المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في الوضوء من النوم) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٢

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب صفة وضوء النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم)

- ‌(باب الوضوء ثلاثا ثلاثا)

- ‌(باب الوضوء مرتين)

- ‌(باب الوضوء مرّة مرّة)

- ‌(باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق)

- ‌(باب في الاستنثار)

- ‌(باب تخليل اللحية)

- ‌(باب المسح على العمامة)

- ‌(باب غسل الرجلين)

- ‌(باب المسح على الخفين)

- ‌(باب التوقيت في المسح)

- ‌(باب المسح على الجوربين)

- ‌(باب كيف المسح)

- ‌(باب في الانتضاح)

- ‌(باب ما يقول الرجل إذا توضأ)

- ‌(باب الرجل يصلى الصلوات بوضوء واحد)

- ‌(باب تفريق الوضوء)

- ‌(باب إذا شك في الحدث)

- ‌(باب الوضوء من القبلة)

- ‌(باب الوضوء من مس الذكر)

- ‌(باب في الوضوء من لحوم الإبل)

- ‌(باب الوضوء من مس اللحم النيء وغسله)

- ‌(باب في ترك الوضوء من مس الميتة)

- ‌(باب في ترك الوضوء مما مست النار)

- ‌(باب الوضوء من اللبن)

- ‌(باب الوضوء من الدم)

- ‌(باب في الوضوء من النوم)

- ‌(باب في الرجل يطأ الأذى)

- ‌(باب فيمن يحدث في الصلاة)

- ‌(باب في المذى)

- ‌(باب مباشرة الحائض ومؤاكلتها)

- ‌(باب في الإكسال)

- ‌(باب في الجنب يعود)

- ‌(باب الوضوء لمن أراد أن يعود)

- ‌(باب في الجنب ينام)

- ‌(باب من قال الجنب يتوضأ)

- ‌(باب الجنب يؤخر الغسل)

- ‌(باب في الجنب يقرأ القرآن)

- ‌(باب في الجنب يصافح)

- ‌(باب في الجنب يدخل المسجد)

- ‌(باب في الجنب يصلي بالقوم وهو ناس)

الفصل: ‌(باب في الوضوء من النوم)

تكون على التناوب إذا كانت قابلة له ليأخذ كل واحد من القوم راحته فتدوم قوّتهم على العمل وعلى أنه تطلب المسارعة إلى الطاعات ولا سيما الصلاة، وعلى أن العقلاء ذوى الهمة العلية عرفوا عظيم قدر مناجاة ربهم فشغلوا به عن كل ما سواه، وعلى أن تلاوة القرآن لها لذّة عظيمة تشغل ذا البصيرة النيرة عن كل أمر هامّ خصوصا حال الصلاة، وعلى أن من ولى شيئا من مصالح المسلمين يجب عليه أن يقوم به حق القيام (فانظر) أيها العاقل إلى أعمال أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم واعتنائهم بها ولا سيما الصلاة وقراءة القرآن وإلى أعمال أهل هذا الزمان من إضاعتهم معالم الدين وكونهم على الكبائر بلا مبالاة وصنعهم الجرائم حال تلاوة القرآن تر ما يدهش الألباب فإذا أمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر مؤمن قابلوه بالإساءة فإنا لله وإنا إليه راجعون وسيرى الذين ظلموا أىّ منقلب ينقلبون، ودلّ الحديث أيضا على أن خروح الدم من غير السبيلين غير ناقض للوضوء وقد علمت ما فيه من الخلاف أما الدم الخارج من السبيلين فناقض عند الأئمة الثلاثة مطلقا. وقالت المالكية إنه غير ناقض إن خرج خالصا من العذرة والبول لكونه خارجا غير معتاد

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد والدارقطني وصححه ابن خزيمة وابن حبان ورواه الحاكم في المستدرك وصححه وأخرجه البيهقي والبخارى في صحيحه تعليقا

(باب في الوضوء من النوم)

أمطلوب أم لا

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً فَأَخَّرَهَا حَتَّى رَقَدْنَا فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا، ثُمَّ رَقَدْنَا، ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا، ثُمَّ رَقَدْنَا، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ:«لَيْسَ أَحَدٌ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ غَيْرُكُمْ»

(ش) الحديث لم يذكر فيه أنهم توضؤوا بعد النوم أو لم يتوضؤوا. فإن حمل على أنهم توضؤوا فمناسبته للترجمة باعتبار أنهم ناموا نوما أوجب الوضوء وإن حمل على أنهم لم يتوضؤوا فمناسبته باعتبار أنهم ناموا نوما خفيفا لا ينقض الوضوء وهذا هو الظاهر

(قوله عبد الرزاق) بن همام و (نافع) مولى ابن عمر

(قوله شغل عنها ليلة) بالبناء للمفعول أى شغل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن صلاة العشاء الآخرة لاشتغاله بتجهيز جيش كما رواه الطبراني من وجه

ص: 237

صحيح عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر

(قوله حتى رقدنا في المسجد) يعنى نمنا فيه فالرقاد النوم يقال رقد رقدا ورقودا ورقادا نام ليلا كان أو نهارا، وبعضهم يخصه بنوم الليل والأول هو الحق ويشهد له قوله تعالى "وتحسبهم أيقاظا وهم رقود" قال المفسرون إذا رأيتهم حسبتهم أيقاظا لأن أعينهم مفتحة وهم نيام

(قوله فقال ليس أحد الخ) وفي رواية البخارى ليس أحد من أهل الأرض ينتظر الصلاة غيركم، وفي رواية له أيضا عن أبي بردة فلما قضى صلاته قال لمن حضره على رسلكم أبشروا إن من نعمة الله عليكم أنه ليس أحد من الناس يصلى هذه الساعة غيركم قال أبو موسى فرجعنا فرحين بما سمعنا من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (قال) في الفتح وسبب فرحهم علمهم باختصاصهم بهذه العبادة التي هي نعمة عظمى مستلزمة للمثوبة الحسنى مع ما أضيف إلى ذلك من تجميعهم خلف رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وكان الوقت الذى خرج فيه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نصف الليل كما في رواية للبخارى عن أنس قال أخر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل ثم صلى ثم قال قد صلى الناس وناموا أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها وفي رواية لأبي داود وغيره عن أبى سعيد الخدرى فقال إن الناس قد صلوا وأخذوا مضاجعهم وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة (والحديث) يدلّ بظاهره على أن النوم لا ينقض الوضوء (وقد اختلف) العلماء في ذلك (فذهب) أبو موسى الأشعرى وسعيد بن المسيب وأبو مجلز وحميد بن عبد الرحمن والأعرج والشيعة والأوزاعي إلى أنه غير ناقض مطلقا، واستدلوا بقوله تعالى "إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الآية" قالوا فذكر سبحانه وتعالى نواقض الوضوء ولم يذكر النوم وبحديث أبى هريرة لا وضوء إلا من صوت أو ريح رواه الترمذى وابن ماجه وقالوا إن النوم ليس بحدث وغاية ما فيه أنه يحتمل خروج الريح والأصل عدمه فلا يجب الوضوء بالشك (وأجيب) عن احتجاجهم بأن الآية غير خاصرة للنواقض إذ لم يذكر فيها بقية النواقض المجمع عليها كالبول، وبأن الحديث ورد في دفع الشك لا في بيان الأحداث وحصرها، وقولهم إن النوم محتمل لخروج الريح الخ مردود بما قاله النووى في شرح المهذب من أن الشارع جعل هذا الظاهر كاليقين كما جعل شهادة شاهدين كاليقين ويؤيده حديث علىّ الآتي وفيه من نام فليتوضأ (وذهب) الحسن البصرى والمزني وأبو عبيد القاسم بن سلام وإسحاق بن راهويه إلى النقض مطلقا وهو قول غريب للشافعى قال ابن المنذر وبه أقول قال وقد روى معناه عن ابن عباس وأبى هريرة ونسبه في البحر إلى العترة إلا أنهم يستثنون الخفقة والخفقتين (واستدلوا) بحديث معاوية قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم العين وكاء السه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء رواه الدارقطني، وبحديث عليّ الآتى (وأجيب) عنهما بأنهما ضعيفان، وعلى فرض صحتهما فهما محمولان

ص: 238

على نوم غير المتمكن كما ذكره النووى (وذهب) الزهرى وربيعة والأوزاعي ومالك وأحمد في رواية عنه إلى أن كثير النوم ينقض بكل حال وقليله لا ينقض بكل حال، واستدلوا بحديث أنس الآتي وفيه حتى تخفق رءوسهم قالوا إن خفقان الرأس يكون في النوم القليل ومع الثقيل يغلب خروج الخارج بخلاف القليل (وذهب) أبو حنيفة وداود إلى أنه إذا نام على هيئة من هيئات المصلى كالراكع والساجد والقائم والقاعد لا ينتقض وضوؤه سواء أكان في صلاة أم لا وإن نام مضطجعا أو مستلقيا على قفاه انتقض وهو قول غريب للشافعى أيضا، واستدلوا بما أخرجه الترمذى عن أبى خالد الدالانى عن قتادة عن أبى العالية عن ابن عباس أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نام وهو ساجد حتى غطّ ونفخ ثم قام يصلى فقلت يا رسول الله إنك قد نمت فقال إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعا فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله ورواه الدارقطنى وقال تفرّد به أبو خالد عن قتادة ولا يصح اهـ (قال) النووى إنه حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث وممن صرّح بضعفه من المتقدمين أحمد بن حنبل والبخارى وأبو داود ونقل إمام الحرمين في كتابه الأساليب إجماع أهل الحديث على ضعفه وهو كما قال والضعف عليه بين اهـ (وذهب) البعض إلى أنه لا ينقض إلا نوم الرا كع والساجد وروى عن أحمد (وذهب) بعض إلى أنه لا ينقض إلا نوم الساجد، وروى عن أحمد أيضا (واستدلوا) بما روى عن أنس أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا نام العبد في صلاته باهى الله به ملائكته يقول عبدى روحه عندى وجسده ساجد بين يدىّ قالوا فلو انتقض وضوؤه لما جعله ساجدا (قال) النووى هو ضعيف جدًّا ولو صحّ لكان تسميته ساجدا باسم ما كان عليه فمدحه على مكابدة العبادة اهـ (وقال) في النيل ونسبه في البحر إلى زيد بن على وأبى حنيفة اهـ واستدلوا بحديث المباهاة المتقدم وقد علمت ما فيه (وذهبت) الشافعية إلى أنه إذا نام جالسا ممكنا مقعدته من الأرض لم ينتقض وإلا فلا سواء قلّ أو كثر وسواء أكان في صلاة أم خارجها، واستدلوا بحديث الباب وبما يأتي للمصنف عن أنس وابن عباس وبما رواه الدارقطني وصححه عن أنس قال كنا نأتى مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فننام فلا نحدث لذلك وضوءا. وبما رواه أيضا عن أنس وصححه قال لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يوقظون للصلاة حتى أنى لأسمع لأحدهم غطيطا ثم يصلون ولا يتوضؤون قال ابن المبارك هذا عندنا وهم جلوس اهـ فهذه الأحاديث محمولة على من نام ممكنا مقعدته جمعا بين الأحاديث، واستدلوا بما رواه الدارقطني أيضا عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جدّه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال من نام جالسا فلا وضوء عليه ومن وضع جنبه فعليه الوضوء. وبما رواه مالك والشافعى بإسناد صحيح

ص: 239

أن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما كان ينام وهو جالس ثم يصلى ولا يتوضأ وهذه الأحاديث وإن كان في بعضها مقال لكن يقوّى بعضها بعضا (إذا تأملت) ما تقدم علمت ان المذهب الأخير هو الأرجح والأقوى لكثرة أدلته ولما فيه من الجمع بين الأدلة (قال) في النيل المذهب الثامن أنه إذا نام جالسا ممكنا مقعدته من الأرض لم ينقض سواء قلّ أو كثر وسواء كان في الصلاة أم خارجها (قال) النووى وهذا مذهب الشافعى وعنده أن النوم ليس حدثا في نفسه وإنما هو دليل على خروج الريح ودليل هذا القول حديث علىّ ومعاوية وهذا أقرب المذاهب عندى وبه يجمع بين الأدلة، وقوله إن النوم ليس حدثا في نفسه هو الظاهر وحديث صفوان بن عسال وإن أشعر بأنه من الأحداث باعتبار اقترانه بما هو حدث بالإجماع فلا يخفى ضعف دلالة الاقتران وسقوطها عن الاعتبار عند أئمة الأصول، والتصريح بأن النوم مظنة استطلاق الوكاء كما في حديث معاوية واسترخاء المفاصل كما في حديث ابن عباس مشعر أتمّ إشعار بنفى كونه حدثا في نفسه، وحديث إن الصحابة كانوا على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضؤون من المؤيدات لذلك، ويبعد جهل الجميع منهم كونه ناقضا اهـ وحديث صفوان الذى أشار إليه لفظه عن صفوان بن عسال قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولا نخلعهما من غائط ولا بول ولا نوم رواه أحمد والنسائى والترمذى وصححه (فائدة) قال النووى في شرح المهذب فرع في مسائل تتعلق بالفصل والتفريع على المذهب وهو أن نوم الممكن لا ينقض وغيره ينقض (إحداها) قال الشافعى في الأم والمختصر والأصحاب رحمهم الله تعالى يستحب للنائم ممكنا أن يتوضأ لاحتمال خروج حدث وللخروج من خلاف العلماء (الثانية) قال الشافعى في الأم والأصحاب لا ينتقض الوضوء بالنعاس وهو السنة وهذا لا خلاف فيه، ودليله من الأحاديث حديث ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما قال قام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصلى في الليل فقمت إلى جنبه الأيسر فجعلني في شقه الأيمن فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني فصلى إحدى عشرة ركعة رواه مسلم (قال) الشافعى والأصحاب الفرق بين النوم والنعاس أن النوم فيه غلبة على العقل وسقوط حاسة البصر وغيرها والنعاس لا يغلب على العقل وإنما تفتر فيه الحواسّ بغير سقوط ومن علامات النعاس أن يسمع كلام من عنده وإن لم يفهم معناه قالوا والرؤيا من علامات النوم ونص عليه في الأم. وفي البويطى واتفقوا عليه فلو تيقن الرؤيا وشك في النوم انتقض إذا لم يكن ممكنا فإن خطر بباله شئ فشك أكان رؤيا أم حديث نفس لم ينتفض لأن الأصل بقاء الطهارة ولو شك أنام أم نعس وقد وجد أحدهما لم ينتقض قال الشافعى في الأم والاحتياط أن يتوضأ (الثالثة) لو تيقن النوم وشك هل كان ممكنا أو لا

ص: 240

فلا وضوء عليه هكذا صرّح به صاحب البيان وآخرون وهو الصواب (الرابعة) نام جالسا فزالت ألياه أو إحداهما عن الأرض فإن زالت قبل الانتباه انتقض لأنه مضى لحظة وهو نائم غير ممكن وإن زالت بعد الانتباه أو معه أو لم يدر أيهما سبق لم ينتقض لأن الأصل الطهارة ولا فرق بين أن تقع يده على الأرض أو لا تقع، وحكى عن أبى حنيفة أنه إن وقعت يده على الأرض انتقض وإلا فلا (الخامسة) نام ممكنا مقعده من الأرض مستندا إلى حائط أو غيره لا ينتقض وضوؤه سواء أكان بحيث لو وقع الحائط لسقط أم لا وهذا لا خلاف فيه بين أصحابنا (السادسة) قليل النوم وكثيره عندنا سواء نص عليه الشافعى والأصحاب فنوم لحظة ويومين سواء في جميع التفصيل والخلاف (السابعة) قال أصحابنا لا فرق في نوم القاعد الممكن بين قعوده متربعا أو مفترشا أو متورّكا أو غيره من الحالات بحيث يكون مقعده لاصقا بالإرض أو بغيرها متمكنا وسواء القاعد على الأرض وراكب السفينة والبعير وغيره من الدواب فلا ينتقض الوضوء بشئ من ذلك نص عليه الشافعى رحمه الله في الأم واتفق الأصحاب عليه ولو نام محتبيا وهو أن يجلس على ألييه رافعا ركبتيه محتويا عليهما بيديه أو غيرهما ففيه ثلاثة أوجه حكاها الماوردى والرويانى (أحدها) لا ينتقض كالمتربع (والثانى) ينتقض كالمضطجع (والثالث) إن كان نحيف البدن بحيث لا تنطبق ألياه على الأرض انتقض وإلا فلا قاله أبو الفياض البصرى والمختار الأول (الثامنة) إذا نام مستلقيا على قفاه وألصق ألييه بالأرض فإنه يبعد خروج الحدث منه ولكن اتفق الأصحاب على أنه ينتقض وضوءه لأنه ليس كالجالس الممكن فلو استثفر وتلجم بشئ فالصحيح المشهور الانتقاض أيضا وبه قطع إمام الحرمين في النهاية (وقال) في كتابه الأساليب في الخلاف فيه للنظر مجال ويظهر عدم الانتقاض اهـ وما تقدم من التفصيل والخلاف في النوم في غير حق النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أما هو فنومه غير ناقض على أى حال كان اتفاقا وهو من خصائصه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للأحاديث الصحيحة (منها) حديث ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نام حتى سمع غطيطه ثم صلى ولم يتوضأ (ومنها) حديث عائشة الآتي للمصنف قالت قال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تنام عيناى ولا ينام قلبى "ولا يقال" إن هذا مخالف لحديث الصحيح أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نام في الوادى عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فلو كان قلبه لا ينام لما فاتته صلاة الصبح في وقتها "لأن" القلب يقظان يدرك الحدث وغيره مما يتعلق بالبدن وطلوع الشمس ليس مما يتعلق بالبدن بل هو مما يدرك بالعين والعين كانت نائمة. ومثل النوم في النقض زوال العقل بالجنون والإغماء والسكر بالخمر أو النبيذ أو البنج أو الدواء بل ما ذكر أولى للإجماع عليه سواء أقلّ أم كثر وسواء أكان ممكن المقعدة أم غير ممكنها

ص: 241

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن النوم الخفيف لا ينقض الوضوء وقد تقدم شرحه وعلى إباحة النوم قبل العشاء لمن يغلب عليه النوم، وعلى جواز تأخير العشاء إلى ما بعد ثلث الليل ولا سيما إذا دعت لذلك ضرورة، وعلى أنه يستحب للإمام والعالم إذا حصل منه ما يظن أنه يشقّ على أصحابه أن يعتذر إليهم بما يسليهم ويذهب عنهم المشقة ويبين لهم فضله

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم

(ص) حَدَّثَنَا شَاذُّ بْنُ فَيَّاضٍ، ثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ، ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ» .

(ش)(رجال الحديث)

(قوله شاذ) بالشين والذال المعجمتين المشددة هو لقب اشتهر به هلال (ابن فياض) بالفاء والمثناة التحتية المشددة أبو عبيدة اليشكرى البصرى روى عن شعبة وعمر بن إبراهيم العبدى وعكرمة بن عمار والثوري وآخرين. وعنه عمرو بن على الصيرفي وعلى بن عبد العزيز البغوى ومعاذ بن المثني وكثيرون. قال أبو حاتم ثقة صدوق وقال الساجى صدوق عنده مناكير يرويها عن عمر بن إبراهيم عن قتادة وقال ابن حبان كان ممن يرفع المقلوبات ويقلب الأسانيد. روى له أبو داود والنسائى

(قوله الدستوائى) بفتح الدال المهملة منسوب إلى دستواء كورة من كور الأهواز أو قرية

(معنى الحديث)

(قوله كان أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ) ظاهره أن انتظارهم للعشاء كان يتكرّر منهم حتى صار كالعادة لهم وأنه لم يكن نادرا ووصف العشاء بالآخرة دليل على جواز ذلك خلافا لما يحكى عن الأصمعى من كراهة ذلك

(قوله حتى تخفق رءوسهم) أى تميل على صدورهم يقال خفق برأسه خفقة أو خفقتين إذا أخذته سنة من النعاس فمال رأسه دون سائر جسده (وبهذا الحديث) استدلّ من قال إن كثير النوم ينقض الوضوء دون قليله لأن خفقان الرأس يكون في النوم القليل ولو كان ناقضا لما أقرّهم الله على الصلاة في تلك الحالة بل كان يوحى إلى رسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في ذلك كما كان يوحى إليه في سائر الأمور الدينية وهو قوى (قال) في سبل السلام إن كثير النوم ينقض على كل حال ولا ينقض قليله وهؤلاء يقولون إن النوم ليس بناقض بنفسه بل مظنة النقض والكثير مظنة بخلاف القليل وحملوا أحاديث أنس على القليل إلا أنهم لم يذكروا قدر القليل ولا الكثير حتى يعلم كلامهم بحقيقته. وفي الباب أحاديث لا تخلو عن قدح أعرضنا عنها

ص: 242

والأقرب القول بأن النوم ناقض لحديث صفوان ولكن لفظ النوم في حديثه مطلق ودلالة الاقتران ضعيفة فلا يقال قد قرن بالبول والغائط وهما ناقضان على كل حال، ولما كان ورود حديث أنس بنوم الصحابة وأنهم كانوا لا يتوضؤون ولو غطوا غطيطا وبأنهم كانوا يضعون جنوبهم وبأنهم كانوا يوقظون والأصل جلالة قدرهم وأنهم لا يجهلون ما ينقض الوضوء ولا سيما الذين كانوا منهم ينتظرون الصلاة معه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإنهم أعيان الصحابة وإذا كانوا كذلك فيقيد مطلق حديث صفوان بالنوم المستغرق الذى لا يبقى معه إدراك ويؤوّل ما ذكره أنس من الغطيط ووضع الجنوب والإيقاظ بعدم الاستغراق فقد يغطّ من هو في مبادئ نومه قبل استغراقه، ووضع الجنب لا يستلزم الاستغراق فقد كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يضع جنبه بعد ركعتي الفجر ولا ينام فإنه كان يقوم لصلاة الفجر بعد وضع جنبه وإن كان قد قيل إنه من خصائصه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه لا ينقض نومه وضوءه فعدم ملازمة النوم لوضع الجنب معلومة والإيقاظ قد يكون لمن هو في مبادئ النوم فينبه لئلا يستغرقه النوم اهـ (وقال) الخطابى في هذا الحديث من الفقه أن عين النوم ليس بحدث ولو كان حدثا لكان على أىّ حال وجد ناقضا للطهارة كسائر الأحداث التي قليلها وكثيرها وعمدها وخطؤها سواء في نقض الطهارة وإنما هو مظنة للحدث موهم لوقوعه من النائم غالبا فإذا كان بحال من التماسك والاستواء في القعود المانع من خروج الحدث منه كان محكوما له بالسلامة وبقاء الطهارة المتقدمة وإذا لم يكن كذلك بأن يكون مضطجعا أو راكعا أو ساجدا أو قائما أو مائلا إلى أحد شقيه أو على حالة يسهل معها خروج الحدث من حيث لا يشعر بذلك كان أمره محمولا على أنه قد أحدث لأنه قد يكون منه الحدث في تلك الحال غالبا ولو كان نوم القاعد ناقضا للطهارة لم يجز على أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو بين أظهرهم والوحى ينزل عليه أن يصلوا محدثين بحضرته فدلّ على أن النوم إذا كان بهذه الصفة غير ناقض للطهر اهـ

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن النوم الخفيف لا ينقض الوضوء، وعلى مشروعية انتظار صلاة العشاء

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقي والدارقطني بلفظ المصنف من طريق هشام الدستوائى وقال صحيح وأخرجه مسلم من طريق شعبة عن قتادة عن أنس بلفظ كان أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضؤون قال قلت سمعته من أنس قلت إى والله ورواه الشافعى في الأم بلفظ إن أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كانوا ينتظرون العشاء فينامون قعودا ثم يصلون ولا يتوضؤون

ص: 243

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: زَادَ فِيهِ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كُنَّا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تعالى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.

(ش) أى زاد شعبة بن الحجاج في رواية هذا الحديث عن قتادة بن دعامة قوله كنا على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ننتظر العشاء الخ وأفادت هذه الزيادة أن ما ذكر كان يقع من الصحابة زمان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأنه كان يقرّهم على ذلك، وهذا التعليق وصله البيهقي بسنده إلى شعبة عن قتادة عن أنس قال كان أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ينامون ثم يقومون فيصلون ولا يتوضؤون على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأخرجه مسلم في الصحيح عن يحيى بن حبيب عن خالد ابن الحارث عن شعبة بدون قوله على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكذا أخرجه الترمذى وقال هذا حديث حسن صحيح

(ص) وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ بِلَفْظٍ آخَرَ

(ش) أى روى هذا الحديث أيضا سعيد بن أبى عروبة عن قتادة بلفظ آخر، ولعله يشير إلى ما أخرجه المصنف في أبواب قيام الليل قال حدثنا أبو كامل حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك في هذه الآية "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم" قال كانوا يتيقظون ما بين المغرب والعشاء يصلون (قال) ابن كثير في تفسيره عن أنس وعكرمة ومحمد بن المنكدر وأبى حازم وقتادة هو الصلاة بين العشاءين (وعن) أنس أيضا هو انتظار صلاة العتمة رواه ابن جرير بإسناد جيد، ويحتمل أنه يشير إلى ما ذكره الترمذى بعد تخريج حديث يزيد الدالاني الآتى للمصنف من قوله وقد روى حديث ابن عباس سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس من قوله ولم يذكر فيه أبا العالية وكذا قال البيهقي في باب ما ورد في نوم الساجد بعد سوق حديث يزيد الدالاني وعليه فكان ينبغى للمصنف أن يذكر هذا بعد حديث ابن عباس الآتى لكن الاحتمال الأول هو الظاهر

(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَدَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَا: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: أُقِيمَتْ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي حَاجَةً، «فَقَامَ يُنَاجِيهِ حَتَّى نَعَسَ الْقَوْمُ، أَوْ بَعْضُ الْقَوْمِ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ وُضُوءًا»

ص: 244

(ش)(رجال الحديث)

(قوله ثابت) بن أسلم أبو محمد البصرى مولاهم أحد الأعلام التابعى العابد صحب أنس بن مالك أربعين سنة. روى عن ابن عمر وابن الزبير وأنس بن مالك وعبد الله بن مغفل ومطرّف بن عبد الله بن الشخير وآخرين، وعنه شعبة والحمادان ومعمر والأعمش وحميد الطويل والثورى وكثيرون، قال أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائى والعجلى ثقة ولا خلاف فيه وقال ابن عدى أحاديثه مستقيمة إذا روى عنه ثقة وما وقع في حديثه من النكرة إنما هو من الراوى عنه وقال ابن المدينى له نحو مائتين وخمسين حديثا وقال حماد ابن زيد ما رأيت أعبد من ثابت وقال شعبة كان يختم كل يوم وليلة ويصوم الدهر. مات سنة سبع وعشرين ومائة عن ست وثمانين سنة. روى له الجماعة، و (البناني) بضم الموحدة وبنونين مخففتين نسبة إلى بنانة سكة من محالّ البصرة القديمة اختطها بنو بنانة وهي أم ولد سعد ابن لؤى وقيل كانت بنانة أمة لسعد حضنت بنيه عمارا وعامرا ومجذوما فغلبت عليهم

(معنى الحديث)

(قوله أقيمت صلاة العشاء) وفي رواية البخارى أقيمت الصلاة بدون ذكر العشاء والمراد بها العشاء فلا تنافي بينهما

(قوله فقام رجل) قال الحافظ في الفتح لم أقف على اسم هذا الرجل وذكر بعض الشرّاح أنه كان كبيرا في قومه فأراد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يتألفه على الإسلام ولم أقف على مستند ذلك، وقيل يحتمل أن يكون ملكا من الملائكة جاء بوحى من الله عز وجل ولا يخفى بعد هذا الاحتمال اهـ

(قوله فقام يناجيه الخ) أى قام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يكلم ذلك الرجل سرّا إلى أن نام القوم يقال نجيته وأنجيته وناجيته ساررته وانتجى القوم وتناجوا تسارروا والاسم النجوى، ونعس بفتح العين المهملة من باب قتل وغلط من جعلها من باب كرم والاسم النعاس وهو أول النوم، وفي رواية البخارى حتى نام القوم أى ناموا نوما خفيفا وهو في حكم النعاس فلا تنافي بينها وبين رواية المصنف

(قوله ولم يذكر وضوءا) أى لم يذكر ثابت البناني في روايته هذا الحديث عن أنس وضوءا بخلاف حديث قتادة عبه السابق فإنه قال فيه ثم يصلون ولا يتوضؤون

(فقه الحديث) والحديث يدلّ على جواز مناجاة الرجل الرجل بحضرة الجماعة وإنما نهى عن ذلك بحضرة الواحد، وعلى جواز الكلام في الأمور المهمة بعد إقامة الصلاة أما في غير المهمّ فيكره، وعلى تقديم الأهم فالأهم من الأمور عند ازدحامها فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إنما ناجاه بعد الإقامة في أمر مهمّ من أمور الدين مصلحته راجحة على تقديم الصلاة، ودلّ أيضا على عدم إعادة الإقامة عند وجود الفصل الطويل بين الإقامة والصلاة، وعلى أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء وهو المقصود من الباب

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقي وكذا مسلم بدون قوله ولم يذكر وضوءا وأخرجه

ص: 245

البخارى ومسلم أيضا من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس

(ص) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ يَحْيَى عَنْ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ كَانَ يَسْجُدُ وَيَنَامُ وَيَنْفُخُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: صَلَّيْتَ وَلَمْ تَتَوَضَّأْ وَقَدْ نِمْتَ، فَقَالَ:«إِنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا» ، زَادَ عُثْمَانُ، وَهَنَّادٌ: فَإِنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ.

(ش)(رجال الحديث)

(قوله عن أبي خالد) هو يزيد بن عبد الرحمن بن أبي سلامة الأسدي. روى عن أبي إسحاق السبيعى والحكم بن عتيبة وقتادة وقيس بن مسلم وكثيرين. وعنه شعبة والثورى وحفص بن غياث وشريك النخعى وغيرهم، قال ابن معين والنسائى ليس به بأس وقال أبو حاتم ثقة صدوق وقال ابن سعد منكر الحديث وقال ابن حبان في الضعفاء كان كثير الخطأ فاحش الوهم خالف الثقات في الروايات حتى إذا سمعها المبتدئ في هذه الصناعة علم أنها معمولة أو مقلوبة لا يجوز الاحتجاج به إذا وافق فكيف إذا انفرد بالمعضلات وذكره الكرابيسى في المدلسين. مات سنة مائة. و (الدالاني) نسبة إلى دالان بن سابقة بطن من همدان

(معنى الحديث)

(قوله كان يسجد وينام وينفخ الخ) أى كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصلى ثم ينام ويخرج نفسه من فمه بقوّة حال صلاته حتى يسمع له صوت ثم يقوم فيتمم صلاته من غير أن يحدث وضوءا

(قوله فقلت له الخ) قد وقع هذا القول من ابن عباس للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى له وسلم بعد انتهاء صلاته على الظاهر، وفيه دليل على أن الوضوء من النوم كان معلوما بينهم

(قوله إنما الوضوء على من نام مضطجعا) أى واضعا أحد جنبيه على الأرض وهذا الجواب منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على أسلوب الحكيم فإن ابن عباس سأله عن فعله فكان القياس أن يقول تنام عيناى ولا ينام قلبي لكن أجابه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بما يختص بالأمة ليعلم ابن عباس الحكم في حقه وغيره ولو أجابه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بقوله تنام عيناى ولا ينام قلبي لم يعلم الحكم الخاص به وبالأمة

(قوله زاد عثمان الخ) أى زاد عثمان بن أبي شيبة وهناد بن السرىّ في روايتهما بسندهما إلى ابن عباس أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بين علة الوضوء من نوم المضطجع

ص: 246

بقوله فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله لأنه لا يؤمن خروج الحدث عند استرخاء المفاصل والاسترخاء اللين والفتور. والمفاصل جمع مفصل كمسجد وهو كل ملتقى عظمين من الجسد، وفي رواية البيهقي لا يجب الوضوء على من نام جالسا أو قائما أو ساجدا حتى يضع جنبه فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله، وأخرج البيهقى أيضا عن نمر بن كثير عن ميمون الخياط عن ابن عباس عن حذيفة بن اليمان قال كنت في مسجد المدينة جالسا أخفق فاحتضننى رجل من خلفى فالتفت فإذا أنا بالنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقلت يا رسول الله هل وجب عليّ وضوء قال لا حتى تضع جنبك قال البيهقى تفرّد به نمر بن كثير وهو ضعيف لا يحتج بروايته (وفي هذا) التعليل دليل على أن النوم في ذاته ليس ناقضا للوضوء إنما هو سبب لاسترخاء المفاصل التي هي مظنة لخروج الريح ولو كان النوم ناقضا للوضوء بنفسه لاستلزم نقض الوضوء في جميع أحواله وليس كذلك لأنه لو نام شخص ولم تسترخ مفصاله لا يكون نومه ناقضا للوضوء

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن من رأى شيئا يظنه مخالفا يطلب منه أن يقف على حقيقته ممن وقع منه وإن كان عظيما، وعلى أنه ينبغى لمن وقع منه أن يجيب عما وجه إليه وعلى أن النوم حال وضع الجنب على الأرض ناقض للوضوء بخلافه على غير هذه الحالة وهو حجة لأبى حنيفة

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد والترمذى وقال رواه سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن ابن عباس من قوله ولم يذكر فيه أبا العالية ولم يرفعه اهـ وأخرجه أيضا الدارقطني وقال تفرّد به يزيد ولا يصح وأخرجه البيهقى من طريقين (أحدهما) بلفظ إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نام في سجوده حتى غطّ ونفخ قلت يا رسول الله قد نمت فقال إنما يجب الوضوء على من وضع جنبه فإنه إذا وضع جنبه استرخت مفاصله هكذا رواه جماعة عن عبد السلام بن حرب (وقال) بعضهم في الحديث إنما الوضوء على من نام مضطجعا فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله (ثانيهما) بلفظ لا يجب الوضوء على من نام جالسا أو قائما أو ساجدا حتى يضع جنبه فإذا وضع جنبه استرخت مفاصله قال البيهقى تفرّد بهذا الحديث على هذا الوجه يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني قال أبو عيسى الترمذى سألت محمد بن إسماعيل البخارى عن هذا الحديث فقال هذا لا شئ اهـ (قال) المنذرى ولو فرض استقامة حال الدالاني كان ما في الحديث من الانقطاع في إسناده والاضطراب ومخالفة الثقات ما يعضد قول من ضعفه من الأئمة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين اهـ (وقال) الحافظ في التلخيص وضعف الحديث من أصله أحمد والبخارى فيما نقله الترمذى في العلل المفردة وأبو داود في السنن والترمذى وإبراهيم الحربي في علله وغيرهم

ص: 247

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَوْلُهُ: «الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا» هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا يَزِيدُ الدَّالَانِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ وَرَوَى أَوَّلَهُ جَمَاعَةٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَذْكُرُوا شَيْئًا مِنْ هَذَا، وَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ مَحْفُوظًا

(ش) غرض المصنف بهذا بيان ضعف حديث يزيد الدالاني لوجوه (منها) أنه ضعيف وقد خالف الثقات فقد روى الحديث جماعة عن ابن عباس ولم يذكروا قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إنما الوضوء على من نام مضطجعا فهو منكر (وردّ) العينى هذا بقوله كيف يكون هذا منكرا وقد استدلّ به ابن جرير الطبرى أنه لا وضوء إلا من نوم اضطجاع وصحح هذا الحديث وقال الدالاني لا ندفعه عن العدالة والأمانة والأدلة تدلّ على صحة خبره. وروى المغيرة بن زياد عن عطاء عن ابن عباس قال من نام وهو جالس فلا وضوء عليه ومن اضطجع فعليه الوضوء (وقال) قتادة عن ابن عباس الذى يخفق برأسه لا يجب عليه الوضوء حتى يضع جنبه. وروى هشام بن عروة عن نافع عن ابن عمر أنه كان يستثقل نوما وهو جالس ثم يقوم إلى الصلاة ولا يتوضأ وإذا وضع جنبه يتوضأ، وروى عبدة عن عبد الملك عن عطاء قال إذا نام الرجل في الصلاة قائما أو قاعدا أو ساجدا أو راكعا فليس عليه وضوء إلا أن يضع جنبه وروى يزيد بن قسيط أنه سمع أبا هريرة يقول من جلس فنام فليس عليه وضوء حتى يضطجع وقال عكرمة وإبراهيم لا وضوء حتى يضع جنبه. وروى أيوب عن ابن سيرين أنه كان ينام وهو قاعد ثم يصلى ولا يتوضأ اهـ ونحوه في الجوهر النقى

(قوله وروى أوله جماعة الخ) أى روى حديث كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يسجد وينام وينفخ ثم يقوم فيصلى ولا يتوضأ جماعة منهم عكرمة وكريب وسعيد بن جبير ولم يذكروا قول ابن عباس للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صليت ولم تتوضأ الخ. فعلى هذا يكون الحديث تفرّد بآخره الدالاني دون أوله أما رواية عكرمة فقد أخرجها البيهقى بسنده إليه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نام حتى سمع له غطيط فقام فصلى ولم يتوضأ قال عكرمة إن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان محفوظا، وأخرج أيضا رواية كريب بسنده إليه عن ابن عباس أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نام حتى نفخ ثم قام فصلى ولم يتوضأ. ورواية سعيد بن جبير أخرجها المصنف في باب صلاة الليل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال بتّ في بيت خالتى ميمونة فصلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم العشاء ثم جاء فصلى أربعا "الحديث" وفيه ثم نام حتى سمعت غطيطه ثم قام فصلى ركعتين ثم خرج فصلى الغداة. وأخرح ابن ماجه

ص: 248

من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان نومه ذلك وهو جالس يعنى النوم الذى لم يتوضأ منه

(قوله وقال كان النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم محفوظا) أى قال ابن عباس كما هو ظاهر السياق، ونقل البيهقى عبارة المصنف وفيها وقال عكرمة كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم محفوظا فلعل لفظ عكرمة ساقط من النسخ التى بأيدينا يعنى أن نومه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في سجوده ليس ناقضا لوضوئه لحفظه من خروج شئ منه حال نومه بدون أن يشعر به بخلاف غيره. وأشار المصنف بذكر قول عكرمة وعائشة الآتي إلى أن عدم انتقاض الوضوء بالنوم حالة الاضطجاع خاص به صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لكونه محفوظا وعينه تنام ولا ينام قلبه فلا وجه للاحتجاج بنومه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مضطجعا وعدم وضوئه على عدم انتقاض الوضوء بالنوم إلا حالة الاضطجاع في حق غيره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (ورد) بأنا نسلم أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان محفوظا وأن عينه تنام ولا ينام قلبه لكن لا نسلم ترك الاحتجاج به في عدم نقض الوضوء إلا بالنوم مضطجعا وكيف وقد وردت في ذلك أدلة أخرى يؤيد بعضها بعضا تدلّ على ذلك

(ص) وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» .

(ش) هذا بعض حديث وصله المصنف في باب صلاة الليل، ولعل الحكمة في أن قلبه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا ينام المحافظة على ما يأتيه حالة النوم من الوحى فإن رؤياه كانت وحيا ولأجل ازدياده صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في المعارف الإلهية. ومثله في عدم نوم القلب سائر الأنبياء لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا رواه ابن سعد عن عطاء مرسلا

(ص) وَقَالَ شُعْبَةُ: إِنَّمَا سَمِعَ قَتَادَةُ، مِنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ: حَدِيثَ يُونُسَ بْنِ مَتَّى، وَحَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي الصَّلَاةِ، وَحَدِيثَ الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ، وَحَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ مِنْهُمْ عُمَرُ، وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ.

(ش) أشار المصنف بهذا إلى تضعيف ثالث للحديث بالانقطاع لأن قتادة لم يسمع من أبى العالية إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها (قال) أبو القاسم البغوى يقال إن قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبى العالية اهـ، وردّ بأن عدم السماع لا يستلزم الانقطاع عند مسلم والجمهور كما تقدم، ودعوى أنه لم يسمع منه إلا أربعة أحاديث يردّها قول البيهقي بعد ذكر عبارة المصنف وسمع أيضا حديث

ص: 249

ابن عباس فيما يقوله عند الكرب وحديثه في رؤية النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليلة أسرى به موسى وغيره اهـ. وحديث ما يقال عند الكرب أخرجه الترمذى بسنده إلى قتادة عن أبى العالية عن ابن عباس أن نبي الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يدعو عند الكرب لا إله إلا الله العلى الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش الكريم فهو معنعن كما ترى لكنه قال هذا حديث حسن صحيح اهـ وحديث رؤيته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم موسى وغيره أخرجه مسلم في كتاب الإسراء من كتاب الأنبياء

(قوله حديث يونس بن متى) بفتح الميم والمثناة الفوقية المشددة اسم أبيه وقيل اسم أمه وهو النبي المرسل لأهل نينوى، وهذا الحديث أخرجه المصنف في باب التخيير بين الأنبياء وأخرجه البخارى في كتاب الأنبياء بسنده إلى شعبة عن قتادة قال سمعت أبا العالية قال حدثنا ابن عمّ نبيكم يعنى ابن عباس "الحديث" وكذا أخرجه مسلم بسماع قتادة عن أبى العالية، وحديث ابن عمر في الصلاة وحديث القضاة ثلاثة لم نقف عليهما من طريق قتادة عن أبى العالية، وحديث ابن عباس أخرجه مسلم في الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها من طريق منصور عن قتادة أنا أبو العالية عن ابن عباس قال سمعت غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم منهم عمر بن الخطاب وكان أحبهم إليّ أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس. وكذا أخرجه الترمذى في كراهة الصلاة بعد العصر وبعد الفجر من طريق منصور وفيه تصريح بالإخبار، وأخرجه البخارى في باب الصلاة بعد الفجر من طريق شعبة وفيه تصريح بسماع قتادة من أبي العالية

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَذَكَرْتُ حَدِيثَ يَزِيدَ الدَّالَانِيِّ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَانْتَهَرَنِي اسْتِعْظَامًا لَهُ، وَقَالَ:«مَا لِيَزِيدَ الدَّالَانِيِّ يُدْخِلُ عَلَى أَصْحَابِ قَتَادَةَ، وَلَمْ يَعْبَأْ بِالْحَدِيثِ»

(ش) أى سألت أحمد عن هذا الحديث ليبين لى حاله من الصحة والضعف فزجرني إنكارا منه لحديث يزيد الدالاني واستغرابا للرواية عنه وقال ما بال الدالانى يدخل في روايات أصحاب قتادة ما ليس منها. ولم يبال أحمد بالحديث الذى رواه يزيد الدالاني لضعفه لكن يردّه ما تقدم عن أحمد من قوله يزيد لا بأس به وقد وثقه غير واحد كما تقدم (قال) البيهقي أما هذا الحديث فإنه قد أنكره على يزيد الدالانى جميع الحفاظ وأنكر سماعه من قتادة أحمد بن حنبل والبخارى وغيرهما ولعل الشافعى وقف على علة هذا الأثر حتى رجع عنه في الجديد اهـ وتقدم أن عدم السماع لا ينافي اتصال الحديث

ص: 250

(ص) حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحِمْصِيُّ، فِي آخَرِينَ، قَالُوا: ثَنَا بَقِيَّةُ، عَنِ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «وِكَاءُ السَّهِ الْعَيْنَانِ، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله الوضين) بفتح الواو وكسر الضاد المعجمة وسكون المثناة التحتية (ابن عطاء) بن كنانة بن عبد الله الخزاعى أبو كنانة أو أبو عبد الله الدمشقى. روى عن بلال بن سعد وأبى الأشعث وعطاء بن أبى رباح وخالد بن معدان ومكحول وغيرهم. وعنه بقية بن الوليد وصدقة بن عبد الله السمين والوليد بن مسلم وطلحة بن زيد والحمادان وطائفة، قال أحمد بن حنبل وابن معين ودحيم ثقة وقال أبو داود قدرى صالح الحديث وقال ابن سعد وابن قانع ضعيف وقال أبو حاتم يعرف وينكر وقال الجوزجاني واهي الحديث وقال الساجى عنده حديث واحد منكر غير معروف عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ عن عليّ العينان وكاء السه وقال الساجى رأيت أبا داود أدخل هذا الحديث في كتاب السنن ولا أراه ذكره فيه إلا وهو عنده صحيح. توفي سنة سبع أو تسع وأربعين ومائة. روى له أبو داود وابن ماجه

(قوله محفوظ بن علقمة) أبو جنادة الحضرمى الحمصى. روى عن أبيه وسلمان الفارسى مرسلا وعبد الله بن عائذ. وعنه الوضين بن عطاء وثور بن يزيد ومحمد بن راشد الخزاعى، قال ابن معين ودحيم ثقة وقال أبو زرعة لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات. روى له أبو داود وابن ماجه

(قوله عبد الرحمن بن عائذ) الثماني ويقال الكندى أبو عبد الله الحمصى. روى عن عمر ابن الخطاب وعلي بن أبى طالب ومعاذ بن جبل وعوف بن مالك وأبى ذرّ الغفارى وعبد الله ابن عمرو وآخرين. وعنه محفوظ بن علقمة ويحيى بن جابر الطائى وسماك بن حرب وشريح ابن عبيد، قال ابن منده ذكره البخارى في الصحابة ولا يصح وقال أبو حاتم لم يدرك النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقال هو وأبو زرعة حديثه عن على مرسل وضعفه الأزدى وذكره ابن حبان في الثقات ووثقه النسائى. روى له أبو داود والترمذى وابن ماجه

(معنى الحديث)

(قوله وكاء السه العينان) الوكاء بكسر الواو ممدودا الخيط الذى تشدّ به القربة والكيس ونحوهما، والسه بفتح السين المهملة وكسر الهاء العجز والمراد به حلقة الدبر وأصله سته بالتحريك لجمعه على أستاه كسبب وأسباب ويقال ست بالتاء أيضا فيعرب إعراب يد ودم وبعضهم يقول في الوصل ست بالتاء وفي الوقف سه بالهاء على قياس هاء التأنيث وكنى بالعينين عن اليقظة لأنه يلزم من اليقظة الإبصار بهما فجعل اليقظة للإست كالوكاء

ص: 251