الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث في الاختلاف
قوله: ولو وكله في شراء جارية فاشتراها الوكيل بعشرين وزعم أن الموكل أذن فيه، وقال الموكل: ما أذنت إلا في الشراء بعشرة، نظر إن وقع الشراء بالعين، ولم يذكره في العقد، وقال بعده: إنِي اشتريت له وصدقه البائع فالعقد باطل. انتهى.
تابعه في "الروضة" على البطلان إذا صدقه أن الشراء وقع للغير مع أنه لابد من شرط أخر. ذكره في "المحرر" و"المنهاج" وهو الاعتراف بأن المال الذي اشتراه به لغيره، لأنه لو قال لغيره: اشترِ لي كذا بدراهمك فاشتراه له، ولم يصرح باسم الوكيل، بل نواه فإنه يقع لنفسه كما ذكره الرافعي في كتاب البيع في الكلام علي بيع الفضولي.
فإذا كان كذلك فلا يلزم من اتفاقهما على أن الشراء للغير أن يبطل العقد، بل لابد مع ذلك من الاتفاق على كون المال لغيره.
قوله: وإن كذبه البائع وقال: إنما اشتريته لنفسك والمال لك، حلف على نفي العلم بالوكالة. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أنه كيف يستقيم الحلف على نفي العلم، مع أن الحلف يكون على نفي الجواز، وهو لم يجب بنفي العلم بل أجاب بالبت.
الثاني: كيف يصح الاقتصار في التحقيق على نفي العلم بالوكالة مع أنه لو أنكر الوكالة، ولكن اعترف بأن المال لغيره كان كافيًا في إبطال البيع، فينبغي أن يحلف على نفي العلم بهما جميعًا كما يجب بهما
جميعًا، بل يكفي التحليف على المال لما ذكرناه فتأمله.
قوله: وإن كان الشراء في الذمة، نظر إن لم يسم الموكل بل نواه كانت الجارية للوكيل والشراء له ظاهر، وإن سماه فإن صدقه البائع بطل الشراء لاتفاقهما على أنه للغير، وإن كذبه وقال: أنت مبطل في تسميته، فهل يكون كما لو اقتصر على النية أم يبطل الشراء؟ وجهان: أصحهما: صحته ووقوعه للوكيل. انتهى.
وما ذكره هاهنا من بطلان الشراء لأجل اتفاقهما على أنه للغير، وقد سبق منه في أواخر الباب الذي قبله ما يخالف فإنه قال: وأما الشراء المخالف لأمر الموكل فإن وقع بعين مال الموكل فباطل، وإن وقع في الذمة نظر إن لم يسم الموكل وقع عن الوكيل، وكذا إن سماه على أصح الوجهين، وبلغوا التسمية لأن تسمية الموكل غير معتبرة في الشراء، فإذا سماه ولم يكن صرفه إليه صار كأنه لم يسميه.
والثاني: العقد باطل. هذا ملخص ما ذكره قبله.
قوله: فإن قبلنا قول الموكل بيمينه، فإن كان الوكيل صادقًا فالجارية للموكل، وللوكيل عليه الثمن، فهو كمن له على رجل دين فظفر بغير جنس حقه من ماله فيبيعه.
ثم قال ما نصه: وهل يباشر البيع بنفسه أم يرفع الأمر إلى القاضي حتي يبيعه؟ فيه وجهان:
الأصح هاهنا: أن له بيعها بنفسه، لأن القاضي لا يجيبه إلى البيع لأن المظفور بماله في سائر الصور يدعي المال لنفسه، وتسلط غيره عليه قد يستبعد، وهاهنا الموكل لا يدعي المال لنفسه. انتهى كلامه.
ذكر نحوه في "الشرح الصغير" أيضًا، وكذلك النووي في "الروضة" ومقتضاه أن الظافر بغير جنس حقه في باقي الصور لا يستقل ببيعه على
الصحيح، لكن في التحالف: أنه يستقل على الأصح.
قوله في "الروضة": فرع: دعوى الوكيل تلف المال مقبولة بيمينه قطعًا، وكذا دعواه الرد إن كان بلا جعل، وإن كان يجعل على الأصح، وقد ذكرناه في كتاب الرهن. انتهى كلامه.
وما تلخص منه في الوكيل بالجعل من عدم الخلاف عند التلف هو ما يقتضيه كلام الرافعي أيضًا، وليس كذلك.
فقد حكى عن أبي علي الطبري أن فيه الخلاف في الرد.
وحكاه أيضًا الماوردي في كتاب الإجارة، لكن في نفس الموكل فيه كالعين التي يبيعها دون مقابله كالثمن.
وإن اختلفا في قبض الثمن فقال الوكيل: قبضته وتلف في يدي أو دفعته إليك وأنكر الموكل، فالأظهر أنهما إن اختلفا قبل تسليم المبيع فالقول قول الموكل، وإن كان بعده فالقول قول الوكيل.
ثم قال: وإذا صدقنا الوكيل فحلف ففي براءة ذمة المشتري وجهان: أصحهما عند الإمام: نعم لقبولنا قوله.
[قوله](1): وأصحهما عند البغوي: لا، لأن الأصل عدم الأداء وإنما قبلنا من الوكيل في حقه لائتمانه. انتهى.
ذكر في "الروضة" مثله أيضًا، وما صححه الإمام قد سبقه إلى تصحيحه القاضي حسين.
قوله في المسألة: فإن قلنا بالبراءة فوجد به عيبًا رده على من شاء منهما وغرمه الثمن، ولا يرجع أحدهما على الآخر.
ثم قال: ولو خرج المبيع مستحقًا، قال في "التهذيب": يرجع المشتري
(1) سقط من جـ.
بالثمن على الوكيل لأنه دفعه إليه، ولا رجوع له على [الموكل لما مر انتهى.
وأشار الرافعى بقوله ولا رجوع له -أى للوكيل-] (1)، وهو صحيح.
وأما ما نقله عن صاحب "التهذيب" وأقره عليه من اختصاص رجوع المشتري بالثمن في هذه الحالة على الوكيل، فقد قاله أيضًا القاضي حسين والمتولي، وجزم به في "الروضة" وليس الأمر كذلك فاعلمه.
فقد سبق في الكلام على العهدة أن للمشتري مطالبة الوكيل والموكل بالثمن عند خروج المبيع مستحقًا في أصح الأوجه والمذكور هنا هو أحد تلك الأوجه.
قوله: وإذا ادعى قيم اليتيم أو الوصي دفع المال إليه بعد البلوغ لم يقبل إلا ببينة على الصحيح. انتهى كلامه.
وهو يوهم أن الأب والجد يقبل قولهما، وليس كذلك، فقد جزم ابن الرفعة في "الكفاية" بأن حكمهما كذلك وكلام الشيخ في "التنبيه" كالصريح فيه.
قوله: ومن لا يقبل قوله في الرد كالغاصب إن كان عليه بينة بالأخذ فله أن يمتنع من الدفع إلا بالإشهاد، وإلا فوجهان:
أصحهما عند البغوي: له الامتناع.
والثاني: المنع لأنه يمكنه أن يقول: ليس عندي شيء ويحلف عليه، وهذا ما أورده العراقيون. انتهى.
عبر في "الروضة" بقوله: وبه قطع العراقيون، وليس التعبير بصحيح، فإن الماوردي من العراقيين، وقد جزم بالامتناع.
(1) سقط من جـ.
وحكى القاضي أبو الطيب وجهين، وكذلك ابن الصباغ، واختار -أي ابن الصباغ- التفصيل بين أن يؤدي إلى تأخير التسليم أم لا.
قوله: إذا كان عليه دين لزيد فقال رجل: أنا وارثه فصدقه وجب الدفع إليه على المنصوص. انتهى.
صورة المسألة أن يقول: هو وارثه لا وارث له غيره.
كذا صرح به في "الكفاية"، وهو يؤخذ من كلامهم في الدعاوى [قوله: وإن قال أنا وكيله بالقبض منك فأقبضنيه وصدقه في دعوى] (1) الوكالة، فله دفعه، فإن دفع فحضر زيد وأنكر الوكالة فالقول قوله ويطالب الدافع، وهل له مطالبة القابض نظر إن تلف المدفوع عنده فلا.
وكذا إن كان باقيًا على الأصح، لأن الآخذ فضولي بزعمه.
وقال أبو إسحاق والشيخ أبو حامد: له مطالبته لأنه في معنى وكيل بالدفع.
ثم قال: فإن لم يصدقه [فلا يكلف الدفع إليه، فإن دفع ثم حضر زيد وحلف على نفى الوكالة غرم الدافع وكان له أن يرجع على القابض دينًا كان أو عينًا لأنه لم يصرح بصدقه](2). انتهى كلامه.
وما اقتضاه كلامه من جواز الدفع عند التكذيب مسلم في الدين، لأن الذي يعطيه ملكه.
وأما في العين فلا، لأنه تصرف في ملك الغير، وأما ما نقله عن الشيخ أبي حامد من جواز المطالبة، فقد نقل عنه الماوردي عكسه.
قوله: وكل يقبض دين أو استرداد وديعة فقال المديون والمودع: دفعت، وصدقه الموكل، وأنكر الوكيل هل يغرم الدافع بترك الإشهاد؟ وجهان كما لو ترك الوكيل بقضاء الدين الإشهاد. انتهى.
والأصح منهما على ما قاله في "الروضة" أنه لا يغرم.
(1) سقط من جـ.
(2)
سقط من جـ.