المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌58 - باب ما جاء في الوضوء مما غيرت النار - النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي - جـ ٢

[ابن سيد الناس]

فهرس الكتاب

- ‌41 - باب ما يقال بعد الوضوء

- ‌42 - باب في الوضوء بالمد

- ‌43 - باب ما جاء في كراهية الإسراف في الوضوء بالماء

- ‌44 - باب ما جاء في الوضوء لكل صلاة

- ‌45 - باب ما جاء أنّه يصلِّي الصلوات بوضوء واحد

- ‌46 - باب ما جاء في وضوء الرجل والمرأة من إناء واحد

- ‌47 - باب ما جاء في كراهية فضل طهور المرأة

- ‌48 - باب ما جاء في الرخصة في ذلك

- ‌49 - باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء

- ‌50 - باب منه آخر

- ‌51 - باب ما جاء في كراهية البول في الماء الراكد

- ‌52 - باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور

- ‌53 - باب ما جاء في التشديد في البول

- ‌54 - باب ما جاء في نضح بول الغلام قبل أن يطعم

- ‌55 - باب ما جاء في بول ما يؤكل لحمه

- ‌56 - باب ما جاء في الوضوء من الريح

- ‌57 - باب ما جاء في الوضوء من النوم

- ‌58 - باب ما جاء في الوضوء مما غيرت النار

- ‌59 - باب ما جاء في ترك الوضوء مما غيرت النار

- ‌60 - باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل

- ‌61 - باب الوضوء من مس الذكر

- ‌62 - باب ما جاء في ترك الوضوء من مس الذكر

- ‌63 - باب ما جاء في ترك الوضوء من القبلة

- ‌64 - باب ما جاء في الوضوء من القيء والرعاف

- ‌65 - باب ما جاء في الوضوء بالنبيذ

- ‌72 - باب ما جاء في المسح على الخفين أعلاه وأسفله

- ‌73 - باب ما جاء في المسح على ظاهرهما

- ‌74 - باب ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين

- ‌75 - باب ما جاء في المسح على العمامة

- ‌76 - باب ما جاء في الغسل من الجنابة

- ‌77 - باب هل تنقض المرأة شعرها عند الغسل

- ‌78 - باب ما جاء أن تحت كل شعرة جنابة

- ‌79 - باب ما جاء في الوضوء بعد الغسل

- ‌80 - باب ما جاء إذا التقى الختانان وجب الغسل

- ‌81 - باب ما جاء أن الماء من الماء

- ‌82 - باب فيمن يستيقظ فيرى بللًا ولم يذكر احتلامًا

- ‌83 - باب في المني والمذي

الفصل: ‌58 - باب ما جاء في الوضوء مما غيرت النار

‌58 - باب ما جاء في الوضوء مما غيرت النار

حدثنا ابن أبي عمر: ثنا سفيان، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوضوء مما مست النار ولو من ثَوْرِ أَقِط. قال: فقال له ابن عباس: أنتوضأ من الدهن؟ أنتوضأ من الحميم؟ قال: فقال أبو هريرة: يا ابن أخي! إذا سمعت حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تضرب له مثلًا.

قال: وفي الباب عن أم حبيبة وأم سلمة وزيد بن ثابت وأبي طلحة وأبي أيوب وأبي موسى.

قال أبو عيسى: وقد رأى بعض أهل العلم الوضوء مما غيرت النار، وأكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم على ترك الوضوء مما مست النار (1).

* الكلام عليه:

حديث أبي هريرة هذا أخرجه مسلم (2) في "صحيحه": بلفظ: "الوضوء مما مست النار".

ومحمد (3) بن عمرو مما انفرد به عن البخاري، وقد تقدم الكلام عليه، وكذلك حديث زيد بن ثابت عن مسلم (4) أيضًا، ولفظه لفظ حديث أبي هريرة سواء.

(1) الجامع (1/ 114 - 116).

(2)

في صحيحه كتاب الحيض (3/ 266 بشرح النووي) برقم 786 باب الوضوء مما مست النار بلفظ توضأوا مما مست النار.

(3)

روى له البخاري مقرونًا بغيره ومسلم في المتابعات واحتج به الباقون، انظر تهذيب الكمال (26/ 218).

(4)

في صحيحه كتاب الحيض (3/ 265) برقم 785 باب الوضوء مما مست النار.

ص: 234

وحديث أبي طلحة عند النسائي (1) من حديث شعبة عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن عبد الله بن عمرو، عنه. رواه عن عبيد الله بن سعيد وهارون بن عبد الله قالا: أخبر محمد بن عمار عن شعبة.

وقال ابن (2) أبي شيبة أيضًا: ثنا عفان قال: ثنا همام قال: قيل لمطر الوراق وأنا عنده: عمّن أخذ الحسن أنه كان يتوضأ مما مست النار؟ فقال: أخذه عن أنس، وأخذه أنس عن أبي طلحة. وأخذه أبو طلحة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.

وحديث أبي أيوب عند النسائي (3) من طريق شعبة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن عبد الله بن عمرو قال: قال محمد القاري، عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "توضؤوا مما غيّرت النار". رواه عن عمرو بن علي ومحمد بن بشار، عن ابن أبي عدي، عنه.

وحديث أم حبيبة: قال ابن (4) أبي شيبة: ثنا ابن (5) نمير قال: ثنا عثمان بن حكيم، عن الزهري، عن أبي سفيان بن سعيد بن المغيرة بن الأخنس: أنه دخل على خالته أم حبيبة، فسقته شربة من سويق، ثم قالت: يا ابن أختي توضأ! فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "توضؤوا مما مست النار".

ورواه النسائي (6)، عن هشام بن عبد الملك: ثنا محمد بن حرب: ثنا الزبيدي، عن الزهري. ورواه من طريق آخر (7).

(1) في سننه كتاب الطهارة (1/ 115) باب الوضوء مما غيرت النار برقم 177.

(2)

المصنف (1/ 51).

(3)

في سننه كتاب الطهارة (1/ 114) برقم 176 باب الوضوء مما غيرت النار.

(4)

المصنف (1/ 50 - 51).

(5)

تصحفت في المطبوع إلى أبي.

(6)

في سننه كتاب الطهارة (1/ 115) برقم 180 باب الوضوء مما غيرت النار.

(7)

السنن كتاب الطهارة (1/ 115 - 116) برقم 181 باب الوضوء مما غيرت النار.

ص: 235

وحديث أم سلمة: قرأت على أبي عبد الله محمد بن علي بن ساعد، أخبركم ابن خليل سماعًا: ثنا ابن أبي زيد: ثنا محمود بن إسماعيل الصيرفي: ثنا ابن فاذشاه: ثنا الطبراني: ثنا المعمري: ثنا عمرو بن عثمان قال: ثنا أبي ح. وثنا أبو الزنباع: ثنا يحيى بن بكير: قالا ثنا عبد الله بن أبي السمح، عن ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن عبد الله بن عبد الله بن أبي أمية، عن أم سلمة: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "توضؤوا مما مست النار" أخرجه الطبراني (1) في "معجمه الكبير"، وفيه إلى الطبراني (2): ثنا أحمد بن عمرو الخلال: ثنا يعقوب بن حميد: ثنا عبد العزيز عن محمد عن طحلاء، عن أبي سلمة، عن أم سلمة:"أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ مما مست النار".

وحديث زيد (3) بن ثابت، وفي الباب مما لم يذكره حديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الوضوء مما مست النار". وهو عند مسلم (4).

الثور (5) جملة مجموعة من طعامه، وقد أضيف إلى الأقط، والأقط (6) لبن حامض، يؤخذ مصله أولًا فأولًا، حتى يبقى الثخين منه ثم يخلط فيه شيء من دقيق ويجفف في الشمس ويؤكل.

وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب:

فبعضهم ذهب إلى الوضوء مما ممست النار، وممن ذهب إلى ذلك ابن عمر وأبو

(1) المعجم الكبير (23/ 301) برقم 675.

(2)

المعجم الكبير (23/ 387) برقم 924.

(3)

قال ابن العجمي في هامش المخطوط: لم يخرج حديث زيد بن ثابت.

قلت: وهو في صحيح مسلم كتاب الحيض (3/ 265) برقم 785 باب الوضوء مما مست النار.

(4)

في صحيحه كتاب الحيض (3/ 266) برقم 787 باب الوضوء مما مست النار.

(5)

النهاية في غريب الحديث (1/ 228).

(6)

النهاية (1/ 57).

ص: 236

طلحة وأنس بن مالك وأبو موسى وعائشة وزيد بن ثابت وأبو هريرة وأبو عزة الهذلي وعمر بن عبد العزيز وأبو مجلز لاحق بن حميد وأبو قلابة ويحيى بن يعمر والحسن البصري والزهري (1).

وسنذكر عن أبي طلحة خلاف هذا في الباب بعد هذا، وذهب أكثر أهل العلم إلى ترك الوضوء مما مست النار، ورأوه آخر الأمرين من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي في الباب بعد هذا، وانفصل القائلون بترك الوضوء عن هذه الأحاديث بوجهين:

• الأول: دعوى النسخ فيها بحديث جابر الآتي في الباب بعد هذا، وما في معناه.

• الثاني: حمل الوضوء على الوضوء اللغوي (2) من غسل اليد والنظافة، لا على الوضوء الشرعي حملًا للكلام على حقيقته اللغوية لا على العرف الشرعي، وفيه نصوص لا تقوى وهو مرجوح في الأصول.

قالوا: ولو أراد وضوء العبادة لبينه، ويقال: كما قال في الماء من الماء، من جامع ولم ينزل فليتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ويغسل ذكره وهذا غير لازم لأن ما وقع الأمر فيه بطلب الوضوء لإرادة الوضوء للعبادة، ولم يتبيّن فيه هذا الشأن أضعاف ما ورد فيه. كذلك قال الشيخ محيي (3) الدين، ثم إن هذا الخلاف الذي حكيناه بعد حكايته الخلاف كان في الصدر الأول ثم أجمع العلماء بعد ذلك على أنه لا يجب الوضوء مما مست النار والله أعلم. انتهى.

(1) شرح صحيح مسلم للنووي (3/ 266).

(2)

انظر الاستذكار (2/ 148).

(3)

شرح صحيح مسلم (3/ 266).

ص: 237

وأقل ما عليه في هذا الخلاف في الوضوء من لحم الجزور، فهو مما دخل تحت قوله مما مسته النار، وهو نقضه قد حكى انتقاض الوضوء به عن أحمد (1) وإسحاق (1) ويحيى (1) بن يحيى وأبي (2) بكر بن المنذر وابن (3) خزيمة وغيرهم كما سيأتي في بابه بعد هذا.

اللهم إلا أن يكون الوضوء من لحم الجزور معللًا بكونه لحم الجزور، لا بكونه مسته النار، فلو أكل لحم الجزور قديدًا لتوضأ، فقد ذهب بعضهم إلى التعليل بذلك كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى وكان الزهري (4) يرى أحاديث الوضوء مما مست النار هي الناسخة لترك الوضوء مما مست النار.

قال البيهقي (5): وقد ورد (6) في حديث آخر ما يوهم أن يكون الناسخ إيجاب الوضوء منه، أخبرنا به أبو علي الروذباري: ثنا أبو النضر الفقيه: ثنا عثمان بن سعيد: ثنا عبد الله بن صالح: حدثني الليث بن سعد: حدثني زيد بن جبيرة بن محمود بن أبي جبيرة الأنصاري من بني عبد الأشهل عن أبيه جبيرة بن محمود، عن سلمة بن سلامة بن وقش -وكان آخر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يكون أنس بن مالك فإنه بقي بعده، أنهما دخلا وليمة، وسلمة على وضوء، فأكلوا ثم خرجوا فتوضأ سلمة، فقال له جبيرة: ألم تكن على وضوء قال: بلى ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجنا من دعوة دعينا لها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على وضوء فأكل ثم توضأ، فقلت له: ألم تكن على وضوء يا رسول الله؟ قال: بلى ولكن الأمور

(1) شرح صحيح مسلم (3/ 266) والاستذكار (2/ 150).

(2)

(3)

صحيح ابن خزيمة (1/ 21) برقم 31، 32.

(4)

الاستذكار (2/ 146).

(5)

السنن الكبرى (1/ 156).

(6)

في السنن الكبرى وقد روي.

ص: 238

تحدث، وهذا مما حدث (1).

وروى (2) به من طريق أبي اليمان عن شعيب، عن الزهري قال: أخبرني جعفر بن عمرو بن أمية: أن أباه عمرو بن أمية أخبره أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتز من كتف شاة في يده، فدعى إلى الصلاة فألقاها والسكين التي كان يحتز بها، ثم قام فصلى ولم يتوضأ.

قال الزهري: فذهبت تلك في الناس ثم أخبر (3) رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونساء من أزواجه: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "توضؤوا مما مست النار"(4).

وذهب آخرون إلى التفرقة بين لحم الجزور وغيره مما مست النار، فأوجبوا الوضوء على من أكله دون غيره. كما سيأتي في بابه بعد هذا إن شاء الله تعالى.

* * *

(1) السنن الكبرى (1/ 156 - 157).

(2)

أي البيهقي.

(3)

أخبرنا هكذا في السنن الكبرى.

(4)

السنن الكبرى (1/ 157).

ص: 239