المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الأول: في أركانه - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٥

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيع

- ‌ الأول: في صحته وفساده

- ‌الباب الأول في أركانه

- ‌الباب الثاني في الفساد بجهة الربا

- ‌ في الحالة التي تعتبر فيها المماثلة

- ‌ في معرفة الجنسية

- ‌الباب الثالث: في الفساد من جهة النهي

- ‌القسم الأول: ما حكم فيه بالفساد

- ‌ القسم الثاني من المناهي ما لا يدل على الفساد

- ‌الباب الرابع: من جهة تفريق الصفقة

- ‌ الثاني في لزوم العقد

- ‌ الثالث في حكم العقد قبل القبض وبعده

- ‌ الرابع من كتاب البيع…في موجب الألفاظ المطلقة

- ‌اللفظ الثاني: البستان

- ‌اللفظ الثالث: الدار

- ‌اللفظ الرابع: العبد

- ‌اللفظ الخامس: الشجر

- ‌اللفظ السادس بيع الثمار

- ‌باب معاملات العبيد

- ‌باب اختلاف المتبايعين

- ‌باب السلم

- ‌كتاب الرهن

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في القبض والطوارئ قبله

- ‌الباب الثالث: في حكم المرهون بعد القبض

- ‌الباب الرابع: في النزاع بين المتعاقدين

- ‌كتاب التفليس

- ‌الحكم الأول: منع التصرف

- ‌الحكم الثاني: في بيع ماله وقسمته

- ‌الحكم الثالث: حبسه

- ‌الحكم الرابع: الرجوع إلى عين المبيع

- ‌كتاب الحجر

- ‌كتاب الصلح

- ‌الفصل الأول في أركانه

- ‌الفصل الثاني في النزاع على الحقوق

- ‌الفصل الثالث في التنازع

- ‌كتاب الحوالة

- ‌كتاب الضمان

- ‌الباب الأول في أركانه

- ‌الباب الثاني فيما يترتب على الضمان الصحيح

- ‌كتاب الوكالة

- ‌الباب الأول في أركانها

- ‌الركن الأول: ما فيه التوكيل

- ‌الركن الثاني: الموكل

- ‌الركن الثالث: الوكيل

- ‌الركن الرابع: الصيغة

- ‌الباب الثاني في أحكام الوكالة

- ‌الحكم الأول: صحة التصرف إذا وافق الإذن

- ‌الحكم الثاني: العهدة

- ‌الحكم الثالث: الجواز من الجانبين

- ‌الباب الثالث في الاختلاف

- ‌كتاب الإقرار

- ‌الباب الأول في أركانه

- ‌الباب الثاني في الإقرار بالمجمل

- ‌الباب الثالث في تعقيب الإقرار بما يرفعه

- ‌الباب الرابع في الإقرار بالنسب

الفصل: ‌الباب الأول: في أركانه

‌كتاب الرهن

[وفيه أربعة أبواب](1)

‌الباب الأول: في أركانه

قوله: ورهن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعه من يهودي فتوفي وهى مرهونة عنده (2). انتهى.

قال الماوردي: اختلف الناس في فكاك الدرع، فقال قوم: افتكه قبل موته، لأنه عليه الصلاة والسلام يقول:"نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى"(3). وهذه صفة تنتفى عنه صلى الله عليه وسلم.

وقال آخرون -وهو الصحيح-: "أنه مات قبل فكاكه، فقال: فعلى هذا يكون قوله: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضي" محمولًا على من مات ولم يترك وفاءًا.

قوله: أما الدين ففي جواز رهنه وجهان: أصحهما: المنع. لأن الدين غير مقدور على تسليمه. انتهى.

والقول بالجواز شرطه أن يكون على ملي، كذا نقله النووي فى "نكت الوسيط" عن "الانتصار" لابن عصرون وأقره.

قوله: ولو رهن نصيبه من بيت معين من الدار المشتركة بغير إذن

(1) سقط من أ، جـ.

(2)

أخرجه البخاري (1961) ومسلم (1603) من حديث عائشه رضي الله عنها.

(3)

أخرجه الترمذي (1079) وابن ماجه (2413) وأحمد (9677) والدارمي (2591) وابن حبان (3061) والحاكم (2219) والشافعي (1663) والطيالسي (2390) من حديث أبي هريرة.

قال الترمذي: حديث حسن.

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

وقال الألباني: صحيح.

ص: 320

شريكه فوجهان: أصحهما عند الإمام: أنه يصح.

وأرجحهما عند البغوي: أنه لا يصح. انتهى ملخصًا.

والراجح علي ما يقتضيه كلام "الروضة": هو الصحة، فإنه قال من "زياداته": قد وافق الإمام على تصحيح صحته الغزالى في "البسيط" وصاحب "التتمة" وغيرهما.

وكلام الرافعي أيضًا في "الشرح الصغير" يشعر به، فإنه نقل تصحيح الإمام واقتصر عليه.

قوله: والظاهر جواز رهن المسلم من الكافر، ورهن المصحف منه يترتب على رهن العبد، ورهن السلاح من الحربي يترتب على بيعه منه. انتهى كلامه.

ذكر نحوه في "الشرح الصغير" أيضًا وفيه أمور:

أحدها: أنه لم يبين كيفية الترتيب هنا، والمراد أنا إن أبطلنا رهن العبد فرهن المصحف أولى، وإن صححنا فوجهان.

فيكون المصحف أولى بالبطلان من العبد لا العكس، وقد صرحوا في البيع بذلك.

وأما ترتيب رهن السلاح من الحربى على بيعه منه فواضح، يعلم مما تقدم.

الثاني: أنه ليس فيه بيان الصحيح في رهن المصحف، والصحيح جوازه كما صححه النووي في "الروضة" ولم ينبه علي أنه من "زياداته"، بل أدخله في كلام الرافعي فتفطن له.

الثالث: أن هذا الكلام جميعه إنما هو فى الصحة، كما تقدم التعبير به.

ص: 321

وأما الجواز فقال النووي في "زيادات الروضة" إن المذكور في "تهذيب المقدسي" وغيره: أنه حرام.

قال: وفي كتاب الجزية من "تهذيب البغوي": أنه مكروه.

قوله فى الكلام علي ألفاظ "الوجيز"، وفي العبارة المذكورة لترجمة هذا الشرط -يعني الشرط الثاني- نظر. انتهى.

لم يبين وجه النظر، وقد أوضحه في "الشرح الصغير" فقال: وقول الغزالي في ترجمة الشرط الثاني أنه لا يمتنع إثبات يد المرتهن عليه ليكن المراد منه في الدوام.

وأما في الابتداء بقدر ما يلزم الراهن فامتناعه علي الخلاف.

قوله: والتفريق بين الأم وولدها الصغير ممنوع، فلو رهن أحدهما دون الآخر جاز، ويباعان معًا، ويوزع الثمن علي قيمتهما، وكيفية التوزيع مبنية على مقدمة، وهى ما إذا رهن أرضًا بيضاء ثم نبت فيها نخل فللأرض حالان:

أحدهما: أن يرهنها ثم يدفن النوى.

والثاني: أن يكون مدفونًا في الأرض يوم الرهن، فإذا بيعت الأرض مع النخيل وزع الثمن عليهما، والمعتبر في الحال الأول قيمة الأرض فارغة، وفي الحال الثاني قيمة أرض مشغولة.

وفي كيفية اعتبار قيمة الأشجار وجهان نقلهما الإمام في الحالين: أظهرهما: أن الأرض تقوم وحدها، فإذا قيل: هى مائة قومت مع الأشجار.

فإذا قيل: هى مائة وعشرون فالزيادة بسبب الأشجار عشرون وهى سدس المائة والعشرين، فيراعي في ثمنها نسبة الأسداس.

والثاني: أنا كما قومنا الأرض وحدها، نقوم الأشجار وحدها نابتة.

ص: 322

فإذا قيل: هي خمسون عرفنا أن النسبة بالأثلاث، ثم قال: عدنا إلى مسألة الأم والولد، فإذا بيعا معًا وأردنا التوزيع قال الإمام: فيه طريقان:

أحدهما: أن التوزيع عليهما كالتوزيع على الأرض والأشجار، فتعتبر قيمة الأم وحدها، وفى الولد الوجهان.

والثانى: أن الأم لا تقوم وحدها، بل تقوم مع الولد خاصة، لأنها رهنت وهى ذات ولد، والأرض رهنت بلا أشجار، وهذا ما أورده الأكثرون. انتهى كلامه.

فيه أمور:

أحدها: أن المراد بالطريق الثاني التي نقلها عن الأكثرين، وهى أن الأم لا تقوم وحدها، بل مع الولد إنما هو تقويمها موصوفة، بأنها ذات ولد، وليس المراد تقويم المجموع قطعًا، لأنا نريد أن نعرف قيمة الأم، ولا سبيل إلى ذلك إلا بمعرفة قيمتها دون ولدها، ثم يجيء بعد ذلك الوجهان فى أنا هل نقوم المجموع أم الولد وحده؟

وقد أوضحه في "المحرر" فقال: والأظهر فى كيفية التوزيع أن تقوم الأم وحدها ثم مع الولد، هذا كلامه، إلا أنه أراد بالوحدة خلاف المجموع، وأراد به في [الشرع](1) الخلو عن الحضانة فاعلمه.

وعلى هذا فمراده بقوله في الطريق الأول: فتعتبر قيمة الأم وحدها أي خلية عن الحضانة أيضًا، هذا كله متعين لا شك فيه، لكنه قد ذكر في الطريق الأول أن التوزيع عليهما كالتوزيع علي الأرض والشجر، وقد تقدم في الأرض أن المعتبر قيمتها مشغولة، فكيف يفرع على هذا اعتبار خلو الأم عن الولد، لاسيما وقد عبر في الأرض المشغولة بقوله: أظهرهما: تقوم الأرض وحدها -أعنى بصيغة وحدها- وهو يقتضى عوده فى التفريع، وهو فاسد بلا شك إلا أن يلتزم أن مراده بصيغة وحدها

(1) في جـ: الشرح الصغير.

ص: 323

المذكورة فى الأرض مقابل المجموع، وبالموضعين المذكورين فى الولد والأم الخلو عن الحضانة، وأن المراد بشغل الأرض إنما هو الشغل بالنوى.

فحينئذ يصح أن تعتبر قيمة الأم خلية عن الأولاد، وإن فرعنا على أن التوزيع كالتوزيع على الأرض والشجر، لكنه خلاف المنقول، فإن الماوردي والمحاملي وغيرهما قد صرحوا بأن الأرض إذا رهنت وفيها نوى ثم أخرجت نخلًا، أنها تقوم ذات نخل، وبالجملة فلا شك في اشتمال هذا الكلام على خلل.

الأمر الثانى: أن هذا الحكم الذي ذكره الرافعي، وهو تقويم الأم وحدها إنما يأتى إذا كان المرهون هو الأم، حتى لو رهن الولد انعكس الأمر، والمسألة قد فرضها هو فى رهن أحدهما كما تقدم فراجع لفظه.

وهذا الاعتراض وارد على "الروضة" أيضًا و"المحرر" و"المنهاج"، وكذلك على "الحاوي الصغير"، فإنه قال: وإن رهن واحد وزع بقيمتها وقيمتهما أي إذا رهن واحد من الأم أو الولد وزع بقيمة الأم وبقيمتهما.

والسبب فى وقوع هذا الاعتراض الفاحش فى هذه الكتب، أن الغزالى في "الوجيز" مثل برهن الأم، فلما شرحه الرافعي التفت إليه ومشى على حكم المثال بعد أن ذكر هو لفظًا عامًا، ولم يمثل به فلزم وقوع ذلك فيه، وفي فروعه المتقدم ذكرها.

الأمر الثالث: أنا إذا فرعنا على أنه يقوم الولد أيضًا، فقال الغزالى: إنه يقوم منفردًا.

قال الرافعي: والوجه ما نقله الإمام أنه يقوم الولد محضونًا مكفولًا، كما قومنا في نظيره من الأشجار أنها تقوم ثابتة لا مقلوعة، ثم إن النووي في "الروضة" لما حكي الوجه الثاني في الأشجار لم يقيدها بكونها ثابتة، ثم أحال رهن الأم على ما تقدم في رهن الشجر، فلزم أن يقوم الولد

ص: 324

منفردًا إذا فرعنا على ذلك الوجه، وهو خلاف ما رجحه الرافعي، والعجب من حذف النووى ذلك.

قوله: إذا رهن ما يسارع إليه الفاسد بدين حال، فإن بيع في الدين أو قضي من موضع آخر فذاك، وإلا بيع وجعل الثمن رهنًا.

فلو تركه المرتهن حتى فسد، قال في "التهذيب": إن كان الراهن أذن له فى بيعه ضمن، وإلا فلا.

ويجوز أن يقال: عليه الرفع إلى القاضي ليبيعه. انتهى.

قال في "الروضة": هذا الاحتمال الذي قاله الرافعي قوى أو متعين. انتهى.

وفيما قاله أمران:

أحدهما: أن إذن الراهن للمرتهن في بيع السلعة لا يصح على الصحيح إلا إذا باع والمالك حاضر فينبغى حمل هذا عليه.

الثانى: أن هذا الاحتمال الذى ذكره الرافعي وقواه النووي، راجع إلى قول صاحب "التهذيب": أنه إذا لم يأذن الراهن في البيع لا يضمن، وهو الذي فهمه النووي أيضًا، فإنه قال في "الروضة" عقب ذكره أنه قوي أو متعين ما نصه: وقد قال صاحب "التتمة" في هذه الصورة إن سكتا حتى فسد، [أو طلب المرتهن بيعه فامتنع الراهن، فهو من ضمان الراهن](1).

وإن طلب الراهن بيعه فامتنع المرتهن، فهو من ضمان المرتهن. هذا كلامه.

وهو صريح في إرادة المسألة الثانية غير أنه مخصوص بما إذا لم تكن

(1) سقط من أ.

ص: 325

مراجعة الرهن؛ فإن أمكنت مراجعته لم يكن للقاضى أن يبيع، وفهم ابن الرفعة أنه عائد إلى قول البغوي: أنه إذا أذن له ضمن وعلى هذا فمعناه أنه إذا أذن له في بيعه فلم يفعله فعليه أن يرفع الأمر إلى القاضي.

ثم قال: ويجوز أن يقال: لا يضمن، لأن البيع لا يجب عليه.

قال: بل الولى مع كونه يجب عليه عمارة عقار الطفل، فى وجوب الضمان عليه وجهان إذا أهمله.

قوله في المسألة: وإن لم يشترط هذا ولا ذاك -يعنى بيع ما يتسارع إليه الفساد- ولا عدم بيعه، فقولان أصحهما عند أصحابنا العراقيين: أنه لا يصح، وميل من سواهم إلى الصحة، وهو الموافق لنصه في "المختصر" انتهى ملخصًا.

وهذا الكلام ليس فيه تصريح بتصحيح واحد من القولين، وقد اختلف كلامه فى الأصح منهما، فقال في "الشرح الصغير" ما نصه: أظهرهما عند الأكثرين، وبه قال أبو حنيفة وأحمد: يصح الرهن ويباع عند الإشراف على الفساد. انتهى لفظه بحروفه.

وقال في "المحرر" ما نصه: وإن لم يشترط لا هذا ولا ذاك لم يصح الرهن في أصح القولين انتهي كلامه.

والفتوى على الصحة على خلاف ما في "المحرر" لنقل الرافعي إياه في "الشرح الصغير" عن الأكثرين.

ولم يصرح النووي في "الروضة" بتصحيح، غير أنه نقل من "زياداته" أن الرافعي في "المحرر" صحح البطلان واقتصر عليه، وأقر الشيخ في "التنبيه" على تصحيح البطلان، ولم يستدركه في تصحيحه، وهو يشعر برجحان المنع عنده، وقد تقدم أن الأمر على خلافه فاعلمه.

ص: 326

قوله: ولو طرأ قبل القبض ما عرضه للفساد، ففى الانفساخ وجهان كما في حدوث الموت والجنون. انتهى.

والصحيح: عدم الانفساخ، فقد جزم في "المحرر" بما يقتضينه، وقال النووي في "زيادات الروضة": إنه الأرجح، والمراد بحدوث الموت والجنون أي فى العاقد فاعلمه فإن فيه خلافًا يأتى في الباب الثاني.

قوله: الثانية: رهن العبد الجانى مرتب على بيعه، إن لم يصح بيعه فرهنه أولى، وإلا فقولان. . . . إلى آخره.

وهذا الكلام يؤخذ منه رجحان امتناع رهنه إذا كانت الجناية خطأ لأن الراجح امتناع بيعه.

وأما حيث يجوز بيعه، وهو ما إذا كانت الجناية عمدًا، فلم يرجح هو ولا النووي في "الروضة" شيئًا.

والصحيح الجواز، كذا ذكره في "المحرر" فقال: ورهن العبد المرتد والجاني كبيعهما، هذا لفظه.

والصحيح: جواز البيع، فيكون الرهن كذلك.

قوله: فإن صححنا رهنه، فقال المسعودى والإمام: يكون مختارًا للفداء كما لو باعه.

وقال ابن الصباغ: لا يلزمه الفداء بخلاف البيع، لأن محل الجناية باقى هنا، والجناية لا تنافي الرهن. انتهي.

فيه أمران:

أحدهما: أن الراجح عدم الوجوب، بل يكون مخيرًا بينه وبين التسليم ليباع، كذا نقله النووي من "زياداته" عن الأكثرين.

ص: 327

الثاني: أن الرافعي ذكر في كتاب النكاح وجهين في جواز تزويج الجارية الجانية، وصحح النووي من زياداته الجواز، وجزم هو والرافعي بأنا إذا صححنا يكون ملتزمًا للفداء، وهو مشكل على هذه المسألة والقياس التسوية.

قوله: ولو رهن الثمرة قبل بدو الصلاح بدين مؤجل [يحل](1) قبل الإدراك فقولان: أصحهما: البطلان، لأن العادة في الثمار الإبقاء إلى الإدراك، فصار كما لو رهن شيئًا على أن لا يبيعه عند المحل.

وإن شرط القطع عند المحل فقيل: يصح قطعًا، وإليه أشار الشيخ أبو حامد وصاحب "التهذيب"، وقيل: على القولين: انتهى ملخصًا.

والصحيح طريقة القطع، كذا صححه الرافعي في "الشرح الصغير" فقال: والأظهر القطع بالجواز. هذا لفظه.

وصحح النووي في "زيادات الروضة" الجواز فقال: إنه المذهب، ولم يصرح بالأصح من الطريقين.

قوله: وإن استعار شيئًا ليرهنه فتلف في يده، فأطلق الغزالي أنه يضمن لأنه مستعير.

وقال الشيخ أبو حامد: إذا قلنا: إنه ضمان فلا شيء عليه. انتهى ملخصًا.

لم يصح شيئًا في "الشرح الصغير" أيضًا، والمذهب الضمان، كذا قاله النووي من "زياداته"، ولا ذكر للمسألة في "المحرر" ولا في "المنهاج"، وظاهر سياق الرافعي أن محل القولين في ما بعد الرهن.

وحينئذ فما سلكنا به مسلك الضمان مطلقًا، ولا مسلك العارية مطلقًا.

(1) سقط من أ.

ص: 328

وأيضًا فلو تلف في يد المستعير قبل الرهن أو بعده وقبل القبض هل يضمن أم يتخرج على القولين؟ .

قوله: ومنها إذا قلنا: إنه ضمان وجب بيان جنس الدين. . . . إلى آخره.

سكت عن التفريع على القول بأنه عارية، قال في "الروضة": وإذا قلنا به فله أن يرهن عند الإطلاق بأي جنس شاء وبالحال والمؤجل.

قال في "التتمة": لكن لا يرهنه بأكثر من قيمته لأن فيه ضررًا. قال: ولو أذن في حال فرهن بمؤجل لم يصح كعكسه، لأنه قد لا يرضى أن يحال بينه وبين عبده إلى أجل، ولو استعار ليرهن عند واحد فرهن عند اثنين أو بالعكس لم يجز على الأصح، كذا نقله الرافعي في آخر الباب الثالث، وعلله فاعلمه.

قوله: الركن الثاني: المرهون به، وله ثلاثة شروط: أحدها: أن يكون دينًا ثابتًا لازمًا. . . . إلى آخره.

تابعه على ذلك في "الروضة" وقد أهمل شرطًا رابعًا، وهو أن يكون معلومًا لكل منهما، كذا رأيته في "شرائط الأحكام" لابن عبدان، وجزم به ابن الرفعة في "الكفاية" ناقلًا له عن "الاستقصاء"، ورأيت في "المعين على مقتضي الدين" لأبي خلف الطبري أحد أصحاب القفال نحوه أيضًا فقال: الخامس: أن يكون الحق الذي يرهن فيه الرهن يكون معلوم المقدار.

ثم قال: والسابع: يجب أن تكون مدة حبس الرهن معلومة، وغاية فكه محدودة، لأنه إذا كانت مجهولة لا يصح الرهن. هذا لفظه بحروفه. وكأنه أراد بالسابع أن يكون الأجل معلومًا.

قوله: ولو امتزج الرهن وسبب ثبوت الدين، بأن قال: بعتك هذا

ص: 329

بألف وارتهنت بها عندك، فقال: اشتريت ورهنت، أو قال: أقرضتك هذه الدراهم وارتهنت بها عبدك، فقال: استقرضت ورهنت صح الرهن على الأصح، وهو ظاهر النص ولو قال البائع: ارتهنت وبعت وقال المشترى: اشتريت ورهنت لم يصح، لتقدم أحد شقي الرهن على شقي البيع.

وكذا لو قال: رهنت وبعت. وقال المشترى: رهنت واشتريت لتقدم شقى الرهن معًا على أحد شقي البيع فالشرط أن يقع أحد شقي الرهن بين شقي البيع، والآخر بعد الشقين معًا. انتهى.

وهذا الضابط الذي ذكره في آخر كلامه، واقتضاه كلامه قبل ذلك أيضًا قد تابعه عليه في "الروضة"، وهو مخالف لما ذكراه في نظير المسألة، وهو مزج البيع بالكتابة، فإن حاصله تجويز المقارنة وغيرها وسيأتيك ذلك واضحًا في أوائل باب الكتابة فراجعه.

قوله: ولو قال البائع: بعتك بكذا على أن ترهنى دارك به، فقال المشترى: اشتريت ورهنت، فوجهان: قال بعضهم: يتم العقد بما جرى.

وذكر في "التتمة" أنه ظاهر النص، وقال القاضي لا يتم بل يشترط أن يقول بعده: ارتهنت أو قبلت، لأن الذي وجد منه إنما هو شرط إيجاب الرهن لا استحبابه، وهذا أصح عند صاحب "التهذيب". . . . إلى آخره.

ذكر في "الروضة" مثله أيضًا، والراجح هو الاكتفاء فإنه المشهور عند الأصحاب، كذا ذكره الإمام في "النهاية" في أول كتاب الرهن مع أنه ذكر هنا أن المحققين على أنه لا يكفي.

قوله: قال الإمام: وجواز الرهن بالثمن في مدة الخيار مفرع على أن الخيار لا يمنع نقل الملك في الثمن إلى البائع، فإن منعه فالظاهر منع الرهن لوقوعه قبل ثبوت الدين. انتهى كلامه.

وتعبير الإمام بالظاهر في هذه الحالة يشعر بخلاف [في المسألة وهو

ص: 330

صحيح، وسببه: اختلافهم فيما لم يجب ولكن جري سبب] (1) وجوبه.

قوله: وإن كان الأصل فى وضع الدين هو الجواز كالجعل في الجعالة فوجهان: أصحهما: لا يصح الرهن، وموضع الوجهين ما بعد الشروع في العمل وقبل تمامه، أما قبل الشروع فلأنه لا ثبوت للجعل بحال، وأما بعد الفراغ فلأنه لازم.

ثم قال ما نصه: [ثم لبان أن يبنى](2) الوجهين على الوجهين في جواز رجوع المالك بعد الشروع في العمل، ويقول: إن لم نجوز الرجوع فقد لزم الجعل من قبله فيصح الرهن به، وإن جوزناه لم يصح الرهن به. انتهى كلامه.

فيه أمور:

أحدها: أن ظاهر كلام كثير من الأصحاب أو أكثرهم أن الخلاف بعد العمل، هكذا قاله في "الروضة"، وإجراء الخلاف في هذه الحالة صحيح، وسببه اختلافهم فى ما لم يجب، ولكن جرى سبب وجوبه، وادعي في "الروضة" أن الصواب [ما قاله الرافعي ذهولًا عن هذا التوجيه، وليس كذلك بل الصواب طريقة إجراء الخلاف مطلقًا. وأما تقييد الخلاف](3)، فذكره القاضي حسين ثم البغوي ثم الرافعي، وتحصل من مجموع ذلك ثلاثة أوجه.

الأمر الثاني: وقد نبه عليه بعضهم: أنه لو صح ما قاله الرافعي من البناء لكان الأصح جواز الرهن، وليس كذلك.

وأيضًا فلا خلاف في جواز الرجوع، وإنما الخلاف في أثر الرجوع، فقيل: لا يستحق شيئًا.

(1) سقط من أ.

(2)

في جـ: ولك أن تبني.

(3)

سقط من أ.

ص: 331

وحينئذ فلا يصح الرهن، وقيل: يستحق القسط من المسمى، وحينئذ فإن علم صح.

وقيل: يستحق أجرة مثل ما عمل، وهو الصحيح، وعلى هذا قد يقال: إن هذا إنما يجب بعد الرجوع أما قبله فالأمر ينتهى إلى استحقاق المسمى فلا يصح.

ويحتمل أن يقال: استحق بدل عمله إما من المسمى بقسطه وإما أجرة مثله. وعلى كلا الاحتمالين يبعد تصحيح الرهن أما على الأول فلأنه لم يستحق.

وأما على الثاني فلأن المستحق لم يتعين، وأيضًا بتقدير هذا كله فلا يصح ضمان الجميع على مقتضى ما قاله من البناء، مع أن كلامه فيه -أعني في الجميع-

قال ابن الرفعة: وصور البندنيجى المسألة بما إذا قال: من جاء بعبدى الآبق فله دينار، فقال له رجل: أعطني به رهنًا وأنا آتيك به، ولو قال: إن رددت عبدي الفلاني فلك كذا، وهذا رهن به فهو بمعناه بلا شك. أما لو قال: من جاء بعبدي الفلاني فله دينار وهذا رهن به، فهل يقال: لا يصح الرهن لكون المرتهن غير معين، أو يصح ويسقط القبول في الرهن تبعًا لمال الجعالة؟ فيه نظر، والأقرب الأول.

قوله: فرع:

لا يجوز رهن الملاك بالزكاة، والعاقلة بالدية قبل تمام الحول لفوات الشرط الثاني. انتهي لفظه بحروفه.

ومقتضي هذا الكلام صحة الرهن بالزكاة بعد تمام الحول، وكيف يصح مع أن الزكاة تجب في العين بحيث يكون الفقراء شركاء رب المال. ولا شيء في ذمة المالك، وشرط الرهن أن يكون على دين، وقد يأول

ص: 332

بأن التقييد بما قبل الحول راجع إلى المسألة الثانية، وهي مسألة العاقلة، وقد ذكروا في الضمان ما يقتضي الصحة أيضًا كما سأذكره هناك، وهو ضعيف التأويل.

قوله: فما جاز الرهن به جاز ضمانه، وكذا عكسه إلا ضمان العهدة فإنه جائز، ولا يجوز الرهن به على الصحيح. انتهى.

تستثنى أيضًا الأعيان المغصوبة، فإن ضمانها يصح دون الرهن على الصحيح.

وقد استثناه في "الروضة"، واعلم أن النووي في "الروضة" هنا قد جعل الخلاف في ضمان العهدة وجهين، وصرح في كتاب الضمان تبعًا للرافعي بقولين، وعنده أن عدم الصحة يتخرج على أن الرافعي هنا لم يبين هل هو قولان أو وجهان؟ .

قوله: رهن شيئًا بعشرة، ثم استقرض عشرة ليكون رهنًا بهما، وأشهد شاهدين أنه مرهون بالعشرين، فإن لم يعلم الشاهدان الحال شهدا بما يسمعا، وحكم الحاكم بأنه مرهون بالعشرين.

نعم لو قال عند الإشهاد: كان مرهونًا بعشرة فجعلته رهنًا بعشرين، ونقل الشاهدان ما سمعا، فهل يحكم بكونه رهنًا بالعشرين إذا كان الحاكم ممن يذهب إلى القول الجديد؟

حكى الإمام عن صاحب "التقريب" فيه وجهين، وإن عرفا الحال فإن كانا يعتقدان جواز الإلحاق، فهل لهما أن يشهدا بأنه رهن بالعشرين أم عليهما بيان الحال؟ وجهان.

وإن كانا يعتقدان منع الإلحاق لم يشهدا إلا بما جرى باطنًا، وفيه شيء بعيد.

ص: 333

وهذا التفصيل فيما إذا شهدا بنفس الرهن، وفيه صور الجمهور، فإن شهدا على إقرار الراهن فالوجه تجويزه مطلقًا. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن النووي في "الروضة" قد اختصر أوائل هذا الكلام اختصارًا فاسدًا سببه إسقاط شيء منه، فإنه قال: فرع: رهن بعشرة، ثم استقرض عشرة ليكون رهنًا بهما، وأشهد شاهدين أنه مرهون بالعشرين، فإن لم يعلم الشاهدان الحال ونقلا ما سمعا، فهل يحكم بكونه رهنًا بالعشرين إذا كان الحاكم يعتقد القول الجديد؟ وجهان. هذا لفظه.

فأسقط ما وقع بعد لفظ الحال إلى قوله: ونقلا، فاجمع بينه وبين كلام الرافعي. وتأمله.

الأمر الثاني: أن الأصح من الخلاف الثاني منع الشاهدين من الشهادة بذلك، كذا صححه النووي من "زياداته"، وعلله بأن الاجتهاد إلى الحاكم لا إليهما.

وقول الرافعي: (وفيه شيء بعيد) أراد أن فيه خلافًا بعيدًا.

وقد صرح به في "الروضة"، وسوف تكون لنا عودة إلى الكلام على هذه المسألة في الباب الثاني من كتاب القضاء إن شاء الله تعالى.

قوله من "زياداته": ولو مات وعليه دين مستغرق فرهن الوارث التركة عند صاحب الدين على شيء آخر، ففي صحته وجهان بناء على القولين. انتهى.

وتقييد المسألة بالدين المستغرق موهم، ولا فرق بين المستغرق وغيره فاعلمه.

قوله: وإن كان الرهن مشروطًا في بيع نظر إن لم يجز الشرط جهالة

ص: 334

كما إذا شرط في البيع رهنًا على أن يبقي محبوسًا عنده بعد أداء الثمن شهرًا، ففي فساد الرهن قولان:

أصحهما: الفساد.

فإن فسد ففي فساد البيع القولان في أن الرهن وسائر العقود المستقلة إذا شرطت في البيع على نعت الفساد هل يفسد البيع؟ وقد ذكرناهما في باب البياعات. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن كلامه هنا وهناك يوهم أن القولين جاريان في ما إذا شرط بيعًا أو إجارة أو غيرهما في بيع وليس كذلك، بل اشتراط صحيحه باطل مبطل فاشتراط فاسده أولى.

وإنما القولان اللذان أشار إليهما الرافعي في البابين في ما كان كالصفة في البيع في جواز شرطه معه، ويجوز إفراده، وذلك هو الراهن والكفيل والضمين فقط، وتعليلهما مذكور في كلامه.

الأمر الثاني: أن الشرط متى بطل جر جهالة مطلقًا، لأن الرهن يترك لأجله جزء من الثمن، فإذا بطل وجب أن يضم ذلك الجزء المجهول إلى الثمن فيصير مجهولًا، وهذا هو مقتضى كلام الأصحاب، والمعنى يقتضيه أيضًا.

نعم إن كان الشرط لا غرض فيه فمسلم، وليس الكلام فيه.

قوله في أصل "الروضة": فلو رهن شجرة أو شاة بشرط أن يحدث الثمرة أو الولد مرهونًا لم يصح الشرط على الأظهر، وقيل: يصح قطعًا لأنه مجهول معدوم. انتهى كلامه.

وما ادعاه من الصحة قطعًا غلط، بل صوابه عدم الصحة، ولذلك

ص: 335

ذكره الرافعي.

قوله في المسألة: لا يصح أيضًا الرهن على الصحيح، ثم قال: فإن كان الرهن بهذا الشرط مشروطا في بيع، فإن صححنا الشرط أو أفسدناه، وصححنا الرهن صح البيع، وللبائع الخيار. انتهى كلامه.

وهو صريح في إثبات الخيار مع صحة الشرط، وهو سهو وكأنه نقص منه شيء، ويكون الأصل، وللبائع الخيار في المسألة الثانية.

قوله: المسألة الثانية: لو قال: أقرضتك هذه الألف بشرط أن ترهن به وبالألف الذي لي عليك كذا. فرهن بالألف القديم ظانًا صحة ذلك. فعن القاضي أنه لا يصح الرهن. إلى آخره.

هذه المسألة سبق الكلام عليها في أول الباب الثالث من أبواب البيع.

قوله: فرع:

لو قال: رهنتك هذا الحُق بما فيه، أو هذه الخريطة بما فيها، وما فيهما معلوم مرئي صح الرهن في الظرف والمظروف، وإلا لم يصح الرهن في المظروف، وفي الحق والخريطة قولا تفريق الصفقة. انتهى كلامه.

وجزمه هنا بطريقة القولين يقتضي أن العلة في جريان القولين في تفريق الصفقة هو تبعيض الصفقة إذ لو كانت العلة هي الجهل بالعوض لزم الصحة هنا قطعًا.

وقد تقدم الوعد في باب تفريق الصفقة بذكر هذه المسألة.

قوله عقب ما تقدم: وما نص عليه في "المختصر" من الصحة في الحق، وعدمها في الخريطة فسببه أنه وضع المسألة في حق له قيمة يقصد لها بالرهن، وفي خريطة ليست لها قيمة تقصد لها بالرهن.

وحينئذ يكون المقصود ما فيها، ولو كان اللفظ مضافًا إليهما جميعًا،

ص: 336

وما فيهما بحيث لا يصح الرهن فيه فيبطل [ما فيها.

ولو كان اللفظ مضافًا إليهما جميعًا، وما فيها بحيث لا يصح الرهن فيه فيبطل] (1) فيهما جميعًا.

وفي وجه يصح الرهن فيها، وإن كانت قليلة القيمة اعتبارًا باللفظ. انتهى كلامه.

اعلم أن المسألة لها أربعة أحوال:

أحدها: أن يرهنهما جميعًا، وهو المراد من هذا الكلام الذي ذكرته.

والثاني: أن يرهن الظرف دون ما فيه.

الثالث: أن ينص على الظرف ولا يتعرض لغيره.

والرابع: أن ينص على المظروف وحده.

وحكم هذا القسم [أنه إن كان المظروف معلومًا صح فيه دون الظرف، وهذا القسم](2) لم يذكره الرافعي، وذكر الثلاثة الأولى، وكلامه في ما إذا رهن الظرف وحده أو رهنه وأطلق واضح.

وأما الأول وهو رهنهما فالذي تقدم من أول الفرع إلى آخره مفروض فيه، لكنه عبر في آخره بعبارة مشكلة فلنوضحه فنقول: قوله: (فإن كان اللفظ مضافًا إليهما جميعًا) ليس هو استئناف قسم آخر، بل من تتمة تأويل النص الوارد في الخريطة لا تنتهي قيمتها إلى حيث يقصد بالرهن فافهمه.

وقوله: (إليهما) أي إلى الخريطة المذكورة وما فيها.

وقوله: (وما فيها) أي وما في الخريطة.

(1) سقط من جـ.

(2)

سقط من أ، جـ.

ص: 337

وقوله: (فيبطل فيهما) أي في الخريطة وما فيها.

والحاصل أنه أعاد صورة المسألة إيضاحًا وتوطئة للوجه الذي ذكره من بعد، وهو أنه لا يبطل الرهن بانتفاء القيمة التي [يقصد](1) لمثلها الرهن، بل يصح فيهما، وإن كانت قليلة القيمة، وهو وجه متجه جدًا.

وظن النووي أن قول الرافعي: (ولو كان اللفظ. . . . إلى آخره) هو القسم الرابع، وهو رهن المظروف وحده، فقال: ولو كان اللفظ مضافًا إلى ما فيهما جميعًا وكان ما فيهما بحيث لا يصح الرهن فيه بطل فيهما جميعًا، وفي وجه يصح فيها، وإن كانت قليلة القيمة اعتبارًا باللفظ. هذا لفظه.

وهو غلط فإنه مع مخالفته لتعبير الرافعي لا يتصور مجيء خلاف في الظروف، ولا يصح معه التعليل الذي ذكره، بل الخلاف راجع إلى رهن الظرف والمظروف.

وقد صرح به كذلك الغزالي في "البسيط"، غير أنه لم يذكر رهن المظروف وحده ولا الظرف وحده وكأنه تركهما لوضوحهما، وذكر الإمام نحوه أيضًا.

قوله من "زياداته": قال إمام الحرمين والغزالي في "البسيط": كل ما ذكرناه في الرهن يجرى مثله في البيع حرفًا حرفًا في ما إذا قال: بعتك الخريطة بما فيها أو وحدها، أو الخريطة لأن مأخذه اللفظ والله أعلم.

وهذا الذي ذكره في "زياداته" يقتضي أنه إذا لم يكن للخريطة وغيرها من الظروف قيمة لا يصح البيع في المظروف، ويأتي في الظرف

(1) في جـ: يفسد.

ص: 338

قولا تفريق الصفقة، وهو مخالف لما ذكره قبل باب الربا من "زياداته" أيضًا، فإنه جزم هناك بالصحة فيهما من غير تفصيل بين أن يكون له قيمة أم لا.

ثم ذكر بعده هذا التفصيل فيما إذا باع المظروف والظرف كل رطل بدرهم.

فكان ذلك صريحًا في تعميم الأول، وقد ذكرت لفظه هناك فراجعه.

قوله: ومنها -أي من صور الارتهان على مال الطفل- أن يكون دينه مؤجلًا، إما بأن ورثه كذلك، أو بأن باع الولي حالًا ماله نسيئة بالغبطة، ولا يجوز الاكتفاء بيسار المشتري، بل لابد من الارتهان بالثمن.

وفي "النهاية" رمز إلى خلاف ذلك أخذًا من جواز إيضاع ماله. انتهي كلامه.

وما نقله عن "النهاية" من الرمز إلى خلاف ذلك تابعه عليه في "الروضة"، وقد صرح الإمام في المسألة بوجهين، وصحح الجواز، ونقله عنه الرافعي كذلك في كتاب الحجر فقال: وروي الإمام وجهين في صحة البيع إذا لم يرتهن وكان المشتري مليًا، وقال: الأصح الصحة، هذا كلام الرافعي؛ لكن المذكور في "النهاية" هاهنا هو ما قاله الرافعي.

ص: 339

قوله: الفصل الثاني رهن المكاتب وارتهانه جائز إن شرط النظر والمصلحة كما ذكرنا في حق الطفل.

ومنهم من قال: لا يجوز استقلالًا، وبإذن السيد قولان بناء على أن الرهن تبرع؛ وتفصيل صور الارتهان كما في الفصل الأول.

وفيه وجه: أنه لا يجوز له الاستقلال بالبيع نسيئة بحال. انتهي كلامه.

وما صححه الرافعي هنا من إلحاق المكاتب بالطفل، قد صحح خلافه في أثناء كتاب الكتابة في الحكم الثالث من أحكام الكتابة، ونقله عن إطباق عامة الأصحاب عليه.

وكذلك ما صححه من جواز البيع نسيئة قد خالفه هناك فقال: ولا يجوز الرهن (1) [ولا الإرتهان ولا البيع نسيئة وتابعة في "الروضة" على الموضعين، وستعرف لفظه هناك إن شاء الله تعالى فاستحضره، واعلم أن الفتوى على خلافه.

قال الرافعي: ورهن المأذون أولى بالمنع من جهة أن الرهن ليس من عقود التجارات وشبهه الإمام بإجارة الرقاب.

قال في "الروضة": وهذا الترتيب الذي قاله الرافعي ترتيب الإمام، قال: وقطع الشيخ أبو حامد وصاحب "الشامل" و"التهذيب" بأنه كالمكاتب.

(1) بداية سقط من ب.

ص: 340