الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
42 - باب في الوضوء بالمد
حدثنا أحمد بن منيع، وعلي بن حجر قالا: أنا إسماعيل بن عليّة، عن أبي ريحانة، عن سفينة: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يتوضَأ بالمدّ، ويغتسل بالصاع (1).
قال: وفي الباب عن عائشة وجابر وأنس بن مالك.
قال أبو عيسى: حديث سفينة حديث حسن صحيح.
وأبو ريحانة اسمه عبد الله بن مطر.
وهكذا رأى بعض أهل العلم الوضوء بالمد، والغسل بالصاع.
وقال الشافعي، وأحمد، وإسحاق: ليس معنى هذا الحديث على التوقيت أنّه لا يجوز أكثر منه ولا أقل؛ وهو قدر ما يكفي.
* الكلام عليه:
أخرجه مسلم (2) وابن ماجه (3).
وأبو ريحانة: عبد الله، ويقال: زياد بن مطر البصري، يقال: مولى بني ثعلبة بن يربوع، سمع أبا عبد الرحمن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم (4).
(1) الجامع (1/ 83 - 84).
(2)
في صحيحه كتاب الحيض (1/ 258) برقم 52 - 53 باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة.
(3)
في سننه كتاب الطهارة (1/ 99) برقم 267 باب ما جاء في مقدار الماء للوضوء والغسل من الجنابة.
(4)
الجرح والتعديل (5/ 168) برقم 779 وتهذيب الكمال (16/ 146 - 149) برقم 3575 وتهذيب التهذيب (2/ 434).
وصحب أبا عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي.
روى عنه أبو بكر وهيب بن خالد البصري (1)، وأبو بشر إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة الأسدي. ذكره أبو أحمد الحاكم، وقال البُخاريّ: اسمه عبد الله، ويقال: زياد، قال: والأول أصحّ (2).
قال يَحْيَى بن معين: هو صالح (3).
وقال ابن عديّ: لا أعرف له حديثًا منكرًا (4).
وقال النَّسائيّ: ليس بالقويّ (5).
وروي له مسلم، وأبو داود، وابن ماجه.
حديث عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع، ويتوضأ بالمد". أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"(6)، وأبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه"(7)، وأبو داود (8)، والنَّسائيُّ (9)، وابن ماجه (10).
(1) التاريخ الكبير (5/ 198) برقم 624 ط دار الكتب العلمية.
(2)
الجرح والتعديل (5/ 119) برقم 779.
(3)
الكامل (4/ 1567) ط دار الفكر ولفظه: ولا أعرف له منكرًا فأذكره.
(4)
الضعفاء والمتروكون (254) برقم 659 ط دار المعرفة.
(5)
انظر تهذيب الكمال (16/ 148) برقم 3575.
(6)
المسند (6/ 249).
(7)
المصنف (1/ 66).
(8)
في سننه كتاب الطهارة (1 /) برقم 92 باب ما يجزئ من الماء في الوضوء.
(9)
في سننه كتاب المياه (1/ 197) برقم 345 - 346 باب القدر الذي يكفي به الإنسان من الماء للوضوء والغسل.
(10)
في سننه كتاب الطهارة (1/ 99) برقم 268 باب ما جاء في مقدار الماء للوضوء والغسل من الجنابة.
وحديث جابر أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1)، وأبو داود (2) السجستاني، وهو عندهما من حديث يزيد بن أبي زياد الكوفيّ، وهو ضعيف (3).
وذكره ابن السكن: ثنا عبد الله بن سليمان: ثنا هارون بن إسحاق: ثنا ابن فضيل، عن حصين (4). وآخر ذكره عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجزئ من الوضوء المدّ، ومن الجنابة الصاع"(5).
قال ابن القطان، صحيح على مذهب أبي محمد -يعني: عبد الحق- في قبول روايات أبي بكر بن أبي داود -ثقة حافظ، وإن كان مُسَّ بجرحٍ يسير فلا يضره- وأظن الرجل المقرون بحصين هو يزيد بن أبي زياد (6).
وحديث أنس بن مالك أخرجه البُخاريّ (7) ومسلم (8) من حديث عبد الله بن جبير، عنه، عن أنس رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يكفي أحدكم مدّ
(1) المصنف (1/ 65).
(2)
في سننه كتاب الطهارة برقم 93 باب ما يجزئ من الماء في الوضوء.
(3)
ضعفه شعبة وأحمد بن حنبل وابن معين وعبد الله بن المبارك وغيرهم، انظر تهذيب الكمال (32/ 135 - 140) برقم 6991.
(4)
ولم أقف عليه ولا على من عزاه إليه.
(5)
المصنف لابن أبي شيبة (1/ 65).
(6)
بيان الوهم والإيهام (5/ 270) وانظر (5/ 33، 35).
قلت: وفي هامش نسخة ابن العجمي:
قلت له:
…
به أبي بكر بن أبي داود
…
عليه أبو بكر بن خزيمة إمام الأئمة، فأخرجه في "صحيحه" عن هارون بن إسحاق.
وكذا أخرجه الحاكم في "المستدرك" من طريق مطين عن هارون. اهـ.
انظر: "صحيح ابن خزيمة"(117) و"المستدرك"(1/ 161) قال الحافظ في "الإتحاف"(2654): رواه ابن السكن في "صحيحه" عن عبد الله بن سليمان بن الأشعث عن هارون بن إسحاق به.
ولم يسم يزيد بن أبي زياد، بل كنى عنه (بآخر). وصححه ابن القطان، وقال: هو في "صحيح مسلم" من فعله صلى الله عليه وسلم لا من قوله. والله أعلم. واعترض ذلك محقق "الإتحاف" بأن الذي أخرجه عن جابر أبو داود.
وأنه عند مسلم من حديث سفينة وأنس.
(7)
في صحيحه كتاب الوضوء (1/ 85) برقم 201 باب الوضوء بالمد.
(8)
في صحيحه كتاب الحيض (1/ 285) برقم 325 باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة.
من الوضوء". رواه الإمام أحمد (1).
وعند أبي (2) داود أيضًا من حديث عبد الله بن جبر، عن أنس قال:"كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يتوضّأ بإناء يسع رطلين، ويغتسل بالصاع".
وفي رواية قال: "يتوضّأ بمكوك". أخرجه النَّسائيّ (3).
ولفظه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بخمس مكاكيك، ويتوضأ بمكوك".
وفي رواية: مكاكي.
وفي الباب ممَّا لم يذكره عن زينب بنت أبي سلمة، وأبي أمامة، وأم عمارة، وابن عمر، وعبد الله بن زيد، وأبي أمامة، وابن عباس.
وحديث ابن عباس عند الطّبرانيّ (4) في "معجمه الكبير" من حديث ابن جريج، عن عمرو، عن عكرمة، قال: سأل رجل ابن عباس: ما يكفي من الغسل؟ قال: صاع، ومدّ للوضوء. قال الرجل: ما يكفيني! فقال: لا أمَّ لك، فيكفي من هو خير منك، رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه عن مطيّن، عن أبي كريب، عن محمد (5) بن حماد بن حوار، عنه.
أما حديث زينب بنت أبي سلمة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: "أنَّه كان يتوضّأ بالكوب -وهو المكوك-، ويغتسل بالفرق -وهو الصاع.". رواه أحمد الفرضي من حديث إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر الهذلي، عن زينب (6).
(1) المسند (3/ 264) وفيه جبير بن عبد الله بدل عبد الله بن جبر والصّواب عبد الله بن عبد الله بن جبر كما ذكر ذلك الحافظان المزي في تحفة الأشراف (1/ 259) وابن حجر في أطراف مسند الإمام أحمد (1/ 343) برقم 404 ورقم 667 وفيه ورد على الصواب وقال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب إنه من مقلوب الأسماء في بحث ممتع (2/ 367 - 368).
(2)
في سننه كتاب الطهارة برقم 95 باب ما يجزئ من الماء في الوضوء.
(3)
في سننه كتاب الطهارة (1/ 61) برقم 73 باب القدر الذي يكتفي به الرجل من الماء للوضوء.
(4)
المعجم الكبير (11/ 251) برقم 11646.
(5)
في المعجم: أحمد بن حماد بن خوار.
(6)
لم أقف عليه.
وأمَّا حديث أبي أمامة؛ فرواه الطّبرانيّ في "معجمه (1) الكبير"، من حديث أبي طالب (2)، عن أبي أمامة:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ بنصف مدّ".
وأمَّا حديث أمِّ عمارة وهي نسيبة بنت كعب الأنصاري: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم توضّأ فأتي بإناء فيه ماء قدر ثلثي المدّ.
فرواه أبو (3) داود، وأخرجه النَّسائيّ (4)، وفيه قال شعبة: فاحفظ أنَّه غسل ذراعيه، وجعل يدلكهما، ومسح أذُنيه باطنهما، ولا أحفظ أنَّه مسح ظاهرهما.
وحديث ابن عمر، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال:"الغسل صاع، والوضوء مدّ"(5).
هو عند عبد الحق من طريق أبي أحمد، وضعّفه لنكارة رواية حكيم بن نافع.
وحديث عبد الله بن زيد؛ روى البيهقي من حديث أبي خالد الأحمر: ثنا شعبة، عن حبيب بن زيد، عن عباد بن تميم، عن ابن زيد الأنصاري:"أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم توضأ بنحو من ثلثي المدّ"(6). قال: وكذلك رواه معاذ بن معاذ، عن شعبة، وكذلك رواه يَحْيَى بن زكريا بن أبي زائدة.
ورواه غندر عن شعبة بن حبيب، عن عباد، عن أم عمارة. قال أبو زرعة: هو الصَّحيح عندي.
وحديث أبي أُمامة (7): أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم توضَأ بنصف مدّ رواه ابن عديّ من طريق الصلت بن دينار،
(1) المعجم الكبير (8/ 334) برقم 8071.
(2)
في المعجم عن أبي غالب.
(3)
في سننه كتاب الطهارة (1 /) برقم 94 باب ما يجزئ من الماء في الوضوء.
(4)
في سننه كتاب الطهارة (1/ 61) برقم 74 باب القدر الذي يكتفي به الرجل من الماء للوضوء.
(5)
الأحكام الوسطى (1/ 195).
(6)
السنن الكبرى (1/ 195 - 196).
(7)
الكامل (4/ 1398) ط دار الفكر.
وضعّفه به (1).
الصاع: مكيال أهل المدينة معلوم، وهو أربعة أمداد بمدّ النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك خمسة أرطال وثلث بالبغدادي. هذا قول أهل الحجاز وهو الصَّحيح.
والمدّ: رطل وثلث، قيل: سمَي مدًّا لأنَّه يملأ كفيّ الإنسان إذا مدّهما طعامًا.
وقال أهل العراق: إن الصاع ثمانية أرطال.
والمدّ: رطلين.
والمكّوك: بفتح الميم الأولى، وضمّ الكاف الأولى وتشديدها، وجمعه مكاكيك، ومكاكي. وهو كيل مع صاعًا ونصف صاع من صاع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. قاله القاضي عياض (2).
وقال الشَّيخ محيي الدين رحمه الله في الكلام على: "حديث يغتسل بخمس مكاكيك، ويتوضأ بمكوك"(3)؛ قال: ولعل المراد بالمكوك هنا المدّ، كما قال في الرّواية الأخرى: يتوضّأ بالمدِّ ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، ولا أدري من أين هذا له، فقد أجمعوا على أن الماء الذي يجزي في الوضوء والغسل غير مقدّر بمقدار معيّن لا يتعدّاه، بل يكفي فيه القليل والكثير، إذا وجد شرط الغسل (4)، وهو عند
(1) في هامش نسخة ابن العجمي:
قلت: وفيه أيضًا عن عقيل بن أبي طالب وابن مسعود، وأم سلمة.
فحديث عقيل رواه ابن ماجه بلفظ: "يجزيء من الوضوء مد ومن الغسل صاع".
وحديث ابن مسعود؛ رواه البزار بنحو حديث قبله لابن عباس: أنَّه كان يتوضّأ بالمد ويغتسل بالصاع.
وحديث أم سلمة رواه الطّبرانيّ في "الأوسط" و "الكبير" أيضًا بلفظ حديث ابن عباس المذكور. اهـ.
انظر "الصحيحة"(1991، 2447)، "مجمع الزوائد"(1/ 219).
(2)
مشارق الأنوار (1/ 379).
(3)
شرح صحيح مسلم (4/ 232 - 233) ط دار المعرفة تحت باب ما يكفي من الماء في الغسل والوضوء من كتاب الحيض.
(4)
شرح صحيح مسلم (4/ 232 - 233) ط دار المعرفة.
أصحابنا جريان الماء على الأعضاء (1).
قال الشَّافعي (2) رحمه الله: وقد يرفق بالقليل فيكفي ويخرق بالكثير فلا يكفي.
قال العلماء (3): والمستحبّ أن لا ينقص في الغسل من صاع، ولا في الوضوء من مدّ.
والصاع خمسة أرطال وثلث بالبغدادي (4).
والمد رطل وثلث، وذلك على التقريب لا على التحديد، وإذا كان كذلك فليكن كل من المدّ والصاع والمكوك محمولًا على موضوعه اللغوي المفسر به عند أهل العلم، ولم تدع ضرورة إلى إخراجه عن موضوعه بتأويل قريب ولا بعيد، بل كانت طرقًا متعددة من الوضوء والاغتسال بمقادير مختلفة من الماء، يتبيّن من مجموعها أن لا حدّ في ذلك على سبيل الجزم، أو تكون محدودة بالأقل تارة، والأكثر تارة لبيان الجواز، وقد قال الشَّافعي وغيره من العلماء الجمع بين هذه الروايات أنّها كانت اغتسالات في أحوال وجد فيها أكثر ما استعمله، وأقله، فدلَّ على أنَّه لا حدَّ في قدر ماء الطهارة؛ يجب استيفاؤه.
وذكر ابن أبي شيبة: ثنا ابن عيينة عن الزُّهريّ، عن عروة، عن حفصة (5) قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل من الفرق -وهو القَدَح-"(6).
قال: ثنا حسين بن عليّ، عن زائدة، عن منصور، عن إبراهيم قال: كان
(1) فتح العزيز (2/ 165 بهامش المجموع).
(2)
الأم (1/ 84) ط دار الكتب العلمية تحت باب قدر الماء الذي يتوضّأ به.
(3)
المصدر السابق.
(4)
المصنف (1/ 65).
(5)
لعله سبق قلم والصّواب عائشة.
(6)
المصنف (1/ 66).
يقال: يكفي الرجل لغسله ربعُ الفرق.
حدَّثنا وكيع، عن مسعر، عن عطيّة قال: رأيت عمر توضأ من كوز، وأفضل منه (1).
قلت (2): يكون مدًّا؟ قال: وأفضل.
وروي عن ابن عيينة (3)، عن عبد الله بن أبي يزيد، سمع ابن عباس يقول: يجزي الصاع للجنب. فقال عبد الله: لا أدري قبل الوضوء أو بعده.
* * *
(1) المصنف (1/ 66).
(2)
أي ابن أبي شيبة.
(3)
المصنف (1/ 65 - 66).