المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الأول في أركانه - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٥

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيع

- ‌ الأول: في صحته وفساده

- ‌الباب الأول في أركانه

- ‌الباب الثاني في الفساد بجهة الربا

- ‌ في الحالة التي تعتبر فيها المماثلة

- ‌ في معرفة الجنسية

- ‌الباب الثالث: في الفساد من جهة النهي

- ‌القسم الأول: ما حكم فيه بالفساد

- ‌ القسم الثاني من المناهي ما لا يدل على الفساد

- ‌الباب الرابع: من جهة تفريق الصفقة

- ‌ الثاني في لزوم العقد

- ‌ الثالث في حكم العقد قبل القبض وبعده

- ‌ الرابع من كتاب البيع…في موجب الألفاظ المطلقة

- ‌اللفظ الثاني: البستان

- ‌اللفظ الثالث: الدار

- ‌اللفظ الرابع: العبد

- ‌اللفظ الخامس: الشجر

- ‌اللفظ السادس بيع الثمار

- ‌باب معاملات العبيد

- ‌باب اختلاف المتبايعين

- ‌باب السلم

- ‌كتاب الرهن

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في القبض والطوارئ قبله

- ‌الباب الثالث: في حكم المرهون بعد القبض

- ‌الباب الرابع: في النزاع بين المتعاقدين

- ‌كتاب التفليس

- ‌الحكم الأول: منع التصرف

- ‌الحكم الثاني: في بيع ماله وقسمته

- ‌الحكم الثالث: حبسه

- ‌الحكم الرابع: الرجوع إلى عين المبيع

- ‌كتاب الحجر

- ‌كتاب الصلح

- ‌الفصل الأول في أركانه

- ‌الفصل الثاني في النزاع على الحقوق

- ‌الفصل الثالث في التنازع

- ‌كتاب الحوالة

- ‌كتاب الضمان

- ‌الباب الأول في أركانه

- ‌الباب الثاني فيما يترتب على الضمان الصحيح

- ‌كتاب الوكالة

- ‌الباب الأول في أركانها

- ‌الركن الأول: ما فيه التوكيل

- ‌الركن الثاني: الموكل

- ‌الركن الثالث: الوكيل

- ‌الركن الرابع: الصيغة

- ‌الباب الثاني في أحكام الوكالة

- ‌الحكم الأول: صحة التصرف إذا وافق الإذن

- ‌الحكم الثاني: العهدة

- ‌الحكم الثالث: الجواز من الجانبين

- ‌الباب الثالث في الاختلاف

- ‌كتاب الإقرار

- ‌الباب الأول في أركانه

- ‌الباب الثاني في الإقرار بالمجمل

- ‌الباب الثالث في تعقيب الإقرار بما يرفعه

- ‌الباب الرابع في الإقرار بالنسب

الفصل: ‌الباب الأول في أركانه

‌كتاب الضمان

وفيه بابان:

الجزء الخامس

‌الباب الأول في أركانه

قوله: فأولها المضمون عنه، وهو الأصل، ولا يشترط رضاه لصحة [الضمان](1) وفاقًا إذ يجوز أداء دين الغير بغير إذنه، فالتزامه في الذمة أولي بالجواز. انتهى كلامه.

وما ذكره من الاتفاق على عدم اشتراط الرضي، ذكره أيضًا في "الشرح الصغير" و"المحرر"، وتبعه عليه النووي في "الروضة" و"المنهاج"، وسبب هذه الدعوي تقليد الإمام، فإنه ادعى ذلك، وليست الدعوى تصحيحه، فقد حكى القاضي حسين في "تعليقه" وجهًا: أنه يشترط رضاه، وبه قال أبو الحسن في شرح "المختصر"، وممن نقل ذلك ابن الرفعة في "المطلب".

قوله: ولو ضمن بغير رضى المضمون به، وصححناه وقلنا: لا يرجع فهل يجب على المضمون له القبول؟ قال الإمام: هو كما لو قال: أدِّ ديني، ولم يشترط الرجوع، [وقلنا: إنه لا يرجع] (2).

وفي امتناع في هذه الحالة وجهان بناء على أن المؤدي يقع فداء أو موهوبًا ممّن هو عليه، إن قلنا بالثاني لم يكن له الامتناع. انتهى.

وهذا البناء الذي نقله عن الإمام، وتابعه عليه في "الروضة" ليس مطابقًا لما في "النهاية"، فإنه قال فيها ما نصه: إذا قال لغيره: أدِّ ديني

(1) سقط من أ.

(2)

سقط من جـ.

ص: 486

وقلنا: لا يثبت الرجوع إذا لم يقيد، ففي امتناع مستحق الدين عن القبول وجهان:

أحدهما: ليس له الامتناع، وهو الأشهر، فإن المؤدي مستناب من جهة الإذن، وليس لمستحق [الدين](1) تخير في عين المؤدى، فالوجه يقع.

الثاني: له الإمتناع، فإنه إذا كان لا يملك الرجوع فالمدفوع إلى مستحق الدين يقع فداءًا أو موهوبًا.

فإن كان فداءًا لم يلزمه القبول كما لو كان الأداء بغير إذنه، وإن كان المؤدي في حكم الموهوب ممّن عليه الدين فالهبة إنما يثبت الملك فيها بالقبض، ولمستحق الدين أن يقول: لست أحلت ملكًا لمن عليه الدين بيدي، ولا يلزمني ذلك. هذا كلامه.

ومخالفته لما قاله الرافعي ظاهر، ثم ذكر -أعني الإمام- بعده كلامًا آخر فقال: وإذا لم يبعد إلزامه تحصيل الملك للمؤدى عنه مع اقتراض عوضه باشتراط الرجوع لم يبعد الزامه قبض ما تقدر موهوبًا في حق المديون، وهذا أيضًا لا يحقق ما قاله الرافعي، فإن غايته أنه ذكر بحثًا في اللزوم عن القول بأنه هبة يبعد أن جزم بعدمه تفريعًا عليه، وجعل مستند اللزوم شيئًا آخر.

قوله: وأما اشتراط الغزالي أهلية التبرع، فقصد بها التجوز عن المحجور عليه بالسفه، ونحى فيه نحو الإمام حيث قال: المحجور عليه، وإن كان تصح عبارته عند إذن وليه فضمانه مردود من قبل أن ينزع، وتبرعات المبذر مردودة، ولا يصح من الولي الإذن فيها.

واعلم أن كون الضمان تبرعًا، إنما يظهر حيث لا يثبت الرجوع، فأما

(1) في أ، جـ: الإذن.

ص: 487

حين ثبت فإنه إقراض لا محض تبرع، ويدل عليه نص الشافعي: على أنه إذا ضمن -أي في مرض موته- بإذن المديون حسب من رأس المال لما فيه من الرجوع وإلا فمن الثلث، فإن أذن فيه الولي -أي في الضمان- فليكن كما لو أذن في البيع. انتهى كلامه.

وما قاله الإمام والغزالي هو الصواب، واعتراض الرافعي عجيب.

فأما قوله: إن الضمان حيث يثبت الرجوع يكون قرضًا، فليس كذلك، بل القرض إنما هو الأداء، ألا تري أنه لا يثبت للضامن مطالبة المضمون عنه بمجرد الضمان، فكيف يكون قرضًا؟

وأمّا استدلاله بالنص المذكور فلا شاهد فيه له، وذلك لأن تصرف المريض على كل حال صحيح، فإذا ضمن وأدى ثم مات، فإن كان ضمانه بغير إذن فحسابه من الثلث واضح، وإن ضمن بلا إذن فقد تصرف تصرفًا صحيحًا آل إلي ثبوت عوض، فلا سبيل إلى حسبانه من الثلث مع ثبوت البدل، لكن هذا بشرط أن يجد الضامن مرجعًا كما نبه عليه هو -أعني الرافعي- في آخر الضمان، قال: فإن لم يجد ذلك لموت الأصل معسرًا، فهو محسوب من الثلث، وسنذكر كلام الرافعي عقب هذه المسألة لمعنى يتعلق به.

وأمّا تخريجه الإذن في الضمان على الإذن في البيع الفاسد، كما قاله النووي، لأن البيع إنما صح على وجه، لأنه لا يأذن إلا فيما فيه ربح أو مصلحة، والضمان غرر كله، وأيضًا فإنه قد يتلف ماله ويبقى المال في ذمته، فيكون التزاما لا في مقابله شيء.

وأيضًا فالولي ليس له أن يضمن في ذمة المحجور عليه، فكيف يجوز أن يأذن فيه؟ ، واعترض في "الروضة" أيضًا على كلام الرافعي، فإنه لو سلم أنه كالقرض كان القرض تبرعًا، فلا يصح إذن الولي فيه، ولذلك

ص: 488

اعترض ابن الرفعة به أيضًا، وما قالاه لا يردّ، لأن مراد الرافعي: أنه إذا كان كالقرض فحيث جاز للولي القرض، كان في تعاطي السفيه له بإذن وليه الخلاف في البيع، وهو كلام صحيح، إلا أن الصواب أنه ليس كالقرض.

قوله في المسألة من "زوائده": وأمّا ضمان المريض فقال صاحب "الحاوي": هو معتبر من الثلث، لأنه تبرع، فإن كان عليه دين مستغرق فالضمان باطل، كان خرج بعضه من الثلث صح فيه، فلو ضمن في مرضه ثم أقر بدين مستغرق قدم الدين ولا يؤثر بتأخير الإقرار به. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما نقله الماوردي وارتضاه من كون ضمان المريض معتبرًا من الثلث مطلقًا ليس كذلك لما بينه في آخر الباب فقال تبعًا للرافعي: إن كان بحيث يثبت الرجوع، ووجد الضامن مرجعًا فهو محسوب من رأس المال، وإن تم الرجوع أو لم يجد مرجعًا لموت الأصل معسرًا فمن الثلث. هذا كلامه.

الأمر الثاني: أن جزمه ببطلان الضمان إذا كان عليه دين مستغرق مردود أيضًا، بل القاعدة تقتضى صحته وتتوقف بتقيده على وقت الموت، فإن حصلت البراءة من الدين بمال آخر أو إجارة من المستحق استمرت صحته، وإلا حكمنا ببطلانه.

قوله: وإن اقتصر السيد على الإذن للعبد في الضمان، فوجهان: أحدهما: يكون في ذمته إلى أن يعتق.

ثم قال: وأظهرهما: أنه يتعلق بما يكسبه بعد الإذن، كما لو أذن له في النكاح يتعلق باكتسابه. انتهى كلامه.

تابعه في "الروضة" على تعليقه بالأكساب الحاصلة بعد الإذن، وقالوا في كتاب النكاح: إنه إذا أذن له في النكاح، تعلقت المؤن

ص: 489

بالأكساب الحاصلة بعد النِّكاح، فاعتبروا هناك وقت وقوع المأذون فيه لا وقت الإذن حتي إذا حصل بين الإذن والنِّكاح كسب لا تتعلق به المؤن واعتبروا، وأيضًا العكس، مع أن الصورتين في المعنى على حد واحد فليسوى بينهما.

قوله من "زوائده": قلت: لو ثبت على عبد دين بالمعاملة فضمنه سيده صح كالأجنبي. انتهى.

وهذه المسألة التي ذكرها على أنها من "زوائده"، قد ذكرها الرافعي في آخر العاقلة في الكلام على جناية العبد، وحكى فيها وجهًا أنه لا يصح مع مسائل أخرى ليست مذكورة هنا.

فقال: وهل يجوز ضمان أرش الجناية المتعلق بذمة العبد؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا لعدم استقراره في الحال.

وأصحهما: نعم كضمان المعسر، وأولى لتوقع يساره وضمان ما يلزم من ذمته بدين المعاملة وأولى بالصحة، ولا خلاف أنه يصح ضمان ما تعلق بكسبه كالمهر في نكاح صحيح، ولو ضمنه السيد فمرتب على ضمان الأجنبي، وأولى بالصحة لتعلقه بملكه. انتهى كلامه، واللفظ "للروضة".

والمسألة التى نقلنا هذه المسألة لأجلها هي المسألة الأخيرة، ولا يصح عودها إلى المسألة التي قبلها، وهو المهر، لأنه قد جعل الخلاف مرتبًا على الخلاف، والمهر ليس فيه خلاف.

قوله: الركن الرابع: المضمون، ويشترط فيه ثلاث صفات: كونه ثابتًا، ولازمًا، ومعلومًا. انتهى.

تابعه في "الروضة" على هذه الثلاث فقط، مع أن له شرطًا رابعًا نبه

ص: 490

عليه الغزالي، وهو أن يكون قابلًا لأن ينازع به الإنسان على غيره، فخرج حق القصاص وحد القذف والأخذ بالشفعة.

قوله: وإذا ضمن ما لم يجب، ولكن سحب ببيع أو قرض ونحوهما فالجديد: منعه، وذكر الإمام أمورًا مفرعة على القديم: إحداها: إذا قال: ضمنت لك ما يبيع من فلان، فباع الشيء بعد الشيء كان ضامنًا للكل، لأن (ما) من أدوات الشرط فتقتضي التعميم بخلاف ما إذا قال: إذا بعت من فلان فأنا ضامن، لا يكون ضامنًا إلا لثمن ما باعه أولًا، لأن -إذا- ليست من أدوات الشرط. انتهى كلامه.

وما ذكره من كون ما للشرط، وإذا ليست للشرط قد تابعه عليه في "الروضة"، وهو بالعكس، لأن ما موصولة لا شرطية.

وأما (إذا) فقد صرح بشرطيتها في التعليقات.

قوله: وإذا قلنا بالجديد: وهو أنه لا يصح ضمان ما لم يجب فلو قال: أقرض فلانًا كذا وعلى ضمانه فأقرضه قال الروياني: المذهب أنه لا يجوز.

وعن ابن سريج تجويزه لأنه ضمان مقرون بالقرض. انتهى.

صرح في "الروضة" من الأصل بأن الصحيح المنع.

قوله: ولو ضمن نفقة اليوم للزوجة صح، لأنها تجب بطلوع الشمس. انتهى كلامه.

وما ذكره من الوجوب بطلوع الشمس وجه ضعيف، والمعروف أنها تجب بطلوع الفجر، كما ذكره هو في كتاب النفقات، وسوف أذكر لفظه هناك إن شاء الله تعالى، وقد أصلحه في "الروضة" فعبر بالفجر، ولم ينبه على أنه من "زوائده" فتفطن له.

قوله: وإذا قلنا بالقديم: أنه يجوز ضمان نفقة المستقبل، فله شرطان:

ص: 491

أحدهما: أن يقدر مدة، فإن أطلق لم يصح فيما بعد العد، وفيه وجهان أخذًا من الخلاف فيما إذا قال: أجرتك كل شهر بدرهم، ولم يقدر هل يصح في الشهر الأول؟ انتهي كلامه.

تابعه في "الروضة" على إطلاق ذلك، وهو إنما يستقيم إذا عبرنا بالأيام فقال مثلًا: ضمنت نفقة زوجتك كل يوم مستقبل، فإن قال: كل شهر، فيكون الوجهان في الشهر الأول.

وإن قال: كل سنة، فيكونان في السنة الأولى.

قوله: ولو ضمن عهدة الثمن لو خرج المبيع معيبًا فرده، أو بأن فساد البيع بسبب غير الاستحقاق، ففيه وجهان: وجه البطلان في فساد البيع إمكان الاستغناء عنه بحبس المبيع إلي استرداد الثمن، قال في "التتمة": المذهب منهما: أنه لا يصح، لكن العراقيون أجابوا بالصحة ورووه عن ابن سريج، ونفى صاحب "البيان" الخلاف فيه.

فإن قلنا بالصحة إذا ضمن صريحًا، فقد حكى الإمام والغزالي وجهين في اندراجه تحت مطلق ضمان العهدة. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما ذكره هاهنا من أن المشتري شراءًا فاسدًا يحبس المبيع لأجل الثمن ليس هو الصحيح، فقد تقدم في البيوع المنهي عنها ما يناقضه، وأن الأصح عدم الحبس.

الأمر الثاني: أن الراجح من الوجهين الأخيرين عدم الدخول، كذا رجحه الرافعي في "الشرح الصغير" فقال: إنه أقرب الوجهين، وقال في "الروضة" من "زياداته" بعد هذا بقليل: إنه الأصح، فإن الرافعي قال هناك: ونحن نجمع ما يطالب به ضامن العهدة في فصل.

ص: 492

ثم ذكر هذا الفصل، وذكر هذه المسألة، فلما انتهى إليها النووي صحح عدم المطالبة كما قلناه، ولم يصححه في هذا الموضع، بل حكي وجهين، فافهم ذلك فإنه قد يلبس.

ورجحه أيضًا في "الكفاية" فقال: إن الأكثرين عليه.

قوله: قال في "الصحاح": العهدة الرجعية، يقال [أبيعك](1)[الملس](2) لا عهدة أي ينملس وينفلت فلا يرجع إلى. انتهى.

وقد بين الجوهري هذه في باب السين فقال: وناقة ملسى مثل جفلى أى تَمَلَّس وتمضي لا يعلق بها شيء من سرعتها.

ويقال في البيع مَلَس لا عهدة، أي قد انملس من الأجر لا له ولا عليه، ثم ذكر أيضًا الكلام الذي نقله الرافعي عنه.

قوله: وأصح الوجهين، وبه قطع بعضهم: جواز ضمان الثمن في مدة الخيار، لأنه ينتهي إلى اللزوم، ثم قال بعد ذلك: والخلاف على ما ذكره صاحب "التتمة": مفروض فيما إذا كان الخيار للمشتري أولهما.

أما إذا كان الخيار للبائع وحده صح ضمانه بلا خلاف، لأن الدين لازم في حق من عليه. انتهى كلامه.

واعلم أنه قد تقدم في البيع في الكلام على أقوال الملك في زمن الخيار أن الثمن والمبيع لا يجتمعان في ملك شخص واحد، بل حيث قلنا: إن الملك في المبيع للمشتري، فالثمن للبائع، وإن قلنا: للبائع فالثمن للمشتري، وإن قلنا: موقوف فموقوف.

وتقدم أيضًا أن هذه الأقوال الثلاثة جارية، سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما، إلا أن الصحيح أنه إذا كان الخيار لأحدهما كان الملك له.

(1) سقط من أ.

(2)

في جـ: الشيء.

ص: 493

وقيل: محل الخلاف إذا كان لهما، فإن كان لأحدهما فالملك له قطعًا، وعلى هذا فإذا كان الخيار للبائع كان الملك في المبيع له، إما بلا خلاف وإما على الصحيح، وحينئذ فلا ثمن على المشتري بلا خلاف أو على الصحيح فضلًا عن كونه لازمًا، فكيف يتصور أن يقال فيه بصحة الضمان بلا خلاف مع حكاية الخلاف في عكسه؟ إلا أن النقل في "التتمة" كما قاله الرافعي.

[قوله: ](1) الثاني: هل الإبراء محض إسقاط كالإعتاق أو هو تمليك المديون ما في ذمته، ثم إذا ملكه سقط وفيه رأيان، إن قلنا: إسقاط: صح الإبراء عن المجهول، وإن قلنا: تمليك، لم يصح، وهو ظاهر المذهب.

وحاصل هذا أن الأظهر أنه تمليك، لأنه إن كان الأظهر عائدًا عليه وهو ما يقتضيه سياق الكلام فواضح، وإن كان عائدًا إلى الإبراء فهو لازم أيضًا، لأن جعله لازمًا عن القول بالتمليك، فيلزم من ترجيحه ترجيح الأول، ثم ذكر في "الشرح الصغير" ما يخالفه، فقال في أوائل الوكالة قبل الركن الثاني بقليل ما نصه: وهل يشترط في الإبراء علم من عليه الحق؟ ينبني ذلك على أن الإبراء محض إسقاط أو هو تمليك من عليه الحق، ثم إنه يسقط إن قلنا بالأول لم يشترط علمه وهو الظاهر، وإن قلنا بالثاني فلابد من علمه. انتهى.

ولم يصرح في "الكبير" هناك بتصحيح، وقد اختلف كلام النووي أيضًا، فإنه صحح في أصل "الروضة" من الوكالة ما يوافق "الشرح الصغير" مع ذكره للمسألة هنا كما ذكرها الرافعي، فوق في الاختلاف، وقال في باب الرجعة من "زياداته": المختار: أنه لا يطلق ترجيح واحد من القولين، وإنما يختلف الراجح بحسب المسائل لظهور دليل أحد

(1) سقط من أ.

ص: 494

الطرفين.

قوله: ومنها لو كان لأبيه دين على إنسان فأبرأه، وهو لا يعلم موت مورثه، إن قلنا: إنه إسقاط صح، كما لو قال لعبد أبيه: أعتقتك، وهو لا يعلم موت الأب، وإن قلنا: تمليك فهو كما لو باع مال أبيه على ظن أنه حي وهو ميت. انتهى كلامه.

وما ذكره من أن العتق لا يخرج على القولين في البيع لكونه إسقاطًا، تبعه عليه في "الروضة"، وذكر في كتاب النكاح في أوائل نكاح المشركات ما يوافقه.

وخالفه في البيع كما تقدم هناك مبسوطًا فراجعه.

قوله أيضًا: ومنها: أنه لا يحتاج إلى القبول، إن جعلناه إسقاطًا، وكذا إن جعلناه تمليكًا في ظاهر المذهب.

ثم قال: فإن لم نعتبر القبول ففي ارتداده بالرد وجهان انتهى.

والأصح عدم الرد كما قاله في "الروضة".

قوله: ولو قال: ضمنت مالك على فلان من درهم إلى عشرة، ففيه قولان على ما رواه صاحب الكتاب والصيدلاني، ووجهان على ما رواه الإمام وآخرون:

أظهرهما: الصحة. انتهى.

جزم في "المحرر" بأن الخلاف وجهان، وصححه النووي في "الروضة"، ورجح في "الشرح الصغير" عكسه، فقال: فيه قولان، ويقال: وجهان. هذا لفظه.

قوله: وإذا قلنا بالصحة فقيل: لزمه عشرة ادخالًا للطرفين، وهو الأصح في "التهذيب".

ص: 495

وقيل: ثمانية إخراجًا لهما، وقيل: تسعة إدخالًا للأول. انتهى ملخصًا.

وهذه الأوجه ذكرها أيضًا في نظيره من الإقرار، ونقل ما نقله عن "التهذيب"، ثم نقل عن الشيخ أبي حامد والعراقيين والغزالي، أن الأصح أنه يكون مقرًا بتسعة.

ونظير المسألة أيضًا في الطلاق، أن يقول: أنت طالق من واحدة إلى ثلاث، وفيه الأوجه المذكورة، وهى طلقة وطلقتان أو ثلاث، كذا حكاه الرافعي، ونقل عن البغوي تصحيح وقوع الثلاث وفاء ببقاء عدته، ولم يذكر في "المحرر" مسألة الطلاق، وصحح في هذا الباب لزوم العشرة، وعبر بالأصح.

وصحح في الإقرار لزوم القسمة، وعبر بالأظهر، وكأنه لما لم يجد التصحيح هنا إلا البغوي، صرح به فوقع في الاختلاف، وقد صرح به أيضًا النووي في أصل "الروضة" من غير نقله عن صاحب "التهذيب"، ثم استدرك عليه وقال: إن الأصح لزوم تسعة، قال: وسنوضحه في الإقرار، وهو اختصار عجيب.

لا جرم أن الرافعي في "الشرح الصغير" لم يصحح في هذا الباب شيئًا، ولا نقله عن أحد، بل أحاله على الإقرار.

ومن نظائر المسألة ما إذا قال: أعطوه من واحد إلى عشرة.

وقد ذكرها الرافعي في كتاب الوصيَّة فقال ما نصه: فعلى الأوجه المذكورة في الإقرار.

وحكى الأستاذ أبو منصور عن بعض الأصحاب: أنه إن أراد الحساب فللموصى له خمسة وخمسون، لأن الحاصل من جمع واحد إلى عشرة

ص: 496

على توالي العدد، وإن لم يرد الحساب فله المتيقن وهو ثمانية، ولا شك في اطراد هذا في الإقرار. هذا كلام الرافعي.

والذي قاله هذا القائل الأخير متعين، ولا يمكن أن يكون وجهًا آخر كما يوهمه كلام الرافعي، فإنه إذا علم بإخباره أو بغيره أن مراده الواحد والاثنان والثلاثة. . . . إلي آخرها، لزمه المجموع قطعًا فاعلمه، وقد تحصل مما نقله الرافعي في الإقرار أن الأكثرين على إدخال الأول دون الأخير فليكن كذلك هذا، وفي الطلاق فاعلمه.

قوله: ولو قال: ضمنت لك الدراهم التي لك على فلان، وهو لا يعرف مبلغها فهل: يصح في ثلاثة لدخولها في اللفظ على كل حال؟ فيه وجهان كما لو قال: أجرتك كل شهر بدرهم هل يصح في الشهر الأول؟ .

وهذه المسائل بعينها جارية في الإبراء. انتهى.

ومقتضى هذا أن الراجح صحة الإبراء في المتيقن، لأن المرجح في الشهر الأول أنه لا يصح، ثم ذكر ما يخالفه في الصداق في أوائل الباب الثالث في التفويض، فإنه رجح الصحة في الثلاث على تفريق الصفقة، والراجح التفريق فيكون الأصح فيها الصحة، وسأذكر لفظه في موضعه إن شاء الله تعالى، ولا ذكر للمسألة في "الشرح الصغير".

قوله: فرع: يصح ضمان الزكاة على من هي عليه على الصحيح، وقيل: لا، لأنها حق لله تعالى، فعلى الصحيح يعتبر الإذن عند الأذى على الأصح. انتهى.

وصورة المسألة في الضمان عن الحي، أنها عن الميت فيجوز أداء الزكوات والكفارات عنه على الأصح المنصوص، وإن انتفى الإذن كما ذكره في كتاب الوصية، ولا فرق هناك بين أن يسبقه ضمان أم لا.

ص: 497

واعلم أن الزكاة إن كانت في الذمة فواضح، وإن كانت في العين فتظهر صحتها أيضًا كما أطلقوه في العين المغصوبة.

قوله: وإذا تلفت العين التي تكفل بردها، وقلنا بوجوب قيمتها، فهل يجب اقتضاء قيمتها إن كانت مغصوبة، أم قيمة يوم التلف، لأن الكفيل لم يكن متعديًا؟ فيه وجهان. انتهى.

قال في "الروضة": الثاني أقوى، ولم يتعرض للمسألة في "الشرح الصغير" ولا في "المحرر".

قوله: ومنها الميت قد يستحق إحضاره ليقيم الشهود الشهادة على صورته إذا تحملوها كذلك، ولم يعرفوا اسمه ونسبه إذا كان كذلك صحت الكفالة ببدنه. انتهى كلامه.

وما ذكره من صحة الكفالة ببدن الميت، قد صرح به أيضًا بعد ذلك في الكلام على ما إذا مات المكفول به، لكنهم قد ذكروا أن شرط صحة الكفالة إذن المكفول به، أو من يقوم مقامه كولى الصبي والمجنون، وقياسه اشتراط إذن الوارث في مسألتنا، وقد أبداه في "المطلب" بحثًا، فقال: الظاهر اشتراطه، وسكت عن من يعتبر إذنه، والظاهر أنه جميع الورثة.

قوله: ومنها قال الإمام: لو تكفل رجل ببغداد رجلًا بالبصرة، فالكفالة باطلة، لأن من بالبصرة لا يلزمه الحضور بغداد في الخصومات، والكفيل فرع المكفول بدنه، فإذا لم يجب عليه الحضور لا يمكن إيجاب الاحضار على الكفيل. انتهى كلامه.

وهذا الذي قاله الإمام إنما هو تفريع على أن المكفول ببدنه لا يلزمه إحضاره من مسافة القصر، والصحيح خلافه، فيكون الصحيح في مسألتنا خلاف ما قاله الإمام، كذا نبه عليه الرافعي بعد هذا بنحو ورقتين فاعلمه.

ص: 498

وقد نقله في "الروضة" إلي هذا الموضع.

قوله: لو مات المكفول به، لم يطالب الكفيل بمال في أصح الوجهين، فإن قلنا: يطالب، فهل يطالب بالدين أو الأقل من الدين ودية المكفول به؟ فيه وجهان بناء على القولين في أن السيد يفدى الجاني بالأرش، أم بأقل الأمرين من الأرش وقيمة العبد؟ انتهى.

قال في "الروضة": المختار المطالبة بالدين، فإن الدية غير مستحقة بخلاف قيمة العبد.

قوله من "زياداته": ولو مات المكفول له بقى الحق لوارثه، فإن كان له غرماء وورثه وأوصي إلى زيد بإخراج ثلثه، لم يبرأ الكفيل إلا بالتسليم إلى الورثة والغرماء والموصى فلو سلم إلى الورثة والغرماء والموصى لهم دون الموصى، ففي براءته وجهان حكاهما ابن سريج والله أعلم.

وما ذكره هاهنا في البراءة من الدين عند اجتماع المذكورين قد ذكره في آخر كتاب الكتابة مبسوطًا، ومخالفًا أيضًا للمذكور هنا.

قوله: ولو قال: دين فلان إلى، ففي كونه صريحًا وجهان.

قال في "الروضة": أقواهما: عدم الصراحة، ولم يذكرها في "المحرر" ولا في "الشرح الصغير".

قوله: ضمن عن رجل ألفًا، وشرط للمضمون له أن يعطيه كل شهر درهمًا ولا يحبسه من الضمان، فالشرط باطل وفي بطلان الضمان وجهان. انتهى.

والأصح البطلان، كذا صححه في "الروضة".

قوله: ولو ضمن دينا أو كفل ببدن إنسان، ثم ادعى أنه كفل ولا حق عن المضمون عنه أو المكفول ببدنه، فالقول قول المكفول له، لأن الضمان والكفالة لا تكون إلا بعد ثبوت الحق. انتهى كلامه.

ص: 499

وليس المراد بالثبوت هنا هو الثبوت عند الحكم ولا الشهادة عليه بذلك ولا اعترافه به، فإن الثبوت بهذا المعنى لا يشترط على الصحيح كما سبق في أوائل الكلام على الكفالة، بل المراد هو التحقيق والوجوب عليه، سواء كان معترفًا به أم لا، ويدل عليه أن صورة المسألة التي ذكر فيها هذا التعليل أن يدعي أنه كفله ولا حق عليه، والكفالة في هذه الصورة لا تصح بلا خلاف إذا وافقه المكفول له على ذلك، ولهذا لم يذكر في "الروضة" هذا التعليل، بل اقتصر علي صورة المسألة.

ص: 500