الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: موالاة ومعاداة الدروز
الدروز جماعة من الناس يقدر عددهم ما بين (150 - 200) ألف نسمة تقريبًا يعيشون في لبنان وسوريا وفلسطين، وأصلهم الجنسي غامض ويعتقد بعض المؤرخين أن الدروز من بقايا الشعوب القديمة، احتموا بالجبال أيام الفتوحات الإسلامية، واحتفظوا على الدوام بقدر من الاستقلال، وهم بصفة عامة لا يتمسكون بعقيدتهم إلا قليلاً: فهم مسلمون مع المسلمين، ونصارى مع النصارى، ويهود مع اليهود، وليس لديهم أماكن للعبادة خاصة بهم (1). وعقيدة الدروز أول ما ظهرت كطائفة مستقلة على يد: حمزة بن علي بن أحمد، رأس الطريقة الدرزية، ومصنف أهم رسائلهم التي غدت من الكتب المقدسة عندهم، ولا يعرف عن حياة هذا الشخص إلا القليل، ويقول النويري (2): «إنه من زوزن في بلاد
(1) انظر دائرة المعارف الإسلامية ج9 ص214 - 217.
(2)
يوجد بهذا الاسم أكثر من أربعة علماء ولم يتبين لي من المقصود منهم: انظر معجم المؤلفين ج15 ص296.
فارس» (1). اهـ. والظاهر أن الدروز من فرق الإسماعيلية القديمة ولكنهم برزوا كطائفة جديدة عندما قال زعيمهم حمزة بن علي بألوهية الحاكم بأمر الله سنة (408هـ) ويقول الدكتور/ محمد كامل حسين: إن المؤرخين يذكرون ثلاثة من الدعاة الكبار الذين أسسوا هذا المذهب وهم:-
1 -
الحسن الفرغاني - المعروف بالأخرم، قتل بعد أيام قليلة من ظهور الدعوة في تألية الحاكم بأمر الله قتله رجل من المسلمين السنة سنة (408هـ).
2 -
حمزة بن علي بن أحمد الزوزتي ويعرف باللباد وهو فارسي الأصل من زوزن بين نيسابور وهراة.
3 -
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الدرزي -يعرف بأنوشتكين أو نوشتكين وكان من أتباع حمزة بن علي بن أحمد ولكنه خرج عليه وأراد أن يستأثر بالرياسة، فأسرع بالكشف عن المذهب ولم يستمع إلى النصائح التي أسداها حمزة بالتريث وعدم الخروج على طاعته (2). اهـ.
وقد أعلن محمد بن إسماعيل الدرزي ألوهية الحاكم بأمر الله في الجامع الأزهر بالقاهرة، فلما ثار عليه الناس وقصدوا قتله، أظهر الحاكم براءته منه، وفي نفس الوقت حماه، حتى توفي سنة (410هـ) وقيل إنه قتل باتفاق بين الحاكم وحمزة بن علي بن أحمد ليخلوا المكان لدعوة حمزة دون منازع (3).
والدروز يهاجمون محمد بن إسماعيل الدرزي رغم أنهم ينسبون إليه. ويقف حمزة بن علي من نشتكين الدرزي والبرذعي وأصحابهما موقف العداء، ويصف حمزة بن علي نشتكين الدرزي بالجهل حيث يقول: إن
(1) انظر دائرة المعارف الإسلامية ج8 ص103.
(2)
انظر عقيدة الدروز عرض ونقض/ محمد أحمد الخطيب ص56.
(3)
المصدر السابق نفس المكان.
الذي تطلبه أنت من الكشف ليس لك عليه قدرة، ولا بفعله طاقة، ثم يقول:«لأن الروح هو العلم الحقيقي وأنت صفر اليدين منه، فإن كنت تدعي الإيمان، فأقر لي بالإمامة كما أقررت لي في الأول، حتى تخاطب أصحاب الزبور من زبورهم، وأصحاب التوراة من توراتهم، وأصحاب القرآن والنزيل، وأصحاب الباطن من نفس التأويل، وأصحاب المنطق من الآفاق والأفلاك، والدلائل العقلية ومن أنفسهم حتى يتبين لكل واحد منهم عوار ما في يده من دينه» (1).
وعقيدة الدروز شبيهة بعقيدة النصيرية حيث تضم أخلاطًا من التأويلات الباطنية، فهو يدعي -أي حمزة بن علي- أن له صلة بالله على طريقة تعبير النصارى فيقول:«ورسلي واصلة بالرسائل والوثائق إلى الحضرة اللاهوتية، التي لا تخفى عنها خافية لا في السراء ولا في العلانية، ثم يدَّعي أنه أصغى للإمام الذي يؤلهه فيقول: «كتب في شهر شعبان الثاني من سنة عبد مولانا جل ذكره وصفيه حمزة بن علي بن أحمد (2). ثم يرى تأليه الحاكم بأمر الله حيث ردد كلمة مولانا جل ذكره في كل رسالة من رسائله عشرات المرات، وخلع عليه جميع الصفات المتعلقة بالله، وفي رسالته السادسة المعنونة بعنوان: "نسخة سجل المجتبى" قال فيها ما يلي: «من عبد مولانا ومملوكه حمزة بن علي بن أحمد هادي المستجيبين المنتقم من المشركين والمنافقين والناكثين بسيف مولانا أمير المؤمنين جل ذكره وشد سلطانه وحده، ولا نستعين بغيره، ولا ترجى رحمة أحد سواه» (3).
وفي الرسالة الثانية والعشرين ادعاء للألوهية، وبصفة التقدير والتدبير وهذيان بالكفر الواضح وإظهار للحقل المرير الذي يكنه هذا الضال المضل
(1) انظر الرسالة الثانية من مجموعة رسائل الدروز/ حمزة بن علي ص45 - 47. مخطوطة بجامعة الرياض قسم المخطوطات برقم (982).
(2)
المصدر السابق الرسالة الخامسة (الصحبة الكاينة الورقة (4، 5) من المخطوطة.
(3)
المصدر السابق الرسالة السادسة الورقة (2).
ومعنى قوله: أنا مهدم القبلتين يقصد قبلة بيت المقدس، وقبلة الكعبة وأما قوله مبيد الشريعتين فيقصد الشريعة الظاهرة التي عليها المسلمون والشريعة الباطنة التي يقول بها الباطنية من الإسماعيلية وغيرهم. وقوله: مدحض الشهادتين، أي مبدل شريعة الإسلام ومبتدع شريعة مكانها.
وينقسم الدروز إلى قسمين:
1 -
(العُقَّال) وهم فقهاء الدروز، وعلماؤهم حيث يشتركون دون سواهم في الجلسات الدينية التي تعقد كل ليلة جمعة، ويعرف مكان الاجتماع بالخلوة ويصبح خير العقال (أجاود).
(1) انظر الرسالة الثانية من مجموعة رسائل الدروز/ حمزة بن علي ص - الورقة (21 - 4).
(2)
انظر مجموعة الدروز الرسالة الثانية والعشرون الورقة (4) مخطوطة بجامعة الرياض قسم المخطوطات برقم (982).
ولهما رئيسان دينيان يسميان بشيخي العقال، والعقال يتميزون بملبسهم إذ يتعممون بعمامة بيضاء أسطوانية ويلبسون قباء وعباءة لونها أزرق غامق، ويجب أن يتصف العقال بصفات مختلفة عن صفات الجهال فليلزمهم شيء من الزهد والعفة، والفضيلة، والنسك.
2 -
أما الجهال فهم سائر أبناء الطائفة الدرزية وهؤلاء لا يجوز لهم قراءة رسائل الدروز، ولا القرآن الكريم، ولكن يجوز لهم مطالعة بعض الشروح للرسائل الدرزية، والجهال وإن كانوا مطالبين بالفضائل والصدق إلا أنه يتسامح معهم في كثير من الأمور المحرمة على العقال ولهم لباس خاص بهم.
ومن العقائد الشائعة عند الدروز عقيدة تناسخ الأرواح فخيار الناس تتقمص أرواحهم المواليد، أما شرارهم فتتقمص أرواحهم أجسام الكلاب (1).
ويعتقد الدروز بوجود إمام مهدي لهم كما يعتقد الشيعة الاثنا عشرية ولذلك كتب حمزة بن علي رسالة بهذا الموضوع ذكر فيها «وإلى من شك في وليد قائم الزمان عليه» (2). وقال في موضع آخر «بلغني ما أصابكم من الضعف في أديانكم والشك في صاحب زمانكم» (3). ثم يدعي الإمامة لنفسه حيث يقول: «والإمام عبد مولانا جل ذكره ومملوكه حمزة بن علي بن أحمد- هادي المستجيبين المنتقم من المشركين» (4).
وعقيدة الدروز في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين له بإحسان لا
(1) انظر عقيدة الدروز عرض ونقص محمد أحمد الخطيب ص238 - 240.
وانظر دائرة المعارف الإسلامية ج9 ص217.
(2)
انظر مجموعة رسائل الدروز الرسالة الثانية/ حمزة بن علي ص29.
من المخطوطة بقسم المخطوطات بجامعة الرياض برقم (982).
(3)
المصدر السابق ص32، 33.
(4)
المصدر نفسه ص37.
تخرج عن نظرة أهل الفرق الباطنية فيذكر حمزة بن علي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوصف والاسم فيقول: «إن النواصب يأتون في إذن كل واحد منهم علاقتان من الحديد» ثم يقول إنهم يهود أمة محمد، وتارة يقول: هم المشركون وهم نصارى أمة محمد (1). ثم يقول حسب زعمه الباطل إنه يؤتى (بأبي بكر وعمر وعثمان) فيقال لهم: عُلِمتم فعلمتم ثم غلبتم صاحب الأمر وتشبهتم بأوليائه وادعيتم ما ليس لكم بحق (2). ثم يتناول التابعين من الفقهاء والمحدثين فيقول: «وقد اعتقد المسلمون في كثير من العلماء الإمامة مثل الشافعي وأبي حنيفة ومالك وسفيان الثوري وغيرهم مما يطول به الشرح، وإنما قالوا إنهم أئمة حيث بقولهم يحرمون الحرام ويحللون الحلال، واقتدوا بهم فوقع عليهم اسم الإمامة، فهؤلاء الذين ذكرتهم كل واحد منهم إمام لمن يطيعه ويتبعه، ويقبل منه
…
فقاتلوهم بقلوبكم وتبرأوا مما يعتقدونه في مولانا جل ذكره» (3). اهـ.
وقد سئل شيخ الإٍسلام ابن تيمية رحمه الله عن الدروز فأجاب قائلاً:
كفر هؤلاء لا يختلف فيه المسلمون بل من شك في كفرهم فهو كافر مثلهم، بل هم أضل من اليهود والنصارى والمشركين، فلا يباح أكل طعامهم، ولا تنكح نساؤهم، ويجوز أن تسبى أموالهم ونساؤهم، لأنهم زنادقة مرتدون يقتلون أينما ثقفوا، ولا يجوز استخدامهم عند مسلم ويجب قتل علمائهم لئلا يضلوا غيرهم، وتحرم مجالستهم إلا لمذكر وداع لهم إلى الإسلام، ويحرم على ولاة الأمر من المسلمين الاستعانة بهم، أو إقرارهم على ما هم عليه (4) اهـ.
(1) المصدر السابق ص49 - 50.
(2)
المصدر السابق ص57.
(3)
المصدر السابق الرسالة الثالثة ص67.
(4)
انظر الفتاوى/ لابن تيمية ج35 ص162. وانظر عقيدة الدروز عرض ونقض/محمد أحمد الخطيب ص265 - 273.
هذه نبذة قليلة عن طائفة الدروز وعقيدتها وحكمها في نظر الإسلام والمسلمين والدروز المعاصرون لا أدري ما هو موقفهم من تلك العقيدة التي قال بها أسلافهم، وما مدى تمسكهم بها واعتقادهم لها وعلى كل حال فإن من تمسك بمثل تلك العقائد السخيفة فحكمه الكفر والخروج عن دائرة الإسلام، وحينئذ يعادى معاداة الكافرين، ويعامل معاملة المرتدين، والدروز المعاصرون يوالي كثير منهم أعداء الإسلام ضد المسلمين وذلك أن قوام الجيش الإسرائيلي من الدروز (1).
وفي سوريا اعتمد حزب البعث والنصيريون قادته على الدروز وتعاونوا معهم حتى وصل النصيريون إلى السلطة، فانقلبوا على القادة من كبار الدروز وأقصوهم وقتلوا منهم من قتلوا أمثال الرائد سليم حاطوم الذي أعدمه النصيريون في عام (1967م)(2).
فمن تولى الكفار أو اعتقد الكفر، وجب إظهار العداوة له وإعلان البراءة منه سواء كان من هذه الفرق أو من غيرها، وقد اكتفينا بذكر هذه الفرق الأربع لأن بقية الفرق لا تخرج عن دائرة هذه الفرق، وعلى هذا أمكن قياس بقية الفرق وإعطاؤها نفس الحكم عند تطابق المعتقدات وتوافق الصفات.
والله ولي التوفيق والهادي إلى سواء الصراط.
(1) انظر عقيدة الدروز ص265.
(2)
انظر حصيلة الانقلابات الثورية في بعض الأقطار العربية/ محمد سعيد ص175 - 181.