الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب اختلاف المتبايعين
قوله: مثل أن يختلفا في قدر الثمن فيقول البائع: بعتك هذا بمائة، ويقول المشتري: بخمسين، فينظر: إن كان لأحدهما بينة قضى بها، فإن أقام كل واحد منهما بينة على ما يقوله سمعتا.
ثم إن قلنا بالتساقط فكأن لا بينة وإلا توقفنا إلى ظهور الحال.
وإن لم يكن لواحد منهما بينة فيتحالفان. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن حاصل ما ذكره تفريعًا على عدم التساقط وهو [قول](1) الاستعمال مجيء قول الوقف دون قول القرعة والقسمة.
وما ذكره هنا مخالف لما ذكره في كتاب الدعاوى والبينات في أثناء الركن الخامس المعقود للبينة، فإنه قال: إن قول القرعة يأتى هنا خلافًا لابن سلمة، وأن قول القسمة والتوقف لا يأتيان على المشهور، فلم يوافق ما ذكره هاهنا إلا في أن قول القسمة لا يأتي.
وأما القولان الآخران فذكر كلًا منهما على العكس مما هنا، أما الوقف فبعدم إتيانه، وأما القرعة فبإتيانها، غير أنه مثل هناك بالاختلاف في الإجارة، وسأذكره في موضعه فراجعه.
وحكى عن ابن سريج: تقديم بينة مدعى الزيادة.
[الأمر الثاني](2): إن الرافعي رحمه الله إنما مثل هنا بالمثال المذكور للإشارة إلى أن شرط التحالف أن يكون ما يدعيه البائع أكثر.
وقد صرح الرافعي به في الاختلاف في الصداق فقال: وإنما يحسن
(1) سقط من أ.
(2)
في أ: قوله.
وضع المسألة إذا كان ما تدعيه المرأة أكثر.
قوله: ولو قال البائع: بعتك العبد، فقال:[بل](1) الجارية ولم يختلفا في الثمن: نظر، إن كان الثمن معينًا تحالفا كما لو اختلفا في جنس الثمن، وإن كان في الذمة فوجهان:
أحدهما: يتحالفان، قاله ابن الحداد واختاره القاضى أبو الطيب وابن الصباغ.
والثاني: لا، قاله الشيخ أبو حامد واختاره الإمام وصاحب "التهذيب".
ونظير المسألة اختلاف الزوجين في أنه أصدقها أباها أو أمها. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" أيضًا، وفيه أمور:
أحدها: أن الرافعي لم يذكر قسيم قوله: (ولم يختلفا في الثمن) وكان ينبغي أن يقول: فإن اختلفا كان حكمه كذا، ولا يغني عنه ما ذكره هو وغيره من أن الاختلاف في قدر الثمن يوجب التحالف، فإن الصورة المطلوبة أن يختلفا فيه مع الاختلاف في عين المبيع.
ولم يذكر الشيخ في "المهذب" و"التنبيه" هذا القيد.
[الأمر الثاني](2): أن الأصح من الخلاف عدم التحالف، فقد نص عليه الشافعي في "البويطي" في باب السلم، فقال بعد أن ذكر التحالف في السلم ما نصه: فإن ادعى أحدهما أن البيع إنما كان بشيء وخالفه الآخر، مثل قوله: اسلفني درهمًا في كذا، وقال هذا: بل دينار، فالقول قول البائع مع يمينه.
ويفسخ السلم لأنهما لم يجتمعا على أصل واحد. هذا لفظه بحروفه.
(1) سقط من أ.
(2)
في أ: قوله.
وصحح الرافعي في "الشرح الصغير" هنا التحالف، وعبر بالأظهر، وصححه أيضًا النووي في أصل "الروضة" في الباب الخامس من كتاب الصداق، فإنه صحح التحالف في المسألة المتقدمة، وهي ما إذا قال الزوج: أصدقتك أباك، فقالت: بل أمي.
وهذا الخلاف هو الخلاف في مسألتنا بعينه، صرح به الرافعي هناك، وكلامه أيضًا هنا يشعر به، لكنه لم يصرح بتصحيح، بل التصحيح من تصرف النووي.
الثالث: أن المنقول عن ابن الحداد إنما هو التحالف في مسألة الصداق، كما نقله عنه القاضي أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما، ولم يتكلم في مسألة البيع، قال في "الكفاية": ومسألة الصداق المذكورة العوضان فيها معينان، فيصح فيها التحالف قطعا كما لو كان الثمن معينًا، وردد في "المطلب" فقال: إما أن يقطع فيها بالتحالف نظرًا لما ذكرناه، أو يقطع بعدمه نظرًا إلى أن الصداق عقد مستقل لكون النكاح لا يفسد بفساده، فلا تحالف جزمًا، فليست نظير مسألة البيع أصلًا حتى يكون قول ابن الحداد بالجواز في هذه يلزم منه الجواز في تلك.
الرابع: أن ما نقله عن الإمام أيضًا من المنع ليس في كلامه ما يقتضيه، بل كلامه يؤخذ منه الجواز، لأنه قال: إن الخلاف يلتفت إلى ما لو أقر بألف عن ضمان فقال: المقر له عن جهة أخرى.
والأصح في إقرار عبده اللزوم، ولم يتعرض لهذه المسألة في "المحرر" ولا في "المنهاج".
قوله: ولو ادعى صحة العقد والآخر فساده فوجهان:
أصحهما عند صاحب "التهذيب": تصديق مدعي الفساد، وأصحهما عند الغزالي، وهو اختيار الشيخ أبى حامد وابن الصباغ: تصديق مدعي
الصحة، لأن الظاهر من العقود الجارية بين المسلمين صحتها.
وأيضًا فلو قال: هذا الذي بعتنيه حر الأصل.
وقال البائع: بل هو مملوك، فالقول قول البائع. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما اقتضاه كلامه من رجحان الثاني، قد صرح به في "المحرر"، وعبر بالأصح، وصححه أيضًا النووي وغيره.
ويستثنى من هذه القاعدة مسائل، منها: إذا باع ذراعًا من أرض وهما يعلمان ذرعانها، [فادعى البائع](1) أنه أراد ذراعًا معينًا حتى لا يصح العقد، وادعى المشتري الشيوع حتى يصح ويكون كأنه باعه العشر مثلًا على تقدير أن يكون ذرعها عشرة، ففي المصدق منهما احتمالان ذكرهما الرافعي من غير ترجيح.
والأرجح منهما على ما قاله في "الروضة" من "زياداته": تصديق البائع فيفسد.
ومنها: لو اختلفا في أن الصلح وقع على الإنكار أو الاعتراف، فإن القول قول مدعي الإنكار حتى يفسد كما ستعرفه في كتاب الصلح فراجعه.
ومنها: لو قال السيد: كاتبتك وأنا مجنون أو محجور عليّ، [وقال](2) العبد كنت في حال الكمال، وعرف للسيد جنون أو حجر كان هو المصدق. كذا جزم به الرافعي في الكتابة في أثناء الحكم الثاني.
الأمر الثاني: أن استدلاله بما إذا اختلفا في أن المبيع حر أم رقيق؟ يقتضي الاتفاق عليه، لكنه قد ذكر بعد ذلك بنحو ورقة: أنه لو كان في
(1) سقط من أ.
(2)
سقط من أ.
يده عصير فوجدناه خمرًا بعد البيع، فقال المشتري: كان عند الشراء خمرًا، وأنكر البائع، كان على الخلاف في مدعي الصحة والفساد.
قوله: ولو رد المسلم فيه على المسلم إليه بعيب، فقال المسلم إليه:[ليس](1) هذا هو الذي قبضته مني، فالأصح أن القول قول المسلم لأن اشتغال ذمة المسلم إليه معلوم، والبراءة غير معلومة.
والوجهان جاريان في الثمن في الذمة.
ثم قال بعد ذلك: ولك أن تقول: الفارق بين الثمن والمسلم فيه ظاهر، فإن الاعتياض عن المسلم فيه غير جائز، وفي الثمن [لو رضي](2) بالمقبوض لوقع عن الاستحقاق، وإن لم يكن من جنسه متى كانت له قيمة لأن الاستبدال عن الثمن جائز. انتهى.
ولك أن تقول: الاستبدال لابد فيه من لفظ يدل عليه، إما بالصريح أو بالكناية كسائر العقود، فكيف يكتفي بمجرد الرضا؟
قوله: ولو اشترى طعامًا كيلًا وقبضه بالكيل، أو وزنًا وقبضه بالوزن أو أسلم فيه وقبضه، ثم جاء وادعي نقصانًا فيه، نظر: إن كان قدرًا يقع مثله في الكيل والوزن قبل، وإلا فقولان. . . . إلى آخره.
هذه المسألة سبق الكلام عليها في الكلام على حكم المبيع قبل القبض فلتراجع.
قوله: ولو باعه عصيرًا وسلمه إليه فوجده خمرًا، فقال البائع: تخمر في يدك، وأنكر المشتري، فأيهما يصدق؟ فيه قولان. انتهى ملخصًا.
والأظهر: تصديق البائع، كذا صححه في "الروضة" من "زياداته"،
(1) سقط من ب.
(2)
سقط من أ.
وفي "تصحيح التنبيه".
قوله: ولو قال المشتري: بعت العبد بشرط أنه كاتب، وأنكر البائع فوجهان:
أحدهما: أن القول قول البائع، كما لو اختلفا في العيب.
والثاني: أنهما يتحالفان، قاله في "التتمة" وهذا أصح. انتهى كلامه.
والأصح ما قاله صاحب "التتمة"، كذا صححه النووي في أصل "الروضة".
قوله: ويبدأ في التحالف بالبائع، وفي قول بالمشتري.
ثم قال: وتقديم أحد الجانبين مخصوص بما إذا باع عرضًا بثمن في الذمة.
فأما إذا تبادلا عرضًا بعرض، فلا يتجه إلا التسوية على ما ذكر الإمام، وينبغي أن يخرج ذلك على أن الثمن ما أدى. انتهى كلامه.
وهذا التخريج ليس بلازم، قال في "المطلب": لأن مأخذ البداءة قوة جانب على جانب، كما ذكروه في تعليل الأقوال، وذلك مفقود هاهنا.
قوله: ظاهر نص الشافعي رضي الله عنه الاكتفاء بيمين واحدة من كل واحد من المتعاقدين يجمع فيها بين النفي والإثبات، فيقول البائع: ما بعته [بخمسمائة](1)، وإنما بعته بألف، ويقول المشتري: ما اشتريته بألف، وإنما اشتريته بخمسمائة. انتهى.
تابعه في "الروضة" على الإثبات بصيغة إنما، وهو المذكور أيضًا في "المحرر"، وهذه اللفظة لا حاجة إليها.
(1) سقط من ب.
قوله: ولو عرض اليمين عليهما فنكلا جميعًا ففيه وجهان للإمام:
أحدهما: أن تناكلهما كتحالفهما.
والثاني: أنه يوقف الأمر، وكأنهما تركا الخصومة. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن هذه المسألة قد صرح بها الماوردي في "الحاوي"، وجزم بالاحتمال الثاني وهو التوقف، ونقله الإمام في آخر كلامه عن بعض المتقدمين بعد أن ذكر أن أئمة المذهب لم يتعرضوا للمسألة، وصححه النووي في "الروضة" من زياداته، وخالف الغزالي في "البسيط" فقال: له حكم التحالف على [الظاهر](1).
الأمر الثاني: أن تعبير الرافعي بقوله: فيه وجهان للإمام -يستفاد منه: أنهما احتمالان له، وأن الرافعي يرى أن احتمالات الإمام وجوهًا، وقد صرح بذلك في مواضع كثيرة.
ولما اختصر النووي في "الروضة" كلام الرافعي أطلق حكاية وجهين في المسألة، ولم يعزهما إلى الإمام كما عزاه الرافعي، ثم استدرك عليه فقال من "زياداته": هذان الوجهان ذكرهما الإمام احتمالين لنفسه، وإطلاقه أنهما وجهان، ثم استدراكه بأنهما احتمالان غريب.
قوله: ومن الذي يفسخه؟ فيه وجهان:
أحدهما: الحاكم، كالفسخ بالعنة لأنه فسخ مجتهد فيه.
وأظهرهما: أن للمتعاقدين أيضًا أن يفسخا، ولأحدهما أن ينفرد به كالفسخ بالعيب. انتهى كلامه.
تابعه عليه في "الروضة" وفيه أمور:
(1) في ب: الأظهر.
أحدها: أن ما ذكره في الفسخ بالعنة من تعين الحاكم فيه مناقض لما ذكره في كتاب النكاح، فإنه صحح جواز انفراد المرأة بالفسخ بعد ثبوتها بين يدي الحاكم، وسأذكر لفظه في موضعه.
وحذف التعليل من "الروضة" فسلم من الاختلاف.
الثاني: أن حكاية الخلاف في جواز الفسخ لأحدهما واضحة.
وأما بالنسبة إليهما معًا فسهو، لأن المتعاقدين يجوز لهما الفسخ بلا سبب، بلا خلاف، فما ظنك عند وقوع الاختلاف.
وقد صرح بالمسألة في الكلام على الإقالة، وهو في أثناء خيار النقض فقال: إنه يجوز لهما رفع العقد، بلفظ الفسخ، ولم يحك فيه خلافًا، ونقله هو في هذا الباب بعد هذا بقليل، وقال: إنه لا شك فيه، والموقع في هذا الوهم لمن وقع فيه أن بعض الأصحاب عبر بقوله: لأحدهما، وبعضهم عبر بقوله: لهما، وهو يريد ما أراده الأول -أي كل منهما على البدل- فجمع بينهما.
فتلخص أن الخلاف إنما هو بالنسبة إلى أحدهما خاصة.
الأمر الثالث: أن ما صححه من جواز الفسخ لأحدهما قد سبقه إلى تصحيحه الغزالي والجرجاني.
وأما الأول فصححه الأكثرون، منهم القاضي حسين والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ والمتولي والروياني والشاشي في "الحلية" والهروي في "الإشراف" والغزالي في "الخلاصة" وابن أبي عصرون.
قوله: قال الإمام: وإذا قلنا: الحاكم هو الذي يفسخ فذاك إذا استمرا على النزاع، ولم يفسخا أو التمسا الفسخ.
أما إذا أعرضا عن الخصومة، ولم يتفقا على شيء ولا فسخا ففيه تردد. انتهى.
تابعه في "الروضة" على حكاية هذا التردد، وهو يقتضي أنهما لم يقفا في المسألة على نقل، وقد رأيت المسألة مصرحًا بها في تعليقة القاضي الحسين، وجزم بأنه ليس للقاضي أن يفسخ العقد بينهما.
قوله في أصل "الروضة": ثم إذا فسخ العقد ارتفع في الظاهر، وهل يرتفع في الباطن؟ فيه ثلاثة أوجه:
ثالثها: إن كان البائع صادقًا فنعم لتعذر وصوله إلى حقه، وإن كان كاذبًا فلا.
ثم قال: وقال الإمام: إن صدر الفسخ من المحق فالوجه تنفيذه باطنًا، وإن صدر من المبطل [فالوجه منعه باطنًا، وإن صدر منهما فلا شك في الانفساخ باطنًا، وليس ذلك موضع الخلاف ويكون ذلك كما لو تقايلا، وإذا صدر من المبطل](1) ولم ينفذه باطنًا، فطريق الصادق إنشاء الفسخ إن أراد الملك فيما عاد إليه، وإن صدر من القاضي فالظاهر الانفساخ باطنًا لينتفع به المحق. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره صريح في أن القياس على الإقالة من كلام الإمام، وكذلك ما بعده أيضًا، وهو خلاف ما في الرافعي، فإنه قد صرح بنقله عن "الوسيط"، وعطف ما بعده عليه، وكذلك هو في "الوسيط".
الثاني: أن ما ذكره الغزالي من القياس على الإقالة، ونقله عنه الرافعي مرتضيًا له، وجزم بصحته النووي ليس بقياس صحيح، فإن كلًا من المتبايعين لو قال بعد صدور البيع: فسخت البيع، لم ينفسخ البيع، ولم يجعله إقالة اتفاقًا، سواء قال ذلك بحضرة صاحبه أو في غيبته.
وإنما تقع الإقالة، ويحصل الفسخ بها إذا صدرت بالإيجاب والقبول
(1) سقط من أ.
بشرطهما المعتبر، وهو أن يكون الثاني جوابًا للأول، وأن يقع على الفور وأن لا يفصل بكلام، وقد يتلفظ كل منهما بذلك بدون شيء من هذه الشرائط.
قوله: وإذا انفسخ البيع بالتحالف، أو فسخ فعلى المشتري رد المبيع إن كان قائمًا، وقيمته إن كان تالفًا. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن إيجاب القيمة محله إذا كان المبيع متقومًا، فإن كان مثليًا فإنه يأتي فيه ما سبق في البيع الفاسد، والأصح فيه المثل كما سبق.
الأمر الثاني: أنه قد ذكر بعد ذلك أنه لا فرق في التلف بين الحسي والشرعي كالبيع والاعتاق وغيرهما.
إذا علمت ذلك فقد ذكر في "الروضة" من "زياداته" في الكلام على الإقالة، وهو في أثناء خيار النقض عن القفال في شرحه "للتلخيص": أنهما لو تقايلا ثم اختلفا في الثمن ففيه ثلاثة أوجه، سواء قلنا: الإقالة بيع أو فسخ:
أصحها: أن القول قول البائع.
والثاني: قول المشتري.
والثالث: يتحالفان، وتبطل الإقالة. انتهى.
وقد تقدم الكلام على هذه المسألة هناك فراجعه.
قوله: وفي القيمة المعتبرة وجوه، وقال الإمام أقوال: أصحها: أن الاعتبار بقيمة يوم التلف. انتهى.
وما رجحه هاهنا من كون الخلاف وجوهًا، قد جزم بخلافه في "المحرر" فقال: والاعتبار بقيمة يوم التلف على أصح الأقوال. هذا لفظه.
وتبعه في "الروضة" و"المنهاج" على هذا الاختلاف.
قوله: وإن أجره بني على جواز بيع المستأجر، [إن منعناه فهو كما لو رهنه، وإلا فللبائع أخذه، وإن كان أجره للبائع فله أخذه لا محالة. انتهى.
عبر في "الروضة" بقوله: قطعًا وهو بناء منهما على زعمهما أن البيع من البائع لا خلاف في صحته، وليس كذلك كما ستعرفه في الإجارة.
قوله: وإذا أخذ قيمة الآبق للحيلولة ثم عاد فأصح الوجهين: أنه يرده ويسترد القيمة: وأما المرهون فالأصح، القطع بأنه لا يرد، وقيل: على الوجهين، ثم قال: وأما المستأجر] (1) فإن منعنا بيعه فهل هو كالمرهون أم كالإباق؟ فيه احتمالان للإمام. انتهى كلامه.
تابعه عليه في "الروضة"، وهو يدل على أنهما لم يظفرا بالمسألة، وقد صرح بها القاضي الحسين في "تعليقه" وألحقها بالآبق.
وأيضًا فإن الإمام نفسه قد رجح ذلك، فإنه بعد ذكره لهذا التردد قال: الأظهر أنه كالآبق.
قوله: ثم إذا انفسخ العقد ارتفع في الظاهر، وفي الباطن ثلاثة أوجه: ثالثها: إن كان البائع صادقًا ارتفع، وإلا فلا.
ثم قال: واعلم أن جميع ما ذكرناه مفرغ في قالب واحد، وهو أن يكون اختلافهما في قدر الثمن. . . . إلى آخره.
القالب بفتح اللام، ومراده بهذا الكلام، أن جميع ما تقدم من الخلاف يأتي حيث اختلفا في قدر الثمن، هذا ما ظهر لي من مراده، وإن كان مثل هذا الكلام لا يستعمل لإرادة هذا المعنى، لاسيما أن الكلام والمثال إنما هو في هذه الصورة، فلم نستفد منه شيئًا آخر.
(1) سقط من أ.
قوله: ولو جرى العقد بين وكيلين ففي تحالفهما وجهان.
وجه المنع: أن فائدة اليمين الإقرار، وإقرار الوكيل لا يقبل. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن هذه المسألة ذكرها الرافعي في الباب السادس من أبواب الصداق، واقتضى كلامه أن الأصح هو التحالف، فإنه ذكر فيما إذا اختلف الزوج وولي الصغيرة أو المجنونة، أن الأصح عند الأصحاب: هو التحالف.
ثم قال: وهذا الخلاف يجري في وكيل البائع ووكيل المشتري، وفي وكيل أحدهما مع الآخر، وفي المسألة كلام آخر نذكره في الدعاوي إن شاء الله تعالى.
الأمر الثاني: أن النووي قد ذكر من "زياداته" هنا: أنه ينبغي أن يكون الأصح هو التحالف.
قال: وفائدته الفسخ، أو إن نكل أحدهما فيحلف الآخر، ويقضي له إذا قلنا: حلفه مع النكول كالبينة، وما قاله من القضاء للآخر إذا حلف بعد نكول خصمه ليس كذلك فاعلمه، فإن الصحيح المذكور في الدعاوي: أن الحكم لا يتعدى إلى ثالث إذا جعلنا النكول، ورد اليمين كالبينة.
وما قاله هنا هو الوجه المرجوح في بابه حتى نقل -أعني الرافعي- في آخر الشركة اتفاق الأئمة على ضعفه.
قوله من "زوائده": ولو باع شيئا ومات، فظهر أن المبيع كان لابن الميت، فقال المشتري: باعه عليك أبوك في صغرك لحاجة، وصدقه الابن أن الأب باعه في صغره، لكن قال: لم يبعه عليّ بل باعه لنفسه متعديًا.
قال الغزالي في "الفتاوي": فالقول قول المشتري، لأن الأب نائب الشرع، فلا يفهم إلا لحجة. انتهى كلامه.