المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب طلاق المريض - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٢

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصوم

- ‌باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده

- ‌ فرع

- ‌فصل في العوارض

- ‌ فروع

- ‌ فصل في النذر

- ‌كتاب الحج

- ‌باب الإحرام

- ‌فصل

- ‌فرع

- ‌باب القران

- ‌باب التمتع

- ‌باب الجنايات

- ‌فصل

- ‌ فصل في جزاء الصيد

- ‌باب مجاوزة الميقات بغير إحرام

- ‌باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

- ‌باب الإحصار

- ‌باب الفوات

- ‌باب الحج عن الغير

- ‌باب الهدي

- ‌مسائل منثورة

- ‌كتاب النكاح

- ‌فصل في المحرمات

- ‌باب الأولياء والأكفاء

- ‌فصل في الكفاءة

- ‌فرع

- ‌فصل في الوكالة

- ‌باب المهر

- ‌باب نكاح الرقيق

- ‌باب نكاح الكافر

- ‌باب القسم

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان

- ‌فصل في الطلاق قبل الدخول

- ‌باب تفويض الطلاق

- ‌فصل في الأمر باليد

- ‌فصل في المشيئة

- ‌باب التعليق

- ‌باب طلاق المريض

- ‌باب الرجعة

- ‌فصل فيما تحل به المطلقة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الخلع

- ‌فرع

- ‌باب الظهار

- ‌فصل في الكفارة

- ‌باب اللعان

- ‌فرع

- ‌باب العنين وغيره

- ‌باب العدة

- ‌فرع

- ‌فصل في الإحداد

- ‌باب ثبوت النسب

- ‌باب الحضانة

- ‌باب النفقة

الفصل: ‌باب طلاق المريض

‌باب طلاق المريض

طلقها رجعيًا، أو بائنًا في مرضه،

ــ

بدونها فلا يفيد إلا بما أفاد الثلاث فلا يعتبر، فصار كأنه قال أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة كذا في (البزازية) والله الموفق للصواب.

باب طلاق المريض

ويقال الفار أيضًا، وبه عنون بعض المتأخرين لأن حكم الباب لا يختص بالمريض والمصنف كغيره إنما ترجم به نظرًا إلى أصالته فيه، ثم حده هنا أن يعجز عن قضاء مصالحه خارج البيت هو الأصح كما في (الشرح) وفي (البزازية) وفي حقها أن تعجز عن المصالح الداخلة، وهذا أولى من قوله في (فتح القدير): وأما في المرأة فإذا لم يمكنها الصعود إلى السطح فهي مريضة انتهى. وهو مذكور في (الذخيرة) ومقتضى الأول أنها لو قدرت على نحو الطبخ دون صعود السطح لم تكن مريضة وهو الظاهر والمفلوج والمسلول والمقعد/ ما دام يزداد ما به فهو غالب الهلاك وإلا فكالصحيح وبه كان يفتي برهان الأئمة والصدر الشهيد، والمقرب للقتل كالمريض وكذلك المرأة في حال الطلقة وهل كذلك الصحيح في حال فشو الطاعون قال الشافعية: نعم.

قال في (الفتح): ولم أره لمشايخنا انتهى، لكن قواعدهم تقتضي أنه كان كالصحيح قال العسقلاني في كتابه (بذل الطاعون) وهو الذي ذكره لي جماعة من علمائهم واستدل عليه في (الأشباه) كما سيأتي: إن من كان في صف القتال إذا طلق لا يكون فارًا وغاية من كان ببلد فيها الطاعون أن يكون كذلك انتهى، (طلقها رجعيًا، أو بائنًا) طائعًا احترازًا عما لو أكره على طلاقها فإنها لا ترث كما لو أكرهت على سؤالها الطلاق حيث ترث كما في (القنية) وعرف منه أن لو جامعها ابنه مكرهة فإنها ترث، ولم يقيده به لأن الطواعية هي الأصل فصرف الطلاق إليها، نعم الطلاق ليس بقيد بل كذلك لو أبانها بخيار بلوغ وتقبيل أمها وابنتها وردته كما في (البدائع) وكأنه أراد به كل فرقة جاءت من قبله (في مرضه) قيد في البائن أما الرجعي فيتوارثان فيه مطلقًا ما بقيت العدة ولا يشترط فيه أهليتها لميراثه إلا وقت الموت

ص: 406

ومات في عدتها ورثت، وبعدها لا

ــ

حتى لو كانت وقت الطلاق مملوكة أو كتابية فأعتقت أو أسلمت في العدة ورثته بخلاف البائن فإنه يشترط أهليتها فيه لإرثها من وقت الطلاق إلى الموت، وخرج به ما لو أبانها وهو صحيح ثم مرض (ومات) وهي في العدة فإنها لا ترث وعندي إنه كان ينبغي حذف الرجعي من هذا الباب لأنها فيه ترث، ولو طلقها في الصحة ما بقيت العدة بخلاف البائن فإنها لا ترثه إلا إذا كان في المرض، ولقد أحسن القدوري في اقتصاره على البائن، ولم أر من نبه على هذا ثم المراد بالمرض الذي اتصل به الموت حتى لو صح ثم مات (في عدتها) لم ترث أما إذا لم يصح حتى قتل أو مات من غيره (ورثت)، وكذا لو علق طلاقها بمرضه كما صححه في (الخانية) أو وكل به وهو صحيح فأوقعه حال مرضه فأدوا على عزله لا إذا لم يقدر كما في (الظهيرية)، وفي الكافي قال صحيح لزوجتيه: إحداكما طالق ثم بين ذلك في المرض صار بالموت فار.

أقول وعلى هذا فينبغي أنه لو حلف وهو صحيح لكنه حنث وهو مريض فبينة في واحدة أنه يكون فارًا أيضًا ولم أره ولو كذبها الورثة بعد الموت في كون الطلاق فيه القول لها، بخلاف ما لو كانت أمة فادعت العتق قبل موته وقالت الورثة: إنما كان بعده حيث يكون القول لهم، واعلم أنه لو ارتد وهو الصحيح وقتل على ردته أو لحق بدار الحرب ورثته بخلاف ردتها وهي صحيحة، والفرق أن ردته في معنى مرض موته بخلاف ردتها أما لو ارتدت وهي مريضة ورثها ومات في العدة فيه إيماء إلى أنها مدخول بها قيد بموته لأنها لو ماتت وهي مريضة في العدة لم يرثها الزوج لأنه بطلاقه إياها رضي بإسقاط حقه ورثت منه سواء على أهليتها لإرثه أو لا، حتى لو كانت أمة أعتقها المولى أو كتابية أسلمت ولم يعلم حتى أبانها في مرضه ورثت، كما في (الظهيرية) وفي (الخانية) قال المولى لأمته: أنت حرة غدًا وقال الزوج: أنت طالق ثلاثًا بعد غد إن علم بكلام المولى كان فارًا وإلا لا (وبعدها لا)، لأن الزوجية سبب لإرثها في مرضه وقد قصد إبطاله فرد عليه قصده بتأخير علمه إلى زمان انقضاء العدة دفعًا للضرر عنها وقد أمكن، لأن النكاح في العدة يبقى في حق بعض الآثار فجاز أن يبقى في حق بعض الآثار فجاز أن يبقى في حق إرثها عنه بخلاف ما بعد الانقضاء لأنه لا إمكان وما في (البحر) قد علم من كلامهم أنه لا يجوز للزوج المريض التطليق لتعلق حقها بإرثه فيه نظر لأن الشارع حيث رد عليه قصده لم يكن آتيًا إلا بصورة الإبطال لا بحقيقته فتدبره، وفي (البدائع) اختلف في الوقت الذي يصير النكاح سببًا لاستحقاق الإرث، فالمتأخرون على أن النكاح القائم وقت المرض هو السبب وبقولنا قال كثير من الصحابة بل لم

ص: 407

ولو أبانها بأمرها، أو اختلعت منه، أو اختارت نفسها بتفويضه لم ترث. وفي طلقني رجعية فطلقها ثلاثًا ورثت، وإن أبانها بأمرها في مرضه أو تصادقا عليها في الصحة، ومضى العدة فأقر أو أوصى لها

ــ

يعلم عن صحابي خلافه كما في (الفتح)(ولو أبانها بأمرها) نبه بهذا على أن ذلك الإطلاق مقيد بما إذا كان الطلاق بغير رضاها، وأورد أن أمرها لا يزيد على قولها أسقطت ميراثي منك وثم لا يسقط، وأجيب بأن الميراث لا يحتمل السقوط مقصودًا ولكن سببه وهو الزوجية يحتمل الرفض قيد بالبائن/ لأن سؤالها الرجعي لا يمنع إرثها كما سيأتي وفي كلامه إشارة إلى أنها لو فارقته بجب أو عنة أو خيار بلوغ أو عتقها لم ترث ولو وجدت هذه الأمور منها حال مرضها ورثها كذا في (الشرح) والمذكور في (الجامع) أنه في الفرقة بالجب واللعان لا يرثها لأنه طلاق فكانت مضافة إليه وجزم به في (الكافي) (أو اختلعت منه) أي: من الزوج (أو اختارت نفسها بتفويضه) واحدة وهي قوله لها: اختاري نفسك (لم ترث) لأنها رضيت بإسقاط حقها، أما في الأول فالأمر منها بالعلة، وأما في الأخيرين فلأنهما باشرا العلة، أما في التخيير فظاهر لأنه تمليك منها وأما في الخلع فلأن التزام المال علة العلة لأنه شراء الطلاق ومباشرة إحدى وصفي العلة كمباشرتها.

وقالوا: لو طلقت نفسها ثلاثًا في صحته أو مرضه فأجازه الزوج في مرضه ورثته مع أن تطليقها ظاهر في رضاها به، وأجاب الشارح وغيره بأن المبطل للإرث إنما هو إجازته وأنت خبير بأن هذا لا يجدي نفعًا فيما إذا كان الطلاق في مرضه إذ دليل المرض فيه قائم وفي (الخانية) أبانها في مرضه ثم قال لها: إن تزوجتك فأنت طالق ثلاثًا فتزوجها في العدة ومات في مرضه لم ترث لأنه موت في عدة مستقبلية فأبطل حكم الفرار بالطلاق الأول، والثاني وإن وقع إلا أن شرطه حصل بفعلهما فلا يكون فرارًا خلافًا لمحمد قيد باختلاعها لأن الاختلاع الأجنبي لا يبطل إرثها، (وفي) قولها:(طلقني رجعية فطلقها ثلاثًا ورثت) تصريح بمفهوم قوله أبانها بأمرها، وهذا لأنها لم تكن بسؤالها الرجعي راضية بإبطال حقها، ولو قال: وفي طلقني فأبانها ورثت لكان أفود وأخصر إذ يعلم منه ما لو نصت على الرجعي أو أوقع ثلاثًا بالأولى.

وفي (البحر) أراد بالرجعي نفي سؤالها البائن وبالثلاث البائن، ولك أن تقول: قيد بقوله رجعية احترازًا عما لو قالت بائنة فطلقها ثلاثًا فإنها لا ترث، كما هو مقتضى إطلاقه المتقدم، (وإن أبانها بأمرها) أي: الزوجة (في مرضه) أي: الزوج وأعاد المسألة ليترتب عليها وجوب الأقل من الإرث ومما أقر به (أو تصادقا عليه) أي: على وجوب البينونة منه (في الصحة و) على (مضي العدة فأقر) لها بدين (أو أوصى لها)

ص: 408

فلها الأقل منها ومن إرثها

ــ

بشيء تنازع فيه أقر وأوصى، (فلها الأقل منه) أي: من المقر والموصى به (ومن إرثها) منه ليست من فيها صلة لا فعل التفضيل لاقتضائه أن يكون الواجب أقل من كل واحد منهما بل للبيان وأفعل استعمل باللام فيجب أن يقال: أو من الإرث لأنه لما كان الأقل بينه بأحدهما وصلة الأقل محذوفة وهو من الأجزاء فلها أحدهما الذي هو أقل من الآخر، فتكون الواو بمعنى أو تكون على معناها لكن لا يراد بها المجموع بل الأقل الذي هو الإرث تارة والموصى به أخرى فتكون الواو للجمع لأن الأقلية ثابتة لكن بحسب زمانين قاله صدر الشريعة، واعترضه يعقوب باشا بأنها إذا كانت للجمع في أفعل بحسب زمانين لا يجب إذا كانت صلة أن يكون الواجب أقل من كل واحد منهما ومعلوم أن لها أحدهما لا غير، نعم لا يجتمع من واللام وجعلها في (إيضاح الإصلاح) متعلقة بالظرف أي: يثبت لها دائمًا من الموصي به ومن الإرث ما هو أقل وهذا عند الإمام وقالا: في التصادق يجوز قراءة ووصية لأنها صارت أجنبية عنه فانعدمت التهمة، ألا يرى أنه يقبل شهادته لها ويجوز وضع الزكاة فيها بخلاف الأولى، لأن بقاء العدة سبب للتهمة وله أن التهمة قائمة في المسألتين أما في الأولى فلبقاء العدة وأما في الثانية فلأن المرأة قد تختار الطلاق لينفتح باب الإقرار والوصية فيزيد، والزوجان قد يتواضعان على ذلك ليبوئها الزوج بماله زيادة على ميراثها فينفتح، وهذه التهمة في الزيادة فرددناها ولا تهمة في قدر الميراث ولا في حق الزكاة والشهادة، قال السروجي: وينبغي تحكيم الحال إن تركت خدمته في مرضه لخصومة سبقت فيصح لعدم التهمة، وإلا لا يصح أخذًا مما في (الذخيرة) قال: تزوجت علي فقال: كل امرأة لي طالق قيل: الأولى تحكم الحال إن كان قد جرى بينهما خصومة نزل على غضه يقع الطلاق عليها أيضًا وإلا لا.

قال في (الفتح): وقد يفرق بأن حقيقة الخصومة ظاهرة في قولها: تزوجت علي ونحوه إذا أقرت بالمشاجرة أما هنا فلا إذ الإيصاء بما هو أكثر من الميراث ظاهر في أن تلك الخصومة ليست على حقيقتها، وكثير ما يفعل أهل الحيل ذلك للإعراض، وأنت خبير بأن اعتزالها عنه في مرضه الذي هو زمان للحرمة والشفقة ظاهر أيضًا في خصومته والإيصاء لها بالأكثر قد يكون طمعًا في إبراء ذمته وتذكيرًا بسبق مودته وقد قرر في العدد عند قول صاحب (الهداية) / ومشايخنا يعني بخاري وسمرقند يفتون في الطلاق إن ابتدأها من وقت الإقرار نفيًا للتهمة والمواضعة انتهى، يعني ليصح إقرار المريض لها بالدين أو ليتزوج أختها أو أربعًا سواها وإذا كان مخالفة هذا الحكم بهذه التهمة فينبغي أن يتجزى به محال التهمة، والناس الذين هم مظانها،

ص: 409

ومن بارز رجلاً، أو قدم ليقتل بقود، أو رجم، فأبانها ورثت

ــ

ولذا فصل السعدي حيث قال ما ذكر محمد من أن ابتدأ بها من وقت الطلاق محمول على ما إذا كانا متفرقين من الوقت الذي أسند الطلاق إليه أما إذا كانا مجتمعين فالكذب في كلامه ظهر فلا يصدقان في الإسناد انتهى، وهذا كما ترى ظاهر في تحكيم الحال، وإذا ثبتت التهمة وكان ابتداؤها من وقت الإقرار على ما عليه الفتوى فينبغي أن لا تقبل الشهادة ولا يجوز دفع الزكاة لها أيضًا، وظاهر أنه لو مات بعدما انقضت عدتها من وقت الإقرار كان لها جميع ما أقر لها به أو أوصى كما في (العمادية) وقالوا: إنما تأخذه له شبهة بالميراث فلو توى شيء من التركة قبل القسمة كان على الكل، ولو طلبت أخذ الدراهم والتركة عروض لم يكن لها ذلك، وبالدين حتى كان للورثة أن يعطوها من غير التركة، وظاهر كلامهم أن ما تأخذه فيما لو أوصى لها فيه الشبهان أيضًا وهو ظاهر فيما لو أوصى لها بدراهم مرسلة ففي وصايا (البزازية) هي على ثلاثة أنواع: أن يكون الموصى له كالمودع والوصية في يد الموصي وورثته كالوديعة بأن يوصي بعين مال قائم يخرج من الثلث حتى لو هلك بلا تعد لا يضمن، الثاني: أن يكون الموصي كالشريك مع الورثة بأن يوصي بثلث ماله ولهذا لو استفاد مالاً بعد الوصية يعطي ثلث المستفاد أيضًا.

الثالث: أن يكون الموصي له كالغريم بأن يوصي بالدراهم المرسلة فإن لم تكن حاضرة تباع التركة وتعطى كل تلك الدراهم كالدين إلا أن الدين من كل التركة وهذه من الثلث انتهى. وفي (جامع الفصولين) قال لها في مرضه: كنت أبنتك في صحتي أو تزوجتك بلا شهود أو جامعت أمك أو ابنتك أو بيننا رضاع قبل النكاح أو تزوجتك في العدة وأنكرت بانت منه وترثه، لا لو صدقته، ولو ادعت عليه مريضًا أنه أبانها ثلاثًا فجحد وحلفه القاضي فحلف ثم صدقته ومات ترثه صدقته قبل موته لا لو بعده.

(ومن بارز رجلاً) أي: خرج عن صف المقاتلين لقتاله بيان لأن الفرار لا ينحصر في المرض بل كما يكون عند غلبة الهلاك بالمرض يكون عند غلبته مع عدمه أيضًا ولذا قيد بعضهم المسألة بما إذا علم أن المبارز ليس من أقرانه بل أقوى منه، (أو قدم ليقتل بقود) أي: قصاص (أو رجم) بزنا ثبت عليه، أو كان في سفينة فتلاطمت الأمواج بها وانكسرت به وبقي على لوح، أو افترسه سبع وبقي في فمه وقدمنا أن من هذا القبيل الحامل وقت الطلق، واختلف في تفسير الطلق، فقيل: هو الوجع الذي لا يسكن حتى يموت أو تلد، وقيل: وإن سكن لأن الوجع يسكن تارة ويهيج أخرى كذا في (المجتبى)(فأبانها) في هذه الأحوال (ورثت) لثبوت الفرار بهذه، وفي

ص: 410

إن مات في ذلك الوجه، أو قتل، ولو محصورًا، أو في صف القتال لا، ولو علق طلاقها بفعل أجنبي، أو بمجيء الوقت، والتعليق والشرط في مرضه، أو بفعل نفسه، وهما في مرضه، أو الشرط فقط، أو بفلعها ولا بد لها منه وهما في المرض، أو الشرط ورثت

ــ

قوله: (إن مات في ذلك الوجه أو قتل) عليه دون أن يقول: بذلك الوجه دلالة على أنه لا فرق بين أن يموت بهذا السبب أو بسبب آخر، ولذا قال في (الأصل): مريض صاحب فراش أبان امرأته ثم قتل ورثته وما في (البحر) من أن تلاطم الأمواج قيده الإسبيجابي أن يموت من ذلك الموج أما لو سكن ثم مات لا ترث مما لا حاجة إليه، لأنه في هذه الحالة لم يمت في ذلك الوجه بخلاف ما لو قدم للقتل بسبب من الأسباب المتقدمة ثم خلي سبيله ثم قتل أو مات في ذلك الوجه.

(ولو) كان (محصورًا) أي: ممنوعًا في حصن لخوف عدو يقال: حصره العدو حصرًا من حد قتل أحاطوا به ومنعوه من المضي لأمره (و) كان (في صف القتال) أو في مسبعة أو راكب في سفينة، أو محبوسًا ليقتل في حد أو قصاص (لا) ترث، إذ الغالب فيه السلامة وإطلاقه يفيد أنه لا فرق بين أن تكون فئة من كان في القتال قليلة بالنسبة إلى الأخرى أو لا، ولم أره لهم (ولو علق) الزوج (طلاقها) يعني البائن ولم يقيده به اكتفاء بما مر أول الباب وهذا لأن قوله وهما في المرض أو الشرط فقط، إنما يتم في البائن (بفعل أجنبي) أراد به غير الزوجين لا خصوصه، إذ لو علق طلاقها بفعل ولدها منه كان كالأجنبي.

(أو بمجيء الوقت) كإن جاء رأس الشهر فأنت كذا (و) الحال أن (التعليق والشرط في مرضه أو) علقه (بفعل نفسه) سواء كان له منه بد، ككلام زيد ودخول الدار أو لا، كالأكل والصوم والصلاة وكلام الأبوين وقضاء الدين واستيفاؤه، دل على ذلك اشتراطه إلا أن يكون لها منه بد، (وهما) أي: التعليق والشرط (في مرضه أو الشرط) في مرضه (فقط أو) علقه (بفعلها ولابد لها منه) طبعًا أو شرعًا كما مر (وهما في المرض أو الشرط) / فقط (ورثت) إذا كان التعليق بفعل أجنبي أو بمجيء الوقت ووجدا في المرض فلأن القصد إلى الفرار وقد تحقق بمباشرة التعليق في حال تعلق حقها بماله، ولذا لو كان الموجود في المرض إنما هو الشرط فقط لم ترث عندنا خلافًا لزفر، وأما إذا كان بفعل نفسه وكانا في المرض أو كان الشرط في المرض فقط فلأنه قصد إبطال حقها بالتعليق والشرط أو بالشرط وحده لأن للشرط شبهًا بالعلل لما أن الوجود عنده فكان متعديًا من وجه صيانة لحقها، واضطراره لا يبطل حق غيره كإتلاف مال الغير حالة الاضطرار وعلى هذا تفرع ما في (البدائع) إن لم أطلقك أو إن لم أتزوج عليك فأنت طالق ثلاثًا فلم يفعل حتى مات ورثته ولو ماتت هي لم يرثها،

ص: 411

وفي غيرها لا، ولو أبانها في مرضه فصح فمات، أو أبانها فارتدت فأسلمت، فمات لم ترث وإن طاوعت ابن الزوج أو لاعن، أو آلى مريضًا ورثت،

ــ

وفي (الخانية) إن شئت أنا وفلان فأنت طالق ثلاثًا ثم مرض فشاء الزوج والأجنبي معًا أو الزوج ثم الأجنبي ومات لم ترث، وإن شاء الأجنبي أولاً ثم الزوج ورثت انتهى. والفرق لا يخفى إذ بمشيئة الأجنبي أولاً صار الطلاق معلقًا على فعله فقط، وأما إذا كان بفعلها الذي لابد منه وكان الشرط في المرض فلأنها مضطرة في المباشرة لما لها من الامتناع من خوف الهلاك في الدنيا وفي العقبى، ولا رضى مع الاضطرار، وقال محمد: إذا كان التعليق في الصحة فلا ميراث لها مطلقًا قال فخر الإسلام: وهو الصحيح (وفي غيرها لا) أي: غير ما ذكر وهو ما إذا كانا في الصحة والتعليق فقط في الوجه الأول وكيف ما كان في فعلها الذي لها منه بد، والحاصل أن هذه المسألة على ستة عشر وجهًا وذلك أن التعليق إما بمجيء الوقت أو بفعل الأجنبي أو بفعله وكل وجه على أربعة، لأن التعليق والشرط إما أن يوجدا في الصحة أو في المرض أو يوجد أحدهما دون الآخر وتفصيل الأوجه يعرف مما مر والله الموفق.

(ولو أبانها في مرض فصح) منه (أو أبانها فارتدت فأسلمت فمات لم ترث) في الوجهين، أما الأول فلأنه تبين أن هذا المرض ليس هو مرض الموت لما مر من أنه لا بد أن يتصل به الموت، فلم يتعلق حقها بماله قيل: هذا الإطلاق مقيد بما إذا لم يكن به حمى ربع وهي ما كانت داخل العروق، فإن كانت فزالت ثم عادت جعلت الثانية عين الأولى فترث.

قال في (الدراية): وفيه نظر لأنها لما زالت لم يبق لها تعليق بماله وفي هذا تصريح بأن المحموم مريض ووقع في (ملتقى الأبحر) لبرهان الدين الحلبي أنه ليس مريضًا ويمكن التوفيق بينهما بحمل الأول على ما إذا جاءت نوبتها، والثاني على ما إذا تأتى والله الموفق، وأما الثاني فلأنها بالردة أبطلت أهلية إرثها حتى لو مات أو لحق بدار الحرب وهي في العدة ورثت كما مر وفي (المحيط) لو ارتدا معًا ثم أسلم الزوج ومات لا ترث منه وإن أسلمت هي ثم مات مرتدًا ورثته، لأن الفرقة وقعت ببقائه على الردة فصار بمنزلة ارتداده، (وإن طاوعت ابن الزوج) يعني بعدما أبانها ليخرج بذلك ما لو وقعت الفرقة بالمطاوعة، ولو في عدة الرجعي فإنها لا ترث لما مر (أو لاعن) زوجته بعدما قذفها (أو آلى) منها حال كونه (مريضًا) قيد فيها (ورثت)

ص: 412