المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثالث: في حكم المرهون بعد القبض - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٥

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيع

- ‌ الأول: في صحته وفساده

- ‌الباب الأول في أركانه

- ‌الباب الثاني في الفساد بجهة الربا

- ‌ في الحالة التي تعتبر فيها المماثلة

- ‌ في معرفة الجنسية

- ‌الباب الثالث: في الفساد من جهة النهي

- ‌القسم الأول: ما حكم فيه بالفساد

- ‌ القسم الثاني من المناهي ما لا يدل على الفساد

- ‌الباب الرابع: من جهة تفريق الصفقة

- ‌ الثاني في لزوم العقد

- ‌ الثالث في حكم العقد قبل القبض وبعده

- ‌ الرابع من كتاب البيع…في موجب الألفاظ المطلقة

- ‌اللفظ الثاني: البستان

- ‌اللفظ الثالث: الدار

- ‌اللفظ الرابع: العبد

- ‌اللفظ الخامس: الشجر

- ‌اللفظ السادس بيع الثمار

- ‌باب معاملات العبيد

- ‌باب اختلاف المتبايعين

- ‌باب السلم

- ‌كتاب الرهن

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في القبض والطوارئ قبله

- ‌الباب الثالث: في حكم المرهون بعد القبض

- ‌الباب الرابع: في النزاع بين المتعاقدين

- ‌كتاب التفليس

- ‌الحكم الأول: منع التصرف

- ‌الحكم الثاني: في بيع ماله وقسمته

- ‌الحكم الثالث: حبسه

- ‌الحكم الرابع: الرجوع إلى عين المبيع

- ‌كتاب الحجر

- ‌كتاب الصلح

- ‌الفصل الأول في أركانه

- ‌الفصل الثاني في النزاع على الحقوق

- ‌الفصل الثالث في التنازع

- ‌كتاب الحوالة

- ‌كتاب الضمان

- ‌الباب الأول في أركانه

- ‌الباب الثاني فيما يترتب على الضمان الصحيح

- ‌كتاب الوكالة

- ‌الباب الأول في أركانها

- ‌الركن الأول: ما فيه التوكيل

- ‌الركن الثاني: الموكل

- ‌الركن الثالث: الوكيل

- ‌الركن الرابع: الصيغة

- ‌الباب الثاني في أحكام الوكالة

- ‌الحكم الأول: صحة التصرف إذا وافق الإذن

- ‌الحكم الثاني: العهدة

- ‌الحكم الثالث: الجواز من الجانبين

- ‌الباب الثالث في الاختلاف

- ‌كتاب الإقرار

- ‌الباب الأول في أركانه

- ‌الباب الثاني في الإقرار بالمجمل

- ‌الباب الثالث في تعقيب الإقرار بما يرفعه

- ‌الباب الرابع في الإقرار بالنسب

الفصل: ‌الباب الثالث: في حكم المرهون بعد القبض

‌الباب الثالث: في حكم المرهون بعد القبض

قوله: ولو [أخر](1) المرهون مدة تزيد علي محل الدين بطل على المشهور.

ثم قال ما نصه، ثم القائلون بالمنع لم يفصل الجمهور منهم، وقال في "التتمة": يبطل قدر الأجل [وفي](2) الزائد عليه قولا تفريق الصفقة. انتهى لفظه بحروفه.

وتبعه عليه في "الروضة" وهو غلط في التعبير والصواب وهو المذكور في "التتمة" أن يقول: بطل الزائد علي الأجل، وفي قدره قولان.

ثم إن هذه الطريقة هي قياس ما قالوه في تفريق الصفقة، وإلا فما الفرق؟ .

وجزم بها أيضًا الماوردي في "الحاوي" و [في](3) نظير المسألة إجازة الطفل.

قوله: وإن أعتقه فأقوال. انتهى.

قال القاضي حسين في "فتاويه": محل ذلك إذا لم يعتقه عن كفارة غيره.

فإن أعتقه عنها لم يصح، ونقله في "الروضة" عنه وأقره.

قوله: التفريع إن قلنا: لا ينفذ إعتاق المرهون فانفك بإبراء أو غيره فقولان أو وجهان:

أظهرهما: أنه لا يحكم بنفوذه أيضًا. انتهى.

(1) في جـ: أجر.

(2)

سقط من أ.

(3)

سقط من جـ.

ص: 346

ذكر مثله في "الشرح الصغير" أيضًا، وكذلك النووي في "الروضة".

والصحيح: أن الخلاف وجهان، كذا جزم به الرافعي في "المحرر"، والنووي في "المنهاج".

قوله: ومتي كان الراهن موسرًا وقلنا: ينفذ عتقه مطلقًا، أو من الموسر فقط، ففي وقت نفوذه طريقان. . . . إلى آخره.

فيه إشارة إلى أنا إذا نفذنا إعتاق المعسر فيعتق في الحال بلا خلاف.

قال النووي في "زياداته": وقد صرح به الشيخ أبو حامد، وصاحب "الشامل" وغيرهما.

قوله من "زوائده": إذا أعتق المرهون عن كفارته أجزأه، إن قلنا: ينفذ إعتاقه.

وإن أعتقه عن كفارة غيره فلا يعتق لأنه بيع، قاله القاضي حسين في "الفتاوي". انتهى.

والمسألة [الأولي](1): قد ذكرها الرافعى في كتاب الظهار أبسط من المذكور هنا، فلا حاجة إلى زيادته إياها.

وأما الثانية: وهي التكفير عن الغير فيرد عليه ما إذا مات الراهن فانتقلت العين إلى وارثه فأعتقها عن مورثه، وكذا إذا لم يرهنه، ولكن مات وعليه دين، فإنه ينتقل إلى الوارث مرهونًا.

ومع ذلك يجوز إعتاقه عن مورثه، كما هو حاصل كلام الرافعي في باب الوصية، وعلله بأن إعتاقه كإعتاقه.

ولو أعتق عنه الوارث عبدًا قد رهنه هو -أي الوارث- وهو موسر ففي [نفوذه](2) نظر يحتمل الجواز، كما لو أعتقه عن نفسه، ويحتمل المنع،

(1) سقط من أ.

(2)

في أ: تركه.

ص: 347

لأن فيه [انتقال](1) المرهون إلى غيره.

فإن نفذناه بطل الحكم الذي ادعاه، وإن لم ننفذه بطلت العلة بكونه بيعًا، لقصورها إذ لا عوض هنا بالكلية، ومع ذلك لا يصح.

واعلم أن المنقول في باب الوصية أنه يجوز للوارث والأجنبي التبرع بها على الميت على الأصح إن كانت الكفارة مرتبة، وفي المتخيرة خلاف.

قوله أيضًا من زوائده: وفي وجه يحرم وطء الحامل من الزنا. انتهى.

هذا الوجه ذكره الرافعي في باب العدد وغيره، ونقله عن ابن الحداد.

قوله: وهل تصير الجارية المرهونة أم ولد بالإحبال؟ ، فيه الأقوال المذكورة في الإعتاق.

ثم منهم من امتنع من الترتيب وسوى بينهما لتعارض المعنيين، وبه قال الشيخ أبو حامد، والأكثرون قالوا بالترتيب، وجعلوا الاستيلاد أولى بالنفوذ، ومنهم من عكس. انتهى ملخصًا.

ذكر نحوه في "الروضة" أيضًا، وحاصله تصحيح عدم التسوية، وخالف ذلك في "الشرح الصغير"، ورجح التسوية فقال ما نصه: وفي مصيرها أم ولد الأقوال المذكورة في الإعتاق، وقيل: الاستيلاد أولي بالنفوذ لأنه فعل، والفعل أقوى.

وقيل: الاستيلاد أولي بأن لا ينفذ. هذا كلامه، وهو صريح فيما قلناه، وكلام "المحرر" يشعر به أيضًا.

ووقع الموضعان في "الروضة" و"المنهاج" كما وقعا في الأصل.

قوله: ولو انفك الرهن ولم يتفق بيعها نقد الاستيلاد، ومنهم من خرجه على الخلاف فيما إذا بيعت. انتهى.

(1) سقط من أ.

ص: 348

وحاصله تصحيح طريقة القطع، وقد صرح بها في "الروضة" أيضًا، لكن وقع في "المحرر" و"المنهاج" الجزم بطريقة الخلاف.

قوله: إذا ماتت الجارية التي أولدها الراهن بالولادة والتفريع على أن الاستيلاء عندنا نافذ، فعليه قيمتها لتكون رهنًا، وعن أبي علي الطبري وغيره وجه أنه لا شيء عليه. انتهى.

وما نقله عن أبي علي الطبري قد رأيت في كتابه المعروف وهو "الإفصاح" الجزم بعكسه.

قوله: ولو أولد أمة الغير بشبهة وماتت بالولادة، وجبت قيمتها على المذهب بخلاف الحرة على الأصح، لأن الوطء سبب ضعيف، وإنما أوجبنا الضمان في الأمة لأن الوطء استيلاء عليها والعلوق من آثاره، والحرة لا تدخل تحت الاستيلاء، ثم قال: ولو أولد امرأة بالزنا مكرهة فماتت بالولادة حرة كانت أو أمة فقولان:

أصحهما: أنه لا يجب الضمان، لأن الولادة غير مضافة إليه لقطع النسب. انتهى.

وما ذكره في آخر كلامه من تصحيح عدم الوجوب تابعه عليه في "الروضة"، ثم ذكر -أعني النووي- في أواخر الغصب في الكلام على وطء الغاصب والمشتري منه ما يشكل على هذا التصحيح، وسوف أذكر لفظه هناك فراجعه.

ويؤخذ من تعليل الرافعي في هذا الباب أنه لا فرق في عدم الضمان بين كونها مكرهة أو طائعة [لأن النسب منتف عنه لكنه نص على المكرهة ليؤخذ منه الطائعة](1) إما بطريقة الأولى [وإما لأنه](2) لا فرق.

(1) سقط من ب.

(2)

سقط من جـ.

ص: 349

وقد علل الرافعي الوجوب في الغصب بمأخذين موجودين في هذه الصورة.

قوله: ولو خالف ما ذكرناه فغرس أو زرع حيث منعناه، فلا يقلع قبل حلول الأجل، وبعد حلول الدين ومساس الحاجة إلى البيع يقلع إن كانت قيمة الأرض لا تفي بدينه، وتزداد قيمتها بالقلع. انتهى كلامه.

ومحل ما قاله من القلع إذا لم يأذن [الراهن](1) في بيع الغراس والزرع.

فإن أذن فيه لم يقلع، بل يباعان ويوزع [الثمن](2).

كذا نبه عليه الرافعي في الكلام على رهن الأم دون الولد، وهو واضح فتنبه له.

قوله: لا يخرج من يده ولا يوهن.

الوهن بالواو وهو الضعف، أي لا يضعف بالإخراج من يده.

قوله: وإن أراد الراهن استيفاء المنافع بنفسه، قال في "الأم": له ذلك، ويمنع منه في القديم فحمل حاملون الأول على الثقة المأمون جحوده، والثاني على غيره، وأجراهما مجرون قولين مطلقًا، ووجهوا الثاني بما يخاف من جحوده وخباثته لو سلم إليه.

والأول بأن ما له استيفاؤه بغيره له استيفاؤه بنفسه ويشبه أن يكون هذا أظهر، ويتفرع عليه. . . . إلى آخره.

ذكر نحوه في "الشرح الصغير" أيضًا، وأطلق الأظهر ولم يتوقف فيه، وقد ظهر من تعبيره أن الإشارة بقوله:(هذا أظهر) إلى جواز الاستيفاء بنفسه مطلقًا، وحينئذ فليس في كلامه تصحيح واحد من الطريقين.

(1) سقط من جـ.

(2)

في جـ: الرهن.

ص: 350

إذا علمت ذلك فقد اختصر النووي في "الروضة" هذا الكلام على غير وجهه فقال ما نصه: فحمل حاملون الأول على الثقة المأمون جحوده، والثاني على غيره.

وقال آخرون: هما قولان مطلقًا، وهذا أصح.

قلت: المذهب جوازه مطلقًا والله أعلم. هذا لفظه، فتوهم أن الترجيح الذي ذكره الرافعي في القولين عائد إلى الطريقين، وإنما هو العكس.

وجزم في "المحرر" بالجواز، ولم يحكِ خلافًا بالكلية.

قوله: ويتفرع عليه ما نقله إمام الحرمين وصاحب الكتاب، وهو أنه إن وثق المرتهن بالتسليم فذاك، وإلا أشهد عليه شاهدين أنه يأخذه للإنتفاع.

فإن كان مشهورًا بالعدالة موثوقًا به عند الناس فوجهان: أشبههما: أنه يكتفي بظهور حاله، ولا يكلف الإشهاد في كل [أخذة](1) لما فيه من المشقة.

اعلم أن المراد مما نقله عن الإمام والغزالي وهو أنا إذا أوجبنا الاشهاد أوجبناه في كل أخذة، كذا هو مصرح به في "النهاية" و"الوسيط" وإليه أشار الرافعي في آخر كلامه.

فكأنه قال: لا يجب في الموثوق به ما أوجبناه في غيره وكلام "الروضة" يوهم أن ما ذكره الرافعي في آخر كلامه ليس إشارة لذلك، وأن الإشهاد يجب أيضًا في حقه، ولكن الخلاف إنما هو في تعدد الإشهاد لتعدد الأخذ.

قوله: ثم إن كان إخراج المرهون من يد المرتهن لمنفعة [يدام استيفاؤها فذاك .. وإن كان لمنفعة](2) تستوفى في بعض الأوقات كالاستخدام أو الركوب فيستوفي نهارًا ويرد إلى المرتهن ليلًا. انتهى كلامه.

(1) سقط من أ.

(2)

في جـ: واحدة.

ص: 351

تبعه في "الروضة" على إطلاق الرد في جميع الليل، والصواب ما نبه عليه ابن الرفعة في "شرح الوسيط" أنه لا يرد في جميع الليل، بل في الوقت الذي جرت العادة بالراحة فيه.

قال: لأن الشافعي نص في "البويطي" في الأمة المزوجة: على أنها تترك بعد ثلث الليل.

قوله: والعبد المحبوس بالثمن، هل يستكسب في يد البائع للمشتري أم تعطل منافعه؟ فيه اختلاف للأصحاب. انتهى.

قال في "الروضة" من "زياداته": الراجح استكسابه.

قوله: الديون التي على الميت تتعلق بتركته كتعلق المرهون وفى قول: كتعلق الأرش برقبة الجاني.

وقد سبق في [الزكاة](1) أن هذا التعلق لا يمنع الإرث على الأصح من الخلاف. انتهي ملخصًا.

فيه أمور:

أحدها: أن هذا الخلاف في كونه تعلق رهن أو جناية، قد جعله في كتاب العتق وجهين، ذكر ذلك قبيل الولاء بنحو ستة أوراق من جملة فصل مشتمل على مسائل متعلقة بما نحن فيه.

وسلمت "الروضة" من هذا الاختلاف، فإنه لم يتعرض هناك للخلاف، والمذكور هنا هو المذكور في "المحرر" وغيره.

الثاني: إذا قلنا: إنه يمنع الإرث، فهل يمنع في قدر الدين أم في الجميع؟

فيه وجهان ذكرهما الرافعي في آخر كتاب الشفعة، ولم يصحح منهما شيئًا، وقال: إنهما مذكوران في موضعهما، وموضعهما هو هذا الباب

(1) في أ: الزاني.

ص: 352

والعتق وآخر زكاة الفطر، وهو المشار إليه بقوله: وقد سبق في الزكاة.

وليس للوجهين ذكر في المواضع الثلاثة.

الأمر الثالث: أن هذا الخلاف المذكور في منع الإرث، لم يبين هنا هل هو وجهان أو قولان؟ وقد حكاهما الرافعي في زكاة الفطر وجهين، وحكاه في زكاة المعشرات نقلًا عن الشيخ أبي علي أنه [قولان](1) وهو الصواب، فإنه قد نقل في زكاة الفطر أن الشافعي نص على أنه لا يمنع.

ونقل الإمام في كتاب الشفعة عن القديم أنه يمنع وأشار الرافعي أيضًا في الفطرة إلى إثباته قولًا فثبت القولان.

ورأيت في "الأم" ما حاصله أنه يمنع أيضًا، فقال في الكتابة في باب ميراث سيد المكاتب: فإن كان الورثة محجورين فدفع المكاتب ما عليه إلى وصيهم، وعلى الميت ديون أو لا دين عليه، أوله وصايا أو لا وصايا له، فالمكاتب حر، وإن هلك في يد الوصي لأن الوصي يقوم مقام الميت إذا كان قد أوصي إليه بدينه ووصاياه وتركته.

ثم قال: وإن كان الميت مات عن ورثة كبار، وليس فيهم صبي، وعليه دين، وله وصايا لم يبرأ المكاتب بالدفع إلى الورثة حتى [يصل إلى أهل الدين دينهم لأن الميراث لا يكون للورثة حتى](2) يقضي الدين.

وإن قضي الدين حتى يصل إلى أهل الوصايا وصاياهم لأن أهل الوصايا شركاء بالثلث. انتهى.

ويؤخذ من هذا النص أمران:

أحدهما: ما أشرنا إليه.

والثاني: أن الوارث ليس له ولاية قبض هذا الدين، لأن الشافعي

(1) في ب: لا فرق.

(2)

سقط من أ، جـ.

ص: 353

حكم بانتفاء العتق بهذا القبض.

فلو ثبت له ولاية القبض لعتق بهذا القبض، فلو ثبت له ولاية العتق لعتق كما تقدم في الوصي وهي مسألة حسنة، وقد ذكرها الرافعي في آخر الكتابة نقلًا عن البغوي فقال: وإن قضى الديون والوصايا عتق، وإلا وجب الضمان على المكاتب، ولم يعتق.

ثم نقل عن القاضي أبي الطيب مسألة أخري وهي الدفع إلى الغريم فقال: إنه يبرأ بذلك إن كان الدين مستغرقًا للتركة.

قوله في "الروضة": فلو أعتق الوارث، أو باع وهو معسر لم يصح قطعًا، سواء جعلناه كالجاني أو كالمرهون ويجيء في الإعتاق خلاف. انتهى.

وما ذكره هنا من نفي الخلاف في بيع الوارث المعسر لم يتعرض له الرافعي، وهو غير صحيح أيضًا، فقد حكى هو في كتاب العتق عن الإمام قولًا أنه يصح إذا جعلناه كالجناية.

وحكي عنه أيضًا الرافعي فرقًا يتقوي به ما جزم به الرافعي، وصرح النووي بنفي الخلاف فيه فقال: الوارث يلغي الملك بالخلافة، وهي مشروطة بتقديم حق الميت بخلاف الجاني والمرهون.

قوله: فإن كان موسرًا نفذ في وجه بناء على تعلق الأرش، ولا ينفذ في وجه بناء على تعلق حق المرهون، وفي وجه هما موقوفان. انتهى.

ذكر مثله في "الروضة"، وهذا الكلام يوهم أن الصحيح بطلان العتق، لكونه أشار إلى أن الإبطال مبني على جعله كالمرهون، وهو الصحيح، وليس ذلك مراده.

إنما المراد أنه لما ذهب بعضهم إلى أنه كالجاني، وبعضهم إلى أنه كالمرهون لزم أن يجيب بعضهم بالجواز كما قد قيل به في الجاني،

ص: 354

وبعضهم بالمنع كما قيل به في المرهون.

ويدل على أنه لم يرد استيعاب الوجوه المفرعة على كل قول، أن الصحيح في الموسر صحة اعتاقه للمرهون، وبالجملة فقد صرح في كتاب النكاح بما يدفع الوهم، فقال قبيل الباب السادس: المذهب أنه ينفذ من الوارث الموسر إعتاق عبيد التركة، وكذلك في كتاب العتق، فقال: الأظهر في الإعتاق النفوذ وفي البيع المنع.

ونقل الرافعي هناك خلافًا من غير ترجيح في مسائل متعلقة [بما نحن فيه](1).

إحدها: إذا نفذنا العتق هل ينتقل الدين إلى ذمة الوارث أم لا ينقله بل يلزمه القيام بالأقل؟ .

الثانية: إذا فرعنا على صحة البيع فتلف الثمن في يد الوارث هل للغرماء تغريم المشتري ثانيًا؟ .

الثالثة: إذا صححنا البيع هل يقع [لازمًا](2) أم لا كبيع الجاني؟ والإمام هو القائل بالنفي في المسائل الثلاث.

قوله: وفي تعلق حقوق الغرماء بزوائد التركة كالكسب والنتاج خلاف يتفرع على ما مر من أن الدين هل يمنع الميراث؟ إن منعه ثبت التعلق، وإلا فلا. انتهى كلامه.

وحاصله أن الصحيح عدم التعلق، لأن الصحيح أنه لا يمنع كما مر.

إذا علمت ما قلناه فقد ذكر ما يخالف ذلك في كتاب النكاح في الباب الخامس في المولى عليه في السبب الخامس منه في الكلام على إجبار العبد

(1) سقط من أ.

(2)

سقط من أ.

ص: 355

على النكاح، وسأذكره هناك إن شاء الله تعالى.

واقتصر الرافعي في "الشرح الصغير" و"المحرر" على ذكرها في هذا الباب.

قوله: وقول "الوجيز": ولو ظهر دين بعد تصرف الورثة في التركة ففي تتبعه [بالنقص](1) خلاف، أراد بالتتبع تبيين الفساد على ما هو مبين في "الوسيط" [انتهى.

ودعواه أن ذلك مبين في "الوسيط"] (2) ذكره أيضًا في "الشرح الصغير" وليس كذلك، بل إنما بينه في "البسيط".

قوله: ولو شرطا وضعه عند اثنين، فإن نصا على أن لكل منهما الانفراد بالحفظ أو على أن يحفظاه معًا في حرز اتبع الشرط، وإن أطلقا فوجهان لابن سريج.

أصحهما: أنه ليس لأحدهما أن ينفرد بالحفظ كما لو أوصي إلى رجلن أو وكل وكيلين لا يستقل أحدهما، فعلى هذا يجعلانه في حرز لهما.

والثاني: يجوز الانفراد لئلا يشق عليهما.

فعلى هذا إن اتفقا على كونه عند أحدهما فذاك، فإن تنازعا والرهن مما ينقسم قسم، وإلا حفظ هذا مدة وهذا مدة، انتهى كلامه.

وهو موهم، بل ظاهر في أنه لا يجوز لهما أن يقتسماه، لكنه ذكر في نظيره من الوصية ما يخالفه فقال في الشرحين: وإن اختلفا في الحفظ، ولم يكونا مستقلين فوجهان:

أحدهما: أنه لا ينفرد واحد منهما بحفظ شيء.

(1) في أ: بالقبض.

(2)

سقط من أ.

ص: 356

والثاني: -وبه أجاب الأكثرون-: أنه ينقسم أيضًا، لأنه إذا كان المال في يدهما كان نصفه في يد كل واحد منهما فجاز أن يعين ذلك النصف.

قوله: فإن فرعنا على الجواز فقسماه بالتراضي ثم أراد أحدهما أن يرد ما في يده على صاحبه ففي جوازه وجهان لابن سريج، وجه المنع، أن المشقة قد اندفعت بما جرى. انتهى ملخصًا.

قال في "الروضة" من "زياداته": قطع البغوي بأنه لا يجوز.

قوله: الثانية: إذا وضعا الرهن عند عدل وشرطا أن يبيعه عند المحل جاز، ولا تشترط مراجعة الراهن في الأصح، لأن الأصل دوام الإذن.

ثم قال: وأما المرتهن فجواب العراقيين أنه لابد من مراجعته، ولم يجروا فيه الخلاف.

ووجهوه بأن المرهون إنما يباع لإيصال حقه إليه [وذلك](1) يستدعي مطالبته بالحق فليراجع لتعرف أنه يطالب أو يمهل أو يبرء.

وقال الإمام: لا خلاف أن المرتهن لا يراجع، لأن غرضه توفية الحق بخلاف الراهن، فإنه قد يستبقي العين لنفسه، فتأمل في بعد إحدى الطريقتين عن الأخرى. انتهى كلامه.

واعلم أن الإمام صور مسألة الوجهين بما إذا كان الراهن والمرتهن أذنا للعدل، وعلى هذا التصوير لا يحتاج إلى مراجعة المرتهن بلا نزاع، فلذلك ادعى الإمام نفي الخلاف فيه.

وصور العراقيون ذلك بما إذا شرط في الرهن أن العدل يبيع، أو حصل توكيل من الراهن فقط، ولم يأذن المرتهن.

وعلى هذا الفرض لابد من إذن المرتهن لأنه لم يأذن قبل ذلك، فلذلك قالوا: لابد من مراجعته، فالحاصل أنهما مسألتان، ذكر العراقيون

(1) سقط من جـ.

ص: 357

مسألة، [والإمام أخرى](1) فلا تنافي بين المقالتين ولا بعد.

فإن قيل: إذا اشترطا ذلك في العقد، فهل يشترط أيضًا إذن المرتهن؟ قلنا: نعم، لأن إذنه إنما يكون بعد ثبوت حقه، وذلك متوقف على القبض بخلاف الراهن.

قوله: ولو عزل الراهن العدل انعزل، ولو عزله المرتهن لم ينعزل في أظهر الوجهين، لأنه وكيل عن الراهن، وإذن المرتهن شرط.

ثم قال ما نصه: وإذا قلنا: لا ينعزل بعزل المرتهن، فلو عاد إلى الإذن جاز البيع، ولم يشترط تجديد توكيل من الراهن.

قال في "الوسيط": ومساق هذا أنه لو عزله الراهن، ثم عاد ووكل افتقر إلى تجديد إذن للمرتهن، ويلزم عليه أن يقال: لا يعتد بإذن المرتهن قبل توكيل [الراهن، ولا بإذن المرأة للوكيل قبل توكيل](2) الولى إياه، والكل محتمل. انتهى كلامه.

واعلم أن كلام "الوسيط" هنا قد حصل فيه أوهام كثيرة، فإن جميعه مبني على أن رجوع المرتهن عزل كرجوع الراهن.

ولم يذكره الغزالي، ومع كونه مبنيًا على شيء لم يذكر قد حصل فيه أيضًا تبديل لفظ بلفظ يعلم من "النهاية"، والعجب من سكوت الرافعي عليه، وقد نبه ابن الرفعة على ذلك في "المطلب"، وآخر الرهن من "الكفاية" ناقلًا له عن [شيخه الشريف مدرس المدرسة الشريفية بمصر وبه سميت الشريفية] (3) فقال: وكان شيخى السيد الشريف عماد الدين العباسي رحمه الله يستشكل كلام الغزالي رحمه الله في هذا،

(1) سقط من أ.

(2)

سقط من أ.

(3)

سقط من أ.

ص: 358

وكتب له ورقة بخطه فيما وقع له فيه، وسأذكر صورة المكتوب فيها، ثم أبدى ما ظهر لي عليه، وصورته التي زعم الشيخ أنه مساق كلام الأصحاب، ليس مساقًا لكلامهم ووقع الغلط في هذا الفرع في ثلاث عشرة كلمة منه، وها أنا أرسمها بالحمرة [بين الأسطر ليتنبه الناظر وأكتب بالحمرة](1) المسألة التي ذكرها الإمام -أعني الوجه الذي نقله الإمام عن الأصحاب، إذ كان الشيخ أراد أن يفرع عليه، لكن كأن الأمر اشتبه عليه فعكس الصواب في تفريعه عليه، ونقل حكم إذن المرتهن إلى توكيل الراهن بالعكس، فأقول بعد أن أعلمك أن المكتتب بالسواد هو نفس كلام الشيخ، والمكتتب بالحمرة فوق الكلمات بعد مسألة الأصحاب هو صوابه، قال: فروع أربعة:

الأول: أنه لو رجع أحدهما عن الإذن امتنع البيع، ورجوع الراهن عزل، فإنه الموكل، وإذن المرتهن شرط، وليس بتوكيل، وكذلك لو عاد المرتهن وأذن بعد رجوعه جاز، ولم يجب تجديد التوكيل من الراهن.

وذهب بعض الأصحاب إلى رجوع المرتهن يوجب رفع الوكالة، ومساق هذا الكلام من الأصحاب بأنه لو عزل الراهن [المرتهن](2) ثم عاد ووكل [وأذن](3) افتقر المرتهن [الراهن](4) إلى تجديد الإذن [التوكيل](5) وعليه، يلزمه لو قيل به أن لا يعتد بإذنه [بتوكيله](6) للعدل قبل توكيل [إذن](7) الراهن [المرتهن](8)، فليؤخر

(1) سقط من أ.

(2)

في ب: المرتهن.

(3)

في ب: وأذن.

(4)

في ب: الراهن.

(5)

في ب: التوكيل.

(6)

في ب: بتوكيله.

(7)

في ب: إذن.

(8)

في ب: المرتهن.

ص: 359

عنه، ويلزم عليه الحكم ببطلان رضى [توكيل](1) المرأة [الولي](2) بالتوكيل في النكاح قبل توكيل الولي [إذن المرأة](3) وكل ذلك محتمل.

ووجه المساهلة إقامة دوام الإذن [التوكيل](4) مقام الإبتداء تعلقًا بعمومه، وأنه إن لم يعمل في الحال فليقدر مضافًا إلى وقت التوكيل [الإذن](5)، هذا آخر ترتيبه.

والذي وقع لي عليه أن هذا الوجه الذي بني الشيخ عليه هذا الكلام نسبه الإمام إلي بعض الضعفة، فكيف يمكن التزام الأصحاب بمقتضاه، ثم لو صححناه لم يكن مساقه مشعرًا بما ذكره، بل مصرحًا به، لأن الوكالة إذا ارتفعت علم بالقطع أنها لا تعود إلا بتوكيل جديد.

وإذا كان كذلك لم يحسن حمل كلام الغزالي على ذلك.

نعم ما ذكره صحيح بناء على اختيار هذا الوجه، هذا آخر كلام ابن الرفعة.

وما ذكره من أن الغزالي عبر بقوله: ومساق كلام الأصحاب إذا جعلناه مفرعًا علي ذلك الوجه الضعيف، يكون أخذه منه بالتصريح لا بالإشعار، ومن كلام بعضهم لا كلام جميعهم.

فحاصله اعتراض أخر على الغزالي، فإن كلامه لا ينتظم على صورته قطعًا، ولما ذكره الإمام فرعه على ما قلناه فعلمنا أنه مراده.

(1) في ب: توكيل.

(2)

في ب: الولي.

(3)

في ب: إذن المرأة.

(4)

في ب: التوكيل.

(5)

في ب: الإذن.

ص: 360

قوله: ولو باع بثمن المثل فزاد راغب قبل التفرق فليفسخ البيع. انتهى.

والتعبير بقوله: (قبل التفرق) ذكره في "المحرر" و"الشرح الصغير" أيضًا وهو تعبير ناقص، وكان ينبغي أن يقول: قبل انقضاء الخيار ليعم خياري المجلس والشرط، فإن حكمهما في هذا سواء كما نقله النووي عن صاحب "الشامل" وغيره.

[قوله: ](1) فعلى هذا لو بدا للراغب نَظر، نُظر إن كان قبل التمكن من البيع منه: فالأول بحاله، وإن كان بعده فقد ارتفع ذلك البيع، فلابد من [بيع جديد، ثم قال بعده من غير فاصل: وفي طريقة الصيدلاني أنه](2) إذا بدا له بأن البيع الأول بحاله كما لو بذل الابن الطاعة لأبيه في الحج وجعلناه مستطيعًا، ثم رجع عن الطاعة قبل أن يحج أهل بلده فإنا نتبين عدم الوجوب. انتهى كلامه.

وهذا المنقول عن الصيدلاني محله إذا كان قبل التمكن من البيع، وإلا لم يصح التعليل المذكور.

وحينئذ فيصير مكررًا لا وجهًا آخر، فإنه قد جزم أولًا بأنه لا ينفسخ.

وحذف في "الروضة" التعليل وأثبت المقالة، فأوهم الواقف عليه أنه وجه آخر فيما إذا تمكن، وليس كذلك.

قوله: وأشار الإمام في المسألة إلى شيء آخر، وهو أن الوكيل في البيع لو باع ثم فسخ البيع هل يمكنه من البيع مرة أخرى؟ فيه اختلاف. انتهى.

واعلم أن في هذه المسألة -وهي فسخ البيع الصادر من الوكيل- تفصيلًا اذكره في آخر الباب الثاني من أبواب الوكالة، يتعين الوقوف عليه،

(1) سقط من أ.

(2)

سقط من أ.

ص: 361

حاصله أن الصحيح في مسألتنا، وهي فسخ البيع قبل انقضاء الخيار جواز البيع ثانيًا فافهمه، فإنه مهم.

قوله: وأصح الوجهين، أن مؤنة الرهن على الراهن، يقوم بها من خالص ماله.

ثم قال ما نصه، وإذا قلنا بالأصح فلو لم يكن للراهن شيء، أو لم يكن حاضرًا، باع الحاكم جزءًا من المرهون. انتهى كلامه.

تابعه في "الروضة" على التعبير بذلك أيضًا، والمراد بقوله: أو لم يكن حاضرًا، إنما هو المال فافهمه.

ولا يصح عوده على الراهن، وإن كان هو مقتضى الكلام، لأنه يقتضي أنه إذا لم يكن حاضرًا، وكان له مال أن الحاكم لا يقوم بالمؤنة من ماله، بل من المرهون، وهو خلاف القواعد.

ولعل أحدًا لا يقول بذلك، ولا يمكن حمل كلامه على ما إذا لم يكن حاضرًا مع كونه لا مال له، لأنه لا أثر مع فقدان المال لحضوره ولا لغيبته، وأيضًا فيكون تكرارًا لا قسمًا آخر.

قوله: ولو ذبح الدابة وبزغها.

اعلم أن التوديج: فتح الودجين حتي يسيل الدم وهو في الدابة بمنزلة الفصد في الآدميين. والبزغ أصله الشق، ولهذا يقال: بزغت الشمس إذا طلعت، والمراد هنا فتح الماء إذا نزل في الحافر يقال: بزغ البيطار بالتشديد.

قوله: وإن كان يخاف من المداواة، فعن أبى إسحاق أن للمرتهن المنع.

وقال أبو على الطبري: لا يمنع، واختاره القاضي أبو الطيب. انتهى.

والأصح هو الثاني، كذا قاله في "الروضة".

ص: 362

قوله: وله ختان العبد والأمة.

قال في "الروضة": كذا أطلق أكثر الأصحاب أو كثيرون، منهم جواز الختان من غير فرق بين الصغير والكبير.

وصرح المتولي والشيخ نصر بأنه لا فرق، فقال صاحب "المهذب" ومن تابعه: يمنع من ختان الكبير دون الصغير لخوف التلف.

وهذا ظاهر نصه في "الأم" و"المختصر"، ويؤيده أنهم عدوا عدم الختان عيبًا في الكبير دون الصغير، كما سبق هذا كلام "الروضة".

قوله: في طلب النجعة. . . . إلى آخره.

النُّجعة -بضم النون- هو الذهاب للانتفاع بالكلأ ونحوه.

قوله: [الثاني](1): إن كل عقد يقتضي صحيحه الضمان، فكذلك فاسده، وما لا يقتضي صحيحه الضمان فكذلك فاسده. . . . إلى آخره.

اعلم أن المراد بهذه القاعدة أن كل ما لا يقتضي صحيحه الضمان بعد التسليم كالرهن والعين المستأجرة والهبة لا يقتضيه أيضًا فاسده، لأنه لا جائز أن يكون الموجب له هو العقد، لأنه لا يقتضيه ولا اليد، لأنها إنما حصلت بإذن المالك، وما يقتضي صحيحه الضمان بعد التسليم كالبيع والقرض والعمل في القراض والإجارة، فيقتضي فاسده أيضًا الضمان، لأنه أولى بذلك.

إذا علمت ذلك ففيه أمور:

أحدها: أنه يستثني من الطرد مسائل.

الأولى: إذا قال: قارضتك على أن الربح كله لي، فالصحيح أنه قراض فاسد، ومع ذلك لا يستحق العامل أجرة على الصحيح فيه.

(1) سقط من أ، جـ.

ص: 363

الثانية: إذا صدر عقد الذمة من غير الإمام فإنه لا يصح على الصحيح، ولا جزية فيه على الذمي في أشبه الوجهين.

وعلله الرافعي بأن القبول ممن لا يقبل الإيجاب لغو، وكأنه لم يقبل شيئًا، وهذه العلة [نافعة](1) في مواضع فاستحضرها، ولهذا إذا وهب الغاصب العين المغصوبة لشخص لا يعلم الحال فتلفت، فإن القرار على المتهب في أصح القولين، لأنه أخذه للتملك.

والثاني: على الغاصب، لأن يد المتهب ليست يد ضمان، كذا ذكره الرافعي في باب الغصب، بخلاف ما إذا أجر أو رهن، ونحو ذلك، فإن القرار على المؤجر في الأصح لتغريره كما ذكره في الباب الثالث من الرهن.

وقد علم بما ذكرناه أن المراد بما ذكره إنما هو عند صدور التصرف الفاسد من المالك.

وقيل: لكل سنة دينار كما لو فسد عقد الإمام.

الثالثة: إذا استأجر أبو الطفل أمة لإرضاعه وقلنا: لا يجوز، فهل تستحق أجرة المثل؟ فيه وجهان، الأصح في "الروضة": أنها لا تستحق.

ذكره قبيل باب الجنايات.

الرابعة: إذا ساقاه على أن الثمرة جميعها لرب المال، فإنه كالقراض على ما قاله الرافعي، [وحينئذ](2) فتكون فاسدة ولا يستحق أجرة.

الخامسة: إذا ساقاه علي وَدِي (3) ليغرسه، ويكون الشجر بينهما أو

(1) سقط من أ.

(2)

سقط من أ، جـ.

(3)

اسم لصغار النخل فقط، وهو بفتح الواو وكسر الدال وتشديد الياء.

ص: 364

ليغرسه ويبيعهما مدة والثمرة بينهما، فالصحيح فسادها.

ثم إن كانت الثمرة لا تتوقع في هذه المدة، ففي استحقاق أجرة المثل الوجهان في اشتراط الثمرة كلها للمالك، كما قاله الرافعي.

قال: وهكذا إذا ساقاه علي ودى مغروس وقدر مدة لا يثمر فيها في العادة.

السادسة: إذا قال الإمام لمسلم: إن دللتني على القلعة الفلانية فلك منها جارية، ولم يعين الجارية فالصحيح الصحة، كما لو جرى مع كافر.

فإن قلنا: لا تصح هذه الجعالة، لم يستحق أجرة، ويستثني من العكس الشركة، فإنها إذا كانت صحيحة لا يكون عمل كل واحد منهما في مال صاحبه مضمونا عليه.

وإذا كانت فاسدة يكون مضمونًا كما ذكره الرافعي في بابه.

وأيضًا فلو غصب سلعة ورهنها أو أجرها فتلفت في يد الآخذ، كان للمالك مطالبته على الصحيح، وإن كان إقرار الضمان على الغاصب.

الثاني: أن ما لا يقتضي صحيحه الضمان إذا صدر من السفيه والصبي، يكون مضمونًا أيضًا مع فساده.

الثالث: أن [المراد من هذه القاعدة التسوية بين الصحيح والفاسد في أصل الضمان لا في الضامن ولا في المقدار، فإنهما قد لا يتساويان.

أما الضامن فلأن الولي إذا استأجر للصبي على عمل استئجارًا فاسدًا ففعله الأجير للصبي، فتكون الأجرة على الولي لا على الصبى، كما صرح به البغوي في "فتاويه" بخلاف الصحيحة.

وأما المقدار فلأن صحيح البيع مضمون بالثمن، وفاسده بالقيمة أو المثل، وصحيح القرض مضمون بالمثل مطلقًا، وفاسده بالمثل أو القيمة.

ص: 365

وصحيح القراض والمساقاة والإجارة والمسابقة ونحوها مضمون بالمسمى وفاسدها بأجرة المثل.

قوله: ولو رهنه أيضًا وأذن له في الغراس بعد شهر فهي بعد الشهر عارية، وقيل: أمانة، ثم قال: وقوله في "الكتاب": فهو بعد الغراس عارية، يجب تأويله لأنه بعد الشهر عارية غرس أم لم يغرس. انتهى كلامه.

واعلم أن اليد في الرهن للمرتهن، والقبض فيها لا يقتضي الضمان وحينئذ فمجرد إذن المالك في الإنتفاع لا يقتضي كونه مستعيرًا فلا اعتراض إذًا على الغزالي.

ولا يصح مع ذلك أيضًا حكمه بالضمان مطلقًا بعد الشهر.

ولهذا قال ابن أبى الدم: منقول الأصحاب أنه لا ضمان مطلقًا، ثم حكى احتمالًا أنه إذا قبضه على هذا القصد يكون ضامنًا بعد الشهر مطلقًا. ثم قال: وهذا [خيال](1) باطل.

نعم: جزم ابن الرفعة في "المطلب" بهذا التفصيل.

قوله في "الروضة": فرع:

إذا ادعى المرتهن تلف الرهن في يده، قبل قوله مع يمينه. انتهى كلامه.

وإطلاقه دعوى التلف محله إذا لم يذكر للهلاك سببًا، أو ذكر سببًا خفيًا.

فإن ذكر سببًا ظاهرًا، فلابد فيه من تفصيل مذكور في الوديعة، كذا قاله الرافعي في آخر الكلام وأهمله المصنف.

قوله: وما دام الدين في ذمة الجاني، هل يقال بأنه مرهون؟ فيه خلاف.

(1) في جـ: الإحتمال.

ص: 366

قال في "الروضة": الأرجح أنه مرهون.

قوله: كما لو جني على العبد المستأجر والمودع يكون الخصم فيه المالك. انتهى.

وما ذكره في المودع من أن المخاصم المالك دون المودع عنده، قد جزم به أيضًا في أثناء الباب الثالث من أبواب الإجارة، وفي كتاب السرقة، لكنه خالفهما في كتاب الحج في باب محظورات الإحرام في الكلام على الحلف فجزم هناك بأن له المخاصمة، وقد سبق لفظه هناك فراجعه.

قوله: فلو قعد الراهن عن الخصومة فقولان في أن المرتهن هل يخاصم؟ قال في "التهذيب": أصحهما [عن الأصحاب](1) وبه قال القفال رحمه الله أنه لا يخاصم. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما ذكره هنا من حكاية الخلاف قولين، ذكره أيضًا في "الشرح الصغير" لكن حكاه في "المحرر" وجهين، فقال: في أصح الوجهين. هذا لفظه.

وكذلك في هذا "الكتاب" -أعنى "الشرح الكبير"- في أثناء الباب الثالث من أبواب الإجارة وستعرف لفظه هناك وتقف فيه أيضًا على فائدة أخرى فراجع ذلك.

ووقعت هذه المواضع للشيخ محيى الدين كما وقعت للرافعي.

الأمر الثاني:

أن الرافعي قد جزم في آخر الدعاوى بأن للمرتهن أن يخاصم، علي عكس ما دل عليه كلامه هنا وفي باب الإجارة، ذكر ذلك في الباب الأول المعقود لمسائل منثورة، وسوف أذكر لفظه في موضعه إن شاء الله تعالى.

(1) سقط من جـ.

ص: 367

فتلخص أنه اختلف كلامه في هذه المسألة من ثلاثة أوجه.

واعلم أن غرماء المفلس هل يدعون؟ وإذا ادعى المفلس وامتنع عن اليمين هل يحلفون؟ فيه طريقان:

أصحهما: القطع بالمنع.

والثاني: فيه قولان، فيسأل عن الفرق بينهم وبين المرتهن.

قوله: وإذا ثبتت الجناية، فإن كانت عمدًا فللراهن أن يقبض ويبطل حق المرتهن، وإن عفى عن القصاص ثبت المال، إن قلنا: مطلق العفو يقتضي المال وإلا لم يجب وهو الأصح. كذا قاله في "التهذيب".

وإن عفى علي أن لا مال، فإن قلنا: موجب العمد أحد الأمرين لم يصح عفوه عن المال، وإن قلنا: موجبه القود، فإن قلنا: ] (1) العفو المطلق لا يوجب المال لم يجب شيء.

وإن قلنا: يوجبه فالأصح: أنه لا يجب أيضًا لأن الفعل لم يوجبه وإنما يجب بعفوه وذلك نوع اكتساب، ولا يجب عليه الإكتساب للمرتهن.

ثم قال بعده: وإن لم يقبض ولم يعف فقيل: يجبر على أحدهما، وقيل: إن قلنا: موجبه أحد الأمرين وإلا فلا، لأنه يملك إسقاطه فتأخيره أولى بأن يملكه. انتهى.

قال في "الروضة" ينبغي أن يقال: إن قلنا: إذا عفى على أن لا مال، لا يصح أجبر، وإلا فلا.

قوله: فأما إذا أحبلت بعد الرهن فإن قلنا: الحمل لا يعلم بيعت حاملا وهو كالسمن.

وإن قلنا: يعلم. فلا يكون مرهونًا، ويتعذر بيعها لأن [استثناء](2) الحمل متعذر، ولا سبيل إلى] (3) بيعها حاملًا، وتوزيع الثمن، لأن الحمل

(1) سقط من أ.

(2)

في جـ: استبقاء.

(3)

سقط من أ.

ص: 368

لا تعرف قيمته. انتهى.

وما ذكره من تعذر البيع لأجل عدم دخول الحمل، وتبعه على إطلاقه في "الروضة" عجيب، فإن المديون إذا امتنع من الوفاء من جهة أخرى أجبره الحاكم على بيعها، إن لم يكن له مال غيرها، أو بيع ما شاء من أمواله إما هي أو غيرها، إن كان له ذلك: لأن الحاكم يجبره عليه عند عدم الرهن فمع وجوده أولى، ثم إن تساوى الثمن والدين فلا كلام.

وإن فضل من الثمن شئ أخذه المالك، وإن نقص طولب بالباقي، فكيف يجيء إطلاق التعذر؟ ، وقد نص الشافعي في "الأم" على أن الراهن لو سأل بيعها وتسليم الثمن كله إلى المرتهن كان له ذلك.

إذا علمت ذلك فنقول: صورة المسألة إذا تعلق بالحمل حق ثالث بفلس أو موت أو وصية به، أو تعلق الدين برقبة الأم دون ذمة مالكها كالجانية والمعارة للرهن ونحوه.

قوله: الثانية: لو جنى المرهون خطأ على طرف من يرثه السيد [كأبيه](1) وعمه ثبت المال، فإن مات قبل الاستيفاء وورثه السيد فوجهان: أصحهما عند الصيدلاني والإمام: أنه كما لو انتقل إليه سقط، ولا يجوز أن يثبت له على عبده استدامة الدين كما لا يجوز ابتداؤه.

والثاني: -وهو الذي أورده العراقيون-: أنه لا يسقط، وله بيعه فيه كما كان للمورث، ويحتمل في الاستدامة ما لا يحتمل في الابتداء.

وشبه الأصحاب الوجهين بالوجهين في ما إذا ثبت له دين على غيره، ثم ملكه هل يسقط؟ انتهي ملخصًا.

فيه أمران:

أحدهما: أن ظاهره يشعر برجحان الثاني من جهة النقل في مسألة الجناية، لكنه صرح بتصحيح الأول في "الشرح الصغير" فقال:

(1) في جـ: كابنه.

ص: 369

أصحهما: أنه يسقط كما انتقل إليه.

الأمر الثاني: أن الراجح في المسألة الثانية -وهي ملك المديون- أنه لا يسقط كذا صححه الرافعي في الطرف الخامس من كتاب النكاح في الفصل الخامس منه المعقود لنكاح العبد والأمة.

وترجمه في "الروضة" بالباب الحادي عشر، فقال ما نصه: وأصحهما: أنه يبقي كما كان، لأن للدوام من القوة ما ليس للابتداء. هذا لفظه.

وذكر في "الشرح الصغير" أيضًا هناك مثله، وفي الفرق بينهما نظر.

وقد نص الشافعي رضي الله عنه في "البويطي" على ما يوافق كلام الرافعي -أعني في "الكبير"- فقال في باب الرهن الأول ما نصه: قال -يعني الشافعي-: فإن جنى على مكاتبه فقتله، إن كان نفيسًا فسبيله سبيل عبد السيد، وهو رهن بحاله، وإن كان جرحًا فللمكاتب [القود](1) والعفو عن المال، وهو في ذلك كالأجنبي إلا أن يمضي الحكم فيه حتى يعجز المكاتب أو يموت، فيكون للسيد من ذلك ما كان للمكاتب، لأنه إنما ملكت بملك المكاتب. هذا لفظه بحروفه.

قوله: ولو قتل المرهون عبدًا للسيد مرهونًا عند آخر وقلنا: موجبه القود، فعفى بغير مال، فإن قلنا: مطلق العفو لا يوجب المال، لم يثبت شيء، وكذا إن قلنا: يوجبه في أصح الوجهين في "التهذيب" لأن القتل غير موجب، فعفوه المطلق أو على مال نوع اكتساب للمرتهن، وليس عليه ذلك. انتهى.

والصحيح ما قاله البغوي، كذا صححه النووي في أصل "الروضة".

قوله: ولو استعار عبدًا من مالكين فرهنه، ثم إذا نصف الدين عن نصيب أحدهما بعينه، ففي انفكاكه ثلاثة أقوال: ثالثها: إن علم المرتهن أن

(1) في جـ: القصاص.

ص: 370

العبد لمالكين انفك، وإلا فلا.

وفي "عيون المسائل" ما يدل على أن الأظهر الانفكاك. انتهى.

قال في "الروضة": صرح أيضًا صاحب "الحاوي" وغيره بأن الانفكاك أظهر.

قوله: ولو رهن عبدًا بمائة، ثم مات عن اثنين فقضى أحدهما حصته، ففي انفكاك نصيبه قولان:

أصحهما: لا ينفك، لأن الرهن صدر أولًا من واحد، ولو مات من عليه دين وتعلق الدين بتركته فقضى بعض الورثة نصيبه.

قال الإمام: لا يبعد أن يخرج إنفكاك نصيبه من التركة على قولين، بناء على أن أحد الورثة لو أقر بالدين، وأنكر الباقون هل على المقر أداء جميع الدين من حصته من التركة؟ .

وعلى هذا البناء فالأصح الانفكاك، فإن الجديد: أنه لا يلزمه أداء جميع الدين مما في يده من التركة، وأيضًا فإن تعلق الدين بالتركة إذا مات الراهن، إما أن يكون كتعلق الرهن أو كتعلق الأرش بالجاني، إن كان الأول فهو كما لو تعدد الراهن.

وإن كان الثاني، فهو كما لو جنى العبد فأدى أحد الشريكين نصيبه ينقطع التعلق عنه.

واعلم أن الحكم بانفكاك نصيبه إنما يظهره إذا كان ابتداء التعلق مع ابتداء تعدد الملاك.

ولو كان الموت مسبوقًا بالمرض فيكون التعلق سابقًا على ملك الورثة، فإن للدين أثرًا بينًا في الحجر على المريض، فيشبه أن يكون القول بانفكاك نصيبه كما في الصورة السابقة. انتهى كلامه.

ص: 371

وما ذكره من كون الدين يقتضى الحجر على المريض إنما هو في التبرعات لا في مطلق التصرفات، ولهذا يجوز للمريض توفية بعض الديون، وإن أدى إلى حرمان الباقين، وستعرف ذلك مبسوطًا من كلام الرافعي في باب الوصية قبل الكلام على المسائل الحسابية بقليل.

واعلم أن النووي قد اعترض في "الروضة" على ما بحثه الرافعي هنا من أن هذا إنما يظهر إذا كان ابتداء التعلق مع ابتداء الأملاك. . . . إلى آخره.

فقال: الظاهر أن المسألة على إطلاقها، ثم قرره بتقرير عجيب حاصله: أنه فرق بين مسألتين بصورتهما.

قوله: ولو قال الراهن للمرتهن: بع المرهون لى واستوفِ الثمن، ثم أمسكه لنفسك، وقلنا بصحة قبضه لنفسه مما في يده بإذنه بعد قبضه للراهن، فهل يشترط إحداث فعل جديد من كيل أو وزن، كما لو عبرنا بالاستيفاء بدلًا عن الإمساك، فقال: ثم استوفه لنفسك أم لا يشترط ذلك، بل يكفى امساكه لنفسه؟ فيه وجهان: قال الإمام: أظهرهما: أنه لا يصح. انتهى.

والصحيح ما صححه الإمام. كذا صححه النووي في أصل "الروضة".

قوله: الرابعة: لو أطلق وقال: بعه، ولم يقل: لي، ولا لنفسك فوجهان: أصحهما: صحة الإذن والبيع ووقوعه للراهن، كما لو قال لأجنبي: بعه.

والثاني: المنع، وعللوه بمعنيين:

أحدهما: أن البيع مستحق للمرتهن بعد حلول الحق، والكلام مفروض فيه، وإذا كان كذلك [يقيد](1) الإذن به، وصار كأنه قال: بعه

(1) في أ: يعقد.

ص: 372

لنفسك.

الثاني: أنه يتهم في ترك النظر استعمالًا للوصول إلى الدين.

وعلى التعليلين لو كان الدين مؤجلًا فقال: بعه، صح الإذن لعدم الاستحقاق والتهمة.

فإن قال: مع ذلك واستوف حقك من ثمنه، جاءت التهمة ولو قدر له الثمن لم يصح على التعليل الأول، ويصح على الثاني. انتهى كلامه.

تابعه عليه في "الروضة" وفيه أمران:

أحدهما: أن الحكم بمجيء التهمة فيما إذا أذن في استيفاء حقه من الثمن، كيف يستقيم مع أن غايته أنه وعد لا يجب الوفاء به، كما لو قال لغير المرتهن: خذ هذه العين فبعها واستوفِ دينك من ثمنها، فإن البيع والإذن صحيحان اتفاقًا.

فهذا مثله، بل أولى، لأن التهمة فيه أقوى لاستحقاقه المطالبة في هذه الحالة.

الأمر الثاني: أن الحكم بالصحة على التعليل بالتهمة، فيما إذا قيد الثمن إنما يستقيم إذا منعه من الزيادة أو كان المشتري معينًا.

أما إذا قال مثلًا: بعه بمائة ولم يمنعه من الزيادة، ولم يعين المشتري فوجد راغبًا بأكثر منها فإنه يجب عليه البيع في أصح الوجهين كما رجحه في الوكالة من "الشرح الصغير"، وصححه في "الروضة" هناك من "زياداته" ولم يصحح في "الكبير" شيئًا.

قوله: ولو رهن عبدين عند شخص واحد بدينين، فجني أحدهما على الآخر، فإن اختلف الدينان في الحلول أو التأجيل، فله نقل الوثيقة من المقتول إلى القاتل، وكذا إن اتفقا، ولكن اختلفا في القدر، وكان القتيل

ص: 373

مرهونًا بأكثرهما. . . . إلى آخره.

ثم قال: وقول الغزالي في "الوسيط": إن اختلاف جنس الدينين كاختلاف القدر، فهو وإن كان متجهًا في المعنى فمخالف لنص الشافعي والأصحاب كلهم، لأنه لا أثر لاختلاف الجنس. انتهى كلامه.

واعلم أن الغزالي قد ذكر في "البسيط" ما يقتضي أنه لم يخالف المعروف فقال: وليس من الأعراض اختلاف الجنس مع الاستواء في مقدار المالية. هذا لفظه.

وكذا قال في "النهاية" أيضًا، فدل على أن مراده في "الوسيط" إنما هو الغالب، وهو اختلاف القيمة عند اختلاف الجنس.

وقد أشار في "الروضة" إلى ذلك من غير أن يقف على كلام "البسيط" فيه، وكلام "الوسيط"، فقال: قلت: المراد باختلاف الجنس أن يكون أحدهما دنانير والآخر دراهم، واستويا في المالية بحيث لو [قوم](1) أحدهما بالآخر لم يزد ولم ينقص، هذا لفظه.

وهو يقتضي حمل كلام "الوسيط" على ما إذا اتحدت القيمة، وهو خلاف ما ذكرناه من الجمع بين كلامه.

(1) في أ: قرن.

ص: 374