المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بَعْدَ طَوَافِهِ وَصَلَاتِهِ، ــ يصرفه عن نفسه، وادعى الإمام اتفاق - النجم الوهاج في شرح المنهاج - جـ ٣

[الدميري]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بَعْدَ طَوَافِهِ وَصَلَاتِهِ، ــ يصرفه عن نفسه، وادعى الإمام اتفاق

‌فَصْلٌ:

يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بَعْدَ طَوَافِهِ وَصَلَاتِهِ،

ــ

يصرفه عن نفسه، وادعى الإمام اتفاق الأصحاب عليه، لكن في (التهذيب) وجه: أن يحصل لهما.

ولو لم يقصد شيئًا .. فهو كما لو قصد نفسه أو كليهما، فإن نوى كل الطواف لنفسه .. فالأظهر وقوعه للحامل، وقيل: للمحمول، وقل: لهما.

تتمة::

قال الأصحاب: فعل المتحيرة الصلاة الواحدة وصوم اليوم الواحد والطواف الواحد سواء حرفًا بحرف، فإذا أرادت فعل واحد منها .. فعلته ثلاث مرات بشرط الإمهال المقرر في الصلاة والصوم في (باب الحيض).

وقال جماعة: تطوف طوافين بينهما خمسة عشر يومًا، والصواب: الأول.

قال: (فصل::

يستلم الحجر بعد طوافه وصلاته)؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن جابرًا رضي الله عنه رواه في صفة حجه عليه الصلاة والسلام كما تقدم.

وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا يخرج من المسجد حتى يستلم الحجر.

قال المارودي: ثم يقف في الملتزم ويدعو عنده؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، قال: ويدخل الحِجْر ويدعو؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد يدعو تحت الميزاب .. إلا استجيب له).

قال ابن الصلاح: وطاهر الحديث الصحيح: أنه لا يشتغل بها، بل يبادر بالسعي.

ص: 497

ثُم? يَخْرُجُ مِنْ بَابِ الصفَا لِلسعْي. وَشَرْطُهُ: أَنْ يَبْدَأَ بالصفَا، وَأَنْ يَسْعَى سَبْعًا ذَهَابُهُ مِنَ الصفَا إِلَى المَرْوَةِ مَرةُ، وَعَوْدُهُ مِنْها إِليْهِ أُخُرَى

ــ

وقول الغزالي في (الإحياء): (يأتي الملتزم قبل الصلاة) مردود.

وإطلاق المصنف والرافعي الاستلام يقتضي: أنه لا يستحب التقبيل في هذه الحالة، وليس كذلك؛ فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قبله في هذه الحالة، رواه الحاكم [1/ 454] عن جابر رضي الله عنه، وقال: إنه على شرط مسلم، وكذلك رواه أحمد وصرح بأنه بعد الصلاة، وكذلك صرح القاضي أبو طيب باستحبابه في هذه الحالة.

قال: (ثم يخرج من باب الصفا للسعى)؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كذلك فعل وأمر به.

وروى سعيد بن منصور عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطواف بين الصفا والمروة يعدل عتق سبعين رقبة).

و (الصفا) مقصور، وهو في الأصل: الحجارة الصلبة، واحده: صفاة، كحصاة وحصى، وهو: طرف جبل أبي قبيس، قيل: عن ذابة الأرض- وهي ناقة صالح - تخرج منه في آخر الزمان.

قال: (وشرطه: أن يبدأ بالصفا)؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كذلك فعل، وسألوه عنه فقال:(ابدؤوا بما بدأ الله به) بلفظ الأمر، رواه النسائي [5/ 235] من حديث جابر رضي الله عنه بإسناد على شرط الصحيح، وهذا الشرط لا خلاف فيه عندنا، فلو بدأ بالمروة وأكمل سبعًا .. حسب له منها ست، ثم يأتي بمرة أخرى.

قال: (وأن يسعى سبعًا)؛ لما روى الشيخان [خ 396 - م 1261] عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بين الصفا والمروة سبعًا).

قال: (ذهابه من الصفا إلى المروة مرة، وعوده منها إليه أخرى) هذا مذهب جمهور العلماء، ويدل له حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

ص: 498

وَأَنْ يَسْعَى بَعًدَ طَوَافِ رُكنٍ أو قُدُومٍ بِحَيْثُ لَا يَتَخَللُ بَيْنَهُمَا الْوُقُوفُ بِعَرَفَة

َ

ــ

وقال أبو بكر الصيرفي: الذهاب مرة، والعود لا يسحب، حتى لو عاد من غير المسعى .. جاز.

وقال ابن بنت الشافعي وابن جرير وابن خيران والإصطخري وابن الوكيل: الذهاب والعود مرة كمسح الرأس، وهذا القول أكثر فسادًا من الأول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ختم بالمروة.

ثم لا بد من استيعاب المسافة في كل مرة بأن يلصق عقبه بأصل ما يذهب منه، ورؤوس أصابع رجليه بما يذهب إليه، والراكب يلصق حافر دابته، والأفضل أن يسعى ماشيًا، والركوب فيه أخف منه في الطواف.

و (المروة): الحجارة البيض البراقة، ثم صار علمًا على الموضع المعروف بمكة.

وقال ابن عبد السلام: إنها أفضل من الصفا؛ لأنها مُرورُهُ أربعَ مرات والصفا ثلاثًا في السعي، وما أمر الله بمباشرته في القربة أكثر يكون أفضل.

قال: (وأن يسعى بعد طواف ركن أو قدوم)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسع إلا كذلك، ونقل الماوردي الإجماع عليه.

ووقع في (أساليب إمام الحرمين): أن بعض أئمتنا قال: لو قدم السعي على الطواف .. اعتد به، وهو غلط.

قال: (بحيث لا يتخلل بينهما) أي: بين السعي وطواف القدوم (الوقوف بعرفة)؛ لأنه في هذه الحالة يتعين تأخير السعي إلى ما بعد طواف الإضافة.

وفهم من عبارته أنه لا يجوز بعد طواف نفل لا تعلق له بالحج، ولا بعد طواف الوداع.

وصح في (المهمات) بجوازه بعدهما، وصوره بما إذا أحرم من مكة وطاف

ص: 499

وَمَنْ سَعَى بَعْدَ قُدُومِ .. لَمْ يُعِدْهُ. وَيُسْتَحَبُ: أَنْ يَرْقَى عَلَى الصفَا وَالْمَرْوَةِ قَدْرَ قَامَةٍ

ــ

للوداع .. فإنه يصح أن يسعى بعده كما قاله البندنيجي في (المعتمد)، ونقله عنه صاحب (البيان) والشيخ نصر وقالا: إنه مذهب الشافعي.

فالشرط: أن يقع بعد طواف صحيح كما قاله في (شرح المهذب)، وصرح به الشيخ محب الدين الطبري وجزم بالإجزاء، وروي أن ابن عمر وابن الزبير رضي الله عنهم فعلاه.

قال: (ومن سعى بعد قدوم .. لم يعده)؛ لما روى مسلم [1215] عن جابر رضي الله عنه قال: (لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا طوافه الأول) وعنى بالطواف: السعي؛ قال تعالى: (فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا) فلو أعاده .. جاز.

وقال الشيخ أبو محمد وولده: تكره إعادته، وبه جزم في (شرح المهذب).

وقيل: إنه خلاف الأولى؛ لأنه لم يرد فيه نهي مخصوص.

لكن يستثنى القارن؛ فإنه يستحب له أن يطوف طوافين ويسعى سعيين خروجًا من خلاف أبي حنيفة.

ولو سعى وهو صبي أو عبد بعد القدوم ثم بلغ وعتق بعرفة، أو قبل فوات الوقوف ثم عاد إليها في الوقت .. وجب عليه إعادة السعي على الصحيح.

قال: (ويستحب: أن يرقى على الصفا والمروة قدر قامة)؛ ففي (صحيح مسلم)[1218] عن جابر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رقى على الصفا حتى رأى البيت ثم أتى المروة ففعل كما فعل على الصفا).

وقال أبو حفص بن الوكيل: يشترط صعودهما، لكن بعض الدرج مستحدث فيجب أن يصعد فيها حتى يستيقن قطع المسافة، كما يلزم المتوضيء غسل جزء من الرأس مع الوجه، كل هذا في الرجل.

أما المرأة .. فلا ترقى كما قال في (التنبيه)، ولم يذكره الرافعي ولا المصنف في (شرح المهذب)، والقياس إلحاق الخنثى بها في ذلك.

ص: 500

فَإِذَا رَقِيَ .. قَالَ: (اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ، اللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا، وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى مَا أَوْلَانَا، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ دِينًا وَدُنْيَا. قُلْتُ: وَيُعِيدُ الذِّكْرَ وَالدُّعَاءَ ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَاللهُ أَعْلَمُ وَأَنْ يَمْشِيَ أَوَّلَ الْمَسْعَى وَآخِرَهُ وَيَعْدُوَ فِي الْوَسَط

ــ

قال: (فإذا رقي .. قال: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير، وهو على كل شيء قدير؛ لما روى مسلم [1281] عن جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل القبلة فوحد الله تعالى وكبره وقال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) وهو في (النسائي)[5/ 235] كما قاله المصنف.

و (رقي) بكسر القاف وفتحها في المضارع كعلم يعلم.

قال: (ثم يدعو بما شاء دينًا ودنيا)؛ لأنها أمكنة يستجاب فيها الدعاء.

وكان ابن عمر رضي الله عنه يطيل الدعاء هنالك، واستحبوا من دعائه أن يقول:(اللهم إنك قلت: ادعوني استجب لكم، وأنت لا تخلف الميعاد، وإني أسألك كما هديتني للإسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم).

قال: (قلت: ويعيد الذكر والدعاء ثانيًا وثالثًا والله أعلم)، ثبت ذلك في حديث جابر رضي الله عنه.

وقيل: لا يعيد الدعاء ثانيًا، وبه جزم الرافعي في (الشرح).

قال: (وأن يمشي أول المسعى وآخره ويعدو في الوسط)؛ اتباعًا لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، والمرأة تمشي ولا تسعى.

ص: 501

وَمَوْضِعُ النَّوْعَيْنِ مَعْرُوفٌ

ــ

وقيل: إن كانت في خلوة من الليل سعت.

وينبغي أن يتحرى بسعيه وقت خلو المسعى عن الزحام.

قال: (وموضع النوعين معروف) المراد بـ (النوعين): المشي والسعي، فإنه إذا نزل من الصفا .. مشى حتى يبقى بينه وبين العمود الأخضر المبني في ركن المسجد الحرام نحو ستة أذرع، فحينئذ يسعى سعيًا شديدًا حتى يتوسط بين العمودين اللذين أحدهما في جدار المسجد والآخر في حذاء دار العباس رضي الله عنه، فحينئذ يمشي على هينته حتى يأتي المروة فيفعل مثل ما فعل على الصفا، ثم ينزل ويمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه حتى يأتي الصفا.

تتمة:

يستحب في السعي الطهارة والستر والمشي، والموالاة بينه وبين الطواف، وكذلك الموالاة بين السبع.

ويستحب أن يقول فيه: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم.

ويروى: رب اغفر وارحم واهدنا السبيل الأقوم.

ص: 502