المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب زكاة الحيوان - النجم الوهاج في شرح المنهاج - جـ ٣

[الدميري]

الفصل: ‌باب زكاة الحيوان

‌باب زكاة الحيوان

إنَّمَا تَجِبُ مِنهُ فِي النَّعَمِ - وَهِيَ: الإِبِلُ وَالبَقَرُ وَالغَنَمُ -

ــ

باب زكاة الحيوان

بدأ المصنف به وبالإبل اقتداء بكتاب رضي الله عنه الآتي قريبًا.

و (الحيوان): جنس الحي.

قال: (إنما تجب منه النعم) بالنص والإجماع. وسمي نعمًا؛ لكثرة نعم الله فيه على خلقه من النمو وعموم الانتفاع مع كونها مأكولة، فلذلك وجبت الزكاة فيها لاحتمالها المواساة.

قال: (وهي: الإبل والبقر والغنم) هذا عرف شرعي، ونقل الواحدي الاتفاق عليه، وبه جزم المصنف في (باب إحياء الموات) من (التحرير).

وخصه ابن دريد والهروي بالإبل لقول حسان [من الوافر]:

وكانت لا يزال بها أنيس .... خلال بيوتها نعم وشاء

وقيل: يطلق على كل من الإبل والبقر ولا يطلق على الغنم.

و (الأنعام) يشمل الثلاث، وهو جمع: نعم، يذكر ويؤنث، قال الله تعالى:{نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا} ، وفي موضع:{مِّمَّا فِي بُطُونِهَ} ، وجمع الجمع: أناعم.

ولما كان لفظ (النعم) يذكر ويؤنث عند الجمهور .. أتى المصنف بضميره مؤنثًا.

وقال الفراء: لا يؤنث، تقول: هذا نعم وارد.

فإن قيل: لو حذف المصنف لفظة (النعم) كان أخضر وأسلم .. فالجواب: أفاد بذكرها تسمية الثلاث نعمًا.

و (الإبل): اسم جمع لا واحد له من لفظه، ويجوز تسكين بائه للتخفيف، ويجمع على آبال كجمل وأجمال.

و (البقر): اسم جنس واحدة: بقرة، سمي بذلك؛ لأنه يبقر الأرض أي:

ص: 129

لَا الخَيلُ والرَّقِيقُ، والمُتَولِّدُ مِنَ الغَنَمِ والظِبَاءِ

ــ

يشقها، ومنه قيل [لابن] زين العابدين: الباقر؛ لأنه بقر العلم؛ أي: شقه وتوسع فيه، قال الشاعر [من السريع]:

يا بقر العلم لأهل التقى .... وخير من يمشي على الأخيل

و (الغنم): اسم جنس لا واحد له من لفظة، يطلق على الذكر والأنثى، والجمع: أغنام وغنوم.

قال: (لا الخيل والرقيق)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)[خ 1464 _ م 1982]، وقوله صلى الله عليه وسلم:(عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق) متفق عليهما، ولأنها تقتنى للزينة والاستعمال لا النماء فأشبهت العقار.

وأوجبها أبو حنيفة في إناثها المفردة والمجتمعة مع الذكور، إن شاء مالكها أعطى عن كل فرس دينارًا، وإن شاء قومها بالدراهم وأخرج زكاتها.

ومحل ذلك إذا لم يكونا للتجارة.

و (الخيل): اسم جمع لا واحد له من لفظه، يطلق على الذكر والأنثى.

وفي (باب الأطعمة) من (التحرير): أن واحده: خايل كركب وراكب، وهو مؤنث. قال الواحدي: سميت خيلًا؛ لاختيالها في مشيها.

و (الرقيق) يطلق على الواحد والجمع.

قال: (والمتولد من الغنم والظباء)؛ لأنه لا يسمى غنمًا، وكذا ما تولد من البقر الوحشية والأهلية، كما لا يجزئ في الأضحية، وكما لا يسهم للبغل.

وإنما وجب الجزاء على المحرم بإتلافه لتعديه وتغليب التحريم؛ لأن الإحرام مبني على التغليظ والزكاة على التخفيف.

ص: 130

وَلَا شَيءَ فِي الِإبِلِ حَتَّى تَبلُغَ خَمسًا، فَفِيهَا شَاةٌ، وَفِي عَشرٍ: شَاتَانِ، وَخَمسَ عَشرَةَ: ثَلَاثٌ، وَعِشرِينَ: أَربَعٌ، وَخَمسٍ وَعِشرِينَ: بِنتُ مَخَاضٍ، وسِتِّ وَثَلاِثينَ: بِنتُ لَبُونٍ، وَسِتَّ وَأرَبَعِينَ: حِقَّةٌ، وَإحدَى وَسِتِّينَ: جَذعَةٌ، وَسِتِّ وَسَبعِينَ: بِنتَا لَبُونٍ، وَإحدَى وَتِسعِيَن: حِقَّتَانِ، وِمِئَةٍ وَإحدَى وَعِشرِينَ: ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، ثُمَّ فِي كُلِّ أَربَعِينَ: بِنتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمسِينَ: حِقَّةٌ

ــ

وقال أحمد: تجب الزكاة في المتولد مطلقًا. وأبو حنيفة: إن كانت الإناث غنمًا .. وجبت.

و (الظباء) بالمد، جمع، ظبي، وهو: الغزال.

قال: (ولا شيء في الإبل حتى تبلغ خمسًا، ففيها: شاة)؛ لما روى الشيخان [خ 1405 _ م 980]: (ليس فيما دون خمس من الإبل صدقة)، وفي رواية [م 980]:(ليس فيما دون خمس ذود صدقة). و (الذود) – بإعجام الذال الأولى- الإبل.

وإنما بدأ بافبل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بها في أكثر كتبه التي كتبها للسعاة؛ بسبب أنها كانت أعم أمواله وضبطها يصعب فبدأ بها ليعتني بحكمها.

قال: (وفي عشر: شاتان، وخمس عشرة: ثلاث، وعشرين: أربع، وخمس وعشرين: بنت مخاض، وست وثلاثين: بنت لبون، وست وأربعين: حقة، وإحدى وستين: جذعة، وست وسبعين: بنتا لبون، وإحدى وتسعين: حقتان، ومئة وإحدى وعشرين: ثلاث بنات لبون، ثم في كل أربعين: بنت لبون، وفي كل خمسين: حقة)؛ لما روى البخاري عن أنس بن مالك: أن أبا بكر رضي الله عنهما كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين والتي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فمن سئلها من المسلمين على وجهها .. فليعطها، ومن سئل فوقها .. فلا يعط: في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم في كل خمس

ص: 131

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شاة، فإذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين .. ففيها بنت مخاض أنثى، فإن لم تكن بنت مخاض .. فأبن لبون ذكر، فإذا بلغت ستًا وثلاثين إلى خمس وأربعين .. ففيها بنت لبون أنثى، فإذا بلغت واحدة وستون إلى خمس وسبعين .. ففيها جذعة، فإذا بلغت ستًا وسبعين إلى تسعين .. ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومئة .. ففيها حقتان طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومئة .. ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة) رواه البخارس مقطعًا في عشرة مواضع، وأبو داوود [1561] بكماله.

وقدمه الشافعي على غيره؛ لأنه أصح ومتفق على العمل بجميعه.

وقوله: (وفي أربع وعشرين فما دونها) وقوله: (إلى خمس وثلاثين .. إلى خمس وأربعين .. إلى ستين) كل ذلك دليل على أن الأوقاص ليست بعفو وأن الفرص يتعلق بالجميع، وهو نص (الإملاء)، واختاره ابن سريج ونص في أكثر كتبه على أنها: عفو. وهو الأظهر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (في خمس من الإبل

ص: 132

وَبِنتُ المَخَاضِ: لهَا سَنَةٌ،

ــ

شاة، ثم لا شيء في زيادتها حتى تبلغ عشرًا) وستأتي فائدة الخلاف في ذلك في كلام المصنف في آخر (كتاب الزكاة).

وقول المصنف: (ومئة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون) يعني: أنه لا يتغير الفرص قبل ذلك وهو الصحيح المنصوص.

وقال الإصطخري: إذا زادت على مئة وعشرين ولو بعض واحدة .. وجبت ثلاث بنات لبون محتجًا بقوله في الحديث: (فإذا زادت) ولم يقيد.

واحتج الجمهور بالقياس على سائر النصب؛ فإنها لا تتغير إلا بواحد كامل، وبأنه السابق إلى الفهم من الزيادة، وبقولنا قال الأئمة الثلاثة إلى مئة وعشرين ففيها جقتان بالاتفاق.

ثم عند أبي حنيفة يستأنف الحساب؛ ففي كل خمس يزيد شاة مع الحقتين، فإذا بلغت مئة وخمسًا وأربعين .. ففيها بنت تخاض مع الحقتين، فإذا بلغت مئة وخمسين .. ففيها ثلاث حقاق، ثم يستأنف الحساب في كل خمس زادت شاة مع الحقاق الثلاث إلى أن تبلغ مئة وخمسًا وسبعين .. ففيها بنت مخاض وثلاث حقاق، وقي مئة وست وثمانين بنت لبون وثلاث حقاق، وفي مئتين أربع حقاق.

وحكي الإمام الغزالي عن ابن خيران: أنه خير بعد المئة والعشرين بين مذهب الشافعي ومذهب أبي حنيفة.

والصواب: أنه ابن جرير الطبري لا ابن خيران، وقد اتفق الغزالي نظير ذلك فيما إذا قطعت يده أو رجله أو حلق الشعر الذي مسح عليه في الوضوء كما تقدم التنبيه عليه.

قال: (وبنت المخاض: لها سنة) سميت بذلك؛ لأن أمها لحقت بالمخاض وهي الحوامل، ثم لزمها هذا الاسم وإن لم تحمل أمها، ولا تزال كذلك حتى تدخل في الثالثة.

ص: 133

واللَّبُونِ: سَنَتَانِ، وَالحِقَّةُ: ثَلَاث، ٌ وَالجَذعَةُ: أَربَعٌ. وَالشَّاةُ الوَاجِبَةُ: جَذعَةُ ضَأنٍ لهَاَ سَنَةٌ – وَقِيلَ: سِتَّةُ أَشهُرٍ – أَو: ثَنِيةُ مَعزٍ لَها سَنَتَانِ، وَقِيلَ: سَنَةٌ

ــ

قال: (واللبون: سنتان) سميت بذلك؛ لأن أمها لها أن تكون ذات لبن؛ لأنها تمكث بعد ولادتها سنة ثم تحمل ثم تلد في الثالثة.

قال: (والحقة: ثلاث)؛ لأنها استحقت أن تركب ويحمل عليها وأن يطرقها الفحل – والذكر: حق – ولا تزال كذلك حتى تدخل في الخامسة.

قال: (والجذعة: أربع) هي بالذال المعجمة؛ لأنها تجذع مقدم أسنانها، أي: تسقطها.

وقيل: لتكامل أسنانها. والذكر: جذع.

وهذا آخر الأسنان المنصوص عليها في الزكاة. وأول ما يولد البعير يسمى: ربعًا ثم هبعا، ثم فصيلًا، ثم ابن مخاض ، ثم ابن لبون ، ثم حقًا، فإذا دخل في السادسة .. فهو ثني – وهو أول الأسنان المجزئة في الأضحية – وفي السابعة: رباع، والأنثى: رباعية، وفي الثامنة: سدس وسديس، الذكر والأنثى سواء، وفي التاسعة: بازل، وفي العاشرة: مخلف عامين .. إلى خمس سنين.

فإذا تجاوزها .. فهو عود، والأنثى: عودة، فإذا هرم .. فهو قخم، والأنثى .. ناب وشارف.

قال: (والشاة الواجبة: جذعة ضأن لها سنة – وقيل: ستة أشهر – أو ثنية معز لها سنتان، وقيل: سنة)؛ لإطلاق لفظ الشاة في الأخبار وهي صادقة على الذكر والأنثى

ص: 134

وَالأَصَحُّ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَتَعَيَّنُ غَالِبُ غَنَمِ الْبَلَدِ،

ــ

وعلى الضأن والمعز، ومختصة في عرف الشرع بالأضحية ودماء الجبرانات بالجذع من الضأن والثني من المعز فنُزّل هنا على ذلك.

والذي صححه المصنف هو المشهور من أقوال أهل اللغة والفقه.

والقول الثاني ذكره بعض اللغويين، وصححه الجرجاني وصاحب (التنبيه) وابن الفركاح.

وقيل: الجذعة ثمانية والثنية ستة حكاه الرافعي، وأسقطه من (الروضة).

وقال ابن الأعرابي: المتولِّد بين شابين يجذع لستة أشهر إلى سبعة، وبين هرمين يجذع لثمانية.

وقيل) يجذع الربيعي لثمانية والخريفي لعام، حكاه شارح (التعجيز).

كل هذا إذا لم يحصل الإجذاع قبل هذا السن، فإن حصل .. أجزأ كاحتلام الغلام قبل خمسة عشر.

قال: (والأصح: أنه مخير بينهما) أي بين الضأن والمعز؛ لأن اسم يقع عليهما جميعًا.

قال: (ولا يتعين غالب غنم البلد)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (في كل خمس شاة)، واسم الشاة صادق على جميع، فله أن يخرج من أدني النوعين الموجودين في البلد.

والثاني: يتعين غالب غنم البلد كالكفارة، فإن استويا .. تخير.

والثالث: يتعين نوع غنم المزكي إن كان له غنم.

والرابع: يجوز من غير غنم البلد لصدق الاسم، وقواه في (شرح المهذب) من جهة الدليل.

وعلى المذهب: لا يجوز العدول عن غنم البلد.

وتعبيره بـ (الصح) مخالف لتعبير (الروضة) بالصحيح.

ص: 135

وَأَنَّهُ يُجْزِئُ الذَّكَرُ، وَكَذَا بَعِيرُ الزَّكَاةِ عَنْ دُونِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ

ــ

قال: (وأنه يجزئ الذكر) كالأضحية، ولو تمحضت إبله إناثًا لصدق اسم الشاة عليه؛ فإن الهاء فيها ليست للتأنيث.

والثاني: لا يجزئ كالشاة المخرجة عن أربعين من الغنم.

وقيل: إن كان بعضها إناثًا .. لم يجزئ الذكر.

قال: (وكذا بعير الزكاة عن دون خمس وعشرين) أي: عوضًا عن الشاة الواحدة أو عن الشياه المتعددة؛ لأنه يجزئ عن خمس وعشرين فعما دونه أولى.

والثاني: لا، بل لابد في كل خمس من حيوان، فلابد في العشرين مثلًا من أربعة أبعرة، أو أربع شياه، أو بعيران وشاتان، أو ثلاثة أعبرة وشاة أو بالعكس، ولابد في الخمسة عشر من ثلاثة حيوانات، وفي العشر من حيوانين قياسًا على ما سبق.

ولا فرق في البعير بين أن تزيد قيمته على قيمة الشاة أو تنقص على الصحيح.

والثالث- عن القفال-: لا يجزئه الناقص عن قيمتها في خمس، ولا عن قيمتها في عشر، ولا عن قيمة ثلاث في خمسة عشر، ولا عن أربع في العشرين؛ نظرًا إلى أن الشاة أصل والبعير بدل عنها.

وهذه الوجه هي المقابلة للأصح، ولم يقل أحد من الصحاب: إن البعير لا يجزئ مطلقًا، إنما ذلك مذهب مالك وأحمد.

وأشار المصنف بقوله: (بعير الزكاة) إلى أنه: لا بد أن يكون مجزئًا عن خمس وعشرين كذا في (الروضة)، وزاد في (شرح المهذب): أنه لابد أن يكون أنثى.

وفي (الدقائق): أن سنة إن نقص عن السنة يومًا واحدًا .. لا يجزئ.

وإذا أخرج البعير، فإن كانت إبله صحاحًا .. فصحيح، وإن كانت مراضًا .. فمريض.

وإن أخرج الشاة .. لا تجزئه إلا صحيحة؛ لأنها وجبت في الذمة.

ثم البعير المخرج عن خمس، هل يقع كله فرضًا أو خمسه؟

ص: 136

فَإِنْ عَدِمَ بِنْتَ الْمَخَاضِ .. فَابْنُ لَبُونٍ،

ــ

فيه وجهان، أصحهما: الأول، وهما كالوجهين فيما إذا ذبح المتمتع بدنة أو بقرة بدل الشاة هل تقع كلها فرضًا أو سبعها؟ وفيمن مسح جميع الرأس في الوضوء، وإذا أطال الركوع والسجود زيادة على القدر الواجب، واختلف في ذلك الترجيح كما تقدم.

و (البعير) يطلق على الذكر والأنثى، ومنه قول بعض العرب: حلبت بعيري، وجمعه: أبعرة وأباعر وبُعْران.

قال: (فإن عدم بنت المخاض)، بأن لا تكون في ملكه حالة الإخراج، أو كانت في ملكه ولكنها مغصوبة أو مرهونة.

قال: (.. فابن لبون) وإن كان قادرًا على شراء ابنة مخاض، لأنه جاء في رواية أبي داوود [1561]:(فإن لم يكن فيها بنت مخاض .. فابن لبون ذكر)، وروى البخاري معناه [1448].

وقوله: (ذكر) أراد به التأكيد؛ لرفع توهم الغلط، فلو أخرج خنثي من أولاد اللبون .. أجزأه في الأصح؛ لأنه إن كان ذكرًا .. فذاك، وإن كان أنثى .. فقد زاد خيرًا.

وقيل: لا؛ لأن الخنوثة تشوه الخلقة فتشبه سائر العيوب.

ولو أراد إخراج هذا الخنثى مع وجود بنت مخاض .. لم يجزئه؛ لاحتمال أنه ذكر.

فروع:

يجزئ ابن اللبون وإن كان أقل قيمة من بنت مخاض، ولا يكلف شراء بنت مخاض وإن قدر عليها.

ولو مات قبل إخراج ابن اللبون وعند وارثه بنت مخاض .. أجزأه ابن اللبون.

ولو لم يكن في إبله بنت مخاض ولا ابن لبون، فهل يتعين تحصيل بنت مخاض؛ لأنها الأصل، أو له تحصيل ابن لبون وإخراجه؛ لأنه إذا حصّله صار موجودًا؟ فيه وجهان، أصحهما: الثاني.

ص: 137

وَالْمَعِيبَة كَمَعْدُومَةٍ. وَلَا يُكَلَّفُ كَرِيمَةً لَكِنْ تَمْنَعُ ابْنَ لَبُونٍ فِي الأّصَحِّ. وَيُؤْخَذُ الْحِقُّ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ، لَا عَنْ بِنْتِ لَبُونٍ فِي الأَصَحَّ

ــ

قال: (والمعيبة كمعدومة)، فيخرج ابن اللبون مع وجودها؛ لأنها غير مجزئة.

قال: (ولا يكلف كريمة)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: (إياك وكرائم أموالهم).

وصورة المسألة: أن تكون عنده بنت مخاض كريمة وإبله مهازيل، فإن تطوع بها .. فقد أحسن.

وأفهم: أنه لو كانت إبله كلها كرامًا .. وجب لإخراجها؛ إذ لا تكليف.

و (كرائم الأموال): نفائسها التي تتعلق بها نفس مالكها؛ لعزتها عليه بسبب ما جمعت من جميل الصفات.

قال: (لكن تمنع ابن لبون في الأصح) المراد: أن الكريمة تمنع إخراج ابن اللبون؛ لأنه قادر على بنت مخاض مجزئة.

والثاني: يجوز إخراجه؛ لأن إخراج الكريمة لا يجب فكانت كالمعدومة، وهذا هو المنصوص وصححه الشيخ أبو حامد وصاحب (المهذب) و (التهذيب).

قال: (ويؤخذ الحَق عن بنت المخاض) أي: عند فقدها؛ لأن إخراج ابن اللبون جائز فالحق أولى.

وقيل: لا يجزئ؛ لأنه لا مدخل له في الزكوات.

ومقتضى المذهب: لأنه لا يعطى معه جبران، لأن الجبران مخصوص بالإناث؛ لأن الذكور لا يعلم التفاوت بينها.

قال: (لا عن بنت لبون في الأصح)؛ لأن تفاوت السن بين بنت المخاض وابن اللبون ليس كتفاوته بين بنت اللبون والحق.

ص: 138

وَلَوِ اتَّفَقَ فَرْضَانِ كَمِئَتَيْ بَعِيرٍ .. فالْمَذْهَبُ: لَا يَتَعَيَّنُ أَرْبَعُ حِقَاٍ، بَلْ هُنَّ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ، فَإِنْ وَجَدَ بِمَالِهِ أَحَدَهُمَا .. أَخَذَ، وَإِلَاّ .. فَلَهُ تَحْصِيلُ مَا شَاءَ

ــ

والثاني: نعم؛ لانجبار فضيلة الأنوثة بزيادة السن، كما يجوز إخراج ابن اللبون بدلًا عن بنت المخاض.

وكان ينبغي للمصنف أن يعبر بـ (الصحيح)؛ لأن الخلاف ضعيف جدًا.

قال: (ولو اتفق فرضان كمئتي بعير .. فالمذهب: لا يتعين أربع حقائق، بل هن أو خمس بنات لبون)؛ لأنها أربع خمسينات وخمس أربعينات.

وفي (سنن أبي داوود)[1564] عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كانت مئتين .. ففيها أربع حقاق، أو خمس بنات لبون) أي السنين وجدت أخذت.

والقول الثاني- وهو منصوص القديم-: تتعين الحقائق؛ لأن تغيير الفرض بالسن أكثر من تغييره بالعدد فكان الاعتبار بالسن أولى.

والطريق الثاني: القطع بالأول، وتأويل الثاني على ما إذا لم توجد إلا الحقاق.

قال: (فإن وجد بماله أحدهما .. أخذ)، ولا يكلف تحصيل الآخر؛ للحديث المتقدم، ولو كان أنفع للمساكين، لكنه لو حصل المفقود ودفعه .. كان له ذلك، لاسيما إن كان المفقود أغبط، ولا يجوز الصعود والنزول بجبران إذ لا ضرورة إليه.

والمراد بـ (الوجدان في ماله

): أن يكون كاملًا مجزءًا، وفقد الأخر بماله كله أو بعضه، أو وجد وهو معيب.

قال: (وإلا) أي: وإن لم يوجد بماله بصفة الأجزاء (.. فله تحصيل ما شاء)؛ فإنه إذا اشترى أحد الصنفين .. صار واجدًا له. وله أن يصعد مع الحقائق إلى أربع جذاع بجبران، أو ينزل من بنات اللبون إلى خمس بنات مخاض بجبران، وليس له الصعود من بنات اللبون إلى الجذاع، ولا النزول من الحقاق إلى بنات المخاض بتعدد الجيران في الأصح.

ص: 139

وَقِيلَ: يَجِبُ تَحْصِيلُ الأَغْبَطِ لِلْفُقَرَاءِ- وإِنْ وَجَدَهُمُا .. فَالصَّحِيحُ المْنَصُوصُ: تَعَيُّنُ الأَغْبَطِ وَلَا يُجْزِئُ غَيرُهُ إِنْ دَلَّسَ أَوْ قَصَّرَ السَّاعِي، وَإِلَاّ .. فَيُجْزِئُ. وَالأَصَحُّ: وُجُوبُ قَدْرِ التَّفَاوُتَ،

ــ

قال: (وقيل: يجب تحصيل الأغبط للفقراء)، كما يجب إخراج الأغبط إذا وجده كما سيأتي.

قال: (وإن وجدهما) أي: بصفة الأجزاء من غير نفاسة (.. فالصحيح المنصوص: تعين الأغبط)؛ لأن مبنى الزكاة على النظر للفقراء- بخلاف الجبران فإنه شرع تخفيفًا على المالك فكانت الخبرة إليه في الصعود والنزول- إلا أن تكون كرائم .. فينبغي أن يكون كالمعدوم حتى غيره ولا يكلف به.

قال: (ولا يجزئ غيره إن دلس) بأن أخفي الأغبط.

قال: (أو قصر الساعي) بأخذه غير الأغبط مع وجوده، أو لم يجتهد وظن أنه الأغبط.

وحيث قلنا: لا يجزئ .. فعليه إخراجها، وعلى الساعي رد ما أخذ إن كان باقيًا، وقيمته إن كان تالفًا.

قال: (وإلا .. فيجزئ) أي: يحسب من الزكاة لانتفاء الأمرين وليس المراد: أنه يكفي، وشرط في

(التهذيب): أن لا يكون باقيًا، فإن كان باقيًا .. لم يقع عن الزكاة، وهذه التفرقة ضعيفة.

وقيل: يجزئ بكل حال.

وقيل: لا يجزئ مطلقًا.

وقيل: إن فرقه على المساكين .. أجزأ لعسر الاسترجاع، وإن .. فلا.

وقيل: إن دفع المالك مع لعلمه بأنه أدنى .. لم يجزئه، وإن كان الساعي هو الذي أخذه .. جاز.

قال: (والأصح: وجوب قدر التفاوت) أي: ‘ذا قلنا: إنه يقع الموقع؛ لأنه لم يدفع الفرض بكماله، فوجب جبر ما نقص باعتبار القيمة، فإذا كانت قيمة الحقاق

ص: 140

وَيَجُوزُ إِخْرَاجُهُ دَرَاهِمَ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ تَحْصِيلُ شِقْصٍ بِهِ

ــ

أربع مئة، وقيمة بنات اللبون خمس مئة وأخذ الحقاق .. فالتفاوت مئة.

والثاني: لا يجب شيء، بل يستحب كما إذا أدى اجتهاد الإمام إلى أخذ القيمة فأخذها لا يجب شيء آخر.

قال: (ويجوز إخراجه دراهم)؛ لضرر المشاركة، ولأنه قد يعدل إلى غير الجنس الواجب للضرورة كمن عليه شاة في خمس من الإبل فلم يجد شاة يخرج قيمتها.

ومن لزمته بنت مخاض، فلم يجدها ولا ابن لبون لا في ماله بالثمن .. يعدل إلى القيمة.

فعلى هذا: إن أخرج شقصًا .. جاز.

والمراد بـ (الدراهم): نقد البلد، فإن كان نقدها دنانير .. فدنانير.

قال: (وقيل: يتعين تحصيل شقص به)؛ لأن الواجب الإبل والعدول إلى غير الجنس الواجب في الزكاة ممتنع.

فعلى هذا: الأصح: يجب أن يشتري شقصًا من جنس الغبط.

وقيل: من جنس المخرج.

وقيل: يتخير بينهما.

وقيل: يجب شقص من بعير أو شاة، ولا يجزئ جزء بقرة، لأنها لا مدخل لها في زكاة الإبل.

ولو بلغت إبله أربع مئة، فأخرج أربع حقائق وخمس بنات لبون .. جاز خلافًا للإصطخري، لأن المحذور من المئتين إنما هو التشقيص.

ولو أخرج في صورة المئتين ثلاث بنات لبون وحقتين، أو أربع بنات لبون وحقة .. لم يجز.

وحكم البقر إذا بلغت مئة وعشرين حكم المئتين في أربعة أتبعة وثلاث مسنات.

ص: 141

وَمَنْ لَزِمَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ فَعَدِمَهَا وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ .. دَفَعَهَا وَأَخَذَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماُ، أَوْ بِنْتُ لَبُونٍ فَعَدِمَهَا .. دَفَعَ بِنْتُ مَخَاضٍ مَعَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماُ، أَوْ حِقَّةً وَأَخَذَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماُ. وَالْخِيَارُ فِي الشَّاتَيْنِ والدَّرَاهِمِ لِدَافِعِهَا، وَفِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ لِلْمَالِكِ فِي الأَصَحِّ

ــ

قال: (ومن لزمه بنت مخاض فعدمها وعنده بينت ليون .. دفعها وأخذ شاتين أو عشرين درهمًا، أو بنت لبون فعدمها .. دفع بنت مخاض مع شاتين أو عشرين درهمًا، أو حقة وأخذ شاتين أو عشرين درهمًا)، كما كتب به أبو بكر رضي الله عنه لأهل اليمن).

فإن وجدها .. امتنع النزول عنه وكذا الصعود إلا أن يطلب جبرانًا، لأنه خير. ولو لزمه حقه أو جذعة فأخرج بنتي لبون، أو لزمته جذعة فأخرج حقتين بلا جبران .. فوجهان:

أصحهما: تجزئ؛ لأنهما تجزئان عما فوق إبله فعنها أولى.

والثاني: لا؛ لأن في الواجب معنىً ليس في المخرج.

قال: (والخيار في الشاتين والدراهم) وهو المالك في النزول، والساعي في الصعود؛ للحديث الصحيح.

وقيل: الخيار للساعي مطلقًا وهو ضعيف.

فإذا كان الدافع رب المال .. ندب له أن يختار الأنفع للفقراء، وإن كان الساعي .. وجب ذلك عليه.

قال: (وفي الصعود والنزول للمالك في الأصح)؛ لأنهما ثبتا رفقًا بالملك؛ لئلا يحتاج إلى الشراء فلا يليق به إلا التخيير.

والثاني: الخيرة في ذلك إلى الساعي مراعاة لحظ المساكين.

ومحل الخلاف: ما إذا عين الساعي الأحظ والمالك خلافه، فلو كان بالعكس ..

ص: 142

إِلَاّ أَنْ تَكُونَ إِبِلُهُ مَعِيبَةً. وَلَهُ صُعُودُ دَرَجَتَيْنِ وَأَخْذُ جُبْرَانَيْنِ، وَنُزُولُ دَرَجَتَيْنِ مَعَ ُجبْرَانَيْنِ بِشَرْطِ تَعَذُّرِ دَرَجَةٍ في الأَصَحِّ

ــ

أجيب المالك قطعًا ولا يلتفت إلى الساعي؛ لأنه خلاف المصلحة، فإن استوى الأمران قال الإمام: الأظهر: إتباع المالك.

قال: (إلا أن تكون إبله معيبة) .. فالخيرة حينئذ للساعي، وكذلك إذا كانت مراضًا؛ لأن التفاوت بين السليمتين أكثر منه بين المعيبتين، وما جبر أعلى التفاوتين لا يؤخذ من الفقراء جبرًا لأدناهما.

قال الإمام: هذا إذا قلنا: الخيار للملك، فإن قلنا: للساعي فرأى المصلحة للفقراء في ذلك .. جاز. ولو رضي المالك بالنزول ودفع الجبران .. جاز قطعًا؛ لأنه متبرع بالزيادة.

قال: (وله صعود درجتين وأخذ جبرانين) كما أعطى عن بنت اللبون جذعة عند فقدها وفقد الحقة.

قال: (ونزول درجتين مع جبرانين) كما إذا أعطى عن الحقة بنت مخاض. وكذلك له ثلاث درجات بأن يعطي بدل الجذعة عند فقدها وفقد الحقة وبنت اللبون بنت مخاض مع ثلاث جبرانات.

وهذا لا خلاف فيه عندنا، إلا أن ابن المنذر اختار لنفسه عدم جواز الزيادة على جبران واحد كما ثبت في الحديث). والصحيح: الأول؛ لأنه في معنى ما ثبت في الحديث.

قال: (بشرط تعذر درجة في الأصح)، فلا يجوز الصعود والنزول بدرجتين مع التمكن من درجة، أو ثلاث مع التمكن من درجتين؛ لأنه ليس في معنى ما ثبت في الحديث، ولأنه متمكن من تقليل الجبران فلا يعدل عنه.

والثاني: يجوز مع القدرة على الدرجة القربى كما إذا وجد الحقة في المثال الأول، أو بنت اللبون في المثال الثاني، لأنها ليست واجب ماله فوجودها كعدمها.

ص: 143

وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ جُبْرَانٍ مَعَ ثَنِيَّةٍ بَدَلَ جَذَعَة عَلَى أَحْسَنِ الْوَجْهَيْنِ. قُلْتُ: واللهُ أَعْلَمُ. وَلَا تُجْزِئُ وَعَشْرَةُ دَرَاهِمَ، تُجْزِئُ شَاتَانِ وَعِشْرُونَ لِجُبْرَانَيْنِ

ــ

ومحل الوجهين في الصعود من بنت اللبون إلى الجذعة: إذا طلب جبرانين، فإن رضي بجبران واحد .. جاز بالاتفاق.

وقوله: (في الأصح) يعود إلى الشرط لا إلى أصل الصعود والنزول بدرجتين.

قال: (ولا يجوز أخذ جبران مع ثنية بدل جذعة على أحسن الوجهين)؛ لأنها ليست من الأسنان المنصوص عليها في الزكاة، ولأن الجذعة والثنية تتقاربان في القوة والمنفعة.

قال: (قلت: الأصح عند الجمهور: الجواز والله أعلم)؛ لأنها أعلى منها بعام فجاز كالجذعة مع الحقة.

ولو أخرجها بلا جبران .. فلا خلاف في الإجزاء كما يقدم.

ولو اخرج فصيلًا- وهو: ما له دون السنة- عن بنت المخاض وأعطى الجبران .. لم يجز بلا خلاف.

قال: (ولا تجزئ شاة وعشرة دراهم) أي: عن جبران واحد؛ لأن الحديث يقتضي التخيير بين شاتين وعشرين درهمًا، فلا تثبت خيرة ثالثة كما أن الكفارة الواحدة لا يجوز فيها أن يطعم خمسة ويكسو خمسة.

ويستثنى من إطلاق المصنف: ما إذا كان المالك هو الآخذ ورضي بالتفريق فإنه يجوز؛ لأنه حقه فله إسقاطه كما لو قنع بشاة وعشرة دراهم.

قال: (وتجزئ شاتان وعشرون لجبرانين) كما لو أطعم في كفارة يمين وكسا في أخرى، ولا فرق في ذلك بين الساعي والملك ويجبر الآخر على قبوله، وكذلك في ثلاث جبرانات يعطي شاتين واربعين درهمًا، أو أربع شياه وعشرين درهمًا.

ص: 144

وَلَا الْبَقَرِ حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ فَفِيهَا: تَبِيعٌ ابْنُ سَنَةٍ، ثُمَّ في كُلِّ ثَلَاثِين: تَبِيعٌ، وَكُلِّ أَرْبَعينَ: مُسِنَّةٌ لَهَا سَنَتانِ

ــ

فروع:

لا مدخل للجبران في زكاة البقر والغنم؛ لعدم وروده فيها.

والشاة هنا كالشاة المأخوذة في خمس من الإبل في الذكورة والأنوثة والسن إن كان المخرج المالك، وإن كان المخرج الساعي .. فالاعتبار بما يرضى به رب المال إن كان دون ذلك، وإن حصل تنازع .. فالمعتبر فيهما ما تقدم. والدراهم شرطها: أن تكون نقرة قطعًا، قال الإمام: وكذا دراهم الشريعة حيث وردت.

قال: (ولا البقر) أي: ولا شيء في البقر (حتى تبلغ ثلاثين ففيها: تبيع ابن سنة، ثم في كل ثلاثين: تبيع، وكل أربعين: مسنة لها سنتان)؛ لما روى مالك [1/ 259] عن طاووس: أن معاذ بن جبل رضي الله عنه أخذ من ثلاثين بقرة تبيعًا، وأربعين مسنة لها سنتان، وأتي بما دون ذلك فأبى أن يأخذ منها شيئًا وقال:(لم أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا حتى أقدم عليه فأسأله) فتوقي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم معاذ رضي الله عنه، وطاووس وإن لم يلق معاذًا رضي الله عنه إلا أنه يماني، وسيرة معاذ رضي الله عنه بينهم مشهورة، هكذا قاله الشافعي رضي الله عنه.

وصحح الترميذي [633] والحاكم [1/ 398] حديث معاذ رضي الله عنه: (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن آخذ من كل ثلاثين تبيعًا، ومن كل أربعين مسنة).

وقوله: (ابن سنة) المراد: أنه دخل في الثانية. وسمي تبيعًا؛ لأنه يتبع أمه في المسرح، أو لأن قرنه يتبع أذنه.

وقيل: التبيع: ما له ستة أشهر، والمسنة: سنة.

ولو أخرج تبيعة .. أجزأت، بل هي أولى للأنوثة. وسميت: مسنة؛ لتكامل سنها.

ص: 145