المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقضاؤها.   ‌ ‌باب التمتع وهو أن يحرم بعمود من الميقات فيطوف لها، ويسعى، ــ بغير - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٢

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصوم

- ‌باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده

- ‌ فرع

- ‌فصل في العوارض

- ‌ فروع

- ‌ فصل في النذر

- ‌كتاب الحج

- ‌باب الإحرام

- ‌فصل

- ‌فرع

- ‌باب القران

- ‌باب التمتع

- ‌باب الجنايات

- ‌فصل

- ‌ فصل في جزاء الصيد

- ‌باب مجاوزة الميقات بغير إحرام

- ‌باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

- ‌باب الإحصار

- ‌باب الفوات

- ‌باب الحج عن الغير

- ‌باب الهدي

- ‌مسائل منثورة

- ‌كتاب النكاح

- ‌فصل في المحرمات

- ‌باب الأولياء والأكفاء

- ‌فصل في الكفاءة

- ‌فرع

- ‌فصل في الوكالة

- ‌باب المهر

- ‌باب نكاح الرقيق

- ‌باب نكاح الكافر

- ‌باب القسم

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان

- ‌فصل في الطلاق قبل الدخول

- ‌باب تفويض الطلاق

- ‌فصل في الأمر باليد

- ‌فصل في المشيئة

- ‌باب التعليق

- ‌باب طلاق المريض

- ‌باب الرجعة

- ‌فصل فيما تحل به المطلقة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الخلع

- ‌فرع

- ‌باب الظهار

- ‌فصل في الكفارة

- ‌باب اللعان

- ‌فرع

- ‌باب العنين وغيره

- ‌باب العدة

- ‌فرع

- ‌فصل في الإحداد

- ‌باب ثبوت النسب

- ‌باب الحضانة

- ‌باب النفقة

الفصل: وقضاؤها.   ‌ ‌باب التمتع وهو أن يحرم بعمود من الميقات فيطوف لها، ويسعى، ــ بغير

وقضاؤها.

‌باب التمتع

وهو أن يحرم بعمود من الميقات فيطوف لها، ويسعى،

ــ

بغير طواف فوجب عليه دم كالحصر، وفيه إيماء إلى سقوط دم القرآن عنه، (و) عليه (قضاؤها) لأن الشروع فيها مهزوم كالنذر والله الموفق للصواب وإليه الموجع والمآب.

[25]

باب التمتع

ذكره عقب القران لاقترانهما في معنى النفع بالناسكين، وقدم القران لمؤيد فضله وهو لغة من المتاع أو المتعة وهو الانتفاع أو النفع، وشرعت الترفق بأداء النسكين في سفر واحد من غير أن يلم بأهله بينهما إلماما صحيحه كذا في (الهداية) واعترضه الإتقاني بأنه غير مانع لدخول من ترفق بهما في غير أشهر الحج في سفر واحد ومن ترفق بهما في أشهر الحج من عامين وليسا متمتعين، وعن هذا عرفه الشارح بأن يفعل أفعال العمرة في أشهر الحج ثم يحج من عامه ذلك من غير أن يلم بأهلها إلمامًا صحيحًا، واستغنى بقوله: من غير أن يلم إلى آخره عن قوله في سفر واحد لأن أحدهما يغني عن الآخر، وأجاب في (العناية) بان ما ذكره تفسيره وما أورد شرطه وسيذكره، بعض المتأخرين بأنه لا بد في التفسير من ذكر الشروط وبتقدير الاكتفاء بما هو الركن لا وجه للتعرض لبعض الشروط، قال في (الحواشي السعدية): ويرد عليه أيضًا أنه غير جامع لعدم تناوله من توفق بهما وقد ألم إلمامًا غير صحيح مع أنه متمتع عند الإمام والثاني، وأنه يصدق على القارئ أيضا وأجاب عن الأول بان المواد في سفر واحد حقيقة أو حكماً وعن الثاني بأن القران غير محدود.

وأقول: ويرد على الكل فائت الحج إذا أخر التحلل بعمرة إلى شوال فتحلل بها فيه وحج من عامة ذلك لا يكون متمتعًا مع صدق التعريفين عليه، ولا سيما على تعريف الشارح ولذا قال في (الفتح): والمراد من العام عام الفعل لا عام الإحرام، فقد روى ابق سماعة عن محمد فيما أحرم بعمرة في رمضان وأقام محلى إحرامه إلى شوال من قابل فطاف لعمرته فيه ثم حج من عامه كان متمتعًا، والحيلة لمن دخل مكة محرما بعمرة قبل أشهر الحج يريد التمتع أنه لا يطوف بل يصبو إلى أن تدخل أشهر الحج ثم يطوف؛ فإنه متى طاف وقع عن العمرة ثم لو أحرم بأخرى بعد دخول أشهر الحج وحج من عامه لم يكن متمتعا في قول الكل، لأنه صار حكمه حكم أهل مكة بدليل أنه صار ميقاته ميقاتهها، إذا تطور هذا فقول المصنف:(وهو أن يحرم بعمرة من الميقات فيطوف لها ويسعى) ليس محلى إطلاقه بل لا بد من كون الطواف أو أكثره في

ص: 106

ويحلق، أو يقصر وقد حل منها، ويقطع التلبية بأول الطوال، ثم يحوم بالحج يوم التسوية من الحرم ويحج ويذبح فإن عجز فقد ما فإن صام ثلاثة من شوال فاعتمر لم يجبه عن الثلاثة، وصح أو بعد ما أحرم بها قبل أن يطوف

ــ

أشهر الحج كما هو والاعتذار/ عنه بأنه إنما أطلقه لما سيصرح به في هذا الباب أ) (ويحلق أو يقصره جعله ذلك من صفته ظاهر في لزومه وليس كذلك، بل لو أخره حتى أحرم بالحج وحلق بمنى كان متمتعا كذا في (الفتح) وقوله في (البحث): إنما ذكره لبيان تمام أفعال العمرة لا لأنه شرط فيه خروج عن الظاهر بلا دليل، ولو قيل: إنما قاله ليقابل به قوله بعد في المتمتع الذي سادتي الهدي ولم يتحلل إلى آخره بيان للفرق بين المتعين لم يبعد.

(ويقطع التلبية بأول الطواف) لأنه عليه الصلاة والسلام (كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر) رواه أبو داود (ثم يحرم بالحج) فيه إيماء إلى أن إحرامه به بعد الفراغ من أفعالها غير شرط بيوم النووية من الحرمة لأنه في معنى المكي، وكونه من المسجد أفضل ومكة أفضل من غيرها، ولم يقل: وقبله أحب مع أنه كذلك مسارعة إلى الخير اكتفاء بما سيأتي فيمن ساقا الهدي لأنهما لا يختلفان فيه، ثم يحج لا بد أن يقول: من عامه ذلك لما مر وما في (البحث) من أنه إنما حذفه للعلم به ففيه نظر ظاهر، ثم إذا حج فعل ما يفعله المفرد إلا طواف القدوم وقول صاحب (الهداية): لو كان هذا المتمتع بعدما أحرم بالحج طاف ولمعنى قبل أن يروح إلى منى لم يعمل في طواف الزيارة ولا يسعى بعده لأنه قد أتى بذلك مرة لا يدل على مشروعية طواف القدوم للمتمتع كما توهمه صاحب (العناية) إنما دلالته على أن السعي لا يكون إلا بعد طواف لا بقيد كونه طواف القدوم، حتى لو تنفل بطواف ثم سعى بعده سقط عنه طواف الحج نبه على ذلك في (فتح القدير).

(ويذبح فإن عجز) عن الذبح (فقد مر) في القوات أفإن صام ثلاثة) أيام (من شوال) قبل أن يحرم بالعمرة دل على ذلك قوله: (فإن اعتمر) أي: أحرم بعمرة ولم يقل ثم اعتمر لأنه إذا لم يجد مع التعقيب فمع التراخي أولى (لم يعجز عن الثلاثة) لأنه تعجيل قبل وجود السبب أعني التمتع، بمعنى الترفق لأداء النسكين، ولم يطلق عدم الجواز لأنه يجوز نفلاً (وصح لو) صامها (بعد ما أحرم بها قبل أن يطوف)، لأنه بعد وجود السبب قيد بكونه في، أشهر الحكم لأنه قبلها لا يجوز مطلقا، أعنى سواء أحرم

ص: 107

فإن أراد سوق الهدى أحرم وساق وقلد بدنته بمزادة، أو نعل ولا يشعر، ولا يتحلل بعد عمرته، ........

ــ

أو لا، وقد مر أن الأفضل تأخيره إلى سابع الحجة لرجاء القدرة على الهدي، (فإذا أراد سوق الدنة) بيان للنوع الثاني من نوعي التمتع وهو الأفضل اقتداء به عليه الصلاة والسلام وأخره لما فيه من زيادة وصفه وتقديم الذات أولى (أحرم) أي: أتى بالإحرام وهو النية مع التلبية يعني إحرام العمرة (وساق) الهدي بعده لأنه عليه الصلاة والسلام فعل كذلك بذي الحليفة، قال في (البحر): والواو هنا بمعنى ثم لادن الأفضل أن لا يحرم بالسوق والتوجه بل بالتلبية والنية ثم السوق.

وأقول: ليس في كلامه بتقدير إبقاء الواو على بابها ما يدل على ما ادعاه لأنها لمطلق الجمع، وظاهر أن معنى أحرم أتى به وهو إنما يكون والنية مع التلبية لأنه شرع فيه لا كما توج به في (البحر) والسوق أفضل من القوة إلا إذا تعذر وقلد بدنته بمعادة وهي قطعة من أدم وأو نعلم لابنه عليه الصلاة والسلام (قلد بدنته) وقد مر أنه أفضل من التحليل لأن له ذكرت في القوين، وأشار إلى أن الغنم لا تقلد، (ولا يشعر) بدنته عند الإمام، فإن فعله كره تحريمًا وقالا: إنه حسن يعني أدون من السنة، وهو لغة الروح حتى يسيل منه الدم كما هو ظاهر كلام الجوهري وغيره، وعوفا ضربها بالحربة في أحد سنامها حتى يخرج منه الدم ليلطخ به سنامها فقيل: في الجانب الأيمن واختاره القدومي، والأشبه بالصواب كونه في الجانب الأيسر، وجعله فخر الإسلام الأول عن الشافعي، والثاني عن أئمتنا، ونسب في (الكافي) الثاني إلى الثالث والأولي إلى الشافعي وقدم القدوري قولهما، قيل: لأنه يرى أن الفتوى ذلك لما اشتهر في إشعاره عليه الصلاة والسلام.

وما قيل من بدأ تعارض اللحوم وهو النهي عن المثلة والمبيح رد بمنع كونه مظلة للقطع بأنها ليست كل جرح بل ما تكون تشويها كقطع الوجه والأذنين، وما قيل: من أنها ما يصنع بالحيوان مما يصير به مثلة أو إيلام ما وجب قتله أو أبيح قتله فلا أصل له، والأولى ما قاله الطحاوي: إنه إنما كره إشعار أهل زمانه لأمنهم كانوا لا يحسنون مجرد شق الجلد بل يبالغون في اللحم حتى يكثر الألم ويخاف منه السراية وبه يستغني عن كون العمل على قولهما، (ولا يتحلل بعد عمرته) لخبر البخاري:(إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر) ولو حلق في هذه الحالة لزمه

ص: 108

ويحرم بالحج يوم التروية، وقبله أحب فإذا حلق يوم النحر حل من إحراميه،

ــ

دم ومقتضاه أنه ايلزمه كل جناية أتى بها على الإحرام، (ويحرم) المتمتع الذي ساق الهدي (بيوم التروية) ما مر فيما لم يعممه، (وقبله أحب) مسارعة إلى البر.

(فإذا حلقة هذا المتمتع رأسه ويوم النحر حل من إحرامية)، يعني: إحرام العمرة والحج، وأورد أن إحرام العمرة لو بقي للزم القارة بقتل الصيد قبل الحلق بعد الوقوف عمان لكنه إنما يلزمه دم واحد، وأجيب بان إحرامها انتهى بالوقوف ولم يبق إلا في حق التحلل، لأن الله تعالى جعل الحج غاية إحرام العمرة ولا وجود للمضروب له الغاية بعد إلا ضرورة وهي ما ذكرنا فلم تقع الجناية محليه كذا في (النهاية)، واستبعده الشارح بقولهم: لو جامع القارن بعد الوقوف كان عليه بدنة للحج وشاة للعمرة، ولو بعد الحلق قبل الطواف لزمه شاتان.

قال في (الفتح): وما في (النهاية) إنما هو قوة شموخ الإسلام ومن تبعه، وقد صرح به صاحب (النهاية) عنه في آخر فصل جزاء الصيد، وأكثر عبارات الأصحاب مطلقة وهي الظاهرة أن قضاء الأعمال لا يمنع بقاء الإحرام والوجوب إنما هو باعتبار أنه جناية على الإحرام، والفرع المنقول في الجماع يدل على ما قلنا، بل سنذكر عن الكتب المعتبرة عن بعضهم أن فيما بعد الحلق البدنة والشاة وعن بعضهم البدنة فقط ونبين ما هو الأولى، ثلاث ذكر في الجنايات عن الوبري إيجاب البدنة للحج ولا شيء عليه للعمرة، قال: ويظهر أنه الصواب من إحرام العمرة لم يعهد بحيث يتحلل منه بالحلق من مخير النساء، ويبقى في حقهن فإذا حلق، فلينظر بعد أفعالها حل بالنسبة إلى ما حرم عليه وإنما عهدنا ذلك في إحرام الحج فإذا ضخم إحرام العمرة إليه استمر كل إلى ما عهد له في الشرع فينطوي بالحلق إحراز العمرة بالكلية فلا يكون له موجب بسبب الولاء بل بالحج فقط انتهى، وهو ظاهر في بقاء الإحرام لها قبل الحلق فقط لا مطلقًا كما لو ظاهر ما في (الشرح). تم قال في (الفتح): إن شيخ الإسلام قيد لزوم الدم الواحد بغير الجماع وفي الجماع بعد الوقوف شاتين فلا يخلو إما أن يكون إحرام الصحوة بعد الوقوف يوجب الجناية محليه شيئا أو لا، فإن أوجب لزم شمول الوجوب وإلا فشمول العدم انتهى. ومن هنا قال في (البحر): تناقض كلا شموخ الإسلام.

وأقول: يمكن أنه قائل بانتهائه بالوقوف إلا في حق النساء وقد نقل في (الغاية) معزيًا إلى (المبسوط) و (البدائع) والإسبيجابي لو جامع القارئ أول مرة بعد الحلق قبل طواف الزيارة كان عليه بدنة للحج وشاة للعمرة، لابن القارح يتحلل من إحرامين بالحلق إلا في حق النساء فهو محرم بهما في حقوق أيضا، وهذا يخالف ما ذكره في (الكتاب) و (شروح القدوري).

ص: 109

ولا تمتع ولا قرآن لمكي ومن حولها فإن عاد المتمتع إلى بلده بعد العمرة،

ــ

(ولا تمتع ولا قرآن لمكي ومن يليها) أي: مكة وإنما لهم الإفراد لقوله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام)[البقرة: 196] بناء على عود اسم الإشارة إلى التمتع، والقرآن بمعناه لا إلى الهدي، ومن يليها ممن كان داخل الميقات في حكم حاضري المسجد الحرام، وإن كان بينهم وبينها مسيرة سفر نفى الصحة أو الحل، وبالتاني جزم في (غاية البيان) حيث قال: ومن تمتع منهم أو قرن كان عليه دم وهو دم جناية لا يأكل منه.

وفي) التحفة) لو تمتعوا جاز وأساؤوا وعليهم دم الجبر: زاد في (السراج) ولا يجزئ عنه الصوم مع الإعسار وهكذا ذكر الإسبيجابي وعليه فاشتراط عدم الإلمام في المتمتع يعني المثاب عليه المستلزم لدم الشكو، إلا أن ظاهر كلامهم هو الأول وهو الموافق لقوله بعد:(فإن عاد المتمتع إلى بلده) إلى آخره وعليه فلا يتحقق العمرة منه في أشهر الحج، انه إذا لما يتحقق منه التمتع الشرعي لا يكون متعة منه إلا للعمرة لعدم امتناع الحكم، وقد صرح أصحاب المذهب بأن الوفاقي المتمتع لو عاد إلى بلده بطل تمتعه اتفاقا بين الإمام وصاحبيه وأن شرط التمتع مطلقا عدم الإلمام الصحيح ولا وجود للمشروط بدون شرطه، ولا شك أنهم قالوا بوجود الفاسد مع الإثم ولم يقولوا بوجود الباطل شرعا مع ارتكاب النهي، ومقتضى كلام أئمة المذهب أولى بالاعتبار من بعض المشايخ كذا في (الفتح) ملخصا، واختار منعها أيضا وإن لم يحج لكن لا يخفى أن ما استدل به من كلام أئمة المذهب لا يقتضي عدم تحققها منه بل عدم كونه متمتعا وهو الموافق لما سيأتي في إضافة الإحرام إلى الإحرام من أن المكي لو أدخل إحرام الحج على العمرة بعد أما طاف لها أو لم يطف ولم يرفض شيئا أجزأت لابنه أتى بأفعالها كما التزمه غير أنه منهي عنه، وبهذا عرف أنه يتصور الجمع بين العمرة والحج في حق المكي لكن لا على وجه التمتع والقران، وهذا هو المترجم له في الباب الآتي.

وأعلم أن إطلاقه يفيد أنه لا فرق بين أن يسوق الهدي أو لا، لأن سوق الهدي إنما يمنع صحة الإلمام في حق الآفاقي لما أن العود واجب عليه، وليس المكي حصولك، وقد يتحقق القران منه إدا خرج إلى الكوفة وأحرم بحجة وعمرة لأنهما ميقاتيتان حينئذ وقيده المحبوبة بما إذا خرج قبل أشهر الحج أما إذا خرج بعدها فقد منع من الميقات فلا يتغير بخروجه منه بخلاف المتمتع لوجود الإلمام وسيأتي لهذا إضافة بيان في باب الإضافة، وإن عاد التمتع أي: مريد التمتع إلى بلده (بعد العمرة) أي: بعد الفراغ من أفعالها.

ص: 110

ولم يسق الهدي بطل تمتعه، وإن ساق لا، وهن طاف أقل أشواط العمرة قبل أشهر الحج وأتمها فيها وحج كان متمتعًا وبعكسه لا، وهي شوال، وذو القعدة، وعشر ذي الحجة،

ــ

(و) الحال أنه اسم يسق الهدي بطل تمتعها فيه تجوز ظاهر إذ بطلان المسيء فرع وجوده ولا وجود له مع فقد شرطه فلو قال: لم يكن متمتعا لكان أولى، قيد بالمتمتع لأن القارئ لا يبطل قرانه بعوده، وببلده لأن عوده إلى غيرها لا يبطله عند الإمام وسويا بينهما، وبقوله بعد العمرة لأبنه لو عاد قبل أن يطوف لها أو بعد ما طاف الأقل لم يبطل وكذا لو عاد قبل لأن العود مستحق عليه عندهما ومندوب عند الثاني، (وإن ساق) الهدي الآن يبطل تمتعه بعوده عندهما خلافا لمحمد لأن العود مستحق عليه ما دام على نية التمتع، لأن السوق يمنعه من التحلل فلم يصح إلمامه كذا في (الهداية)، وفي قوله ما دام إيماء إلى أنه لو بدا له بعد العمرة أن لا يحج في عامه كان له ذلك لابنه لم يحرم بالحج بعد، وإذا ذبح الهدي أو أمر بذبحه وقع تطوعي أما إذا لم يعد إلى بلده وأراد نحر الهدي والحج من عامه لم يكن له ذلك، فلو فعل وحج من عامه لزمه دم التمتع ودم آخر لإحلاله قبل يوم النحر، كذا في (المحيط).

(ومن طاف أقل أشوط العمرة قبل أشهر الحج وأتمها) أي: الأشواط (فيها) بأن طاف فيها أربعة أشواط بعد ما طاف قبلها ثلاثة (وحج) من عامه ذلك (كان متمتعًا)، لأنه أوقع أكثر طوافها في أشهر الحج، (وبعكسه) وهو ما لو طاف الأكثر قبلها والا قل فيهاش لان أي: يكون متمتعًا، لأن المتعة اختصت بأفعال العمرة في أشهر الحج ولم يوجد، لا فرق في ذلك بين أن يكون ذلك الطواف جنبًا أو محدثًا ثم يعيده فيها أو لا لأن طواف المحدث لا يرتفع بالإعادة وكذا الجنب على قول الكرخي والرازي وإن قال بارتفاعه، إلا أنه ثمة منع منه مانع أو تعلق المنع به عن المتعة في هذا السفر، كذا في (المحيط): ودل كلامه أن الاعتمار قبل أشهر الحج مانع من التمتع سواء اعتمر بعد ذلك فهي أشهر الحج أو لا وأن إنشاء الإحرام فيها غير شرط، وهل هذا الشرط في القران أيضًا؟ قال في (المحيط): لا، أي: أشهر الحج المفادة بقوله تعالى: (الحج أشهر معلومات)[البقرة: 197] شهران وبعض الثالث روي ذلك عن المبادلة وغيرهم وإلى ذلك أشار بقوله: (شوال) سمي به أشول أرباب اللقاح فيه، (وذو القعدة) بفتح القاف وكسرها سمي بذلك لأن العرب كانت تقعد عن القتال فيه، (وعشر ذي الحجة).

أما كون شوال وما بعده منها مع أن الحج لا يصح فيهما فلصحة بعض أفعاله فيهما ألا ترى أن الآفاقي لو قدم مكة في شوال وطاف للقدوم ثم سعى بعده أجزاه ذلك عن السعي الواجب في الحج، ولو فعل ذلك في

ص: 111

وصح الإحرام به قبلها وكره ولو اعتمر كوفي فيها، وأقام بمكة،

ــ

عشر ذي الحجة يوم النحر، وعن الثاني لا بدليل فوات الحج بطلوع فجره، ورد بأنه يبعد أن يوضع لأداء ركن عبادة وقت ليس وقتها ولا هو منه، وقد وضع لطواف الزيارة على أنه وقت للوقوف في الجملة بدليل ما قاله السروجي: لو اشتبه يوم عرفة فوقفوا ثم ظهر أنه يوم النحر أجرأهم لا إن ظهر أنه الحادي عشر، فإن قلت: كيف كان الشهران وبعض الثالث أشهراً؟ أجيب بان اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد، أو نزل بعض اللهو منزلة كله قاله الزمخشري، قال بعض المتأخرين: والأول أوجه لما في الثاني من إخراج الثالث عن غير المراد، قال في (البحر): وما في (غاية البيان) من أنه عام مخصوص ففيه نظر، لأن أخص الخصوص في العام إذا كان جمعة ثلاثة، وأقول: الذي في (غاية البيان) ما لفظه يجوز أن يراد من العام الخاص إذا دل الدليل وقد دل نقلاً وعقلاً انتهى. والفرق بين العام المخصوص والعام الذي أريد به خاص لا يخفى.

(وصح الإحرام به) بالحج (قبلها) أي: الأشد هو لأنه شرط فأشبه الطهارة في حق جواز التقديم/ على الوقت لا مطلقة، ألا ترى أن الصبي لو بلغ بعده لا يجوز له أداء الفرض به بخلاف ما لو بلغ بعد التوضؤ، وإنما لم يجز تقديم تكبيرة الإحرام على القول بشرطيتها لاتصالها بالأفعال، (وكره) اختلف المتأخرون في المعنى الذي لأجله كره التقديم فكان ابن شجاع يقول: لابنه أحرم قبل الوقت، وكان الفقيه أبو عبد الله يقول: لأنه لا يأمن من مواقعة المحذور وأما إذا أمن ذلك لا يكره، كذا في (الذخيرة) وفيها لا يكوه الإحرام بالحج يوم النحو ويكره قبل أشهر الحج.

أقول: فيه إفادة أن المراد بالوقت وقت الحج ولون عام مضى، إلا أن الظاهر ما قاله الفقيه إذ لا معنى لكراهة فعل شرط قبل وقت شروطه إلا كما قال، ولذا لم يعرج أكثر الشواء على غيره وإحرامه يوم النحر ينبغي أن يكون مكروهًا حيث لم يؤمن وإن كان في أشد هو الحج وما في (الكتاب) مقيد بذلك، وإطلاقه يفيد التحويم، وقد صرح في (النهاية) ساءته (ولو اعتمر كوفي) أي: آفاقي لا بخصوص كونه منسوبة إلي الكوفة (فيها) أي: في أشتهر الحج اتخذه دارا بان نوى الإقامة فيه لمعمعة عشر يوما أو لا كما في (البدائع) وغيرها (و) حج من عامه ذلك كان متمتعًا أما إذا وأقام بمكة) أو دخل المواقيت فلانا ترفق بنسكين في سفر واحد في أشهر الحج وهو آية التمتع، وأما إذا أمام خارجها فذكر الطحاوي أن هذا قول الإمام، وعندهما لا يكون متمتعا لأنه من كانت عمرته ميقاتيًا وحجته مكية وله أن حكم السفر الأول قائم ما لم يعد إلى وطنه، وأثر الخلاف يظهر في لزوم الدم وغلطة الرصاص في نقل الخلاف بل

ص: 112

أو ببصرة، وحج صح تمتعه، ولو أفسدها فأقام بمكة وقضى وحج لا إلا آن يعود إلى أهله، وأيهما أفسد مضى فيه، ولا دم عليه، ولو تمتع، وضحى لم يجزه عن المتعة،

ــ

يكون متمتعًا اتفاقًا، لأن محمدًا ذكر المسالة ولم يحك فيها خلافًا قال أبو اليسر: وهو الصواب وفي (المعراج): إنه الأصح، لكن قال في (الحقائق)؟ كتير في مشايخنا قالوا: الصواب ما قاله الطحاوي وقال الصفار: كثيرًا ما جربناه فلم نجده غالطًا وكثيرًا ما جربنا الجصاص فوجدناه غالطًا، قال الشارح: والمسألة الآتية تؤيد ما حكاه الطحاوي، قيد بالكوفي لكن المكي لا تمتع له، وبأشهر الحج لأنه لو اعتمر قبلها لا يكون متمتعًا اتفاقًا أيضًا إن لم يكن ساق الهدي، قال في (البحر): ولو قال: وخرج إلى البصرة كما في (المجمع) لكان أولى لأن الحكم عند الإمام لا يختلف بيق الإقامة وعدمها والأول محل الخلاف، وفي الثاني يكون متمتعًا اتفاقًا كما في (المصفى).

وأقول: فيه نظر لأن إذا لم يبطلا (تمتعه) بالإقامة فبعدمها أولى، والتقييد بالخروج لا يفهم الحكم فيما لو أقام، فما هنا أولى، (ولو أفسدهما) أي: أفسد الكوفي العمرة السابقة بأن جامع قبل أفعالها (وأقام بمكة) ليس بقيد والمواد بموضع لا أهل له فيه دل على ذلك قوله إلا أن يعود (وقضى) عمرته (وحج) من عام ذلك، (لا) أي: لا يكون متمتعًا لأن سفره انتهى بالفاسدة، وصارت عمرته الصحيحة مكية ولا تمتع لأهل مكة (إلا أن يعود إلى أهله) بعد ما أفسدوا وحل لأنها ثم رجع فيقضيها ويحج من عام، فإنه يكون متمتعًا لأن عمرته حينئذ ميقاتية وحجته مكية، وقالا: إن خرج من مكة وجاوز الميقات ثم عاد كان متمتعًا وإن لم يعد إلى أهله، لأنه لما وصل إلى موضع لأهله التمتع التحق بهم، وله أنه باق على السفر الأول ما لم يرجع إلى وطنه وقد انتهى بالفاسدة، وفي كلامه إيماء إلى أنه أفسدها في أشهر الحج بخلاف ما لو أفسدها قبلها ثم خرج قبل أشهر الحج وقضاها فيها وحج من عامة كان متمتعًا، وهذا القيد لا بد منه ليتم الحصر والله الموفق.

(وأيهما) يعني النسكين من الحج أو العمرة (أفسد) الكوفي المتمتع (مضي فيه) لأنه لا يمكنه الخروج عن عهدة الإحرام بالأفعال أي: أفعال الحج فيما إذا أحرم به وأفسده، وأفعال العمرة كذلك وقول بعض الشارحين أي: أفعال العمرة لأن فائت الحج يتحلل بأفعالها ود بما سيأتي أن من أفسد حجه لؤمه شاة وأن يمضي فيه لولا دم عليه) للمتعة، لأنه لا يترفق بأداء نسكين صحيحين، (ولو تمتع) الشخص (وضحى لم يجز) تلك الأضحية (عن) دم (المتعة)، لأنه أتى بغير الواجب عليه إذ لا أضحية على المسافر ولم ينو دم التمتع، والتضحية إنما تجب بالشراء بنيتها أو الإقامة ولم يوجد واحد منهما وعلى فرض وجوبها لم يجب أيضا لأنهما غيران، فإذا نوى عن

ص: 113