الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وولي المجنونة الابن لا الأب.
فصل في الكفاءة
ــ
الأقرب ليترتب عليها بطلان النكاح وبهذا اندفع ما في (البحر) من أنه بعيد عن النظم والمعنى. (وولي المجنونة) والمجنون في النكاح الابن وابنه وإن سفل لا الأبعد عندهما وقدمه محمد وبه أخذ الطحاوي لأنه أوفر شفقة وهما أن هذه الولاية مبنية على العصوبة و (الابن) فيها هو المقدم و (لا) معتبر بزيادة الشفقة كأب الأم مع بعض العصبات أطلق الجنون فعم الأصلي والعارض خلافاً للزفر في الثاني وقيدنا محل الخلاف بالنكاح لأن (الأب) في التصرف في المال مقدم اتفاقاً كما في (التهذيب القلانسي).
فرع
هل لولي المجنون أو المعنوه تزويجه أكثر من واحدة لم أره لأئمتنا والمذكور في كتب الشافعية المنع لاندفاع الضرورة بالواحدة أناطوا ما زاد على الواحدة في الصبي بالحاجة والله الموفق.
فصل في الكفاءة في النكاح
لما كانت شرطاً في اللزوم على الولي إذا عقدت المرأة بنفسها كان اعتبارها فرع وجود الولي فقدم بيان الأولياء ثم أعقبه بيان الكفاءة وهية (بالفتح) والمد مصدر والاسم منه الكف وهو النظير من كافأه إذا ساواه والمراد هنا المساواة في أمور خاصة إذا لم تكن المرأة أدنى حالاً منه لعدم انتظام المصالح/ بينهما إذا كانت أعلى لاستنكاف الشريفة عن أن تكون فراشاً للأدنى بخلاف العكس لأن الزوج المستفرش لاتغيظه دناءة الفراش، ولذا لم تكن الكفاءة معتبرة من جانبها عند الكل كما في (الخبازية) وجعل هذا في (المحيط) و (الظهيرية) قول الإمام واعتبراها في جانبها أيضاً استحساناً نص عليه محمد في (الجامع الصغير) وفي (البناية) عن المرغيناني الكفاءة في النساء غير معتبرة عنده وعندهما معتبرة وروي غير معتبرة، وفي (البدائع) بعد أن ذكر اعتبارها في جانب الرجال خاصة قال ومن مشايخنا من قال: إنها معتبرة في جانب النساء عندهما أيضاً استدلالاً بمسألة (الجامع) وهي ما لو وكله أمير أن يزوجه امرأة فزوجه أمة لغيره جاز عند الإمام خلافاً لهما ولا دلالة فيها على ما زعموا لأن عدم الجواز عندهما يحتمل أن يكون لأن المطلق فيها مقيد بالعرف
من نكحت غير كفء فرق الولي، ورضا البعض كالكل، وقبض المهر ونحوه
ــ
والعادة أو لاعتقاد الكفاءة في تلك المسألة خاصة وقد نص محمد على القياس والاستحسان فيها في وكالة (الأصل) فلم يكن دليلاً على ماذكر و (من نكحت غير كفؤ فرق الولي) العصبة لا غيره وإن لم يكن محرماً كابن العم على الأصح دفعاً للعار عنه لا فرق في ذلك بين أن يكون تزوجها أولاً برضاها ثم طلقها أو لا، ولا بين ما إذا كانت معروفة النسب وقت النكاح أو عرف بعد ذلك حتى لو تزوجت مجهولة النسب بحجام فادعى قرشي أنها ابنته وأثبت نسبها منه كان له أن يفرق بينهما وأضاف التفريق إليه وإن توقف على القضاء لأن الطلب منه هو السبب والقضاء شرط فقط وفيه إيماء إلى صحته فيتوارثان ويقع طلاقه قبل التفريق وهذا هو ظاهر الرواية وقدمنا أن رواية عدم نفاذه هو المفتى بها وهل لها على ظاهر الرواية أو تمنع نفسها من الوطء، ظاهر الجواب لا، واختار الفقيه أن لها ذلك وكثير من المشايخ أفتوا بظاهر الرواية كذا في (الخلاصة)، ولا خفاء أنه على رواية عدم النفاذ يحرم عليها التمكين كما يحرم عليه والوطء ثم على ظاهر الرواية يجب المسمى بالدخول أو الخلوة الصحيحة والنفقة في العدة ولو أبانها بعد الدخول ثم تزوجها بدون رضى الولي أيضاً يجب المهر الثاني والعدة بمجرد العقد عندهما على ما سيأتي في العدة وعلى رواية الحسن يجب مهر واحد وهو الأقل من المسمى ومن مهر المثل ولا نفقة في هذه العدة.
(ورضى البعض) أي: بعض الأولياء المستوين في الدرجة بعد العقد أو قبله (كالكل) عندهما خلافاً للثاني قياساً على الدين المشترك والفرق لهما أن الحق فيه متعدد وهنا واحد غير متجزئ لثبوته بما لا يتجزأ فيثبت الكل على الكمال كولاية الأمان والتقييد بالاستواء في الدرجة يومئ إليه قوله بعض الأوليات إذ الأبعد مع الأقرب ليس ولياً في هذه الحالة حتى لو رضي كان للأبعد التفريق ومن قيد به فإنما أراد زيادة الإيضاح، قيد بالرضى لأن التصديق بالكفاءة من البعض لا يسقط حق الباقين حتى لو صدق أحد الأولياء على أنه كفؤ وأثبت الأخر أنه غير كفؤ كان له طلب التفريق لأن المصدق منكر سبب الوجوب وإنكار سبب وجوب الشيء لا يكون إسقاطاً، كذا في (المبسوط).
قال في (البحر): ولو قال: رضيت بتزويجك من غير كفؤ ولم يعينه أو رضي بعد العقد ولم يعرف الزوج ينبغي أن لا يعتبر هذا الرضى فقد ذكر في (الخانية) مسألة وعللها بأن الرضى بالمجهول لا يتحقق (وقبض المهر) جهزها به أو لا في الأصح (ونحوه) بالدفع على قبض أي: قبض نحوه كالهدية والجر عطف على المهر
رضا لا السكوت. والكفاءة تعتبر نسباً فقريش أكفاء، والعرب أكفاء،
ــ
كالنفقة التي ادعى بها بوكالة منها هذا إذا كان عدم الكفاءة ثابتاً عند القاضي قبل مخاصمته فإن لم يكن لا يكون (رضا) بالنكاح قياساً واستحساناً، كذا في (الذخيرة) (لا السكوت) أي: لا يكون سكوت الولي بعد العلم بالنكاح رضى لأنه محتمل وهذا بإطلاقه شامل لما إذا ولدت فله التفريق، كما في (مبسوط شيخ الإسلام) كذا في (الدراية) لكن جزم الشارح وغيره بعدمه وكأنه هو المعتمد عندهم.
قال في (البحر): وينبغي أن يكون الحبل الظاهر كالولادة (والكفاءة تعتبر نسباً) أي: من حيث النسب في العرب لتفاخرهم بالأنساب دل على ذلك قوله (فقريش)، وهم أولاد النضر سموا بذلك إما تشبيهاً بدابة في (البحر) تدعى قرشاً تأكل دوابه لأنهم من أعظم دواب البر عدة وفخراً ونسباً، أو لأن النضر كان يقرش أي: يفتش عن خلة المحتاج يسدها، أو لأن قريش بن الحارث بن مخلد كان صاحب عيرهم أو لتجارتهم/ والقرش الكسب (أكفاء) أي: بعضهم أكفاء لبعض فلا يعتبر التفاضل فيما بينهم وعن محمد إلا أن يكون نسباً مشهوراً كأهل بيت الخلافة يعني فلا يكافئهم غيرهم من القرشيين أو قال ذلك تسكيناً للفتنة وهذا لأن ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (قريش بعضهم أكفاء لبعض بطن والعرب بعضهم أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة والموالي بعضهم أكفاء لبعض رجل برجل) يقتضي عدم اعتبار التفاضل فيما بينهم ولما كانت الطبقات التي عليها ستاً وهي الشعب بفتح الشين والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة بالشعب أعمها لأنها تجمع القبائل والقبيلة تجمع العمارة والعمارة تجمع البطون والبطن يجمع الأفخاذ والفخذ يجمع الفصائل فربيعة شعب وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصي بطن وهاشم فخذ والعباس فصيلة.
قال عليه الصلاة والسلام: (في قريش بطن ببطن وفي العرب قبيلة بقبيلة) وقد معها بعض الأدباء في قوله:
قبيلة فوقها شعيب وبعدها عمارة .... عمارة ثم بطن تلوه فخذ
وليس يأوي الفتى الأفضلية .... ولا سداد لهم ماله فزر
(والعرب) وهما صنفان عرب عاربة وهم أولاد قحطان وهو أبو اليمن كلهم ومتعربة وهم أولاد إسماعيل عليه السلام وقيل: قحطان من ذرية إسماعيل والعجم أولاد فروخ أخو إسماعيل بعضهم (أكفاء) لبعض قيل: إلا بني باهلة لأن الخساسة والدناءة سيمتهم. وباهلة في الأصل اسم امرأة من همدان والتأنيث للقبيلة سواء كان في الأصل اسم رجل أو امرأة كذا في (الصحاح).
وحرية وإسلاماً،
ــ
قال في (الفتح): ولا يخلو عن نظر لأن النص السابق لم يفصل مع أنه صلى الله عليه وسلم كان أعلم بالعرب وأخلاقهم، وليس كل باهلي كذلك بل فيهم الأجواد وكون القبيلة أو بطن صعاليك فعلوا كذلك لا يسري في حق الكل انتهى. وهذا البحث يعضده إطلاق المصنف ودل كلامه على أن غير العربي لا يكافئ العربي وإن كان حسيباً لكن في (جامع قاضي خان) قالوا: الحسبي يكون كفؤاً للنسب فالعالم العجمي يكون كفؤاً للجاهل العربي والعلوية لأن شرف العلم فوق شرف النسب، وارتضاه في (فتح القدير) وجزم به البزازي وزادوا العالم الفقير يكون كفؤاً للغني الجاهل والوجه فيه ظاهر لأن شرف العلم فوق شرف النسب فشرف المال أولى.
وادعى في (البحر) أن ظاهر الرواية أن العجمي لا يكون كفؤاً للعربية مطلقاً واستدل عليه بما في (المبسوط) أفضل الناس نسباً بنو هاشم ثم قريش ثم العرب لخبر: (إن الله اختار من الناس العرب ومن العرب قريشاً واختار منهم بني هاشم واختارني من بني هاشم) ولا يخفى أن هذا لا دلالة فيه أن كون شرف الحسب يوازي شرف النسب فلا ينافي كون بني هاشم أفضل الناس نسباً ونعم الحسيب قد يراد به المنصب والجاه كما فسر به في (المحيط) عن صدر الإسلام وهذا ليس كفؤاً للعربية كما في (الينابيع)، واقتضى كلامه عدم اعتباره الكفاءة نسباً في الموالي وهم العتقاء والمراد بهم غير العرب وإن لم يمسهم رق لأنهم لا يفتخرون بها لتضييعهم أنسابهم فكان افتخارهم بالدين والي ذلك أشار سلمان رضي الله عنه حين افتخرت الصحابة بالأنساب وانتهى الأمر إليه بقوله:(أبي الإسلام لا أب له سواه) سموا بذلك إما لأن العرب لما افتتحت بلادهم وتركتهم أحرار بعد أن كان لهم الاسترقاق فكأنهم أعتقوا أو لأنهم نصروا العرب على قتل الكفار والناصر يسمى مولى (وحرية) عطف على نساء أي: تعتبر الكفاءة من حيث الحرية أيضاً فلا يكون العبد ولا المعتق كفؤاً للحرة الأصلية.
قال في (التجنيس): ولو كان أبوها معتقاً وأمها حرة الأصل لم يكافئها المعتق وفي (المجتبي) معتقة الشريف لا يكافئها معتق الوضيع (وإسلاماً) فالكتابية لا تكون كفؤاً للمسلم حتى لو وكل رجلاً بالنكاح فزوجه كتابية لم يجز لتقييدها على قولها بالكفاءة، كذا في (الخانية) وهذا إنما يتم على ما قدمناه عنهما من اعتبار الكفاءة في حق النساء أيضاً. أما على عدم اعتبارها فالكفاءة في الإسلام باعتبار الآباء فلا
وأبوان فيهما كالآباء، وديانة،
ــ
يكون من أسلم بنفسه كفؤاً لمن لها أب في الإسلام وهذا في حق العجم لتفاخرهم به لا في حق العرب لأنهم لا يتفاخرون بغير الأنساب فمن كان له أب كافر لو تزوج بمن لها في الإسلام أباً كان كفؤاً.
قال في (الفتح): ولا يبعد أن يكون من أسلم/ بنفسه كفؤاً لمن عتق بنفسه. وفي (القنية) المرتد إذا أسلم يكون كفؤاً لمن لم تجر عليها ردة هذا وأما الكفاءة بين أهل الذمة فغير معتبر بل بعضهم أكفاء فلو ادعى الولي أن الزوج غير كفؤ لم يفرق بينهما قال في (الأصل): إلا أن يكون نسباً مشهوراً كبنت ملكهم إذا خدعها حائك لا لعدم الكفاءة بل لتسكين الفتنة والقاضي مأمور بتسكينها بينهم كما بين المسلمين (وأبوان فيهما) أي: في الحرية والإسلام (كالآباء) هذا ظاهر الرواية وهو الصحيح، كما في (المبسوط) وما عن الثاني من أنه ألحق الواحد بالمثنى فإما رواية عنه أو أنه إنما قال ذلك في موضع لايعد كفر الجد عيباً وهما قالاه في موضع يعد عيباً ويدل على ذلك اتفاقهم على أنه ليس بعيب في العرب لأنهم لا يعيرون بذلك وهذا حسن به ينتفي الخلاف ونظير هذا ما قيل أن اكتفاء الثاني في التعريف في الدعاوي والشهادات بذكر الأب في قرية صغيرة لا يلتبس الاسم فيها وما قالاه من عدم الاكتفاء فيما إذا كانت كبيرة كالمصر (وديانة) عدل عن قول غيره وديناً لأن المراد التقوى لا اتفاق الدين لما مر من أنه شرط لنكاح المسلمة والكلام في شرط الكفاءة.
وأما التساوي في إسلام الآباء فقد مر وفسر في (النقاية) الديانة بالتقوى والصلاح والحسب وهو مكارم الأخلاق واقتصر في (الفتح) على التقوى وكأنه الأقوى، قال في (البحر): وظاهر كلامهم اعتبارها في العرب والعجم انتهى. وأقول: صرح بهذا في (إيضاح الإصلاح) على أنه المذهب وهذا قول الإمام والثاني في الأصح عنه ولم يعتبر محمد الكفاءة فيها وهو رواية عن الإمام ورجحه السرخسي حيث قال: الصحيح من مذهب الإمام أن الكفاءة من حيث الصلاح غير معتبرة. قال في (المحيط): وعليه الفتوى وكذا في (الفتح) وغيره ولم يوجد في الرضوى فكأنه غيره وعلى الأول فلو نكحت امرأة من بنات الصالحين فاسقاً كان للأولياء حق الاعتراض، كذا في (المحيط) وهذا يقتضي اعتبار الصلاح من جهة الأب لا من جهتها واعتبر في (المجمع) صلاحها. وفي (الخانية) قال أبو يوسف: الفاسق إذا كان معلناً يخرج سكراناً لا يكون كفؤاً للصالحة بنت الصالحين.
قال في (البحر): والظاهر أن الصلاح منها أو من آبائها كاف لعدم كون الفاسق
ومالاً، وحرفة،
ــ
كفؤاً لها. ولم أره، وأقول: ما في (الخانية) يقتضي اعتبار الصلاح من حيث الآباء فقط حيث قال: إذا كان الفاسق محترماً معظماً عند الناس كأعوان السلطان يكون كفؤاً لبنات الصالحين ثم قال وقال بعض المشايخ بلخ لا يكون كفؤاً لبنت الصلاح معلناً كان أو لا، وهو اختيار ابن الفضل. وهذا هو الظاهر ويؤيده ما مر عن (المحيط) وحينئذ فلا اعتبار بفسقها والله الموفق.
(ومالاً) أي: تعتبر الكفاءة من حيث المال أيضاً لوقوع التفاخر أيضاً وظاهر الرواية أنه لا يشترط التساوي فيه بل يكفي أن يكون قادراً على المهر المعجل والنفقة والكسوة وإن كانت تطيق الجماع وهو الأصح. والصبي يعد كفؤاً بغنى أبيه في الأصح كما في (المجتبى)، يعني بالنسبة إلى المهر لا بالنسبة إلى النفقة، كذا في (الذخيرة) زاد في (المحيط) وبغناء أمه وجده ولو كان عليه دين يقدر المهر كان كفؤاً لأن له أن يقضي أي: الدينين شاء ولم يشترط بعضهم القدرة على المهر في ذي الجاه واكتفى بالقدرة على النفقة فقيل نفقة شهر وصححه في غريب الرواية.
قال في (المجتبي): والصحيح أنه إن كان قادراً عليها بالكسب يكون كفؤاً ولو قيل: إن كان غير محترف فنفقة شهر وإلا فإن كان يكتسب كل يوم قدر ما يحتاج إليه لكان حسناً ثم رأيته في (الخانية) نقل ما في (المجتبي) عن الإتقاني ثم قال: والأحسن في المحترفين قوله: وإن لم يجد نفقتها لا يكون كفؤاً وهذا يشير إلى ما قلنا. ولو قدر على نفقتها دون نفقته يكون كفؤاً، وإن لم يجد نفقتها لا يكون كفؤاً، ولو فقيرة، كذا في (الذخيرة) (وحرفة) بكسر الحاء سميت بذلك لأنه ينحرف إليها وتسمى صنعة أيضاً كذا في (القاموس). قال في (البحر): والظاهر أنها أعم من الصناعة لأنها العمل الحاصل من التمرن على العمل ولذا عبر بالحرفة دونها.
وأقول: هذا مسطور في (حاشية شرح المواقف) لابن الفناري حيث قال: الصناعة أخص من الحرفة لأنها يحتاج في حصولها إلى طرو آلة وقد يراد بالحرفة ما يقابل الصناعة انتهى. وإنما اعتبرت الكفاءة فيها لأن الناس يتفاخرون بشرفها ويعيرون بدناءتها وهذا قول الإمامين وهو رواية عن أبي حنيفة وهو/ الصحيح كما في (الخانية) وظاهر الرواية عنه عدم اعتبار الكفاءة فيها وجعل الأقطع اعتبارها قول الإمام قال: وعنه لا تعتبر ونحوه في (النافع) وفي (الإسبيجابي) الصناعات المتقاربة أكفاء كالبزاز والعطار بخلاف المتباعدة وعد الخيط مع الدباغ والحجام والكناس
ولو نقصت عن مهر مثلها فللولي أن يفرق بينهم، أو يتم المهر،
ــ
فهؤلاء بعضهم أكفاء بعض ولا يكافئون سائر الحرف. وفي (البناية) عن (الغاية) الكناس والحجام والدباغ والحارس والسائس والراعي والقيم أي: البلان في الحمام ليس كفؤاً لبنت الخياط ولا الخياط لبنت البزاز والتاجر ولا هما لبنت عالم وقاض، والحائك ليس كفؤاً لبنت الدهقان وإن كانت فقيرة وقيل: هو كفؤ انتهى. وقد غلب اسم الدهقان على ذي العقار الكثير كما في (المغرب).
قال في (الفتح): وينبغي أن يكون الحائك كفؤاً للعطار بالإسكندرية لما هناك من اعتبارها وعدم عدها نقصاً البتة إلا أن يقترن بها خساسة غيرها انتهى. وينبغي أن يكون الوظائف من الحرف فيكون صاحبها كفؤاً لبنت التاجر إلا أن تكون دنية كبوابة وسواقة وإن من بيده وظيفة تدريس أو نظر يكون كفؤاً لبنت الأمير بمصر كذا في (البحر) وفي (المحيط) وغيره وههنا خساسة هي أخس من الكل وهو الذي يخدم الظلمة يدعى شاكرباه تابعاً وإن كان ذا مروءة ومال، وصرح في (الظهيرية) بأن بعض هؤلاء أكفاء لبعض قال في (البناية): قلت في مصر جنس هو أخس من كل جنس وهم الطائفة الذين يسمون بالسريانية. واعلم بأنهم صرحوا بأن العبرة لكونه كفؤاً وقت التزوج، فلو كان دباغاً ثم صار تاجراً ينبغي أن يكون كفؤاً لبنت التاجر الأصلي لكن قولهم كما في (المجتبي) بأن الصنعة وإن أمكن تركها يبقى عارها يخالفه، كذا في (البحر). وأقول: المخالفة مبنية على تسليم كونه كفؤاً ولقائل منعه لقيام المانع به وهو بقاء عار الحرفة السابقة واعتبارها وقت العقد معناه أنه لو كان وقته كفؤاً ثم صار عاجزاً إذا عري لا ينفسخ النكاح كما صرح به غير واحد ولو قيل: بأنه إن بقي عارها لم يكن كفؤاً إلا بأن ينسى أمرها لتقادم زمانها كان كفؤاً لكان حسناً. تتميم: لم يذكر العقل لعدم اعتبارها في الكفاءة عندنا كسائر الأمراض وهذا أحد القولين وقيل: يعتبر لأنه يفوت مقاصد النكاح فكان أشد من الفقرة ودناءة الحرفة وينبغي اعتماده لأن الناس يعيرون بتزويج المجنون أكثر من ذي الحرفة الدنية وفي (البناية) عن المرغيناني لا يكون المجنون كفؤاً للعاقلة وعند بقية الأئمة هو من العيوب التي يفسخ بها النكاح نعم لا عبرة بالجمال كما في (الخانية).
(و) لا بالبلد فالقروي كفؤاً للمدني (لو نقصت) من زوجت نفسها (عن مهر مثلها للولي) وهو العصبة على ما مر لا غيره من الأقارب ولا القاضي لو كانت سفيهة كما في (الذخيرة)(أن يفرق بينهما) فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها وبعده ولو حكماً لها المسمى (أو يتم المهر) أي: مهر مثلها فالثابت له أحد أمرين وهو فرع قيام مكنه كل واحد منهما حتى لو لم يعلم حتى ماتت ليس له المطالبة بتكميل مهر
ولو زوج طفله غير كفء،
ــ
المثل هذا قول الإمام وقالا: ليس له ذلك لأن الزائد على العشرة حقها ولا اعتراض على من أسقط كما في الإبراء وله أن الأولياء يفتخرون بغلاء المهر ويتعيرون بنقصانه فأشبه الكفاءة ولا يتعيرون بالإبراء ثم أن نسبة هذا إلى محمد إنما تصح على اعتبار قوله المرجوع إليه في الكفاءة بغير ولي وهذه شهادة صادقة عليه، كذا في (الهداية) وفي هذه الشهادة طعن وذلك أن المسألة كما هنا هي في (الجامع الصغير) ورجوعه قبل موته بسبعة أيام ومعلوم أن وضع (الجامع) سابق، وحينئذ فيتعين أن يكون وضع المسألة فيما إذا أذن لها الولي في النكاح ولم يسم مهراً فعقدت على هذا الوجه أو أكره على تزويجها بمهر قليل ثم زال الإكراه ورضيت المرأة بدونه ليتأتى ذكر الخلاف.
(ولو زوج) الأب أو الجد (طفله) أي: ولده الصغير ذكراً كان أو أنثى (غير كفؤ) بأن زوج الذكر أمة أو الأنثى عبداً أو زوجه بغبن فاحش بأن نقص من مهرها أو زاد في مهره صح النكاح عند الإمام ولزم الصغير سواء كان موسراً أو معسراً والأصح عندهما أنه لا يصح لأن الولاية مقيدة بشرط النظر فعند فواته يبطل العقد وله أن الحكم يدار على دليله وهو القرابة والإعراض عن الكفاءة لمصلحة تفوقها وفي النكاح مقاصد تربو على المهر وهذا موافق لما قدمناه عن (المحيط) وغيره من اعتبار الكفاءة في جانبها مخالف لما مر عن (الخبازية) من عدم اعتبارها عند الكل قال/ في (الحواشي السعدية) ولعلهما يعتبران الكفاءة بالحرية من جانبها دون غيرها لأن رقبة الزوجة تتبع رقبة أولادها انتهى.
وهذا يرشد إليه تصويرهم المسألة بما إذا زوجه أمة إلا أن الظاهر اعتبارها في جانبها عندهما مطلقاً على ما مر. بقي أن إطلاق المصنف كغيره يفيد أن لا فرق في الصحة على قوله بين أن يزوجها ممن ليس له في الإسلام أب أو من دني الحرفة أو من فقير أو فاسق واستثنى في (فتح القدير) الديانة لما قالوه من أن الأب لو كان معروفاً بسوء الاختيار مجانة، وفسقاً كان العقد باطلاً على قول الإمام على الصحيح ومن زوج ابنته القابلة للتخلق بالشر والخير ممن يعرف أنه شرير فاسق ظهر سوء اختياره ولأن ترك النظر هنا مقطوع به فلا يعارض ظهوره إرادة مصلحة تفوق ذلك نظراً إلى شفقة الأبوة.
قال في (البحر): وظاهر كلامهم أنه إن كان معروفاً بسوء الاختيار لم يصح عقده بغبن فاحش ولا من غير كفؤ سواء كان عدم الكفاءة بسبب الفسق أم لا فقصره في (الفتح) على الفاسق مما لا ينبغي.