الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
76 - باب ما جاء في الغسل من الجنابة
ثنا هناد نا وكيع، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس، عن خالته ميمونة، قالت: وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلًا فاغتسل من الجنابة فأكفأ الإناء بشماله على يمينه فغسل كفيه، ثم أدخل يده في الإناء فأفاض على فرجه، ثم دلك بيده الحائط والأرض، ثم مضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض على رأسه ثلاثًا، ثم أفاض على سائر جسده ثم تنحى فغسل رجليه.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن أم سلمة وجابر وأبي سعيد وجبير بن مطعم وأبي هريرة.
حدثنا ابن أبي عمر، نا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه قبل أن يدخلهما الإناء ثم غسل فرجه ويتوضأ وضوءه للصلاة ثم يشرّب شعره الماء ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح وهو الذي اختاره أهل العلم في الغسل من الجنابة أنه يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفرغ على رأسه ثلاث مرات ثم يفيض الماء على سائر جسده ثم يغسل قدميه.
والعمل على هذا عند أهل العلم.
وقالوا: إن انغمس الجنب في الماء ولم يتوضأ أجزأه.
وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
* الكلام عليه:
رواه عن الأعمش جماعة؛ منهم
…
وهذه عند مسلم، ومنهم: وكيع، وسفيان بن عيينة، وفيه سترت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل من الجنابة وفيه: فغسل فرجه وما أصابه ثم مسح بيده الحائط والأرض ثم توضأ وضوءه للصلاة غير رجليه ثم أفاض على جسده الماء ثم تنحى فغسل قدميه.
ومنهم أبو حمزة السكري وهي عند البخاري وفيها: ثم تنحى فغسل قدميه فناولته ثوبًا فلم يأخذه، فانطلق وهو ينفض يديه.
ومنهم الفضل بن موسى ومنهم عبد الواحد بن زياد وكلاهما عند البخاري.
ومنهم حفص بن غياث ومنهم زائدة عند الإسماعيلي.
قال الإسماعيلي: قد بين زائدة أن قوله من الجنابة ليس من قول ميمونة ولا ابن عباس وإنما هو عن سالم.
وفي حديث زائدة زيادة تستره حتى اغتسل.
وأما حديث عائشة فرواه مالك أيضًا في موطئه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء فخلل بها أصول شعره ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه ثم يفيض الماء على جسده كله.
رواه البخاري والنسائي من حديث مالك.
ورواه مسلم من حديث أبي معاوية عن هشام وآخره: ثم غسل رجليه.
ورواه جرير وعلي بن مسهر، وابن نمير، ووكيع، وزائدة، كلها عند مسلم وليس
فيها غسل الرجلين.
وفي حديث زائدة: ثم توضأ مثل وضوئه للصلاة.
وقد روي من غير وجه عند البخاري ومسلم وغيرهما.
وأما حديث أم سلمة فعن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله! إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال: لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضي عليك الماء فتطهرين.
رواه مسلم والترمذي.
وسيأتي الكلام عليه في بابه.
وأما حديث جابر فمن طريق هشيم، عن أبي بشر، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله: أن وفد ثقيف سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن أرضنا أرض باردة فكيف بالغسل؟ فقال: أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثًا.
وروى البخاري من حديث شعبة عن مخول بن راشد، عن محمد بن علي، عن جابر بن عبد الله؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة صب على رأسه ثلاث حفنات من ماء، فقال له الحسن بن محمد: إن شعري كثير؛ قال جابر: فقلت له: يا ابن أخي! كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من شعرك وأطيب.
ورواه البخاري (1) عن أبي نعيم، ثنا معمر بن يحيى بن سام، قال: حدثني أبو جعفر؛ قال: قال لي جابر: أتاني ابن عمك يعرِّض بالحسن بن محمد بن الحنفية قال: كيف الغسل من الجنابة؟ فقلت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ ثلاثة أكف فيفيضها على رأسه ثم يفيض على سائر جسده فقال لي الحسن: إني رجل كثير الشعر،
(1)"صحيح البخاري"(256) وانظر مسلم (329).
فقلت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر شعرًا منك.
وأما حديث أبي سعيد فقال أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه: ثنا وكيع، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري: أن رجلًا سأله فقال: اغسل ثلاثًا، فقال: شعري كثير، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر شعرًا منك وأطيب.
وأما حديث جبير بن مطعم فعند البخاري ومسلم من رواية سليمان بن صُرد عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ذُكر عنده الغسل من الجنابة فقال: أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثًا، وهذا لفظ مسلم.
وأما حديث أبي هريرة؛ فمن طريق الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه قال: جاء رجل؛ كم يكفي رأسي في الغسل من الجنابة؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب بيده على رأسه ثلاثًا، قال: إن شعري كثير، قال: كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر وأطيب.
ورواه أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو خالد الأحمر، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، فذكره بمعناه.
وفي الباب مما لم يذكره الترمذي عن ثوبان، وعن عمر بن الخطاب، وعن ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم.
أما حديث ثوبان فعند أبي داود من طريق شريح بن عبيد؛ قال: أفتاني جبير بن نفير عن الغسل من الجنابة: أن ثوبان رضي الله عنه حدثهم أنهم استفتوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "أما الرجل فلينشر رأسه فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر وأما المرأة فلا عليها أن لا تنقضه لتغرف على رأسها ثلاث غرفات تكفيها".
وأما حديث عمر؛ فعند ابن أبي شيبة؛ قال: نا أبو خالد الأحمر، عن عثمان بن الأسود، عن عكرمة بن خالد قال: كان عمر إذا أجنب غسل سفلته ثم توضأ
وضوءه للصلاة ثم أفرغ عليه. قال: ثنا أبو الأحوص عن طارق عن عاصم بن عمر؛ قال: خرج نفر من أهل العراق إلى عمر فسألوه عن غسل الجنابة فقال: سألتموني عن خصال ما سألني عنها أحد منذ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم غيركم؛ أما غسل الجنابة فتوضأ وضوءك للصلاة.
وأما حديث ابن عمر؛ فعند أبي داود من طريق عبد الله بن عصم، عن ابن عمر؛ قال: كانت الصلاة خمسين والغسل من الجنابة سبع مرار وغسل البول من الثوب سبع مرار فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل حتى جعلت الصلاة خمسًا والغسل من الجنابة مرة وغسل البول من الثوب مرة.
عبد الله بن عُصم ويقال: ابن عِصمة نصيبي، ويقال: كوفي، كنيته أبو علوان؛ تكلم فيه غير واحد.
وراوي الخبر عنه أيوب بن جابر أبو سليمان اليمامي ولا يحتج بحديثه.
وأما حديث ابن عباس فمن رواية شعبة عنه: أنه كان إذا اغتسل من الجنابة يفرغ بيده اليمنى على اليسرى سبع مرار ثم يغسل فرجه، فنسي مرة فسألني: كم مرة أفرغت؟ قلت: لا أدري، قال: لا أم لك وما يمنعك أن تدري، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفيض على جلده الماء ثم يقول: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطهر.
شعبة هذا مولى ابن عباس يكنى أبا يحيى، وقيل: أبا عبد الله؛ مديني لا يحتج به.
وفيه عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل عند ابن أبي شيبة، عن ابن علية، عن يونس، عن الحسن أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال له ناس من أهل الطائف: إن أرضنا باردة، فما يجزي عنا من الغسل؛ قال: أما أنا فأحفن على رأسي ثلاث حفنات.
قوله في حديث ميمونة: وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلًا هو مقيد بكسر الغين وهو
الماء المعد للاغتسال به (1).
قوله: فأكفأ الإناء يعني: قلبه أو أماله، وهو أول القلب ومنه الإكفاء في الشعر وهو قلب القافية الثانية إلى غير الصفة الأولى نحو قوله:
إذا ركبتم اجعلوني وسطًا
…
إني كبير لا أطيق العندا
وقوله: يشرب شعره الماء؛ يعني يسقيه. والحثيات والحفنات؛ يريد ملء الكفين ثلاث مرات.
قال أبو عمر في حديث عائشة هذا: هو من أحسن حديث روي في ذلك وفيه فرض وسنة.
فأما السنة فالوضوء قبل الاغتسال من الجنابة ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان كذلك يفعل.
إلا أن المغتسل من الجنابة إذا لم يتوضأ وعم جميع جسده ورأسه ويديه ورجليه وسائر بدنه بالماء وأسبغ ذلك وأكمله بالغسل ومرور يديه، فقد أدى ما عليه إذا قصد الغسل ونواه وتم غسله لأن الله عز وجل إنما افترض على الجنب الغسل دون الوضوء بقوله عز وجل:{وَلَا جُنُبًا إلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} وقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} .
وهذا إجماع لا خلاف فيه بين العلماء إلا أنهم مجمعون على استحباب الوضوء قبل الغسل للجنب تأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه أعون على الغسل وأهدب فيه.
وأما بعد الغسل فلا قال أصحابنا كمال غسل الجنابة أن يبدأ المغتسل فيغسل
(1) في هامش نسخة ابن العجمي: هذا غلط، والصواب بضم الغين.
كفيه ثلاثًا قبل إدخالهما في الإناء ثم يغسل ما على فرجه وسائر بدنه من الأذى ثم يتوضأ وضوءه للصلاة بكماله، ثم يدخل أصابعه في الماء فيغرف غرفة يخلل بها أصول شعره من رأسه ولحيته ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات، ويتعاهد معاطف بدنه كالإبطين وداخل الأذنين والسرة وما بين الأليتين وأصابع الرجلين وعكن البطن وغير ذلك فيوصل الماء إلى جميع ذلك، ثم يفيض على رأسه ثلاث حثيات، ثم يفيض الماء على سائر جسده ثلاث مرات، يدلك في كل مرة ما تصل إليه يداه من بدنه وإن كان يغتسل في نهر أو بركة انغمس فيها ثلاث مرات، ويوصل الماء إلى جميع بشرته والشعور الكثيفة والخفيفة، ويعم بالغسل ظاهر الشعر وباطنه وأصول منابته، والمستحب أن يبدأ بميامنه وأعالي بدنه وأن يكون مستقبل القبلة وأن يقول بعد الفراغ: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وينوي الغسل من أول شروعه فيما ذكرناه.
وتستحب النية إلى أن يفرغ من غسله، فهذا كمال الغسل والواجب من هذا كله النية في أول ملاقاة أول جزء من البدن للماء، وتعميم البدن شعره وبشره بالماء ومن شرطه أن يكون البدن طاهرًا من النجاسة وما زاد على هذا فيما ذكرناه سنة.
وينبغي لمن اغتسل من إناء كالإبريق ونحوه أن يتفطن لدقيقة قد يغفل عنها وهي أنه إذا استنجى وطهر محل الاستنجاء بالماء فينبغي أن يغسل محل الاستنجاء بعد ذلك بنية غسل الجنابة؛ لأنه إذا لم يغسله في هذا الحين ربما غفل عنه بعد ذلك فلا يصح غسله لتركه ذلك، وإن ذكره احتاج إلى مس فرجه فينتقض وضوءه، أو يحتاج إلى كلفة في لف خرقة على يده، هذا مذهبنا ومذهب كثير من الأئمة ولم يوجب أحد من العلماء الدلك في الغسل ولا في الوضوء إلا مالك والمزني ومن سواهما يقول: هو سنة لو تركت صحت طهارته في الوضوء والغسل.
ولم يوجب أيضًا الوضوء في غسل الجنابة إلا الظاهري داود ومن سواه يقولون: هو سنة فلو أفاض الماء على جميع بدنه من غير وضوء صح غسله واستباح به الصلاة وغيرها ولكن الأفضل أن يتوضأ كما ذكرنا وتحصل الفضيلة بالوضوء قبل الغسل أو بعده.
وإذا توضأ أولًا لا يأتي به ثانيًا؛ فقد اتفق العلماء على أنه لا يستحب وضوءان والله أعلم.
هكذا قال الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله تعالى.
وقوله في هذا الكلام: "ثم يتوضأ وضوءه للصلاة بكماله"؛ احتراز من الوضوء دون غسل الرجل وتأخير غسلهما إلى آخر الغسل ففي هذه المسألة للشافعي قولان:
أصحهما: أن بكل وضوء يغسل القدمين.
والثاني: أن يؤخر غسل القدمين وقد تقدم في أحاديث الباب ما يشهد لكل من القولين.
وأكثر ما يجيب به من ذهب إلى تكملة الوضوء قبل إكمال الغسل أن غسل الرجلين في ذلك مرتين.
الأولى لتكملة أعضاء الوضوء.
والثانية: لإزالة ما قد يعلق بالقدمين من الرشاش أو الطين أو غير ذلك لا لجنابة وما أشبهها.
وأما من ذهب إلى تفرقة الوضوء وتأخير غسل القدمين إلى تمام الغسل فيحمل الوضوء حيث جاء في ذلك على أكثره ويشهد له رواية وكيع وسفيان، عن الأعمش في حديث ميمونة وفيه: ثم توضأ وضوءه للصلاة غير رجليه، وفي آخره: ثم تنحى
فغسل رجليه وهو عند البخاري.
وقال بعض الشافعيين وأما رواية البخاري عن ميمونة رضي الله عنها يعني التي فيها: ثم تنحى فغسل قدميه فجرى ذلك مرة أو نحوها لبيان الجواز.
وهذا كما ثبت أنه عليه السلام: توضأ ثلاثًا ثلاثًا، و "مرة مرة"، فكان الثالث في معظم الأوقات لكونه للأفضل والمرة في نادر من الأوقات لبيان الجواز.
ونظائر هذا كثيرة.
وفي قول هذا القائل أن غسل القدمين في آخر الغسل إنما كان مرة أو نحوها نظر لأن هذا يتوقف على النقل.
وأيضًا فإن جُلّ من روى عنه ذلك مبسوطًا ميمونة وعائشة وقد ثبت ذلك أيضًا في حديث كل منهما.
أما حديث ميمونة وقد ذكرناه من غير وجه.
وأما حديث عائشة فقد ذكرناه مختصرًا من حديث أبي معاوية عن هشام، عن أبيه، عن عائشة؛ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه فيفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه.
وهي عند مسلم.
ورواية ميمونة التي فيها: يتوضأ وضوءه للصلاة غير رجليه -تعني: فيؤخرهما.
مبينة أن ذلك الغسل للرجلين في آخر الغسل ليس أجنبيًّا عن غسل الجنابة
كما تأوله من ذكرنا بل هو من تمامه وإلى ذلك نحا القرطبي فإنه قال: عن مالك الأمر فيه واسع -يعني: التقديم والتأخير في غسل الرجلين على النحو الذي ذكرناه ثم قال: والأظهر الاستحباب لدوام النبي صلى الله عليه وسلم على فعل ذلك؛ يعني: ختم الغسل من الجنابة بغسل الرجلين، وهذا مخالف لما ادعاه الشافعي الذي حكينا عنه أن ذلك كان مرةً لبيان الجواز.
وينوي بهذا الوضوء رفع الحدث الأصغر إلا أن يكون جنبًا غير محدث فإنه ينوي به سنة الغسل.
وفيه إفاضة الماء على الرأس ثلاثًا واستحبابه متفق عليه.
وألحق به الأصحاب سائر البدن قياسًا على الرأس وعلى الأعضاء وهو أولى بالثلاث من الوضوء فإن الوضوء مبني على التخفيف ويتكرر فإذا استخف فيه الثلاث ففي الغسل أولى.
قال النووي: ولا نعلم في هذا خلافًا إلا ما تفرد به الماوردي فإنه قال: لا يستحب التكرار في الغسل وهذا شاذ متروك.
وقوله: ثم دلك بيده الحائط أو الأرض:
فيه أنه يستحب للمستنجي بالماء إذا فرغ أن يغسل يده بتراب أو أشنان أو يدلكها بالتراب أو بالحائط ليذهب الاستقذار منها.
وفيه جواز استخدام الرجل للمرأة من قولها: وضعت للنبي عليه السلام غسلًا.
وفي غسل الفرجين قبل الشروع في الغسل بيان أن تطهير البدن من النجاسة مطلوب ليرد الغسل على محل طاهر.
وقد مضى القول في المضمضة والاستنشاق وفي تخليل اللحية وفي المنديل في أبوابها من هذا الكتاب.
وفي قوله: ثم انطلق وهو ينفض يديه.
وقد أخرجنا هذه اللفظة من طريق البخاري دليل على أن نفض اليد بعد الوضوء والغسل لا بأس به.
وقد اختلف أصحابنا فيه على أوجه:
أشهرها أن المستحب تركه ولا يقال أنه مكروه.
والثاني أنه مكروه.
والثالث: أنه مباح يستوي فعله وتركه.
وهذا هو الأظهر المختار فقد جاء هذا الحديث الصحيح في الإباحة ولم يثبت في النهي شيء.
واختلف الفقهاء في الدلك هل هو شرط أو لا؟
وسيأتي الكلام عليه في حديث: "بلوا الشعر واتقوا البشر"؛ بعد هذا الباب إن شاء الله تعالى.
* * *