الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
73 - باب ما جاء في المسح على ظاهرهما
حدثنا علي بن حجر، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه، عن عروة بن الزبير، عن المغيرة بن شعبة؛ قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين على ظاهرهما.
قال أبو عيسى: حديث المغيرة حديث حسن.
وهو حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه، عن عروة، عن المغيرة، ولا نعلم أحدًا يذكر عن عروة، عن المغيرة على ظاهرهما غيره.
وهو قول غير واحد من أهل العلم وبه يقول سفيان الثوري وأحمد؛ قال محمد: وكان مالك يشير بعبد الرحمن بن أبي الزناد.
* الكلام عليه:
أخرجه أبو داود، ومن عدا عبد الرحمن بن أبي الزناد من رواته فمن شرط الصحيح.
وكذا في هذه الرواية عن عروة بن الزبير.
وكذلك رواه سليمان بن داود الهاشمي ومحمد بن الصباح عن ابن أبي الزناد.
ورواه أبو داود الطيالسي عن ابن أبي الزناد عن أبيه، عن عروة بن المغيرة بن شعبة ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صح ظاهر خفيه.
كذلك رواه إسماعيل بن موسى عن ابن أبي الزناد.
وفي الباب مما لم يذكره عن علي بن أبي طالب وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
أما حديث علي فروى أبو داود من حديث حفص بن غياث عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن عبد خير، عن علي رضي الله عنه قال: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه.
رواه بهذا الإسناد بعد ذلك ولفظه: لو كان الدين بالرأي لكان باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما، وقد مسح النبي صلى الله عليه وسلم على ظهر خفيه.
وقد روي من غير وجه من طريق عبد خير عن علي.
قال أبو داود (1): ورواه أبو السوداء عن ابن عبد خير، عن أبيه؛ قال: رأيت عليًّا توضأ فغسل ظاهر قدميه وقال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله، وساق الحديث.
قال الحافظ المنذري: بقية الحديث "لظننت أن باطنهما أحق". انتهى.
أبو السوداء اسمه عمرو النهدي، رواه عنه سفيان وعنه الحميدي، وقال الحميدي: هذا منسوخ.
قال البيهقي: عبد خير لم يحتج به صاحبا الصحيح، لم يزد على ذلك.
وعبد خير بن يزيد الهمداني هذا كبير.
قال عبد الملك: قلت لعبد خير هذا: كم أتى عليك؟ قال: عشرون ومئة سنة، كنت ببلادنا فجاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي في الناس فخرجوا إلى خير واسع، فأسلموا وأسلمنا.
قال يحيى بن معين وأحمد بن عبد الله العجلي: عبد خير ثقة.
(1)"السنن"(164).
وأما حديث عمر بن الخطاب؛ فقال ابن أبي شيبة: ثنا زيد بن الحباب، عن خالد بن أبي بكر، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأله سعد بن أبي وقاص عن المسح على الخفين، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرنا نمسح على ظهر الخفين إذا لبستهما وهما طاهرات.
أخرجه في "مسنده"، وذكره البيهقي.
وخالد بن أبي بكر هو ابن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
قال ابن أبي حاتم عن أبيه: يكتب حديثه.
وقال الترمذي عن البخاري: له مناكير عن سالم بن عبد الله.
قال أبو عمر في حديث عبد خير عن علي المتقدم: "يمسح على ظهور قدميه".
من أهل العلم من يحمل هذا على المسح على ظهور الخفين، يقول: معنى ذكر القدمين ها هنا أن يكونا مغيبين في الخف فهذا هو المسح الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما المسح على القدمين فلا يصح عنه بوجه من الوجوه.
ومن قال إن الحديث على ظاهره جعله منسوخًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "ويل للأعقاب من النار".
وقال أصحابنا في كيفية المسح: أن الكيفية تتعلق بالأقل والأكمل.
فأما الأقل فيكفي في قدره ما ينطلق عليه اسم المسح؛ خلافًا لأبي حنيفة حيث قدر الأقل بثلاث أصابع من أصابع اليد.
ولأحمد حيث أوجب مسح أكثر الخف.
لنا أن النصوص متعرضة لمطلق المسح فإذا أتى بما يقع عليه اسم المسح فقد مسح.
وهذا كما ذكرنا في مسح الرأس ثم لا بد وأن يكون محل المسح ما يوازي محل فرض الغسل من الرجل إذ المسح بدل عن الغسل وهل جميع ذلك محل المسح أم لا؟
ولا كلام في أن ما يحاذي غير الأخمصين والعقبين محل له.
وأما ما يحاذي الأخمصين وهو أسفل الخف ففي جواز الاقتصار على مسحه ثلاث طرق أظهرها أن فيه قولين أظهرهما أنه لا يجوز لأن الرخص يجب فيها الاتباع ولم يوثر الاقتصار على الأسفل.
قال أصحاب هذه الطريقة: وهذا هو المراد مما رواه المزني في المختصر: أنه إن مسح باطن الخف وترك الظاهر أعاد.
والثاني: وهو مخرج أنه لا يجوز لأنه محاذٍ لمحل الفرض كالأعلى.
وعبر بعضهم عن هذا الخلاف بالوجهين.
والطريق الثاني القطع بالجواز ثم من الصائرين إليه من غلط المزني وزعم أن ما رواه لا يعرف للشافعي في شيء من كبته.
ومنهم من قال: أراد بالباطن الداخل لا للأسفل.
والطريق الثالث: القطع بالمنع.
وأما عقب الخف ففيه وجهان، أيضًا ثم منهم من رتب العقب على الأسفل وقال: العقب أولى بالجواز لأنه ظاهر يرى والأسفل لا يرى في أغلب الأحوال، فأشبه الداخل.
ومنهم من قال: العقب أولى بالمنع إذ لم يرد له ذكر أصلًا ومسح الأسفل مع الأعلى منقول، وإن لم ينقل الاقتصار عليه.
وأما الأكمل فأن يمسح أعلى الخف وأسفله خلافًا لأبي حنيفة وأحمد.
وقد تقدم ذلك في الباب قبل هذا.
* * *