المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَلَا الْغَنَمِ حَتَّى تَبْلُغَ فَشَاةٌ جَذَعَةُ ضَانٍ أَوْ ثَنِيَّةُ مَعْز، - النجم الوهاج في شرح المنهاج - جـ ٣

[الدميري]

الفصل: وَلَا الْغَنَمِ حَتَّى تَبْلُغَ فَشَاةٌ جَذَعَةُ ضَانٍ أَوْ ثَنِيَّةُ مَعْز،

وَلَا الْغَنَمِ حَتَّى تَبْلُغَ فَشَاةٌ جَذَعَةُ ضَانٍ أَوْ ثَنِيَّةُ مَعْز، وَفي مِئَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ: شَاتَانِ، وَمِئَتيْنِ وَوَاحِدَةٍ: ثَلَاثٌ، وَأَرْبَعِ مِئَةٍ: أَرْبعٌ، ثُمَّ في كُلِّ مِئَةٍ: شَاةٌ.

‌فَصْلٌ:

إِنِ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمِاشِيَةِ .. أَخَذَ الْفَرْضَ مِنْهُ،

ــ

فلو أخرج عن أربعين تبيعين .. أجزأ على الصحيح.

وقال البغوي: لا؛ لأن العدد لا يقوم مقام السن كما لو أخرج عن ست وثلاثين بنتي مخاض. وهذا ليس بصحيح؛ لأن التبيعين يجزئان عن الستين فعن أربعين أولى، بخلاف بنتي المخاض فإنهما ليسا من فرض نصاب.

قال: (ولا الغنم حتى تبلغ أربعين فشاة جذعة ضأن أو ثنية معز، وفي مئة وإحدى وعشرين: شاتان، ومئتين وواحدة: ثلاث) شياه (وأربع مئة: أربع، ثم في كل مئة) شاة (شاة)؛ لما رواه البخاري [1454] عن أنس رضي الله عنه، ونقل الشافعي رضي الله عنه: أن أهل العلم لا يختلفون في ذلك.

تتمة:

إذا تفرقت ماشية المالك في أماكن .. فهي كالتي في مكان واحد، حتى لو ملك أربعين شاة في بلدين .. لزمته الزكاة.

وإن ملك ثمانين في بلدين، في كل بلد أربعون .. لا تلزمه إلا شاة واحدة تباعدت المسافة أو تقاربت.

وقال أحمد: إذا تباعدت المسافة .. جعلت كملك رجلين، ففي الثمانين في البلدين شاتان.

لنا: الإجماع على أن الدراهم والدنانير إذا كانت ببلدين .. تجب زكاتها فكذلك الماشية.

قال: (فصل:

إن اتحد نوع الماشية .. أخذ الفرض منه)؛ لأنه المال المشترك فتؤخذ الأرحبية

ص: 146

فَلَوْ أَخَذَ عَنْ ضَانٍ مَعْزاَ أَوْ عَكْسَهُ .. جَازَ في الأَصَحِّ بِشَرْطِ رِعَايَة الْقِيمَةِ. وَإِنِ اخْتَلَفَ كَضَانٍ وَمَعْزٍ .. فَفِي قَوْلٍ: يُؤْخَذُ مِنَ الأَكْثَر، فَإِنِ اسْتَوَيَا .. فالأَغْبَطُ. وَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ يُخْرِجُ مَا شَاءَ مُقَسَّطًا عَلَيْهِمَا بالْقِيمَةِ، فَإِذَا كَانَ ثَلَاثُونَ عَنْزًا وَعَشْرُ نَعَجَاتٍ .. أَخَذَ عَنْزاَ أَوْ نَعْجَةً بِقِيمَةِ ثلَاثَةِ أَرْبَاعِ عَنْزٍ وَرُبُعِ نَعْجَةٍ

ــ

من الأرحبية، والمهرية من المهرية، والضأن من الضأن، والمعز من المعز. وسُميت ماشية؛ لرعيها وهي تمشي.

قال: (فلو أخذ عن ضأن معزًا أو عكسه .. جاز في الأصح بشرط رعاية القيمة)؛ لاتفاق الجنس، كالأرحبية مع المهرية، ولهذا يكمل نصاب أحدهما بالآخر.

والثاني: لا كالإبل عن الغنم.

والثالث: لا يجوز المعز عن الضأن ويجوز عكسه؛ لأن الضأن خير من المعز.

و (الضأن) جمع ومفرده: ضائن للمذكر، وضائنة للمؤنث.

و (المعز) بقتح العين وسكونها ومفرده: ماعز للمذكر، وماعزة للمؤنث.

قال: (وإن اختلف كضأن ومعز .. ففي قول: يؤخذ من الأكثر)، وإن كان الأحظ خلافة؛ لأن النظر إلى كل نوع مما يشق، فأتبعنا الأقل الأكثر كما نظرنا إلى الغالب في المركب من الحرير وغيره.

قال: (فإن استويا .. فالأغبط) كما في اجتماع الحقاق وبنات اللبون.

وقيل: يتخير المالك.

قال: (والأظهر: أنه يخرج ما شاء مقسطًا عليهما بالقيمة) رعاية للجانبين.

وفي المسألة قول ثالث: إنه يؤخذ من الوسط كما في الثمار. إلا أنه لا يأتي في النوعين فقط.

وقيل: يؤخذ الواجب من الأجود.

قال: (فإذا كان ثلاثون عنزًا وعشر نعجات .. أخذ عنزًا أو نعجة بقيمة ثلاثة أرباع عنز وربع نعجة) فإذا قيل مثلًا: قيمة عنز مجزئة دينار، وقيمة التعجة المجزئة دينارات .. أخرج عنزًا أو نعجة قيمتها دينار وربع.

ص: 147

وَلَا تُؤْخَذُ مَرِيَضةٌ، وَلَا مَعِيبَةٌ إِلَاّ مِنْ مِثْلِهَا،

ــ

قال: (ولا تؤخذ مريضة، ولا معيبة)؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} ، وفي (البخاري) [1455] في كتاب أبي بكر رضي الله عنه:(ولا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عَوار ولا تيس الغنم، إلا أن يشاء المصدق).

و (العَوار) بفتح العين: العيب.

و (تيس الغنم): فحلها المعد لضرابها.

و (المُصْدِق) بتخفيف الدال: الساعي، أي: إلا أن يرى الساعي أن ذلك أفضل للمساكن، فيعود الاستثناء إلى الجميع. كذا قرره المصنف.

وقال الأكثرون: (المصدّق) بتشديد الدال: المالك فيعود الاستثناء إلى الخيرة فقط، فلا تؤخذ الهرمة ولا المعيبة، ويؤخذ تيس الغنم إذا رضي المالك.

وصورته: إذا كانت الغنم كلها ذكرًا بأن ماتت الإناث وبقيت الذكور.

قال: (إلا من مثلها) أي: في الصورتين؛ لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} وأيضًا الفقراء ملكوا منها قدر الزكاة كذلك، ولأنا لو كلفنا المالك غيره لجحفنا به. فإذا كانت كلها مراضًا .. فمرسضة وسط.

والعيب هنا: ما أثبت الرد في البيع على الصحيح.

هذا إذا كانت ماشيته كلها مراضًا، فإن كانت صحاحًا ومراضًا، وكان الواجب حيوانًا واحدًا كأربعين شاةً .. لم يخرج إلا صحيحة، فإن وجب حيوانان، ونصف ماله صحاح ونصفه مراض- كبنتي لبون في ست وسبعين، وشاتين في مئتين- فطريقان، أصحهما: وجوب صحيحتين بالقسط.

وقيل: تجزئ صحيحة ومريضة.

وحاصل المذهب: أنه لا تؤخذ مريضة إلا إذا تمحضت مراضًا، وكذلك المعيبة.

هذا إذا كان يملك من الصحاح قدر الواجب فإن كان لا يملك في مثالنا إلا

ص: 148

وَلَا ذَكَرٌ إِلَاّ إِذَا وَجَبَ، وَكَذَا لَوْ تَمَحَّضَتْ ذُكُورًا في الأَصَحِّ- وَفي الصِّغَارِ: صَغِيرَةٌ في الْجَدِيدِ-

ــ

صحيحة واحدة .. فالأصح: أنه يخرج صحيحة ومريضة، وقيل: صحيحتين.

قال: (ولا ذكر) بالاتفاق؛ لأن النص ورد بالإناث.

قال: (إلات إذا وجب) كابن اللبون والتبيع في مواضع وجوبهما، لكن يرد عليه، الحق عند فقد بنت المخاض .. فإنه يجزئ خلافًا لابن كج، والمسن فإنه يجزئ عن التبيع، والتبيعان يجزئان عن المسنة خلافًا للبغوي كما تقدم.

قال: (وكذا لو تحمضت ذكورًا في الصح) فيؤخذ الذكر كما تؤخذ المريضة من المراض، لأن أمر الزكاة مبني على الرفق وفي تكليفه الشراء مشقة.

فعلى هذا: يؤخذ في ست وثلاثين ابن لبون أكثر من قيمة ابن لبون، ويؤخذ في خمس وعشرين عند فقد بنت المخاض.

والثاني: لا يجزئ الذكر للتنصيص على الإناث وهذا قوي.

والثالث: إن أدى أخذ الذكر إلى التسوية بين نصابين كابن لبون عن ست وثلاثين لم يؤخذ عن خمس وعشرين، وإلا .. أخذ كابن مخاض عن خمس وعشرين وحق عن ست وأربعين وجذع عن إحدى وستين.

قال: (وفي الصغار: صغيرة في الجديد)؛ لقول أبي بكر رضي الله عنه: (والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. لقاتلتهم على منعها)، وفيه دلالتان:

إحداهما: روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لفظ: العناق.

والثانية: إجماع الصحابة؛ لموافقتهم إياه.

والقديم: وجوب الكبيرة؛ لعموم لفظ الأحاديث.

والمراد بـ (الصغير) هنا: ما كان دون سن الفرض، فلو كان فيها واحد من سن الفرض .. منعت إخراج الصغيرة.

ص: 149

وَلَا رُبَّى، وَأَكُولَةٌ، وَحَامِلٌ،

ــ

والمصنف صحح في الكتاب طريقة القولين، وفي (الروضة) طريقة الوجهين، وفي (شرح المهذب) طريقة القطع. وإثبات الخلاف بالنسبة إلى الإبل والبقر صحيح، وأما في الغنم .. فالجمهور قطعوا فيها بالأخذ؛ لأنه يؤدي إلى التسوية بين القليل والكثير؛ لأن الاعتبار فيها بالعدد كما تقدم.

قال: (ولا رُبَّى) وهي: الحديثة العهد بالنتائج؛ لأنها من كرائم الأموال. وسميت رُبَّى؛ لأنها تربي ولدها. وجمعها: رباب.

وهذا الاسم يطلق عليها إلى خمسة عشر يومًا من ولادتها قاله الأزهري، وقال الجوهري: إلى تمام شهرين.

ويكون ذلك في الغنم، وربما جاء في الإبل، وقيل: وفي البقر أيضًا.

وحكي الإمام وجهًا: أن الرَّبَّى لا تؤخذ؛ لأنها لقرب عهدها بالولادة مهزولة.

قال: (وأكولة) وهي: المسمنة للأكل. هذا قول الشافعي وأبي عبيد، وقال غيرهما: هي الخصي.

وإنما لم تؤخذ؛ لقوله رضي الله عنه: (لا تؤخذ الكولة ولا الرُّبَّى).

قال: (وحامل) سواء كان الحمل مأكولًا أم لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أخذ الشافع- وهي: التي في جوفها ولد- رواه أبو داوود [1575] ولم يضعفه.

ولأن في أخذها إجحافًا بالملك؛ لاشتمالها على حيوان آخر لا يجب، ولهذا سميت شافعًا من الشفع الذي هو نقيض الوتر.

وأوجبها- أيضًا- الشارع؛ تغليظًا في قتل العمد.

والتي طرقها الفحل هنا كالمتحققة الحمل؛ لأن الغالب في البهائم العلوق، بخلاف الأمة الموطوءة إذا دفعها في الغرة فإنها تقبل، ولا نجعلها كالحامل؛ لأن علوقها نادر.

ص: 150

وَخِيارٌ إِلَاّ بِرِضَا الْمَالِكِ

ــ

فإن قيل: الحمل نقص فكيف قيل هنا: (الحامل) .. قلنا: قال القاضي حسين: إنه في البهائم ليس بنقص بخلاف الآدميات.

وملخص ما في الآدميات وجهان: صحح الرافعي في الرد بالعيب: أنه ليس بعيب، وفي الصداق: أنه عيب.

وفرق المتولي بين إجزاء الحامل هنا وعدم إجزائها في الضحية، بأن المقصود من الضحية: اللحم والغالب أنه ينقص بالحمل، وفي الزكاة منفعة أهل السُّهمان والحامل أنفع لهم، ولهذا أوجب الشارع إفناث في الزكاة.

ولو كانت ماشيته كلها حوامل .. لم يطالب بحامل.

ويعفي عن هذا الوصف كما يعفي عن الوقض؛ لأن في إيجابها إيجاب حيوانين، بخلاف ما إذا كانت ماشيته كلها سمانًا .. فإنه يطالب بسمينة ويجعل ذلك كشرف النوع.

قال: (وخيار)؛ لحديث معاذ رضي الله عنه. وهذا من باب ذكر العام بعد الخاص؛ فإن ما ذكر قبلها خيار أيضًا.

قال: (إلا برضا المالك) أي: في جميع ما ذكر؛ لأنه محسن بالزيادة، وقال الله تعالى:{مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} .

روى أبو داوود [1578] عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مُصَدِّقًا، فمررت برجب فلما جمع لى ماله لم أجد عليه إلا ابنة مخاض، فقلت له: أدِّ ابنة مخاض فإنها صدقتك، فقال: ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر، ولكن هذه ناقة فتية عظيمة سمينة فخذها، فقلت له: ما أنا بأخذ مالم أؤمر به، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم منك قريب، فإن أحببت أن تأتيه فتعرض عليه ما عرضت علي .. فافعل، فإن قبله منك .. قبلته، وإن رده عليك .. رددته، قال: فإني فاعل، فخرج معي وخرج بالناقة التي عرض علي حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا نبي الله! أتاني رسولك زعم أن ما علي إلا ابنة مخاض، وذلك ما لا لبن فيه ولا ظهر، وقد عرضت عليه عظيمة فتية فردها

ص: 151

وَلَوِ اشْتَرَكَ أَهْلُ الرزَّكاةِ في مَاشِيَةٍ .. زَكَّيَا كَرَجُلٍ، وَكَذَا لَوْ خَلَطَا مُجَاوَرَة بِشَرْطِ أَنْ لَا تَتَمَيَّزَ في الْمَشْرَعِ، وَالمَسْرَحِ،

ــ

علي، وها هي ذه فخذها، فقال صلى الله عليه وسلم:(ذاك الذي، فإن تطوعت بخير .. آجرك الله فيه وقبلناه منك)، فقال: ها هي ذه فخذها، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقبضها ودعا بالبركة، فدل على جواز أخذ ذلك.

وفي وجه: لا تجزئ الكريمة؛ للنهي عن أخذها.

قال: (ولو اشترك أهل الزكاة في ماشية .. زكيا كرجل) واحد؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (في كل خمس شاة، وفي كذا كذا .... (. ولم يفرق بين كونها لمالك أو مالكين.

واحترز ب، (أهل الزكاة) عما إذا كان أحدهما كافرًا أو مكاتبًا؛ فإنه لا اثر للخلطة كما أن المعلوفة لا يتم بها نصاب السائمة.

ويشترط مع ذلك: بلوغ المالين نصابًا، ودوام الخلطة في الحول.

وهذه تسمى: خلطة ملك وخلطة أعيان وخلطة اشتراك، وقد تفيد تخفيفًا كما إذا ملكا ثمانين فتلزمهما شاة، أو تثقيلًا كما إذا ملكا أربعين .. فتلزمهما شاة.

قال: (وكذا لو خلطا مجاورة)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة) رواه البخاري [1450] من حديث أنس رضي الله عنه.

وقيل: خلطة الجوار لا اثر لها. وهو ضعيف.

ويشترط أن يكون المخلوط نصابًا كما تقدم، فلو ملك كل منهما عشرين شاة فخلطا تسع عشرة بمثلها وانفرد كل منهما بشاة .. فلا زكاة، فلو خلطا الشاة بالشاة .. زكيا الربعين.

قال: (بشرط أن لا تتميز في المشروع) وهو: الموضوع الذي تشرب منه الماشية من عين أو نهر أو حوض.

قال: (والمسرح) وهو: ما تجتمع فيه ثم تساق إلى المرعى وهو المرتع.

ص: 152

وَالمُرَاحِ، وَمَوْضِعِ الْحَلَبِ، وَكَذَا الرَّاعِي والْفَحْلُ في الأَصَحَّ، لَا نِيِّةُ الْخُلْطَةِ في الأَصَحَّ

ــ

وقيل: المرتع: الذي ترتع فيه، وقيل: طريقها إليه، وقيل: الموضع الذي تجمع فيه لتسرح.

قال: (والمراح) - بضم الميم- وهم: مأواها ليلًا.

قال: (وموضع الحلب)؛ لما سبق.

و (الحلب) بفتح اللام وحكي إسكانها.

ولا خلاف في اشتراط ذلك، وإنما اشترط اتحاد المالين في هذه الأمور؛ لأنه إذا تميز مال كل واحد منهما بشيء مما ذكرنا لم يصر كمال الواحد في المؤن.

قال: (وكذا الراعي والفحل في الصح)؛ لما روى الدارقطني [2/ 104] عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (والخيطان: ما اجتمعا في الفحل والحوض والراعي)، لكن في سنده ابن لهيعة.

ويجوز تعدد الرعاة قطعًا، لكن يشترط أن لا تنفرد هذه عن هذه براع.

والثاني: لا يشترط الاتحاد في الراعي؛ لأن الافتراق فيه لا يرجع إلى نفس المال، والمراد بـ (الاتحاد): أن يكون الفحل أو الفحول مرسلة فيها تنزوا على كل من الماشيتين بحيث لا تختص ماشية بفحل عن ماشية الآخر، إلا إذا اختلف النوع كضأن ومعز .. فلا يضر قطعًا.

وإذا قلنا بالمذهب .. اشترط أن يكون الإنزاء في مكان واحد كالحلب.

قال: (لا نية الخلطة في الأصح)؛ لأن خفة المؤنة واتحاد المرافق لا يختلف بالقصد وعدمه.

والثاني: تشترط؛ لأن الفرض يتغير بها. وهما كالوجهين في قصد السوم والعلف.

ص: 153

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيهات:

أحدها: أفهمت عبارته: أنه لا يشترط اتحاد الحالب والمحلب وهو الأصح، كما لا يشترط اتحاد آلة الجز ولا خلط اللبن على الأصح.

الثاني: محل ما تقدم: إذا لم تتقدم للخلطين حالة انفراد، فإن انعقد الحول على الانفراد ثم طرات الخلطة، فإن اتفق حولاهما بأن ملك كل واحد أربعين شاة ثم خلطا في أثناء الحول .. فالجديد: أنه لا تثبت الخلطة في السنة الأولى فتجب على كل واحد عند تمامها شاة، والقديم: تثبت فيجب على كل واحد نصف شاة.

وإن اختلف حولاهما بأن ملك هذا غرة المحرم وهذا غرة صفر وخلطا غرة شهر ربيع .. فعلى كل واحد عند انقضاء حوله شاة على الجديد، ونصف شاة على القديم.

وإذا طرأ الانفراد على الخلطة، فمن بلغ ماله نصابًا .. زكاه. والانفراد من وقت الملك.

الثالث: أهمل المصنف حكم التراجع، فإذا أخذ الساعي الفرض من نصيب أحدهما .. رجع على خليطه بالحصة، فإذا كان لأحدهما ثلاثون من البقر ولآخر أربعون .. فواجبهما تبيع ومسنة، على صاحب الثلاثين ثلاثة أسباعهما، وعلى صاحب الأربعين أربعة أسباع، فإن أخذهما الساعي من صاحب الربعين .. رجع على الآخر بثلاثة أسباع قيمتها، وإن أخذهما من الآخر .. رجع بأربعة أسباع.

وإن أخذ التبيع من صاحب الأربعين والمسنة من الآخر .. رجع صاحب المسنة بأربعة أسباعها، وصاحب التبيع بثلاثة أسباعه.

وإن أخذ المسنة من صاحب الربعين، والتبيع من الآخر .. قال الرافعي- تبعًا

ص: 154

وَالأَظْهَر: تَاثِيرُ خُلْطَةِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَالنَّقْدِ وَعَرْضِ التِّجَارَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ: النَّاطُورُ، وَالْجَرِينُ، وَالدُّكَّانُ، وَالْحَارِسُ، وِمِكِانُ الْحِفْظِ، وَنَحْوُهَا

ــ

للإمام-: يرجع صاحب المسنة بثلاثة أسباعها، وصاحب التبيع بأربعة أسباعه.

ومنصوص الشافعي رضي الله عنه: المعتمد أن لا رجوع لواحد منهما على الآخر؛ لأن كلا منهما لم يؤخذ منه إلا ما عليه).

قال: (والأظهر: تأثير خلطة الثمر والزرع والنقد وعرض التجارة)؛ لأنهما يرتفقان بالخلط فيها كما يرتفقان في المواشي، واحتج له بعموم قوله صلى الله عليه وسلم:(ولا يفرق بين مجتمع ....)، هذا هو الجديد.

والثاني: لا تأثير لها في هذه الأمور؛ إذ لا أوقاص فيها بخلاف المواشي.

والثالث: تؤثر خلطة الشركة دون خلطة الجوار.

قال: (بشرط أن لا يتميز: الناطور، والجرين، والدكان، والحارس، ومكان الحفظ، ونحوها)؛ لأن المالين بذلك يصيران كالمال الواحد.

وصفة الخلطة في هذه الأشياء: أن يكون لكل منهما صف نخيل أو زرع في حائط واحد، أو لكل واحد كيس دراهم في صندوق واحد، أو أمتعة تجارة في خزانة واحدة.

(والناطور) - بالمهملة والمعجمية-: حافظ النخل والشجر.

(والجَرين) - بالفتح: موضع تجفيف الثمرة.

(والحارث) معروف.

وأراد بقوله: (ونحوها): الميزان والزان والنقاد والمنادي والحراث وجداد النخيل والكيال والحمال والمتعهد.

و (الدكان) - بضم الدال المهملة واحد الدكاكين- وهو: الحانوت.

ص: 155

وَلِوُجُوبِ زَكاةِ الْمَاشِيَةِ شَرْطَامِ: مُضِيُّ الْحَوْلِ في مِلْكِهِ، لَكِنْ مَا نُتِجَ مِنْ نَصَابٍ يُزَكَّى بِحَوْلَهَ،

ــ

ووقع في (الوجيز) في أول (الباب الثالث) من أبواب

(الإجازة): استأجر دكانًا أو حانوتًا، وهو مما أنكر عليه؛ لأنهما شيء واحد.

قال: (ولوجوب زكاة الماشية شرطان) أي: مع ما سلف: من كونها نعمًا نصابًا، ومع ما سيأتي: من دوام الحول وكمال الملك.

قال: (مضى الحول في ملكه)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول) رواه أبو داود [1567] ولم يضعفه، وبه قال فقهاء المدينة وعلماء الأمصار، ولأنه لا يتكامل نماؤه قبل الحول.

وفي قول: لا يجب حتى يتمكن من الأداء، وسيأتي الإشارة إليه قبيل (كتاب الصيام).

ولنا قول قديم: إن الوارث يبني على حول الموروث فيزكيه عند تمام حول مورثه.

وسمي الحول حولًا، لمضي سنة ومجئ أخرى؛ لأنها تحول ويأتي غيرها، فسبحان من لا يحول ولا يزول.

قال: (لكن ما نتج من نصاب يزكى بحوله)[أي]: بحول الأصل؛ لما روى مالك [1/ 265] والبيهي (4/ 100]: أن ساعيًا لعمر رضي الله عنه قال له: إن هؤلاء يزعمون أنا نظلمهم نعد عليهم السخلة ولا نأخذها منهم! فقال: (اعتد ليهم بالسخلة يروح بها الراعي على يده ولا تأخذها منهم)، وهذا الساعي: سفيان بن عبد الله الثقفي، ووقع في (الكفاية): أنه سعيد بن رسيم- كوسيم- وهو وهم. وكان علي رضي الله عنه يعد الصغار مع الكبار ولا مخالف لهما من الصحابة. ولأن الحول إنما اعتبر للنماء والسخلة نماء في نفسها.

وصورة المسألة: أن يكون النتاج لصاحب الأصل بسبب ملك الأصل؛ ليخرج ما إذا أوصى بشياه لشخص وبالحمل لآخر .. فلا يزكى بحول النصاب.

وكذا لو أوصى الموصى له بالحمل لمالك الأمات به ومات قبل النتاج ثم حصل

ص: 156

وَلَا يُضَمُّ الْمَمْلُوكُ بِشِرَاءٍ وَغَيْرِهِ في الْحَوْلِ،

ــ

النتاج؛ لأنه ملك بطريق مقصود فجعل كالمستفاد بالشراء، حتى لو نتجت قبل الحول بلحظة .. يزكى بحول النصاب وإن ماتت الأمات كلها قبل انقضاء حولها في الأصح.

وقيل: يشترط بقاء نصاب من الأمات؛ ليستتبع.

وقيل: يشترط بقاء شيء منها ولو واحدة.

وفائدة الضم إنما تظهر: إذا بلغت بالنتاج نصابًا آخر، فإن ملك مئة شاة فنتجت إحدى وعشرين .. وجبت شاتان، ولو نتجت عشرين فقط .. لم يفد.

واحترز بقوله: (نتج) عن الحاصل بالشراء وغيره في أثناء الحول؛ فلا يضم كما سيأتي، وبقوله:(من نصاب) عما دونه.

وقوله: (نتج) - بضم النون وكسر التاء المثناة فوق- معناه: ولد، يقال: نتجت الشاة والناقة نتاجًا.

مهمة:

سيأتي: أن السوم يشترط في النتاج في باقي السنة، فحينئذ لا تضم السخال إلى الأمات ما دامت تقتان بألبانها؛ لأنها تقتات بشيء من أموال المالك- والسائمة: هي الراعية في كلأ مباح- ثم إنها إذا استقلت بعد ذلك بالرعي .. لا تضم أيضًا إلا إذا مضى عليها حول من حين الاستقلال؛ لأن حول السخال عند الضم كحول الأمهات، والكات إذا اعتلفت في أثناء الحول .. انقطع حولها فكذلك السخال.

قال: (ولا يضم المملوك بشراء وغيره في الحول)؛ لأنه لم يحدث من نفس النصاب بخلاف النتاج وربع مال التجارة.

واحترز بقوله: (في الحول) عن النصاب؛ فإنه يضم إليه خلافًا لابن سريج.

فإذا اشترى ثلاثين بقرة ثم اشترى عشرة في أثناء الحول .. ضم إلى الأول في

ص: 157

فَلَوِ ادَّعَى النِّتَاجَ بَعْدَ الْحَوْلِ .. صُدِّقَ، فَإِنِ اتُهِمَ .. حُلِّفَ. وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ في الْحَوْلِ فَعَادّ أَوْ بَادَلَ بِمِثْلهِ .. اسْتانَفَ .....

ــ

النصاب على المذهب؛ فيخرج عند حول الثلاثين تبيع وعند حول العشر ربع مسنة، ثم بعد ذلك عند تمام حول الثلاثين ثلاثة أرباع مسنة وعند حول العشر ربع مسنة أبدًا.

قال: (فلو ادعى) أي: الملك (النتاج بعد الحول .. صدق)؛ لأنه أمين.

قال: (فإن أنهم .. حلف)؛ استظهارًا لحق الفقراء، فإن نكل .. ترك.

وتحليفه مندوب على الأصح، لأن قوله لا يخالف الظاهر، وكذا كل موضع ادعى رب المال ما تسقط به الزكاة وكان الظاهر معه، كما لو ادعى أنه من غير النصاب واتهم.

قال: (ولو زال ملكه في الحول فعاد أو بادل بمثله .. استأنف)؛ لأنه ملك جديد فلا بد من حول.

وشرط المبادلة: أن تكون صحيحة، فالفاسدة لا اثر لها؛ لأنها لم تنقل الملك.

وتعبيره بـ (زوال الملك) يشمل البيع والهبة وغيرهما. وإتيانه بـ (الفاء) الدالة على التعقيب وبقوله: (بمثله) يؤخذ منه الاستئناف عند طول الزمان وعند الاختلاف في النوع من باب أولى.

وسواء قصد الفرار من الزكاة أم لا، لكن يكره الفرار كراهة تنزيه على الأصح.

وقال في (الوجيز): يحرم، وزاد في (الإحياء): أنه لا يبرئ الذمة الباطن، وأن أبا يوسف كان يفعله. ثم قال: والعلم علمان ضار ونافع، قال: وهذا من الفقه الضار.

وقال ابن الصلاح: يكون آثمًا بقصده لا بفعله.

وقال القاضي أبو بكر بن العربي: كان قاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن علي الدامغاني صاحب عشرة آلاف دينار، وكان إذا جاء رأس الحول .. دعا بينه وقال لهم:

ص: 158

وَكَوْنُهَا سَائِمَةً،

ــ

كبرت سني وضعت قوتي وهذا ما لا أحتاجه فهو لكم، ثم يخرجه فتحمله الرجال على أعناقهم إلى دور بنيه، فإذا جاء رأس الحول .. أتى بنوه فقالوا: يا أبانا؛ إنا قد أملنا حياتك ولا رغبة لنا في المال مادمت حيًا أنت ومالك لنا فخذه، وتسير الرجال به حتى يضعوه بين يديه فيرده إلى موضعه، يصنع ذلك لإسقاط الزكاة.

فرع:

الأصح: أن الصيارفة يستأنفون الحول كلما بادلوا؛ ولذلك قال ابن سريج: بشر الصيارفة بأن لا زكاة عليهم.

والثاني: لا يستانفون ولا ينقطع الحول بذلك كمال التجارة.

قال: (وكونها سائمة) أي: راعية في كلأ مباح، وهذا هو الشرط الثاني المشار إليه فيما تقدم وهو السرم، قال الله تعالى:{وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} .

ودليل ثبوت في الغنم: حديث أنس رضي الله عنه في (البخاري)[1454]، وفي الإبل: حديث بهز بن حكيم في (أبي داوود)[1569] و (النسائي)[5/ 15] والأكثرون على تصحيح نسخته، وألحقت البقر بهما.

فلو أسميت في كلًا مملوك .. فوجهان في (البيان) لا ترجيح فيهما.

قال الشيخ: وكشفت عن ذلك من عشرين مصنفًا مطولًا فلم أر له ذكرًا، وحكي المصنف الوجهين عن (البيان) ثم قال: أصحهما ولم يذكر بعد ذلك شيئًا وكأنه كان يتطلب التصحيح فلم يجده، ثم قال الشيخ: والسبق إلى الفهم: أنه كالعلف يسقط الزكاة.

ص: 159

فّإِنْ علفت مُعْظَمَ الْحَوْلِ .. فَلَا زَكَاةَ، وَإِلَاّ .. فَالأَصَحُّ: إِنْ عُلِفَتْ قَدْرًا تَعِشُ بِدُونِهِ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ .. وَجَبَتْ، وَإلَاّ .. فَلَا، ....

ــ

ولو أسامها في الأرض الخرجية .. وجبت الزكاة، قاله القاضي أبو الطيب.

وفي (فتاوى القفال): لو اسيمت في علف اشتراه .. تكون سائمة، فلو جزَّ المباح وقدمه إليها .. كانت معلوفة.

فروع:

لو غصبت المعلوفة وأسماها الغاصب حولًا وأوجبنا الزكاة في المغصوب .. فالأصح: عدم الوجوب؛ لأن المالك لم يقصد الإسامة.

والوجهان في المسألة ينبنيان على اشتراط النية في السوم أو العلف، ولم يصحح في (الروضة) و (أصلها) واحدًا منهما بل قال: يختلف التصحيح باختلاف الصور.

والصواب: التعبير بالإسامة.

ولو علفت السائمة بعلف معصوب .. ففي الوجوب وجهان في (أسرار الفقه) للقاضي حسين.

والمتولد من السائمة والمعلوفة يلحق بأمه في الحول، فإن كانت هي السائمة .. ضم إليها في الحول، وإلا .. فلا.

قال: (فإن علفت معظم الحول .. فلا زكاة)؛ لكثرة المؤنة وخروجها عن اسم السائمة.

قال: (وإلا) أي لم تعلف المعظم (.. فالأصح: إن علقت قدرًا تعيش بدونه بلا ضرر بين .. وجبت) زكاتها، (وإلا .. فلا)، وإذا علفت الماشية قدرًا يسيرًا .. لا أثر له قطعًا.

وإن أسميت في بعض الحول وعلفت في بعضه- وهي مسألة الكتاب- ففيها خمسة أوجه:

أحدهما: أنه يسقط حكم السوم فينقطع الحول، فإن أسميت بعد ذلك .. استؤنف الحول.

ص: 160

وَلَوْ سَامَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ اعْتُلِفَتِ السَّائِمَةُ، أَوْ كَانَتْ عَوَامِلَ فِيِ حَرْثٍ وَنَضْجٍ وَنَحْوِهِ .. فَلَا زَكَاةٌ فِي الأَصَحَّ

ــ

والثاني: أن ذلك لا أثر له، وإنما ينقطع الحول وتسقط الزكاة بالعلف في أكثر السنة.

والثالث الأصح - وبه قال الأكثرون-: إن علفت قدرًا تعيش بدونه .. لم ينقطع الحول، وإن علفت قدرًا لا يبقى الحيوان بدونه .. لم يجب، حتى لو أسامها نهارًا وعلفها ليلًا .. وجبت، قالوا: والماشية تصبر يومين عن العلف ولا تصبر الثلاثة.

والرابع-وهو الأفقه في (الشرح الصغير): - إن علفت قدرًا يعد مؤنة بالإضافة إلى رفق الماشية .. فلا زكاة، وإن كان حقيرًا بالإضافة إليه .. وجبت.

والخامس: أن قليل العلف يقطع السوم.

هذا إذا لم يقصد بعلفه قطعه، فإن قصده .. فالمنصوص: أنه ينقطع لا محالة، لأن النية قارنت الفعل المسقط للزكاة فسقطت.

قال: (ولو سامت بنفسها، أو اعتلفت السائمة، أو كانت عوامل في حرث ونضج ونحوه .. فلا زكاة في الأصح) أشار بالأول إلى أن السوم إذا لم يكن مقصودًا، فهل يكون معتبرًا في إيجاب الزكاة؟ وفي ذلك وجهان:

أحدهما: نعم، لحصول الرفق.

والأصح: عدم الوجوب، لأن المالك لم يلتزمها.

وأما العاملة .. فلا زكاة فيها، لأنها معدة لاستعمال مباح فأشبهت ثياب البدن، وفي (سنن الدارقطنى) [2/ 103]- بإسناد صحيح-عن علي رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:(ليس على البقر العوامل شيء) وفي البيهقي) [4/ 99] نحوه. وبذلك قال جمهور الأصحاب.

وقال الشيخ أبو محمد وجماعة من الخراسانيين: تجب الزكاة فيها، لتوفر المؤنة وفائدة العمل، سواء عملت للمالك أو بأجرة.

ص: 161

وَإَذَا وَرَدَتْ مَاءً .. أُخِذَتْ زَكَاتُهَا عِنْدَهُ، وَإِلَاّ .. فَعنْدَ بُيُوتِ أهْلِهَا. وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ في عَدَدِهَا إِنْ كَانَ ثِقَةُ، وَإِلَاّ .. فَتُعَدُّ عِنْدَ مَضِيقٍ

ــ

قال: (وإذا وردت ماءً .. أخذت زكاتها عنده، وإلا .. فعند بيوت أهلها)، لقوله صلى الله عليه وسلم:(لا جَلَبَ ولا جَنَبَ) ، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم) رواه أبو داوود [1587] عن عمرو بن شعيب بإسناد حسن.

فإذا لم يجدها في هذين الموضعين .. فليس للساعي أن يلزم رب الماشية أن يجلبها له من مرعاها، للمشقة، ولا على الساعي إتباعها.

وقال المتولي: إن كان في زمن الصيف .. أخذت زكاتها عند ورودها الماء، وإن كان في غيره .. فعند بيوت أهلها.

ولو كان له ماشيتان عند مائين .. أمر بجمعهما عند أحدهما، إلا أن يعسر عليه ذلك.

قال: (ويصدّق المالك في عددها إن كان ثقة) ، لأنه أمين.

قال: (وإلا) أي: وإن لم يكن ثقة أو قال: لم أعرف عددها (.. فتعدّ عند مضيق) ، لأنه أسهل لضبطها، فتمر واحدة بعد واحدة وبيد المالك أو الساعي أو نائبهما قضيب يصيب به ظهر الشاة أو يشير به إليها، فإن اختلفا في مقدارها بعد العدد وكان الفرض يختلف .. أعيد العدد.

فائدة:

روي ابن ماجة [2206] عن علي رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السوم قبل طلوع الشمس).

قال الخطابيّ وابن الأعرابي وغيرهما: أصل هذا أن داء يقع على النبات فلا ينحل حتى تطلع الشمس فيذوب، فإن أكلت منه الماشية قبل ذلك .. هلكت.

ص: 162

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال عبد اللطيف البغدادي: إنما نهي عنه، لأن العشب قد ينزل عليه في الليل ندىّ يؤذى الماشية ويعلوه وخم، فإذا طلعت الشمس .. قوى وحمي واعتدل وطاب وصح.

وأيضًا ، لأنها إذا رعت ليلًا .. كان غذاؤها الأول لم يكمل هضمه، ولم يتكامل خروج ثفله، ولم تقو الحرارة الغريزية به، فإذا طلعت الشمس .. كمل الهضم وخرجت الفضول فيكون أقبل للغذاء وأصح للجسد وأنشط.

وقال قوم: هو أن يساوم بسلعة في ذلك الوقت، لأنه وقت ذكر الله لا يشتغل فيه بشيء غيره.

تتمة:

إذا كانت الماشية متوحشة وكان في أخذها وإمساكها مشقة .. كان على رب المال أن يأخذ السن الواجب عليه ويسلمه إلى الساعي، فإن كان لا يمكن إمساكها إل بعقال .. كان على المالك ذلك، وعلى هذا حملوا قول أبي بكر رضي الله عنه:(والله لو منعونى عقالًا ..) ، لأن العقال ها هنا من تمام التسليم.

خاتمة

يستحب للساعي إذا أخذ الزكاة أن يدعو للمالك: ترغيبًا له في الخير وتطمينًا لقلبه فيقول: آجرك الله فيما أعطيت، وجعله لك طهورًا وبارك الله لك فيما أبقيت. ولا يتعين دعاء.

وفي وجه: أن الدعاء واجب، وقيل: إن سأله المالك .. وجب.

ص: 163

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويكره أن يصلي عليه على الأصح، وقيل: خلاف الأولى، وقيل: يستحب، وقيل: يحرم.

قال الشيخ أبو محمد: والسلام في معنى الصلاة فلا يفرد به غير الأنبياء ، وهو سنة في المخاطبة للأحياء والأموات.

قال المصنف: ويستحب لكل من أعطى زكاة أو صدقة أو كفارة أو نذرًا أو نحوها أن يقول: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .

ص: 164