الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يغسله على أنه لم يغسله غسلًا مبالغًا فيه كغيره؛ وهو خلاف الظاهر ويحتاج إلى دليل يقاوم هذا الظاهر، ويبعده أيضًا ما ورد في أحاديث التفرقة بين بول الصبي والصبية فإن من أوجب الغسل مطلقًا لا يفرق بينهما، ولا فرق في الحديث بين النضح في الصبي والغسل في الصبية كان ذلك قويًّا في أن النضح غير الغسل إلا أن يحملوا ذلك على قريب من تأويلهم الأول وهو أن يفعل في الصبية أبلغ مما يفعل في بول الصبي؛ فيسمى الأبلغ غسلًا والأخف نضحًا واعتل بعضهم في هذا بأن بول الصبي يقع في محل واحد وبول الصبية يقع منتشرًا فيحتاج من صب الماء في مواضع متعددة ما لا يحتاج إليه في بول الصبي، وربما حمل بعضهم لفظة النضح في بول الصبي على الغسل (1) وتأيد بما في الحديث (2) من ذكر مدينة ينضح البحر بجوانبها.
................................................................................ (3).
الخمر فشربها، ففيه ثلاثة أوجه:
• أحدها: لا يجوز لما روت أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها".
• والثاني: يجوز إنه يدفع الضرر عن نفسه فجاز كالمكروه.
• والثالث: يجوز للتداوي ولا يجوز للعطش وقريب منه في ذلك مذهب الإِمام مالك.
(1) انظر فتح البر (3/ 40).
(2)
الحديث رواه أحمد في مسنده (1/ 44) وفيه انقطاع وأخرجه المروزي في مسند أبي بكر (114) وأبو يعلى في مسنده (1/ 101 - 102) برقم 106.
(3)
هذا التفسير قدر باب بكامله.
55 - باب ما جاء في بول ما يؤكل لحمه
قال ابن (1) شاس في "جواهره": وأما جنس المستباح يعني (2) من الأطعمة في حال الاضطرار فكل ما يرد عنه جوعًا أو عطشًا فيدفع الضرورة أو يخففها كالأطعمة النجسة والميتة من كل حيوان غير الآدمي وكالدم، وشرب المياه النجسة وغيرها من المائعات سوى الخمر فإنها لا تحل إلا لإساغة الغصة على خلاف فيها، وأما الجوع والعطش فلا إذ لا يفيد ذلك بل ربما زادت العطش، وقيل تباح فإنها تفيد تخفيف ذلك على الجملة ولو لحظة.
وقال الشيخ أبو (3) بكر: وإن ردت الخمر عنه جوعا أو عطشًا يشربها، واختاره القاضي أبو بكر وقال: التداوي بالخمر فالمشهور من المذهب أنه لا يحل.
قلت: من لم يجوز استعمال البول بالضرورة من المداواة، وما أشبهها وقال مع ذلك بنجاسة بول ما يؤكل لحمه كما يحكي عن أبي (4) حنيفة، فيحتاج إلى الجواب عن هذا الحديث.
وقال صاحباه فالمحكي عن محمَّد (5) طهارة بول ما يؤكل لحمه وعن أبي يوسف نجاسته (6) وجواز استعماله للسقيم وفيه من الفقه المماثلة في القصاص؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل بهم كما فعلوا بالراعي وهي مسألة مشهورة في مسائل الخلاف وسيأتي.
(1) عقد الجواهر الثمينة (1/ 603 - 604).
(2)
قوله يعني من الأطعمة في حال الاضطرار ليس من كلام ابن شاس وإنما هو توضيح من المصنف.
(3)
هو ابن العربي المالكي وكلامه هذا في أحكام القرآن (1/ 58).
(4)
مختصر الطحاوي (1/ 125) برقم 12 والبناية للعيني (1/ 396) وخالفه في ذلك محمَّد بن الحسن الشيباني.
(5)
البناية (1/ 396) ومختصر الطحاوي (1/ 125) برقم 12.
(6)
المصادر السابقة.
ويجيب عن الحديث من لا يرى ذلك بما ذكرناه من النسخ وقد تقدم وهو معنى قوله، وروى عن محمَّد بن سيرين؛ قال: إنما فعل بهم النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تنزل الحدود.
وفي الحديث أنهم ارتدوا وليس في لفظ من ألفاظه أنهم استثنوا من الردة.
* * *