المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب نكاح الكافر - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٢

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصوم

- ‌باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده

- ‌ فرع

- ‌فصل في العوارض

- ‌ فروع

- ‌ فصل في النذر

- ‌كتاب الحج

- ‌باب الإحرام

- ‌فصل

- ‌فرع

- ‌باب القران

- ‌باب التمتع

- ‌باب الجنايات

- ‌فصل

- ‌ فصل في جزاء الصيد

- ‌باب مجاوزة الميقات بغير إحرام

- ‌باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

- ‌باب الإحصار

- ‌باب الفوات

- ‌باب الحج عن الغير

- ‌باب الهدي

- ‌مسائل منثورة

- ‌كتاب النكاح

- ‌فصل في المحرمات

- ‌باب الأولياء والأكفاء

- ‌فصل في الكفاءة

- ‌فرع

- ‌فصل في الوكالة

- ‌باب المهر

- ‌باب نكاح الرقيق

- ‌باب نكاح الكافر

- ‌باب القسم

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان

- ‌فصل في الطلاق قبل الدخول

- ‌باب تفويض الطلاق

- ‌فصل في الأمر باليد

- ‌فصل في المشيئة

- ‌باب التعليق

- ‌باب طلاق المريض

- ‌باب الرجعة

- ‌فصل فيما تحل به المطلقة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الخلع

- ‌فرع

- ‌باب الظهار

- ‌فصل في الكفارة

- ‌باب اللعان

- ‌فرع

- ‌باب العنين وغيره

- ‌باب العدة

- ‌فرع

- ‌فصل في الإحداد

- ‌باب ثبوت النسب

- ‌باب الحضانة

- ‌باب النفقة

الفصل: ‌باب نكاح الكافر

ولو لم تقل بألف لا يفسد النكاح، والولاء له.

‌باب نكاح الكافر

تزوج كافر بلا شهود، أو في عدة كافر وذا في دينهم جائز ثم أسلما أقرا عليه،

ــ

(و) مقتضاه أنه (لو) قال: قبلت وقع عن الآمر وفي كلامه إيماء إلى سقوط المهر لاستحالة وجوبه على عبدها لكن قدمنا أنه لو تزوج امرأة على منكوحته الأمة فأجاز مولاه لم ينفسخ النكاح بينهما وعللوه بأن هذا غير مستقر فيحتاج إلى الفرق فإن (لم تقل) الحرة (بألف لا يفسد النكاح والولاء له) أي: للمعتق عندهما وسوى الثاني بين الأول والثاني لأنه أمكن تصحيحه أيضاً بتقديم الملك بهبة سقط فيها القبض، فصار كالأمر بالتكفير عنه بالإطعام، ولهما أن القبض الذي هو شرط فيها لا يمكن إثباته اقتضاء لأنه فعل حسي، ولا وجود له في ضمن القول، بخلاف القول فإنه يتضمن قولاً آخر، ويعتبر مراداً معه، بخلاف المقيس عليه لأن الفقير يكون نائباً عن الآمر فيصير قابضاً له، ثم بالاستيفاء يصير قابضاً لنفسه، فإن قلت: لم لا يجوز أن يجعل بيعاً أيضاً وذكر الثمن لا يستلزم وانعقد البيع؟ قلت: المقصود تصحيح التصرف وإن لم يذكر الثمن ينعقد البيع فاسداً كذا في (الحواشي السعدية) أقول: ويشكل عليه ما في (الشرح) لو أكره المأمور على أن يعتق عنه بألف وقع العتق عن الآمر، وبيع المكره فاسد والفرق بين فاسد وفاسد مما لا دليل عليه والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.

باب نكاح الكافر

لما فرغ من نكاح الأحرار والأرقاء من المسلمين شرع في نكاح الكفار، وهذا التعبير أولى من قول القدوري أهل الشرك لأن الباب معقود لنكاح أهل الكتاب أيضاً، واعتذر عنه بأن أراد بهم الكفار إما تغليباً أو ذهاباً إلى أن أهل الكتاب داخلون في المشركين على ما اختاره بعض أصحابنا وإطلاقاً للمشرك عليهم باعتبار قول طائفة منهم عزيز ابن الله والمسيح ابن الله تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، (تزوج كافر بلا) سماع (شهود أو في عدة كافر وذا) أي: هذا التزوج (في دينهم جائز ثم أسلما) أو ترافعا إلينا ولم يذكره لأنه معلوم بالأولى (أقرا عليه) عند الإمام، وقال زفر: لا يقران وهما مع الإمام وفي الأول ومع زفر في الثاني، لأن الخطابات عامة وإنما لا نتعرض لهم إعراضا لا تقريراً فإذا ترافعا أو أسلما والحرمة قائمة وجب التفريق، والفرق لهما أن حرمة نكاح المعتدة مجمع على بطلانه فكانا ملتزمين لها بخلاف النكاح بلا شهود، وله

ص: 283

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أن الحرمة لا يمكن إثباتها حقاً للشرع لأنهم لا يخاطبون بحقه ولا وجه لإيجاب العدة حقاً للزوج لأنه لا يعتقده، وإذا صح النكاح فحالة المرافعة والإسلام حالة البقاء والشهادة ليست شرطاً لها، وكذا العدة لا تنافيها حالة البقاء، كالمنكوحة إذا وطئت بشبهة، وهذا يفيد نفي وجوب العدة من طلاق الكافر عنده حتى لا يثبت الرجعة ولا نسب ولدها إذا أتت به بعد الطلاق لأقل من ستة أشهر.

وقيل: تجب لكنها لضعفها لا تمنع الصحة كالاستبراء يجوز الأمة في حال قيام وجوبه على السيد، والأول أليق، وفي (الهداية) وهو الأصح لما عرف من وجوب تركهم وما يدينون، وفيه نظر لأن تركهم تحرزاً عن الغدر لعقد الذمة لا يستلزم صحة ما تركوا وإياه كالكفر وهو الباطل الأعظم، ولو سلم لم يستلزم عدم ثبوت النسب في الصورة المذكورة بل ملحق به إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق، كذا في (الفتح) ولا يخفى أن وجوب تركهم وما يدينون لا دلالة فيه على القول بصحة ما تركوا وإياه ليورد عليه أنه لا يستلزمه قوله: ولو سلم لم يستلزم مبني على عدم ثبوت النسب منه إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر، والمذكور في (المحيط) / وعليه جرى الشارح أنه لا يثبت النسب إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر وقد غفل عنه في (البحر)، بقي أن مقتضى ما مر من توجيه الإمام أن الكفار لا يخاطبون بالمعاملات وهو خلاف ما ذكره أهل الأصول من الاتفاق على أنهم مخاطبون بها في أحكام الدنيا والنكاح منها، وكونه من حقوق الشرع لا ينافي كونه معاملة فيلزم اتفاق الثلاثة على أنهم مخاطبون بأحكام النكاح غير أنه حكم الخطاب إنما يثبت في حق المكلف ببلوغه إليه والشهرة تنزل منزلته وهي متحققة في حق أهل الذمة دون أهل الحرب، فمقتضى النظر التفصيل بين أن يكون ذمياً فلا يقر عليه وبين أن يكون حربياً فيقر عليه، كذا في (فتح القدير) أيضاً، وأجاب في (البحر) بأن كلام الأصوليين فيما تمحض معاملة والنكاح فيه معنى العبادة على ما مر فلا منافاة، قيد بعدة الكافر لأن نكاح الكافر كافرة في عدة المسلم فاسد إجماعاً، وبكون المتزوج كافراً، لأن المسلم لو تزوج ذمية في عدة كافر ذكر بعض المشايخ أنه يجوز، ولا يباح له وطئها حتى يستبرئها، وقالا: النكاح باطل كذا في (الخانية).

وأقول: وينبغي أن لا يختلف في وجوبها بالنسبة إلى المسلم لأنه يعتقد وجوبها ألا ترى أن القول بعدم وجوبها في حق الكافر مقيد بكونهم لا يدينونها، وبكونه جائز عندهم، لأنه لو لم يكن جائز بأن اعتقدوا وجوبها يفرق إجماعاً.

قال في (الفتح): فيلزم في المهاجرة وجوب العدة إن كانوا يعتقدون لأن

ص: 284

ولو كانت محرمه فرق بينهما

ــ

المضاف إلى تباين الدار الفرقة لا نفي العدة، ولا خلاف بينهم أنهما لو أسلما أو ترافعا وهي منقضية أنه لا يفرق.

(ولو كانت) المنكوبة (محرمه) أي: الكافر كأمه أو بنته وليس الحكم مقصور على المحامية بل كذلك لو تزوج مطلقته ثلاثة وجمع بين خمس أو أختين في عقد (فوق) أي: فرق القاضي (بينهما) بإسلامهما، وكذا بإسلام أحدهما أو مرافعتهما جميعا لا بمرافعة أحدهما عند الإمام خلافا لهما، أما على قولهما فظاهر، لأن لهذه الأنكحة حكم البطلان فيما بينهم، وأما على قوله فلانا وإن كان لها حكم الصحة في الأصح حتى تجب النفقة ويحد قاذفة إلا أن المحامية وما معها تنافي البقاء كما تنافي الابتداء، بخلاف العدة، وأجمعوا أنهم لا يتوارثون بها لأن الإرث ثبت بالنص على خلاف القياس فيما إذا كانت الزوجة مطلقة بنكاح صحيح فيقتصر عليه، قيدنا بكونه تزوج خمسة في عقد لأنه لو تزوجهن على التعاقب فرق بينه وبين الخامسة فقط ولو تزوج واحدة ثم أربعة جاز نكاح الواحدة لا غير، وقال محمد وزفر والشافعي: له أن يختار أربعة منهن كيف ما تزوج، كذا في (الثانية) وبكونه تزوج أختين في عقد وأسلم أنه لو أسلم بعدما فارق واحدة منهما أقرا عليه كذا في (النهاية).

قال في (الفتح): وينبغي على قول مشايخ العراق ما ذكرناه من التحقيق أن يفرق لوقوع العقد فاسدا ويجب التعرض بالإسلام انتهى. ولا يخفى أن مجرد وقوع العقد فاسدا لا أثر له في وجوب التفرقة وإلا لفرق في النكاح بلا شهود بل لا بد من قيام المنافي في البقاء كالمحرمية وهو هنا قد زال فما في (النهاية) أوجه، واعلم أنهما لو ترافعا قبل الإسلام لم يفرق بينهما وفي (الغاية) عن (المحيط) أنه يفرق بطلب المطلقة ثلاثا إجماعا وكذا في الخلع وعدة المسلم لو كانت كتابية وكذا لو تزوجها قبل زوج آخر في المطلقة ثلاثا كذا في (الروح) وغيره والذي رأيته في (المحيط الراوي) بعدما نقل أن المطلقة ثلاثا لو طلبت التسويق يفرق إجماعا قال: وإن لم يطلبا التفريق لا يفرق خلافا لأبي يوسف وزفر لقوله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} [المائدة: 49]، وإنا نقول: بانا أمرنا بتركهم وما يدينون إذا أعطوا الجزية وهذا هو حكم الله تعالى إلا في مواضع يفرق من غير مرافعة بان يخلعها ثم يقيم معها من غير عقد أو يطلقها ثلاثا ثم يتزوجها قبل التزوج بآخر لأنه زنى، لأن الذمي يعتقد كون الطلاق مزيلا للنكات وهو حرام في آية ديان كلها يحدون به، وكذا لو تزوج كتابية في عدة مسلم صيانة لماء المسلم انتهى. وهذا كما ترى يخالف ما

ص: 285

ولا ينكح مرتد أو مرتدة أحدث والولد يتبع خير الأبوين دينا والمجوسي شر من الكتابي،

ــ

في (الغاية) من التوقف على الطلب في الخلع ونحوه وعلى ظاهر ما في (الغاية) فسر في (الفتح) الخلع بأن اختلعت من زوجها الذمي ثم أمسكها فرفعته إلى الحاكم فإنه يفرق.

(ولا ينكح) أي: ولا يصح أن ينكح (مرتد ولا) أن ينكحن (مرتدة أحدًا) من الناس لا موحدة ولا مسلمة ولا كافرة ولا هي كذلك، أما المرتد فلاستحقاقه القتل والإمهال ضرورة التأمل والنكاح يشغله عنه، ولا يرد من وجب عليه القصاص لأن العفو مندوب إليه وأما المرتدة فلأنها محبوسة لله مل وخدمة الزوج يشغلها ولابنه لا ينتظم بينهما المصالح والنكاح ما شرع لعينه بل لمصالحهم (والولد يتبع خير الأبوين دينًا) نظرت له وهذا يتصور من الطرفين في الإسلام/ العارض بان كانا كافرين فاعلم أو أسلمت ثم جاءت بولد قبل العرض على الآخر والتفريق أو بعده في مدة يثبت النحيب في مثلها أو كان بينهما ولد صغير قبل إسلام أحدهما فإنه بإسلام أحدهما يصير الولد مسلما، وأمامي الأصل فلا يتصور إلا أن تكون الأم كتابية والأب مسلمة وهذا إذا اتحدت دارهما ولو حكمت بأن أسلم الأب في دار الحرب والولد في دار الإسلام أما لو تباينت بأن كان الولد في دار الحرب وأبوه في دار الإسلام فإنه لا يصير مسلما إلا بإسلامه.

وقوله في (الفتح) أو على العكس في عدم وجوب نية فرض الإيمان بعد بلوغ من حكم بصحة إسلامه صبيا تبعد لأبويه المسلمين أو لإسلامه وأبواه كافرين ولو كان ذللت فرضا لم يفعله أهل الإسلام عن آخرهم، وقد من أن الصبي لو أسلم وقع فرضا ولا يجب عليه الإتيان به بعد البلوغ اتفاقا ونقل هذا في (البحث) عنه فيما أسلم تبعا والواقع ما قد علمته.

واعلم أن محتارة المصنف أولى من قول القدومي فإن كان أحد الزوجين مسلما فالولد على دينه، لأن عمومه غير صحيح إذ لا وجود لنكاح المسلمة مع كافر وإيه أجيب عنه بحمله على حالة البقاء، بأن أسلمت المرأة ولم يعوض الإسلام على الزوج بعد فجاءت بولد قال في (الحواشي السعدية): ويمكن أن يقال: محل المسالة ما إذا تزوج كافر بمسلمة بالقهر والغلبة كما وقع في (الفتاوى التاترخانية) انتهى. وهذا الاحتمال رده قول القدومي: الزوجين وقول المصنف: الأبوين فتدبره وفرض المسالة في القهر والغلبة لأنه لو خلا عنهما عوقب وعوقبت إن كانت عالمة بحاله والساعي بينهما أيضًا امرأة أو رجلاً كذا في (الفتح)، (والمجوسي شر من الكتابي) أردف هذه الجملة لبيان أن أحد الأبوين لو كان كتابيا والآخر مجوسيًا كان الولد كتابيا نظرًا له

ص: 286

وإذا أسلم أحد الزوجين محور الإسلام على الآخر

ــ

في الدنيا لاقترابه من المسلمين بالأحكام من حل الذبيحة والمناكحة وفي الآخرة بنقصان العقاب هذا في (الفتح)، يعني أن الأصل بقاؤه بعد البلوغ على ما كان عليه وإلا فأطفال المشركين في الجنة، وتوقفت فيهم الإمام كما مر ولم يدخله في الجملة الأولى تحاميل عما وقع في بعض العبارات من إطلاق الخير على الكتابي، بل الشر ثابت فيه أيضا غير أن المجوسي شر، وعن هذا قال في (الخلاصة): لو قال: النصرانية خير من اليهودية كفر، وينبغي أن يقول: اليهودية شرين لنصرانية وعلله الجزائي بأنه أثبت الخير لما هو قبيح شرعي ومحققا ثابت قبحه بالقطعي.

قال في (البحر): وهذا يقتضي الكفر بقوله؟ الكتابي خير من المجوسي، مع أن العبارة وقعت لبعض المشايخ كما قد علمت إلا أن يفرق بأنه لا حيوية في إحدى الملتين على الأخرى في أحكام الدنيا والأخرى بخلاف الكتابي بالنسبة إلى المجوسي للفرق بين أحكامهما في الدارين، وأقول: هذا الفرق ينافيه ما مر من التعليل على أنه نقل عن (جامع الفصيلين) لو قال: النصرانية خير من المجوسية كفر قال الجزائي: والمذكور في كتب السنة أن المجوسي أقعد حالة من المعتزلة لإثبات المجوسي خالقين فقط وهؤلاء خالقا لا عدد له وفيه إثبات الخيارية للمجوسي على المعتزلة بقدر ما، وأجيب عنه بأن المنهي عنه أو كونهم خيول من كذا مطلقة لا كونهم أسعد حالاً بمعنى أقل مكابرة وأدنى إثباتا للشوك، إذ يجوز أن يقال: كفر بعض أخف من بعض وعذاب بعض أدنى من بعض وأهون، أو الحال بمعنى الوصف كذا قيل، ولا يتم وقد يقال: المنع من قولهم النصرانية خير من اليهودية لأن نزاعهم في النبوات ونزاع النصراني في الإلهيات، وقوله تعالى: {وقالت اليهود عزير بن الله) [التوبة: 30]، كلام طائفة قليلة كما صرح به في التفسير انتهى. وهذا يقتضي أن لا كفر بقوله: الكتابية خير من المجوسي على معنى أقل مكابرة وأدنى إثباتا للشرك وأنه لا كفر أيضا بقوله: اليهودية خير من النصرانية حيث كان المنع من العكس، باعتبار أن كفر النصرانية أغلظ لكن مقتضى ما مر عن (جامع الفصيلين) القول بالكفر في الصورتين وهو الموافق للتعليل الأول وكانه الذي عليه المعول.

قال في (البحر) ويلزم على الثاني تبعية الولد المتولد بين يهودي ونصراني للأول، يعني: وليس بالواقع، (ولو أسليم أحد الزوجين) هذا اللفظ دمامل لما كانا كتابيين أو مجوسيين أو أحدهما كتابيا والآخر مجوسية والمسلم الزوج أو الزوجة أخرج المصنف مما سيأتي ما لو أسلم زوج الكتابية فبقي ما عداه مرادًا (وعرض الإسلام على الآخر) بالغة كان أو مميزا ولو كان غير مميز انتظر عقله ولو مجنونا لم

ص: 287

فإن أسلم وإلا فرق بينهما وإباؤه طلاق، لا إباؤها، ولو أسلم أحدهما ثمة لم تبن حتى تحيض ثلاثا،

ــ

ينتظر لعدم نهايته فيعرض الإسلام/ على أبويه فإن أسلم أحدهما بقي النكاح لتبعيته له أفإن أسلمت لم يفرق بينهما (وإلا) أي: وإن لم يسلم الآخر بان أبى عن الإسلام ومنه ما إذا سكت غير أنه في هذه الحالة يكرر عليه العرض ثلاثا احتياطي، كذا في (المبسوط)(فرق بينهما)، لما رواه الطحاوي وغيره:(أن عمر رضي الله عنه فرق بين نصراني ونصرانية بإبائه عن الإسلام) وقيده إيماء إلى بقاء النكاح قبل التفريق حتى لو مات قبله وجب لها كل المهر وإن لم يدخل بها.

قال في (البحر): ويرد عليه ما لو أسلم زوج المجوسية فتهودت أو تنصرت فإنهما على نكاحهما كما لو كانت كذلك ابتداء كما في (المبسوط) ويمكن أن يراد بالكتابية ولو مآلاً فلا يرد، (وإباؤه) أي: الزوج (طلاق) عندي ما خلافًا للثاني لأنه لا يتصور وجوده من المرأة، وبمثله لا يقع الطلاق فصار كالفرقة بسبب الملك وخيار البلوغ والمحرمية بالرضاع ولهما، أنه فات الإمساك بالمعروف فوجب التسريح بالإحسان، فإن طلق وإلا ناب القاضي منابه في ذلك فيكون طلاقا إذا كان نائبا عمن إليه الطلاق، لأن له إنما ينوب عنه فيما إليه التفريق والذي إليه الطلاق، وفي هذا تصريح بأنه لو طلق وقع ولم يحتج إلى التفريق وأما المرأة فالذي إليها عند قدرتهما على الفرقة شرعا الفسخ فإذا أبت ناب القاضي منابها فيما إليها التفريق به فلا تكون الفرقة منها إلا فسخه، وهذا معنى قوله (لا إباؤها) بخلاف الملك والحرفية فإن الفرقة فيهما لا بهذا المعنى بل للتنافي، وأما خيار البلوغ فإنه ملك الفرقة فيه لتطرق الخلل إلى المقاصد بسبب قصور موفقة العاقد لقصور قرابته وعلى اعتباره لا يكون النكاح منعقدا من الأهل، واعلم أن في جعل الإباء طلاقا نوع تجوز، وفي الحقيقة إنما هو سبب فقط كما يفصح عق ذلك ما هو.

(ولو أسلم أحدهما) أي: في دار الحرب (لم تبني) زوجته منه إن لم يسلم الآخر (حتى تحيض ثلاثاً) أو يمضي عليها ثلاثة أشهر لو كانت آنسة أو صغيرة، لأنه لا بد من الفرقة تخليصه للمسلمة عن ذل الكافر، والإسلام لا يصلح أن يكون سببا لها والعرض متعذر لعدم الولاية فأقمنا شروطها وهو مضي الحيض مقام السبب كما في حفر البئر، وهذا يقتضي أنه لو كان هو المعالم توقف انخساف على مضي ثلاث حيض وهو الموافق لما مر لا أنها تبين كما هو ظاهر الإطلاق، أقول: وينبغي أن يكون

ص: 288

فإذا حاضت ثلاثة بانت، ولو أسلم زوج الكتابية بقي نكاحها، وتباين الدارين سبب الفرقة

ــ

ما ليس بدار حرب ولا إسلام ملحقة بدار الحرب هنا كالبحر لأنه لا قهر لأحد عليه فإذا أسلم أحدهما وهو راكب توقفت البينونة على مضي ثلاث حيض أخذ من تعليلهم بتعذر العرض بعدم الولاية، وإطلاقه يعم المدخول بها وغيرها، وفيه إيماء إلى أن هذه الحيض ليست بعدة إذ لو كانت لاختصت بالمدخول بها، وسكت عنها للإشارة إلى عدم وجوبها في المدخول بها، أما إذا وقعت الفرقة بإسلامه فبالإجماع وإن كانت هي المسلمة فكذلك عند الإمام خلافا لهما كما في (المبسوط) وغيره وجزم الطحاوي بوجوب العدة عليها وكانه ميل إلى قولهما، وفي قوله: لم تبن إيماء إلى أن هذه الفرقة طلاق وهو قولهما وجزم به محمد في (السير الكبير) وقال الثاني: هي فسخ وروي عنه كقولهما.

(ولو أسلم زوج الكتابية) ولو مآلاً كما مر (بقي نكاحها) لأنه يجوز له التزوج بها ابتداء فالبقاء أولى لأنه أسهل، ولذا شرطت الشهادة فيه ابتداء لا بقاء (وتباين الدارين) يعني حقيقة وحكمًا إذ المطلق يصرف إلى الكامل (سبب الفرقة) حتى لو خرج أحدهما من دار الحرب إلى دار الإسلام مسلما أو ذميا أو أسلم أو عقد عقد الذمة في دار الحرب وقعت الفرقة بينهما لأنه ينافي انتظام المصالح، وما ينافيها يقطع النكاح كالمحرمية والمراد بالتباين حقيقة تباعدت ما شخصاً وبالحكم أن لا يكون في الدار التي دخلها على سبيل الرجوع بل على سبيل القرار والسكنى، حتى لو دخل الحربي دارنا بأمان لم تبن زوجته لأنه في داره حكما إلا إذا قبل الذمية وفي (المحيط) مسلم تزوج حربية في دار الحرب فخرج بها رجل إلى دار الإسلام بانت من زوجها بالتباين، فلو خرجت بنفسها فبل تزوجها لم تبن لأنها صارت من أهل دارنا بالتزامها أحكام المسلمين، إذ لا تمكن من العود والزوج من أهل دار الإسلام فلا تباين.

قال في (الفتح) بعد نقله: يريد في الصورة الأولى إذا أخرجها الرجل قهرًا حتى ملكها لتحقق التباين بينها وبين زوجها حينئذ حقيقة وحكما أما حقيقة فظاهر وأما حكمًا فلأنها في دار الحرب حكما وزوجها في دار الإسلام، قال في "الحواشي السعدية": وفي فوله وأما حكما فلأنها في دار الحرب حكما بحث انتهى. ولعل وجهه ما مر من أن معنى الحكم أن لا يكون لم في الدار التي دخلها على سبيل الرجوع بل عليه سبيل القرار وهي هنا كذلك إذ لا تمكن من الرجوع ثم راجعت (المحيط الرضوي) فإذا الذي فيه ما لفظه: مسلم تزوج حربية كتابية في دار الحرب فخرج عنها الزوج وحده بانت ولو خرجت المرأة قبل الزوج لم تبن، وعلله بما مر وهذا لا غبار

ص: 289

لا السبي، وتنكح المهاجرة الحائل بلا عدة وارتداء أحدهما فسخ في الحال،

ــ

عليه فالظاهر إنما وقع في نسخة صاحب (الفتح) تحريف والتصويب ما أسمعتك، ألا السبيل لأنه يوجب ملك الرقبة وهو لا ينافي النكاح ابتداء ولذا لو زوج أمته جاز فكذا بقاء، ولهذا لو كانت النسبية منكوبة مسلم أو ذمي لا يبطل النكاح كذا في (العناية) وهذا يؤيد البحث السابق والله الموفق، (وتنكح المهاجرة) إلينا وهي التاركة دارها إلى أخرى على عزم عدم العود مسلمة أو ذمية، (الحائل) وهي التي لم تكن حاملاً بلا عدة) بيان لحكم ما تضمنته الجملة الأولى، وهي ما لو خرجت المرأة حتى بانت فإنه يجوز نكاحها بلا عدة، وهذا عند الإمام وأوجباها، وضع المسألة في المهاجرة لأن التي طلقت في دار الحرب لا عدة عليها اتفاقا لهما أن الفرقة وقعت بعد الدخول في دار الإسلام فيلزمها حكم الإسلام واختلف في لحوق الطلاق محليها في العدة لو خرج بعدها قال أبو يوسف: لا يقع.

وقال محمد: يقع إلا أن تكون محرمة وأثر الخلاف يظهر فيما لو طلقها ثلاثًا لا يحتاج زوجها في تزويجها إذا أسلم إلى زوج آخر عند أبي يوسف خلافا لمحمد، وله أنها وجبت لإظهار خطر النكاح المتقدم ولا خطر لملك الحربي، قيد بالحائل لادن الحامل لا يسمح نكاحها حتى تضع وروى الحسن أنه يصح ولكن لا يقربها زوجها حتى تضع والأول أصح، ورجح المقطع رواية الحسن وظاهر الرواية هو الأول وظاهر كلامه يعطي أن عدم صحة نكاح الحامل للعدة وليس بالواقع، بل لا عدة عليها أيضا وحرمة نكاحها إنما هي لأن في بطنها ولدت ثابت النسب فظهر في حق المنع احتياطًا.

(وارتداد أحدهما) أي: أحد الزوجين (فسخ) عند الإمام فلا ينقص عددا بخلاف إبائه وسوى محمد بينهما في أن كلأ منهما طلاق، وأبو يوسف مر على أصله من أنها فسخ كإبائه وفرق الإمام بأن الردة منافية للنكاح لمنافاتها العصمة والطلاق يستدعي قيام النكاح فتصدر أن تجعل طلاقا بخلاف الإباء لأنه يفوت الإمساك بالمعروف فيجب التسريح بالإحسان، ولذا توقف على القضاء دونها، (في الحال) فلا يتوقف على القضاء لا فرق بين المدخول بها وغيرها وهذا في المرأة هو ظاهر الرواية لكنها تجبر على الإسلام، بخلاف ما إذا ارتد هو، والنكاح مع زوجها الأول ولا يتزوجها غيره وهو الصحيح كما في (المحيط) وغيره قال الولوالجي: وعليه الفتوى ولكن للقاضي أن يحدده بمهر يسير ولو دينارا رضيت أم لا، وظاهر أن يحل جبرها

ص: 290

فللموطوءة المهر ولغيرها النصف إن ارتد، وإن ارتدت لا، والإباء نظيره

ــ

على النكاح ما إذا طلبه أما لو سكت أو تركه صريحًا فإنها لا تجبر وتزوجٍ من غيره لأنه ترك حقه، وأفتى بعض مشايخ بلغ وسمرقند بعدم الفرقة بردتها حسما لاحتيالها على الخلاص بأكبر الكبائر، وعامة مشايخ بخارى قالوا: إن هذا يحصل بالجبر المتقدم فلا ضرورة إلى إسقاط اعتبار المنافي.

قال في (جامع الفصيلين): وأقول: إن جبر الحرة البالغة مناف للشرع أيضا ما هربوا منه من إسقاط اعتبار الثاني ورده في (البحر) بان الجبر محليه ضرورة عهد شرعًا في الجملة كالرقيق والصغير بخلاف بقائه جمع المنافي واختاروا في تعزيرها هنا قول الثاني في أكتره وهو خمسة وسبعون وسطا كأنه لزيد جرمها بخلاف غيرها مع أن (الحاوي القدسي) قال: وبقول الثاني نأخذ يعني في الكل، ولا تسترق ما دامت في دار الإسلام في ظاهر الرواية وفي رواية (النوادر) تسترق ولو كان الزوج عالمي استولى عليها بعد الردة تكون فيئا للمسلمين عند أبي حنيفة ثم يشتريها من الإمام أو يصرفها إليه إن كان مصرفا فلو أفتى مفت بهذه الرواية حسما لهذا الأمر لا بأس به كذا في "القنية".

قال في (البحر): وعلى هذهـ الرواية فللزوج أن يبيعها بعد الاستيلاء إلا أن تكون ولدت منه لما في (الثانية) لو لحقت أم الولد بعد ارتدادها بدار الحرب ثم سبيت وملكها السيد عاد كونها أم ولد ولا يخفى أن الإفتاء بما اختاره بعض أئمة بلد أولى من الإفتاء بما في " النوادر" ولقد شاهدنا من المشاق في تجديدها فضلا عن جبرها بالضرب ونحوه ما لا يعد ولا يحد وقد كان بعض مشايخنا من علماء العجم ابتلي بامرأة تقع فيما يوجب الكفر كثيرًا ثم تنكر وعن التجديد تابي، ومن القواعد المشقة تجلب التيسر والله الميسر/ لكل عسير، هذا وسكت عن العدة ولا ريبة في 111951، وجوبها غير أنه لا نفقة لها فيها لكن لها السكنى وبه يفتى كما في ألفاظ التكفير من (الخلاصة) هذا إذا كانت في المرتدة فإن كان هو المرتد فلها النفقة ولو ماتت فيها ورثها زوجها المسلم استحسانا لا قياسا وهو قول زفر كذا في "الثانية" وفيها لو لحقت بدار الحرب كان له أن يتزوج بأختها وأربع سواها (فللموطوءة) ولو حكما (المهو) سواء كان الارتداد منه أو منها لتأكده بالوطء (ولغيرها) أي: الموبوءة (النصف) أي: نصف المسمى وإلا فالمتعة لأن الفرقة من قبله، (وإن ارتدت) المرأة (لا) أي: لا يجب شيء لأن الفرقة جاءت من قبلها قبل تؤكده لا فرق في ذلك بين الحرة والأمة الكبيرة والصغيرة، (والإباء) أي: إباء أحدهما عن الإسلام بعد إسلام الآخر (نظيره) أي: الارتداد، فإن وجد من أيهما كان بعد الدخول وجب المهر وإلا

ص: 291

وإذا ارتدا معًا أو أسلما معًا لم تبن وبانت لو أسلما متعاقبًا

ــ

فإن كان منه فالنصف وإلا فلا شيء، (وإن ارتدا معًا) بان لم يعرف سبق أحدهما على الأخر أما المعية الحقيقية فمتعذرة وما في (البحر) هي ما لو مسلم أنهما أبى جدًا بكلمة واحدة ففيه بعد ظاهر نعم ارتدادهما معًا بالفعل ممكن بان حملاً مصحفًا وألقياه في القارورة أو سجدا للصنم معا أو أسلما معًا لم تبني من زوجها استحسانا، لأن بني حنيفة حي من العرب ارتدوا بمنع الزكاة فبعث إليهم الصديق بالجيوش فاعلموا ولم تذمرهم الصحابة بتجديد الأنكحة والارتداد منهم كان معًا لجهالة التاريخ والمراد بالمعية عدم تعاقب كل زوجين منهم أما جميعهم فلا، لأن الرجال جاز أن يتعاقبوا ولا تفسد أنكحتهم إدا كان كل رجل ارتد مع امرأته معه، لكن هذا الاستدلال إنما يتم بتقدير أن منعهم كان لجحد افتراضها ولم ينقل وقتالهم لا يستلزمه لجوازه إذ أجمعوا على منعهم حقًا شرعيًا وعطلوه فالأوجه الاستدلال بوقوع ردة العرب وقتالهم على ذلك فإنه من غير تعيين بني حنيفة ومانعي الزكاة قطعي، ولم يؤمروا بتجديد الأنكحة هذا حاصل ما في (الفتح) وقد يقال: إن قوله في الرواية فاعلموا دليل على أن المنع كان جحدا، والمسألة مقيدة بما إذا لم يلحق أحدهما بدار الحرب فإن لحق بانت وكان استغنى عنه بما قدمه من أن تباين الدارين محبب الفارقة قيده بالردة لأن المسلم لو كان تحته نصرانية فتهودت وقعت الفرقة بينهما اتفاقا واختلف الشيخان فيما لو توجسا قال أبو يوسف: تقع ومحمد: لا تقع، لأبي يوسف أن الزوج لا يقر على ذلك والمرأة تقر فصار كردة الزوج وحده، وفرق محمد بان المجوسية لا تحل للمسلم فإحداثها كالارتداد.

وفي (المحيط) لو كانت النصرانية صغيرة فتوجس أبواها بانت ولا مهر لها ولو ارتدا لم تبق إلا إذا لحقا بدار الحرب لأنها مسلمة تبعا للأبوين والدار ولا يمكن في الأول الحكام بالإسلام تبعد للدار لانتفاء تبعيتها ما دامت تبعية الأبوين قائمة، ولو مات أحدهما مسلما أو مرتدة ثم ارتد الآخر ولحق بدار الحرب لم تبن لأن التبعية حكم تنامى بالموت مسلما أو مرتدة لأن أحكام الإسلام قائمة، ألا ترى أن كسبه يكون لورثته المسلمين، ومتى تناهت لا تبطل بكفر الآخر ولو بلغت عاقلة مسلمة ثم جنت فارتدا ولحقا بدار الحرب لم تبق انتهى ملخصًا وفي الفرق بين ما لو توجسا أو ارتدا تعمل فليتدبر، (وبانت) المرأة الو أسلما) أي: الزوجان المرتدان (متعاقبًا) صفة لمحذوف أي: إسلامي متعاقبة لأن ردة الآخر منافية للنكات ابتداء فكذا بقاء وعرف منه بينونتها بما لو بقي أحدهما مرتدا بالأولى ثم إن كان المسلم هو الزوج قيل الدخول فلا مهر لها وإن أي كان لها النصف أو المتعة.

ص: 292