الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْإِحْرَامِ
يَنْعَقِدُ مُعَيَّنًا بِأَنْ يَنْوِيَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ كِلَيْهِمَا، وَمُطْلَقًا بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى نَفْسِ الْإِحْرَامِ
ــ
باب الإحرام
هو: الدخول في النسك حج أو عمرة، أو مجموعهما، أو مطلقًا، سمي بذلك؛ لمنعه من المحظورات، وإيجابه إتيان الحرم، وإنما يكون الدخول فيه بالنية.
وقول من قال: الإحرام نية الدخول معناه: أن بها يحصل الدخول، وعلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة:(تحريمها التكبير) أي: به يحصل التحريم.
وحقيقة الإحرام مشكلة قل من أوضحها؛ فإن النية اعتقاد وعزم، والقول ليس بنية، وكان الشيخ عز الدين يستشكل ذلك، فإن قيل له: إنه النية .. اعترض بأنها شرط فيه، وشرط الشيء غيره، ويعترض على أنه التلبية بأنها من سننه، ولذلك قال القرافي: أقمت عشر سنين لم أعرف حقيقة الإحرام.
قال: (ينعقد معينًا: بأن ينوي حجًا أو عمرة أو كليهما)؛ لما روى مسلم [1211] عن عائشة رضي الله عنها قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة .. فليفعل، ومن أراد أن يهل بحج .. فليهل، من أراد أن يهل بعمرة .. فليهل) وانعقد الإجماع على ذلك.
قال: (ومطلقًا: بأن لا يزيد على نفس الإحرام)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم
التَّعْيِينِ أَفْضَلُ، وَفِي قَوْلٍ ُ: الْإِطْلَاق فَإِنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ صَرَفَهُ بِالنِّيَّةِ إلَى مَا شَاءَ مِنْ النُّسُكَيْنِ أَوْ إلَيْهِمَا ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالْأَعْمَالِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ، فَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهُ عُمْرَةً فَلَا يَصْرِفُهُ إلَى الْحَجِّ فِي أَشْهُرِه
ــ
ِ
وأصحابه أهلوا كذلك، وأحرم علي وأبو موسى رضي الله عنهما كإحرامه صلى الله عليه وسلم، وإذا جاز الإبهام .. جاز الإطلاق.
قال: (والتعيين أفضل)؛ ليعرف ما دخل فيه، ولأنه أقرب إلى الإخلاص، ولأن جابرًا رضي الله عنه روى:(أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج) وبهذا قال أبو حنيفة.
قال: (وفي قول: الإطلاق)؛ لرواية من روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إحرامه مبهمًا، ولأنه ربما عرض له مرض أو إحصار فيصرفه إلى ما لا يخاف فواته.
قال: (فإن أحرم مطلقًا في أشهر الحج .. صرفه بالنية إلى ما شاء من النسكين أو إليهما ثم اشتغل بالأعمال)؛ لأن الاعتبار بالقلب لا باللفظ.
ودلت عبارة المصنف على أنه لا يجوز العمل قبل الصرف وهو كذلك، وعلى أن جواز الصرف إلى هذه الأمور مشروط ببقاء وقت الحج واتساعه لهذه الأعمال، فلو ضاق أو فات .. امتنع الصرف إلى ذلك، وإذا فات وقت الحج .. صرفه إلى العمرة.
ولو طاف وسعى قبل التعيين .. لم يعتد به؛ لأنه لا في حج ولا في عمرة.
قال: (وإن أطلق في غير أشهره .. فالأصح: انعقاده عمرة، فلا يصرفه إلى الحج في أشهره)؛ لأن الوقت لا يقبل إلا العمرة.
والثاني: ينعقد مبهمًا فيصرفه في أشهر الحج إلى ما شاء من النسكين، أو
وَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ،
ــ
إليهما، وهذه مقالة الخضري، وهي بعيدة.
وأما قبل ذلك .. فله صرفه إلى العمرة، فإن صرفه إلى الحج .. انعقد عمرة كمن أحرم به قبل أشهره.
قال: (وله أن يحرم كإحرام زيد)؛ لما روى الشيخان [خ 1558 - م 1218]، و [خ 1559 - م 1221]: (أن عليًا وأبا موسى رضي الله عنهما لبيا من اليمن وقالا: إهلالًا كإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليهما صلى الله عليه وسلم.
وصورة المسألة: أن يحرم كإحرامه في الحال، أما إذا علق إحرامه فقال: إذا أحرم زيد فأنا محرم، أو إذا جاء رأس الشهر فأنا محرم .. ففيه وجهان، ميل الرافعي إلى الجواز، ونازعه الشيخ فيه.
فروع:
قال: أنا محرم غدًا أو رأس الشهر أو إذا دخل فلان .. جاز؛ لأنه لما صح أن يعلق إحرامه بإحرام زيد .. صح تعليقه بالشروط كالطلاق.
ولو علقه بمشيئة الله تعالى .. قال المصنف: الصواب: أنه كما لو نوى الصوم وعقبه بها، ولو علق إحرامه بطلوع الشمس .. فوجهان:
أحدهما –وبه جزم في (البحر) -: ينعقد كقوله: كإحرام زيد.
وفرع عليه أنه لو قال: أحرمت يومًا أو يومين أو بنصف نسك .. انعقد إحرامه مطلقًا كالعتق والطلاق، قال المصنف: وفيه نظر.
والثاني –وهو الذي أورده القاضي وأتباعه-: لا ينعقد؛ لأنه علق أصل الإحرام، وهناك علق صفته.
ولو قال كإحرام زيد وعمروا .. قال الروياني: إن كانا محرمين بنسك متفق .. كان كأحدهما، وإن كان أحدهما بحج والآخر بعمرة .. كان قارنًا، وكذا إن كان أحدهما قارنًا.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرِمًا انْعَدَّ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ إنْ عَلِمَ عَدَمَ إحْرَامِ زَيْدٍ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ كَإِحْرَامِهِ،
ــ
ولو قال: كزيد الكافر وكان قد أتى بصورة الإحرام .. انعقد مطلقًا.
ولو أحرم كإحرام زيد فكان إحرام زيد فاسدًا .. فالأصح الانعقاد.
ولو أخبره زيد بإحرامه ووقع في نفسه خلافه، فهل يعمل بما أخبره أو بما وقع في قلبه؟ فيه وجهان، صحح المصنف الأول.
ولو وقع في قلبه صدقه فمضى عليه فبان كذله، فإن فات الوقت .. تحلل للفوات وأراق دمًا.
وهل هو في ماله أو مال زيدٍ للتغرير؟ فيه وجهان، صحح المصنف الأول.
قال: (فإن لم يكن زيد محرمًا .. انعقد إحرامه مطلقًا)؛ لأنه عقده بصفة بطل خصوصها فبقي عموم الإحرام.
قال: (وقيل: إن علم عدم إحرام زيد .. لم ينعقد) كما لو قال: إن كان زيد محرمًا .. فقد أحرمت، فتبين أنه غير محرم.
قال: (وإن كان زيد محرمًا .. انعقد إحرامه كإحرامه) إن حجًا .. فحج، وإن عمرة .. فعمرة، وإن قرانًا .. فقران.
وإن أحرم زيد بعمرة بنية التمتع فإحرامه بعمرة، ولا يلزمه التمتع، وإن كان إحرامه مطلقًا .. فمطلق، ولا يلزمه الصرف إلى ما يصرف إليه زيد على الصحيح، إلا إذا أراد إحرامًا كإحرام زيد بعد تعيينه، هكذا استثناء في (التهذيب).
قال الشيخ: وفيه نظر؛ لأنه في معنى تعليق الكيفية على مستقبل، ولعله يقول: إن هذا جزم في الحال، أو يغتفر ذلك في الكيفية دون الأصل.
ولو كان إحرام زيد مطلقًا ثم عينه قبل إحرام عمرو .. فالأصح: أن إحرام عمرو يقع مطلقًا، وقيل: معينًا.
ويجري الخلاف فيما لو أحرم زيد بعمرة ثم أدخل عليها الحج هل يكون عمرو معتمرًا أو قارنًا؟ الوجهان فيما إذا خطر بباله التشبيه بإحرام زيد لا في الأول ولا في