الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وشعبة والسفيانان وآخرون، قال ابن معين ليس حديثه بحجة وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان يخطئُ وقال ابن عدى هو عندى ثبت لا بأس به مقبول الأخبار وقال سفيان بن عيينة كنا نعدّ سهيلا ثبتا في الحديث وقال أحمد ما أصلح حديثه وقال النسائى ليس به بأس وقال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث وقيل في حديثه بالعراق إنه نسى الكثير منه وساء حفظه في آخر عمره، روى له الجماعة إلا البخارى
(معنى الحديث)
(قوله إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد حركة في دبره الخ) أى أن من طرأ عليه هذا الأمر وشك وهو في الصلاة أأحدث أم لا فلا يخرج من الصلاة حتى يتيقن الحدث، وقوله فأشكل عليه أى التبس عليه الأمر عطف لازم على ملزوم وذكره لزيادة الإيضاح ويحتمل أن فيه تقديما وتأخيرا والأصل فأشكل عليه أحدث أو لم يحدث (وقال) العينى الضمير الذى في أشكل يرجع إلى الحدث الذى دلّ عليه قوله أحدث والمعنى أشكل عليه أخرح منه ريج أم لا فلا ينصرف من الصلاة لأن اليقين لا يزول بالشك إلا إذا تيقن فحينئذ ينصرف ويتوضأ ثم هل بينى على ما مضى أو يستأنف فعندنا له أن يبنى وعند الشافعى ومالك وأحمد يستأنف وهو أفضل عندنا اهـ ونهاه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن الخروج من الصلاة قبل تيقن الحدث لأن هذه الحركة يحتمل أن تكون من نفخ الشيطان كما جاء عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال يأتى أحدكم الشيطان في صلاته فينفخ في مقعدته فيخيل إليه أنه أحدث ولم يحدث فإذا وجد ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا أخرجه البزّار
(فقه الحديث) دلّ الحديث بظاهره لما يقوله المالكية من الفرق بين من شك في الحدث في الصلاة فلا ينصرف حتى يتحقق من خروج شيء ومن شك خارج الصلاة وذلك أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قيد الحكم بمن كان في صلاة، وتقدم الكلام في ذلك والبحث فيه، وفيه دليل على أن الريح الخارج من الدبر ناقض للوضوء وهو مجمع عليه وكذا الريح الخارج من القبل عند ابن المبارك والشافعى وإسحاق وأحمد وهو رواية عن محمد من الحنفية والمشهور عندهم أنه لا ينقض. وكذا عند المالكية إلا إذا انسدّ الدبر وصار القبل مخرجا معتادا له
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم والبيهقى وكذا الترمذى بلفظ إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحا بين أليتيه فلا يخرج حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا وقال هذا حديث حسن صحيح، والمراد بالمسجد الصلاة كما تقدم
(باب الوضوء من القبلة)
أى في بيان حكم الوضوء من قبلة الرجل امرأته، والقبلة بضم القاف وسكون الموحدة اسم من التقبيل وهي معروفة والجمع قبل مثل غرفة وغرف
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا يَحْيَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَا: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ قَبَّلَهَا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهُوَ مُرْسَلٌ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ شيئا
(ش)(رجال الحديث)
(قوله يحيى) بن سعيد و (عبد الرحمن) بن مهدى و (سفيان) الثورى
(قوله عن أبى روق) بفتح الراء وسكون الواو المخففة اسمه عطية ابن الحارث الهمداني الكوفي. روى عن أنس وإبراهيم التيمى والشعبي والضحاك وعكرمة وعنه ابناه يحيى وعمارة وأبو أسامة وعبد الواحد بن زياد، قال أبو حاتم صدوق وقال يعقوب بن سفيان وأحمد والنسائى ليس به بأس وقال ابن معين صالح وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن عبد البر قال الكوفيون هو ثقة ولم يذكره أحد بجرح. روى له أبو داود والنسائى وابن ماجه
(معنى الحديث)
(قوله قبلها ولم يتوضأ) وفى رواية للدارقطنى عنها لقد كان نبى الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقبلنى إذا خرج للصلاة ولم يتوضأ (وظاهره) يدل على أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء وإليه ذهب على وابن عباس وعطاء وطاوس وأبو حنيفة وأصحابه، واستدلوا بأدلة (منها) حديث الباب وهو وإن كان منقطعا لكن تؤيده الأحاديث الأخر (ومنها) ما أخرجه مسلم والترمذى وصححه عن عائشة قالت فقدت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوضعت يدى على باطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (ومنها) ما أخرجه الشيخان من حديث أبي سلمة عن عائشة قالت كنت أنام بين يدى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ورجلاى في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلى فإذا قام بسطتهما والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح، وفى لفظ فإذا أراد أن يسجد غمز رجلى فضممتها إلى ثم سجد (ومنها) ما أخرجه النسائى عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا قالت إن كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليصلى وإني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة حتى إذا أراد أن يوتر مسنى برجله (قال) الحافظ في التلخيص الحبير إسناده صحيح. وقال الزيلعى إسناده على شرط الصحيح (ومنها) ما أخرجه ابن ماجه عن زينب السهمية عن عائشة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يتوضأ ثم يقبل ويصلى ولا يتوضأ وربما فعله بي (قال) الزيلعى سنده جيد اهـ وفيه نظر لأن الحديث فيه حجاح بن أرطاة وهو كثير الخطأ
والتدليس وزينب السهمية مجهولة صرّح به البيهقى وغير واحد وحملوا اللمس في الآية على الجماع بقرينة الأحاديث المتقدمة ولتصريح ابن عباس الذى علمه الله تأويل كتابه واستجاب فيه دعوة نبيه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأن اللمس المذكور في الآية هو الجماع وقد تقرّر أن تفسيره أرجح من تفسير غيره لتلك المزية (وإلى تفسير) الآية بما ذكر ذهب علىّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ والحسن، وذهب ابن مسعود وابن عمر والزهرى والأوزاعي والشافعى إلى أن اللمس ناقض للوضوء واستدلوا بأدلة (منها) قوله تعالى "أو لامستم النساء" قالوا إن الآية صرّحت بأن اللمس من جملة الأحداث الناقضة للوضوء وهو حقيقة في لمس اليد ويؤيد بقاءه على معناه الحقيقى قراءة حمزة والكسائى أو لمستم فإنها ظاهرة في مجرّد اللمس دون الجماع (فإن قيل) إن الملامسة من باب المفاعلة ولا تكون إلا من اثنين واللمس باليد إنما يكون من واحد فثبت أن الملامسة هي الجماع (فالجواب) أن الملامسة هي التقاء بشرتين سواء أكان ذلك من فعل واحد أم فعل اثنين لأن كل واحد منهما يوصف بأنه لامس وملموس (وأجاب) الأولون عن هذا بأنه لا تنكر صحة إطلاق اللمس على الجس باليد بل هو المعنى الحقيقى له ولكن المقام محفوف بقرائن توجب المصير إلى المجاز وهي حديث عائشة في التقبيل وحديثها في لمسها لبطن قدم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وغيرهما من الأحاديث المتقدمة وقد فسر اللمس بالجماع علىّ وابن عباس كما تقدّم ويؤيد ذلك قول أكثر أهل العلم إن المراد بقول بعض الأعراب للنبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن امرأته لا تردّ يد لامس كناية عن كونها زانية ولهذا قال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم طلقها، على أن بعض المحققين قال إن المتجه أن الملامسة حقيقة في تماسّ البدنين بشئ من أجزائهما من غير تقييد باليد وعلى هذا فالجماع من أفراد مسمى الحقيقة فيتناوله اللفظ حقيقة وإنما يكون مجازا لو اقتصر على إرادته باللفظ. والقول بأن اللمس في حديث عائشة يحتمل أنه كان مع حائل أو أنه خاص به صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تكلف ومخالفة للظاهر. واستدل أيضا من قال بنقض الوضوء باللمس بما أخرجه مالك والشافعى عن ابن عمر أن من قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء ورواه مالك أيضا في الموطأ عن ابن مسعود بلفظ من قبلة الرجل امرأته الوضوء. وبما أخرجه الدارقطنى وصححه من حديث عمر القبلة من اللمس فتوضؤوا منها. وبما أخرجه أيضا عن ابن عمر قال من قبل امرأته وهو على وضوء أعاد الوضوء. وما رواه أيضا عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه كان يقول قبلة الى جل وجسته بيده من الملامسة ومن قبل امرأته أو جسها بيده فقد وجب عليه الوضوء لكن أثر عمر قد ضعفه ابن عبد البرّ وقال هو خطأ وهو صحيح عن ابن عمر لا عن عمر، على أنه ثبت أنه كان يقبل امرأته ثم يصلى ولا يتوضأ فالرواية
عنه مختلفة فيحمل ما قاله في الوضوء إن صحّ عنه على الاستحباب وبقية هذه الآثار كلها ليس فيها حجة لعدم رفعها إلى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا سيما إذا وقعت معارضة لما ورد عن صاحب الشريعة (قال) في المرقاة هذه الأحاديث كلها موقوفة على بعض الصحابة ممن قال ينقض اللمس وليست في حكم المرفوع إذ للرأى فيه مجال مع احتمال أن يحمل قوله على الاستحباب للاحتياط، وللمجتهد أن يختار من أقوال الصحابة ما شاء لا سيما وقد ثبت عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عدم النقض باللمس كما تقدم عن عائشة، والأصل عدم التخصيص مع أن الشافعى لا يرى تقليد المجتهد للصحابى اهـ وذهب مالك والليث بن سعد وأحمد في إحدى الروايات عنه إلى أن اللمس إن كان بشهوة نقض وإلا فلا جمعا بين الآية والأحاديث المتقدمة فحملوا اللمس في الآية على ما إذا كان بشهوة وفي الأحاديث على ما إذا كان بدونها حيث وقعت ملامسته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للسيدة عائشة وهو في الصلاة مقبلا على مولاه سبحانه وتعالى وأما حديث عائشة أن النبي صلى الله تعاالى عليه وعلى آله وسلم قبل امرأة من نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ رواه المصنف فيحتمل أنه كان قبل نزول الآية، ولأن اللمس ليس بحدث في نفسه وإنما هو داع إلى الحدث فاعتبرت الحالة التى يدعو فيها إلى الحدث وهى حالة الشهوة واللامس والملموس عند مالك سواء وللشافعى في الملموس قولان الوضوء وعدمه أشهرهما الوضوء. وذهب داود إلى أن الملموس لا وضوء عليه، وما تقدم من التفصيل عند مالك في غير القبلة في الفم أما هى فيه فتنقض مطلقا إلا لوداع أو رحمة (والحاصل) أن في اللمس خلافا في نقض الوضوء وعدمه والقول بعدم النقض أقوى دليلا والاحتياط الوضوء خروجا من الخلاف
(قوله قال أبو داود وهو مرسل) المرسل ما سقط منه الصحابى ويطلق على ما سقط من سنده راو مطلقا وهذا هو المراد هنا لأن الصحابى هنا مذكور وهو عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا
(قوله وإبراهيم التيمى الخ) بيان لكون الحديث مرسلا قال الترمذى لا نعرف لإبراهيم التيمى سماعا من عائشة وليس يصح عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في هذا الباب شيء اهـ وقال النسائى بعد إخراجه لهذا الحديث ليس في هذا الباب حديث أحسن من هذا الحديث وإن كان مرسلا اهـ قال الدارقطنى لم يروه عن إبراهيم التيمي غير أبي روق عطية بن الحارث ولا نعلم حدّث به عنه غير الثورى وأبى حنيفة واختلف فيه فأسنده الثورى عن عائشة وأسنده أبو حنيفة عن حفصة وكلاهما أرسله وإبراهيم التيمى لم يسمع من عائشة ولا من حفصة ولا أدرك زمانهما وقد روى هذا الحديث معاوية بن هشام عن الثورى عن أبى روق عن إبراهيم التيمى عن أبيه عن عائشة فوصل إسناده واختلف عليه في لفظه فقال عثمان بن أبي شيبة عنه بهذا الإسناد إن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقبل وهو
صائم وقال عنه غير عثمان إن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقبل ولا يتوضأ اهـ ومعاوية هذا قد أخرج له مسلم في صحيحه وبذلك زال انقطاع الحديث. على أن أبا روق ثقة لم يذكره أحد بجرح كما تقدّم ومراسيل الثقات حجة عند الكوفيين
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وكَذَا رَوَاهُ الْفِرْيَابِيُّ وَغَيْرُهُ
أى روى الحديث محمد بن يوسف الفريابى وغيره مرسلا عن الثورى كما رواه يحيى وعبد الرحمن ابن مهدى (والفريابى) بكسر الفاء وسكون الراء نسبة إلى فارياب على غير قياس بلدة ببلخ ويقال الفاريابى بإثبات الألف على القياس ويقال فيريابى بكسر الفاء وقلب الألف ياء لسكونها إثر كسرة هو محمد بن يوسف بن واقد أبو عبد الله الضبى مولاهم سكن قيسارية الشام وهو من أعاظم أصحاب الثورى أدرك الأعمش. روى عن جرير بن حازم والأوزاعي والثورى وابن عيينة وآخرين. وعنه البخارى وأحمد بن حنبل ومحمد بن يحيى والوليد بن علية وكثيرون وثقة أبو حاتم والنسائى والعجلى وقال البخارى كان أفضل أهل زمانه. توفي في ربيع الأول سنة اثنتى عشرة ومائتين، روى له الجماعة، ولم نقف على من وصل رواية الفريابى (وغير الفريابى) كوكيع وأبي عاصم ومحمد بن جعفر وقد أخرج روايتهم الدارقطنى قال بعد أن ذكر سنديه إلى الأولين وحدثنا الحسن بن إسماعيل وعمرو بن أحمد بن على القطان قالا نا محمد بن الوليد نا محمد بن جعفر غندر نا سفيان الثورى عن أبى روق عن إبراهيم التيمى عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ ثم يقبل بعد ما يتوضأ ثم يصلي ولا يتوضأ هذا حديث غندر وقال وكيع إن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ وقال أبو عاصم كان النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقبل ثم يصلى ولا يتوضأ اهـ (والحاصل) أن أكثر الحفاظ من أصحاب الثورى رووا الحديث عن سفيان مرسلا غير موصول وبعضهم وصله كمعاوية بن هشام (وقد) علمت أنه ثقة وزيادة الثقة مقبولة، وفى النسخة المصرية تقديم قوله "وكذا رواه الفريابى وغيره" على قوله وهو مرسلا الخ وهو خطأ، وفى بعض النسخ زيادة "قال أبو داود ومات إبراهيم التيمى ولم يبلغ أربعين سنة وكان يكنى أبا أسماء"
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن تقبيل الرجل امرأته لا ينقض الوضوء قال الترمذى وقد روى نحو هذا عن غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والتابعين وهو قول سفيان الثورى وأهل الكوفة قالوا ليس في القبلة وضوء (وقال) مالك ابن أنس والأوزاعي والشافعى وأحمد وإسحاق في القبلة وضوء وهو قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والتابعين وإنما ترك أصحابنا حديث عائشة عن
النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله سلم في هذا لأنه لا يصح عندهم لحال الإسناد اهـ وقد علمت بيانه
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه النسائى والدارقطني وأحمد والترمذى والبيهقى وقال الحديث الصحيح عن عائشة في قبلة الصائم فحمله الضعفاء من الرواة على ترك الوضوء منها ولو صح إسناده لقلنا به إن شاء الله تعالى اهـ وردّه في الجوهر النقى فقال هذا تضعيف للثقات من غير دليل والمعنيان مختلفان فلا يعلل أحدهما بالآخر
(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا وَكِيعٌ، ثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ قَبَّلَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» ، قَالَ عُرْوَةُ: فَقُلْتُ مَنْ هِيَ إِلَّا أَنْتِ؟ فَضَحِكَتْ.
(ش)(قوله وكيع) بن الجراح و (الأعمش) سليمان بن مهران و (حبيب) ابن أبي ثابت
(قوله ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ) وفى رواية الدارقطني عن هشام ابن عروة بن الزبير أن رجلا قال سألت عائشة عن الرجل يقبل امرأته بعد الوضوء فقالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقبل بعض نسائه ولا يعيد الوضوء
(قوله قال عروة الخ) أى ابن الزبير ابن أختها لا عروة المزني ففى رواية ابن ماجه التصريح بأن الراوى لهذا الحديث عن عائشة هو عروة بن الزبير وكذا الدارقطنى في رواية له (قال) في المرقاة قال ميرك وما ادعاه بعض محدّثى زماننا أن عروة هذا ليس عروة بن الزبير وإنما هو عروة المزنى ليس بشئ لأن البيهقى صرّح بأنه عروة بن الزبير ويشعر به كلام البخارى أيضا اهـ وقال ابن حجر عروة المزني لم يدرك عائشة اهـ كلام صاجب المرقاة وقوله من هى إلا أنت استفهام بمعنى النفى أى ليست المقبلة إلا أنت وضحكها يدلّ على أنها هي المقبلة لأن الضحك في مثل هذا الموضع تقرير لكلام السائل
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه ابن ماجه والدارقطني والترمذى وقال سمعت أبا بكر العطار البصرى يذكر عن علىّ بن المدينى قال ضعف يحيى بن سعيد القطان هذا الحديث وقال هو شبه لا شيء قال وسمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث وقال حبيب بن أبى ثابت لم يسمع من عروة اهـ وأخرجه البيهقى مختصرا بلا ذكر قول عروة لعائشة، ونقل عن يحيى بن سعيد أن سفيان الثورى كان أعلم الناس بهذا زعم أن حبيبا لم يسمع من عروة شيئا (أقول) دعوى أن حبيبا لم يسمع من عروة غير مسلمة كما سيأتى للمصنف وقد جنح ابن عبد البرّ إلى تصحيح هذا الحديث فقال صححه الكوفيون وأثبتوه لرواية الثقات
من أئمة الحديث له وحبيب لا ينكر لقاؤه عروة لروايته عن هو أكبر من عروة وأقدم موتا منه. وقال في موضع آخر لا شك أنه أدرك عروة
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَكَذَا رَوَاهُ زَائِدَةُ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ.
(ش) أى روى الحديث المذكور زائدة بن قدامة وعبد الحميد عن الأعمش عن حبيب عن عروة بدون ذكر أبيه مثل رواية وكيع عن الأعمش وقد علمت بأنه ابن الزبير (وعبد الحميد) هو ابن عبد الرحمن أبو يحيى الكوفي. روى عن الأعمش والسفيانين وأبى حنيفة وجماعة. وعنه الحسن بن على الخلال وسفيان بن وكيع وأبو سعيد الأشج وأبو كريب وغيرهم، قال ابن معين والنسائى ثقة وقال مرّة ليس بالقوى وقال أبو داود كان داعية إلى الإرجاء وضعفه ابن سعد والعجلى وقال كان مرجئا. توفي سنة ثنتين ومائتين. روى له الجماعة إلا النسائى (والحمانى) بكسر الحاء المهملة وتشديد الميم نسبة إلى حمان قبيلة من تميم. وروايته أخرجها الدارقطنى قال حدثنا أبو بكر النيسابورى نا على بن حرب وأحمد بن منصور ومحمد بن إشكاب وعباس بن محمد قالوا أنا أبو يحيى الحمانى نا الأعمش عن حبيب بن أبى ثابت عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصبح صائما ثم يتوضأ للصلاة فتلقاه المرأة من نسائه فيقبلها ثم يصلى قال عروة قلت لها من ترينه غيرك فضحكت
(ص) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَخْلَدٍ الطَّالْقَانِيُّ، قال ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَغْرَاءَ، قال ثَنَا الْأَعْمَشُ، أَنَا أَصْحَابٌ لَنَا، عَنْ عُرْوَةَ الْمُزَنِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ
(ش) غرض المصنف بسياق هذا والتعليقين بعده بيان أن عروة في السند السابق هو عروة المزني لا عروة بن الزبير على ما ظنه يحيى بن سعيد والثورى فيكون الحديث ضعيف لجهالة المزنى وهذا وهم لوجوه (الأول) أن الذى وصف عروة بالمزني إنما هو عبد الرحمن بن مغراء وسيأتى أنه لا يحتج به فلا يثبت كونه مزنيا بقوله ولا سيما وقد خالفه في ذلك وكيع وصرّح بأنه عروة ابن الزبير كما تقدم عند ابن ماجه. ويحتمل أن الذى وصفه بالمزني شيوخ الأعمش وهم مجهولون فلا يعتمد على قولهم (الثانى) أن الأعمش صرّح في هذا الحديث بأنه حدّثه شيوخه عن عروة المزني فلو كان عروة هذا مجهولا فكيف يحدّث عنه الكثيرون فعلم أنه عروة بن الزبير، ووصفه بالمزنى غلط من عبد الرحمن بن مغراء (الثالث) أن المعروف عند المحدّثين أن من يذكر غير منسوب يحمل قطعا على المشهور المتعارف بينهم لا على المجهول (الرابع) أن عروة قال لعائشة من هى إلا أنت فضحكت وهذا يدلّ على أنه عروة بن الزبير ابن أختها لأن هذا لا يصدر
إلا ممن كان بينه وبينها مثل هذه القرابة (الخامس) أن أحاديث الباب التي أخرجها أحمد والدارقطنى بسندهما إلى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة دالة أيضا على أن عروة هنا هو ابن الزبير لا المزنى
(قوله إبراهيم بن مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة. روى عن عبد الله بن المبارك وعبد الرحمن بن مغراء وغيرهما. وعنه أبو داود ومحمد بن منصور الطوسى، وثقه ابن حبان ومسلمة بن قاسم، و (الطالقاني) بفتح اللام وبعدها القاف نسبة إلى طالقان بلدة بخراسان
(قوله عبد الرحمن يعنى ابن مغراء) بفتح الميم وسكون الغين المعجمة ابن عياض بن عبد الله بن وهب الكوفى أبو زهير نزيل الرىّ ولى قضاء الأردن. روى عن يحيى بن سعيد الأنصارى وابن إسحاق والأعمش ومحمد بن سوقة وغيرهم. وعنه إبراهيم بن موسى الفراء وإبراهيم بن مخلد والحسين ابن منصور ومحمد بن حميد وآخرون، قال أبو زرعة صدوق وقال ابن المدينى ليس بشئ كان يروى عن الأعمش ستمائة حديث تركناه لم يكن بذاك وقال ابن عدى روى عن الأعمش أحاديث لا يتابعه عليها الثقات وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم ووثقه أبو خالد الأحمر وابن حبان. روى له أبو داود
(قوله أصحاب لنا) لم يعرف منهم إلا حبيب بن أبى ثابت
(قوله عروة المزني) قال ابن حجر هو شيخ لا يدرى من هو وقال الذهبي هو شيخ لحبيب بن أبى ثابت لا يعرف اهـ والمزنى نسبة إلى مزينة قبيلة من قبائل العرب
(قوله بهذا الحديث) أى الذى رواه حبيب بن أبى ثابت عن عروة، وقد أخرج هذه الرواية البيهقى من طريق المصنف وهي ضعيفة لضعف عبد الرحمن بن مغراء ولجهالة من روى عنهم الأعمش
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لِرَجُلٍ احْكِ عَنِّي أَنَّ هَذَيْنِ الحديثين يَعْنِي حَدِيثَ الْأَعْمَشِ هَذَا، عَنْ حَبِيبٍ، وَحَدِيثَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ «فِي الْمُسْتَحَاضَةِ أَنَّهَا تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ» قَالَ يَحْيَى: احْكِ عَنِّي أَنَّهُمَا شِبْهُ لَا شَيْءَ
(ش) هذا التعليق وصله البيهقى قال أخبرنا أبو بكر أنا على نا محمد بن مخلد نا صالح بن أحمد نا على بن المدينى قال سمعت يحيى وذكر عنده حديثا الأعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة تصلى وإن قطر الدم على الحصير وفي القبلة قال يحيى احك عنى أنهما شبه لا شيء، والمراد بالرجل في كلام المصنف على بن المدينى
(قوله احك عني الخ) أى أخبر الناس عني بأن هذين الحديثين ضعيفان يعنى لأن في سندهما عروة المزني وهو مجهول وقد علمت أنه عروة بن الزبير، أن وصف عروة في سند حديث الباب بالمزني غلط من عبد الرحمن بن مغراء كما تقدم. والمعوّل عليه أن وجه ضعف هذا الحديث أن في سنده عبد الرحمن بن مغراء. وأما حديث المستحاضة فقد أخرجه المصنف
في باب من قال تغتسل من طهر إلى طهر قال حدثنا عثمان بن أبى شيبة وحدثنا وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبى ثابت عن عروة عن عائشة قالت جاءت فاطمة بنت أبى حبيش إلى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فذكر خبرها وقال اغتسلى ثم توضئى لكل صلاة وصلى وهذا سند صحيح
(قوله قال يحيى أحك عنى الخ) أعاد هذه الجملة للفصل بين اسم أن وخبرها بالعناية من المصنف التى بين بها الحديثين. وشبه بكسر الشين وسكون الموحدة بمعنى المشابهة وسقط منه التنوين لإضافتة إلى مما بعده. وإنما قال شبه لا شيء ولم يقل لا شئ إشارة إلى أنهما ضعيفان وليسا بباطلين وضعفهما من جهة الإسناد ولذا قال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث ويقول لم يسمع حبيب بن أبى ثابت من عروة شيئا وتقدم ما فيه
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: مَا حَدَّثَنَا حَبِيبٌ، إِلَّا عَنْ عُرْوَةَ الْمُزَنِيِّ يَعْنِي لَمْ يُحَدِّثْهُمْ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بِشَيْءٍ
(ش)(قوله يعنى لم يحدّثهم الخ) أى لم يحدث حبيب أحدا من الثورى ومن معه عن عروة بن الزبير بشئ بل إنما حدّثهم عن عروة المزنى
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَدْ رَوَى حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ حَدِيثًا صَحِيحًا
(ش) أى روى حمزة الزيات عن عروة بن الزبير حديثا صحيحا وهو ما أخرجه الترمذى في الدعوات قال حدثنا أبو كريب حدثنا أبو معاوية بن هشام عن حمزة الزيات عن حبيب بن أبى ثابت عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول اللهم عافنى في جسدى وعافني في بصرى واجعله الوارث منى لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين وقال حديث غريب اهـ وغرض المصنف بهذا ردّ ما قاله الثورى من عدم رواية حبيب عن عروة ابن الزبير. وعلى تقدير صحة ما قيل إن عروة المطلق هو عروة المزنى أفلا يحتمل أن حبيبا سمعه من ابن الزبير وسمعه من المزني أيضا كما وقع ذلك في كثير من الأحاديث (وحمزة الزيات) هو ابن حبيب بن عمارة التيمي مولى تيم الله أبو عمارة الكوفى أحد القرّاء السبعة. روى عن الحكم وعمرو بن مرّة وحبيب بن أبي ثابت. وعنه ابن المبارك وجرير بن عبد الحميد وأبو أحمد الزبيرى وآخرون. وثقه ابن معين والنسائي، مات سنة ثمان أو ست وخمسين ومائة. وقد جاء لحديث عائشة طرق جيدة سوى ما مرّ من رواية