المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: موالاة المرتدين ومعاداتهم - الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية - جـ ٢

[محماس الجلعود]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالث: الموالاة والمعاداة لأهل الأهواء والفرق

- ‌الفصل الأول: الموالاة والمعاداة لأهل الأهواء

- ‌المبحث الأول: موالاة أهل العصيان والفسوق ومعاداتهم

- ‌المبحث الثاني: موالاة المنافقين ومعاداتهم

- ‌المبحث الثالث: موالاة المرتدين ومعاداتهم

- ‌المبحث الرابع: موالاة الخارجين عن السلطة ومعاداتهم

- ‌المبحث الخامس: موالاة السلطة الحاكمة ومعاداتها

- ‌الفصل الثاني: الموالاة والمعاداة للفرق التي تنتسب إلى الإسلام

- ‌تقديم: حول افتراق هذه الأمة

- ‌المبحث الأول: موالاة ومعاداة الفرقة الزيدية

- ‌المبحث الثاني: موالاة ومعاداة الشيعة الاثنى عشرية

- ‌المبحث الثالث: موالاة ومعاداة الطائفة النصيرية

- ‌المبحث الرابع: موالاة ومعاداة الدروز

- ‌الباب الرابع: موالاة الكفارة ومعاداتهم

- ‌الفصل الأول: منهج التعامل مع الكفار

- ‌المبحث الأول: الإسلام بين دعوى التعصب والتسامح مع الكفار

- ‌المبحث الثاني: مفهوم الحرب والسلم في الإسلام

- ‌المبحث الثالث: تعامل المسلمين مع أهل الذمة والعهد في دار الإسلام

- ‌المبحث الرابع: تعامل المسلمين مع الكفار المحايدين

- ‌المبحث الخامس: تعامل المسلمين مع الكفار المحاربين

- ‌المحاربون من أهل الأوثان

- ‌المحاربون من اليهود

- ‌المحاربون من النصارى

- ‌الفصل الثاني: مظاهر الولاء للكفار

- ‌التمهيد لدراسة هذا الفصل

- ‌المبحث الأول: موالاة الكفار في الحقول العامة

- ‌المثال الأول: إطلاق حرية الدعوة إلى الكفر بين المسلمين

- ‌المثال الثاني: السماح بتعليم الكفر وتعليمه بين المسلمين

- ‌المثال الثالث: إباحة ظهور المحرمات بين المسلمين إرضاء للكفار وأشباههم

- ‌المثال الرابع: إطلاق يد الكفار في بناء المعابد لهم في بلاد المسلمين

- ‌المثال الخامس: منح الكفار حرية التنقل والإقامة بين المسلمين

- ‌المثال السادس: تمليك الكفار لما يتخذونه موضعًا لمعصية الله

- ‌المثال السابع: تأجير الأماكن والذوات لمن يتخذها هدفًا لمعصية الله

- ‌المبحث الثاني: موالاة الكفار في العلاقات الاجتماعية

- ‌الفرع الأول: السلام على الكفار والزيارة لهم

- ‌الفرع الثاني: تهنئة الكفار والثناء عليهم

- ‌الفرع الثالث: تشييع موتى الكفار وتعزيتهم في ذلك

- ‌الفرع الرابع: الزواج بالنساء الكافرات وتزويجهم المسلمات

- ‌المبحث الثالث: موالاة الكفار في الشئون الاقتصادية

- ‌المثال الأول: إباحة التعامل بالربا مع الكفار ومن أجلهم

- ‌المثال الثاني: إعطاء المساعدات المالية للكفار

- ‌المثال الثالث: تمكين الكفار من استغلال أموال المسلمين

- ‌المثال الرابع: تمكين الكفار من الوظائف الهامة في البلاد الإسلامية

- ‌المثال الخامس: توريث الكفار والنفقة عليهم من أهل الإسلام

- ‌المبحث الرابع: موالاة الكفار في الشؤون الحربية

- ‌الفرع الأول: الاستعانة بالكفار في القتال

- ‌الفرع الثاني: الدخول في حماية الكفار

- ‌الفرع الثالث: الاستعانة بسلاح الكفار

- ‌المبحث الخامس: موالاة الكفار في الحقوق الجنائية

- ‌الفرع الأول: قتل المسلم بالكافر

- ‌الفرع الثاني: إهانة المسلم بما دون القتل دفاعًا عن الكافر

- ‌الفرع الثالث: الستر على جواسيس الكفار وحمايتهم

- ‌المبحث السادس: موالاة المسلم للكفار في بلادهم

- ‌الفرع الأول: موالاة الكفار في السفر إليهم والإقامة بينهم

- ‌الفرع الثاني: موالاة الكفار في العمل لديهم وتحت ولايتهم

- ‌الفصل الثالث: العقوبات المترتبة على موالاة الكفار

- ‌المبحث الأول: العقوبة التعزيرية لمن يوالي الكفار

- ‌المبحث الثاني: العقوبة الإلهية التي تجري وفق السنة الربانية بحق من يوالون الكفار ويؤذون المؤمنين

- ‌المبحث الثالث: العقوبة الأخروية لمن يوالون الكفار

- ‌الفصل الرابع: واقع المسلمين اليوم من موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين

- ‌أولاً: فلسطين:

- ‌ثانيًا: أفغانستان:

- ‌ثالثًا: الفلبين:

- ‌خامسًا: المسلمون في كمبوديا:

- ‌سابعًا: المسلمون في الهند:

- ‌ثامنًا: جزر القمر:

- ‌تاسعًا: المسلمون اليونانيون:

- ‌عاشرًا: المسلمون في تونس:

- ‌الحادي عشر: موزمبيق:

- ‌الثاني عشر: أوغندا:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌المبحث الثالث: موالاة المرتدين ومعاداتهم

‌المبحث الثالث: موالاة المرتدين ومعاداتهم

معنى الردة لغة: الرجوع. واصطلاحًا: رجوع المسلم البالغ العاقل عن الإسلام إلى الكفر، قال تعالى:(وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)(1) وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ)(2).

والأصل في معاملة المرتد في الدولة الإسلامية، أن يستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا قتل بعد ثبوت البينة على ردته. لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه، المفارق للجماعة» (3).

(1) سورة البقرة آية (217).

(2)

سورة المائدة آية (54).

(3)

رواه مسلم. انظر صحيح مسلم ج3 ص1302.

ص: 487

ولحديث «من بدل دينه فاقتلوه» (1). قال الشوكاني (2): «إن الردة موجب من موجبات القتل للمرتد بأي نوع من أنواع الكفر حصلت الردة» (3). اهـ.

والمراد بمفارقة الجماعة، مفارقة جماعة المسلمين، الذين يلتزمون بالإسلام اعتقادًا وقولاً وفعلاً.

والارتداد الجماعي هو أن تفارق الإسلام جماعة في بلد من البلدان كما حدث على عهد الخليفة الأول أبو بكر رضي الله عنه وكما هو حاصل في عصرنا الحاضر في معظم بلاد المسلمين فحكم هؤلاء القتل كما فعل أبو بكر رضي الله عنه إلا من رجع منهم إلى الحق قبلت توبته، وقد اختلف الفقهاء، هل تصير دار المرتدين دار حرب بحصول الردة من معظم السكان فيها، أم أن هناك شروطًا لإطلاق دار الحرب على دار المرتدين.

والذي عليه جمهور الشافعية وأحمد ومالك بن أنس وأبو يوسف أن دار المرتدين تصير دار حرب، متى ارتد أهلها، وغلبوا عليها، وقال مالك تصير دار حرب بظهور أحكام الكفر فيها (4). اهـ.

وهذا هو الشرط الرئيسي عند الفقهاء (5).

(1) رواه البخاري. انظر فتح الباري ج6 ص149.

(2)

هو محمد بن علي بن محمد الشوكاني، ولد بهجرة شوكان من بلاد خولان في 28 ذي القعدة سنة (1173هـ) ونشأ بصنعاء، وولي القضاء فيها فهو مفسر، محدث، فقيه، أصولي، مؤرخ، أديب، نحوي، منطقي، متكلم، حكيم، توفي بصنعاء في جمادي الآخرة، ودفن بخزيمة في سنة (1250هـ) من تصانيفه الكثيرة: البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، الفوائد المجموعة في فن الأحاديث الموضوعة، والدر النضيد في إخلاص التوحيد وله شعر جيد. انظر معجم المؤلفين عمر رضا كحاله ج11 ص53. وانظر مقدمة فتح القدير.

(3)

انظر نيل الأوطار للشوكاني ج8 ص4.

(4)

انظر أحكام المرتد في الشريعة الإسلامية/ نعمان السامرائي ص170.

(5)

المصدر السابق نفس المكان.

ص: 488

ولم يتطرق الفقهاء إلى معاملة المرتدين في جوانب كثيرة، مثل الاستعانة بهم أو مصاحبتهم، أو صلتهم، أو التعامل معهم، لأنه أساسًا كان يجب أن لا يعيش بين المسلمين مرتد، فإما الإسلام، وإما الموت، ولذلك لا نستطيع أن نوجد صيغة في التعامل مع أناس كان يجب أن لا يعيشوا بدار المسلمين أصلاً فلا يمكن إيجاد حل صحيح لأوضاع قائمة على خطأ من أساسها ولذلك فالحل الوحيد مع هؤلاء المرتدين الذين انتشروا في أجزاء كثيرة من بلاد الإسلام هو الدعوة الجادة إلى الإسلام فمن تاب منهم قبلناه، ومن عاند واستمر في كفره قتلناه، وطهرنا الأرض منه، حيث إن المرتدين يجب أن يؤخذوا بالقوة والحزم، فعملية الترغيب قد لا تجدي معهم شيئًا، ولأنهم قامت عليهم الحجة بدخولهم ومعرفتهم لشرائع الإسلام، وقد انعقد إجماع الصحابة رضي الله عنهم في حربهم، حيث إن إقرارهم لأبي بكر رضي الله عنه في حربهم حجة في ذلك. فقد روى الإسماعيلي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لما قُبِضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد من ارتد من العرب، وقالوا نصلي ولا نزكي، فأتيت أبا بكر رضي الله عنه فقلت: يا خليفة رسول اللهّ تألف الناس وارفق بهم فإنهم بمنزلة الوحوش. فقال: أخرت نصرتك وجئتني بخذلانك، جبار في الجاهلية خوار في الإسلام ماذا خشيت أن أتألفهم؟ بشعر مفتعل أم بسحر مفترى، هيهات! هيهات! مضى النبي صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي، والله لأجاهدنهم ما استمسك السيف في يدي وإن منعوني عقالاً، كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحاربتهم عليه. قال عمر رضي الله عنه فوجدته في ذلك أمضى مني وأعزم وأدب الناس على أمور هانت على كثير من مؤنتهم حين وليتهم (1).

والمتتبع لأحوال معظم المسلمين في ديار الإسلام يجد أن هناك مرتدين كثيرًا في معظم البلاد الإسلامية يتمتعون بالحماية والرعاية والعناية من قبل حكومات كافرة مرتدة، وفي مثل هذه الحال لا يستطيع المسلم أن

(1) انظر كنز العمال ج3 ص300.

ص: 489

يتصرف تصرفًا مباشرًا مع هؤلاء كما يجب أن يتصرف معهم من منطلق الإسلام، لأن هؤلاء يقعون ضمن مشكلة كبرى وهي غياب دولة الخلافة الإسلامية التي تحكم بالإسلام وتنفذ أحكامه كلها، ولكن من الأمور التي يجب على المسلم اتباعها في حق هؤلاء بعد نصحهم وإرشادهم، أن يعاديهم ويبغضهم، وينفر الناس عنهم، وعن مذهبهم، وأن لا يزوج المرتد إن كان رجلاً، ولا يتزوج المرأة المرتدة وأن يمنع المرتد من الولاية على مسلم أو مسلمة مهما كانت درجة القرابة بينهما إن استطاع إلى ذلك سبيلا.

يقول السرخسي (1) الحنفي: «وإذا ارتد المسلم بانت منه زوجته مسلمة كانت أو كتابية، دخل بها أو لم يدخل» (2). اهـ.

وقال الإمام الشافعي رحمه الله: «إن كان المسلم الذي ارتد إلى الكفر لم يدخل بالمرأة بطل العقد، وإن كان قد دخل بها فإن انقطاع النكاح متوقف على ثلاث حيضات من تاريخ الردة فإن رجع إلى الإسلام قبل انقضاء الثلاث حيضات فالعقد باقٍ وإن لم يرجع بانت منه المرأ» (3). اهـ.

وقال الأحناف بأن توبة المرتد، وإسلامه بعد الردة لا ترفع الفرقة بين الزوجين، وإن كانا في العدة لأن الفرقة وقعت بالردة، فلا ترتفع بإسلامه (4). وقال الفقهاء: إذا ارتد الرجل أو المرأة عن الإسلام ثم تزوج فلا يصح زواجه عند سائر الفقهاء، لأنه لا ملة له، فالزواج باطل، فلا يصح لرجل مرتد أن يتزوج مسلمة، ولا كافرة ولا مرتدة، قال بذلك الأحناف والشافعية والحنابلة، والمالكية، والإمامية (5). كما أنه ليس للمرتد أن يزوج

(1) هو محمد بن أحمد بن أبي بكر السرخسي (شمس الأئمة) متكلم. فقيه، أصولي، مناظر، من طبقة المجتهدين في المسائل الشرعية – توفي سنة (490هـ - 1097م) من آثاره: المبسوط في الفقه الحنفي. انظر معجم المؤلفين عمر رضا كحاله ج8 ص239.

(2)

انظر المبسوط للسرخسي ج5 ص49.

(3)

انظر بدائع الصنائع للكاساني ج7 ص136.

(4)

انظر أحكام المرتد في الشريعة الإسلامية/ نعمان السامرائي ص267.

(5)

المصدر السابق ص268 – 269.

ص: 490

ابنته أو امرأة هو وليها قبل الردة لقصور ولايته بعد الردة قال بهذا الإمام الشافعي وقال به الحنابلة والحنفية والإمامية (1).

وعلى هذا فمن ينتمي إلى الشيوعية فهو مرتد وإن كان يدعي الإسلام لأن الشيوعية مبدأ الحادي ينكر وجود الله ويكذب بالكتب والرسل وبجميع ما ورد عن الخالق من حيث نشأة الكون والحياة والإنسان ومن حيث البعث والنشور والجنة والنار (2).

وقد ورد إلى الأزهر سؤال لأحد المواطنين بهذا الخصوص فأحاله إلى لجنة الفتوى بالأزهر. والسؤال هو كما يلي: ما رأي الإسلام في قضية شاب يعتنق الشيوعية ويصر عليها وتقدم لخطبة فتاة مسلمة، والشاب نفسه يحمل اسمًا إسلاميًا، ومن أسرة مسلمة فهل يجوز من وجهة نظر الإسلام أن يتم هذا الزواج؟ أفيدونا وفقكم الله؟

فقالت لجنة الفتوى: «إن الشيوعية مذهب مادي لا يؤمن بالله ولا برسوله، وينكر الأديان كلها ويعتبرها خرافة» . فالشيوعي الذي يؤمن بتلك المبادئ الإلحادية يحكم عليه بالردة إن كان مسلمًا، ويحرم عقد الزواج له بمسلمة، حيث قد حرم الإسلام زواج المشرك بالمسلمة، فمن باب أولى أن يكون ذلك ممنوعًا لمن لا دين له (3).

وتارك الصلاة عمدًا حكمه الكفر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة» (4) وقد سأل رجل من أهل الجنوب فضيلة الشيخ

(1) المصدر السابق نفس المكان.

(2)

انظر نقد الاشتراكية الماركسية/ غانم عبده ص6 - 8 وانظر حكم الإسلام في الاشتراكية/ عبد العزيز البدري ص48 وانظر حوار مع الشيوعيين في أقبية السجون ص60 - 65 تأليف/ عبد الكريم خفاجي.

(3)

انظر جريدة الأهرام المصرية العدد (28731) في 9/ 8/1965م. الصفحة الأولى العمود الأول.

(4)

صحيح مسلم ج1 ص88.

ص: 491

عبد العزيز بن باز فقال في سؤاله: إن أحد أقربائي لا يصلي وهو رجل كبير في السن وقد نصحته ونصحه كثير من الناس ولكنه متهاون جدًا في الصلاة ولا يصلي إلا نادرًا وأحيانًا لا يصلي إلا في رمضان أو الجمع فقط.

فكيف تكون معاملتي معه؟ وهل أسلم عليه إذا وجدته في مجلس أم أقاطعه؟

فأجاب الشيخ: إن ترك الصلاة عمدًا كفر واستدل بالحديث المتقدم وقال للسائل: إذا استمر قريبك على ترك الصلاة وجب عليك هجره وترك السلام عليه وعدم إجابة دعوته ورفع أمره لولي الأمر ليستتاب فإن تاب وإلا قتل لقوله تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ)(1) فدل ذلك على أن من لم يقم الصلاة لا يخلى سبيله، والأدلة في هذا كثيرة، نسأل الله للمذكور ولأمثاله الهداية والتوفيق (2). اهـ.

ويشمل حكم الردة كل من انتسب إلى حزب البعث في سوريا أو في العراق، أو ما تفرع عنهما في بقية البلاد الإسلامية. نظرًا إلى أن هذه الأحزاب خارجة عن عمد وإصرار على حكم الله وحكم رسوله، مبيحة لما حرم الله ومحرمة لما أباح الله في كثير من جوانب أنظمتها (3). ويكفي أن من شعارها قول قائلها عبر الإذاعة الرسمية:

آمنت بالبعث ربا لا شريك له

وبالعروبة دينًا ما له ثاني (4)

فهذا القول كفر محض ومن شك في كفر من قال هذا القول فهو كافر

(1) سورة التوبة آية (5).

(2)

انظر مجلة الدعوة عدد 961 في 20 محرم 1405 ص27.

(3)

انظر الإخوان المسلمين والمؤامرة على سوريا/ جابر رزق ص37 - ص86 وانظر سقوط الجولان/ خليل مصطفى/ ضابط استخبارات الجولان قبل الحرب ص32 - 33.

(4)

انظر الإخوان المسلمين والمؤامرة على سوريا تأليف جابر رزق ص111.

ص: 492

ومثل حزب البعث حزب القوميين السوريين في لبنان الذي أنشأه الصليبي الحاقد أنطون سعادة، وحزب القوميين العرب الذي أنشأه الصليبي قسطنطين زريق في الجامعة الأمريكية، وهذه الأحزاب كلها أحزاب كفر وضلال والدليل على ذلك أن مؤسسها من الصليبيين الحاقدين على الإسلام ابتداء من ميشيل عفلق مؤسس الأحزاب البعثية إلى مؤسس الأحزاب القومية الذين تقدم ذكرهم.

ومع أن هذه الأحزاب خارجة عن الإسلام فكرًا وواقعًا، فإن المخدوعين من أبناء المسلمين يتهافتون على الانتساب إلى هذه الأحزاب تهافت الفراش على النار، نظرًا لغياب الوعي الإسلامي الصحيح عن مسرح الحياة، مع أن واجب المسلم الحقيقي أن يكون عداؤه لتلك الأحزاب أشد من عداوة اليهود والنصارى وأهل الأوثان.

وقد ورد من بعض الأخوة الباكستانيين سؤال إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز يقول:

«ما حكم الذين يطالبون بتحكيم المبادئ الاشتراكية والشيوعية ويحاربون حكم الإسلام؟ وما حكم الذين يساعدونهم في هذا الطلب، ويذمون من يطالب: حكم الإسلام ويلمزونهم، ويفترون عليهم؟» .

وقد أجاب على ذلك بعد أن ذكر عددًا من الأدلة التي سبق ذكرها في مبحث متقدم من هذه الرسالة (1) بقوله:

لقد أجمع العلماء على أن من زعم أن حكم غير الله أحسن من حكم الله، أو أن هدي غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كافر ضال. كما أجمعوا على أن من زعم أنه يجوز لأحد من الناس الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم أو تحكيم غيرها فهو كافر ضال. وإن الذين يدعون إلى

(1) انظر ص57 وما بعدها من هذه الرسالة.

ص: 493

الاشتراكية أو الشيوعية أو غيرهما من المذاهب الهدامة المناقضة لحكم الإسلام كفار ضلال أكفر من اليهود والنصارى لأنهم ملاحدة لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر (1). اهـ.

إن اتخاذه هذه الأحزاب لمسميات مناهضة للإسلام لهو دليل ضمني على مفاصلة تلك الأحزاب لحزب الله ومحاربته وجميع المنتمين إليه، ولو كانت هذه الأحزاب متمسكة بالإسلام لوجدت في حزب الله وأهله أعظم شعار ومحتوى يغنيها عن جميع أحزاب الشيطان وعن الانتماء إليها.

فهل يعي المخدوعون، ويستيقظ النائمون، ويرجع المرتدون إلى الإسلام؟ هذا ما نرجوه، والله حسبنا ونعم الوكيل.

(1) انظر جريدة المسلمون الدولية السنة الأولى العدد الأول السبت 19/ 5/1405هـ. ص10.

ص: 494