الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مِنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ، وَمَا تَجِبُ فِيهِ
شَرْطُ وُجُوبِ زكَاةِ المَالِ: الإِسْلَامُ، والْحُرِيَّة، وَتَلزَمُ المُرْتَدِّ إِنْ أَبْقَيْنَا مِلْكَهُ،
ــ
باب من تلزمه الزكاة، وما تجب فيه
المراد: شروط من تجب عليه، وشروط المال الذي تجب فيه، وبيان ما يؤثر في إسقاطها. وليس المراد: بيان الأنواع من ماشية ونقد وغيرهما؛ فإن ذلك تقدم.
ولما كانت (من) لأولى العلم و (ما) لغيرهم أتى هما فيهما.
قال: (شرط وجوب زكاة المال: الإسلام) فلا يُطالب بإخراجها الكافر الأصلي لا في حال الكفر ولا بعد الإسلام.
واحترز بـ (زكاة المال) عن زكاة الفطر؛ فإنها تلزم الكافر عن غيره كما سبق.
وتقدم في (باب التيمم) الكلام على لفظ المال.
قال: (والحرية) ، فلا تجب على رقيق؛ لأنه لا ملك له.
وعلى القديم: يملك بتمليك سيده ملكًا ضعيفًا، ومع ذلك لا زكاة له، ولا على سيده على الأصح.
قال: (وتلزم المرتد إن أبقينا على مُلكه)؛ مؤاخذة له بحكم الإسلام، فإن أبقيناه ..
وجبت، وإلا .. فلا.
والأصح: أن ملكه موقوف فهي كذلك.
وصورة المسألة: أن تمضى عليه في الردة سنة بعد ملك النصاب، فعلى المذهب: إذا أخرجنا في حال ردته .. جاز على المذهب، كما لو أطعم عن الكفارة بخلاف الصوم؛ فإنه عمل بدن.
وقال صاحب (التقريب): لا تجزئه إذا أخرجنا في حال الردة.
أما إذا وجبت الزكاة ثم ارتد .. فإنها تؤخذ من ماله على المشهور، وحكي في (شرح المهذب) الاتفاق عليه.
دُونَ المُكَاتَبِ. وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبيّ وَالْمَجْنُونِ، ......
ــ
قال: (دون المكاتب) فلا تجب عليه؛ لأن ملكه ضعيف لا يحتمل المواساة، وصح عن جابر رضي الله عنه أنه قال:(لا زكاة في مال المكاتب حتى يعتق) ، ورواه الدارقطني مرفوعًا [2/ 108] ، وبهذا قال كافة العلماء سوى أبى ثور؛ فإنه جعله كالحر.
وأوجب أبو حنيفة العشر في زرعه دون باقي أمواله.
ولو حذف المصنف المسألة .. لاستغنى عنها باشتراط الحرية.
قال: (وتجب في مال الصبي والمجنون)؛ لعموم: (تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم)، ولقوله صلى الله عليه وسلم:(ابتغوا في أموال اليتامى؛ لا تذهبها للصدقة) رواه الشافعي رضي الله عنه مرسلًا [أم 2/ 28] ، واعتضد بقول خمسة من الصحابة كما قاله الإمام أحمد، وبالقياس على زكاة المشعرات وزكاة الفطر، فإن أبا حنيفة- وهو الخصم- وافق عليهما.
والمجنون في معنى الصبي، والمخاطب بالإخراج: الولي كنفقة القريب والأرش.
وأما المال المنسوب إلى الجنين بوصية أو غيرها .. فالمذهب: أنه لا زكاة فيه؛ لعدم تحقق حياته، وهو الذي احترز المصنف عنه بلفظ (الصبي).
وقال الشيخ عز الدين: إذا نهى الإمام الأوصياء عن إخراج زكاة الموصى عليه .. لم يكن عذرًا.
وإذا أعتقد الولي أنها غير واجبة .. قال الشيخ: يقهره القاضي على إخراجها ويرفع يده؛ لأن مفسده منعه تتعدى إلى الصغير، قال: ولا فرق بين أن يكون الولي شافعيًا أو حنفيًا؛ لأن القاضي يفعل مقتضى مذهبه، لن الشافعي يزداد الإنكار عليه.
قال: وأما القاضي الشافعي .. فلا رُخصة له في ترك إخراجها؛ فإن ترك إخراجها
وَكَذَا مَنْ مَلَكَ بِبَعْضِهِ الحُرّ نِصَابًا فِي الأَصَحِّ، وَفِى الْمَغْصُوبِ والضَّال والْمَجْحُودِ فِي الأَظْهَرِ،
ــ
خطأ ، وتصير مضمونة للأصناف على الولي والقاضي الشافعي، بخلاف الحنفي الذي يعتقد عدم وجوبها.
فائدة:
حكي ابن الرفعة عن شيخه الظهير التزمنتى رحمهما الله: أنه لما كان قاضى الغربية .. كتب إلى مستنيبه قاضى القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز يسأله عن دراهم الأيتام: كيف تخرج الزكاة منها وهى مغشوشة والغش الذي فيها ملك الأيتام؟! فاستصعب الجواب عليه في ذلك.
قال الشيخ: إن كان الغش يُماثل أُجرة الضرب والتخليص .. فيتسامح به، وعمل الناس على الإخراج منها.
قال: (وكذا من ملك ببعضه الحر نصابًا في الأصح)؛ لأن ملكه تام، ولهذا يُكفّر كفّارة الحرّ الموسر.
والثاني: لا؛ لنقصانه بالرق، وبهذا جزم الأكثرون، واعتذروا عن وجوب زكاة الفطر بأنها تتبعض وزكاة المال لا تتبعض.
قال: (وفى المغصوب والضال والمجحود في الأظهر)؛ لملك النصاب وتمام الحول وعموم الأدلة الآمرة بالزكاة، ولابد فيه من مراعاة السموم كما تقدم.
والثاني- وهو التقديم-: لا؛ لتعطل فائدتها.
وقيل: تجب قطعًا.
وقيل: إن عاد بفوائده كالسائمة تعود بنمائها .. وجبت، وإلا .. فلا.
والسرقة كالضلال وذكره في (المحرر) ، لكن أسقطه المصنف؛ لدخوله في المغصوب.
وموضع الخلاف في المغصوب والمجحود: إذا لم تكن له بينة، فإن كانت .. وجب الإخراج قطعًا؛ لأنه مقصر، وكذا إذا علم القاضي به إذا قلنا: يقضى بعلمه.
وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا حَتَّى يَعُودَ، وَالمُشْتَرى قَبَلَ قَبْضِهِ، وَقِيلَ: فِيهِ القَوْلَانِ وَتَجِبُ فِي الحَالِ عَنِ الغَائِبِ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ. وَإلاّ .. فَكَمَغْصُوبٍ. والدَّيْنُ ْإِنْ كَانَ ماَشِيَةً، أَوْ غَيْرَ لَازمِ كَمَالِ كِتَابِةٍ .. فَلَا زكَاةَ،
ــ
قال: (ولا يجب دفعها حتى يعود)؛ لعدم التمكين قبله، فيزكيه حينئذ للأحوال الماضية ما لم تنقص عين النصاب إخراج زكاة بعض الأحوال.
وإن كانت ماشية .. فشرطها: إن تكون سائمة عند المالك والغاصب كما تقدم.
قال: (والمشترى قبل قبضه) أي: بعد انقضاء الخيار؛ لأنه يمكنه تسليم الثمن وتسلمُّه، فتجب فيه الزكاة قطعًا إذا مضى حول من يوم الشراء.
قال: (وقيل: فيه القولان) أي: في المغصوب وغيره؛ لأن تصرفه فيه غير نافذ وإن رضي البائع، وعلم من مجئ قوله المغصوب: إن القائل بالوجوب لا يوجب الإخراج قبل القبض.
قال: (وتجب في الحال عن الغائب إن قدر عليه)؛ لأنه كالمال الذي في صندوقه.
هذا إذا كان المال مستقرا في بلد، فإن كان سائرًا .. لم يخرج زكاته حتى يصل إليه.
ويجب إخراجها في بلد المال، فإن أخرج في غيره .. فيأتي فيه خلاف نقل الزكاة.
قال: (وإلا .. فكمغصوب) يعنى: إذا لم يقدر عليه لانقطاع الطريق .. فيأتي فيه القولان في المغصوب؛ لعدم القدرة في الموضعين.
قال: (والدين إن كان ماشية، أو غير لازم كمال كتابة .. فلا زكاة).
أما الماشية .. فإن علة الزكاة فيها النماء ولا نماء فيها في الذمة، بخلاف النقد إذا ثبت في الذمة؛ فإن علّة الزكاة فيه: كونه معدًا للتصرف والربح، وهذا المعنى حاصل فيما إذا كان على ملئ.
ومنهم من علل ذلك بأن السوم شرط فيها ولا وجود للسوم في الذمة، واعترضه الرافعي بأنه يجوز أن يثبت في الذمة لحم راعية، وإذا جاز ذلك .. جاز أن يثبت الذمة راعية.
أَوْ عَرْضًا أَوْ نَقْدًا .. فَكَذا فِي القَدِيمِ، وفِي الجَدِيدِ: إِنْ كَانَ حَالًا وَتَعَذّرَ أخذُهُ لإعْسِارٍ وَغَيْرِهِ .. فَكَمَغْصُوبٍ، واِنْ تَيَسَّر .. وَجَبَتْ تَزْكِيَتُهُ فِي الحَال. أَوْ مُؤجَّلًا .. فالْمَذْهَبُ: اَنَّهُ كَمَغْصُوبٍ،
ــ
وأما مال الكتابة .. فالملك فيه غير تام، وللعبد إسقاطه بالكلية، والمالك غير قادر على التصرف التام فيه، فلذلك لم تجب زكاته.
وألحق ابن الرفعة الثمن في مدة خيار المجلس بدين الكتابة.
واحترز بـ (مال الكتابة) عن الدين الذي على المكاتب لسيده من معاملة ، وفى سقوط الزكاة عنه تناقض في (المهمات).
وعما إذا أحال المكاتب سيده بالنجوم على شخص .. فإنه يصح وتجب الزكاة فيه؛ لأنه لازم لا يسقط من ذمة المحال عليه بتعجيز المكاتب ولا فسخه.
قال: (أو عرضًا أو نقدًا .. فكذا في القديم) أي: لا زكاة فيه سواء كان على ملئ أو على غيره حالًا أو مؤجلًا؛ لأنه لا ملك فيه حقيقة فأشبه دين المكاتب.
واستشكل شيخنا التعليل بما لو حلف انه لا مال له .. فإنه يحنث بالحالّ والمؤجل على الأصح.
قال: (وفي الجديد: إن كان حالًا وتعذر أخذه لإعسار وغيره .. فكمغصوب) فيأتي فيه الخلاف السابق، فلو كان مقرًا له في الباطن .. وجبت الزكاة دون الإخراج قطعًا، فلو كان يقدر على أخذه من مال الجاحد بالظفر من غير خوف ولا ضرر فهل يكون الحكم كما لو تيسر أخذه بالبينة أو لا؟ المتبادر من كلام الشيخين وغيرهما: لا، وهو محتمل.
قال: (وإن تيسر) بأن كان على مُقرّ باذل (.. وجبت تزكيته في الحال) كالمال المودع والذي في خزانته.
قال: (أو مؤجلًا .. فالمذهب: انه كمغصوب) فيأتي فيه الخلاف المتقدم.
وقِيلَ: يَجِبُ دَفْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ. وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهَا فِي أَظْهَرِ الأَقْوَالِ،
…
ــ
قال: (وقيل: يجب دفعها قبل قبضه) كالغائب الذي يسهل إحضاره.
ويقابل المذهب طريقة قاطعة بعدم وجوب الزكاة، وأخرى قاطعة بوجوبها.
ولو عبر بقوله: (قبل حلوله) كان أولى؛ فإن هذا الوجه محله: إذا كان الدين على ملئ ولا مانع سوى الأجل، وحينئذ متى حلّ .. وجب الإخراج قبض أم لا.
فائدة:
قال الشيخ: إذا أوجبنا الزكاة في الدين وجعلنا تعلقها بالمال تعلق شركة .. اقتضى أن يملك أرباب الأصناف ربع عشر الدين في ذمة المدين، وذلك يجر إلى أمور لا يتنبه لها كثير من الناس كالدعوى بالصداق والديون؛ لأن المدعى غير مالك للجميع فيكيف يدعى به؟ إلا إن له ولاية القبض لأجل أداء الزكاة، فيحتاج إلى الاحتراز عن ذلك في الدعوى، وإذا حلف على عدم المسقط .. ينبغي أن يحلف إن ذلك باق في ذمته إلى حين حلفه لم يسقط، وانه يستحق قبضه حين حلفه، ولا يقول: انه باق له.
قال: (ولا يمنع الدين وجوبها في أظهر الأقوال) وهو آخرها تاريخًا؛ لإطلاق النصوص الآمرة بأداء الزكاة سواء كان الدين حالًا أم مؤجلًا، من جنس المال أم غير جنسه، لآدمي أم لله تعالى كالزكاة والكفارة والنذر، ولأنها إن تعلقت بالذمة .. فهي متسعة، أو بالعين .. فالتعلق بالذمة لا يمنع مما تعلق بالعين؛ لأن عبد المديون إذا جني تعلق حق الجناية برقبته.
والثاني: يمنع، وفى علته وجهان:
أصحهما: ضعف ملك المديون؛ لإشرافه على التصرف في الدين.
أصحهما: إن مستحق الدين تلزمه الزكاة، فلو اوجبناها على المديون أيضًا .. أدى إلى تضعيف الزكاة الواحدة.
ويتفرع على ذلك لو كان مستحق الدين ذميًا .. فعلى الأول: لا تجب، وعلى الثاني: تجب.
وَالثَّالِثُ: يَمْنَعُ فِي المَالِ البَاطِنِ، وَهُوَ النَّقْدُ والْعَرْضُ. فَعَلَى الأَوَّلِ: لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِدَيْنٍ، فَحَالَ الْحَوْلُ فِي الْحَجْرِ .. فَكَمَغْصُوبِ
ــ
فلو زاد المال على قدر الدين وكان الزائد نصابًا .. وجبت زكاته قطعًا، أو دونه .. فالجميع على الخلاف.
قال: (والثالث: يمنع في المال الباطن، وهو النقد والعرض) وكذا زكاة الفطر أيضًا، ولا تمنعها الأموال الظاهرة وهى: المواشي والزروع والثمار والمعادن، والفرق: إن الظاهرة تنمو بنفسها أو هى نماء في نفسها، والباطنة ليس كذلك.
لكن التعبير بـ (النقد) يخرج غير المضروب فكان الصواب: التعبير بـ (الذهب والفضة).
ومحل الخلاف: إذا لم يكن له من المال الزكوى ما يقضى به الدين، فإن كان .. وجبت قطعًا.
قال: (فعلي الأول: لو حجر عليه لدين، فحال الحول في الحجر .. فكمغصوب)؛ لأنه حيل بينه وبين ماله الحجر المانع من التصرف.
ولا شك أن للمحجور عليه أحوالًا:
احدهما: أن يفرق الحاكم أمواله بين غرمائه، ويقبضونه.
الثاني: أن يبيعه منهم، ولا زكاة عليه في الحالين.
الثالث: أن يعين لكل غريم قدر دينه ويأذن له في قبضه ويحول الحول قبل قبضه .. فملك المحجوز باق حتى يقبضه الغريم.
والمذهب: انه لا زكاة على المفلس في هذه الحالة، لضعف الملك، وهو مشكل، فكيف يمكنهم من أخذه من غير بيع أو تعويض؟ لا جرم صوّرها في (السلسة) بما إذا كان ماله من جنس الدين.
فروع:
ملك نصابًا، فنذر التصدق به أو بكذا منه، فمضى الحول قبل التصدق ..
فالأصح: القطع بمنع الزكاة لتعلق النذر بعينه، وقيل: على الخلاف في الدين.
وَلَوِ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ وَدَيْنُ آدَمِيٍّ فِي تَرِكَةٍ .. قُدِّمَتْ،
ــ
ولو قال: جعلت هذا المال صدقة، أو هذا الغنام ضحايا، أو على أن أضحى بهذه الشاه .. فلا زكاة.
وإذا دفع دراهم إلى رجل ليصرفها إلى فقير، أو فى جهة من جهات البر، فتم الحول قبل صرفها .. لزمه زكاتها؛ لبقائها في ملكه، بخلاف ما لو دفعها إلى الأمام ليصرفها في ذلك.
ولو أوصى بدراهم للفقراء، فحال الحول عليها بعد موته قبل أن تصرف .. فلا زكاة.
قال: (ولو اجتمع زكاة ودين آدمي في تركة) أي: وضاقت التركة عنهما (.. قدمت) سواء كانت زكاة مال او زكاة فطر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (فدين الله أحق أن يقضى) متفق عليه [خ 1953 - م1148].
والحديث ورد في الحج والصوم، ولا شك أن الزكاة أحق بالتقديم منهما.
وقوله: (زكاة) على سبيل التمثيل، وإلا .. فكل حق من حقوق الله تعالى كالكفارة تجرى فيها الأقوال عند الاجتماع مع الدين، وكذلك الزكاة مع الحج كما صرح به في (الكفاية) وسيأتي في (الوصية) أيضا.
واحترز بقوله: (في تركة) عما إذا اجتمعوا على حي وضاق ماله عنهما .. فإن الأقوال لا تجرى فيه، بل إن لم يكن محجورًا عليه .. قدمت الزكاة جزمًا، وان كان محجورًا عليه .. قدم حق الآدمي جزمًا.
ويؤخر حق الله تعالى ما دام حيًا كما صرح به الرافعي في (الباب الثالث) من (الإيمان) ، لكن صرح القاضي أبو الطيب فيها بجريان الأقوال، وسيأتي في (كتاب الجزية): انه يسوى بينها وبين دين الآدمي على المذهب مع أنها حق الله تعالى.
وصورة مسألة الكتاب: إذا كانت الزكاة في الذمة أن تلف المال بعد الوجوب والتمكن، فأما إذا كان ما وجبت فيه الزكاة موجودًا .. فهي مقدمة قطعًا، قاله جماعة منهم القاضيان: الحسين وابن كج، وهو مقتضى النص، وهذا متعين إذا قلنا: إنها تتعلق بالمال تعلق الشركة. ووقع في (الشرح) و (الروضة) في هذا اضطراب.
وَفِى قَوْلٍ: الدَّيْنُ، وَفِى قَوْلٍ: يَسْتَوِيَانِ. وَالْغَنِيمَةُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ إِنِ اخْتَارَ الْغَانِمُونَ تَمَلُّكَهَا وَمَضَى بَعْدَهُ حَوْلٌ، وَالْجَمِيعُ صِنْفٌ زَكَوِىٌ، وَبَلَغَ نَصِيبُ كُلِّ شَخْصٍ نِصَابًا، أَوْ بَلَغَهُ الْمَجْمُوعُ فِي مَوْضِعِ ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ .. وَجَبَتْ زَكَاتُهَا،
ــ
قال: (وفى قول: الدين)؛ لأن صاحبه محتاج وحقوق الآدميين مبنية على المضايقة، وكما يقدم القصاص على القطع في السرقة.
وجوابه: إن الحدود ومبناها على الرديء.
قال: (وفى قول: يستويان)؛ لعدم الترجيح، فيوزع المال عليهما كما إذا كان عليه دينان لرجلين وضاق ماله .. فإنه يقسم بينهما.
وفى قول رابع: يقدم الأسبق منهما وجوبًا.
قال: (والغنيمة قبل القسمة أن اختار الغانمون تملكها ومضى بعد حول، والجميع صنف زكوى، وبلغ نصيب كل شخص نصابًا، أو بلغه المجموع في موضع ثبوت الخُلطة .. وجبت زكاتها) كسائر الأموال.
واحترز بـ (واختار الغانمون تملكها) عما إذا أعرضوا أو سكتوا .. فلا زكاة؛ لأنها لا تملك إلا بالقسمة أو اختيار التملك ولم يوجد واحد منهما.
ولو فرعنا على القول بـ (أنها تملك بمجرد الاستيلاء) فهو ملك ضعيف بدليل سقوطه بمجرد الأعراض.
وان اختاروا ولم يمض بعده حول .. فلا زكاة.
وان وجد الاختيار والحول ولكنها كانت أصنافا كسائمة ونقود .. فلا زكاة أيضا؛ لأن كل واحد من الغانمين لا يدرى الصنف الذي يحصل له ولا مقداره.
والمراد بـ (بلغه المجموع): غير الخمس.
وموضع ثبوت الخُلطة بالنسبة إلى المالك، وذلك في السائمة جزمًا، وفى غيرها
وَإِلَاّ .. فَلَا. وَلَوْ أَصْدَقَهَا نِصَابَ سَائِمَةٍ مُعيّنًا .. لَزِمَهَا زَكَاتُهُ إِذَا تَمّ حَوْلٌ مِنَ الإِصْدَاقِ. وَلَوْ أَكْرَي دَارًا أَرْبَعَ سِنِينَ بِثَمَانِينَ دِينَارًا وَقَبَضَهَا .. فَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ إِلَاّ زَكَاةَ مَا اسْتَقَرَّ،
ــ
على الأصح بالنسبة إلى من تصح الخلطة معه، لا كأهل الخمس؛ فإن الخلطة لا تثبت معهم.
فإذا اجتمعت الشروط .. وجبت الزكاة وان لم يُفرز الخمس.
وقيل: لا زكاة قبل إفرازه.
وقوله: (زكوى) هو الصواب، ووقع في (المهذب):(زكائى) وهو مُعترض.
قال: (وإلا .. فلا) أي: إذا لم يختاروا التملك، ولم يمض حول، أو مضى وهى أصناف أو صنف غير زكوى كقماش، أو لم يبلغ الجميع نِصابًا كمئة درهم، أو بلغه في غير موضع ثبوت الخلطة .. فلا زكاة في جميع ذلك؛ لانتفاء الشروط.
قال: (ولو أصدقها نصاب سائمة معينًا .. لزمها زكاته إذا تم حول من الإصداق) سواء استقر بالدخول والقبض أم لا؛ لأنها ملكته بالعقد.
واحترز بـ (المعيّن) عما إذا كان في الذمة .. فلا زكاة فيه؛ لأن وصف السوم لا يثبت في الذمة كما تقدم، خلاف أصداق الدراهم والدنانير؛ فإن الزكاة تجب فيها ناء على وجوها في الدين، فلم يذكر السائمة لاختصاص الزكاة بها بل لاختصاصها باشتراط التعيين.
والصلح عن دم العمد كالصداق وألحق بهما أن الرفعة بحثًا مال الجُعالة.
ولو أصدقها عض نصا سائمة معين .. اعتبرت شروط الخلطة.
ولو طالبته المرأة فامتنع .. كان كالمغصوب، قاله المتولي.
قال: (ولو اكري دارًا ارع سنين ثمانين دينارًا وقبضها .. فالأظهر: انه لا يلزمه أن يخرج إلا زكاة ما استقر)؛ لأنها قل الاستقرار معرضة للسقوط الانهدام.
فَيُخْرِجُ عِنْدَ تَمَامٍ السَّنَةِ الأُولَى زَكَاةَ عِشْرِينَ، وَلِتَمَامِ الثَّانِيَةِ زَكَاةَ عِشْرِينَ لسَّنَةِ وعِشْرِينَ لسَنَتَيْنِ، وَلِتَمَامِ الثَّالِثَةِ زَكَاةَ أَرْبَعِينَ لسَّنَةِ وعِشْرِينَ لثَلَاثِ سِنِينَ، وَلِتَمَامِ الرابعة زَكَاةَ سِتِّينَ لِسَنَةِ وَعِشْرِينَ لأَرْبَعٍ، وَالثَّانِي: يُخْرِجُ لِتَمَامِ الأُولَى زَكَاةَ الثَّمَانِينَ
ــ
والفرق بينه وبين الصداق: إن الأجرة تجب في مقابلة المنافع فينفسخ العقد فواتها، والصداق ليس في مقابلتها دليل: استقراره بموتها قبل الدخول، والتشطير الطلاق.
واحترز بـ (قبضها) عما إذا كانت معينة ولم يقبضها .. فهي كالمبيع قل القبض. و (المحرر) مثّل المسألة مئة دينار فعدل المصنف إلى ثمانين؛ لأن حسابها أسهل.
قال: (فيخرج عند تمام السنة الأولى زكاة عشرين) لسنة؛ لأنه الذي استقر ملكه عليه وهذا لا خلاف فيه.
قال: (ولتمام الثانية زكاة عشرين لسنة وعشرين لسنتين) وهو: دينار ونصف؛ لأنه ملكه قد استقر على أربعين دينارًا وكانت في ملكه سنتين وواجها ديناران، ولم يخرج إلا واجب عشرين عن سنة واحد وهو نصف دينار، فيبقى عليه دينا ونصف.
إما الدينار .. فعن العشرين التي هي أجرة السنة الثانية؛ فإنها أقامت في ملكه سنتين ولم يخرج عنها شيئًا: وإما النصف .. فزكاة السنة الثانية عن العشرين التي هي أجرة السنة الأولى.
قال: (ولتمام الثالثة زكاة أربعين لسنة وعشرين لثلاث سنين)؛ لأنه استقر ملكه على ستين دينارًا وكانت في ملكه ثلاث سنين، فعليه زكاتها لثلاث سنين وهى: أربعة دنانير ونصف، أدى دينارين ويخرج الباقي.
قال: (ولتمام الرابعة زكاة ستين لسنة وعشرين لأربع)؛ لأنها استقرت الآن وقد مضى عليها في ملكه أربع سنين، وواجب ثمانين في أربع سنين ثمانية دنانير، أدى منها أربعة ونصفًا فيخرج الباقي وهو ثلاثة ونصف.
قال: (والثاني: يخرج لتمام الأولى زكاة الثمانين) هذا قسيم لقوله: