المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحكم الأول: منع التصرف - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٥

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيع

- ‌ الأول: في صحته وفساده

- ‌الباب الأول في أركانه

- ‌الباب الثاني في الفساد بجهة الربا

- ‌ في الحالة التي تعتبر فيها المماثلة

- ‌ في معرفة الجنسية

- ‌الباب الثالث: في الفساد من جهة النهي

- ‌القسم الأول: ما حكم فيه بالفساد

- ‌ القسم الثاني من المناهي ما لا يدل على الفساد

- ‌الباب الرابع: من جهة تفريق الصفقة

- ‌ الثاني في لزوم العقد

- ‌ الثالث في حكم العقد قبل القبض وبعده

- ‌ الرابع من كتاب البيع…في موجب الألفاظ المطلقة

- ‌اللفظ الثاني: البستان

- ‌اللفظ الثالث: الدار

- ‌اللفظ الرابع: العبد

- ‌اللفظ الخامس: الشجر

- ‌اللفظ السادس بيع الثمار

- ‌باب معاملات العبيد

- ‌باب اختلاف المتبايعين

- ‌باب السلم

- ‌كتاب الرهن

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في القبض والطوارئ قبله

- ‌الباب الثالث: في حكم المرهون بعد القبض

- ‌الباب الرابع: في النزاع بين المتعاقدين

- ‌كتاب التفليس

- ‌الحكم الأول: منع التصرف

- ‌الحكم الثاني: في بيع ماله وقسمته

- ‌الحكم الثالث: حبسه

- ‌الحكم الرابع: الرجوع إلى عين المبيع

- ‌كتاب الحجر

- ‌كتاب الصلح

- ‌الفصل الأول في أركانه

- ‌الفصل الثاني في النزاع على الحقوق

- ‌الفصل الثالث في التنازع

- ‌كتاب الحوالة

- ‌كتاب الضمان

- ‌الباب الأول في أركانه

- ‌الباب الثاني فيما يترتب على الضمان الصحيح

- ‌كتاب الوكالة

- ‌الباب الأول في أركانها

- ‌الركن الأول: ما فيه التوكيل

- ‌الركن الثاني: الموكل

- ‌الركن الثالث: الوكيل

- ‌الركن الرابع: الصيغة

- ‌الباب الثاني في أحكام الوكالة

- ‌الحكم الأول: صحة التصرف إذا وافق الإذن

- ‌الحكم الثاني: العهدة

- ‌الحكم الثالث: الجواز من الجانبين

- ‌الباب الثالث في الاختلاف

- ‌كتاب الإقرار

- ‌الباب الأول في أركانه

- ‌الباب الثاني في الإقرار بالمجمل

- ‌الباب الثالث في تعقيب الإقرار بما يرفعه

- ‌الباب الرابع في الإقرار بالنسب

الفصل: ‌الحكم الأول: منع التصرف

قال رحمه الله: للحجر أربعة أحكام:

‌الحكم الأول: منع التصرف

قوله: فلو تصرف في عين من أعيان أمواله، ففيه قولان: أصحهما: أنه لا يصح التصرف في شيء منها.

والثاني: أنه موقوف.

ثم قال: واختلفوا في محل القولين، فمن قاصرين لهما على ما إذا اقتصر الحاكم على الحجر، ولم يجعل ماله لغرمائه حيث وجدوه، فإن فعل ذلك، لم ينفذ تصرفه قولًا واحدًا.

واحتجوا بأن الشافعي رضي الله عنه قال: إذا جعل ماله لغرمائه فلا زكاة عليه؛ ومن طاردين لهما في الحالتين، وهو الأشهر.

قال هو: لا، وتجب الزكاة عليه في أظهر القولين ما دام ملكه باقيًا، والنص محمول على ما إذا باعه منهم. انتهى كلامه.

وما ذكره هاهنا من تصحيح وجوب الزكاة في هذه الحالة وأنه هو الأشهر على ما اقتضاه كلامه أيضًا، قد ناقضه مناقضة عجيبة في الكلام على شروط الزكاة، وسبق هناك ذكر لفظه فراجعه.

قوله: فإن نفذنا تصرفات المحجور عليه، واحتجنا إلى النقض لقضاء الدين نقضنا الأضعف فالأضعف، ثم قال: والأضعف الرهن والهبة ثم البيع ثم الكتابة ثم العتق. انتهى كلامه.

لم يبين حكم الرهن مع الهبة ولا حكم الوقف، وقد بينه في "الروضة"، فقال في الرهن مع الهبة: إن الرهن أضعف، لأنه لا تملك به العين.

ص: 388

وقال في العتق: إن صاحب "الشامل" جعله أضعف من الكتابة، وأن صاحب "البيان" قال: ينبغي أن يكون الأمر بالعكس، ثم قال -أعنى النووي-: إنه أصح.

قوله: وإن أقر بدين، فإن أسنده إلى ما قبل الحجر، لزم في حق الغرماء في أصح القولين.

وإن أسنده إلى ما بعد الحجر فإن قال: عند معاملة لم يقبل في حقهم.

وإن قال: عن إتلاف أو جناية، قبل في أصح الطريقين.

ثم قال: وإن أقر بدين ولم يسنده، فقياس المذهب التنزيل على الأقل، وجعله كما لو أسند لزومه إلى ما بعد الحجر. انتهى كلامه.

ومعناه أن قياس المذهب هو تنزيل الإقرار على أقل المراتب وهو ما بعد الحجر، لأنه المحقق لا على أعلاها، وهو ما قبله.

فعلى هذا إذا أضافه لمعاملة لم يقبل، وإن أضافه لجناية قبل في الأصح.

إذا علمت ذلك ففيه أمور:

أحدها: أن النووي في "الروضة" قد انعكس عليه هذا الكلام، فجعل مكان (قبل الحجر)، كذا رأيته بخطه كما هو في النسخ أيضًا.

ويلزم منه أن يقبل مطلقًا سواء أضافه لمعاملة أم [لا](1)، وهو عكس الحكم.

الثاني: وقد نبه عليه في "الروضة" فقال: هذا ظاهر إن تعذرت مراجعة المقر، فإن أمكنت فينبغي أن يراجع لأنه يقبل إقراره، وهذا الذي قاله صحيح لاشك فيه.

(1) سقط من أ.

ص: 389

الثالث: أن الرافعي قد ذكر في كتاب الإقرار أن العبد إذا أقر بدين [من إتلاف وكذبه السيد لا يقبل وإن أقر بدين من معاملة وكان مأذونًا له في التجارة قبل، ثم قال: إن المأذون له إذا أقر بدين](1)، ولم يبين جهته، بل أطلق أنه لا ينزل على دين المعاملة في أظهر الوجهين لاحتمال أن يكون عن إتلاف.

وهذه المسألة ونحوها هي المقتضية لقول الرافعي: أن قياس المذهب هو التنزيل على الأقل، لأن أقل المراتب هنا هو الإتلاف، لكن قياس المذهب أيضًا إجراء الوجهين.

قوله: فرع:

لو ادعي مدعي على المفلس مالًا لزمه قبل الحجر، وأنكر المفلس ولم يحلف، فحلف المدعي إن قلنا النكول ورد اليمين كالبينة، فيزاحم الحالف الغرماء، وإن قلنا، كالإقرار فعلى القولين. انتهى كلامه.

وما قاله من المزاحمة تفريعًا على جعله كالبينة، تبعه عليه في "الروضة" أيضًا، وليس كذلك فاعلمه، فإن الصحيح المذكور في الدعاوى أن الحكم لا يتعدى إلى ثالث إذا جعلناه كالبينة، بل يكون قاصرًا عليهما.

وما قاله هنا هو الوجه المرجوح في موضعه، حتى قال الرافعي في آخر الشركة: إن الأئمة اتفقوا على ضعفه.

قوله في أصل "الروضة": ولو اشترى شيئًا في الذمة ففي ثبوت الخيار للبائع أوجه: أصحها: التفصيل بين العلم والجهل.

ثم قال: فإن لم نثبته فهل يزاحم الغرماء بالثمن؟ فيه وجهان:

(1) سقط من أ، جـ.

ص: 390

أصحهما: [لا](1)، لأنه حادث برضى مستحقه. انتهى.

وإذا قلنا بالمزاحمة فإنا نزاحمهم في المنع خاصة، كذا صرح به الإمام والغزالي في "البسيط"، وكلام الرافعي تبعًا "للوسيط" و"الوجيز" يوهم أنه يزاحم على هذا الوجه في جميع أموال المفلس، ولم يتعرض في "الروضة" لذلك كما تراه.

قوله: وفيه مسألتان:

إحداهما: لو اشترى قبل الحجر شيئًا فوجده بعد الحجر معيبًا فله رده، إذا كانت الغبطة في الرد.

فيه أمران:

أحدهما: أن كلامه يشعر بعدم وجوب الرد، فإنه عبر بقوله:(فله رده)، لكن سيأتي بعد هذه المسألة نص للشافعي في مسألة تدل على وجوب الرد هنا، كما ستعرفه، وأيضًا فإنه بعد هذا في الكلام على اشتراط الخيار حكى أن في الفسخ والإجارة ثلاثة طرق: أصحها: الجواز مطلقًا.

ثم قال: والطريق الثاني: أن تجويز كل منهما تنفيذ بشرط الغبطة كما في الرد بالعيب. هذا لفظه.

فاقتضى أن الرد بالعيب لا تجوز فيه الإجارة، ولا الفسخ إلا على وفق الغبطة.

لكن صرح القاضي حسين بعدم وجوب الرد، فيحتمل أن يقال بتسليمه وامتناع الإجازة غير أن النص لا يساعده.

الأمر الثاني: أن تقييد الجواز بما إذا كان فيه غبطة، يقتضي أنه لا يجوز إذا لم يكن غبطة أصلًا لا في الرد ولا في الإمساك، لكن

(1) سقط من أ.

ص: 391

المنقول في نظير المسألة أنه يجوز، وذلك لأن الفسخ والإجازة بالخيار فيهما ثلاثة طرق، وقد سبق ذكر طريقين منها، والثالث: أنا لا ننفذ على خلاف الغبطة إخراج شيء عن الملك، ولا يكلف رد شيء إلى الملك.

فإن أجاز المشتري على خلاف الغبطة جاز، إن قلنا: الملك في المبيع له.

وإن قلنا: للبائع، فلا.

وإن فسخ على خلاف الغبطة فلا يجوز إن جعلنا الملك له، وإن جعلناه للبائع جاز، وقس على هذا إجازة البائع وفسخه.

إذا علمت ذلك فقد قال الإمام بعد حكاية ذلك ما نصه: والذي دل عليه كلام المشايخ في هذه الطريقة، أنه ينفذ الفسخ والإجازة إذا استوى وجه الغبطة، ولم يترجح وجه على وجه. هذا لفظه فيتجه جريان مثل ذلك في الرد بالعيب، إلا أن يفرق بين ملك المشتري على ما فيه العيب تام ثابت، فيتعلق حق الغرماء به.

وحينئذ فلا يجوز للمفلس قطع حقهم إلا عند ظهور الغبطة، بخلاف الملك في زمن الخيار.

قوله: فإن كانت الغبطة في إبقائه، بأن كان معيبًا أكثر قيمة من الثمن، لم يكن له الرد لما فيه من تفويت المال لغير عرض، ولهذا نص الشافعي رضي الله عنه على أنه إذا اشترى في صحته شيئًا ثم مرض ووجده معيبًا فأمسكه؛ والغبطة في رده كان المقدار الذي ينقصه العيب معتبرًا من الثلث، وكذا ولى الطفل إذا وجد ما اشتراه للطفل معيبًا، لا يرده إذا كانت الغبطة في إبقائه. انتهى كلامه.

وهذا النص مشهور في كتب المذهب نقله الإمام وغيره، لكن الاستشهاد به على امتناع الرد حيث كانت الغبطة في الإبقاء سهو، فإنه

ص: 392

إنما يدل على عكسه وهو الامتناع حيث كانت الغبطة في الرد، وكأنه -والله أعلم- أراد أن يستدل به على القسم الأول فاستدل على الثاني سهوًا.

وهذا هو النص الذي تقدم أنه يدل على وجوب الرد، ووجه دلالته عليه إن تركه لما حسب على المريض من الثلث لزم أن يمنع المفلس منه، لأنه تفويت، وهذه القاعدة صرح بها جماعة منهم الغزالي في "بسيطه".

واعلم أن الرافعي قد ذكر في الوصية مسألة قريبة من مسألة النص في المعنى، ومخالفة لها في الحكم فقال: لو اشترى شيئا محاباة ثم مرض ثم علم عيبه فلم يرد مع إمكانه لا تحسب محاباة من الثلث.

قوله: وفرق بينه وبين مسألة المريض بأن حجر المريض أقوى.

ألا ترى أن إمضاء الورثة تصرف المريض قبل الموت لا يفيد شيئًا، وإمضاء الغرماء وإذنهم في ما يفعله المفلس يقيده الصحة والاعتبار. انتهي كلامه.

وما ادعاه من صحة تصرفه عند إذن الغرماء وعند إمضائهم ما يفعله ليس كذلك كما ذكره في موضعه وهو في الكلام على ما إذا لم يبق له مال فقال: ولو باع من أجنبي بإذن الغرماء لم يصح أيضًا، وقال الإمام: يحتمل أن يصح. هذا لفظه.

قوله: من مات وعليه دين فادعى وارثه دينًا على رجل، وأقام شاهدًا ولم يحلف، لم يرد اليمين على الغرماء في الجديد. انتهى.

قال الفوراني: محل هذين القولين إذا لم يكن في التركة وفاء من غير هذا الدين، فإن كان لم يحلف قطعًا.

قوله: وفرع ابن كج على قول أن غرماء المفلس يحلفون فرعين:

ص: 393

أحدهما: أنه لو حلف بعضهم استحق الحالفون بالقسط.

والثاني: لو حلفوا ثم أبرئوا من ديونهم فهل يكون المحلوف عليه لهم، ويبطل الإبراء؟ أم يكون للمفلس أم يبقى على المدعى عليه ولا يستوفى أصلًا؟ فيه ثلاثة أوجه. انتهى ملخصًا.

فيه أمران:

أحدهما: أن النووي في "الروضة" قد انعكس عليه الوجه الثالث فعبر بقوله: أم يسقط عن المدعى عليه؟ .

الأمر الثاني: أن الراجح على ما أشار إليه النووي هو الوجه الثاني فقال: ينبغي أن يكون الأصح كونه للمفلس.

قال: ويجيء مثله في غرماء الميت، قال: وأما الفرع الأول فقاله آخرون، منهم صاحب "الحاوي".

قوله: من عليه الدين إن أراد أن يسافر، نظر إن كان حالًا فلصاحبه منعه حتى يقضي حقه، وإن كان مؤجلًا. . . . إلى آخره.

هذا الكلام تبعه عليه في "الروضة"، وهو يوهم أن صاحب الدين الحال إذا لم يؤخذ منه منع ولا إذن، وذلك بألا يعلمه أو أعلمه فسكت يجوز للمديون السفر، وليس كذلك، فقد قال في أوائل السير: فمن عليه دين حال لمسلم أو ذمي، ليس له أن يخرج في سفر جهاد أو غيره إلا بإذنه، وله أن يمنعه من السفر، هذا كلامه.

ص: 394