الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: موالاة ومعاداة الطائفة النصيرية
إن هذه الطائفة تعتبر من أضل الفرق الباطنية، وأعظمها انحرافًا وشذوذًا وهي فرقة غير مسلمة كما سيتضح لك ذلك بالدليل والبرهان سواء في مجال اعتقادها أو في مجال أعمالها فهي تتظاهر باسم الإسلام مع أنها من أشد أعدائه عبر التاريخ، والنصيرية تدعي أنها علوية من شيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولذلك تسموا أخيرًا بهذا الاسم تعمية وتغطية على تاريخهم الأسود ولكنَّ كثيرًا من كتاب الشيعة، ينكرون ويتبرأون من الفرقة النصيرية ويصفونها بالكفر وعدم دخولها في الإسلام (1).
وسنتناول هذه الفرقة بالدراسة والنظر على النحو التالي:-
1 -
نشأتها.
2 -
عقيدتها.
3 -
تعاونها مع أعداء الإسلام.
(1) انظر كتاب العلويون أو النصيريون/ تأليف عبد الحسين بن مهدي العسكري ص24.
4 -
حكمها في الإسلام وعند علماء المسلمين.
5 -
حكم موالاتها ومناصرتها في الإسلام.
أ- نشأة الفرقة النصيرية:
تمتد جذور الفرقة النصيرية إلى (ميمون القداح الديصاني) وهو يهودي فارسي كان ذا ميول شعوبية ترمي إلى هدم الإسلام وإعادة النفوذ إلى الفرس وكان يشتغل بمهنة طب العيون واستخراج الماء منها وتحت هذا الغطاء استقر بالشام للدعوة إلى المذهب الذي عرف فيما بعد بالمذهب الإسماعيلي حيث تفرعت عنه الفرق الباطنية الأثيمة وقد خلفه بعد موته ابنه عبد الله الذي أقام بسلمية من قرى حماة في بلاد الشام، ثم خلفه ابنه أحمد حتى ظهور عبيد الله المهدي مؤسس الدولة الفاطمية ويذهب بعض المؤرخين إلى أن عبيد الله المهدي من نسل رجل يهودي كان يعمل حدادًا بسلمية ولما مات أبوه تزوجت أمه أحد الأثرياء العلويين فلما بلغ ادعى لنفسه نسبًا علويًا (1)، والنصيرية تنسب إلى (أبي شعيب محمد بن نصير النميري) عاش في القرن الثالث الهجري (ت – 270هـ) وعاصر ثلاثة من أئمة الشيعة الاثنى عشرية وهم – علي الهادي (214 – 254هـ) والحسن العسكري (230 – 260هـ) ومحمد المهدي (255هـ) وزعم ابن نصير أنه الباب الثاني إلى الإمام الحسن و (الحجة) من بعده، فتبعه طائفة من الشيعة سموا بـ (النصيرية) ولكن ابن نصير لم يكتف بذلك، وإنما ادعى النبوة والرسالة ونسب الأئمة إلى الألوهية (2). والنصيرية: هو الاسم الديني والتاريخي لهذه الفرقة، وقد قيل أن النصيرية تنسب إلى نصير غلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد استدل أصحاب هذا القول في الرد على
(1) انظر تاريخ الإسلام السياسي/ د: أحمد شلبي، ج3 ص192 - 196.
(2)
المصدر السابق في نفس المكان. وانظر العلويين أو النصيرية/ عبد الحسين بن المهدي العسكري ص7 - 9.
القول الأول بأن النصيرية معروفة من قبل القرن الثالث الهجري حيث إن أول من عرف من مؤلفيها هو المفضل الجُعفي المتوفى سنة (180هـ) وعلى هذا فتسمية هذه الطائفة بهذا الاسم راجع إلى اسم أحد هذين الشخصين وإن كان اشتهارها بهذا الاسم يُرجح بأنه عائد إلى (محمد بن نصير النميري) وذلك للأسباب التالية:-
1 -
إن المصادر التي ذكرت النسبة إلى (ابن نصير) لا تعني (نصيرًا) وإلا كانت ابن زائدة.
2 -
إن نصيرًا غلام علي بن أبي طالب هذا لم يعثر له ذكر في كتاب التراجم أو كتب التاريخ.
3 -
إن كتب الفرق القديمة لا تذكر طائفة باسم النصيرية، مما يدل على أن هذه الطائفة ليست من الطوائف الموغلة في القدم. ولكن الذي أميل إليه أن هذه الطائفة موجودة قبل أن تشتهر بالنصيرية حيث كانت تسمى قديمًا بالخطابية نسبة إلى أبي الخطاب المجوسي الذي يمت بصلة القربى لأحد الكهان اليهود في البصرة وذلك حوالي سنة (143هـ) ثم سميت بعد ذلك بالنميرية نسبة إلى محمد بن نصير النميري، وقد ذكر ابن طاهر البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق، فرقة النميرية مع فرقة أخرى هي الشريعية (1)، وذكر الشهرستاني النصيرية في كتابه "الملل والنحل" مع طائفة أخرى هي الإسحاقية (2)، والذي يظهر لي أن الناس صاروا يطلقون عليها اسمين في وقت واحد فمنهم من يسميها بالنميرية نسبة إلى النميري ومنهم من يسميها بالنصيرية نسبة إلى ابن نصير وكلا الاسمين لمسمى واحد واشتهرت بعد ذلك بالنصيرية، وإن كان هذا
(1) انظر الفرق بين الفرق/ عبد القاهر بن طاهر البغدادي ص255.
(2)
انظر الملل والنحل للشهرستاني حاشية الفصل في الملل والنحل/ ابن حزم ج2ص15 - 24. وانظر مجلة الاعتصام عدد (9) سنة (42) رمضان (1399) ص22 - 26.
الاسم هو في مراحل الطمس النهائية في وقتنا الحاضر ليحل محله المسمى الجديد (العلويون)(1).
والطائفة النصيرية طائفة قليلة تسكن الشمال وبعض أجزاء من غرب سوريا وهي لا تمثل سوى 8% من سكان البلاد، وللنصيرية أسماء محلية يعرفون بها في أماكن سكناهم مثل:"التختجية" و"الخطابون" في غرب الأناضول ويمكن أن يكون هؤلاء من بقايا الخطابية، فتكون الخطابية إما أصل فرقة النصيرية أو قسمًا منها وهناك تشابه كبير بين أصول عقيدة الخطابية وبين عقيدة النصيرية كما أن هناك تعاطفًا كبيرًا حتى يومنا الحاضر بين النصيرية بالشام و (الخطابون) أو (الحطابون) في تركيا (2). والنصيريون كما هي عادتهم يغيرون أسماء مذهبهم كلما تلطخ اسم من أسمائهم بجرائمهم التي لن ينساه التاريخ ويظنون أنهم بهذا التغيير يسدلون الستار على ما مضى من تاريخهم الأسود، وأنهم يواجهون الناس بالاسم الجديد بتاريخ ناصع جميل والدليل على ذلك أنه بعد الاحتلال الفرنسي لسوريا وضعت هذه الطائفة يديها بيد المستعمر، ووجد فيها الفرنسيون خير معين لهم نظرًا لما تنطوي عليه نفوس أهل هذه الطائفة من حقد دفين على الإسلام والمسلمين فأراد الفرنسيون بالتآمر مع هذه الطائفة أن يغيروا اسمها وأن يطلقوا عليها اسم (العلويين) لتأليههم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وذلك إمعان في الحقد من المستعمر الفرنسي الذي أراد أن يخدع أهل سوريا بأن هناك من المسلمين من يتعاون معه بإخلاص ووفاء وأراد المستعمر بهذه التسمية أن يخفف ويخفي آثار هذه الطائفة القذرة، وأن يخلص الطائفة النصيرية مما علق تاريخيًّا باسمها من ذم شنيع وكفر بواح
(1) انظر تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين/ تأليف فيليب حتي، ج2 ص143 - 144، وانظر الفتاوى/ لابن تيمية ج35 ص161.
وانظر الفرق بين الفرق/ عبد القاهر بن طاهر البغدادي ص255.
(2)
انظر تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين/ فيليب حتي ج2، ص143 - 144.
فأطلقوا عليهم اسم (العلويين) كي تفتح هذه التسمية لهم آفاقًا جديدة مع أعداء الإسلام وجهلة المسلمين وقد ارتاحوا لهذه التسمية حيث ستفتح لهم مجالاً أرحب في التقارب مع الشيعة، ولتلقى الدعم والتأييد منهم (1).
والنصيرية يدعون أنهم شيعة اثنا عشرية وأن ابن نصير كان (الباب) إلى الإمام الحادي عشر وارث علمه والمرجع للشيعة من بعده، وأن صفة المرجعية والبابية بقيت معه بعد غيبة الإمام الثاني عشر (2).
ولكن أحد كتاب الشيعة المعاصرين المدعو/ عبد الحسين بن مهدي العسكري/ يكفرهم ويتبرأ منهم (3). كما تبرأ منهم قدماء الشيعة حيث يقول عنهم سعد بن عبد الله القمي (ت301هـ) في كتابه المقالات والفرق ما نصه:
«وقد شذت فرقة من القائلين بإمامة علي بن محمد» في حياته فقالت بنبوة رجل يقال له (محمد بن نصير النميري) كان يدَّعي أنه نبي رسول وأن علي بن محمد العسكري أرسله وكان يقول بتناسخ الأرواح، ويغلو في أبي الحسن، ويقول فيه بالربوبية، ويدعو إلى إباحة نكاح ذوات المحارم ويحلل نكاح الرجال بعضهم لبعض (4). وقد ذم هذا المبدأ عامة علماء الشيعة ومؤرخوهم، ومن ذلك يتضح عدم صحة دعوى النصيرية بأنهم شيعة، أو أنهم داخلون تحت مسمى الفرق الإسلامية ويذكر الأشعري في كتابه مقالات الإسلاميين أن النصيرية مثل واضح للجماعة التي انتقلت من
(1) انظر العلويين والنصيرية عبد الحسين العسكري ص7 - 9 وانظر تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين/ تأليف فيليب حتي ج2، ص143 - ص144.
(2)
انظر تاريخ العلويين/ تأليف النصيري/ محمد أمين الطويل ص202.
(3)
انظر العلويون أو النصيرية/ عبد الحسين بن مهدي العسكري ص25.
(4)
انظر المقالات والفرق سعد بن عبد الله القمي. ص100 - 101.
وانظر فرق الشيعية/ تأليف الحسن بن موسى النوبختي ص41، 78.
وانظر الفرق بين الفرق/ عبد القاهر بن طاهر البغدادي ص252.
الوثنية إلى دعوة التشنيع بلا علم ولا فهم، حيث يتحدث أهل السنة الذين يجاورون النصيرية أن النصيرية لا تزال تمارس بعض الطقوس النصرانية كالاحتفال بالأعياد النصرانية مثل عيد الميلاد، وعيد الفصح، ويعتبرونها من الأعياد الكبرى، كما أن بعضهم يحمل أسماء نصرانية مثل، متى ويوحنا وهيلانة، بالإضافة إلى المبادئ التي اقتبستها النصيرية من النصرانية، فإن عقيدة الطائفة النصيرية تحتفظ بقسط من الأسرار كما هو الشأن عند النصارى، وكما أن النصارى يرمزون إلى عقيدتهم بثلاثة هي:«الله - الابن- روح القدس» وكذل كالنصيرية يرمزون إلى عقيدتهم بثلاث حروف هي (ع، م، س) حيث يقولون أن الله حل في ثلاثة هم علي، ومحمد، وسلمان الفارسي (1).
وصلتهم بالمجوسي لم تنقطع، فهم يحتفلون بعيد النيروز وهو عيد فارسي يحتفل به في أول الربيع ويزعم بعضهم أنه اليوم الذي خلق فيه النور، وهو أشبه بالعشاء الرباني عند النصارى والنصيرية يحتفلون به باعتباره من أعيادهم المقدسة وأعيادهم تبلغ عشرة أعياد خلال السنة الواحدة (2).
وقد بقيت هذه الفئة الخبيثة محتفظة بحقدها وعدائها للإسلام والمسلمين حتى يومنا الحاضر فهي كالأمراض الخبيثة عندما تجد مقاومة ومضادات حيوية تقبع داخل الجسم وعندما تحين الفرصة لها تخرج إلى السطح، وكان من متأخري دعاتها وقادتها سلمان بن مرشد بن يونس: علوي متأله من النصيرية من قرية (جوبه برغال شرقي اللاذقية بسوريا تلقب بالرب – وقد بدأت حركته سنة 1920م وسجن سنة (1923م) ونفي
(1) انظر مقالات الإسلاميين للأشعري ج1، ص102، 105. وانظر تاريخ الإسلام السياسي. د/ حسن إبراهيم ج4، ص265 - 267.
(2)
انظر صبح الأعشى ج2 ص409 وانظر مجموع الأعياد والدلالات في الأخبار المبهرات لميمون بن القاسم الطبراني المشهور (بأبي سعيد) حدث به في طرابلس سنة (398هـ).
إلى الرقة حتى سنة (1925م) وعاد من منفاه فتزعم طائفة النصيرية في تأليه علي بن أبي طالب والقول بالحلول، وكانت الثورة أيام عودته قائمة على الفرنسيين وانتهت بتأليف حكومة وطنية لها شيء من الاستقلال الداخلي فتآمر معه الفرنسيون واستخدموه كعميل من الدرجة الأولى وجعلوا للبلاد النصيرية نظامًا خاصًا فقويت شوكته وشوكة أتباعه، وتلقب برئيس الشعب العلوي الحيدري الغساني، وقد عين سنة (1938م) قضاة وفدائيين وفرض الضرائب على المدن والقرى التابعة له، وأصدر قرارًا جاء فيه: نظرًا للتعديات من الحكومة الوطنية والشعب السني فقد شكلت لدفع هذا الاعتداء جيشًا لحماية الشعب العلوي، وقد جعل لمن أسماهم الفدائيين ألبسة عسكرية خاصة بهم، وكان يزور دمشق نائبًا عن العلويين في المجلس النيابي السوري فلما تحررت سوريا اسميًا، وجلا عنها الفرنسيون ترك المستعمر سلاحه وقوته في يد هذا العميل الخائن، مما أغراه بالعصيان والتمرد، فجردت حكومة سوريا في ذلك الوقت قوة كبيرة بمساعي المرحوم عادل العظمة، فتكت بهذا المتأله وببعض أتباعه واعتقلته مع آخرين من جنده ثم قتل شنقًا في دمشق سنة (1366هـ - 1946م)(1).
ولأمين حداد كتاب في سيرته سماه (مدعي الألوهية في القرن العشرين) ومنذ عام (1949م) أي منذ انقلاب حسني الزعيم الذي دبرته المخابرات الأمريكية والخطر النصيري يتزايد ويتعاظم مستترًا خلف أقنعة خفية، فقام النصيري "زكي الأرسوزي" والنصراني الصليبي اليوناني "ميشيل عفلق" وكلا الرجلين من ألد أعداء الإسلام، وقد جعلا من حزب البعث مباءة لتجميع أبناء الأقليات غير الإسلامية، والتي تبطن أحقادًا ضد الإسلام والمسلمين مثل – النصيرين، والنصارى، والدروز، والإسماعيلية (2). أما أهل
(1) انظر الأعلام للزركلي ج3 ص170.
(2)
الإخوان المسلمون والمؤامرة على سوريا/ تأليف جابر رزق ص25 - 111.
السنة، فلم ينتم منهم إلى هذا الحزب إلا قلة ضعيفة غافلة ساذجة ممسوخة أمثال أمين الحافظ وصلاح البيطار وقد تخلص النصيريون منهم فيما بعد.
ب- عقيدة الطائفة النصيرية:
يعتقد غلاة الطائفة النصيرية وخاصتهم أن عليًا هو الإله، ولذلك أطلق عليهم اسم العلويين منذ الانتداب الفرنسي (1). وهم يزعمون أن الله حل في علي وأن عليًا كان موجودًا قبل خلق السموات والأرض، وقد قال ابن نصير بربوبية أبي الحسن العسكري، وزعم لنفسه أنه نبي ورسول بعثه أبو الحسن، وقد اعتقد أتباعه من بعده أن الله حل فيه كذلك (2).
والنصيرية من أِشد الفرق إيغالاً في التأويلات الباطنية من سائر فرق الغلاة، فقد كان ابن نصير يقول «بإباحة المحارم ويحلل نكاح الرجال بعضهم لبعض، ويزعم أن ذلك من التواضع والتذلل، من المفعول به والفاعل، وأن ذلك إحدى الشهوات والطيبات، وأن الله لم يحرم شيئًا من ذلك (3). ومن أجل ذلك اتفقت الشيعة الاثنا عشرية مع أهل السنة في عدم اعتبار النصيرية من الفرق الإسلامية، ويعتبرونها خارجة عن الإسلام ويصفونها بالزندقة والكفر، لأن عقيدتها واعتقادها يدل على ذلك، وعليه فإن النصيرية وإن نسبوا إلى الفرق الإسلامية وانتسبوا إليها، لا يعدون من المسلمين، ولا يعاملون معاملة المسلمين» (4).
(1) انظر مقالات الإسلاميين للأشعري ج1 ص102، 105. وانظر تاريخ الإسلام السياسي. د/ حسن إبراهيم ج4 ص265 - 267.
(2)
انظر الفصل في الملل والأهواء والنحل/ حاشية الشهرستاني ج2، ص24. وانظر تاريخ الإسلام السياسي د/ حسن إبراهيم ج4 ص265 – 267. وانظر مقالات الإسلاميين للأشعري ج1 ص82. وانظر اعتقادات فرق المسلمين والمشركين فخر الدين الرازي ص82.
(3)
انظر المقالات والفرق تأليف/ سعد بن عبد الله القمي ص100.
(4)
انظر العلويين أو النصيرية/ عبد الحسين مهدي العسكري ص7 - 9.
وانظر الفتاوى/ لابن تيمية ج35 ص161 - 162.
وقد ذكر الدكتور/ منير موسى مشابك – وهو شيوعي من نصارى الشام – في رسالته الجامعية أن النصيرية في الأصل كانوا نصارى، وقد دخلوا في الإسلام اسمًا لا حقيقة، وقد أكد ذلك بعض الباحثين، ويقوي هذا الرأي أن النصيرية لا يزالون يحتفظون ببعض التقاليد والطقوس والاعتقادات النصرانية (1).
ويذكر حمزة بن علي (ت 422هـ) وهو من أشهر أئمة الدروز في رسالة له سماها (الدامغة في الرد على الفاسق النصيري)(2). ما يلي: أنه ورد إلى كتاب ألفه أحد النصيرية الكافرين المشركين
…
سماه كتاب (الحقائق وكشف المحجوب) فمن قبل كتابه عبد إبليس واعتقد التناسخ وحلل الفروج واستحل الكذب والبهتان (3). فكتب هذه الرسالة ردًا على ما ألفه هذا الفاسق النصيري (4). الذي يقول: بأن جميع ما حُرَّم من القتل والسرقة والكذب والبهتان والزنا واللياطة فهو مطلق للعارف والعارفة (5). ومما قاله في كتابه بأنه يجب على المؤمنة أن لا تمنع فرجها أخاها، وأن تبذله له مباحًا حيث يشاء، وإن المجامعة الظاهرة تزيد في الدين، وأن الدين لا يتم إلا بهذا (6). ومما قاله أن المشركين هم النواصب الذين يشركون بين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي (7)، ثم يروي حمزة بن علي عن هذا النصيري أنه عدَّ إبليس وهامان والشيطان، هم – أبو بكر التيمي، وعمر العدوي، وعثمان الأموي (8). وهذا يوضح لنا بجلاء عقيدة النصيرية في صحابة رسول
(1) انظر تاريخ الإسلام السياسي. د/ حسن إبراهيم ج4 ص265 - 267.
(2)
انظر هذه الرسالة في مجموعة رسائل الدروز مخطوطة بجامعة الرياض قسم المخطوطات. برقم (982) تأليف/ حمد بن علي الدرزي الرسالة الأولى.
(3)
المصدر السابق الورقة الأولى ص2.
(4)
المصدر السابق الورقة الثانية ص3.
(5)
المصدر السابق الورقة الثالثة ص6.
(6)
المصدر السابق الورقة الرابعة والخامسة ص8 - 9.
(7)
المصدر السابق الورقة الحادية عشرة ص22.
(8)
انظر هذه الرسالة في مجموعة رسائل الدروز مخطوطة بجامعة الرياض قسم المخطوطات برقم (982) تأليف/حمد بن علي الدرزي الرسالة الأولى – الورقة الثالثة عشرة ص26. وانظر الفتاوى/ ابن تيمية ج35 ص161 - 162.
الله صلى الله عليه وسلم. وقد بذلت الإرساليات النصرانية جهودًا مضنية في سبيل الحصول على معرفة أسرار العقيدة النصيرية، والوقوف على تعاليمها، وقد أفلح أحد المستشرقين الأمريكيين، في إقناع أحد أبناء شيوخ الطائفة النصيرية ويدعى (سليمان الأطنه وى) (1) بالكشف عن أسرار ديانة الفرقة النصيرية فألف كتابًا سماه "الباكورة السليمانية". فقام الأمريكيون بطبعه في بيروت سنة (1863م) وأهم ما جاء في الكتاب مما يتعلق بعقائدهم ما يلي (2):
1 -
أن النصيرية علويون يعتقدون بألوهية الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهم قسمان:-
الشمالية منهم يقولون: إنه حال في القمر، وهم الذين يسكنون الساحل في لواء اللاذقية، والكلازية وهم الذين يسكنون الجبال إلى أنه حال في الشمس ولذلك فالنصيرية عمومًا يقدسون الشمس والقمر وسائر النجوم ومن السّمات المميزة بين الشمالية والكلازية أن الشمالية يعفون اللحى بخلاف الكلازية فإنهم يحلقونها.
2 -
يعتقد النصيرية بتناسخ الأرواح، فالأرواح الصالحة عندهم تحل في النجوم ولهذا يسمون عليًا (أمير النحل) أي أمير النجوم، والأرواح
(1) هو سليمان الأطنه وي، وفي بعض المصادر (سليمان الأدنى) الأنطاكي من علماء النصيرية ولد في أنطاكية سنة (1250هـ - 1834م) وألف الباكورة السليمانية، وكان يقيم في جنوب تركيا ثم أرسل إليه بعض قراباته في سوريا رسائل استعطاف واستلطاف كي يزورهم، وعندما استجاب لهم وزارهم، قاموا بإحراقه بالنار جزاء ما أفشى من أسرارهم، وأظهر من خيانتهم.
انظر معجم المؤلفين/ عمر رضا كحاله ج4 ص256.
وانظر معجم المطبوعات، سركيس ص1041.
(2)
انظر دائرة المعارف القرن العشرين ج10 ص249 - 250.
وانظر العقيدة والشريعة ص220 - 223 تأليف/ أجناس جولد تسيهر.
وانظر تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين د/ فيليب حتى ج2 ص220، 221. ترجمة د/ كمال اليازجي.
الشريرة تحل في أجسام الحيوانات التي هي في نظرهم نجسة كالخنازير، والقرود وبنات آوى.
3 -
إن كلمة السر عندهم ثلاثة أحرف وهي: ع، م، س، أي علي، محمد، سلمان.
4 -
إن للنصيرية كتابًا مقدسًا يعتمدونه ويرجعون إليه وهو غير القرآن الكريم ولا يحتل القرآن عندهم إلا مكانًا ثانويًا.
5 -
يتضح من ذلك الكتاب أن العقيدة النصيرية غير متجانسة، فهي وثنية قديمة، ورواسب من تعليم النصرانية، وآراء مغلفة بغشاء من تعاليم ومذاهب غلاة الشيعة واعتقاداتهم الباطلة.
ومن كتبهم المعتبرة – كتاب تعليم الديانة النصيرية، وهذا الكتاب يوجد منه مخطوطة في المكتبة الأهلية بباريس برقم (6182) وقد حلله بالألمانية القس الدكتور/ فولف ( WOLF) من روتفيل ROTIWELL في ألمانيا بمقال في ( ZDMG) جـ3 سنة (1849م) ص302 - ص309 وهو على طريقة السؤال والجواب ويتألف من (101) سؤال وجواب ونحن نورد نماذج من هذه الأسئلة والأجوبة ليتبين لكل ذي عينين كفر هؤلاء وخروجهم عن الإسلام.
س1 من الذي خلقنا.
ج علي بن أبي طالب: أمير المؤمنين.
س3 من الذي دعانا إلى معرفة ربنا؟
ج محمد كما قال هو في خطبته التي ختمها بقوله: (أنه - أي علي - ربي وربكم).
س 76 ما "القداس"؟
ج تقديس الخمر التي تشرب على صحة النقباء أو النجباء.
س79 ما سر الله الأعظم؟
ج هو سر الجسد والدم، الذي قال عنه يسوع:(هذا جسدي وهذا دمي فكلوا منهما تظفروا بالحياة الدائمة).
س100 ما هي أسماء أشخاص الصلاة، وساعتها المفروضة؟
ج أول وقعت للصلاة المفروضة هو الظهر، وصلاة الظهر تتألف من (8) ركعات والوقت الثاني هو العصر، ويتألف من أربع ركعات والوقت الثالث صلاة المغرب وتتألف من خمس ركعات والرابعة صلاة العشاء وتتألف من أربع ركعات والخامسة صلاة الفجر وتتألف من ركعتين.
فانظر كيف غيروا عدد الركعات في صلاة الظهر والمغرب فالظهر زادوها من أربع إلى ثمان ركعات والمغرب من ثلاث إلى خمس والزيادة في الدين كالنقصان منه، وهذه نماذج من كفر هؤلاء وتبديلهم في شعائر الإسلام (1).
والنصيرية لم تتورع عن القول: «إن علم الباطن مختص بالعلويين وأن الأحكام الإسلامية لم تكن ظاهرة كما يظن البعض» (2).
وللنصيرية قسم يقسمون على كتمان دينهم ومشائخهم، وعلى أن لا ينصح أحد منهم لمسلم ولا غيره إلا من كان على مذهبه وعندهم أن النصيري لا يصير نصيريًا مؤمنًا يجالسونه ويشربون معه الخمر ويطلعونه على أسرارهم ويزوجونه من نسائهم حتى يقسم بهذا القسم: (إني وحق العلي الأعلى، وما اعتقده في المظهر الأسنى، وحق النور وما نشأ منه، والسحاب
(1) انظر مذاهب الإسلاميين للأشعري ج2 ص474 - 487 د/ عبد الرحمن بدوي، وانظر العلويون أو النصيرية ص82 - 96 تأليف عبد الحسين مهدي العسكري.
(2)
انظر تاريخ العلويين/ تأليف/ محمد أمين غالب الطويل وهو علوي نصيري من المحدثين ص196 - 199 وانظر ص481.
وساكنه، وإلا برئت من مولاي (علي) العلي العظيم، وولائي له، ومظاهر الحق، وكشفت حجاب سلمان بغير إذنه، وبرئت من دعوة الحجة (ابن نصير) وخضت مع الخائضين في لعن ابن ملجم، وكفرت بالخطاب – (أي الديانة والدعوة) – وأذعت السر المصون وأنكرت دعوى أهل الحق وإلا قلعت أصل شجرة العنب من الأرض بيدي حتى أجثت أصولها، وأمنع سبيلها، وكنت مع قابيل وهابيل ومع النمروذ على إبراهيم، وهكذا مع كل فرعون قام على صاحبه إلى أن ألقى العلي العظيم، وهو علي ساخط، وأبرأ من قول قنبر وأقول أنه بالنار ما تطهر (1).
وهذا القسم إذا حللناه وجدناه كما يلي:-
1 -
أن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه يلقب بلقب العلي العظيم وهما من أسماء الله تعالى.
2 -
أن سلمان الفارسي هو صاحب الحجاب أي الباب الذي يفضي إلى العلم والحكمة وأسرار الباطن وباطن الأسرار.
ج- تعاون النصيريين مع أعداء الإسلام:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «إن النصيريين كانوا دائمًا مع أعداء الإسلام على المسلمين، فهم مع النصارى على المسلمين، فقد ساعدوا الصليبيين ضد المسلمين، وكانوا مع التتار ضد المسلمين، فقد كان ابن العلقمي وزيرًا لهولاكو خان التتري، وكان نصير الدين الطوسي أيضًا من خاصته، وهو من غلاة الرافضة الموالين للنصيرية» (2) اهـ.
ويقول الشيخ محمد أبو زهرة: «إن النصيرية من الطوائف التي
(1) العلويون أو النصيرية/ تأليف عبد الحسين مهدي العسكري ص3.
(2)
انظر الفتاوى لابن تيمية ج35 ص152 وانظر البداية والنهاية لابن كثير ج13 ص201.
انخلعت من الإسلام، وقد كانوا أثناء الهجمة الصليبية على العالم الإسلامي خير معين للصليبيين على المسلمين، وعندما استولى الصليبيون على بعض البلاد الإسلامية قربوهم، وأدنوهم وجعلوا لهم مكانًا مرموقًا عندهم، وكانوا موالين للتتار ضد المسلمين أثناء غزو التتار لبلاد الشام» (1). اهـ.
وفي سنة سبع عشرة وسبعمائة من الهجرة خرجت الفرقة النصيرية عن الطاعة للولاة المسلمين بزعامة رجل منهم سموه محمد بن الحسن المهدي (القائم بأمر الله) وتارة يطلقون عليه أنه (علي بن أبي طالب) وأنه فاطر السموات والأرض -تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا- وتارة يدعي أنه محمد بن عبد الله صاحب البلاد، وخرج يكفر المسلمين، ويستبيح دماءهم وأموالهم وشنَّ هو وعصابته هجمة شرسة على مدينة (حبلة) فدخلوها وقتلوا أهلها ونهبوا ما فيها، وخرجوا منها يقولون:«لا إله إلا علي، ولا حجاب إلا محمد، ولا باب إلا سلمان» وسبوا الشيخين، وأمر أصحابه بهدم المساجد واتخاذها خمارات، وكانوا يقولون لمن أسروه من المسلمين:«قل لا إله إلا علي، واسجد لإلهك المهدي الذي يحي ويميت، حتى يحقن دمك ويكتب لك بذلك» . وقد ارتكبوا جرائم لا تعد ولا تحصى، وقد أمر المستكفي بالله في حربهم ثم جهز لملاقاتهم عساكر وخلقًا كثيرًا، فهزمهم المسلمون وقتلوا منهم خلقًا كثيرًا وقتل مدعي الألوهية وقائدهم إلى الضلال (2). وقد سار منهم الخلف على طريقة سلفهم الضال وقد أشرنا إلى أنه ظهر منهم أيام الاحتلال الفرنسي نصيري يدعي الألوهية واسمه (سلمان المرشد) وقد تعاون مع الفرنسيين إلى أبعد الحدود (3). وقد قتل بعد تحرير سوريا من الفرنسيين اسميًا.
(1) انظر المذاهب الإسلامية/ تأليف محمد أبو زهرة ص94 - 96.
وانظر النكبات/ أمين الريحاني ص142 وانظر مختصر الفتاوى المصرية ابن تيمية/ محمد بن علي الحنبلي ص474.
(2)
انظر البداية والنهاية لابن كثير ج14 ص83 - 84.
(3)
انظر ص527، 528 من هذه الرسالة.
د- "حكم الطائفة النصيرية في الإسلام وعند المسلمين":
حكم الطائفة النصيرية في الإسلام أنها طائفة كافرة خارجة عن الدين الإسلامي كما يتضح من عقيدتها في تأليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه واستباحتها للمحرمات، واعتقادها لتناسخ الأرواح وسب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكفيرهم إلى غير ذلك مما سبق بيانه في عقيدتها مما يتعارض مع الإسلام جملة وتفصيلا.
أما ما قاله علماء المسلمين فيهم فهو ما يلي:
1 -
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنة أكفر من اليهود والنصارى بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والفرنج وغيرهم، فإن هؤلاء يتظاهرون عند جهال المسلمين بالتشيع، وموالاة أهل البيت، وهم في الحقيقة لا يؤمنون بالله ولا برسوله، ولا بكتابه، ولا بأمر ولا نهي، ولا ثواب ولا عقاب ولا جنة ولا نار، ولا بأحد من المرسلين قبل محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يدينون بملة من الملل، سوى عبادة الملذات واستباحة الشهوات (1). اهـ. وقال عنهم الإمام الغزالي (2):
(1) انظر الفتاوى، لابن تيمية ج35 ص149.
(2)
هو محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي والمعروف بالغزالي (زين الدين حجة الإسلام، أبو حامد) حكيم متكلم، فقيه، أصولي، صوفي، مشارك في أنواع من العلوم ولد بالطابران إحدى قصبتي طوس بخراسان سنة (450هـ) ثم ارتحل في طلب العلم إلى أبي نصر الإسماعيلي بجرجان، ثم إلى إمام الحرمين أبي المعالي الجويني بنيسابور، ثم تولى التدريس بنظامية بغداد، ثم أقبل على العبادة والسياحة، فخرج إلى الحجاز فحج، ورجع إلى دمشق فاستوطنها عشر سنين، ثم سار إلى القدس، والإسكندرية ثم عاد إلى وطنه بطوس وتوفي بالطابران سنة (505هـ) من تصانيفه: إحياء علوم الدين، الحصن الحصين، في التجريد والتوحيد، تهافت الفلاسفة، الوجيز في فروع الفقه الشافعي، المستصفى في أصول الفقه. انظر معجم المؤلفين/ عمر رضا كحاله ج11 ص266.
«إن النصيريين مرتدون في الدم ولمال والنكاح والذبيحة والواجب قتالهم، حتى يسلمون، أو يهلكوا» (1) اهـ. فهم ليسوا مسلمين، ولا يهود، ولا نصارى، فعلى المسلم الذي يمر بهم أن يأكل من ذبائحهم نظرًا لأنهم بمثابة عبدة الأوثان (2).
وليست هذه النظرة وهذا الحكم بحق هذه الطائفة مما تفرد به أهل السنة والجماعة، بل إن الفرقة الأخرى كالشيعة الإمامية والدروز والنصارى قد أطلقوا الكفر على هذه الفرقة كما هو موجود في كتبهم:-
1 -
يقول عبد الحسين مهدي العسكري: إن النصيرية وإن نسبوا إلى المسلمين لا يعدون من المسلمين، ولا يعاملون معاملة المسلمين (3).
2 -
ويقول حمزة بن علي، وهو أشهر أئمة الدروز، أن النصيرية ممثلة في كاتبها النصيري كفار مشركون، ليس لهم بغية غير الفساد في الدين (4).
3 -
ويقول الدكتور منير موسى مشابك، وهو نصراني شيوعي: إن النصيرية دخلوا في الإسلام اسمًا لا حقيقة (5).
ولذلك فإنه ليس لإلحادهم حد محدود، فحتى أركان الإسلام يئولونها تأويلات باطنية، فيقولون: إن الصلوات الخمس معرفة أسماء أئمتهم الخمسة وهم: علي وحسن وحسين ومحسن وفاطمة، والصيام كتمان أسرارهم والحج زيارة شيوخهم إلى غير ذلك من التخرصات والأوهام (6). التي ما أنزل الله بها من سلطان، فكيف يعتقد إنسان بعد ذلك أن هذه الفرقة وأصحابها داخلون في مسمى الإسلام.
(1) انظر المختار الإسلامي عدد (16) السنة الثانية 15/ 11/1400 هـ ص39.
(2)
انظر الفتاوى/ لابن تيمية ج35 ص161.
(3)
انظر العلويين أو النصيرية ص8.
(4)
انظر مجموعة رسائل الدروز مخطوطة بجامعة الرياض قسم المخطوطات ص6.
(5)
انظر تاريخ الإسلام السياسي، د/ حسن إبراهيم ج4 ص266.
(6)
انظر الفتاوى/ لابن تيمية ج35 ص152.
هـ- حكم موالاة الطائفة النصيرية في الإسلام:
سبق أن تقرر بما لا يدع مجالاً للشك أن الطائفة النصيرية طائفة كافرة وإن كان من انتسب إليها وأيدها ظاهرًا أو باطنًا فحكمه حكمها لأن مناصرة الكافر وتأييده في حرب الإسلام والمسلمين كفر قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)(1) وهذه الطائفة كما هو معروف في تاريخها قد تتقنع بأقنعة كثيرة، فيسمون أنفسهم بالعلويين تارة، والنصيرين تارة أخرى ولكن تغيير الأسماء لا يغير حقيقة المسمى، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقد اتفق علماء المسلمين على أن هؤلاء لا تجوز مناكحتهم ولا أكل ذبائحهم، لأنهم أشبه حالاً بأهل الأوثان، ولا يصلي على من مات منهم ولا يجوز استخدامهم في أعمال المسلمين، فإنهم من أغشى الناس للمسلمين ثم يقول: ولا ريب أن جهادهم، وإقامة الحد عليهم من أعظم الطاعات وأكبر الواجبات، وهو أفضل من جهاد من لا يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب، فإن جهاد هؤلاء من جنس جهاد المرتدين، والصديق رضي الله عنه وسائر الصحابة بدءوا بجهاد المرتدين قبل جهاد الكفار من أهل الكتاب، حيث إن جهاد هؤلاء حفظ لما فتح من بلاد المسلمين التي يريد هؤلاء أن تكون مرتدة عن الإسلام ويجب على كل مسلم أن يقوم بذلك بحسب ما يقدر عليه من الواجب (2).
فهم أشدّ على المسلمين من اليهود والنصارى كما هو حاصل في وقتنا الحاضر، بل هم يقدمون أعظم الخدمات لليهود والنصارى في إراقة دماء المسلمين.
(1) سورة المائدة آية (51).
(2)
انظر الفتاوى/ لابن تيمية ج35 ص155 - 161.
وانظر مختصر الفتاوى المصرية/ لابن تيمية/ مجمع محمد بن علي الحنبلي ص476 - 478.
وقد أحكموا عقد الأخوة بينهم
…
وبين النصارى واليهود الموارق
وقد أحكم الله العداوة بيننا
…
وبين ذوي الكفران أهل الشقاشق
ونحن براء من ذوي الكفر جملة
…
فلسنا وإياهم بحكم التوافق (1)
وعلى هذا فالطائفة النصيرية طائفة كافرة محاربة للإسلام والمسلمين فيجب على المسلمين معاداتها ويحرم عليهم موالاتها، فمن تولاهم أو نصرهم فهو منهم. قال تعالى:(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(2).
إلا من تاب منهم وأناب إلى الحق ودخل في الإسلام الصحيح فهو من المسلمين ويستحق أخوة الإسلام وموالاة المسلمين لأن الإسلام يجب ما قبله، والله ولي التوفيق والهادي إلى سواء السبيل.
(1) ديوان: عقود الجواهر المنضدة الحسان/ سليمان بن سحمان ص99.
(2)
سورة المائدة آية (51).