الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المثال الثالث: تمكين الكفار من استغلال أموال المسلمين
إن الإنسان لو ألقى نظرة على الدول العربية والإسلامية لرأي أن أهم مصادر دخلها هو البترول فهو المصدر الوحيد لمعظم الدول العربية والبترول ثروة ناضبة كما يؤكد ذلك أهل الاختصاص في هذا المجال.
فقد ذكر وزير البترول الكويتي في تقرير له في أحد مؤتمرات الأوابك: «أننا لو أخذنا الاحتياطات النفطية خارج المناطق الشيوعية لوجدنا أن العالم لديه في نهاية سنة 1978م 1398هـ احتياطي نفطي مقداره (85) بليون طن وعلى فرض أن معدل النمو الاقتصادي يمكن إبقاؤه عند حد 3% في السنة وهي نسبة مشكوك في بقائها كثيرًا، وعلى فرض وجود اكتشافات نفطية تبلغ بليون طن في السنة على مدى العشر سنوات القادمة، فإن كل احتياطي النفط المعروف في الوقت الحاضر زائد كمية النفط التي يمكن اكتشافها لا تكفي لاستهلاك العالم بين عامي 1979م - 2008م - 1399هـ - 1328هـ- البالغ (100) بليون طن أي أن مجموع الاحتياط مع ما يمكن اكتشافه = 85 + 10 = 95 بليون واستهلاك العالم من البترول حسب الإحصائيات العالمية خلال الفترة المذكورة سوف يكون (100) بليون
طن أي بنقص خمسة بلايين طن عن الكمية الموجودة والمتوقعة» (1).
ومسألة إنتاج النفط بكميات كبيرة رغم عدم الحاجة إلى ثمنه ورغم غلبة الظن في نفاذه، قد تكون مسألة غير اختيارية لبعض الدول، كما يقول المثل (مكره أخاك لا بطل) ولكن الأغرب من ذلك كله أن الدول النفطية لا تستثمر قيمة بترولها استثمارًا صحيحًا فإن نظرة واحدة إلى الأرصدة العربية الموجودة في بنوك العالم تظهر الأموال الهائلة التي لا يستثمرها العرب المسلمون حق الاستثمار وهذه الأرصدة هي كما يلي:
1 -
المملكة العربية السعودية
…
... (77) بليون دولار.
2 -
الكويت
…
...
…
... (38) بليون دولار.
3 -
الإمارات وقطر
…
...
…
(26) بليون دولار.
ويكون المجموع لهذه الأرصدة هو: (141) بليون دولار (2).
وهذا التقدير قبل ثلاث سنوات أي قبل أن تقفز الأسعار إلى الضعف، ولكن السؤال لماذا لا تستثمر هذه الأموال لصالح الإسلام والمسلمين؟
إن واقع المسلمين لا يرقى إلى مستوى ما يملكون من ثروة فهم في فقر مدقع وتدهور مشين في جميع مجالات الحياة، فلا يملكون قوة عسكرية ضاربة، ولا مصانع إنتاجية كبيرة، ولا ثروة زراعية كافية، ولا طاقة بشرية علمية قادرة. مع أن المجال رحب وواسع لاستثمار هذه الأموال كلها في صالح هذه الأغراض فهناك مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة في السودان والعراق وفي شمال أفريقيا وأعالي النيل في مصر، إضافة إلى
(1) انظر مجلة البلاغ العدد (513) في 16/ 11/1399هـ من صفحة 6 - 12.
(2)
انظر مجلة المجتمع عدد 422 في 5/ 1/1399هـ ص17.
المساحات الهائلة من الأراضي الزراعية في باكستان وأفغانستان وأندونسيا وماليزيا وبعض الدول المسلمة الأخرى وهذه الدول جميعها تملك إمكانات زراعية لو عمل أصحاب الأموال على مساعدتها في تطويرها واستغلالها الاستغلال التام، لاستفاد الجميع وأفادوا معهم الإنسانية جمعاء، حيث يموت ثلاثون مليون طفل سنويًا من قلة الغذاء.
ثم إن ترك هذه الأموال في أيدي أعدائنا تقوية لهم ضدنا ووسيلة يستخدمونها للضغط علينا كما حصل مع إيران فالسعيد من وعظ بغيره.
والدول الغربية تتعامل معنا كما يتعامل المنشار مع الخشب فهي تستغلنا في بيعنا علينا وشرائها منا وقد وضح هذه الحقيقة الدكتور/ عودة أبو بدينة نائب رئيس الخزانة في فرست ناشيونال بنك أوف شيكاغو حيث يقول: إن الدول المصدرة للنفط قد دعمت الميزان التجاري الأمريكي بما يكفي للتغطية وإحداث فائض، وذلك من خلال الطرق التالية:
أولاً: من خلال الأرباح الفائضة للسلع التي تصدرها أمريكا إلى الدول النفطية.
ثانيًا: من خلال أرباح الشركات النفطية الأمريكية في الشرق الأوسط.
ثالثًا: من خلال تدفق قيمة النفط إلى أسواق المال الأمريكية.
وعلى هذا فكل دولار دفعته أمريكا ثمنًا للنفط من بلدان الشرق الأوسط، يساوي بعد التحليل والمقارنة قيمة الأرباح للسلع والخدمات التي حصلت عليها الولايات المتحدة من الدول النفطية، فخلال الأعوام (1977م - 1979م) بلغت قيمة النفط الذي اشترته أمريكا (7.2) مليارات دولار وبلغت الأرباح عن الفترة نفسها (8.155) مليارات دولار وقد أوضح هذه الحقيقة بالبيانات والأرقام الدقيقة والتفصيلية ولولا خشية الإطالة والخروج عن الموضوع لأوردنا تلك التفاصيل (1).
(1) انظر مجلة الاقتصاد والأعمال السنة الثانية العدد (18) - بيروت - لبنان ص19 - 20.
وبعبارة موجزة فإن النفط يصل إلى قلب الولايات المتحدة بالمجان. ومع ذلك كله فإن أمريكا والدول الغربية كافة لا تتعامل معنا على نحو يمكن أن يتكافأ مع ما نقدمه لهم من خدمات وما نتنازل عنه لهم من حقوق.
يقول الدكتور/ جاك شاهين أستاذ الإعلام في جامعة (الينوي) بالولايات المتحدة «إن معنى أن تكون عربيًا في أمريكا، هو أن تكون مثارًا للسخرية من وسائل الإعلام، فالعرب دائمًا محتقرون في القصص والأفلام السينمائية، والكتب المتحركة، والكاريكاتير والمجلات والصحف والكتب المدرسية» (1). اهـ.
والعربي يظهر من خلال كل هذه الوسائل الشديدة الجماهيرية على أنه «المخرب الأحول ذو الأنف المعقوف، القذر، المقطب الحاجبين، المتخلف، المجنون جنسيًا، الثري المتلاف، الشهواني الانتهازي، الطماع، البليد، الإرهابي، الجاهل المركب» .
ويقول الدكتور/ وليد خدوري مديرة إدارة الإعلام بمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول في ندوة عقدت في لندن قبل عامين «إن من المسلم به أن العرب قد احتفظ لهم الغرب بصورة بائسة حتى خلال التاريخ الحديث» (2). اهـ.
وهذه النظرة الظالمة الجائرة تعكس موقفًا عدائيًا متحيزًا بصورة متعمدة ومعادية لجميع البلاد الإسلامية.
وقد تخطو جميع الأنظمة والقوانين الصادرة منهم بمنع الكتابات أو الرسوم ذات الصبغة العنصرية، وقد اعترف بهذه الحقيقة الدكتور/ جونتان
(1) انظر مجلة اليمامة العدد (671) السنة التاسعة والعشرون الجمعة 18/ 12/1401هـ ص3 - 7.
(2)
المصدر السابق المكان نفسه.
ديمبل أحد المشاركين في ندوة الصحافة الدولية عام (1979م)(1).
ونحن أوردنا هذه النقول لندحض حجج الذين يحسنون الظن بأعداء الإسلام والمسلمين، ولنقول لهم هآنتم تفتحون لهم قلوبكم وبلادكم وتضحون لرضاهم بدينكم ودنياكم، وهم يسخرون منكم بأقوالهم وأفعالهم وصدق الله العظيم حيث يقول:(هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)(2).
إن الدول الإسلامية مطالبة اليوم بأن تكون على مستوى المسئولية في تصرفاتها ومعاملاتها، وأن تستخدم قدراتها المالية والبشرية فيما يعود نفعه على الإسلام والمسلمين. قال تعالى:(وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)(3).
إن الله عز وجل قد مكن لهذه الأمة وأعطاها من القدرات المعنوية والحسية ما يجعلها رائدة العالم في كل زمان ومكان ففي هذا العصر الذي تتباهي به الدول الصناعية الكافرة في الشرق والغرب نجد أن الله عز وجل قد حبا الدول الإسلامية، بأن يكون بيدها نصف إنتاج العالم من النفط حيث تنتج في السنة (1461) مليون طن من النفط وتصدر ثلثي مجموع صادرات الدول المنتجة للنفط في العالم (4).
وهذا مما يقيم الحجة عليها في تبليغ الرسالة وتأدية الأمانة التي كلفها الله بها فهي وإن ضعفت في مجال الصناعة فقد عوضها الله عن ذلك في مجالات أخرى سهلة ميسرة حيث مكنها من السيطرة على أغلى مادة يحتاج
(1) المصدر السابق المكان نفسه.
(2)
سورة آل عمران آية (119).
(3)
سورة القصص آية (77).
(4)
انظر مجلة المجتمع عدد 440 السنة العاشرة في 13/ 5/1399هـ.
إليها الناس في العالم، فكان الواجب عليها أن ترعى حق الله في ذلك وأن تستخدم ما أوتيت من مال الله فيما يحبه الله ويرضاه ولكن الواقع بعيد عما يجب أن يكون فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.