المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المثال الثاني: إعطاء المساعدات المالية للكفار - الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية - جـ ٢

[محماس الجلعود]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالث: الموالاة والمعاداة لأهل الأهواء والفرق

- ‌الفصل الأول: الموالاة والمعاداة لأهل الأهواء

- ‌المبحث الأول: موالاة أهل العصيان والفسوق ومعاداتهم

- ‌المبحث الثاني: موالاة المنافقين ومعاداتهم

- ‌المبحث الثالث: موالاة المرتدين ومعاداتهم

- ‌المبحث الرابع: موالاة الخارجين عن السلطة ومعاداتهم

- ‌المبحث الخامس: موالاة السلطة الحاكمة ومعاداتها

- ‌الفصل الثاني: الموالاة والمعاداة للفرق التي تنتسب إلى الإسلام

- ‌تقديم: حول افتراق هذه الأمة

- ‌المبحث الأول: موالاة ومعاداة الفرقة الزيدية

- ‌المبحث الثاني: موالاة ومعاداة الشيعة الاثنى عشرية

- ‌المبحث الثالث: موالاة ومعاداة الطائفة النصيرية

- ‌المبحث الرابع: موالاة ومعاداة الدروز

- ‌الباب الرابع: موالاة الكفارة ومعاداتهم

- ‌الفصل الأول: منهج التعامل مع الكفار

- ‌المبحث الأول: الإسلام بين دعوى التعصب والتسامح مع الكفار

- ‌المبحث الثاني: مفهوم الحرب والسلم في الإسلام

- ‌المبحث الثالث: تعامل المسلمين مع أهل الذمة والعهد في دار الإسلام

- ‌المبحث الرابع: تعامل المسلمين مع الكفار المحايدين

- ‌المبحث الخامس: تعامل المسلمين مع الكفار المحاربين

- ‌المحاربون من أهل الأوثان

- ‌المحاربون من اليهود

- ‌المحاربون من النصارى

- ‌الفصل الثاني: مظاهر الولاء للكفار

- ‌التمهيد لدراسة هذا الفصل

- ‌المبحث الأول: موالاة الكفار في الحقول العامة

- ‌المثال الأول: إطلاق حرية الدعوة إلى الكفر بين المسلمين

- ‌المثال الثاني: السماح بتعليم الكفر وتعليمه بين المسلمين

- ‌المثال الثالث: إباحة ظهور المحرمات بين المسلمين إرضاء للكفار وأشباههم

- ‌المثال الرابع: إطلاق يد الكفار في بناء المعابد لهم في بلاد المسلمين

- ‌المثال الخامس: منح الكفار حرية التنقل والإقامة بين المسلمين

- ‌المثال السادس: تمليك الكفار لما يتخذونه موضعًا لمعصية الله

- ‌المثال السابع: تأجير الأماكن والذوات لمن يتخذها هدفًا لمعصية الله

- ‌المبحث الثاني: موالاة الكفار في العلاقات الاجتماعية

- ‌الفرع الأول: السلام على الكفار والزيارة لهم

- ‌الفرع الثاني: تهنئة الكفار والثناء عليهم

- ‌الفرع الثالث: تشييع موتى الكفار وتعزيتهم في ذلك

- ‌الفرع الرابع: الزواج بالنساء الكافرات وتزويجهم المسلمات

- ‌المبحث الثالث: موالاة الكفار في الشئون الاقتصادية

- ‌المثال الأول: إباحة التعامل بالربا مع الكفار ومن أجلهم

- ‌المثال الثاني: إعطاء المساعدات المالية للكفار

- ‌المثال الثالث: تمكين الكفار من استغلال أموال المسلمين

- ‌المثال الرابع: تمكين الكفار من الوظائف الهامة في البلاد الإسلامية

- ‌المثال الخامس: توريث الكفار والنفقة عليهم من أهل الإسلام

- ‌المبحث الرابع: موالاة الكفار في الشؤون الحربية

- ‌الفرع الأول: الاستعانة بالكفار في القتال

- ‌الفرع الثاني: الدخول في حماية الكفار

- ‌الفرع الثالث: الاستعانة بسلاح الكفار

- ‌المبحث الخامس: موالاة الكفار في الحقوق الجنائية

- ‌الفرع الأول: قتل المسلم بالكافر

- ‌الفرع الثاني: إهانة المسلم بما دون القتل دفاعًا عن الكافر

- ‌الفرع الثالث: الستر على جواسيس الكفار وحمايتهم

- ‌المبحث السادس: موالاة المسلم للكفار في بلادهم

- ‌الفرع الأول: موالاة الكفار في السفر إليهم والإقامة بينهم

- ‌الفرع الثاني: موالاة الكفار في العمل لديهم وتحت ولايتهم

- ‌الفصل الثالث: العقوبات المترتبة على موالاة الكفار

- ‌المبحث الأول: العقوبة التعزيرية لمن يوالي الكفار

- ‌المبحث الثاني: العقوبة الإلهية التي تجري وفق السنة الربانية بحق من يوالون الكفار ويؤذون المؤمنين

- ‌المبحث الثالث: العقوبة الأخروية لمن يوالون الكفار

- ‌الفصل الرابع: واقع المسلمين اليوم من موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين

- ‌أولاً: فلسطين:

- ‌ثانيًا: أفغانستان:

- ‌ثالثًا: الفلبين:

- ‌خامسًا: المسلمون في كمبوديا:

- ‌سابعًا: المسلمون في الهند:

- ‌ثامنًا: جزر القمر:

- ‌تاسعًا: المسلمون اليونانيون:

- ‌عاشرًا: المسلمون في تونس:

- ‌الحادي عشر: موزمبيق:

- ‌الثاني عشر: أوغندا:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌المثال الثاني: إعطاء المساعدات المالية للكفار

‌المثال الثاني: إعطاء المساعدات المالية للكفار

تختلف صلة المسلمين بالكفار تبعًا لاختلاف موقفهم من الإسلام ومكان وجودهم من المسلمين فإن كانوا من أهل الذمة والعهد فلهم حقوق خاصة على المسلمين وإن كانوا من الكفار المحاربين الذين يسكنون خارج دار الإسلام فلهم طريقة خاصة في المعاملة تتناسب وحالهم، وإن كانوا من الكفار المسالمين القاطنين خارج دار الإسلام فلهم معاملة خاصة بهم، وبناء على هذا التقسيم يمكن أن تتنوع أنواع المساعدات وتختلف باختلاف أصناف الكفار الذين تتعامل معهم الدولة الإسلامية.

إن الأصل الذي يجب أن تهتم به الدولة الإسلامية في قضية المساعدات المالية هم أهل الإسلام، فإن الصدقة الواجبة على أفراد المسلمين من زكاة الأموال وزكاة البدن ونحوهما إنما تجب لفقراء المسلمين على أغنيائهم كما في حديث معاذ رضي الله عنه الذي ورد فيه «فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على

ص: 770

فقرائهم» (1)، وقد روي عن جرير بن عبد الحميد عن الليث عن مجاهد قال «لا تتصدق على اليهودي ولا النصراني، إلا أن تجد مسلمًا» (2). وعلى هذا فإنه لا يجوز إعطاء الكفار من أنواع البر والصدقة إلا بعد كفاية المسلمين، والكفار يمكن تقسيمهم إلى ثلاث فئات:

(أ) أهل عهد وذمة.

(ب) كفار مسالمون.

(ج) كفار محاربون.

وإعطاء الكفار من المال هل يكون من الزكاة، أو من غيرها؟ فهذه المسائل تحتاج إلى توضيح مفصل، يوضح كل مسألة بمفردها على النحو التالي:

المسألة الأولى: حكم إعطاء المال لأهل الذمة والعهد.

يجوز إعطاء الذمي والمستأمن من بيت مال المسلمين إذا رأى الحاكم الشرعي أن ذلك في مصلحة الإسلام والمسلمين، وأن ذلك مما يقتضيه الواجب الإسلامي بمقتضى عقد الذمة والعهد، كما يجوز للأفراد إعطاء قراباتهم من الكفار عند الحاجة إلى ذلك.

فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال كان المسلمون لا يرضخون لقراباتهم من المشركين (3). فنزلت (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ)(4)، وقد سار على

(1) رواه البخاري ومسلم - انظر نزهة المتقين شرح رياض الصالحين ج2 ص790 - 791 رقم الحديث (1077).

(2)

انظر كتاب الأموال لأبي عبيد ج4 ص227.

(3)

انظر تفسير القرطبي ج3 ص337.

(4)

سورة البقرة آية (272).

ص: 771

ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقد ذكر النقاش أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بصدقات فجاءه يهودي فقال: أعطني فقال النبي صلى الله عليه وسلم «ليس لك من صدقة المسلمين شيء» فذهب اليهودي غير بعيد فنزلت: هذه الآية فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه (1).

وقد وجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه شيخًا من اليهود يسأل الناس، فقال: ما أنصفناك، إن كنا أخذنا منك الجزية في شيبتك ثم ضيعناك في كبرك! قال: ثم أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه (2). وفعل مثل ذلك عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (3). ولهذا قال أبو عبيد في كتاب الأموال: لو علم عمر أن فيها سنة مؤقتة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعداها إلى غيرها (4). وفي صلح خالد بن الوليد مع أهل الحيرة في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قد سجل لهم ما يلي:

«وجعلت لهم أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنيًا فافتقر، وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت عنه جزيته، وعيل من بيت مال المسلمين ما أقام بدار الهجرة والإسلام» (5).

وقد صرح المالكية بأن دفع الضرر عن المسلمين ومن في حكمهم من أهل الذمة والمستأمنين فرض كفاية حيث نظروا إلى وجوب الإحسان والعدل مع كل إنسان ترفرف فوق رأسه راية الإسلام، مسلمًا كان، أو مذعنًا لأحكام الإسلام في الدولة الإسلامية (6).

المسألة الثانية: حكم مساعدة الكفار بالمال خارج الدولة الإسلامية.

(1) انظر الصحيح المسند من أسباب النزول/ مقبل بن هادي الوادعي ص23.

(2)

تفسير القرطبي ج3 ص337.

(3)

انظر الخراج لأبي يوسف ص144. وانظر أحكام أهل الذمة لابن قيم الجوزية ص38 ج1.

(4)

انظر كتاب الأموال لأبي عبيد ص44 - 46.

(5)

انظر كتاب الخراج لأبي يوسف ص144.

(6)

انظر حاشية الدسوقي ج2 ص155.

ص: 772

الأصل في هذه المسألة أنه لا يجوز إعطاء الكفار من أهل الحرب وما دونهم مساعدات مالية أو عينية، إلا لغرض يراد به صالح الإسلام والمسلمين، فبذل المال للكفار بلا هدف أو غاية سامية شرعية أمر لا يجوز لأنه حينئذ يدخل في مجال التبذير في أقل الأحوال والله عز وجل قد ذم المبذرين وعدهم إخوان الشياطين وبالرجوع إلى الكتاب والسنة نجد أن هناك أدلة تبيح بذل المال للكفار عند تأليف قلوبهم على الإسلام قال الله تعالى:(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ)(1)، ولم يرد ذكر للمؤلفة قلوبهم فيما عدا هذه الآية وقد اختلف المفسرون في المراد بالمؤلفة قلوبهم على أقوال منها ما يلي:

أولاً: إن المراد بالمؤلفة قلوبهم قوم كانوا في صدر الإسلام ممن يظهر الإسلام يُتألفون بدفع سهم من الصدقة إليهم لضعف يقينهم (2).

ثانيًا: قال الزهري: إن المؤلفة قلوبهم من أسلم من يهودي أو نصراني وإن كان غنيًا (3).

ثالثًا: قال بعض المتأخرين: إنهم صنف من الكفار يعطون ليتألفوا على الإسلام، وكانوا لا يسلمون بالقهر والسيف، ولكن يسلمون بالعطاء والإحسان (4).

رابعًا: قال بعض العلماء هم قوم أسلموا في الظاهر ولم تستيقن قلوبهم، فيعطون ليتمكن الإسلام في صدورهم (5).

خامسًا: قال جماعة إن المؤلفة قلوبهم هم قوم من عظماء المشركين

(1) سورة التوبة آية (60).

(2)

انظر تفسير القرطبي ج8 ص178.

(3)

انظر تفسير القرطبي ج8 ص178.

(4)

انظر تفسير القرطبي ج8 ص179.

(5)

المصدر السابق المكان نفسه.

ص: 773

لهم أتباع، يعطون ليستدرجوا مع أتباعهم إلى الإسلام (1). وهذه الأقوال متقاربة، والقصد منها جميعًا، أن يكون الإعطاء لمن لا يتمكن إسلامه حقيقة إلا بالعطاء، فكأن ذلك ضرب من ضروب الجهاد، وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم عددًا منهم حديثي عهد بالإسلام على مائة من الإبل، وكانوا أشرافًا وحويطب بن عبد العزي، وصفوان بن أمية، ومالك بن عوف، والعلاء بن جارية، فسمي هؤلاء أصحاب المئين (2).

وقد ورد في الحديث الصحيح «إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليَّ منه، خشية أن يكب في النار على وجهه» (3).

وفي كتاب الأموال عن سعيد بن المسيب رحمه الله أنه قال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدق بصدقة على أهل بيت من اليهود فهي تجري عليهم» (4). وروى الإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى أهل مكة خمسمائة دينار لما قحطوا وأمر أن يدفع ذلك إلى أبي سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية قبل إسلامهما ليفرقاها على فقراء مكة فقبل ذلك أبو سفيان وأبو صفوان بن أمية، وكان أهل مكة في ذلك الوقت مشركين حربيين، فإذا صح ذلك في حقهم، فمن باب أولى أن يصح التصدق على الكفار المسالمين وأهل الذمة وأهل العهد لأنهم أولى بالرعاية والبر وخاصة من يقعون تحت مسئولية الدولة الإسلامية (5).

وقد اختلف العلماء في بقاء العمل في إعطاء الكفار الذين يؤلفون على الإسلام على ثلاثة أقوال:

(1) المصدر السابق المكان نفسه. وانظر نيل الأوطار للشوكاني ج4 ص233 - 234.

(2)

المصدر السابق المكان نفسه.

(3)

رواه مسلم. انظر صحيح مسلم ج1 ص132 (كتاب الإيمان).

(4)

انظر كتاب الأموال لأبي عبيد ص613.

(5)

انظر أحكام الذميين والمستأمنين د/ عبد الكريم زيدان ص103. وانظر السير الكبير وشرحه ج1ص69.

ص: 774

القول الأول: من قال بانقطاع هذا الصنف من الناس بعز الإسلام وظهوره فإن الله قد أعز الإسلام وأهله وقطع دابر الكافرين فلا يعطون، فأما الإسلام أو الجزية، أو القتال، وقد قال بذلك عمر بن الخطاب والحسن البصري والشعبي (1) وهو المشهور من مذهب مالك بن أنس وأصحاب الرأي وبذلك قال بعض علماء الحنفية حيث قالوا: اجتمع الصحابة رضوان الله عليهم في خلافة عمر رضي الله عنه على سقوط سهم المؤلفة قلوبهم.

القول الثاني: قول جماعة من العلماء إن إعطاء المؤلفة قلوبهم باق، لأن الإمام ربما احتاج إلى ذلك في تأليف قلوب بعض الناس على الإسلام، وإنما قطعهم عمر رضي الله عنه حين رأى عزَّ الإسلام، قال يونس سألت الزهري -محمد بن شهاب- عنهم فقال: لا أعلم ناسخًا في ذلك. وقال أبو جعفر النحاس: فعل هذا الحكم ثابت عند الحاجة إليه فإذا رأى الحاكم المسلم العدل أن أحدا يحتاج إلى تألفه، أو يخاف منه على المسلمين أن تلحق المسلمين منه آفة، أو يرجى أن يتحسن إسلامه بعد الدفع إليه دفع إليه.

وقد ذهب الشيخ عبد العزيز بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والإرشاد إلى القول بجواز مساعدة الفقراء من الرجال والنساء والأطفال مهما كانت جنسياتهم واعتقاداتهم بشرط أن لا يكونوا منتمين إلى دولة معادية الإسلام والمسلمين (2). اهـ.

القول الثالث: إن الكفار، وحديثي العهد بالإسلام يعطون عند الحاجة إلى ذلك في بعض الأوقات وهو قول القاضي عبد الوهاب (3). وقال

(1) هو عامر بن شراحيل الشعبي من شعب همدان وكنيته (أبو عمر) ولد سنة (19هـ) ونشأ بالكوفة وكان علامة أهل الكوفة، محدث، فقيه، حافظ، شاعر، اتصل بعبد الملك بن مروان واستقضاه عمر بن عبد العزيز، وتوفي فجأة سنة (104هـ) بالكوفة. له كتاب الكفاية في العبادة والطاعة. انظر معجم المؤلفين عمر رضا كحالة/ ج5 ص54.

(2)

انظر مجلة الدعوة السعودية عدد (823) في 11/ 2/1402 ص19.

(3)

انظر تفسير القرطبي ج8 ص181.

ص: 775

ابن العربي: إن قوي الإسلام زال العطاء لهم وإن احتيج إليهم أعطوا سهمهم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيهم فإن في الحديث: «بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء» (1).

وقد مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند مقدمه بالجابية من أرض دمشق بقوم مجذومين من النصارى، فأمر أن يعطوا من الصدقات وأن يجري عليهم القوت (2).

فهذه الآثار تدل على جواز إعطاء الكفار مساعدات مالية عندما يرى الحاكم المسلم العدل أن ذلك من مصلحة الإسلام والمسلمين ومن مقتضيات السياسة الشرعية للدولة الإسلامية. ولكن اختلف العلماء هل يجوز إعطاؤهم من الزكاة أم من غيرها من بيت المال إذا كان العطاء على مستوى الدولة دون الأفراد؟

وخلاصة الخلاف في هذه المسألة كما يلي:

القول الأول: قول من يقول بجواز إعطائهم من الزكاة لأنهم داخلون في مسمى الفقراء والمساكين أو باعتبار أنهم جماعة من المؤلفة قلوبهم قال بذلك، زُفَر، والأباضية، ولكن اشترطوا لذلك شروطًا:

1 -

منها عدم وجود المسلم المستحق لها.

2 -

تعذر إرسالها إلى الإمام الشرعي.

القول الثاني: وهو قول جمهور العلماء إن الزكاة بقسميها زكاة المال وزكاة البدن لا يجوز أن يدفع منها لكافر، سواء كان ذميًا أو مستأمنًا أو

(1) انظر أحكام القرآن لابن العربي/ ج2 ص954 وانظر الحديث في صحيح مسلم ج1 ص130 في كتاب الإيمان باب (65).

(2)

تاريخ البلاذري ص177.

ص: 776

مسالمًا أو محاربًا، ودليل هؤلاء ما ورد من حديث معاذ رضي الله عنه «فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» (1). وما روي عن يحيى بن سعيد عن أشعث عن الحسن قال:«لا يعطى من الزكاة نصراني، ولا يهودي، ولا مجوسي» (2) وعن عبد الرحمن بن سفيان عن إبراهيم بن مهاجر قال: قلت لإبراهيم النخعي: إن لنا أظارا (3)، من اليهود والنصارى أما أتصدق عليهم؟ فقال أما من الزكاة فلا (4) لأنها خالص مال المسلم فلا تخرج إلا لمسلم. وعن يزيد عن هشام عن الحسن قال: ليس لأهل الذمة في شيء من الواجب حق (5). ولكن إذا أراد الرجل تصدق عليهم من غير ذلك، يعني يعطون من صدقة التطوع دون صدقة الفريضة.

قال أبو عبيد في كتاب الأموال: إنما كره العلماء إعطاءهم من الزكاة خاصة، لحديث معاذ المتقدم ذكره، حيث إنه الأصل في هذه المسألة (6) وكل هذه الآثار تدل على المنع وهو ما ذهب إليه الجمهور من العلماء، إلا أن قلة منهم قالوا: يجوز دفع الزكاة إلى الكفار عند تحقق الشرطين المتقدمين، وهما عدم وجود المسلم المستحق لها، وتعذر إرسالها إلى بيت المال (7).

والذي أرجحه في هذه المسألة أنه لا يجوز إعطاء الكفار من الزكاة وخاصة المحاربين فلا يجوز إعطاؤهم حتى ولو لم يجد مسلمًا يستحقها ولم

(1) رواه البخاري ومسلم انظر ص722 من هذه الرسالة.

(2)

انظر كتاب الأموال لأبي عبيد ج4 ص727.

(3)

جمع ظئر وهي المرضع ويطلق على الأب من الرضاعة أيضًا. انظر لسان العرب من ص639.

(4)

انظر كتاب الأموال لأبي عبيد ج4 ص727 - 729.

(5)

المصدر السابق المكان نفسه.

(6)

المصدر السابق المكان نفسه.

(7)

انظر كتاب الأموال/ لأبي عبيد ج4 ص727 - 729.

ص: 777

يستطع إيصالها إلى بيت مال المسلمين في وقتها فالأولى أن يبقيها أمانة عنده حتى تحين أول فرصة فيدفعها إلى مستحقيها لأن دفعها إلى الحربي يترتب عليه ضرر في حق الإسلام والمسلمين بخلاف تركها عنده، فلا يترتب على ذلك من الضرر بمثل ضرر دفعها إلى غير مستحقها، أما غير المحارب، من المسالمين وأهل الذمة وأهل العهد، فإن المسلم إذا وجبت عليه الزكاة ولم يجد من المسلمين من يستحقها وتعذر إيصالها إلى بيت المال بطريق لا يكلفه ما يشق عليه في العادة والعرف جاز له عند ذلك دفعها إلى الفقراء من هؤلاء ولا يلزمه ذلك، فلو كان المسلم بإحدى الدول الكافرة كمثل الطلبة المبتعثين ثم حل وقت زكاة ماله أو بدنه فدفع إلى من يثق به في البلاد الإسلامية مبلغًا من المال الذي هو زكاة ماله ليوزعه على فقراء المسلمين لكان أولى وأفضل من توزيعه على فقراء الكفار وكذلك زكاة بدنه لو أرسل نقودًا يشتري بها طعامًا في بلاد المسلمين وتوزع على فقراء المسلمين فذلك أولى لأن العلة في صدقة الفطر هي إغناء الفقراء عن السؤال في يوم العيد (1). والفقراء المطلوب فرحتهم ومنفعتهم هم فقراء المسلمين دون فقراء الكفار، فلو أوصى المسافر إلى بلاد الكفار أو أناب عنه من يقوم بتوزيع الزكاة الواجبة عليه في حينها لكان جائزًا كما أعتقد حيث إن ذلك ينسجم مع منهج الإسلام في اليسر والسهولة على المسلمين قال تعالى:(مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ)(2).

أما إعطاء المال للكفار من غير الزكاة، فالآثار تدل على جواز ذلك. وقد تقدم ذكر بعض الأدلة على هذا الموضوع ومن الأدلة الإضافية ما جاء في السير الكبير وشرحه: أنه لا بأس أن يصل المسلم قريبه المشرك

(1) انظر نيل الأوطار للشوكاني ج4 ص258.

(2)

سورة المائدة آية (6).

ص: 778

لحديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال صليت الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل أنت واهب لي ابنة أم فِرْقَة؟ قلت نعم. فوهبتها له فبعث بها إلى خاله حزن بن أبي وهب وهو مشرك وهي مشركة (1). وقد عقد البخاري في صحيحه باب الهدية للمشركين (2). وذكر قول الله تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)(3).

وقوله تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا)(4). وحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال رأي عمر حلة على رجل تباع فقال للنبي صلى الله عليه وسلم ابتع هذه الحلة، تلبسها يوم الجمعة وإذا جاءك الوفد فقال: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم منها بحلل، فأرسل إلى عمر منها بحلة فقال عمر: كيف ألبسها وقد قلت فيها ما قلت؟ قال: إني لم أكْسُكها لتلبسها، تبيعها أو تكسوها. فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم (5).

ومثل هذا الحديث حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت عليَّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أمي قدمت وهي راغبة. أفأصل أمي؟ قال نعم صلي أمك (6).

والذي يؤخذ من الآيات والأحاديث المتقدمة أن البر والصلة للأقرباء

(1) انظر شرح السير الكبير ج1 ص69 للسرخسي (ط - 1).

(2)

انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري ج5 ص232.

(3)

سورة الممتحنة آية (8).

(4)

سورة لقمان آية (15).

(5)

رواه البخاري: انظر فتح الباري ج5 ص232 - 233.

(6)

الفرقة بالكسر السقاء الممتلئ لا يستطاع بمخض حتى يفرق. انظر القاموس المحيط للفيروز أبادي ج3 ص275.

رواه البخاري. انظر فتح الباري ج5 ص232 - 233.

ص: 779

من المشركين لا يستلزم المحبة والتوادد والموالاة المنهي عنها بحق الكفار في قوله تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)(1). فإن هذه الآية عامة في حق من قاتل ومن لم يقاتل.

وقال الخطابي في ذلك: إن الرحم الكافرة توصل من المال ونحوه كما توصل الرحم المسلمة لكن تتميز الرحم المسلمة بالمحبة والمودة القلبية والرضا، لأن المسلم قد تجرد من أقبح صفة يمكن أن يتصف بها إنسان على وجه الأرض ألا وهي صفة الكفر (2). اهـ.

وقد قال جماعة من أهل العلم: إن صلة القرابة من الكفار كانت مباحة في أول الدعوة، ثم نسخت الصلة والمساعدة للكفار (3). بقوله تعالى:(فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ)(4). اهـ.

والذي أميل إليه في هذا الموضوع هو أن الله سبحانه وتعالى أباح للمسلم البر والصلة والمكافأة بالمعروف والعدل في التعامل مع المشركين خاصة إذا كانوا قرابة في النسب بشرط أن يكونوا غير محاربين لنا في الدين ولا مساعدين على حربنا وإخراجنا من ديارنا بأية صورة من صور التعاون المذموم، أما إذا كانوا محاربين لله ورسوله والمؤمنين فإن صلتهم محرمة ومساعدتهم جريمة وإن كانوا من أقرب الناس نسبًا قال تعالى:(إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(5).

(1) سورة المجادلة آية (22).

(2)

انظر فتح الباري ج5 ص234.

(3)

المصدر السابق المكان نفسه.

(4)

سورة التوبة آية (5).

(5)

سورة الممتحنة آية (9).

ص: 780

وبناء على ما تقدم من توضيح وبيان فإن الدول المعاصرة التي تبذر أموال المسلمين على شكل إعانات وتبرعات وقروض طويلة الأجل وقروض بفوائد ربوية، ترتكب جريمة كبيرة، وتقترف إثمًا عظيمًا في حق نفسها وأمتها ودينها، حيث تخالف بسلوكها هذا نهج الإسلام ونظامه في التعامل مع غير المسلمين. فكيف تدفع التبرعات السخية لمن يحارب الله ورسوله والذين آمنوا، بينما أكثر الشعوب الإسلامية تعيش على تبرعات غير المسلمين؟ ومن شدة فقرها وحاجتها فهل يكون أعداء الإسلام أرحم بفقراء المسلمين من أغنياء المسلمين أنفسهم؟ ولماذا يؤثر أغنياء المسلمين بصدقاتهم وتبرعاتهم أغنياء الكفار على فقراء المسلمين؟

إن الذين يؤثرون الكفار ببرهم وإحسانهم على المسلمين يجازفون بسعادتهم وسعادة شعوبهم، من أجل أن يرضوا أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء المؤمنين، وتلك غاية الموالاة للكفار إن الإحسان والبر وتقديم المساعدات الكبرى - بلا هدف إسلامي صحيح - لمن يحارب الله ورسوله والمؤمنين، خيانة وذلة ونذالة لا يقدم عليها إلا من لا خلق له ولا دين.

فلقد أجمع المسلمون على تحريم بيع الأسلحة ونحوها لأهل الحرب لما يخشون من استخدامها ضد المسلمين (1).

فكيف بمن يدعمون الدول والحكومات التي تعلن الحرب على الإسلام والمسلمين بالمال والبترول والولاء، بينما أهل الحق الشرعي لا يجدون من يساندهم أو يساعدهم بكلمة تذهب عبر موجات الأثير فضلاً عن المساعدات العينية؟

ولا نريد أن نستطرد في ذكر الأمثلة على ذلك، وإنما نشير إلى ذلك إشارة سريعة للتأكيد على صحة ما نقول:

فقد عقد بنك البحرين الوطني، والمؤسسة المصرفية المتحدة اتفاقًا

(1) انظر اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم/ ابن تيمية ص230 - 232.

ص: 781

يقضي بتقديم قرض بقيمة (50) مليون دولار لصالح البنك المركزي الفلبيني، ومدة القرض ثمان سنوات بفائدة ربوية بواقع 2/ 1 من 0.01 نصف من واحد في المائة من قيمة القرض (1).

وهذا القرض لو استعرضناه من وجهة النظر الإسلامية لوجدناه يشتمل على ثلاث جرائم كبرى ورئيسية هي كما يلي:

1 -

الجريمة الأولى في هذا القرض هي مساعدة حكومة ماركوس الصليبي الحاقد على الإسلام والمسلمين والذي يقتل المسلمين صباح مساء في جنوب الفلبين بلا شفقة ولا رحمة (2). وهذا عمل محرم، وتأييد ومناصرة لأهل الكفر على أهل الإسلام. قال الله تعالى:(فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ)(3) وأي مظاهرة أشد من تقوية الكفار بالمال الذي سيحاربون به المسلمين.

2 -

الجريمة الثانية هي جريمة التعامل بالربا عن رضى وعلم واختيار والربا محرم بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، فأين محل هؤلاء من الإسلام؟ وما هو الإسلام في عرفهم؟

3 -

الجريمة الثالثة أن هذا التصرف خذلان للإسلام والمسلمين، ففي الوقت الذي تمتد فيه يد هؤلاء بالملايين لأعداء الإسلام والمسلمين نجد أنهم يحجمون عن تقديم أي عون للمسلمين المسحوقين في ذلك البلد، وهذا خلاف لما أمر الله به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى:(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(4).

(1) انظر مجلة المجتمع عدد (536) في 13/ 9/1401هـ السنة الحادية عشرة ص15.

(2)

انظر ص845 - 847 من هذه الرسالة.

(3)

سورة القصص آية (86).

(4)

سورة المائدة آية (2).

ص: 782

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله ولا يحقره» (1).

وأي خذلان للمسلم أعظم من إعانة عدوه عليه.

ومثل هذا التصرف اللامسئول، ما قامت به حكومة الكويت حيث تبرعت بمبلغ اثني عشر مليونًا من الدولارات لإقامة مجمع رياضي في الهند، سوف يقام على مقابر المسلمين الذين انتهكت حكومة الهند حرمتهم أحياء وأمواتًا (2) فيا ليت الحكومة الكويتية دفعت هذا المبلغ لإقامة مساجد للمسلمين في الهند أو دفعت هذا المبلغ لدعم جامعة عليكرة الإسلامية التي تكاد تتوقف الدراسة فيها نظرًا لضعف الموارد المالية لديها، أو دفعت هذا المبلغ لإيواء الأسر الإسلامية التي تشب وتشيب على أرصفة الشوارع في الهند.

إن ما حصل من البحرين والكويت والسعودية وغيرها ما هو إلا قليل من كثير

فإلى متى

تبقى دماء المسلمين وأجسادهم رخيصة و

يبقى مال المسلمين نهبًا لغيرهم؟!!!

وقد تجاوز الأمر مسألة مساعدة الكفار المحاربين لله ورسوله والمؤمنين بالمال الإسلامي إلى بناء الأصنام من أموال المسلمين في بلاد الكفار.

فقد نشرت جريدة القبس الكويتية الصادرة في 3/ 2/1980م خبرًا تحت عنوان «مائة ألف دولار من الكويت مساهمة منها لبناء النصب التذكاري للمدعو (مارتن لوثر كنك) في مدينة واشنطن بالولايات المتحدة

(1) رواه البخاري ومسلم. انظر نزهة المتقين شرح رياض الصالحين ج2 ص1080 رقم الحديث (1572)

(2)

انظر مجلة المجتمع عدد (521) السنة الحادية عشرة في 18/ 5/1401 ص16.

ص: 783

الأمريكية» (1). اهـ. فهل هناك مهزلة أو سخف أو غباء أو فقدان هوية أشد من ذلك؟ حتى تتبرع دولة من الدول المحسوبة على الإسلام فتبني صنمًا وتقيم وثنًا لأكبر كاهن نصراني صليبي، في أغنى دولة في العالم، بينما أطفال المسلمين يموتون جوعًا، ويعيش معظمهم حفاة عراة يفترشون الجليد، ويلتحفون صقيع السماء في أفغانستان وبورما وبنغلاديش والفلبين وسوريا ولبنان وايرتيريا، وغيرها من البلدان الإسلامية المنكوبة.

فهل (لوثر كنك) أهم من ألفي طفل مسلم باعهم الصليبيون في لبنان إلى جمعيات التنصير والتكفير في أوربا وأمريكا ليصبحوا قسيسين ورهبانًا للنصرانية في المستقبل القريب؟ (2).

إن الأمر ليس أمر الكويت وحدها، وإنما يشاركها دول في مثل ذلك ولكنها قد تكون متميزة عن بقية دول المنطقة بأن لديها قدرًا من الحرية الصحفية، بينما بقية الدول يجري فيها مثل ذلك أو أعظم من ذلك تحت جنح الظلام، فلا حول ولا قوة إلا بالله. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

(1) انظر المصدر السابق المكان نفسه.

(2)

انظر مجلة المجتمع الكويتية عدد (521) في 18/ 5/1401هـ. ص16.

ص: 784