الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
53 - باب ما جاء في التشديد في البول
حدثنا هناد وقتيبة وأبو كريب؛ قالوا: حدثنا وكيع، عن الأعمش؛ قال: سمعت مجاهدًا يحدث عن طاوس، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قبرين فقال: "إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير أما هذا فكان لا يستتر من بوله، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة".
قال: وفي الباب عن أبي هريرة، وأبي موسى، وعبد الرحمن بن حسنة، وزيد، وأبي بكرة.
قال: هذا حديث حسن صحيح.
وروى منصور هذا الحديث عن مجاهد، عن ابن عباس، ولم يذكر فيه عن طاوس، ورواية الأعمش أصح.
قال: وسمعت أبا بكر محمَّد بن أبيان البلخي مستملي وكيع يقول: سمعت وكيعًا يقول: الأعمش أحفظ لإسناد إبراهيم من منصور (1).
* الكلام عليه:
حديث ابن عباس أخرجه البخاري (2) ومسلم (3) وغيرهما ولفظه عند البخاري: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة"، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها
(1) الجامع (1/ 102 - 104).
(2)
في صحيحه كتاب الوضوء (1/ 90) برقم 218 باب ما جاء في غسل البول.
(3)
في صحيحه كتاب الطهارة (1/ 240 - 241) برقم 292 باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه.
نصفين فغرز في كل قبر واحدة، قالوا: يا رسول الله! لم فعلت هذا؟ قال: "لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا".
وفي لفظة (1) له: وما يعذبان في كبير ثم قال: بلى كان إحداهما فذكره.
وفي لفظ لمسلم (2): لا يستنزه عن البول أو من البول.
وحديث أبي (3) موسى وعبد الرحمن بن حسنة قال: انطلقت أنا وعمرو بن العاص إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخرج ومعه دَرَقَة، ثم استتر بها ثم بال، فقلنا: انظروا إليه يبول كما تبول المرأة فسمع ذلك فقال: ألم تعلموا ما لقي صاحب بني إسرائيل؛ كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصابه البول منهم فنهاهم فعذب في قبره.
قال منصور عن أبي وائل (3) عن أبي موسى: جلد أحدهم.
وقال عاصم عن أبي وائل عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم جسد أحدهم، رواه الإِمام أحمد (4) وأبو (5) داود واللفظ له والنسائي (6) وابن (7) ماجه.
وروى ابن (8) أبي شيبة حديث أبي موسى، أنبأنا (9) غندر عن شعبة، عن منصور؛ قال: سمعت أبا وائل يحدث أن أبا موسى كان يشدد في البول فذكره.
وحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثر عذاب القبر من البول".
(1) صحيح البخاري كتاب الوضوء (1/ 89) برقم 216 باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله.
(2)
صحيح مسلم كتاب الطهارة (1/ 241) برقم 292 الباب نفسه.
(3)
أخرجه أحمد (4/ 396) و (4/ 399) و (4/ 414) و (5/ 382) و (5/ 402).
(4)
المسند (4/ 196).
(5)
في سننه كتاب الطهارة (1/ 26 - 27) برقم 22 باب الاستبراء من البول.
(6)
في سننه كتاب الطهارة (1/ 32) برقم 30 باب البول إلى سترة يستتر بها.
(7)
في سننه كتاب الطهارة (1/ 124 - 125) برقم 346 باب التشديد في البول.
(8)
المصنف (1/ 122).
(9)
في المصنف حدثنا.
رواه الإِمام أحمد (1)؛ وقال: في البول. ورواه ابن (2) ماجه.
وقال الحافظ أبو (3) عبد الله محمَّد بن عبد الواحد المقدسي: إسناده حسن.
حديث أبي هريرة هذا قال الدارقطني (4) أسنده الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم وخالفه ابن فضيل فوقفه ويشبه أن يكون الموقوف أصح (5)، وقال الترمذي (6) في العلل: سألت محمدا عن حديث مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس: مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين؟ فقال الأعمش يقول: عن مجاهد، عن ابن عباس ولا يذكر فيه طاوس أيهما أصح؟ قال: حديث الأعمش.
قلت: فحديث أبي عوانة عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة بهذا كيف هو قال: حديث صحيح وهو غير ذلك الحديث (6).
(1) المسند (2/ 326 و 388 و 389).
(2)
في سننه كتاب الطهارة (1/ 125) برقم 348 باب التشديد في البول.
(3)
فيض القدير (2/ 80).
(4)
العلل (ج 3 / ق 45/ 1) حيث قال:
"والحديث يرويه الأعمش، واختلف عنه، فأسنده أبو عوانة عن الأعمش عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وخالفه ابن فضيل فوقفه ويشبه أن يكون الموقوف أصح" اهـ. وهو في المطبوع (8/ 208) برقم 1518 وصحح المرفوع منه في سننه (1/ 128) برقم 8.
(5)
العلل (8/ 208) برقم 1518.
(6)
العلل الكبير (1/ 139 - 140).
قلت: وبذلك صرح في جامعه (1/ 103) حيث قال: "وروى منصور هذا الحديث عن مجاهد عن ابن عباس ولم يذكر فيه عن طاوس ورواية الأعمش أصح".
فكأنه تلقى هذا عن شيخه البخاري، وترجيح البخاري رواية الأعمش لا يقتضي أن رواية منصور مرجوحة بدليل أنه أخرج الروايتين في صحيحه ولذلك قال الحافظ في الفتح (1/ 317) ط. السلفية مصر:
"وإخراجه -يعني البخاري- له على الوجهين يقتضي صحتهما عنده، فيحمل على أن مجاهدًا سمعه من طاوس عن ابن عباس ثم سمعه من ابن عباس بلا واسطة أو العكس ويؤيده أن في سياقه عن طاوس زيادة على ما في روايته عن ابن عباس". =
وحديث أبي بكرة قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فيعذب في البول، وأما الآخر فيعذب في الغيبة"؛ رواه الإِمام أحمد (1) وابن (2) ماجه وهذا لفظه.
وحديث زيد (3) وفي الباب مما لم يذكره حديث أنس بن مالك وعائشة رضي الله عنهما.
أما حديث أنس فروى الدارقطني (4) من حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه".
وأما حديث عائشة فقال ابن (5) أبي شيبة: ثنا يعلى: ثنا قدامة بن عبد الله
= وإلى الجمع بين الطريقين جنح ابن حبان (5/ 52) وابن حزم في المحلى (1/ 179) وله كلام نفيس والبدر العيني (3/ 115) والمباركفوري (1/ 234 - 235) وأحمد شاكر (1/ 104) في شرح الترمذي.
ومما يدل على صحة هذا الجمع أن الأعمش رواه أيضًا عن مجاهد عن ابن عباس مثل رواية مجاهد عن طاوس عن ابن عباس كما عند الطيالسي (2646) وابن جرير في تهذيب الآثار (900 مسند عمر) وابن حبان (5 / برقم 3119) من طرق عن شعبة عن الأعمش به.
(1)
المسند (5/ 35 - 36).
(2)
في سننه كتاب الطهارة (1/ 125) برقم 349 باب التشديد في البول.
(3)
حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال المباركفوري في التحفة (1/ 234):
"لم أقف عليه".
ولعل الترمذي يشير إلى حديث زيد رضي الله عنه في عذاب القبر ولكن لم يذكر فيه علة حديث الباب وهو عند مسلم في صحيحه كتاب الجنة وصفة نعيمها (4/ 2199 - 2200) برقم 2867 باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فلولا أن تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه".
(4)
السنن (1/ 127) برقم 2 وقال: المحفوظ مرسل.
(5)
المصنف (1/ 122).
العامري؛ قال: حدثني حمزة (1)؛ قال: حدثتني عائشة؟ قالت: دخلت علي امرأة من اليهود فقالت: إن عذاب القبر من البول، قلت: كذبت، قالت: بلى، إنه ليقرض منه الجلد والثوب؛ قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقد ارتفعت أصواتنا، فقال: ما هذا؟ فأخبرته، فقال: صدقت.
وفيه عن عبادة بن الصامت: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البول، فقال:"إذا مسكم شيء فاغسلوه، فإني أظن أن منه عذاب القبر"، رواه البزار (2) عن خالد بن يوسف بن خالد، عن أبيه: ثنا عمر بن إسحاق، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه، عن جده؛ قال: لا نعلمه يروى عن عبادة إلا من هذا الوجه، ولا نعلمه (3) أن عمر بن إسحاق أسند عن عبادة إلا هذا الحديث، فيه التصريح بإثبات عذاب القبر على ما هو المعروف عند أهل السنة (4)، واشتهرت به الأخبار منها قوله عليه السلام:"لولا أن تدافنوا لدعوت أن يسمعكم من عذاب القبر"(5) واستعاذ به عليه السلام في الدعاء المأثور من عذاب القبر.
(1) في المصنف (1/ 122) حرة كذا وصوابه جسرة كما في مسند أحمد (6/ 61) وكذا أطراف المسند (9/ 305) برقم 12337 وهو عند النسائي في سننه كتاب السهو (3/ 81 - 82) برقم 1344 باب نوع آخر من الذكر والدعاء بعد التسليم.
(2)
في مسنده (1/ 130 كشف) برقم 246.
(3)
قوله ولا نعلمه أن عمر بن إسحاق ليست في كشف الأستار.
(4)
قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته: (وبعذاب القبر لمن كان له أهلًا وسؤال منكر ونكير في قبره عن ربه ودينه ونبيه على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة رضوان الله عليهم) قال ابن أبي العز (398): "وذهب إلى موجب هذا الحديث (يعني حديث البراء في عذاب القبر) جميع أهل السنة والحديث
…
وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لن كان لذلك أهلًا".
(5)
مسلم في صحيحه كتاب الجنة وصفة نعيمها (4/ 2199 - 2200) برقم 2867 وأحمد (5/ 190) وابن أبي شيبة (3/ 373) وعبد بن حميد في النتخب (254) والبغوي في شرح السنة (5/ 161 - 162).
وروي عن أبي (1) سعيد الخدري، وعن عبد (2) الله بن مسعود في تفسير قوله تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} ؛ قالا: عذاب القبر.
وعن أبي (3) هريرة نحوه قال: يضيق على الكافر قبره حتى تختلف أضلاعه وهي المعيشة الضنك.
وروى زر بن حبيش، عن علي (4) رضي الله عنه، قال: كنا نشك في عذاب القبر، حتى نزلت هذه السورة {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3)} ، يعني: في القبور.
(1) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (2/ 21) وفي المصنف (3/ 584) والطبري في التفسير (16/ 164) موقوف عليه.
وروى مرفوعًا من عدة أوجه، قال السيوطي في الدر المنثور (4/ 311):"أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ومسدد في مسنده وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في كتاب عذاب القبر عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا في قوله معيشة ضنكًا قال عذاب القبر".
قال ابن كثير (5/ 323) ط. طيبة والموقوف أصح. انظر: تفسير ابن أبي حاتم (7/ 2439) وإثبات عذاب القبر للبيهقي (71 - 72) ط. مكتبة التراث مصر، تفسير ابن عيينة جمع أحمد محايري (293 - 294).
(2)
أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (2/ 600) برقم 1429 وعزاه السيوطي في الدر المنثور (4/ 311) إلى هناد وعبد بن حميد وابن المنذر.
(3)
قال السيوطي في الدر (4/ 557)"وأخرج البزار وابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث قال ابن كثير في تفسيره (5/ 323) ط. دار طيبة: "رفعه منكر جدًّا" ثم ذكر له طريقًا أخرى وقال (5/ 324): إسناده جيد".
(4)
انظر الدر المنثور (6/ 659) وفيه:
"وأخرج الترمذي وخشيش بن أصرم في الاستقامة وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال: نزلت {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} في عذاب القبر".
وانظر تفسير ابن أبي حاتم (10/ 3459) برقم 19454 وهو في سنن الترمذي برقم 3355 وانظر تفسير ابن جرير (30/ 183 - 184) ط. دار المعرفة وتفسير ابن كثير (8/ 473) ط. دار طيبة.
وعن ابن عباس في الآية نحوه (1).
قال أبو (2) عمر بن عبد البر: الفتنة في القبر لا تكون إلا لمؤمن أو منافق من أهل القبلة ممن حقن الإِسلام دمه (2)؛ ونحوه عن أبي (3) عبد الله الترمذي وخالفهما أبو (4) محمَّد عبد الحق وذكر أن ذلك يعم المؤمنين والمنافقين والكافرين، وأورد في ذلك آثارًا، واختاره القرطبي (5) في كتاب التذكرة، ونقل الخلاف في هذين المعذبين أيضًا هل كانا من أهل القبلة أو لا (6)؟ وقال ما معناه إنهما كانا من أهل القبلة فالمرجو لهما بذلك تخفيف العذاب عنهما بذلك مطلقًا وإن كانا كافرين، فالمرجو تخفيف العذاب المتعلق بهذين الذين أعني ترك الاستبراء من البول والنميمة حيث قلت في هذا الثاني بعد.
وفي (7) إضافة عذاب القبر إلى البول خصوصية تخصه دون سائر المعاصي مع أن العذاب بسبب غيره أيضًا، إن أراد الله ذلك في حق بعض عباده؛ وعلى هذا جاء الحديث:"تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه"(8)، وكذا جاء أيضًا أن بعض من ذكر عنه ضمه أو ضغطه، فسئل أهله فذكروا أنه كان منه تقصير في التطهر (9).
(1) لم أقف عليه، والمأثور عنه ذلك في تفسير قوله تعالى:{كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} ما ينزل بكم من العذاب في القبر، انظر التذكرة للقرطبي (1/ 210) وهو في كتب التفسير بالمأثور والله أعلم.
(2)
فتح البر (2/ 135) بتصرف بيسير.
(3)
ذكره عنه القرطبي في التذكرة (1/ 229) وهو صاحب نوادر الأصول.
(4)
انظر التذكرة (1/ 229).
(5)
التذكرة (1/ 230) ط. دار البخاري.
(6)
التذكرة (1/ 215) وقال: والأظهر أنهما كانا مؤمنين وهو ظاهر الأحاديث والله أعلم.
(7)
هذا ابتداء كلام ابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام (1/ 61 - 62) ط. المصرية.
(8)
حديث صحيح، ورد من حديث أنس بن مالك وأبي هريرة وابن عباس، وانظر تخريجه بتوسع في الإرواء (1/ 310 - 312) برقم 280 للعلامة الألباني رحمه الله.
(9)
لم أقف على القصة.
وقوله: وما يعذبان في كبير؛ يحتمل معنيين، والذي يجب أن يحمل عليه منهما أنهما لا يعذبان في كبير إزالته أو دفعه أو الاحتراز منه، فإنه سهل يسير على من يريد التوقي منه، ولا يراد بذلك أنه صغير من الذنوب غير كبير منها؛ لأنه قد ورد في صحيح الحديث: وإنه لكبير.
وقوله: وإنه لكبير يريد كبير الذنب (1).
وقوله: وما يعذبان في كبير على سهولة الدفع والاحتراز ويوضحه قول المازري (2)؛ قوله: وما يعذبان في كبير، ثم ذكر النميمة، وقد تكون من الكبائر، فيحتمل أن يريد به في كبير عليهم تركه، وإن كان كبيرًا عند الله (2).
ولا شك أن النميمة في بعض الأخبار، قال الإِمام (3): والمنهي عنه على ثلاثة أنحاء: منه ما يشق تركه على الطباع كالملاذ المنهي عنها، ومنه ما ينوء عنه الطبع ولا يدعو إليه كالنهي عن تناول السموم، وإهلاك النفس، ومنه ما لا مشقة على النفس في تركه فهذا القسم مما يقال فيه ليس بكبير على الإنسان تركه (3).
قال القاضي (4) عياض: وقيل في معنى وما يعذبان في كبير أي عندكم؛ ألا تراه كيف قال بلى في غير كتاب مسلم: أي بلى هو كبير عند الله كما قال: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} (5) وهذا أظهر في معنى بلى من رده على غير هذا (6).
(1) هذا ابتداء كلام ابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام (1/ 61 - 62) ط. المصرية.
(2)
المعلم بفوائد مسلم (1/ 366) ط. التونسية.
(3)
أي المازري كما في المعلم (1/ 366).
(4)
إكمال المعلم (2/ 118).
(5)
النور آية 15.
(6)
إكمال المعلم (1/ 118).
وسبب كونهما كبيرين أن عدم التنزه من البول يلزم منه بطلان الصلاة وتركها كبيرة (1)، وأما النميمة فقد يكون في بعض الأحيان لا سيما إذا تكررت فإن لفظة كان في قوله: كان يمشي بالنميمة، يشعر بالدوام والحالة المستمرة وسيأتي لهذا مزيد بيان.
وقوله (2): أما أحدهما؛ فكان لا يستتر من بوله وقد اختلف الرواة في هذه اللفظة على وجوه وهذه اللفظة تحتمل وجهين: أحدهما أن تحمل على حقيقتها من الاستتار عن الأعين فيكون العذاب على كشف العورة.
والثاني: وهو الأقرب أن يحمل على المجاز ويكون المراد بالاستتار: التنزه من البول والتوقي منه، أو بعدم ملابسته وإما بالاحتراز عن مفسدة تتعلق به كانتقاض الطهارة.
وعبر عن التوقي بالاستتار مجازًا؛ ووجه العلاقة بينهما أن التستر عن الشيء فيه بعد عنه واحتجاب وذلك شبيه بالبعد عن ملابسة البول؛ قاله القشيري (3).
قال (4): وإنما رجحنا المجاز وإن كان الأصل الحقيقة لوجهين:
أحدهما: أنه لو كان العذاب على مجرد كشف العورة؛ كان ذلك سببًا أجنبيًّا مستقلًا عن البول، فإنه حيث حصل الكشف للعورة؛ حصل العذاب المترتب عليه، وإن لم يكن ثم بول، فيبقى تأثير البول بخصوصه مطرحًا عن الاعتبار.
والحديث يدل على أنه عذاب القبر بالنسبة إلى البول بخصوصه والحمل على
(1) شرح صحيح مسلم للنووي (3/ 192).
(2)
هذا ابتداء كلام ابن دقيق العيد كما في شرح عمدة الأحكام (1/ 62).
(3)
المصدر السابق.
(4)
أي ابن دقيق العيد.
ما يقتضيه الحديث المصرح بهذه الخصوصية أولى، وأيضًا فإن لفظة (من) لما أضيفت (1) إلى البول وهو لابتداء الغاية حقيقة، أو ما يرجع إلى معنى ابتداء الغاية مجازًا تقتضي نسبة الاستتار الذي عدمه سبب العذاب إلى البول بمعنى أن ابتداء سبب عذابه من البول فإذا حملناه على كشف العورة زال هذا المعنى.
الوجه الثاني: أن بعض هذه الروايات في هذه اللفظة يشعر بأن المراد التنزه من البول، وفي رواية وكيع: لا يتوقى، وفي رواية بعضهم: لا يستنزه؛ فتحمل هذه اللفظة على تلك المعاني ليتفق معنى الروايات (2).
فأما النميمة؛ فقال العلماء (3): نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم.
وقال الغزالي (4) في الإحياء: اعلم أن النميمة إنما تطلق في الأكثر على من ينم قول الغير إلى المقول فيه؛ كما تقول فلان يتكلم فيك بكذا، قال: وليست النميمة مخصوصة بهذا بل حد النميمة كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه، وسواء كان الكشف بالكتابة أو بالرمز أو بالإيماء! فحقيقة النميمة إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه ولو رآه يخفي مالًا لنفسه فذكره فهو نميمة؛ قال: وكل من حملت إليه نميمة وقيل له: فلان يقول فيك أو يفعل فيك كذا فعليه ستة أمور:
• الأول: أن لا يصدقه؛ لأنه النمام فاسق.
• الثاني: أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبح له قوله فعله.
(1) في هامش نسخة ابن العجمي: أي أدخلت، وليس المراد الإضافة الاصطلاحية.
(2)
إحكام الأحكام (1/ 62 - 63).
(3)
انظر شرح مسلم للنووي (3/ 192) و (2/ 295).
(4)
إحياء علوم الدين (9/ 347 مع الإتحاف) بمعناه ونقله النووي في شرح مسلم (2/ 295) وكذا ابن الملقن في شرح عمدة الأحكام (1/ 532).
• الثالث: أن يبغضه في الله تعالى فإنه بغيض عند الله تعالى ويجب بغض من أبغضه الله تعالى.
• الرابع: أن لا يظن بأخيه الغائب السوء.
• الخامس: أن لا يحمله ما حكي له على التجسس والبحث عن ذلك.
• السادس: أن لا يرضى لنفسه مما نهى النمام فلا يحكي نميمته عنه، فيقول: فلان حكى كذا فيصير به نمامًا ويكون آتيًا ما نهى عنه. انتهى كلام الغزالي.
وكل (1) هذا المذكور في النميمة إذا لم يكن فيها مصلحة شرعية فإن دعت الحاجة إليها فلا منع منها وذلك كما إذا أخبره بأن إنسانًا يريد الفتك به، أو بأهله أو مسألة، أو أخبر الإِمام أو من له ولاية بأن إنسانًا يفعل ويسعى بما فيه مفسدة ويجب على صاحب الولاية الكشف عن ذلك، وإزالته وكل هذا وما أشبهه ليس بحرام وقد يكون بعضه واجبًا وبعضه مستحبًا على حسب المواطن (2).
وقد جاء في رواية: لا يستنزه من بوله، وفي رواية أخرى: من البول؛ فيؤخذ منه نجاسة الأبوال عامة فيدخل تحت هذا العموم بول ما يؤكل لحمه، وقد خالف أصحاب مالك (3) في ذلك.
قال ابن شاس (4): في تمييز الأعيان الطاهرة من النجسة كالبول والعذرة، وهما ينجسان من ابن آدم، وقيل: بتخصيص من لم يأكل الطعام من الأدميين بطهارة بوله، وقيل: ذلك في الذكر دون الأنثى، وطاهران من كل حيوان مباح الأكل، نجسان من محرم الأكل، ومكروهان من المكروه أكله وقيل: بل ينجسان منه أيضًا (4)،
(1) هذا كلام النووي في شرح مسلم (2/ 296).
(2)
بشرح مسلم للنووي (2/ 295 - 296).
(3)
انظر المعلم للمازري (1/ 366) وإكمال المعلم (1/ 119) وبداية المجتهد (1/ 301).
(4)
عقد الجواهر الثمينة (1/ 15).
وانفصلوا له عن ذلك بما نذكره.
قال أبو (1) العباس القرطبي: وقد تخيل الشافعي في لفظ البدل العموم فتمسك به في نجاسة جميع الأبوال ولو كان بول ما يؤكل لحمه، وقد لا يسلم له أن الاسم المفرد للعموم ولو سلم ذلك فذلك إذا لم يقترن به قرينة عهد، وقد اقترنت به ها هنا، ولئن سلم له ذلك فدليل تخصيصه حديث إباحة شرب أبوال الإبل للعرنيين، وإباحة الصلاة في مرابض الغنم، وطوافه عليه السلام على بعير (1)، وفيما قاله نظر ولا ينهض شيء فيما ادعى فيه التخصيص بالتخصيص، وسيأتي لهذه المسألة مزيد بيان في باب ما يؤكل لحمه بعد هذا إن شاء الله تعالى.
وفيه ما يدل على أن القليل من البول والكثير منه ومن سائر النجاسات سواء، هذا مذهب مالك وعامة الفقهاء (2)؛ لم يخصصوا في شيء من ذلك إلا في اليسير من دم الحيض خاصة، واختلف أصحاب مالك (3) في مقدار اليسير فقيل: قدر الدرهم البغلي فدونه، وقيل: قدر الخنصر، وجعل أبو حنيفة قدر الدرهم من كل نجاسة يعفو عنه قياسًا على العفو عن المجروحين.
وقال الثوري (4): كانوا يرخصون في القليل من البول.
ورخص الكوفيون (5) مثل رؤوس الإبر من البول.
وقال مالك والشافعي وأبو ثور: يغسل (6).
(1) المفهم (1/ 552).
(2)
انظر المفهم (1/ 552) وإكمال المعلم (1/ 118).
(3)
انظر المصدرين السابقين.
(4)
انظر إكمال المعلم (1/ 119).
(5)
المصدر السابق.
(6)
انظر الأم (1/ 57) وكذا إكمال المعلم (1/ 119).
وحكي عن إسماعيل بن إسحاق القاضي أن غسل ذلك عند مالك على طريق الاستحباب والتنزه، وهذا هو مذهب الكوفيين، والمعروف عن مالك خلافه (1).
وأما من روى: يستنزه من بوله أي من الناس عند بوله فيحتج بهذا على ستر العورة.
قال القاضي (2): استدل المخالف ومن قال من أصحابنا (3) أن إزالة النجاسة فرض بتعذيب هذا لعدم التنزه عن البول، والوعيد لا يكون إلا على واجب، والجواب لمن يقول إنه سنة بما تقدم من رواية يستنزه (4) فكان يصلي بغير طهارة، أو يترك (5) التنزه (5) عمدًا واستخفافًا وتهاونًا.
قال ابن (6) القصار: وعندنا أن من ترك السنة من السنن عمدًا لغير عذر ولا تأويل أثم (7).
قال القاضي (8): ولعل معناه فيمن تركها جملة لأن إقامتها وإحياءها على أعماله (9) واجب (10).
وأما جعل الجريدتين على القبر فقال الإِمام (11): لعله عليه السلام أوحي إليه
(1) إكمال المعلم (1/ 119).
(2)
إكمال المعلم (1/ 119).
(3)
انظر المنتقى (1/ 41).
(4)
في الإكمال: يستبريء.
(5)
في الإكمال: أو بترك السترة.
(6)
مرت ترجمته.
(7)
إكمال المعلم (1/ 119).
(8)
إكمال المعلم (1/ 120).
(9)
في الإكمال: على الجملة.
(10)
إكمال المعلم (1/ 120).
(11)
أي المازري كما في المعلم (1/ 367).
أن العذاب يخفف عنهما ما لم ييبسا، ولا يظهر لذلك وجه إلا هذا.
قال القاضي (1): قد ذكر مسلم (2) في حديث جابر الطويل آخر الكتاب في حديث القبرين: فأحببت بشفاعتي أن يرفع ذلك عنهما ما دام القضيبان رطبين؛ فإن كانت القضية (3) واحدة فقد بين عليه السلام أنه دعا لهما وشفع، وإن كانت قضية (4) أخرى فيكون المعنى فيهما واحدًا، وذكر بعض أصحاب المعاني أن يكون يحتمل التخفيف عنهما مدة رطوبة الجريدتين لدعاء كان منه عليه السلام في ذلك تلك المدة.
قال البغوي (5) في شرح السنة: فكأنه صلى الله عليه وسلم جعل مدة بقاء النداوة فيهما حدًّا وقعت فيه (6) مسألة من تخفيف العذاب عنهما، وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس (7).
وقيل: بل المعنى أنهما ما دامتا رطبتين تسبح وليس ذلك لليابس (8).
وقد حكي عن الحسن (9) نحو من هذا وفيه على هذا التأويل أن الميت ينتفع
(1) إكمال المعلم (1/ 120).
(2)
في صحيحه كتاب الزهد والرقائق (18/ 340) مع شرح النووي ط. دار المعرفة برقم 7437 باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر.
(3)
في الإكمال: القصة.
(4)
في الإكمال: القصة.
(5)
شرح السنة (1/ 372).
(6)
في شرح السنة: له بدل فيه.
(7)
وهذا في الحقيقة كلام الخطابي كما صرح بذلك البغوي، وليس هو من كلام البغوي كما يوهمه كلام المصنف وانظر معالم السنن (1/ 18) ط. دار الكتب العلمية.
(8)
انظر المفهم (1/ 553) وإكمال المعلم (1/ 120) وشرح عمدة الأحكام (1/ 63).
(9)
انظر إكمال المعلم (1/ 120).
بقراءة القرآن على قبره من حيث إن المعنى الذي ذكرناه في التخفيف عن صاحبي القبرين هو بتسبيح النبات ما دام رطبًا؛ فقراءة القرآن من الإنسان أولى بذلك (1).
قالوا (2): وليس لليابس تسبيح، وقيل في معنى قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44]؛ أي: وإن (3) من شيء حي، ثم قالوا: حياة كل شيء بحسبه، فحياة الخشب ما لم ييبس، والحجر ما لم يقطع.
وذهب المحققون من المفسرين وغيرهم إلى حمل ذلك على عمومه (4) ثم اختلف هؤلاء هل تسبح حقيقة أم فيه دلالة على الصانع فيكون مسبحًا منزهًا لصورة حاله، والمحققون على أنه يسبح حقيقة، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ
…
وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} (5).
وإذا كان العقل لا يحيل جعل التمييز فيها وجاء النص به وجب المصير إليه،
(1) انظر شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد (1/ 63) وشرح صحيح مسلم للنووي (1/ 200) والمفهم (1/ 553) وإكمال المعلم (1/ 120).
وفي هذا نظر، أما كون النبات يسبح ما دام رطبًا فغير وجيه لأن الله تعالى ذكر أن كل ما في السماوات والأرض من أخضر ويابس يسبح بحمده:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} ، {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} فسقط قياس قراءة القرآن عليه، على أنه قياس مع وجود النص وهو باطل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقرأ وكان طبعًا حافظًا للقرآن وشفوقًا بالمؤمنين الذين ماتوا من قبله، والصحيح أن وضع الجريدة كان خاصًّا بالنبي صلى الله عليه وسلم وخاصا بهذه الحادثة بدليل أنه صلى الله عليه وسلم لم يفعلها إلا مرة أومرتين ولم يفعلها أصحابه لا في حياته ولا بعده. وللصنعاني في حاشيته على شرح العمدة كلام نفيس فلينظر (1/ 274).
(2)
انظر إكمال المعلم (1/ 120)، المفهم (1/ 552)، حاشية الصنعاني على شرح عمدة الأحكام (1/ 273) فله كلام طيب. وشرح مسلم للنووي (1/ 192).
(3)
هذا ابتداء كلام النووي في شرح مسلم (1/ 192).
(4)
قال النووي في شرح مسلم (1/ 192): "وذهب المحققون من المفسرين وغيرهم إلى أنه على عمومه".
(5)
البقرة الآية 74.
وذكر البخاري في صحيحه (1): أن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه أوصى أن يجعل في قبره جريدتان تبركًا (2) بفعل النبي صلى الله عليه وسلم على هذين القبرين (3)، وأما وصول ثواب القراءة للميت على قبره من يقل ثواب القاريء له فقد اختلف العلماء (4) في ذلك؛ فمنهم من ذهب إليه، والأكثر على خلافه وكان الشيخ الإِمام عز الدين بن عبد السلام رحمه الله تعالى ممن يأبى ذلك، وقال في الفتاوى الموصلية له بعد إنكار ذلك مستدلًا بقوله تعالى {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إلا مَا سَعَى} (5) وبقوله عليه السلام: إذا مات المرء انقطع عمله إلا من ثلاث. وما أشبه ذلك من ظواهر النصوص.
والعجب ممن يعدل عن هذه النصوص ويثبت حكمًا يخالفها بالمنامات، وسمعت من يذكر أنه لما مات يرى في النوم فقيل له: ما فعل الله بك، فقال: غفر لي
…
وذكر خبرًا، فقيل له: ولم ذلك، فقال: بثواب قراءة من قرأ على قبري بعد الموت؛ هذا أو في معناه.
(1) رواه البخاري في صحيحه معلقًا كتاب الجنائز (1/ 418) باب الجريدة على القبر ووصله ابن سعد في الطبقات (7/ 8).
(2)
قلت: وصية بريدة ثابتة عنه، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 222):"كأن بريدة حمل الحديث على عمومه ولم يره خاصًّا بذينك الرجلين. قال ابن رشيد ويظهر من تصرف البخاري أن ذلك خاص بهما فلذلك عقبه بقول ابن عمر: إنما يظله عمله. قال الألباني رحمه الله في كتاب الجنائز (203): ولا شك أن ما ذهب إليه البخاري هو الصواب لا سبق بيانه ورأي بريدة لا حجة فيه لأنه رأي والحديث لا يدل عليه حتى لو كان عامًّا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضع الجريدة في القبر بل عليه كما سبق وخير الهدي هدي محمد" اهـ. ونحوه كلام العلامة ابن باز رحمه الله في تعليقه على فتح الباري (3/ 223).
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم (1/ 192).
(4)
انظر حاشية الصنعاني على عمدة الأحكام (1/ 274) وشرح ابن الملقن على عمدة الأحكام (1/ 540 - 541) ومجموع الفتاوى (24/ 306 - 324، 312).
(5)
سورة النجم آية 39.