الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال رحمه الله: النظر
الثالث في حكم العقد قبل القبض وبعده
قوله: الأول أن يتلفه المشتري فهو قبض منه على المذهب -إلى آخره.
يستثني من ذلك ما إذا اشترى عبدًا [فارتد](1) قبل القبض وكان المشتري هو الإمام فقتله فإنه لا يكون قبضًا ولا يستقر عليه الثمن بخلاف ما إذا كان غير الإمام فإنه مستقر عليه، كذا نقله الرافعي قبيل باب الديات عن "فتاوى البغوي" وأقره.
ويستثني أيضًا ما لو قتله قصاصًا ففى "المطلب" لابن الرفعة أنه يظهر أن يكون كالآفة.
والقياس في تارك الصلاة وقاطع الطريق والزاني المحصن أن يكونوا كالمرتدين في هذا الحكم.
ويتصور كون الزاني المحصن عبدًا مع أن شرط الإحصان الحرية في الكافر إذا زنى ثم لحق بدار الحرب فاسترق.
وقد سبق في أواخر الرد بالعيب كلام آخر متعلق بهذه الصورة.
واعلم أن استقرار الثمن على قاتل المرتد إذا كان غير الإمام مشكل، فإنه لو قتله لم يلزمه شيء كما ستعرفه واضحًا في خيار النقص، فكيف يستقر عليه الثمن مع أن هذا القتل غير مضمون، وهكذا القول أيضًا في الثلاثة التي ألحقها.
وأما القتل للصيال فسيأتي في كلامه.
قوله: والثالث أن يتلفه البائع فطريقان:
أظهرهما: أنه على قولين:
(1) سقط من أ.
أصحهما: انفساخ العقد. انتهى كلامه.
وما صححه هاهنا من الانفساخ قد صححه أيضًا في باب الفلس في الكلام على رجوع البائع فقال: إنه الأصح عند صاحب "التهذيب" وغيره، وصححه أيضًا هنا في "الشرح الصغير" و"المحرر" [لكنه أعادها في "الشرح الصغير" في أوائل كتاب الصداق وقال: الأصح] (1) أنه كإتلاف الأجنبي؛ والفتوى على المذكور هنا وهو الانفساخ. فإن الرافعي نقله في آخر المسألة عند الكلام على رقم كلام الغزالي عن الجمهور.
قوله: ولو صال العبد المبيع على المشتري في يد البائع فقتله دفعًا، فعن الشيخ أبي علي ألا يستقر الثمن عليه.
وعن القاضي أنه يستقر. انتهى.
والأصح عدم الاستقرار، وكذا قال النووي من "زياداته".
قوله: ولو أغرق البحر الأرض المشتراة أو وقع عليها صخور عظيمة من جبل بجنبها أو كسيها رمل فهل هو كالمتلف أو أثرها ثبوت الخيار؟ فيه وجهان، الأشبه الثاني. انتهى.
وما ذكره هاهنا من ترجيح ثبوت الخيار قد ذكر ما يخالفه في موضعين من هذا الكتاب: أحدهما في كتاب الشفعة [فإنه جزم في أوائل الباب الثاني منها بأن غرق الأرض إتلاف لا تعييب. حتى إنه إذا حصل في بعض الأرض المشتراة](2) فلا يأخذ الشفيع إلا بالحصة.
والثاني في آخر الإجارة فقال فيما إذا استأجر أرضًا فغرقت بالماء أنه يكون كانهدام الدار.
والصحيح في انهدامها الانفساخ لا الخيار.
(1) سقط من أ.
(2)
سقط من أ.
ووقعت هذه المواضع أيضًا في "الروضة"، وعبر عن قول الرافعي هنا الأشبه والثاني بقوله: إنه الأصح.
وذكر في "الشرح الصغير" الموضع الثاني فقط، ولم يتعرض للمسألة في "المحرر" ولا في "مختصره".
قوله: إذا اشترى عبدين وتلف أحدهما قبل القبض انفسخ البيع فيه، وفي الثاني قولا تفريق الصفقة. انتهى.
وهذه المسألة سبق الكلام عليها في تفريق الصفقة فراجعه.
قوله: وأصح الأوجه أنه يصح إعتاق المبيع قبل القبض سواء كان للبائع حق الحبس أم لا ثم قال: فلو وقفه ففي "التتمة" أنه ينبني على أن الوقف هل يفتقر إلى القبول؟
إن قلنا: نعم. فهو كالبيع، وإلا، فكالإعتاق وبهذا أجاب صاحب "الحاوي". انتهى.
وهذه المقالة التي نقلها هنا عن "التتمة" وارتضاها ولم يردها نقلها عنه أيضًا في وقف الراهن المرهون ثم صحيح القطع، بإنه لا يلتحق بالعتق وأنه يبطل مطلقًا.
والقياس التسوية بين البابين وإلا فما الفرق.
قوله: ولو باع المبيع قبل القبض من البائع لم يصح في أصح الوجهين، ثم قال: والوجهان فيما إذا باع بغير جنس الثمن أو بزيادة أو نقصان أو تفاوت صفة وإلا فهو إقالة بصيغة البيع. قاله في "التتمة". انتهى.
ذكر مثله في "الشرح الصغير" وكذلك النووي في "الروضة". والنقل المذكور قد نقله صاحب "التتمة" عن بعضهم فقال: السابعة: إذا باع المبيع قبل القبض من البائع فمن أصحابنا من قال: إن باع منه بغير جنس الثمن الأول وقدره وصفته فهو إقالة بلفظ البيع.
ومنهم من قال: البيع منه جائز لأن المنع من البيع بحق أو للعجز عن التسليم فأيهما كان ففي حقه معدوم هذا لفظه.
وقد ذكر شيخه القاضي الحسين هذه المسألة بزيادة لابد من معرفتها، فإن حكم المسألة متوقف عليها فقال وإن باعه بمثل ذلك الثمن جنسًا وقدرًا إن جوزنا البيع في المسألة الأولى فهاهنا أولى، وإلا فوجهان:
أحدهما: لا يجوز كذلك.
والثاني: يجوز ويجعل إقالة بلفظ البيع.
والوجهان في الحقيقة يبنيان على أن العبرة في العقد باللفظ أو بالمعنى؟ هذا لفظه.
وفي المسألة كلام آخر سبق ذكره في الرد بالعيب في الكلام على ما إذا اطلع على العيب بعد زوال الملك فراجعه والأصح كما قاله الرافعي في أوائل السلم أن العبرة باللفظ. وحينئذ فلا يصح هذا على الصحيح.
والعجب من إسقاط الرافعي هذه الزيادة.
قوله: فلو وهب منه أي من البائع قبل القبض أو رهن فطريقان:
أحدهما: القطع بالمنع.
وأصحهما في ما نقل عن صاحب "التهذيب": أنه على القولين. انتهى.
والصحيح ما قاله صاحب "التهذيب" كذا صححه النووي في أصل "الروضة".
قوله: والأمانات كالوديعة. ثم قال: والمال في يد المستأجر بعد المدة. انتهى.
وهذه المسألة فيها كلام يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في الإجارة فراجعه.
قوله: فمنها ما حكاه صاحب "التلخيص" عن النص أن الأرزاق التي يخرجها السلطان للناس يجوز بيعها قبل القبض، فمنهم من قال: هذا إذا قرره السلطان فتكون يد السلطان في الحفظ يد المفرز، ويكفي ذلك لصحة البيع.
ومنهم من لم يكتف بذلك، وحمل النص على ما إذا وكل وكيلًا في فقبضه الوكيل ثم باعه الموكل، وإلا فهو بيع شيء غير مملوك، وهذا ما أورده القفال في الشرح. انتهى ملخصًا.
فيه أمران نبه عليهما في "الروضة":
أحدهما: أن الأصح هو الأول، وإن كان على خلاف القاعدة للرفق بالجند.
الثاني: أن مراد الرافعي بقوله: وهو الذي أورده القفال في "الشرح" إنما هو عدم الاكتفاء فإنه نقل هكذا في "شرح التلخيص" له، وأما الحمل المذكور على ما إذا وكل فلم يذكره.
قال: وصرح القفال بأن مراد الشافعي بالرزق هو الغنيمة. انتهى كلام "الروضة".
والذي ذكره الرافعي والنووي هنا كلام غير محرر مخالف للقواعد والنقول في المسألة بعينها، ويصح بما ذكره الرافعي في كتاب السير فإنه قال: وقولنا: تملك الغنيمة بالقسمة، محله إذا رضي الغانم بالقسمة أو قبل ما عينه له الإمام.
وأما إذا رد فينبغي أن يصح رده.
وذكر البغوي فيه خلافًا فقال: إذا أقر الإمام الخمس وأقرر نصيب كل واحد منهم أو أقرر لكل طائفة شيئًا معلومًا فلا يملكونه قبل اختيار التملك على الأصح حتى لو ترك بعضهم حقه صرف إلى الباقين هذا كلامه.
وحينئذ فيكون ما ذكره هاهنا من صحة البيع في نصيبه وهو في يد الإمام صحيحًا متجهًا ماشيًا على القياس لأنه بيع الغانم المقدار الذي عينه له الإمام قبول منه له لاسيما إذا وجد منه الرضى بقسمة الإمام، ولو أفرز الإمام للأجناد المرتبين في ديوان الجيش شيئًا من مال [الفيء](1) كان بيعه قبل قبضهم له مخرجًا على ما ذكرناه في الغنيمة.
قوله: ومنها: الشفيع إذا تملك الشقص قال في "التهذيب": له بيعه قبل القبض.
وقال في "التتمة": ليس له ذلك لأن الأخذ بها معاوضة.
قال في "الروضة": من "زوائده" إن الثاني أقوى. انتهى.
وفيه أمران:
أحدهما: أن الرافعي قد صرح بالتصحيح في باب الشفعة فقال: إنه أظهر الوجهين، وعبر عنه في "الروضة" بالأصح.
وكلامه هنا يؤذن بعدم استحضاره إياه.
الأمر الثاني: أن النووي قد ذكر هناك تفصيلًا فقال: وفي نفوذ تصرف الشفيع قبل القبض إذا كان قد سلم الثمن وجهان:
أصحهما: المنع كالمشتري.
والثاني: الجواز لأنه قهري كالإرث.
ولو ملك بالإشهاد أو بقضاء القاضي لم ينفذ تصرفه قطعًا، وكذا لو ملك برضى المشتري يكون الثمن عنده. هذا كلام "الروضة" إلا أنه مخالف لكلام الرافعي، فإنه -أعني الرافعي- نقل هذا التفصيل عن الإمام خاصة؛ ثم قال عقب حكايته له: والقياس التسوية. هذا لفظه.
(1) سقط من أ.
قوله: ومنها إذا استأجر صباغًا ليصبغ ثوبًا وسلمه إليه. . . . إلى آخره.
وهذه المسألة فيها كلام يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في آخر الفلس فراجعه.
قوله: فإذا باع بدراهم أو بدنانير في الذمة جاز الاستبدال عنها في الجديد لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما. قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير فآخذ مكانها الورق (1).
وإذا باع بغير الدراهم والدنانير فجواز الاستبدال عنه ينبني على أن الثمن ما ألصق به ثاء الثمنية إن قلنا: إنه هو. فيجوز الاستبدال عنه كالنقدين وإن لم نقل بذلك فلا يجوز. انتهى كلامه.
وما ادعاه من عدم الجواز إذا لم نقل بهذا الوجه تبعه عليه في "الروضة" وهو لا يستقيم لأن لنا وجهين آخرين:
أحدهما: أن الثمن هو النقدان لا غير، وعلى هذا فلا يجوز الاستبدال كما قال.
والثاني: أن الثمن هو النقد، فإن لم يكن أو كان العوضان نقدين فالثمن ما اتصل به الباء.
وهذا الوجه هو الصحيح، وحينئذ فيجوز الاستدلال، ويكون هو الصحيح لوجود الباء أيضًا مع انتفاء النقدية فاعلمه.
والبقيع الوارد في الحديث المذكور هو بالباء الموحدة وهو بقيع الغرقد
(1) أخرجه أَبو داود (3354) والترمذي (1242) والنسائي (4582) وابن ماجه (2262) وأحمد (5555) والدارمي (2581) وابن حبان (4920) والحاكم (2285) والدارقطني (3/ 23) والبيهقي في "الكبرى"(10893) وابن الجعد في "مسنده"(3338) وابن الجارود في "المنتقى"(655) والنقاش في "فوائد العراقيين"(87).
وضعفه الألباني والترمذي، وهو كما قالا والله أعلم.
مدفن أهل المدينة، وكانوا يبيعون فيه الإبل لعدم كثرة الموتى فيه.
وفال ابن باطيس: الظاهر أنه بالنون، وحكاه ابن معن قولًا ورد عليهما النووي في "تهذيبه". والحديث رواه أَبو داود.
قوله: وإن استبدل عنهما ما لا يوافقهما في علة الربا كما إذا استبدل عن الدراهم طعامًا أو ثيابًا نظر إن عين جاز.
وهل يشترط فيه القبض في المجلس؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم. وهو اختيار الشيخ أبي حامد ويحكى عن أبي إسحاق وجماعة من الأصحاب، وصححه الغزالي، وهو ظاهر نصه في "المختصر".
وأصحهما عند الإمام وصاحب "التهذيب": أنه لا يشترط. انتهى ملخصًا.
وكلامه ظاهر في رجحان الاشتراط، وليس كذلك، بل الصحيح عدم الاشتراط. كذا صححه الرافعي في كتاب الصلح من هذا الكتاب، وصححه أيضًا هنا في "المحرر"، وهو مقتضى كلامه في "الشرح الصغير" وصححه النووي في "زياداته".
قوله: الضرب الثالث: ما ليس بمثمن ولا ثمن كالقرض والاتلاف، فيجوز الاستبدال عنه إذا استهلكه.
أما إذا بقى في يده فلا لأنا إن قلنا: إن القرض يملك بالقبض فبذله غير مستقر في الذمة، لأن للمقرض أن يرجع في عينه.
وإن قلنا: يملك بالتصرف فالمستقرض مسلط عليه، وذلك يوجب ضعف الملك في القرض. انتهى كلامه.
وما نقله عن "الشامل" إذا ملكناه بالقبض صحيح وأما إذا قلنا: لا يملك
إلا بالتصرف فلا يصح نقلًا ولا معنى.
أما الأول فلأن صاحب الشامل إنما نقله عن بعضهم فقال: قال بعض أصحابنا: لا يجوز، وأشعر إيراده بترجيح خلافه.
وأما الثاني فلأن كلام الرافعي في الاستبدال عن الدين ولا دين على المقرض إذا قلنا: لا يملك إلا بالتصرف، فهي مسألة أخرى إلا أنها مسألة مهمة، وقد حذفها من "الروضة".
قوله: ولا يجوز استبدال المؤجل عن الحال، ويجوز عكسه، ويكون تعجيلًا. انتهى.
واعلم أن المسألة لها ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يكون لكل منهما على الآخر دين أحدهما حال والآخر مؤجل فيتبادلان.
ثانيها: أن يبادله بدين له على غيره.
ثالثها: أن يكون لأحدهما على صاحبه دين فيبادله عنه بدين آخر لم يكن ثابتًا، بل يحدث إثباته، وفي كل من الثلاثة كلام يخصه بالنسبة إلى الجواز، وإلى اشتراط القبض في المجلس وغيرها، وبعضه يعرف مما سبق ومما يأتى.
قوله: وأما بيع الدين من غير من عليه، كما إذا كان له على إنسان مائة فاشترى من آخر عبدًا بتلك المائة فقولان:
أصحهما: المنع.
فإن جوزنا فيشترط أن يقبض مشتري الدين ذلك الدين ممن عليه، ويقبض بائع الدين العوض في المجلس حتى لو تفرقا قبل قبض أحدهما بطل العقد. انتهى.
وما ذكره هاهنا من تصحيح المنع قد جزم به أيضًا في الكتابة في الحكم الثالث في الكلام على بيع نجوم الكتابة، لكنه ذكر في أواخر الخلع ما حاصله الجواز فقال في أوائل المسألة الخامسة: ولو قال: قبلت الخلع بألف في ذمة فلان فينبنى على أن العقد بألف فى ذمة آخر، هل يجوز؟ فيه خلاف. فإن قلنا: يجوز. تحالفا، وهذا الأصح عند الشيخ أبي حامد وصاحب "المهذب" وابن الصباغ وغيرهم. هذا كلامه.
ولم يذكر ترجيحًا غيره، وهو صريح في رجحان الجواز. وقد اختلف كلام النووي أيضًا في المسألة، فإنه قال في "الروضة" هنا من "زوائده": الأظهر الصحة.
وصرح بتصحيحه في آخر الخلع فقال في "اختصاره" لكلام الرافعي: والأصح التحالف بناء على صحة بيع الدين. وقال في "المنهاج" هنا: الأظهر أنه لا يجوز، ولم يتعرض لها في الكتابة.
قوله من "زياداته": وقد حكى الرافعي بعد هذا وجهًا عند بيع الأرض المزروعة في باب الألفاظ المطلقة أنه لا يصح بيع الدار المشحونة، وأن إمام الحرمين ادعى أنه ظاهر المذهب. انتهى كلامه.
والذي قاله النووي سهو، فإنه الوجه المحكى هناك إنما هو صحة القبض لا في صحة البيع.
قوله: وإن كان المبيع من المنقولات لم يكف في قبض التخلية، بل يشترط النقل والتحويل وفي قول رواه حرملة أنها تكفي.
وقيل: يكفي لنقل الضمان إلى المشتري، ولا يكفي لجواز تصرفه.
فعلى الأول يأمر العبد بالإنتقال من موضعه، ويسوق الدابة ويقودها. انتهى.
زاد في "الروضة" على ذلك فقال: قلت: ولا يكفي استعماله
وركوبها بلا نقل، وكذا وطء الجارية على الصحيح، كذا ذكره في "البيان" والله أعلم. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن ما اقتضاه كلامهما من عدم الاكتفاء بركوب الدابة ليس على إطلاقه، بل صورته إذا كان بغير إذن البائع، فإن ركب بإذنه حصل القبض. كذا جزم به الرافعي في كتاب الغصب في الكلام على ما إذا ركب دابة الغير. فتفطن لذلك، فإنها مهمة.
الأمر الثاني: أن المبيع إذا كان خفيفًا يتناول باليد لابد في قبضه من تناوله، كما صرح به الفوراني والمحاملي وصاحب "التنبيه"، وقد استدركه في "الروضة" بعد هذا.
الأمر الثالث: إن هذه المسألة التي ذكرها على أنها من زياداته، واقتصر على نقلها عن "البيان" قد سبق ذكرها في كلام الرافعي مجزومًا بها، ذكر ذلك في الرد بالعيب في الكلام على الاستخدام.
قوله: ولو جاء البائع بالمبيع فقال المشتري: ضعه فوضعه بين يديه حصل القبض.
وإن وضعه ولم يقل شيئًا أو قال: لا أريده. فكذا في الأصح.
ثم قال: ولو وضع المديون الدين بين يدى مستحقه ففي حصول التسليم خلاف مرتب على المبيع، وأولى بعدم الحصول لعدم تعيين الدين فيه. انتهي.
لم يصحح شيئا في "الروضة"، وقد جزم في الشفعة بما يؤخذ منه ترجيح الحصول فقال: ثم لا يملك الشفيع بمجرد الأخذ، بل تعتبر مع ذلك أمور:
الأول: أن يسلم العوض إلى المشتري فيملك به إن سلمه، وإلا خلى
بينه وبينه، أو يرفع الأمر إلى القاضي حتى يلزمه التسليم، هذا لفظه وسنعيد هذه المسألة إن شاء الله تعالى في بابها لمعنى غير ما ذكرناه.
قوله: فلو قبض جزافًا ما اشتراه مكايلة دخل [المقبوض](1) في ضمانه، وأما تصرفه فيه بالبيع ونحوه، فإن باع الكل لم يصح لأنه قد يزيد على القدر المستحق.
فإن باع ما استيقن أنه له فوجهان، ذهب الجمهور إلى أنه لا يصح لعدم القبض المستحق بالعقد، وعن أبي إسحاق أنه يصح. انتهى.
وما ذكره من بطلان البيع في مقدار حقه وإن قبضه فاسد، قد ذكر عقبه ما يخالفه فقال: ولو قال الدافع: خذه فإنه كذا، فأخذه مصدقًا له فالقبض فاسد أيضًا حتى يجري إكتيال صحيح، فإن زاد رد الزيادة، وإن نقص أخذ الباقي. انتهى.
ومقتضاه أنه لا يرد قدر حقه، وهو يستلزم صحة قبضه.
واعلم أنه إذا قبض جزافًا ما إذا اشتراه مكايلة فهلك في يده ففي انفساخ العقد وجهان حكاهما الرافعي في الكلام على الجوائح، ولم يرجح شيئًا منهما.
قوله: فلو تلف المقبوض فزعم الدافع أنه كان قدر حقه أو أكثر، وزعم القابض أنه كان دون حقه أو قدره فالقول قول القابض.
فلو أقر بجريان الكيل لم يسمع منه خلافه. انتهى كلامه.
وما ذكره من عدم قبول قوله عند إقراره بجريان الكيل يقتضي أنه لا فرق بين أن يكون حقه متعلقًا بالعين خاصة والذمة خلية، كما إذا باعه الصبرة مكايلة وبين أن يكون الحق في الذمة كما إذا أسلم إليه أو اشترى منه صاعًا في ذمته، فإن الرافعي قد ذكر ذلك جميعه في هذا الفصل ثم أتي
(1) في ب: القبض.
بهذا الكلام عقبه، ولكنه قد صرح في كتاب الضمان بما يخالف ذلك إذا كان الحق في الذمة فقال: لو اختلف البائع والمشتري في نقص الصنجة الموزون بها الثمن صدق البائع بيمينه.
وذكر المسألة أيضًا في باب اختلاف المتبايعين، وفصل فيها فقال: لو اشترى طعامًا كيلًا وقبضه بالكيل أو وزنًا وقبضه بالوزن أو أسلم فيه وقبضه ثم جاء وادعى نقصًا.
فإن كان قدرًا يقع مثله في الكيل والوزن قبل، وإلا فقولان: أصحهما: عدم القبول. انتهى.
ومقتضى قوله: (كيل) أنه يرجع بالنقصان، وإلا لم يكن للقبول فائدة.
وهو عكس ما جزم به أولًا، ووقع هذا الاختلاف أيضًا في "الروضة" وستكون لنا عودة إلى المسألة بعد هذا بنحو ورقة.
قوله: فليس على البائع الرضى بكيل المشتري، ولا على المشتري الرضى بكيل البائع، بل يتفقان على كيال، وإن لم يتراضيا نصب الحاكم أمينًا يتولاه كذا ذكره في "الحاوي". انتهى كلامه.
تابعه عليه في "الروضة"، وظاهره يقتضي أن كيل المشتري معتد به، لكنه ذكر بعد ذلك بنحو ورقة ما يخالفه فقال: ولو أذن لمستحق الحنطة أن يكتال من الصبرة حقه ففيه وجهان:
أصحهما: أنه لا يجوز لأن الكيل أحد ركنى القبض وقد صار ثابتًا فيه من جهة البائع مفاصلًا لنفسه.
والثاني: يجوز لأنه المقصود منه معرفة المقدار.
قوله: وإن كان لزيد طعام على رجل سلمًا ولآخر مثله على زيد فأراد زيد أن يوفي ما عليه مما له على الآخر فقال: إذهب إلى فلان واقبض
لنفسك ما لي عليه فقبضه فهو فاسد.
ثم قال ما نصه: وإذا فسد القبض فالمقبوض مضمون على الآخذ، وهل تبرأ ذمة الدافع عن حق زيد؟
فيه وجهان: أصحهما: نعم.
وهما مبنيان على القولين في ما إذا باع نجوم الكتابة وقبضها المشتري هل يعتق المكاتب؟ . انتهى كلامه.
والقولان المبني عليهما محلهما إذا قلنا. لا يصح بيع النجوم. كذا ذكره صاحب "الشامل" و"التتمة" وغيرهما وكلام الرافعي يوهم خلافه فاحذره.
قوله: ولو اكتال زيد وقبضه لنفسه، ثم كاله على مشتريه وأقبضه فقد جرى الصاعان، وصح القبضان ثم إن وقع في الكيل الثاني زيادة أو نقصان، فإن كان قدر ما يقع بين الكيلين فالزيادة لزيد والنقصان عليه ولا رجوع له. انتهى.
وما ذكره هاهنا من عدم الرجوع قد جزم بما يوافقه في باب زكاة المعشرات في الكلام على الخرص، ثم ذكر ما يخالف الموضعين معًا في باب التخالف، وجزم بما حاصله أنه يرجع، وقد سبق إيضاحه قبل هذه المسألة بقليل مع كلام آخر متعلق بها.
قوله: ومؤنة نقد الثمن هل هي على البائع أم على المشتري؟
حكي صاحب "الحاوي" فيه وجهين. انتهى.
قال في "الروضة" من "زياداته": ينبغي أن يكون الأصح أنها على البائع، وما ذكره النووي بحثًا هو الأصح عند صاحب "الحاوي" فقد جزم به في كتاب القصاص في مسألة أجرة الجلاد الحدود في أجوبته عن أدلة أبي حنيفة.
وجزم به أيضًا الدبيلي في "أدب القضاء" ويتجه أنه إن كان الاحتياج
إلى النفاذ لأجل ظهور حال شيء ادعى البائع رداءته، وعلم به المشتري أيضًا فهو عليه أي على المشتري، وإلا فعلى البائع.
قوله: ولو كان عليه طعام أو غيره من سلم أو غيره فدفع إلى المستحق دراهم وقال: اشترِ بها مثل ما تستحقه علي واقبضه لي، ثم اقبضه لنفسك صح الشراء والقبض للموكل، ولا يصح قبضه لنفسه لاتحاد القابض والمقبض وامتناع كونه وكيلًا لغيره في حق نفسه.
وقيل: يصح قبضه لنفسه، وإنما الممتنع أن يقبض من نفسه لغيره.
ثم قال: ولو قال: اشترِ لنفسك فالتوكيل فاسد إذ كيف يشتري بمال الغير لنفسه؟ وتكون الدراهم أمانة في يده لأنه لم يقبضها ليمتلكها. انتهى.
وما ذكره في أواخر كلامه من منع الشراء بمال الغير لنفسه قد ذكر في عكسه خلافه فإنه قال في باب الوكالة: لو قال لغيره اشترِ لي من مالك كذا بكذا صح شراؤه للموكل إلا في السلم فأي فرق بين أن يشتري بمال نفسه لغيره أو يشتري بمال غيره لنفسه.
وهذه المسألة قد سبق ذكرها أيضًا في البيع في الكلام على بيع الفضولي، وفصل فيها تفصيلًا آخر.
قوله: ولو طلب القسمة قبل القبض قال في "التتمة": يجاب إليها لأنا إن جعلنا القسمة إفرازًا فظاهر، وإن جعلناها بيعًا فإن الرضى غير معتبر فيه لأن الشريك يجبر عليه.
وإذا لم نعتبر الرضى جاز أن لا نعتبر القبض كما في الشفعة. انتهى كلامه.
والتعبير بقوله: "كما في الشفعة" قد تابعه عليه في "الروضة" أيضًا فإن أراد أنه يجوز للشفيع أن يتصرف في الشقص قبل قبضه فالصحيح المنع كما ذكره في أوائل الباب الثاني من أبواب الشفعة.
وإن أراد أن يجوز للشفيع أن يأخذ قبل قبض المشتري فهو موافق لما يقتضيه كلامه في كتاب الشفعة غير أن النووي صرح بالمسألة في "زياداته"، وحكي فيها وجهين من غير تصريح بتصحيح، لكنه أقر صاحب "التنبيه" على المنع، ولم ينبه عليه في تصحيحه فاقتضى ذلك أن يكون هو الصحيح عنده.
وهذا الاحتمال الثاني لعله المراد، فإن صاحب "التنبيه" ذهب إلى أن الشفيع يمنع من التصرف في الشقص إلا بعد قبضه كما نقله عنه الرافعي في هذا الباب.
قوله: لكن لو اختلفا فقال البائع: لا أسلم المبيع حتى أقبض الثمن، وقال المشتري: لا أؤدي الثمن حتى أقبض المبيع ففيه أربعة أقوال:
أحدها: يجبران معًا بأن يأمر الحاكم كل واحد منهما بإحضار ما عليه. فإذا أحضره سلم الثمن إلى البائع، والمبيع إلى المشتري، أو يأمرهما بالوضع عند عدل ليفعل العدل ذلك.
والثاني: لا يجبر واحد منهما، لكن يمنعان من التخاصم فإذا سلم أحدهما ما عليه أجبر الآخر.
والثالث: يجبر المشتري.
والرابع -وهو الأصح-: أنه يجبر البائع. انتهى ملخصًا.
وما ذكره في هذه المسألة يستثنى منه مسائل منها إذا كان البائع وكيلًا فإنه لا يجبر على التسليم، بل لا يجوز له ذلك حتى يقبض الثمن كما ذكروه في بابه.
ومنها: عامل القراض حكمه حكم الوكيل.
ومنها: إذا باع الحاكم أموال المفلس. قال الرافعي: فعن أبي الحسين أنه يجب البدائة بتسليم الثمن بلا خلاف. وعن أبي إسحاق أنه يجيء هاهنا قولان:
أحدهما: إجبار المشتري.
والثاني: إجبارهما.
ولا يجيء قول الابتداء بالبائع لأن من يصرف لغيره فلابد أن يحتاط، ولا قول الإعراض عنهما لأن الحال لا يحتمل التأخير.
قوله: وهذا كله فيما إذا كان الثمن في الذمة، فإن كان معينًا سقط القول الثالث، وإن تبايعا عرضًا بعرض سقط القول الرابع أيضًا، وبقي القولان.
أحدهما: يجبران.
والثاني: لا يجبران.
ويشبه أن يكون الأول أظهر. انتهى كلامه.
وما ذكره رحمه الله من سقوط القول الثالث فقط وإبقاء الرابع وهو إجبار البائع في ما إذا كان الثمن معينًا ولم يكن عوضًا مناقض لما ذكره في "الشرح الصغير" وللمذكور هنا أيضًا فيما إذا كان عرضين، ومخالف لكلام الأصحاب.
فأما "الشرح الصغير" فإنه سَوَّى بين العرضين وبين غيرهما في سقوط القولين فقال: فإن كان معينًا فيخاف هلاكه، ويتعين كالمبيع فلا يجيء فيه القول الأول والثاني، وكذا لو تبايعا عرضًا بعرض فيبقى فيهما قولان:
أحدهما: يجبران.
والأخر: لا يجبران، هذا كلامه.
وأما مخالفته لكلام الأصحاب، فإن المحاملي، والإمام والبغوي وغيرهم كما قاله في "الكفاية" قالوا: إن القولين يسقطان حيث كان الثمن معينًا.
وأما مخالفته للمذكور هنا، فإنه قد ذكر في العوضين سقوط الرابع أيضًا، وهو إجبار البائع مع اشتراكهما في التعيين، فإن فرق بأن الأول فيه ثمن وهو النقد، قلنا: الأصح عنده أن الثمن لا يختص به، بل بما دخلت عليه الباء يكون ثمنًا أيضًا.
ولهذا قال ابن الرفعة: إنه لا وجه لما قاله الرافعي.
وتابعه في "الروضة" على هذا الكلام، ثم تفطن في "المنهاج" فذكره على الصواب.
قوله: التفريع إن قلنا: يجبر البائع على التسليم أولا، أو قلنا: لا يجبر، ولكنه تبرع وابتدأ بالتسليم والمشتري قد يكون موسرًا، وقد يكون معسرًا. إلى آخره.
لقائل أن يقول: قد تقدم أن محل الأقوال في الإجبار إنما هو عند عدم خوف الفوات.
وإذا كان معسرًا لم يحصل بهذا الشرط، فلا يستقيم أن يكون ذلك قسمًا من أقسام محل الخلاف.
وجوابه: أن هذه المسألة مفروضة فيما إذا ظن البائع وظننا أيضًا يساره فأخلق، أو طرأ الإعسار ونحو ذلك.
قوله في المسألة: فإن كان ماله في البلد حجر عليه إلى أن يسلم الثمن، ثم قال: وحكى صاحب "الكتاب" هاهنا وفي "الوسيط" وجها: أنه لا يحجر عليه، ويمهل إلى أن يأتي بالثمن، ولم أرَ لغيره نقل هذا الوجه على هذا الإطلاق. انتهى كلامه.
تابعه في "الروضة" على إنكار ذلك، وقد [رده](1) ابن الرفعة في
(1) في أ: أورده.
"الكفاية" فقال: إن الغزالي لم يطلقه، بل حكاه فيما إذا كان المشترى عينًا، بعد أن حكى أنه إذا تحقق إفلاسه، ولم يكن معه سوى المبيع، أو كان وزادت الديون عليه فللبائع الرجوع.
فتعين أن مراده بالمعنى: من يساوى ماله ديونه أو زاد عليها، وإذا كان كذلك فهذا الوجه منقول في "النهاية" عن رواية الشيخ أبي محمد، وبه جزم القاضي الحسين في "التعليق".
قوله: وإن كان غائبًا على مسافة القصر، فلا يكلف البائع الصبر إلى إحضاره، بل يفسخ.
ثم قال: وحكى الإمام عن ابن سريج: أنه لا يفسخ، ولكن يرد المبيع يرد إلي البائع، ويحجر على [المشتري](1)، ولا يحجر] (2) عليه، أو يرد المبيع إلى البائع إلى أن يتوفر عليه المشتري ويمهل إلى الإحضار، وادعى في "الوسيط" أنه الصحيح. انتهى.
وما نقله عن الإمام من أن ابن سريج قد قال في هذه الحالة: إن المبيع يرد إلى البائع، ويحجر على المشتري، قد تبعه عليه أيضًا في "الروضة"، وهو غلط، فإن في "النهاية" عن ابن سريج، أنه لا حجر وأما رد البيع فنقله عنه كما ذكره الرافعي، وهو إثباته وقد وقع في "الكفاية" لابن الرفعة هنا غلطان فاحشان نبهت عليهما في "الهداية" فتفطن لذلك.
قوله: الحالة الثانية: أن يكون معسرًا فهو مفلس، فالبائع أحق بمتاعه. انتهى.
وهذا الكلام جميعه يدل على أن الرجوع إلى العين بالإفلاس لا يتوقف على حكم الحاكم، وليس كذلك فاعلمه، فقد قال الرافعي في أول كتاب
(1) سقط من أ.
(2)
سقط من جـ.
الفلس: الذي يدل عليه كلام الأصحاب هاهنا تعريضًا وتصريحًا افتقار الرجوع إلى توسط الحجر.
ثم قال: وقد حكينا في الكلام على البداءة بالتسليم ما يشعر بخلافه، وأشار إلى ما ذكرناه أولًا فاعلمه، وكلام الرافعي يقتضي أنه لم يظفر بخلاف في المسألة مع أن المسألة فيها وجهان شهيران، ممن حكاهما صاحب "المهذب".
نعم في افتقار الرجوع بعد الحجر إلى إذن الحاكم وجهان شهيران أيضًا.
قال الرافعي في الكلام على الرجوع، أشبههما: أنه لا يفتقر.
قوله: فإن كان في ما دون مسافة القصر، فهل هو كالذي في البلد أو كالذي على مسافة القصر؟ فيه وجهان. انتهى.
لم يصحح شيئًا في "الشرح الصغير" أيضًا، والصحيح هو الأول، كذا جزم به في "المحرر"، وصححه في "الروضة" من "زياداته".
قوله: ولو لم يتفق التسليم حتى [حل](1) الأجل فلا حبس أيضًا. انتهى.
وما جزم به من عدم الحبس هنا قد تابعه عليه في "الروضة"، ثم حكى أعني الرافعي -في كتاب الصداق في حبس المرأة نفسها بذلك وجهين، وصحح الحبس ونقله عن الأكثرين، وأعادها في النفقات فحكى فيها وجهين من غير تصحيح، ثم إنه صحيح في الصداق من "الشرح الصغير": جواز الحبس فقال: وإن حل الأجل قبل [أن تسلم نفسها فأظهر الوجهين: أن لها الحبس لاستحقاقها المطالبة بعد](2) الحلول كما في الابتداء. هذا لفظه والصواب جواز الحبس كما رجحه في الصداق، فقد
(1) سقط من أ.
(2)
سقط من أ.
نص عليه الشافعي في مسألة البيع كما نقله القاضي أَبو الطيب في كتاب الصداق عن حكاية المزني في المنثور، ونسب خلافه إلى الخطأ بسبب ذلك، ونقله أيضًا ابن الرفعة في "الكفاية" هناك، ومن نظائر المسألة حلول الأجل قبل إفلاس المشتري، وسنذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى.
قوله: ولو تبرع بالتسليم لم يكن له رده إلى حبسه [وكذا لو أعاره للمشتري على أصح الوجهين](1). انتهى.
لقائل أن يقول: ما صورة مسألة إعارة البائع للمشتري؟ فإنه لا جائز أن يكون في زمن الخيار، فإن البائع لا يجب عليه إذ ذاك التسليم، ولو تبرع وسلم كان له الرد كما سبق، ولا جائز أن يكون بعد لزوم البيع لخروج المبيع عن ملك البائع وانتقاله إلى المشتري، وحينئذ فلا إعارة.
والجواب: أنه يتصور بما إذا أجر عينًا وباعها لغيره، ثم استأجرها من المستأجر وأعارها للمشتري قبل القبض.
ويتصور أيضًا بما إذا باعه نصف عبد، ثم أعاره النصف الذي على ملكه قبل قبض المشتري لما اشتراه هذا إذا أريد مطلق الإعارة كما يدل عليه [اطلاق](2) كلامه.
فإن أراد إعارة المبيع فلا تأتي هذه الصورة، وقد يتصور بما إذا أعاره، ثم باعه.
ويقال: إن هذه الاعارة مانعة لحق الحبس، وبما إذا أعاره في زمن الخيار ثم انقضى الخيار وفيهما نظر.
قوله: فينبغي أن يكون تسليم النصف على الخلاف فيما إذا أخذ البائع بعض الثمن، هل عليه تسليم قطعة من المبيع؟ فيه وجهان ذكرناهما في
(1) سقط من أ، جـ.
(2)
سقط من جـ.
باب التفريق. انتهى.
وكلامه هاهنا يقتضي أن هذا الخلاف ثابت فيما يقبل القسمة وما لا يقبلها، لاسيما وقد تقدم التمثيل بالعبد، مع أن الذي قدمه هناك أنه خاص بما يقبل القسمة ذكر ذلك قبيل الكلام على الخيار.
نعم أطلق الماوردي حكاية الوجهين عن ابن سريج من غير تفصيل.