المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب النكاح ــ بسم الله الرحمن الرحيم كتاب النكاح لما فرغ من العبادات شرع - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٢

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصوم

- ‌باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده

- ‌ فرع

- ‌فصل في العوارض

- ‌ فروع

- ‌ فصل في النذر

- ‌كتاب الحج

- ‌باب الإحرام

- ‌فصل

- ‌فرع

- ‌باب القران

- ‌باب التمتع

- ‌باب الجنايات

- ‌فصل

- ‌ فصل في جزاء الصيد

- ‌باب مجاوزة الميقات بغير إحرام

- ‌باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

- ‌باب الإحصار

- ‌باب الفوات

- ‌باب الحج عن الغير

- ‌باب الهدي

- ‌مسائل منثورة

- ‌كتاب النكاح

- ‌فصل في المحرمات

- ‌باب الأولياء والأكفاء

- ‌فصل في الكفاءة

- ‌فرع

- ‌فصل في الوكالة

- ‌باب المهر

- ‌باب نكاح الرقيق

- ‌باب نكاح الكافر

- ‌باب القسم

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان

- ‌فصل في الطلاق قبل الدخول

- ‌باب تفويض الطلاق

- ‌فصل في الأمر باليد

- ‌فصل في المشيئة

- ‌باب التعليق

- ‌باب طلاق المريض

- ‌باب الرجعة

- ‌فصل فيما تحل به المطلقة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الخلع

- ‌فرع

- ‌باب الظهار

- ‌فصل في الكفارة

- ‌باب اللعان

- ‌فرع

- ‌باب العنين وغيره

- ‌باب العدة

- ‌فرع

- ‌فصل في الإحداد

- ‌باب ثبوت النسب

- ‌باب الحضانة

- ‌باب النفقة

الفصل: ‌ ‌كتاب النكاح ــ بسم الله الرحمن الرحيم كتاب النكاح لما فرغ من العبادات شرع

‌كتاب النكاح

ــ

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب النكاح

لما فرغ من العبادات شرع في المعاملات لأن بها بقاء العاملين وقدم النكاح لأنه أقرب إليها حتى كان الاشتغال به أفضل من التخلي لنوافل العبادة أي: الاشتغال بالنكاح وما يشتمل عليه من القيام بالمصالح وإعفاف الحرام عن نفسه وتربية الولد ونحو ذلك، وأورد الجهاد فإنه عبادة حتى ذكره بعضهم عقيب العبادات قبل النكاح وقد أخره، وأجيب بأن النكاح سبب لما هو المقصود منه وزيادة فإنه سبب لوجود المسلم والإسلام، والجهاد سبب للإسلام فقط، ورده (بالفتح) بأن الجهاد سبب لهما أيضاً إذ نقل الموصوف من صفة إلى صفة أعني من الكفر إلى الإسلام يصح قولنا: إنه سبب لوجود المسلم والإسلام لكنه لا نسبة بينهما في تحصيل ذلك، فإنه يحصل بأنكحة أفراد المسلمين إلى أضعاف ما يحصل بالقتال إذ الغالب حصول القتل به أو الذمة فقدم الأكثرية انتهى.

وحاصله أن الذات المتصفة بالإسلام لم تكن موجودة فقد يمنع بأن المتجدد إنما هو الصفة فقط على أنه يرد الوقف، ولو قيل: إن العبادات علم بالغلبة على تلك الأركان الربعة لكان حسناً واندفع إيراد الجهاد والوقف ومنهم من قدم البيع نظراً إلى بساطته والأكثر على الأول إذ قد اجتمع فيه دواعي الشرع والعقل والطبع قال في (العناية): ولم تجتمع في حكم من أحكام الشرع غيره ونقضه في (الحواشي السعدية) بالأكل والشرب انتهى.

وقد يقال: المراد في حكم هو المعاملات إذ الكلام فيها، واختلف في مفهومه لغة فقيل: إنه مشترك لفظي بين الوطء والعقد، وأيده في (غاية البيان) بأن الأصل في الكلام الحقيقة والمشترك مستعمل في الموضوع الأصلي، وقيل: حقيقة في العقد مجاز في الوطء وهو أصح أقاويل الشافعي، وقيل: عكسه وعليه مشايخنا، وقالوا: إنه حقيقة في الضم أيضاً ولا منافاة بين كلامهم، إذ الوطء من أفراد الضم والموضوع للأعم حقيقة في كل فرد من أفراده كإنسان في زيد ثم أفراد الضم تختلف شدة وضعفاً فلفظ النكاح من المشكل كذا في (الفتح) وعورض بما في (المغرب) النكاح الوطء وإطلاقه على العقد مجاز وقولهم: النكاح الضم مجاز أيضاً، إلا أن هذا

ص: 173

هو عقد يرد على ملك المتعة قصداً،

ــ

من تسمية السبب باسم المسبب والأول عكسه انتهى. يعني أن النكاح بمعنى الوطء سبب للضم والضم مسبب عنه، وأطلق السبب على المسبب والعكس ظاهر، وقد يمنع بأن الوطء نفسه ضم وقد جعل صاحب (المحيط) الضم أعم من ضم الجسم إلى الجسم والقول إلى القول فيكون مشتركاً معنوياً أيضاً غير أن المتبادر من لفظ الضم تعلقه بالأجسام لا الأقوال لأنها أعراض يتلاشى الأول منها قبل وجود الثاني فلا يصادف الثاني منها ما ينضم إليه، إلا أن قولهم الحقيقة والمجاز أولى من الاشتراك يرجح ما في (المغرب) وأن إطلاقه يعم المعنوي أيضاً وأما مفهومه عرفاً/ ما أفاده بقوله:(هو عقد) أي: مجموع إيجاب وقبول ولو حكماً فهو عندهم حقيقة وبه صرح في (المجتبي) وغيره فقول الشارح: هذا تفسيره يجب أن يراد به عرف أهل الشرع، إلا أن الشارع نقله فإنه لم يثبت وإنما تكلم به على وفق اللغة فحيث جاء في الكتاب والسنة مجرداً عن القرائن يحمل على الوطء كما في {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} [النساء: 22] حتى أثبتوا بهذه الآية حرمة مزنية الأب على الابن، (يرد) أي: يفيد ولو عبر به أو قال يثبت لكان أظهر كذا في (البحر) والأقرب أن يكون بمعنى يأتي.

قال الجوهري: الورود خلاف الصدر انتهى. أي: الرجوع وعلى تعليلته أي: يأتي وضعاً لكذا (على ملك المتعة) أي: لملكها وهو اختصاص الزوج ببعضها أو سائر أعضائها استمتاعاً أو ملك الذات أو النفس في حق المتمتع كذا في (البدائع) وفي (سراج الدبوسي) اختلفوا في أن هذا الملك في حكم ملك العين أو المتعة قال أصحابنا بالأول والشافعي بالثاني وأجمعوا على أن جميع أجزائها ومنافعها لها واستدل لأصحابنا بجواز نكاح المرضعة أي: الصغيرة ولا متعة وطء فيها، ولا يرد ما لو وطئت بشبهة فإن البدل لها ولو ملك العين لكان له لأن هذا الملك ليس حقيقياً بل في حكمه في حق تحليل الوطء دون ما سواه من الأحكام التي لا تتصل بحق الزوجية، والظاهر أن الخلاف لفظي وإذا عرف هذا فما في (البحر) من أن المراد بالملك الحل لا الملك الشرعي لأن المنكوحة لو وطئت بشبهة كان العقر، ولو ملك الانتفاع ببعضها حقيقة لكان بدله فيه نظر، بل يملك الانتفاع به حقيقة ولا يلزم ذلك لما مر، قصداً خرج به شراء الأمة للتسري فإن الشارع إنما وضع هذا العقد لتملك المنفعة بالأنثى (قصداً) وتملك المنفعة في شراء الأمة ضمني وإن قصده التسري والمقصود إنما هو ملك الرقبة ومن ثم صح شراء المشتركة ونحوها دون نكاحها وقد اشتمل التعريف على العلل الأربع، فالإيجاب والقبول في العقد علة مادية وكل من

ص: 174

وهو سنة وعند التوقان واجب،

ــ

الموجب والقائل علة فاعلية، والعقد الحاصل علة صورية، وملك الاستمتاع هو العلة الفائتة ولا خفاء في تقديمها ذهناً وإن تأخرت خارجاً وسببه تعلق البقاء المقدر بتعاطيه على الوجه الأكمل، وشرطه العام الأهلية والعقل والبلوغ.

قال في (الفتح): وينبغي أن يزاد في الوطء لا في الزوج والزوجة، ولا في متولي العقد فإن تزويج الصغير والصغيرة جائز وتوكيل الصبي الذي يعقد العقد وقصده جائز في البيع، وصحته هنا أولى، وأما الحرية فشرط النفاذ بلا إذن أحد انتهى، لكن في (النهاية) من قول شرطه العام في تنفيذ كل تصرف دائر بين النفع والضرر إلى آخره يفيد أن هذا شرط النفاد في العاقد نفسه، ومن ثم توقف نكاح الصغير والصغيرة إذا عقدا لأنفسهما مميزين لا إن كانا غير مميزين، ومنه أيضاً المحلية وجعلها في (المحيط) من الخاصة والأول أولى، وهي امرأة لم يمنع من نكاحها مانع شرعي فخرج الذكر والخنثى المشكل أيضاً لجواز أن يكون ذكراً، وبقوله لم يمنع إلى آخره الجنية فلا يجوز نكاحها وأجاز الحسن بشهود كذا في (القنية) والمحارم أيضاً، وسقوط الحد عند الإمام بوطء محرمة بعد العقد لما أنها محل في الجملة، بدليل حلها لغيره ولم يسقطاه نظراً إلى سلب محليتها قال في (الخلاصة): وعليه الفتوى والخاص سماع اثنين بوصف خاص للإيجاب والقبول وركنه الإيجاب والقبول، ولو حكماً وحكمه حل استمتاع كل منهما بالآخر على الوجه المأذون فيه وأما صفته فنبه عليها بقوله:(وهو) أي: النكاح (سنة) مؤكدة على الأصح يعني: حالة الاعتدال بدليل جعل التوقان مقابلاً، وهو القدرة على المهر والنفقة والوطء مع عدم الخوف من الزنا والجور وترك الفرائض والسنن، وقال بعض مشايخنا: إنه فرض كفاية وقيل: بل واجب على الكفاية وقيل: على التعيين وينبغي ترجيحه لثبوت المواظبة عليه، والإنكار على من رغب عنه ولهذا يضعف القول باستحبابه جداً، لكن في (الفتح) كثيراً ما تساهل في إطلاقه على السنة.

(وعند التوقان) مصدر واقت نفسه إلى كذا اشتاقت من حد طلب كذا في (المغرب) والمراد شدة الاشتياق كما في (الشرح) بحيث يخاف الوقوع في الزنا لو لم يتزوج لا أصله ليصح قوله: (واجب) أي: لازم إذ لا وجوب لو لم يصل إلى هذه الحالة غير أنه إن كان بحيث أنه لا يمكنه الاحتراز عنه إلا به كان فرضاً كما في (النهاية) وإلا كان واجباً لأن ترك الزنا واجب وما لا يتوصل إلى الواجب إلا به يكون واجباً كوجوبه كذا قالوا: وفيه نظر إذ الترك قد يكون بغير النكاح وهو التسري

ص: 175

وينعقد بإيجاب وقبول

ــ

وحينئذ فلا يلزم وجوبه إلا لو/ فرضنا المسألة بأنه ليس قادراً عليه ومع عدم القدرة عليه لابد في الوجوب من القدرة على المهر والنفقة وأن لا يخاف الجور أي: الظلم فإن خافه بحيث لا يمكنه الاحتراز عنه وإلا كره ولم

منه لأنه ليس من صفاته الخاصة.

تتميم: يندب تقديم خطبة قبل عقد النكاح وأن يكون طاهراً وإن ندب كونه في المسجد يوم الجمعة وأن يتولى العقد ولي رشيد، وأن يكون الشهود عدولاً وأن يستدين له والنظر إلى الزوجة قبله سنة، ويحترز الشهوة ما أمكن، وينبغي أن يتزوج صالحة معروفة النسب في الحسب والديانة وأن يتزوج ما من هي فوقه في الخلق والأدب والورع والجمال، ودونه في العز والحرمة والحسب والمال والسن والقامة، ويجتنب الحسناء في المنبت السوء، ولا يتزوج امرأة لعزها وحسبها ومالها وجمالها ولا يتزوج طويلة مهزولة ولا قصيرة ذميمة، ولا مكثرة ولا سيئة الخلق، ولا ذات ولد، ولا مسنة ولا زانية ولا أمة مع طول الحرة ولا حرة بلا ولي ويختار أيسرهن خطبة، ونكاح البكر حسن، هذا واختلف في كراهة الزفاف والمختار عدم كراهته، إذا لم يشتمل على مفسدة دينية، وفي ضرب الدف منه يعني بما خلا عن الجلاجل، وفي الغناء في العرس والوليمة، ومنهم من قال: بعدم الكراهة كذا في (الذخيرة) وينبغي للمرأة أن تختار الزوج الدين الحسن الخلق الجواد الموسر، والله الميسر.

(وينعقد) أي: يثبت انعقاد ذلك العقد الخاص (بإيجاب وقبول) والانعقاد ارتباط أحد الكلامين بالآخر على وجه يسمى باعتباره عقداً شرعياً متعقباً لأحكامه وذلك بوقوع الثاني جواباً معتبراً محققاً لفرض الكلام السابق ويسمع كل واحد من المتعاقدين كلام صاحبه كذا في (الفتح) وفي البيوع منه قال: أي يثبت حكمه بالإيجاب والقبول ليلائم ما مر من تفسير العقد بمجموع الإيجاب والقبول فيما عين لا غير، كما قد يتبادر النهي وقال صدر الشريعة: العقد ربط أجزاء التصرف أي الإيجاب والقبول شرعاً أريد به هنا الحاصل بالمصدر وهو الارتباط وإنما قلنا هذا لأن الشارع يعتبر الإيجاب والقبول أركان عقد النكاح، لا أمور خارجية كالشرائط، وقد ذكرت في شرح (التنقيح) في فصل النهي: كالبيع فإن الشرع يحكم بالإيجاب والقبول الموجودين حساً يرتبطان ويحصل معنى شرعي يكون ملك المشتري أثراً له، وذلك المعنى المركب من الإيجاب والقبول مع ذلك الارتباط للشيء لا أن البيع مجرد المعنى الشرعي والإيجاب والقبول آلة له كما توهم البعض، لأن كونهما أركاناً ينافي ذلك انتهى، والعقد في صدر كلامه بمعنى الانعقاد، والإيجاب لغة الإثبات وعرفاً الصيغة الصالحة لإفادة ذلك العقد بقيد كونها أولاً، والقبول من قبلت العقد

ص: 176

وضعاً للمضي، أو أحدهما،

ــ

أقبله قبولاً مقيداً في العرف بكونه ثانياً من أي جانب كان، فما قيل الإيجاب صدر الصيغة الصالحة لتلك الإفادة خلاف الواقع من العرف المشهور مع أنه غير مانع لصدقة على القبول وبهذا عرف أنه لا يتصور تقديم القبول على الإيجاب فقول من قال: لو قدم القبول على الإيجاب بأن قال: تزوجت ابنتك فقال: زوجتها أي: ينعقد النكاح كما في (البحر) ينعقد ممنوع كونه من تقديم الإيجاب (وضعا) نبه بذلك على أن القبول لا يكون بالفعل فلو قال عند شاهدين: تزوجتك بألف فلم تقل شيئاً حتى أعطاها المهر في المجلس لا ينعقد وما أجاب به صاحب (البداية) من أنه ينعقد أنكره صاحب (المحيط) للمضي قيل: لأن الوضع لم يضع للإنشاء لفظاً خاصاً وإنما عرف بالشرع والماضي أدل على التحقق والثبوت، وقيل: إن هذا الصيغ أي: تزوجت وطلقت وأعتقت وبعت واشتريت وضعت لغة للإنشاء والإخبار لأن ذلك كان معروفاً في الجاهلية لتحقق الحاجة إليه لأن لهم أنكحة معتبرة قال عليه الصلاة والسلام: (ولدت من نكاح لا من سفاح) فقره الشرع كذا في (الدراية) أو وضع (للمضي) والآخرة لغيره مستقبلاً كالأمر.

(أو) حالاً كالمضارع بناء على أنه موضوع له، أما الأول فكما إذا قال: زوجيني نفسك أو كوني امرأتي فقالت: زوجتك أو قبلت أو بالسمع والطاعة كما في (النوادر) وجزم به البزازي وادعى في (شرح الدرر) أن ما زعمه المصنف من أن الأمر إيجاب مخالف للكتب، بل هو توكيل كما في (الهداية) وهو مردود لوجهين الأول أن ما في (الكتاب) ليس نصاً في أنه إيجاب أن كون (أحدهما) للماضي يصدق بكون الثاني للحال، الثاني سلمناه لكن لا نسلم أنه مخالف لكلامهم كيف وقد صرح في (الخلاصة) و (الخانية) بأنه إيجاب وعبارته في (الخانية) ولفظة الأمر في النكاح إيجاب وكذا في الخلع والطلاق والكفالة والهبة قال في (الفتح): وهو أحسن لأن الإيجاب ليس إلا اللفظ/ المفيد تحقق المعنى أو لا، وهو صادق على لفظة الأمر فليكن إيجاباً مستغن عما أورد من أنه لو كان توكيلاً لما اقتصر على المجلس، وجوابه بأنه في ضمن الأمر بالفعل فيكون قبوله تحصيل الفعل في المجلس، ثم قال: والظاهر أنه لابد من اعتباره توكيلاً وإلا بقي طلب الفرق بين النكاح والبيع حيث لا يتم بقوله بعنيه بكذا فيقول: بعت بلا جواب قال في (البحر): إنه يرد على كونه إيجاباً ما في (الخلاصة) لو قال الوكيل بالنكاح: هب ابنتك لفلان فقال الأب: وهبت لا ينعقد النكاح ما لم يقل الوكيل بعده قبلت معللاً بأن الوكيل لا يملك التوكيل انتهى.

ص: 177

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لكن في بيوع (الفتح) الفرق بين النكاح والبيع على أن الأمر إيجاب أن النكاح لا يدخله المساومة لأنه لا يكون إلا بعد مقدمات ومراجعات فكان للتحقيق، بخلاف البيع وما في (الخلاصة) مفرع على أنه توكيل كما دل عليه التعليل وينبغي على أنه إيجاب أن لا يحتاج إلى القبول وما في (الظهيرية) لو قال: هب بنتك لابني فقال: وهبت لا يصح ما لم يقل أبو الصغير قبلت مشكل إذا لا يصح أن يفرع على أن الأمر إيجاب كما هو ظاهر ولا على أنه توكيل لما أنه يجوز للأب أن يوكل بنكاح ابنه الصغير، إذ بتقريره يكون تمام العقد بالمجيب غير متوقف على قبول الأب بعد وبه اندفع ما في (البحر) من أنه مفرع على أنه توكيل وإذا كان التمام قائماً بالمجيب فقط فينبغي أن لا يشترط سماع الشاهد للأمر وعلى أنه إيجاب يشترط لكن في (المعراج) عن حميد الدين تفريعاً على أن الأمر توكيل إن قوله زوجت بمنزلة الإيجاب والقبول فيتحقق شطري العقد لكن قوله زوجت بمنزلة شطري العقد إلا بقوله زوجني لأنه به يصير وكيلاً، فصار كأنه شطر العقد انتهى.

وهذا ظاهر في اشتراط سماع الشاهدين بلفظ الأمر قال في (البحر): ورأيت في (الظهيرية) ما يدل على عدم اشتراطه قال: في النكاح بالكتابة سواء قال: زوجي نفسك مني فبلغها الكتاب فقالت: زوجت أو كتب تزوجت فبلغها فقالت: زوجت نفسي منك، لكن في الوجه الأول لا يشترط إعلامه الشهود وفي الوجه الثاني يشترط، وأما الثاني وهو المضارع فإن كان مبدوءاً بالهمزة كأتزوجك أو بالتاء كتزوجني نفسك فقبلت انعقد إن لم يقصد به الاستقبال لتحقق الاحتمال في هذا بخلاف الأول.

قال الإسبيجابي ولو قال: هل أعطيتنيها فقال: أعطيتك إن كان المجلس للوعد فوعد، وإلا فنكاح والانعقاد بقوله: أنا متزوجك ينبغي أن يكون كالمضارع المبدوء بالهمز كذا في (الفتح) ولم يذكروا المضارع المبدوء بالنون كتزوجك أو نزوجك من ابني، وينبغي أن يكون كالمبدوء بالهمز، واعلم أن للإيجاب والقبول شرائط اتحاد المجلس فلو اختلف لم ينعقد بأن أوجب أحدهما فقام الآخر قبل القبول واشتغل بعمل آخر، ومنه ما لو عقدا وهما يمشيان ويسيران على دابة بخلاف ما لو كانا في سفينة، وعدم مخالفة القبول للإيجاب فلو قالت: قبلت النكاح لا المهر لم يصح كما في (البزازية) وغيرها بخلاف ما لو زوجت نفسها منه بألف فقبله بألفين أو بخمسمائة صح وتوقف لزوم الزيادة على قبولها في المجلس على ما عليه الفتوى، وسماع كل منهم كلام صاحبه على ما مر وأن يضيف النكاح إلى كلها أو ما يعبر به

ص: 178

وإنما يصح بلفظ النكاح، والتزويج، وما وضع لتمليك العين في الحال

ــ

عن الكل كالرأس والرقبة بخلاف اليد والرجل وفي الظهر خلاف والأشبه بمذهب أصحابنا أنه ينعقد كذا في (الذخيرة) ورجحوا في الطلاق عدم الوقوع فيحتاج إلى الفرق والأصح في الإضافة إلى نصفها عدم الصحة احتياطاً كما في (الخانية) وفي (المحيط) زوج ابنته منه على أن يكون نصفها لفلان لا رواية في المسألة وقد قيل: إنه يجوز وإنه لا يجوز، وأن تعلم المنكوحة فلو زوج ابنته منه وله بنتان لا يصح إلا إذا كانت إحداهما متزوجة فينصرف إلى الفارغة كما في (البزازية) ولو كان له كبرى تدعى زينب وصغرى تدعى فاطمة أراد تزويج الكبرى غير أنه سماها باسم الصغرى غلطاً انعقد على الصغرى ولو كان لبنته اسمان تزوج بالذي تعرف به قال في (الظهيرية): والأصح عندي أنه يجمع بينهما، وفي اشتراط الفهم خلاف فلو عقداه بلفظ لا يفهمان أنه نكاح قيل: ينعقد وكذا في تمييز الرجل من المرأة حتى لو قال والد أحد الصغيرين زوجت ابنتي هذه من ابنك هذا وقبله الآخر ثم ظهر أن الجارية غلام والغلام جارية انعقد خلافاً لما ذكره العتابي، وخرج بالإيجاب والقبول الإقرار فلو قالت: هو زوجي وقال: نعم عندي شاهدين لم ينعقد هو المختار كما في (الخلاصة) ورجح في (الذخيرة) / انعقاد واختاره ابن الفضل.

فرع: النكاح المضاف كقوله زوجتكها غداً غير صحيح، أما المعلق فإن كان على أمر مضى صح لأنه معلوم للحال، وعليه فرع ما لو خطبت ابنته فأخبر أنه زوجها من فلان قبل هذا فكذبه فقال: إن لم أكن زوجتها منه فقد زوجتها من ابنك وقبل الأبوين عند الشهود فبان أنه لم يكن زوجها من أحد صح النكاح كذا في (الفتح).

(وإنما يصح) عقد النكاح (بلفظ النكاح والتزويج) بلا خلاف، (وما) أي: باللفظ الذي (وضع لتمليك العين في الحال) لأن نكاحه عليه الصلاة والسلام انعقد بلفظ الهبة إجماعاً دل على ذلك قوله تعالى: {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي} [الأحزاب: 50] الآية كذا في (غاية البيان) لكن في (المنبع) اختلف العلماء هل كانت عنده صلى الله عليه وسلم فقال ابن عباس: لم يكن وإنما ذاك على طريق الشرط والجزاء وقال غيره: بل كانت ثمن اختلفوا في اسمها فقيل: أم شريك وقيل: غيرها وخالصة يرجع إلى عدم المهر بقرينة العطف على المحللات المأتي أجورهن، قوله:{إنا أحللنا لك} [الأحزاب: 50] الآية والتعليل ينفي الحرج إذ ليس هو في ترك لفظ إلى غيره خصوصاً بالنسبة إلى أفصح العرب وجوز صدر الشريعة كونه متعلقاً بأحللنا قيداً في إحلاله أزواجه له لإفادة عدم حلهن لغيره صلى الله عليه وسلم، يعني: أنه حال من المفعول أعني أزواجك وهذا أولى مما في (المنبع) من أنه حال من الضمير في

ص: 179

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهبت قيد في حلها له لإفادة عدم حلها لغيره، لأن هذا الحكم لا يخصها ولأن الهبة سبب لملك المتعة وإطلاق السبب وإرادة المسبب من طرق المجاز، واعلم أن الألفاظ التي ينعقد بهما النكاح نوعان صريح وكناية فالصريح لفظ النكاح والتزويج ما عداهما وهو ما يفيد ملك العين في الحال كناية كذا في (المبسوط) وغيره، ومن ثم أورد كيف يصح بهذه الألفاظ مع اشتراط الشهادة فيه والكناية لابد فيها من النية ولا اطلاع للشهود عليها وأجيب بأنها ليست بشرط مع ذكر المهر قال السرخسي: ولأن كلامنا فيما إذا صرحا به ولم يبق احتمال، وعلى هذا قالوا: لو طلب الزنا من امرأة فقالت: أجرت نفسي منك قيل: ينعقد وقيل: لا ينعقد وفي (الدراية) في تصوير الانعقاد بلفظ الإجارة عند من يجيزه أن يقول: أجرت نفسي منك ونوى به النكاح وأعلم الشهود.

ولو قال أبو البنت وهبت بنتي منك، فإن كان الحال يدل على النكاح مع إحضار الشهود وتسمية المهر مؤجلاً أو معجلاً ينصرف إلى النكاح، وإن لم يدل الحال عليه فإن نوى وصدقه الموهوب له فكذلك وإن لم ينو ينصرف إلى ملك الرقبة قال في (الفتح): والظاهر أنه إذا لم يدل الحال فلابد مع النية من إعلام الشهود وإذا عرف هذا فلا خلاف في انعقاده بلفظ الهبة والصدقة والجعل والسلم إن جعلت المرأة رأس مال السلم فلو كانت مسلماً فيها قيل: لا ينعقد لأن السلم في الحيوان لا يصح، وقيل: ينعقد لأنه إذا اتصل به القبض أفاد ملك الرقبة ملكاً فاسداً وليس كل ما يفسد المعنى الحقيقي للفظ يفسد مجازيه لعدم اشتراك المفسد فيها، والمنقول عن الإمام من انعقاده بكل لفظ يملك به الرقاب يؤيده، وعلى هذا فقولهم: الأصح انعقاده بلفظ البيع والشراء يعني ولو فاسداً وفي الصرف والقرض والصلح والرهن قولان وينبغي ترجيح انعقاده بالصرف عملاً بالكلية لما أنه يفيد ملك العين في الجملة، وبه ترجيح ما في (الصيرفية) من تصحيح انعقاده بالقرض وإن رجح في (الكشف) وغيره عدمه وجزم السرخسي بانعقاده بالصلح والعطية ولم يحك الإتقاني غيره ورجح في (الولوالجية) عدم انعقاده بلفظ الرهن وهو الموافق للكلية وجعله في (فتح القدير) من القسم الذي لا خلاف في عدم الانعقاد به والواقع ثبوته ففي (البناية) وفي الرهن اختلاف المشايخ وخرج بما وضع للتمليك ما لم يوضع أصلا كالفداء والإجزاء والفسخ والإقالة والكتابة والتمتع والإباحة والإحلال والرضى والإجارة بالرأي والوديعة والخلع.

وأقول: وينبغي أن يقيد بما إذا لم تجعل بدل الخلع فإن جعلت كما إذا قال أجنبي: اخلع زوجتك ببنتي هذه فقبل صح أخذاً من قولهم لا ينعقد بلفظ الإجارة

ص: 180

عند حرين، أو حر وحرتين

ــ

في الأصح إن جعلت المرأة مستأجرة أما إذا جعلت بدل إجارة كما إذا قالت: استأجرت دارك هذه ببنتي هذه ينبغي أن/ لا يختلف في جوازه لأنه أضافه إليها بلفظ تملك به الرقاب وقيد بالتمليك بالعين أي: كلها احتراز عن الشركة فلا ينعقد بها كما في (الظهيرية) ولا بما يفيد ملك المتعة كالعارية، وخرج بقوله: في الحال الوصية لأنها توجب ملكاً مضافاً إلى ما بعد الموت، ولو صرح بالنكاح إلى ما بعد الموت لا يصح لأنه زمان زوال ملكه لا زمان ثبوته، وعن هذا قيد الكرخي المسألة بما إذا أطلق أو أضاف أما إذا قال: أوصيت لك ببنتي الآن انعقد لأنه حينئذ صار مجازاً عن التمليك وارتضاه غير واحد.

قال في (الفتح): وينبغي أن لا يختلف في صحته حينئذ وخالفهم في (البحر) فقال: المعتمد الإطلاق لأن الوصية مجاز عن التمليك فلو انعقد بها لكان مجازاً عن النكاح والمجاز لا مجاز له، واعلم أن كل لفظ لا ينعقد به النكاح تثبت به الشبهة فيسقط به الحد ويجب لها الأقل من المسمى ومن مهر المثل، هذا ويرد على حصر المصنف ألفاظ ينعقد بها النكاح غير ما ذكر كراجعتك إن ذكر المال كما في (الخانية) زاد في (التجنيس) أو نوى الزوج وخصه بعضهم بالمبانة دون الأجنبية كرددتك واستحسنه في (فتح القدير) وعرستك نفسي كما في (الخانية) وفي (التاترخانية) لو قال لها: يا عرسي فقالت: لبيك كان نكاحاً قال بديع الدين: هذا خلاف ظاهر الرواية ولو قال له: زوج ابنتك مني فقال أبوها بمحضر من الشهود: ارفعها واذهب بها حيث شئت قال ابن الفضل يكون نكاحاً وجزم في (الولوالجية) بعدمه لاحتمال الوعد ولو قال: جئتك خاطباً فقال الأب: ملكتك كان نكاحاً، صرت لي أو صرت لك كان نكاحاً عند القبول، وقد قيل: بخلافه، ولو قال: زوجي نفسك مني فقالت بالسمع والطاعة فهو نكاح، وأجاب في (البحر) بأن العبرة في العقود للمعاني حتى في النكاح مما صرحوا به وهذه الألفاظ تؤدي معناه انتهى، يعني إن أراد لفظ النكاح والتزويج وما يؤدي معناهما.

وفيه ما لا يخفى (عند حرين أو حر وحرتين) ظرف لينعقد وفيه إيماء إلى أن الشرط إنما هو حضور الشاهدين لا سماعهما وهو قول السعدي والإسبيجابي وعليه تفرع انعقاده بحضرة النائمين والأصمين وعامة المشايخ شرطوا السماع وهو الصحيح لأنه المقصود من الحضور، وقول الشارح بانعقاده بحضرة النائمين على الأصح دون الأصمين في المختار تحكم، لأن من قال بانعقاده بالنائمين قال بانعقاده بالأصمين كما في (التنجيس) كذا في (البحر).

ص: 181

عاقلين بالغين مسلمين،

ــ

وأقول: وقد يندفع التحكم بحمل النائمين على الوسنانين نعم حمل ابن وهبان القول بانعقاده بالنائمين على ذلك مما لا حاجة إليه وينبغي أن لا يختلف في انعقاده بالأصمين إذا كان كل من الزوج والزوجة أخرس لأن نكاحه كما قالوا ينعقد بالإشارة حيث كانت معلومة وفي (الخلاصة) يصلح أن يكون شاهداً في النكاح إذا كان يسمع انتهى، وعلى اشتراط الحضور فقط ينبغي أن لا يشترط سماعه ثم رأيته في (الخانية) قال: لا نص عن أصحابنا في النكاح بشهادة الأخرسين أما على قول القاضي الإمام السعدي لا شك أنه ينعقد لأن عنده الشرط حضور الشاهدين دون السماع وعلى قول غيره إذا كان يسمع كلام العاقدين ينبغي أن يصح وإن لم يكن أهلاً لأداء الشهادة انتهى، ثم المقصود من السماع إنما هو الفهم، ومن ثم شرطوا في انعقاده بحضرة السكارى أن يفهموا أنه نكاح وإن لم يذكروا بعد الصحو.

قال في (الفتح): والذي أدين به نفي شهادة السكارى في النكاح وإن كانوا بحيث يذكرونه بعد الصحو، وقالوا: لو عقد بحضرة هنديين لم يفهما كلامهما لم ينعقد في الأصح قاله الحدادي، وفي (الظهيرية) والظاهر أنه يشترط أن يفهما أنه نكاح وعلى هذا فما في (الخلاصة) لو تزوجها بالعربية والزوجان يعرفانها دون الشهود اختلف المشايخ والأصح أنه ينعقد انتهى، مفرع على اشتراط الحضور فقط أما على اشتراط السماع مع الفهم فينبغي أن لا ينعقد، بقي أنه لابد من فهمهما معاً كما جزم به في (الخانية) وعليه جرى الشارح لو كان أحدهما أصم أي: أخرس لم يسمع حتى صاح عليه صاحبه السامع أو غيره لم يجز، ولو سمع أحدهما كلام الزوج والآخر كلام المرأة ثم أعيد على الذي كان يسمع كلام المرأة لا يجوز عند العامة وقال أبو سهل: إن اتحد المجلس جاز ولابد أيضاً من تمييز المسموع كلامه عند الشاهد حتى لو سمع كلام امرأة من وراء جدار إن كان غيرها لا يصح وإلا صح ولو حاضرة اكتفي بالإشارة إليها وتوكيلها بالتزويج على هذا التفصيل ولو عقد لها الوكيل وهي غائبة فإن عرفها الشهود/ اكتفى بذكر اسمها إن علموا أنه أرادها وإلا فلا بد من ذكر اسم أبيها وجدها أيضاً ولا يشترط الخصاف شيئاً من ذلك، حتى لو قال: زوجت من موكلتي أو من امرأة جعلت أمرها بيدي صح قال السرخسي: والخصاف كبير في العلم يقتدي به، وخرج بالحرين ما إذا كان عبدين أو أحدهما مدبراً أو مكاتباً أو معتق بعض ثم وصفهما بقوله:(عاقلين بالغين مسلمين) احترازاً عما إذا كانا مجنونين أو صبيين أو كافرين، والمرأة مسلمة كما سيأتي قال الإسبيجابي: والأصل أن كل من صلح أن يكون ولياً فيه بولاية نفسه صلح أن يكون شاهداً فيه وقولنا بولاية

ص: 182

ولو فاسقين، أو محدودين، أو أعميين، أو ابني العاقدين، وصح تزوج مسلم ذمية عند ذميين،

ــ

نفسه لإخراج المكاتب فإنه وإن ملك تزويج أمته لكن لا بولاية نفسه بل بما استفاده من المولى انتهى. وهذا يقتضي عدم انعقاده بالمحجور عليه ولم أره، ثم الصبي والعبد وإن لم يكونا أهلاً للشهادة إلا أنهما أهل للتحمل حتى لو حضراه مع من تقبل شهادته ثم شهدا به بعد البلوغ والعتق جاز. واعلم أن صاحب (البدائع) قرر أن الإشهاد فيه إنما هو لدفع تهمة الزنا لا لصيانة العقد عن الجحود والتهمة تندفع بحضور من لا تقبل شهادته لأنه يظهر وينتشر بحضوره فإذا ظهر وانتشر تقبل الشهادة فيه بالتسامع فتحصل الصيانة قال في (البحر): ظاهره أن من لا تقبل شهادته إذا حضر ثم أخبر من تقبل شهادته جاز له الشهادة بالتسامع فليحفظ انتهى وفيه نظر.

(ولو) كانا (فاسقين) لأن الفاسق من أهل الولاية القاصرة على نفسه بلا خلاف فصلح شاهداً على الانعقاد لأنه لا إلزام فيه فكانت الولاية قاصرة (أو) كانا (محدودين) في قذف وقد تابا وهذا القيد لابد منه وإلا لزم التكرار وانعقد بهما كما مر والفائت إنما هو ثمرة الأداء وليس الكلام فيها (أو) كانا (أعميين أو ابني العاقدين) بالإجماع غير أن شهادة الفرعين عند تجاحد الأصلين لا تقبل نعم لو كانا فرعين لواحد قبلت عليه لا له، واختلف الشيخان فيمن زوج ابنته بشهادة ابنيه ثم تجاحدا وكان الأب مع المدعي منهما قال أبو يوسف: لا تقبل وقال محمد: تقبل وهو الصحيح ولو مع الجاحد قبلت وعلى هذا الخلاف لو توكل عن غيره فشهد أبناء الوكيل على العقد فإن كانت حقوق العقد لا ترجع إليه قبلت عند محمد مطلقاً خلافاً لأبي يوسف، وإن كان ينكر قبلت كذا في (البدائع) وجعل في (الظهيرية) قول الإمام مع الثاني وفي (المحيط) زج ابنته فأنكرت الرضا فشهد أخواها وهما ابناه به لم تقبل اتفاقاً انتهى. وكأن الفرق لمحمد أن هذه شهادة للأب وفيما مر للأخت.

(وصح تزويج مسلم) امرأة (ذمية عند الذميين) موافقين لها في دينها أو لا وهذا عند الإمام والثاني وقال محمد وزفر: لا يصح لأن السماع في النكاح شهادة ولا شهادة للكافر على المسلم فكأنهما لم يسمعا كلامه ولهما أن الشهادة شرطت فيه على اعتبار إثبات الملك له لو ردوه على محل ذي خطر لا على اعتبار وجوب المهر إذ لا شهادة تشترط للزوم المال، للزومه بدونها كالبيع ونحوه بخلاف ما إذا لم يسمعا كلامه لأن العقد ينعقد بكلامهما والشهادة عليه شرط وأجمعوا أن أداؤهما إنكار المسلم غير صحيح أما عند إنكارها فمقبول عندهما مطلقاً، وقال محمد: إن قالا

ص: 183

ومن أمر رجلاً أن يزوج صغيرته، فزوجها عند رجل، والأب حاضر صح، وإلا فلا.

ــ

كان معنا مسلمين وقت العقد قبلت وإلا لا وعلى هذا الخلاف لو أسلما وأديا وعنه أنها لا تقبل مطلقاً وهو الصحيح من مذهبه كما في (البدائع) لأنها قامت على إثبات فعل المسلم أو على نكاح فاسد.

(ومن أمر رجلاً أن يزوج صغيرته) الضمير راجع إلى من المستكن في قوله (فزوجها) راجع إلى الرجل (عند رجل) أو امرأتين (و) الحال أن (الأب حاضر صح) النكاح (وإلا) أي: وإن لم يكن الأب حاضراً (فلا) أي: لا يصح، والفرق أن الوكيل في النكاح سفير أي: رسول ومعبر بنقل عبارة الموكل فإذا كان من يعبر عنه حاضراً يجعل مباشراً للعقد لاتحاد المجلس ويكون الوكيل سفيراً ومعبراً فيبقى الزوج شاهداً ولا يمكن ذلك حال غيبته لاختلاف المجلس.

قال في (النهاية): هذا التكلف غير محتاج إليه لأن الأب يصلح أن يكون شاهداً في النكاح فلا حاجة إلى نقل المباشرة من المأمور إلى الآمر حكماً، نعم يحتاج إليه فيما لو أمرت البالغة وليها بتزويجها فزوجها عند رجل فإن كانت حاضرة صح لا إن غابت وفي (العناية) وأرى أنه محتاج إليه أيضاً لأن الأب إذا كان حاضراً لا يصلح أن يكون شاهداً في نكاح أمريه لأن الوكيل سفير ومعبر فكان الأب هو المزوج ولا يجوز أن يكون الأب شاهداً، وقد يشكل عليه ما قالوه: لو زوج المولى عبده البالغ بحضرته صح/ ولا شك أنه المزوج حقيقة وقد جعلوه شاهداً لكن هذا أحد قولين قال المرغيناني: لا يجوز وهو الظاهر ويدل عليه ما جزموا به من أنه لو وكل رجلاً في تزويج عبده فزوجه الوكيل بحضرة واحد والعبد حاضر لم يجز ولو كانت مباشرة السيد فكاك الحجر لكانت مباشرة وكيله كذلك.

وقيل في تزويج السيد ووكيله روايتان: نعم لو أذن له فزوج بحضرة المولى وواحد صح في الأصح والفرق لا يخفى على متأمل، واعلم أنه يلزم على ما في (النهاية) أن المأمور لو كان امرأة عقدت بحضرة الآمر وواحد أنه ينعقد، وأن الأب لو شهد ببلوغها وهي تنكر أن تقبل شهادته، وكذلك لو كان الآمر أخاً أو عماً فشهدا لها أو عليها وهي على ما مر لا قبل يعني إذا قال: أنا زوجتها أما إذا قال: هذه زوجته قبلت.

فرع: بعث قوماً للخطبة فزوجها الولي بحضرتهم فالصحيح الصحة وعليه الفتوى لأنه لا ضرورة في جعل الكل خاطبين بل يجعل المتكلم فقط والباقي شهود كذا في (الفتح) لكن في (الخلاصة) المختار عدم الجواز والأول مختار الشهيد والله الموافق للصواب.

ص: 184