبيع بنت معوّذ وإسناده ضعيف، ورواه الدارقطنى من حديث عائشة وفيه عمر بن قيس منكر الحديث، ورواه الطبرانى في الكبير من حديث وائل بن حجر وفيه ضعف وانقطاع كذا في التلخيص (قال) في شرح المنتقى وأحاديث الباب (أى باب تخليل الأصابع) يقوّى بعضها بعضا فتنهض للوجوب لا سيما حديث لقيط بن صبرة فإنه صححه الترمذى والبغوى وابن القطان (قال) ابن سيد الناس في شرح الترمذى قال أصحابنا من سنن الوضوء تخليل أصابع الرجلين في غسلهما، قال وهذا إذا كان الماء يصل إليها من غير تخليل فلو كانت الأصابع ملتفة لا يصل الماء إليها إلا بالتخليل فحينئذ يجب التخليل لا لذاته لكن لأداء فرّض الغسل اهـ والأحاديث قد صرّحت بوجوب التخليل وثبتت من قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وفعله، ولا فرق بين إمكان وصول الماء بدون تخليل وعدمه ولا بين أصابع اليدين والرجلين، فالتقييد بأصابع الرجلين أو بعدم إمكان وصول الماء لا دليل عليه اهـ بتصرّف (أقول) قد علمت أن في كل حديث من أحاديث التخليل مقالا فلا تنهض دليلا على الوجوب، وعلى فرض صحتها فهى محمولة على الندب

ص: 89

جمعا بينها وبين سائر الروايات الصحيحة الكثيرة التي لم يذكر فيها التخليل وقد سيقت لبيان صفة الوضوء فلذا ذهب الجمهور إلى استحباب تخليل أصابع اليدين والرجلين، والأكمل في تخليل اليدين أن يضع بطن الكفّ اليمنى على اليسرى ويدخل الأصابع بعضها في بعض وفي الرجلين أن يكون بخنصر اليد اليسرى بادئا بخنصر الرجل اليمنى خاتما بخنصر الرجل اليسرى لما فيه من السهولة والمحافظة على التيامن

(قوله وبالغ في الاستنشاق الخ) أى أتمه بجذب الماء إلى أعلى الأنف وبامتخاطه في كل مرّة إلا أن تكون صائما فلا تبالغ خشية دخول الماء من الخيشوم إلى الحلق فيفسد الصوم فلذا كره للصائم المبالغة في الاستنشاق "فإن قيل" السؤال يقتضى الجواب عن أعمال الوضوء تفصيلا فلم أجمل النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الجواب بذكر الإسباغ واقتصر في التفصيل على تخليل الأصابع والمبالغة في الاستنشاق (أجيب) بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم علم من حال السائل أنه كان يعلم أصل الوضوء فأجابه بما ذكر مفصلا له ما ظن خفاءه عليه من تخليل الأصابع لأنه قد يضمها فلا يصل الماء إلى ما بينها والمبالغة في الاستنشاق لأن غسل أعلى باطن الأنف غير معلوم.

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أنه لا يجب على من أسلم أن يهاجر من بلاده ومحله حيث كان آمنا على دينه وقادرا على إظهاره. وعلى أنه لا يجب على كلّ فرد أن ينتقل لتعلم أمور الدين بل يكفى أن ترحل طائفة من كل جهة ليتعلموا ثم يعودوا إليهم فيرشدوهم لأن بنى المنتفق لم يهاجروا جميعا بل أرسلوا وفدهم، وعلى أنه يطلب إكرام الضيف بما يليق به ويقدر عليه المضيف، وعلى أنه إن لم يوجد ربّ المنزل يطلب من أهله إن علموا رضاه أن يقوموا بإكرام الضيف مع مراعاة الآداب الشرعية. وعلى أنه يطلب من ربّ البيت إذا حضر ووجد ضيفا أن يسأله هل قدّم له ما يليق به. وعلى أنه يطلب من المضيف أن لا يتكلف للضيف مع إظهار ذلك له خشية الامتنان والرياء. وعلى جواز اقتناء الغنم واتخاذ راع لها وتحديد عددها. وعلى طلب الزهد في الدنيا. وعلى مشروعية سؤال الرئيس مرءوسه عما تحت يده من المال ولو قليلا. وعلى جواز بثّ المرءوس شكواه إلى الرئيس حتى في الأمور التي من شأنها أن تستر عن الغير. وعلى أنه يطلب من الرجل أن يفارق المرأة الوقحة بذية اللسان. وعلى طلب التخلى عن الخصال الذميمة والتحلى بالصفات الحميدة. وعلى جواز مراجعة الصغير الكبير فيما يهمه وعلى أنه يطلب من الرجل أن ينصح امرأته ويهجرها إذا خرجت عن حدّ الأدب. وأن له أن يضربها ضربا خفيفا إذا لم تؤثر فيها الموعظة والهجر وليس له أن يضربها ضربا مبرّحا. وعلى أنه لا مانع من إمساك المرأة البذية إذا ترتب على تركها ضرر أو فوات مصلحة. وعلى أن الانتفاع

ص: 90

بالموعظة والعمل على مقتضاها من علامة سعادة المرء وحسن عاقبته. وعلى أنه يطلب ممن جهل شيئا أن يسأل عنه العالم به. وعلى أنه يطلب من العالم أن يجيب عما سئل عنه وتتعين عليه الإجابة إن لم يوجد غيره. وعلى أنه يطلب إكمال الوضوء وتخليل الأصابع والمبالغة في الاستنشاق لغير الصائم، وعلى كراهتها للصائم وكذا المبالغة في المضمضة، ودلّ بظاهره على وجوب تخليل أصابع اليدين والرجلين وقد علمت بيانه.

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد والترمذى والنسائى وابن ماجه والشافعى وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم والبيهقى من طريق وكيع عن الثورى عن إسماعيل ابن كثير مطوّلا ومختصرا وصححه الترمذى والبغوى وابن القطان.

(ص) حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَافِدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ، أَنَّهُ أَتَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، قَالَ: فَلَمْ نَنْشَبْ أَنْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، يَتَقَلَّعُ يَتَكَفَّأُ، وَقَالَ: عَصِيدَةٌ، مَكَانَ خَزِيرَةٍ.

(ش)(رجال الحديث)

(قوله عقبة بن مكرم) بضم الميم وسكون الكاف وفتح الراء ابن أفلح أبو عبد الملك البصرى الحافظ. روى عن وهب بن جرير ويعقوب بن إسحاق وأبى عاصم النبيل وابن مهدى وآخرين. وعنه مسلم والترمذى وابن ماجه والبغوى والبزّار ويعقوب بن سفيان وغيرهم، قال أبو داود ثقة ثقة وقال النسائى كان ثقة. توفي بالبصرة سنة ثلاث وأربعين ومائتين

(قوله ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز

(قوله عن أبيه) هو لقيط بن صبرة.

(معنى الحديث)

(قوله فذكر معناه) أى ذكر ابن جريج معنى حديث يحيى بن سليم ولفظه عند البيهقى قال حدثنى إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه أنه أتى عائشة هو وصاحب له يطلبان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلم يجداه فأطعمتهما عائشة تمرا وعصيدا فلم يلبثا أن جاء رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتقلع يتكفأ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال هل أطعمكما أحد فقلت نعم يا رسول الله ثم قلت يا رسول الله أخبرنا عن الصلاة قال أسبغ الوضوء وخلل الأصابع وإذا استنشقت

ص: 91

فبالغ إلا أن تكون صائما، فحديثا ابن جريج ويحيى بن سليم متقاربان في المعنى غير متحدين في اللفظ (واختلف) في نقل الحديث بالمعنى فقالت طائفة من أصحاب الحديث والفقه والأصول لا يجوز مطلقا وجوّزه بعضهم في غير حديث النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم يجوّزوه فيه (وعند) الجمهور يجوز في الجميع إذا جزم بأنه أدّى المعنى وهو الصواب الذى تقتضيه أحوال الصحابة فمن بعدهم في روايتهم القضية الواحدة بألفاظ مختلفة

(قوله قال فلم ننشب الخ) أى ابن جريج في روايته زيادة عن رواية يحيى بن سليم قال لقيط فلم ننشب يعنى لم نلبث في انتظار مجيئه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم زمنا طويلا فأن أولت ما بعدها بمصدر مجرور بمضاف محذوف ونشب من باب علم والمصدر النشب (قال) في النهاية ولم ينشب أن فعل كذا أى لم يلبث وحقيقته لم يتعلق بشئ غيره ولا اشتغل بسواه اهـ وفي بعض النسخ ينشب بالمثناة التحتية وعليها فالمصدر فاعل أى لم يلبث مجيئه إلينا زمنا طويلا بل جاء إثر جلوسا، والمحفوظ النسخة الأولى

(قوله يتقلع) بفتح المثناة التحتية والقاف واللام المشددة مضارع تقلع ومصدره التقلع وهو انتزاع الشئ من أصله والمراد به قوّة مشيه كأنه يرفع رجليه من الأرض رفعا قويا لا كمن يمشى اختيالا وتكبرا ويقارب خطاه تنعما فإنه من مشى النساء ويوصفن به أفاده في النهاية

(قوله يتكفأ) بالهمز أى يميل إلى الأمام ويقال يتكفى بدون همز للتخفيف وكان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يميل في مشيه إلى الأمام لقوّته وإسراعه فيه

(قوله وقال عصيدة مكان خزيرة) أى قال ابن جريج في روايته قال لقيط أمرت عائشة لنا بعصيدة بدل قوله في رواية يحيى بن سليم أمرت لنا بخزيرة، والعصيدة دقيق يلتّ بالسمن ويطبخ سميت بذلك لأنها تعصد أى تقلب وتلوى يقال عصدتها عصدا من باب ضرب إذا لويتها وأعصدتها بالألف لغة، وقد دلت هذه الرواية على أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان إذا مشى نقل قدمه مرتفعة عن الأرض متجها إلى الأمام متباعدا عن مشية المتكبرين فعلى العاقل أن يقتدى به ويتحلى بأخلاقه.

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقى.

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ فِيهِ:«إِذَا تَوَضَّأْتَ فَمَضْمِضْ»

(ش) ساق المصنف هذه الرواية لبيان أن أبا عاصم الضحاك بن مخلد زاد في حديثه عن ابن جريج المضمضة ولم يذكرها يحيى القطان في روايته عن ابن جريج. وهذه الرواية تدلّ

ص: 92