الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال رحمه الله:
الحكم الثالث: حبسه
قوله: روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: ليّ الواجد يحل، عقوبته وعرضه. انتهى.
اللي بفتح اللام وبالياء المشددة هو المطل.
والواجد بالجيم هو القادر.
ويحل بضم الياء.
ومعناه أن المطل من القادر يبيح العرض كقوله: يا ظالم يا مماطل.
وكذلك العقوبة وهي الحبس وغيره من التعزيرات.
واعلم أن الذي وقعت الإجارة على عينه لا يحبس في الديون، بل يقدم حق المستأجر كما تقدم حق المرتهن، لاسيما والعمل مستحق في الإجارة بعينه، والحبس ليس مستحقًا في نفسه، وإنما هو وسيلة إلى الحق، كذا قاله الغزالي في "فتاويه".
وقياسه ألا يحضر أيضًا مجلس القاضي إذا طلب.
وحكى شريح الروياني في إذن القضاء وجهين في تقييد المحبوس إذا كان لجوجًا صبورًا على الحبس.
قوله: وإن ادعى المديون أنه معسر لا شيء له، أو قسم مال المحجور على الغرماء ونفي بعض الديون فزعم، أنه لا يملك شيئًا آخر، وكان الدين قد لزم لا في معاملة، قال فثلاثة أوجه:
أصحها: أنه يقبل قوله.
والثاني: يحتاج إلى التنبيه، لأن الظاهر من حال الحر أنه يملك شيئًا قل
أو كثر. . . . إلى آخره.
وهذا التعليل المذكور للمسألتين لا يستقيم بالنسبة إلى المسألة الثانية، لأنه قد وجد له مال وقسم وقبضه الظاهر الذي قاله قد علمنا به.
وهذا الاعتراض حكى، وقد نبه عليه ابن الرفعة في "الكفاية".
قوله في شهود الإعسار: ويعتبر مع ذلك كونهم من أهل الخبرة الباطنة، ثم إن عرف القاضي أنهم بهذه الصفة فذاك، وإلا فله اعتماد قولهم أنا بهذه الصفة، ذكره في "النهاية". انتهى.
ذكر مثله في "الشرح الصغير"، وتابعه عليه في "الروضة" وفيه أمران:
أحدهما: أن الإمام قد صرح بنقل ذلك عن الأئمة، فقال: إن علم أن المشهور من أهل الخبرة الباطنة في الإعسار ونظائره .. إلى آخر ما قاله الرافعي.
ثم قال في آخره: وإن أطلق الشهادة على الإعسار، ولم يتبين القاضي من جهة بحثه ولا من جهة ذكر الشاهد أنه من أهل الخبرة، فيتوقف لا محالة. هكذا ذكر الأئمة. هذا لفظ الإمام.
الأمر الثاني: أن كلام "النهاية" مستفاد منه جريان هذا التفصيل بعينه في شهود التزكية.
ولما تكلم الرافعي على المسألة في كتاب القضاء في فصل القضاء على الغائب، لم يذكر هذا التفصيل المذكور هنا، بل نقل عن "الوسيط" أن للقاضي يجب أن يعرف ذلك، ولم يزد عليه.
ثم قال: وإذا علم من عدالته أنه لا يزكى إلا بعد الخبرة فيعتمده، هذا كلامه هناك.
وينبغي جريان هذا التفصيل الأخير في المفلس.
قوله: وأما الصيغة فهى أن يقولوا: هو معسر لا يملك إلا قوت يومه، وثوب بدنه. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أنه ينبغي أن يضيف إلى هذا ما يصرفه لسكنى اليوم، فإنه يستثنى أيضًا كما نقلناه قبل هذا الموضع بنحو ورقة عن الرافعي.
الأمر الثاني: أنه إذا كان مالكًا لما لا يتأتى مصرفه إلى الدين كالمغصوب والغائب، فإن وجوده كعدمه، ولهذا جوزوا له أخذ الزكاة.
وحينئذ فيسمع منه إقامة البينة على الإعسار، فلا تتأتى إقامتها بالصيغة المذكورة هنا لأنه مالك، بل يتعين التعبير بالقدرة والوصول ونحوهما، فالغالب أن الشخص لا يعيش طول عمره من غير ظلامة تتعلق به، فينبغي التعبير بما قلناه.
قوله: وحيث قبلنا قوله بيمينه فيقبل في الحال، كما لو أقام البينة تسمع في الحال.
قال الإمام: ويحتمل أن يقال: يتأني القاضي ويبحث عن باطن حاله، ولا يقنع بقوله بخلاف ما إذا أقام البينة. انتهى.
تابعه في "الروضة" على نقل ذلك احتمالًا له فقط، وهو يوهم أن الراجح عنده خلافه، أو أنه لم يرجح شيئًا، وليس كذلك، فقد قال الإمام: لست أرى قبول ذلك ويظهر عندي تأني القاضي في إطلاقه مع البحث الممكن من أحواله.
[قوله: وفي حبس الوالد بدين الولد وجهان، أصحهما عند الغزالي: بحبس](1) وأصحهما في "التهذيب" وغيره: لا يحبس، ولا فرق بين
(1) سقط من أ.
دين النفقة وغيرهما. انتهى ملخصًا.
تابعه عليه في "الروضة"، وهو يشعر برجحان عدم الحبس، والأمر كذلك فاعلمه، فقد صححه الرافعي في كتاب الشهادات [وعبر بالأصح، وتابعه على تصحيحه في "الروضة"، وحكى هناك](1) وجهًا ثالثًا أنه يحبس في دين النفقة دون غيرها.
واختار صاحب "الحاوي الصغير" أنه يحبس.
(1) سقط من أ.