المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الأولياء والأكفاء - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٢

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصوم

- ‌باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده

- ‌ فرع

- ‌فصل في العوارض

- ‌ فروع

- ‌ فصل في النذر

- ‌كتاب الحج

- ‌باب الإحرام

- ‌فصل

- ‌فرع

- ‌باب القران

- ‌باب التمتع

- ‌باب الجنايات

- ‌فصل

- ‌ فصل في جزاء الصيد

- ‌باب مجاوزة الميقات بغير إحرام

- ‌باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

- ‌باب الإحصار

- ‌باب الفوات

- ‌باب الحج عن الغير

- ‌باب الهدي

- ‌مسائل منثورة

- ‌كتاب النكاح

- ‌فصل في المحرمات

- ‌باب الأولياء والأكفاء

- ‌فصل في الكفاءة

- ‌فرع

- ‌فصل في الوكالة

- ‌باب المهر

- ‌باب نكاح الرقيق

- ‌باب نكاح الكافر

- ‌باب القسم

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان

- ‌فصل في الطلاق قبل الدخول

- ‌باب تفويض الطلاق

- ‌فصل في الأمر باليد

- ‌فصل في المشيئة

- ‌باب التعليق

- ‌باب طلاق المريض

- ‌باب الرجعة

- ‌فصل فيما تحل به المطلقة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الخلع

- ‌فرع

- ‌باب الظهار

- ‌فصل في الكفارة

- ‌باب اللعان

- ‌فرع

- ‌باب العنين وغيره

- ‌باب العدة

- ‌فرع

- ‌فصل في الإحداد

- ‌باب ثبوت النسب

- ‌باب الحضانة

- ‌باب النفقة

الفصل: ‌باب الأولياء والأكفاء

‌باب الأولياء والأكفاء

ــ

المسألة من جزئيات ما سيأتي في كتاب القاضي إلى القاضي من أن القضاء بشهادة الزور في العقود والفسوخ ينفذ عن الإمام ظاهرًا وباطنًا إذا كان مما يمكن القاضي إنشاء العقد فيه تبع المصنف (الجامع الصغير) في ذكرها هاهنا ومعنى النفوذ ظاهرًا وجوب النفقة والقسم وغير ذلك، وباطنًا ثبوت الحل عند الله تعالى وإن أثم المدعي إثم إقدامه على الدعوى الكاذبة وقالا: لا يحل له وطؤها.

قال الفقيه: وبه يفتي. وفي (الفتح): وقول الإمام أوجه وقولنا يمكن إلى آخره يخرج ما لو كانت معتدة الغير أو مطلقة ثلاثًا أو ذات زوج فإنه لا ينفذ قضاؤه لعدم قدرته على الإنشاء في هذه الحالة وإن كانت خالية فهل يشترط للنفوذ باطنًا عند قضائه حضرة الشهود، قيل: نعم وبه أخذ عامة المشايخ كذا في (كافي المصنف)، وقيل: لا، قال في (الفتح): وهو الأوجه لهما أن القاضي أخطأ الحجة أن الشهود كذبة فصار كما إذا ظهر أنهم عبيد أو كفار وله أن الشهود صدقة عنده وهو الحجة لتعذر الوقوف على حقيقة الصدق بخلاف الكفر والرق لأن الوقوف عليها متيسر وإن ابتنى القضاء على الحجة وأمكن تنفيذه باطنًا بتقديم النكاح ينفذ قطعًا للمنازعة بخلاف الأملاك المرسلة لأن في الأسباب تزاحمًا فلا إمكان وذكر الأكمل أن بعض أذكياء المغاربة لما أن قدم مصر حاجًا سنة سبع وأربعين وسبعمائة فسأله عن هذه المسألة طاعنًا في المذهب. قال: فأجبته بقولهم هذا قطعًا للمنازعة. فقال: قطع المنازعة ممكن بالطلاق. فقلت له: أتعني الطلاق المشروع أو غيره، لا عبرة بغيره، والمشروع يستلزم المطلوب إذ لا يتحقق إلا في نكاح صحيح ورده شيخ ابن الهمام قارئ (الهداية) بأنه غير صحيح إذ له أن يريد غير المشروع وكونه لا عبرة به لا يضر إذ يثبت أن قطع المنازعة الواجب لا يتوقف على التنفيذ باطنًا بل يتحقق طريقًا لقطع المنازعة وهو الطلاق فلم يجب التنفيذ باطنًا، قال في (الفتح): وهذا مسلم فيما إذا كانت هي المدعية لا فيما إذا كان هو المدعي لأنها لا تقدر على التخلص بلفظ الطلاق فالحق التفصيل انتهى. يعني: لإبائة ولا يمكن أن يجبر عليه والله الموفق.

باب الأولياء والأكفاء

لما ذكر النكاح وألفاظه ومحله شرع في بيان عاقده. والأولياء جمع ولي وهو العاقل البالغ الوارث فخرج الصبي والمعتوه والعبد والكافر على المسلمة. وما في (البزازية) من أن الأب والجد إذا كان فاسقًا فللقاضي أن يزوج من الكفؤ، قال في (الفتح): إنه غير معروف في المذهب وهو على نوعين ولاية ندب وهي الولاية على

ص: 201

نفذ نكاح حرة مكلفة بلا ولي، ولا تجبر بكر بالغة على النكاح

ــ

العاقلة البالغة بكرًا كانت أو ثيبًا، وولاية إجبار وهي الولاية على الصغيرة بكرًا كانت أو ثيبًا والمعتوهة والمرقوقة وتثبت بالقرابة والملك والولاء والإقامة، والأكفاء جمع كفؤ وهو النظير ولما كان نفي وجوب الولاية في النكاح هو المهم لاشتهار الوجوب في بعض الديار افتتح الباب فيه (نفذ نكاح حرة) بكرًا كانت أو ثيبًا خرج بذلك الأمة ولو مدبرة أو مكاتبة وأم ولد (مكلفة) أي: بالغة عاقلة وما في (العيني) مسلمة فمن سهو القلم فخرج الصغيرة والمجنونة (بلا) رضى (ولي) سواء تزوجت نفسها من كفؤ أو لا في ظاهر الرواية عن الإمام وصاحبيه، لأنها تصرفت في غالب حقها فصار كما إذا تصرفت في مالها وروى الحسن عن الإمام أنه إن كان كفؤًا نفذ وإلا لا وهو المختار في زماننا إذ ليس كل قاض يعدل ولا كل ولي يحسن المرافقة، وفي الجثو بين يدي القاضي مذلة فسد الباب كذا في (الخانية) وغيرها وصرح صدر الإسلام بأن المطلقة ثلاثًا لو زوجت نفسها غير كفؤ ودخل بها الزوج ثم طلقها لا يحلها للأول على ما هو المختار وهذا مما يجب حفظه قال في (الفتح): لأن الغالب في المحلل كونه/غير كفؤ أما لو باشر الولي عقد المحلل فإنها تحل انتهى، وكذا لو لم يباشره لكن رضي به وهل يشترط معرفته إياه أو يكفي ذكره صارت واقعة الفتوى.

قال في (البحر): وينبغي أن لا يكفي لأن الرضى بالمجهول لا يصح، وفي (البزازية): ذكر برهان الأئمة أن الفتوى في جواز النكاح بكرًا كانت أو ثيبًا على قول الإمام الأعظم لقوة دليله هذا إذا كان لها ولي فإذا لم يكن صح النكاح اتفاقًا (ولا تجبر بكر بالغة على النكاح) لأنها حرة مخاطبة فلا يكون لغيرها عليها ولاية وإنما ملك الأب قبض الصداق برضاها دلالة ولهذا لا يملكه مع نهيها كذا في (الهداية) والجد كالأب عند فقده وكذا القاضي كما في (جوامع الفقه) إلا إذا زفت.

قال البزازي: وليس لها أن لا تجيز القبض عند عدم النهي أما غيرهما من الأولياء فليس لهم ذلك، إلا بالأمر ولو صغيرة إلا إذا كان هو الوصي فيملكه كسائر الديون هذا إذا قبض المسمى فإن قبض بدله ضيعة جاز إن تعورف وإلا لا ولو صغيرة فقبض ضيعة لا تساوي المسمى فكذلك قال في (الذخيرة): وعليه الفتوى وعلله في النوازل بأنه قبض المهر بحكم العرف، وليس شراء في الحقيقة، وقيد بالبكر لأن الثيب ليس لأحد قبض مهرها إلا بأمرها وعلى هذا تفرع ما لو طالبه بمهرها، فقال الزوج: دخلت بها فلا يملك القبض، وقال الأب: بل هي بكر. فالقول للأب ولو طلب الزوج تحليفه ففي (أدب القاضي) أنه لا يحلفه، وقال الشهيد: يحتمل أن

ص: 202

فإن استأذنها الولي فسكتت،

ــ

يحلف وهو صواب وأما لو أقر الأب بقبضه فإنه يقبل إن كانت بكرًا لا ثيبًا إلا إذا كانت الثيب صغيرة وما لو ادعى رده على الزوج بعد قبضه فإن أنكر لم يصدق إلا ببرهان لأن له حق القبض دون الرد وإن ثيبًا صدق لأنه أمانة للزوج في يده فيصدق في ردها كما في (المحيط) ولو امتنع من الدفع إلا بتسليم الزوجة إليه أجيب إلى ذلك إلا قال الأب: إنما أجهزها به وأسلمها فإنه يؤمر بالدفع إليه وللزوج أن يطلب كفيلًا به وهكذا كان يقول الثاني، ثم رجع وقال: إن الأب يؤمر بجعل الزوجة مهيأة للتسليم ويأمر الزوج بدفع المهر والأب بتسليمها نظرًا للزوج لأنه لا يصل إليها بالكفالة بل إلى ما دفعه قال الخصاف: وهذا أحسن القولين كذا في (الذخيرة)، وقيد أيضًا بالمهر لأنه ليس له قبض ما وهبه وأهداه الزوج له قبل الدخول حتى لو قبضه كان للزوج استرداده ذكره فيها أيضًا ولو طالبته بعد البلوغ به فادعى دفعه إلى الأب وهي صغيرة وصدقه، لم يصح إقراره عليها اليوم وترجع به على الزوج. ولا رجوع له على الأب لأنه أقر باستحقاقه القبض ولو وهبه البعض منه قائلًا إن لم تجز الهبة فقد ضمنت من مالي لا يصح بخلاف ما لو قال إن أنكرت الإذن حيث تصح لأنه مضاف إلى سبب الرجوع.

(فإن استأذنها الولي) أي: طلب الإذن منها ولي النكاح ورسوله كهو وأطلقه فانصرف إلى الكامل منه وهو أن يسمي الزوج ولو نفسه على وجه يقع لها المعرفة به إما باسمه أو في ضمن العام نحو جيراني أو بني عمي، وهم محصورون معروفون لها بخلاف بني تميم أو من رجل حيث لا يكون السكوت إذنًا ما لم تعرض الأمر إليه واختلف فيما لو زوجها غير كفؤ فسكتت فقالا: لا يكون رضا وجزم به في (الدراية) بلفظ قالوا، وقيل: في قول الإمام يكون رضى إن كان الزوج أبًا أو جدًا لا غيرهما واختلف أيضًا فيما لو زوجها بحضرتها ولم يستأذنها فسكتت، والأصح الصحة. وينبغي تقييده بما إذا كان الزوج حاضًرًا أو عرفته قبل ذلك، كذا في (الفتح) وأما المهر فرجع في (الهداية) أنه لا يشترط تسميته وقيل: يشترط.

قال في (الذخيرة) وهو قول المتأخرين من أصحابنا، وصرح في (الكافي) أن المزوج إذا كان أبًا أو جدًا لا يشترط وإلا يشترط، قال في (الفتح): وليس بشيء لأن ذلك في الصغيرة والكلام في الكبيرة وفي (التجنيس) ذكر المزوج ولم يذكر المهر (فسكتت) إن وهبها يعني فوضها ينفذ العقد وإن زوجها بمهر مسمى لا ينفذ لأنه إذا وهبها فتمام العقد بالزوج والمرأة عالمة به وإذا سمي مهرًا فتمامه به انتهى.

ص: 203

أو ضحكت، أو زوجها فبلغها الخبر فسكتت فهو إذن،

ــ

ويجب أن يقيد بما إذا علمت بالتفويض وبه اندفع ما في (البحر) من أنه مشكل إذ مقتضى الاشتراط أن لا يصح الاستئذان وسكوتها إنما هو لعلمها بعدم صحته وأراد بالولي من له الولاية ندبًا إذ الكلام في البالغة وفيها أيضًا يقدم الأقرب فالأقرب فأفاد أنه لو استأذنها الأبعد فلا بد من القول كالأجنبي فسكتت عن رده مختارة حتى لو تكلمت بكلام أجنبي كان إذنًا، ولو أخذها سعال أو عطاس أو أخذ فمها ثم ردته ارتد ومنه قولها غيره أولى منه قبل النكاح لا بعده، كذا في (الذخيرة) ولم يقل صمتت لدلالة السكوت على القدرة/على النطق دونه (أو ضحكت) غير مستهزئة على ما عليه الفتوى وضحك الاستهزاء لا يخفى على من يحضره قاله بعض المتأخرين، وذكر في كتاب له وضعه في التعاريف السكوت عدم الكلام مع القدرة عليه انتهى.

وهذا الفرق لم أجده في كتب اللغة والذي في (القاموس) وغيره الصمت السكوت في (المغرب) صمت صمتًا وصموتًا وصماتًا أطال السكوت وروي (إذنها صماتها) ومنه الصامت خلاف الناطق انتهى. ثم بتسليمه ينبغي أن يكون صمتها أولى للدلالة على أن الخرساء إذا استأذنها وليها بإشارة معلومة لها فصمتت كان إذنًا فتدبره. وكذا لو تبسمت أو بكت بلا صوت في الأصح لا إن كان بصوت لأنه دليل السخط فلم يكن إذنًا. قال في (الدراية): لكنه ليس برد حتى لو رضيت بعده انعقد فقوله في (الوقاية) وغيرها البكاء بلا صوت إذن ومعه رد فيه نظر ثم المعول عليه في البكاء والضحك اعتبار قرائن الأحوال فإن تعارضت أو شك احتيط (أو زوجها) أي: زوج البكر وليها، (فبلغها) أي:(خبر النكاح فسكتت) أو ضحكت أو بكت بلا صوت وهذا شامل لما إذا استأذنها في معين فردت ثم زوجها منه فسكتت حيث يكون أجازها على الأصح. قيد بقوله: زوجها لأنه لو تزوجها بغير إذنها فسكتت حين بلغها الخبر لم يكن رضى، وأجمعوا أنه لو استأذنها في ذلك فسكتت كان رضى كذا في (الخانية).

(فهو إذن) أي: توكيل في الأول وإجازة في الثاني وكذا لو استأذنها في معين فقالت لا أرضى به ولم يعلم الولي في المسألتين بذلك فزوجها صح كما في (الظهيرية) فوكل من يزوجها ممن سماه جاز إن عرف الزوج والمهر واستشكله في (البحر) بأنه ليس للوكيل أن يوكل إلا بإذن أو باعمل برأيك والمسألة مقيدة في الأول بما إذا اتحد الولي أما إذا تعدد كما إذا زوجها وليان استويا رتبة فسكتت فظاهر

ص: 204

وإن استأذنها غير الولي فلا بد من القول، كالثيب،

ــ

الجواب أنه لا يكون إذنًا بل لا بد من إجازة أحدهما بالقول أو الفعل وفي الثاني ببقاء الزوج حتى لو علمت بالنكاح بعد موته فسكتت لا يكون إجازة لبطلان النكاح بموته ولو قال بعد الموت: زوجني أبي بأمري وقالت الورثة: بل بغيره ولم تعلمي بالنكاح قبله، فالقول لها وعليها العدة ولها الميراث. ولو قالت: بغير أمري ولكن بلغني النكاح فرضيت، كان القول لهم لأنها أقرت أن العقد وقع غير تام ثم ادعت النفاذ بعد فلا يقبل منها للتهمة، واعلم أنهم جعلوا السكوت رضى في مسائل نظمها في (فتح القدير) نحوًا من عشرين ثم قال: والاستقراء يفيد عدم الحصر وهذه المشهودة لا المحصورة ووصلها في العمادية إلى ثلاثين وقد نظمتها في الرجز فقلت:

وقد أقاموا الصمت كالإفصاح .... في عدة تأتيك بالإيضاح

سكوت بكر عند قبض المهر .... تزويجها مع السكوت قادر

وواهب لو عند قبض ما وهب .... تصرف الصبي مع سكوت الأب

كذاك مولى العبد والحنث له .... في قوله والله لا أذنه

سكوت مديون مع الإبراء .... كذا الوصي عند ذي الإيصاء

وبائع لو عند قبض المشتري .... وقول هازل ببيع عزلي

أن اجعليه صحيحًا وكذا .... مع قوله وقفته عليك ذا

كذا الوكيل وقت ما قد وكلا .... أو الرقيق عند ما قد نقلا

كذا الشفيع بالمبيع قد علم .... أو الشريك باختصاصه فهم

(وإن استأذنها) أي: البكر البالغة (غير الولي) كالأب الكافر والرقيق والولي الأبعد (فلا بد من القول) لأن السكوت إنما يكون دليل الرضى في الأولياء للحاجة لأنهم المرجون لها وهي لا تنطق فلو لم تكتف بالمحتملة لتعطلت مصالحها بخلاف غيرهم إذ لا يعتبر المحتمل في غير محل الحاجة وأراد أن هذا مناف لإطلاق قوله صلى الله عليه وسلم: في البكر (إذنها إن تسكت) غير مقيد بكون المستأمر وليًا، وأجيب بأنه تقيد بالعرف والعادة (كالثيب) أي: كما أن الثيب لو استأذنها الولي أو غيره فلا بد من رضاها بالقول ولم يقيدها بالكبيرة لأن الكلام فيمن يستأذن/وغيرها لا استئذان لها لقوله صلى الله عليه وسلم: (الثيب تشاور) أي: يطلب رأيها والمشاورة لا تكون إلا بالقول ثم

ص: 205

ومن زالت بكارتها بوثبة، أو حيضة، أو جراحة، أو تعنيس، أو زنى فهي بكر،

ــ

هي مفاعلة فتقتضي وجوده من الجانبين لكن حصرها في القول فيه نظر بل قد تكون بغيره لقولهم رضى الثيب كما يكون بالصريح كرضيت أو أوجبت يكون بالدلالة كطلب المهر أو النفقة أو تمكينها من الوطء أو قبول التهنئة أو الضحك سرورًا وليست قولًا وحينئذ فلا فرق سوى أن سكوت البكر رضى بخلاف الثيب لا بد في حقها من دلالة زائدة على مجرد السكوت والجواب تظافر الأدلة على اختصاصها بالقول ففي حديث أبي هريرة: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر) والأمر لا يكون بغير القول وأصرح منه قوله في حديث آخر: (والثيب تعرب عن لسانها) وأما الدلالة فالحق أنها من قبيل القول إلا بالتمكين فيثبت به بدلالة إلزام القول، كذا في (الفتح).

قال في (البحر): وفيه نظر إذ قبول التهنئة ليس منه، ولهذا أعد في مسائل السكوت لا فوقه وجعل في (الفتح) أولًا الضحك كالسكوت وهنا جعله من قبيل القول انتهى.

وبقى ما لو خلا بها برضاها قال في (الظهيرية): لا رواية في المسألة وعندي أنه يكون إجازة بخلاف ما لو قبلت الهداية أو أكلت من طعامه أو خدمته (ومن زالت بكارتها) أي: عذرتها وهي الجلدة، (بوثبة) أي: نطة أو درور (أو حيضة أو جراحة) أصابت موضع العذرة (أو تعنيس) أي: طول مكث قال عنست الجاررية تعنس بضم النون عنوسًا وعناسًا فهي عانس إذا طال مكثها بعد إدراكها في منزل أهلها حتى خرجت من أعداد الأبكار، كذا في (الصحاح) أو خرق استجناء أو عود أو حمل ثقيل (أو زنى) غير مشهور (فهي بكر) شرعًا. أما فيما عدا الزنا فبكر حقيقة لأن مصيبها أول مصيب ومنه الباكورة لأول الثمار والبكرة بضم الباء لأول النهار ولذا كان من فرق بينها وبين زوجها بحب أو عنة أو طلقها أو مات بعد الخلوة قبل الدخول بها بكرًا حقيقة ودخل الكل في الوصية لأبكار بني فلان، واعترض بأنه له رد الجارية المبيعة بكرًا إذا وجدت كذلك.

وأجيب بأن البكارة تقال على العذرة أيضًا فهو من المشترك ويجوز أن تكون قائمة العذرة من أفراد من لم يصبها مصيب فيكون من المتواطئ حمل على هذا الفرد في البيع المبني على المشاححة وعلى الأعم الأغلب في النكاح المبني على التوسعة وأما في الزنا فثيب حقيقة عند الكل في الأصح كما في (الظهيرية) وإنما زوجت كالأبكار عنده فاكتفى بسكوتها مع أن القياس يأباه لأن في إلزامها النطق إشاعة الفاحشة فعارض دليل إلزامها النطق دليل المنع من إشاعة الفاحشة والمنع مقدم ولا

ص: 206

والقول لها إن اختلفا في السكوت

ــ

خفاء أن من اشتهر زناها بأن أقيم عليها الحد، أو صار الزنا عادة لها، أو وطئت بشبهة أو نكاح فاسد تزوج كالثيبات.

(والقول لها) أي: البكر البالغة (إن اختلفا) أي: الزوج والزوجة قبل الدخول (في السكوت) فادعى الزوج أن وليها زوجها من قبل الاستئذان فلما بلغها سكتت وقال: بل رددت ولا بينة. وقال زفر: القول له ونظير هذا الاختلاف ما لو قال السيد لعبده: إن لم تدخل الدار اليوم فأنت حر فمضى اليوم، وقال العبد: لم أدخل وكذبه المولى، فالقول له عندنا وعنده للعبد للتمسك بالأصل المتبادر وهو عدد الكلام والدخول قياسًا على ما اتفقوا عليه من أن المشتري بالخيار إذا ادعى بعد المدة رد المبيع قبل مضيها. وقال البائع: بل سكت حتى مضت أو قالت بعد البلوغ: رددت حين بلغت وكذبها الزوج فالقول للبائع وللزوج وكذا الشفيع لو قال: علمت بالبيع أمس وطلبت، وقال المشتري: بل سكت فالقول للمشتري أما لو قال: طلبت الشفعة حين علمت بالبيع فالقول له، ولنا التمسك بالظاهر سواء كان هو الأصل المتبادر أو بحسب المعنى وفيما نحن فيه ادعى بسكوتها تملك بضعها من غير ظاهر معه وهي تنكر وعدم ورود ملك البضع عليها هو الأصل فكانت متمسكة بمعنى هو الظاهر فقبل: قولها بخلاف مسألة الخيار لأن العقد ثبت صحيحًا في الأصل ولزم بمضي المدة ظاهرًا فالتمسك بعدمه تمسك بالظاهر، وكذا الصغيرة تدعي ببلوغها زوال ملكه بعدما عقد عليها حال صغرها يقينًا والزوج ينكر ومثله الشفيع قيدنا بكون/الاختلاف قبل الدخول لأنه لو كان بعده لم يقبل قولها إلا إذا كانت مكرهة ولا يقبل عليها قول وليها بالرضى لأنه يقر عليها بثبوت الملك، والإقرار بعد بلوغها بالنكاح غير صحيح اتفاقًا، كذا في (الفتح).

قال في (البحر): وينبغي أن لا تقبل شهادته أيضًا لو شهد عليها مع آخر بالرضى لاتهامه لكونه ساع في إتمام ما صدر منه وبكون الاختلاف كما مر لأنها لو قالت: بلغني النكاح يوم كذا فرددت وقال: بل سكت فالقول له ونظيره الشفيع على ما مر، كما في (الولوالجية) هذا وسكت المصنف عن اليمين إيماء إلى نفيها وهو قول الإمام وأوجباها، وهذه إحدى المسائل الست الآتية في الدعوى وسيصرح المصنف بأن الفتوى على قولهما وفي (فتاوي القاضي): ادعى الأب أن زوجه بنته الصغيرة حلف عند الإمام، وفي (الكبيرة) لا اعتبار بالإقرار فيهما واستشكله الشارح بأن امتناع اليمين عنده لامتناع البدل لا لامتناع الإقرار ألا ترى أن امرأة لو أقرت لرجل بنكاح نفذ إقرارها ومع هذا لا تحلف ولو ادعى عليها فأنكرت فالأشبه أن

ص: 207

وللولي إنكاح الصغير والصغيرة،

ــ

يكون هذا قولها انتهى. وقد صرح في (العمادية) من الخامس عشر بما فهمه الشارح وقيدنا بعدم النية لأنها لو وجدت- من أيهما كان- فلا كلام فإن قلت: كان ينبغي أن لا تقبل بينة على السكوت لأنها إنما قامت على النفي قلت: ممنوع بل على حالة وجودية هي ضم الشفتين في مجلس خاص يحاط بطرفيه ولو سلم فهي نفي يحيط به علم الشاهد، ولو أقاماها فبينتها أولى إلا إذا شهدت ببينة أنها رضيت أو أجازت حين علمت فتقدم كذا في غير كتاب والمذكور في (الخلاصة) عن الخصاف أن بينتها أولى أيضًا قال في (الفتح): ولعل وجهه أن السكوت لما كان مما يحقق الإجازة لم يلزم من الشهادة بالإجازة كونها بأمر زائد على السكوت ما لم يصرحوا به.

واعلم أن الاختلاف في البلوغ كالاختلاف في السكوت فلو زوجها الأب فادعت البلوغ وأن النكاح لم يصح وقال الأب: بل كنت صغيرة فالقول لها إن كانت مراهقة وقيل: له والأول أصح وعلى هذا لو باع مال ابنه، كذا في (الذخيرة) وفي (الولوالجية) زوجها الأب فردت فادعى الزوج صغرها وادعت البلوغ فالقول لها إن كانت مراهقة، (وللولي) الآتي بيانه (إنكاح الصغير والصغيرة) جبرًا لما ذكره سبط بنت الجوزي عن علي موقوفًا ومرفوعًا:(الإنكاح إلى العصبات) والمعتوه والمعتوهة والمجنون والمجنونة كالصغير والصغيرة فللولي إنكاحها إذا كان الجنون مطبقًا وهو شهر على ما عليه الفتوى وفي (منية المفتي) بلغ مجنونًا أو معتوهًا تبقى ولاية الأب كما كانت، فلو جن أو عته بعد البلوغ تعود في الأصح وفي (الخانية) زوج ابنه البالغ فجن. قالوا: ينبغي للأب أن يقول: أجزت النكاح على ابني لأنه لا يملك إنشاؤه بعد الجنون قيد بالولي لأن الوصي لا يملك ذلك وإن أوصى إليه به وإنما ملك تزويج اليتيم لأنه من الكسب، والإراحة من المونة، قال في (الفتح): إلا إذا كان غير الموصي رجلًا في حياته فزوجها الوصي به كما لو وكل بتزويجها في حياته انتهى. وفيه نظر إذ الوصي لو زوجها في حياته فليس من المسألة في شيء لأنه وكيل محض وبالموت تبطل الوكالة وتنتقل إلى القريب فإن لم يوجد فإلى الحاكم، كذا في (البحر).

وأقول: في (الذخيرة) الوصي لا ولاية له في إنكاح الصغيرة سواء أوصى إليه الأب بالنكاح أو لم يوص إلا إذا كان الوصي وليًا، فحينئذ يملك الإنكاح بحكم الولاية انتهى.

ص: 208

والولي العصبة بترتيب الإرث، ولهما خيار الفسخ بالبلوغ في غير الأب، والجد

ــ

وفي (المحيط) روى هشام في (نوادره) عن أبي حنيفة أن للوصي ولاية التزويج ولا يشترط على هذه الرواية أن يوصي إليه بذلك فما في (الفتح) من أن الوصي لا يملك ذلك وإن أوصى إليه به موافق لظاهر الرواية وقوله: إلا إذا كان عين الموصي رجلًا موافق لإطلاقه رواية هشام فإنه على هذه الرواية إذا كان يملك ذلك وإن لم يعين الموصي أحدًا ففيما عين ذلك أولى، فما في (الفتح) ملفق من القولين وما في (الذخيرة) هو المذهب وبالإنكاح لأن إقراره به عليهما غير جائز إلا ببينة وطريق سماعها أن ينصب القاضي خصمًا عن الصغير فينكر فتقام عليه البينة وعلى هذا لو أقر الأب باستيفاء بدل الكتابة من عبد ابنه الصغير.

(والولي هو العصبة) وهو كما سيأتي في الفرائض من يأخذ كل المال/إذا انفرد والباقي مع ذي سهم وهذا أولى من تعريفه بذكر يتصل بلا واسطة أنثى، كما في (البحر) إذ المعتقة لها ولاية الإنكاح على معتقها الصغير حيث لا أقرب منها موجود ولا خفاء في انصراف المطلق منها إلى العصبة بنفسه فلا يرد العصبة بغيره كالبنت مع الابن أو مع غيره كالأخوات مع البنات (بترتيب الإرث) الآتي فيقدم الابن وابنه وإن سفل ولا يتأتى هذا إلا في المجنونة على قولهما ثم الأب ثم أبوه ثم الأخ الشقيق ثم لأب.

وذكر الكرخي أن تقديم الجد على الأخ قول الإمام وعندهما يشتركان، والأصح أنه قول الكل ثم ابن الأخ الشقيق ثم لأب ثم أبناء العم كذلك فيقدم الشقيق ثم أبناؤه ثم عم الجد الشقيق ثم أبناؤه ثم المعتق ولو أنثى ثم بنوه وإن سفلوا ثم عمته من النسب على ترتيب عصبات النسب، كذا في (الفتح) وإن استوى وليان في الدرجة كسيدين ادعيا ولد أمة أو شقيقين جاز تزويج أيهما كان فإن زوجا قدم السابق فإن لم يدر أو وقعا معًا بطلا وليس لأحد السيدين الاستقلال بنكاح الأمة، كما في (الظهيرية) وغيرها، وفي (النوادر) والاحتياط فيما إذا زوج غير الأب والجد أن يعقد مرتين بتسمية وبغيرهما لجواز أن يكون في التسمية نقصان فلا يصح الأول أو أن يكون الزوج حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها فينحل بالأول ويصح الثاني، كذا في (المحيط) (ولهما) أي: الصغير والصغيرة وكذا ما لو ألحق بهما (خيار الفسخ) أي: فسخ النكاح (بالبلوغ) والكلام في الحرين ولو ذميين أما الرقيقان إذا زوجهما المولى ثم أعتقهما فبلغا فلا خيار لهما لإغناء خيار العتق عنه حتى لو أعتق أمته الصغيرة أولًا ثم زوجها فبلغت كان لها خيار البلوغ (في غير الأب والجد) والابن في المجنونة كالأب بل أولى، كذا في (الخلاصة)، وقال الثاني: لا خيار لهما اعتبارًا

ص: 209

بشرط القضاء

ــ

بالأب والجد ولهما أن قرابة الأخ ناقصة والنقصان يشعر بقصور الشفقة فيتطرق الخلل إلى المقاصد والتدارك بخيار الإدراك، ولا خفاء أن غير الأب والجد يتناول الأم والقاضي وهو الصحيح لقصور الرأي في الأم ونقصان الشفقة في القاضي.

واعلم أن الإطلاق يقتضي أنها لو بلغت وهو صغير لم ينظر بلوغه ويفرق بينهما بحضرة والده أو وصية وبذلك صرح في أحكام الصغار (بشرط القضاء) لأن في أصله ضعفاً فيوقف عليه كالرجوع في الهبة وفيه إيماء إلى أن الزوج لو كان غائباً لم يفرق بينهما ما لم يحضر للزوم القضاء على الغائب. وفي قوله خيار الفسخ تصريح بأن هذه الفرقة فسخ لا طلاق كخيار الإعتاق والفرقة بعدم الكفاية ونحو ذلك.

وقد جمع بعض الفضلاء فرق الفسخ والطلاق وما لا يحتاج في قوله:

في خيار البلوغ والإعتاق .... فرقه حكمها بغير طلاق

فقد كفؤ ونقصان مهر .... ونكاح فساده باتفاق

ملك إحدى الزوجين أو بعض .... زوج وارتداد كذا على الإطلاق

ثم جب وعنة ولعان .... وأبا الزوج فرقة بطلاق

وقضاء القاضي في الكل شرط .... ملك وردة وعتاق

وقوله: باتفاق احتراز عن الحامل من الزنا فإن نكاحها جائز عندهما فالفرقة منه طلاق فاسد عند الثاني فالفرقة منه فسخ وقوله على الإطلاق احترازاً عن قول محمد فإنه يفرق بين الردة من الزوج فهي فرقة بطلاق، ومن المرأة فهي فسخ، كذا في (الفتح) ويزاد عليه التفرقة بتقبيل ابن الزوج فإنها فسخ وبالإيلاء، فهي طلاق، وبإسلام أحدهما في دار الحرب إذا حاضت المرأة ثلاث حيض أو مضت ثلاثة أشهر فيمن لا تحيض وهل هي طلاق أو فسخ خلاف سيأتي بيانه والفرقة بتباين الدارين وإسلام أحدهما ثم قصر الاستثناء على ما ذكر يقتضي أن النكاح الفاسد يحتاج إلى القضاء وليس كذلك ولما من الله علي بفضله بجمع ما تشتت نسخته في هذه الأبيات فقلت وبالله الإعانة:

فرق النكاح أتتك جمعاً نافعاً .... فسخ طلاق وهذا الدار يحكيها

تباين الدار مع نقصان مهر .... كذا فساد عقد وفقد الكفؤ ينعيها/

تقبيل سبي وإسلام المحارب أو .... إرضاع ضرتها قد عددا فيها

خيار عتق بلوغ ردة وكذا .... ملك لبعض وتلك الفسخ يحصيها

أما الطلاق فجب عنه وكذا .... إيلاؤه ولعان ذاك يتلوها

قضا قاض أتى شرط الجميع خلا .... ملك وعتق وإسلام أتى فيها

تقبيل سبي مع الإيلاء يا أملي .... تباين مع فساد العقد يدليها

ص: 210

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تتميم: لم أذكر خيار المخيرة والأمر باليد والخلع لأنها من الكنايات وإن كان الأمر باليد والتخيير من كنايات التفويض والكلام في الفرقة التي ليست بصريح ولا كنايات والضابط أن كل فرقة جاءت من قبل المرأة لا بسبب من الزوج فهي فسخ كخيار العتق والبلوغ وكل فرقة جاءت من قبل الزوج فهي طلاق كالإيلاء والجب والعنة وإنما كانت ردته فسخاً مع أنها من قبله لأن بها ينتفي الملك فينتفي الحل والفرقة إنما جاءت بالتنافي لا بوجود المباشرة من الزوج هذا وأما المهر فإن كان الزوج دخل بها ولو حكماً وجب كله وإلا لم يجب شيء، ودخل في قولنا ولو حكماً ما لو خلا بها خلوة صحيحة وما لو دخل بها ثم طلقها بائناً ثم تزوجها في العدة واختارت نفسها بخيار عتق مثلاً حيث يجب لها كل المهر عندهما خلافاً لمحمد وعلى هذا الخلاف لو وقعت الفرقة بينهما بتقبيل ابن الزوج أو الردة منها، كذا في (المحيط) واعلم أن سقوط المهر فيما إذا كان الخيار منها ظاهر، وأما إذا كان منه فلأن الفرقة بالخيار فسخ للعقد، والعقد إذا انفسخ يجعل كأنه لم يكن قال في (الاختيار): وليست لنا فرقة جاءت من قبل الزوج ولا مهر عليه إلا هذه انتهى.

قال في (البحر): وهذا الحصر غير صحيح لما في (الذخيرة) تزوج مكاتبة بإذن على جارية بعينها فلم يقبضها حتى زوجتها منه على مائة فطلق المكاتبة ثم الأمة، فطلاق الأمة غير واقع لفساد نكاحها يعود نصفها إليه قبل طلاقها ولا مهر عليه مع أن الفرقة جاءت من قبله لأنها إن كانت فسخاً من كل واحد يسقط كل المهر كالصغير إذا بلغ وكذا لو اشترى منكوحته قبل الدخول بها سقط كل الصداق لأنه فسخ من كل وجه لكن يرد عليه أن الردة قبل الدخول فسخ من كل وجه وبها لا يسقط كل المهر بل يجب نصفه انتهى.

أقول في دعوة كون الفرقة من قبله فيما إذا أملكها أو بعضها نظر ففي (البدائع) الفرقة الواقعة بملكه إياها أو شقصاً منها فرقة بغير طلاق لأنها فرقة حصلت بسبب لا من قبل الزوج فلا يمكن أن تجعل طلاقاً فتجعل فسخاً انتهى.

وسيأتي إيضاحه في محله بقي هل يقع الطلاق في العدة إذا كانت هذه الفرقة بعد الدخول يعني الصريح أو لا؟ لكل وجه والأوجه الوقوع، كذا في (الفتح) وادعى في (البحر) أن الظاهر عدمه لما في (المحيط) الأصل أن المعتدة بعدة الطلاق يلحقها طلاق آخر في العدة والمعتدة بعدة الفسخ لا يلحقها طلاق آخر في العدة وذكر في خصوص مسألتنا أنه لا يقع وأقول: هذا الأصل منقوض بما إذا أبت عن الإسلام وفرق بينهما ثم طلقها في العدة وقع مع أنه فسخ، وبوقوع طلاق المرتد مع أن

ص: 211

ويبطل بسكوتها إن علمت بكراً

ــ

الفرق بردته فسخ ولا خلاف في أنها بردتها فسخ ومع هذا يقع طلاقه عليها في العدة، كذا في (الفتح) ووجه في النكاح وقوع الطلاق من زوج المرتدة بأن الحرمة بالردة غير متأبدة لارتفاعها بالإسلام فيقع طلاقه عليها في العدة مستتبعاً فائدة من حرمتها عليه بعد الثلاث حرمة مغياة بوطء زوج آخر بخلاف حرمة المحرمية فإنها متأبدة فلا يفيد لحوق الطلاق فائدة انتهى.

وكأن هذا هو وجه كون الوقوع هنا أوجه لمن تأمل إلا إنه يقتضي عدم فضها الوقوع في العدة على ما إذا كانت الفرقة بما يوجب حرمة مؤبدة كالتبيل وكالإرضاع وفيه مخالفة ظاهرة لظاهر كلامهم عرف ذلك من تصحفه (وبطل) خيارها (بسكوتها) عن اختيار (إن علمت) بالنكاح حال كونها (بكراً) لدلالته على الرضى اعتباراً بابتداء النكاح قيد بعلمها به لأنها لو تعلم لا يكون رضا لأنها لا تتمكن من التصرف إلا به والولي به ينفرد فعذرت، أما علمها بالزوج وقدر المهر فليس بشرط حتى لو سألت عن ذلك أو سلمت على الشهود بطل خيارها، كذا في (الشرح)، وادعى في (فتح القدير) أن هذا تعسف لا دليل عليه إذ غاية الأمر كون هذه الحالة كحالة ابتداء/ النكاح ولو سألت البكر عن الزوج لا ينفذ عليها وكذا عن المهر وإن كان عدم ذكره لها لا يبطل كون سكوتها رضى على الخلاف فإن ذلك إذا لم تسأل عنه لظهور أنها راضية بكل مهر، والسكوت يفيد نفي ظهوره في ذلك وأنها يتوقف رضاها على معرفته كميته وكذا السلام على القادم لا يدل على الرضى كيف وأنها سلمت لغرض الإشهاد على الفسخ ونازعه في (البحر) في السلام بأن الاشتغال به فوق السكوت وأقوى ممنوع فقد نقلوا في الشفعة أن سلامه على المشتري لا يبطلها لأنه صلى الله عليه وسلم قال:(السلام قبل الكلام) ولا شك أن طلب المواثبة بعد العلم بالبيع يبطل السكوت كخيار البلوغ ولو كان فوقه لبطلت وقالوا: لو قال من اشتراها وبكم اشتراها لا تبطل شفعته كما في (البزازية)، وهذا يؤيد ما في (فتح القدير) نعم ما وجه في المهر إنما يتم إذا لم يخل بها أما إذا خلى بها خلوة صحيحة فالوقوف على كميته اشتغال بما لا يفيد لوجوبه بها فإطلاق عدم سقوطه مما لا ينبغي، وأفاد المصنف أنها غير مقدورة بالجهل بأن لها الخيار لأنه لا يشترط غير علمها بالنكاح بخلاف خيار العتق وأن هذا الخيار لا يمتد إلى آخر المجلس ومن ثم قالوا: إنها تختار عند رؤية الدم، ولو في الليل ففي تلك الساعة ثم تشهد إذا أصبحت قائلة رأيت الدم الآن وليس بكذب محض بل من المعاريض المسوغة لإحياء الحق لأن الفعل الممتد بدوامة حكم

ص: 212

لا بسكوته ما لم يقل رضيت ولو دلالة، وتوارثا قبل الفسخ، ولا ولاية لعبد، وصغير، ومجنون

ــ

الابتداء، والضرورة داعية إليه، ثم إذا لم يأت إلى القاضي بعد ذلك الشهر أو الشهرين فهي على خيارها وما في (الشرح) لو بعثت خادمها للشهود فلم تقدر عليهم وهي في مكان منقطع بطل خيارها محمول على ما إذا لم تفسخ بلسانها وبالبكر لأن الثيب. (لا) يبطل خيارها بالسكوت (بسكوته) أي: الصغير بقى بما إذا يبطل هذا الخيار بينه بقوله: (ما لم يقل رضيت) لأن وقته العمر فيبقى إلى أن يوجد الرضى (ولو) كان ذلك الرضى (دلالة) كالوطء والتقبيل والكسوة والنفقة ودفع المهر وهذا محمول على ما إذا لم يكن دخل بها فينبغي أن لا يكون دفعه رضى، وكالتمكن من المهر وطلب الواجب من النفقة بخلاف الأكل من طعامه وخدمته، كما في (الخلاصة) وإذا عرف هذا فما في (شرح الطحاوي) مع أن خيار الثيب والزوج لا يبطل إلا بصريح الإبطال أو بوجه دل على إبطال الخيار كما إذا اشتغلت بشيء آخر أو أعرضت عن الخيار مشكل، إذ مقتضاه أن الاشتغال بعمل آخر يبطله وهذا تقييد بالمجلس ضرورة أن تبدله حقيقة أو حكماً يستلزمه ظاهراً، كذا في (الفتح) وأجاب في (البحر) بأن المراد بالشيء الآخر عمل يدل على الرضى لا مطلق العمل فقد صرح بأن القيام عن المجلس لا يبطله. واعلم أن خيار العتق خالف خيار البلوغ في ثبوته للأنثى فقط وفي عدم بطلانه بالسكوت، وعدم اشتراط القضاء فيه وفي كون الجهل عذراً وفي بطلانه بما يدل على الإعراض بخلاف خيار الثيب والغلام على ما مر، والله الموفق.

(وتوارثا) لو مات أحدهما بعد البلوغ (قبل الفسخ) لدخول هذا تفريغ على اشتراط القضاء فيه فإذا لم يوجد توارثا لثبوت الملك بالنكاح الصحيح بدليل حل الوطء قبل الفسخ لكنه بالموت انتهى. بخلاف الموقوف والفاسد، (ولا ولاية) في النكاح (لصغير وعبد) ولو مكاتباً لقصور نظرهما. قيدنا بالنكاح لأن نفي الولاية من العبد مطلقاً ممنوع لصحة إقراره بالحدود والقصاص وأمانة لو مأذوناً وروايته الحديث ولأنه يلي على زوجته الحرة في أمور النكاح كالمنع من الخروج والتمكين من الوطء وطلب الزينة (ومجنون) جنوناً مطلقاً وهو شهر على ما مر قال في (الفتح): ولا حاجة إلى التقييد به لأنه لا يزوج حال جنونه مطلقاً أو غير مطبق ويزوج حال إفاقته عن جنون مطبق وغير مطبق، لكن المعنى أنه إذا كان مطبقاً تسلب ولايته فلا تنتظر إفاقته وغير المطبق الولاية ثابتة له فتنتظر إفاقته كالنائم، ومقتضى النظر أن الكفؤ

ص: 213

ولا لكافر على مسلم، وإن لم تكن عصبة فالولاية للأم، ثم للأخت لأب وأم، ثم لأب، ثم لولد الأم، ثم لذوي الأرحام،

ــ

الخاطب إن فات بانتظار إفاقته يزوج وإن لم يطن مطبقاً، وإلا انتظر على ما اختاره المتأخرون في غيبة الولي الأقرب على ما سنذكره انتهى. وكافر على مسلمة لقوله تعالى:{ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} [النساء: 141] وهو نكرة في سياق النفي فيعم كل سبيل قيد بالمسلمة لأن الكافر له ولاية على ابنته/ الصغيرة وكما انتفى ولاية الكافر على المسلمة انتفى ولاية المسمل على الكفارة أعني ولاية الإنكاح والتصرف في المال واستثنى ما إذا كان سلطاناً أو سيد أمة وقواعدنا لا تأبى ذلك بل قد يقتضى به على أن بعضهم قال: رأيت في موضع معزو إلى (المبسوط) الولاية بالسبب العام تثبت للمسلم على الكافر كولاية السلطنة والشهادة.

(ولا) تثبت (للكافر على المسلم) فقد ذكر معنى هذا الاستثناء وعلى هذا فللقاضي تزويج اليتيمة الكافرة حيث لا ولي لها وكان ذلك في منشوره ولم يقل وفاسق إيماء إلى أن الفسق لا يسلب وهذا هو المشهور، لا كما في (المعراج) ولا خلاف أن ثبوت الولاية للمستور فما في (الجوامع) وجزم به البزازي أن الأب إن كان فاسقاً فللقاضي أن يزوج قدمنا أنه غير معروف (وإذا لم يكن) ثمة (عصبة) لا نسبية ولا سببية، (فالولاية) أي: فولاية الإنكاح (للأم) هذا ظاهر في تقديمها على أم الأب وفي (القنية) أم الأب مقدمة (ثم الأخت لأب وأم) هذا الترتيب هو المفتى به، كما في (الخلاصة) وحكي عن خواهر زادة وعمر النسفي تقديم الأخت على الأم لأنها من قوم الأب أقول: وينبغي أن يخرج ما مر عن (القنية) على هذا القول بقى أن الجد الفاسد مقدم على الأخت عند الإمام وعندهما يشتركان، كما في (المستصفى) قال في (الفتح): وينبغي على ما صححه في الأخ والجد من تقديم الجد الفاسد على الأخت. وكلامه يعطي تأخيره لأنه من ذوي الأرحام فكان ينبغي ذكره مقدماً (ثم لأب ثم لولد الأم) في التعبير بولد الأم إيماء إلى استواء الذكر والأنثى (ثم لذوي الأرحام) هم كما سيأتي قريب ليس بذي سهم ولا عصبة وترتيبهم كالعصبات فتقدم العمات ثم الأخوال ثم الخالات ثم بنات الأعمام ثم بنات العمات وهذا عند الإمام.

وقال محمد: ليس لغير العصبات ولاية وإنما هي للحاكم واختلف النقل عن الثاني ففي (الهداية) الأشهر أنه مع محمد، وفي (الكافي) الجمهور أنه مع الإمام قال الشارح وغيره: وهو الأصح له قوله صلى الله عليه وسلم: (النكاح إلى العصبات) وأل فيها للجنس أي: هذا الجنس مفوض إلى هذا الجنس لا لغيره وحمله الإمام على ما إذا وجدوا أما

ص: 214

ثم للحاكم،

ــ

إذا لم يوجد فالولاية نظرية ولا شك أن هذا النظر يتحقق بالتفويض إلى من هو المختص بالقرابة الباعثة على الشفقة ومن ثم كان قول الإمام استحسان، وما قاله غيره قياس وقد عرف أن العمل على الاستحسان؛ إلا في مسأئل محصورة ليس هذا منها فما في تهذيب القلانس مع أن ما قالاه رواية ابن زيادة وعليه الفتوى غريب. بقي مولى الموالاة ولم يذكروه مع أنه مقدم على القاضي لأنه بمنزلة ذوي الأرحام كما في (المحيط).

(ثم الحاكم) وهو الإمام أو القاضي إذا كان ذلك في منشوره منه وأما نائبه فإن فوض إليه ذلك ملكه وإلا لا، وقوله في (المجتبي): ثم السلطان ثم القاضي ونوابه إذا شرط في عهده تزويج الصغار والصغائر وإلا فلا لا يفيد عدم اشتراط تفويض الأصل للنائب كما توهمه في (البحر) ولو لم يكتب في منشوره فزوج ثم أذن له فأجاز جاز استحساناً في الأصح ثم تزويجه مقيد بغير أبيه ونفسه وينبغي أن من لا تقبل شهادته له كذلك لأنه حكم وحكمه لا يجوز لمن ذكر، وكذا لا يجوز له أن يبيع مال اليتيم من نفسه وبهذا استدل على أن فعله حكم وإن عري عن الدعوة لكن في (فتح القدير) الإلحاق بالوكيل يكفي للحكم مستغنياً عن جعل فعله حكماً مع انتفاء شرطه وكذا إذا باع مال يتيم من نفسه لكل من الوجهين والأوجه ما ذكرنا.

وأقول: الإلحاق بالوكيل يقتضي أن لو زوج أو باع من ابنه بأكثر من القيمة ومن مهر المثل جاز إذ لا خلاف في جواز بيع الوكيل ممن لا تقبل شهادته له بذلك وتعليلهم بأن فعله حكم يقتضي المنع مطلقاً وهو الظاهر، وأيضاً الوكيل يلحقه العهدة والقاضي لا عهدة عليه ومن ثم قال في (القنية): ادعى رجل عليه إجارة أرض اليتيم فأنكر وأراد تحليفه لم يحلف. وكذا لو باع مال يتيم فرده المشتري عليه بعيب، فقال: أبرأتني منه فالقول له بلا يمين وهذا إنما يتم على أنفعله حكم وقد نص محمد في (الأصل) على أن الورثة لو طلبوا القسمة وفهيم غائب وصغير، قال الإمام: لا أقسم بينهم بقوله ولا أقضي على الوارث والصغير لأن قسمة القاضي قضاء منه وحيث على ذلك نص الإمام لم يبق للبحث فيه مجال، فإن قلت: فماذا يفعل فيما إذا اتفقت كلمتهم عليه من أن شرط نفاد القضاء في المجتهدات أن يصير الحكم حادثة تجري فيه خصومة صحيحة عند القاضي/ من خصم على خصم؟ قلت: الظاهر أنه محمول على الحكم القولي أما الفعلي فلا يشترط فيه ذلك من إقامة البينة فخلاف المشهور وقول ابن الإمام حماد يقول لها القاضي: إن لم تكوني قرشية ولا عربية ولا ذات بعل ولا معتدة فقد أذنت لك. فالظاهر أن الشرطين الأولين محمولان على رواية عدم الجواز من غير الكفؤ وأما الثالث فمعلوم الاشتراط، كذا في

ص: 215

وللأبعد التزويج بغيبة الأقرب مسافة القصر ولا يبطل بعوده

ــ

(الفتح) قال في (البحر): والظاهر أنهما عند كذبها بأن كان لها ولي أما إذا كانت صادقة فليس بشرط على جميع الروايات.

وأقول: هذا مما لا حاجة إليه إذ الحمل لا يتأتى وجوده إلا على فرض كذبها لأن الخلاف إنما هو مع وجود الولي لا مع عدمه كما مر والله الموفق. (وللأبعد التزويج بغيبة الأقرب مسافة القصر) لأن هذه الولاية نظرية ولا نظر في التفويض إلى من لا ينتفع برأيه ففوضناه إلى الأبعد وهو مقدم على الحاكم واختلف في حدها فاختار المصنف أنها مسافة القصر ونسبة في (الهداية) لبعض المتأخرين والشارح لأكثرهم وعليه الفتى إلا أن أكثر المشايخ كما في (الهداية) قدروه بفوت الكفؤ الخاطب لو استطلع رأي الأقرب وهو الأصح كما في (المبسوط) ولا تعارض بين أكثر المتأخرين وأكثر المشايخ والأشبه بالفقه قول أكثر المشايخ كذا في (الفتح)، وفرع عليه قاضي خان في (الجامع الصغير) ما لو كان مختفياً في المدينة بحيث لا يتوقف عليه تكون غيبة منقطعة وفيه تظهر فائدة الخلاف ولو زوجها حيث هو لا رواية فيه. وينبغي أن لا يجوز لانقطاع ولايته كذا في (المحيط) وجزم به في (المبسوط).

قال الشارح: وما قالوه في الجنائز من أن الغائب لو كاتب إليه أن قدم زيداً في جنازة الصغير فللأبعد منعه يدل على ذلك إذ لو كانت باقية لما كان له منعه، لكن في (البحر) عن (الخانية) و (الظهيرية) أن الظاهر هو الجواز ولو عضل الولي انتقلت الولاية إلى الأبعد إجماعاً، كما في (الخلاصة) و (البزازية) وفي (المحيط) أنها تنتقل إلى الحاكم ونقل ابن وهبان عن (المجرد) أن تزويج القاضي الصغيرة عند العضل ينفي ثبوت الخيار لها وفي (المنتقى) عن محمد أن لها الخيار والأول بناء على تزويجه عند العضل بطريق النيابة والثاني على أنه بطريق الولاية وفيه إشارة إلى وهم الطرطوسي حيث لم يجعل تزويجه بطريق الولاية انتهى.

وأقوى ما تمسك به الطرطوسي أنهم قالوا بعدم انتقال الولاية إلى الأبعد عند العضل لولية ولو كان فعله بطريق الولاية لتناقض كلامهم لأنه ولي أبعد وأنت خبير بأن ما في (المجرد) لو خرج على أن فعله بطريق الولاية على القولين لاستقام إذ الخلاف ثابت في تزويجه بطريق الولاية أيضاً على ما مر، والتناقض مبني على تسليم عدم انتقال الولاية إلى الأبعد وقد علمت بثبوته إجماعاً ولو سلم فالمراد بالأقرب والأبعد أولياء النسب لا غيرهم كما في (عقد الفرائد) (ولا يبطل) التزويج السابق (بعوده) أي: الأقرب لأنه صدر عن ولاية تامة، وجعل الشارح الضمير عائداً على الولاية بناء على أن الفعل بالتاء الفوقية أي: لا تبطل ولاية الأبعد يعني السابقة بعود

ص: 216