المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌41 - باب ما يقال بعد الوضوء - النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي - جـ ٢

[ابن سيد الناس]

فهرس الكتاب

- ‌41 - باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌42 - باب في الوضوء بالمد

- ‌43 - باب ما جاء في كراهية الإسراف في الوضوء بالماء

- ‌44 - باب ما جاء في الوضوء لكل صلاة

- ‌45 - باب ما جاء أنّه يصلِّي الصلوات بوضوء واحد

- ‌46 - باب ما جاء في وضوء الرجل والمرأة من إناء واحد

- ‌47 - باب ما جاء في كراهية فضل طهور المرأة

- ‌48 - باب ما جاء في الرخصة في ذلك

- ‌49 - باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء

- ‌50 - باب منه آخر

- ‌51 - باب ما جاء في كراهية البول في الماء الراكد

- ‌52 - باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور

- ‌53 - باب ما جاء في التشديد في البول

- ‌54 - باب ما جاء في نضح بول الغلام قبل أن يطعم

- ‌55 - باب ما جاء في بول ما يؤكل لحمه

- ‌56 - باب ما جاء في الوضوء من الريح

- ‌57 - باب ما جاء في الوضوء من النوم

- ‌58 - باب ما جاء في الوضوء مما غيرت النار

- ‌59 - باب ما جاء في ترك الوضوء مما غيرت النار

- ‌60 - باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل

- ‌61 - باب الوضوء من مس الذكر

- ‌62 - باب ما جاء في ترك الوضوء من مس الذكر

- ‌63 - باب ما جاء في ترك الوضوء من القبلة

- ‌64 - باب ما جاء في الوضوء من القيء والرعاف

- ‌65 - باب ما جاء في الوضوء بالنبيذ

- ‌72 - باب ما جاء في المسح على الخفين أعلاه وأسفله

- ‌73 - باب ما جاء في المسح على ظاهرهما

- ‌74 - باب ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين

- ‌75 - باب ما جاء في المسح على العمامة

- ‌76 - باب ما جاء في الغسل من الجنابة

- ‌77 - باب هل تنقض المرأة شعرها عند الغسل

- ‌78 - باب ما جاء أن تحت كل شعرة جنابة

- ‌79 - باب ما جاء في الوضوء بعد الغسل

- ‌80 - باب ما جاء إذا التقى الختانان وجب الغسل

- ‌81 - باب ما جاء أن الماء من الماء

- ‌82 - باب فيمن يستيقظ فيرى بللًا ولم يذكر احتلامًا

- ‌83 - باب في المني والمذي

الفصل: ‌41 - باب ما يقال بعد الوضوء

‌41 - باب ما يقال بعد الوضوء

حدثنا جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي الكوفي: ثنا زيد بن حباب، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد الدمشقي، عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان، عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمدًا عبده ورسوله، اللهمّ اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين؛ فتحت له ثمانية أبواب من الجنة يدخل من أيّها شاء".

قال: وفي الباب عن أنس، وعقبة بن عامر.

قال أبو عيسى: حديث عمر قد خولف زيد بن حباب في هذا الحديث، قال: وروى عبد الله بن صالح وغيره، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن عقبة بن عامر، عن عمر وعن ربيعة، عن أبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عمر.

وهذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كبير شيء (1).

وأبو إدريس لم يسمع من عمر شيئًا.

* الكلام عليه:

قال (2): في إسناده اضطراب، ولا يصحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كبير شيء.

(1) الجامع (1/ 77 - 79).

(2)

أي الترمذي.

ص: 5

ومسلم رحمه الله قد أخرج في "صحيحه"(1) قال: حدثني محمد بن حاتم بن ميمون: ثنا عبد الرحمن بن مهدي: ثنا معاوية بن صالح، عن ربيعة يعني بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن عقبة بن عامر.

قال: وحدثني أبو عثمان، عن جبير بن نفير، عن عقبة بن عامر قال: كانت علينا رعاية الإبل فجاءت نوبتي فروّحتها بعشيّ، فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا يحدّث الناس، فأدركت من قوله:"ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبلًا عليهما بقلبه ووجهه، إلا وجبت له الجنّة".

قال: فقلت: ما أجود هذه! فإذا قائل بين يدي يقول: التي قبلها أجود. فنظرت فإذا عمر قال: إني رأيتك جئت آنفًا، قال:"ما منكم أحد يتوضّأ فيبلغ، أو يسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله؛ إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيّها شاء".

وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: ثنا زيد بن الحباب قال: ثنا معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، وأبي عثمان، عن جبير بن نفير بن مالك الحضرمي، عن عقبة بن عامر الجهني: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

فذكر مثله، غير أنّه قال:"من توضأ فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله"(2).

وهذا تصحيح من مسلم لما أخرجه وقد أورده من طريقين يعضد كل منهما الأخرى. وأخرى الطريقين طريق الترمذي، لكنها عند مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعند الترمذي: عن جعفر بن محمد بن عمران، ولعلّ التخليط فيها من قبل

(1) صحيح مسلم كتاب الطهارة (1/ 209 - 210) برقم 234 باب الذكر المستحب عقب الوضوء.

(2)

صحيح مسلم كتاب الطهارة (1/ 210) برقم 234 باب الذكر المستحب عقب الوضوء.

ص: 6

جعفر؛ فابن أبي شيبة أجلّ الرجلين، وحديثه أقوم وأسلم من التعليل، وكذلك هو أيضًا في "مصنفه"(1)، فالحديث إذن صحيح من طريق مسلم لاتصاله عن ربيعة، عن أبي إدريس، وأبي عثمان، عن جبير، عن عقبة، ومعلّل من طريق الترمذي بالانقطاع بين أبي إدريس (2) وعمر الذي نبّه عليه، وذكره.

والانقطاع بين أبي عثمان وعمر الذي لم يذكره لكنّه تبيّن من حديث مسلم. وقد صرّح به البخاري فقال: إنما هو عن أبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عمر. كما سيأتي مبينًا إن شاء الله تعالى (3).

وأمّا الجهالة بأبي عثمان فلا تضر إذ هو مقرون بغيره عند مسلم، ثم أتبع الترمذي الحديث بقوله: قد خولف زيد بن حباب في هذا الحديث (4)، وذكر طريقين لا مانع من القول بصحّة الأول منهما إذا صحّ إلى معاوية لسلامته من الطعن، واتصاله، ولأن يكون الحمل فيه على من دون زيد بن الحباب أولى من أن يكون الحمل على زيد، فقد تابع زيدًا أسدُ بنُ موسى، عن معاوية، عن ربيعة، عن أبي إدريس، عن عقبة وأبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عقبة عند النسائي، وها هنا فائدة ينبغي التنبيه عليها:

وهي أنّه وقع في الطريق الأول لمسلم (5) قال: وحدثني أبو عثمان عن جبير بن نفير.

(1) المصنف (1/ 3، 4).

(2)

وهو الخولاني كما في صحيح مسلم (1/ 210) برقم 2343.

(3)

الجامع (1/ 78).

(4)

أشار إليها المزي في تحفة الأشراف (8/ 89) برقم 10609 ولم أظفر بها في السنن الصغرى ولا الكبرى بعد البحث والله أعلم.

(5)

صحيح مسلم كتاب الطهارة (1/ 209) برقم 234 باب الذكر المستحب عقب الوضوء.

ص: 7

قال ابن (1) الصلاح: القاتل: وحدثني أبو عثمان؛ هو عند بعضهم معاوية بن صالح، وعند بعضهم ربيعة بن يزيد. قال: والأول أقوى، وأبو عمرو تبع في ذلك أبا عليّ الجيّاني، فإئه أكثر منه، ورد علي أبي عمر بن الحذّاء، واحتج في ذلك برواية ذكرها من طريق أبي (2) داود تقتضي ما ذكر وسلفه في ذلك أبو مسعود الدمشقي.

ورواية مسلم هذه من طريق ابن أبي شيبة، فخالفه لذلك فتكلّفوا الجواب عنها، ولو تكلّفوا الجواب عن طريق أبي داود، وما جرى مجراها لكان أولى.

فقد ذكر عن الترمذي (3) في كتاب "العلل" أنّه قال: سألت محمدًا فقال: هذا خطأ إنّما هو معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس، عن عقبة، عن عمر، وعن معاوية، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عمر قال: وليس لأبي إدريس سماع من عمر، قلت: من أبي عثمان هذا؟ قال: شيخ لم أعرف اسمه. انتهى فطريق عمر رضي الله عنه معللّة على هذا بجهالة أبي عثمان وهي علّة مؤثّرة.

وأكثر ما في طريق عقبة دخول جبير بن نفير بين أبي إدريس وعقبة من بعض الوجوه دون بعض، وسماع أبي إدريس من عقبة لم ينكره أحد.

فدخول جبير وخروجه على حد سواء، إذ من الجائز أن يكون أبو إدريس سمعه من عقبة، ومن جبير عنه، وحدّث به على الوجهين تارة كذا وتارة كذا،

(1) قال النووي في شرح مسلم (3/ 113)(ط دار المعرفة): "اعلم أن العلماء اختلفوا في القائل في الطريق الأول: وحدثني أبو عثمان من هو؟ فقيل: هو معاوية بن صالح وقيل: ربيعة بن يزيد قال أبو علي الغساني الجياني في تقييد المهمل: الصواب أن القائل ذلك هو معاوية بن صالح، قال: وكتب أبو عبد الله بن الحذاء في نسخته: قال ربيعة بن يزيد وحدثني أبو عثمان عن جبير عن عقبة قال أبو علي: والذي أتى في النسخ المروية عن مسلم هو ما ذكرناه أولًا يعني ما قدمته أنا هنا قال: وهو الصواب قال: وما أتى به ابن الحذاء وهم منه وهذا بين من رواية الأئمة الثقات الحفاظ.

(2)

السنن كتاب الطهارة (1 /) برقم 169 باب ما يقول الرجل إذا توضأ.

(3)

لم أقف عليه بعد البحث.

ص: 8

فليست الطريق التي دخل فيها معلّة للطريق التي لم يدخل فيها، وهذا حديث عمر وعقبة، قد مضى.

وقد روي حديث عقبة من وجوه شتّى: منها ما رويناه عن الدارمي (1): ثنا عبد الله بن يزيد: ثنا حيوة، ثنا أبو عقيل زهرة بن معبد، عن ابن عمه، عن عقبة بن عامر: أنّه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم توكأً (2) يحدّث أصحابه فقال: "من قام إذا استقلت الشمس فتوضّأ فأحسن الوضوء، ثم صلّى ركعتين؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه". قال عقبة: فقلت: الحمد لله الذي رزقني أن أسمع هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه -وكان تجاهي جالسًا-: أتعجب من هذا؟ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعجب من هذا قبل أن تأتي، فقلت: وما ذاك بأبي أنت وأمي؟ فقال عمر رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع بصره أو نظره إلى السماء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله؛ فتحت له ثمانية أبواب من الجنة، يدخل من أين شاء". رواه أبو داود، عن الحسين بن عيسى البسطامي، عن عبد الله بن يزيد. فوقع لنا موافقة فيه.

وفي الباب مما ليس عند الترمذي عن ثوبان، وأبي سعيد الخدري، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم (3).

أما حديث ثوبان فروى أبو بكر البزار من حديث شجاع بن الوليد: ثنا أبو سعد عن أبي سلمة، عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع بصره إلى السماء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن

(1) في سننه (1/ 196) برقم 716 باب القول بعد الوضوء.

(2)

كذا، وفي "الدارمي": يومًا.

(3)

في هامش الأصل نسخة ابن العجمي:

قلت: بقي في الباب مما لم يذكره الترمذي ولا الشارح: عن عثمان بن عفان، ومسعود بن قرة عن أبيه عن جده، وقد ذكرته في "جامع الأحكام".

ص: 9

محمدًا عبده ورسوله، فتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء" (1).

رواه عن محمد بن المثنى، عن شجاع بن الوليد، عن أبي سعيد قال: لا نعلمه يروى عن ثوبان إلا من هذا الوجه (2).

وأما حديث أبي سعيد الخدري؛ فروي من طريق شعبة مرفوعًا وموقوفًا، عند النسائي (3) في "اليوم والليلة" بالوجهين:

• أما المرفوع (4): فمن حديث يحيى بن كثير أبي غسان، عن شعبة، عن أبي هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"من توضّأ فقال: سبحانك اللهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك؛ كتب في رف، ثم طبع بطابع، فلم يكسر إلى يوم القيامة".

وكذلك رواه الطبراني (5) في الأوسط من حديث يحيى بن كثير، عن شعبة، وقال: لم يرو هذا الحديث مرفوعًا عن شعبة إلا يحيى بن كثير.

• والموقوف: عند النسائي (6) من طريق محمد بن يسار (7)، عن شعبة بسنده المتقدّم إلى أبي سعيد قوله.

(1) في سننه كتاب الطهارة (1 /) برقم 170 باب ما يقول الرجل إذا توضأ.

(2)

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 239) ط دار الكتاب العربي رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" باختصار وقال في "الأوسط" تفرد به مسور بن مورع ولم أجد من ترجمه وفيه أحمد بن سهل الوراق ذكره ابن حبان في الثقات وفي إسناد "الكبير" أبو سعيد البقال الأكثر على تضعيفه ووثقه بعضهم ونص الحافظ ابن حجر أنه عند البزار كما في "التلخيص الحبير"(1/ 176) ط مؤسسة قرطبة.

(3)

السنن الكبرى (6/ 25) برقم 9909 و 9910 باب ما يقول إذا فرغ من وضوءه.

(4)

السنن الكبرى (6/ 25) برقم 9909 باب ما يقول إذا فرغ من وضوءه.

(5)

المعجم الأوسط (2/ 132) برقم 1478.

(6)

السنن الكبرى (6/ 25) برقم 9909 باب ما يقول إذا فرغ من وضوءه.

(7)

صوابه محمد بن بشار يروي عن محمد بن جعفر الملقب بغندر.

ص: 10

وأمّا حديث ابن مسعود فرواه أبو (1) الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر، من حديث الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا فرغ أحدكم من طهوره، فليقل: أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدًا عبده ورسوله، ثم ليصلّ عليّ، فإذا قال ذلك؛ فتحت له أبواب الرحمة".

رواه عن محمد بن عبد الرحيم بن شبيب: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل: ثنا محمد بن جابر، عن الأعمش، ذكره القشيري (2) وقال: أخرجه أبو موسى الأصبهاني من جهة أبي الشيخ، وقال: هذا حديث مشهور، له طرق عن عمر بن الخطاب، وعقبة بن عامر، وثوبان، وأنس رضي الله عنهم. ليس في شيء منها ذكر الصلاة إلا في هذه الرواية.

محمد (3) بن جابر متكلّم فيه.

وحديث الباب عند مسلم (4) رحمه الله أتمّ سندًا ومتنًا، فلنذكر ما يتعلّق بمتنه التام إذ هو أعمّ للفائدة:

قوله: كانت علينا رعاية الإبل، فجاءت نوبتي فروّحتها بعشيّ؛ معناه: أنّهم كانوا يتناوبون رعي إبلهم، فيجتمع الجماعة ويضمّون إبلهم بعضها إلى بعض فيرعاها كل يوم واحد منهم ليكون أرفق بهم، ويتصرّف الباقون في مصالحهم.

وقوله: فروّحتها بعشي: أي رددتها إلى مراحها في آخر النهار، وتفرّغت من أمرها ثم جئت إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(1) كما في كنز العمال (9/ 296) برقم 26078 ط مؤسسة الرسالة.

(2)

الإلمام (2/ 69).

(3)

انظر ترجمته في الجرح والتعديل (7/ 219) برقم 1215 وتهذيب الكمال (24/ 564 - 569) وتهذيب التهذيب (3/ 527).

(4)

في صحيحه كتاب الطهارة (1/ 209) برقم 234 باب المستحب عقب الوضوء.

ص: 11

قوله عليه السلام: "فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه" هكذا هو في الأصول مقبل أي وهو مقبل، وقد جمع صلى الله عليه وسلم بهاتين اللفظتين أنواع الخضوع والخشوع؛ لأن الخضوع في الأعضاء والخشوع في القلب.

وقوله: ما أجود هذه يعني الكلمة أو الفائدة أو البشارة أو العبادة وجودتها، إما يريد به من جهة تيسيرها أو عظم أجرها أو مجموع الأمرين.

وقوله: جئت آنفًا أي قريبًا، ممدود وغير ممدود.

وقوله: فيبلغ أو يسبغ الوضوء كلاهما بمعنى أي يتمّه ويكمله.

وفيه أنّه يستحب للمتوضيء أن يقول عقب وضوئه: "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله"(1). وهذا متفق عليه. وينبغي أن يضم إليها: "اللهمّ اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهّرين"(2). كما ذكرناه من طريق الترمذي. وأن يضم إليها: "سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، أستغفرك وأتوب إليك"(3). كما هو مذكور من طريق النسائي، وأن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، كما رويناه من طريق ابن مسعود، ووقع في

(1) في سننه أبواب الطهارة (1/ 78) برقم 55 باب فيما يقال بعد الوضوء.

(2)

السنن الكبرى (6/ 25) برقم 9909 باب ما يقول إذا فرغ من وضوءه.

(3)

رواه أبو الشيخ في الثواب وفضائل الأعمال له ومن طريقه أبو موسى المديني وفي سنده محمد بن جابر وقد ضعفه غير واحد وقال البخاري ليس بالقوي يتكلمون فيه روى مناكير قاله السخاوي في القول البديع (171) ط المكتبة العلمية بالمدينة لسلطان النمنكاني، والحديث أخرجه التيمي في الترغيب (2/ 321) برقم 1676 ط دار الحديث بالقاهرة والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 44) من طريق يحيى بن هاشم ثنا الأعمش عن شقيق بن سلمة عن ابن مسعود مرفوعًا:"إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله فإنه يطهر جسده كله وإن لم يذكر أحدكم اسم الله على طهوره لم يطهر منه الإ ما مر عليه الماء فإذا فرغ أحدكم من طهوره فليشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ثم ليصل علي فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة". قال البيهقي وهذا ضعيف لا أعلمه رواه عن الأعمش غير يحيى بن هاشم ويحيى بن هاشم متروك الحديث.

ص: 12

الأحاديث: فتحت له أبواب الجنة، وفي حديث ابن مسعود: فتحت له أبواب الرحمة (1).

والذي ذكره العلماء في فتح أبواب الجنة والدعاء، منها ما فيه من التشريف في الموقف والإشارة، بذكر من حصل له ذلك على رؤوس الأشهاد، فليس من يؤذن له في الدخول من باب لا يتعدّاه، كمن يتلقى من كل باب، ويدخل من حيث شاء. هذا فائدة التعدد في فتح أبواب الجنة.

وأما التعدد في فتح أبواب الرحمة، فتيسر للإتيان بمقتضياتها، وتوفر المجازاة عنها، والثواب عليها، كما هو المرجو من كرم الله سبحانه وتعالى.

* * *

(1) كما عند مسلم وغيره.

ص: 13