المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الطلاق وهو رفع القيد الثابت شرعًا بالنكاح ــ [36] كتاب الطلاق لما كان - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٢

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصوم

- ‌باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده

- ‌ فرع

- ‌فصل في العوارض

- ‌ فروع

- ‌ فصل في النذر

- ‌كتاب الحج

- ‌باب الإحرام

- ‌فصل

- ‌فرع

- ‌باب القران

- ‌باب التمتع

- ‌باب الجنايات

- ‌فصل

- ‌ فصل في جزاء الصيد

- ‌باب مجاوزة الميقات بغير إحرام

- ‌باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

- ‌باب الإحصار

- ‌باب الفوات

- ‌باب الحج عن الغير

- ‌باب الهدي

- ‌مسائل منثورة

- ‌كتاب النكاح

- ‌فصل في المحرمات

- ‌باب الأولياء والأكفاء

- ‌فصل في الكفاءة

- ‌فرع

- ‌فصل في الوكالة

- ‌باب المهر

- ‌باب نكاح الرقيق

- ‌باب نكاح الكافر

- ‌باب القسم

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان

- ‌فصل في الطلاق قبل الدخول

- ‌باب تفويض الطلاق

- ‌فصل في الأمر باليد

- ‌فصل في المشيئة

- ‌باب التعليق

- ‌باب طلاق المريض

- ‌باب الرجعة

- ‌فصل فيما تحل به المطلقة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الخلع

- ‌فرع

- ‌باب الظهار

- ‌فصل في الكفارة

- ‌باب اللعان

- ‌فرع

- ‌باب العنين وغيره

- ‌باب العدة

- ‌فرع

- ‌فصل في الإحداد

- ‌باب ثبوت النسب

- ‌باب الحضانة

- ‌باب النفقة

الفصل: ‌ ‌كتاب الطلاق وهو رفع القيد الثابت شرعًا بالنكاح ــ [36] كتاب الطلاق لما كان

‌كتاب الطلاق

وهو رفع القيد الثابت شرعًا بالنكاح

ــ

[36]

كتاب الطلاق

لما كان متأخرًا عن النكاح طبعا أخره وضعت ومناسبته للرضاع من حيث أن كلأ منهما يوجب حومة لكنه فدم الرضاع لأن حرمته مؤبدة والطلاق. بغاية، وتقدم الأرشد أشد، وهو لغة اسم مصدر بمعنى التطليق كالسلام أو مصدر طلقت بضم اللام أو فتحها طلاقا كالفاسد، وأنكر الأخفش الضم وعلى كل تقدير فلفظه يدل على الحل والانحلال ومن ثم قال الشارح وغيره: إنه لغة عبارة عن حل القيد ورفعه غير أنه استعمل في النكاح بالتفعيل يقال: طلق تطليقة فهو مطلق فإن كثر منه قيل تطليق وإطلاق وفي غيره بالانفعال تقول أطلقت أسيوط وبعيري إن حللت إساره قال الأزهري: وكلهم يقول: طالق بغير هاء لاختصاص الأنثى به، ولذا لم تدخل في طامي وحائض والمذكور في (الصحاح) أنه يقول: طالبة (و) كانه لغة ضعيفة، وهو رفع القيد الثابت (شرعًا) خرج به عن الثابت حسب، (بالنكاح) خرج به العتق ولو قال كغيره: هو رفع قيد النكاح لكان أخصب والمراد به حكمه.

قال في (البدائع): وأما ما يرفع حكم النكاح فالطلاق وقال قبله: للنكاح الصحيح أحكام بعضها أصلي وبعضها من التوابع فالأول حل الوطء إلا لعارض والثاني حل النظر وملك المتعة وملك الحبس والقيد وغير ذلك انتهى، وبه عرف أن ما في (البحر) من أن القيد هو صيرورتها ممنوعة عن الخروج والبروز كما صرح في (البدائع) في أحكام النكاح ورفعه يحصل بالإذن لها في الخروج والبروز فكان التفريق مناسبا للمعنى اللغوي ليس بصحيح، لما علمت من أن القيد ليس مقصورًا على ما ذكره وليس في كلام (البدائع) ما يوهم هذا، ولم يقل: رفع عقد النكاح لأن الوضع إنما يرد على الموجود وهو الحكم وأما العقد فعرض انقضى ولم يقل من الأهل في المحل لأمن هذا شرط في وجودهـ لا في حقيقته قيل: التعريف غير مطرد لصدقه على الرسوخ كخيار العتق والبلوغ وارتداد أحدهما فكان عليه أن يقول: بلفظ مخصوص كما في "الفتح" لكن يرد عليه أنه مع هذا غير منعكس إذ الرجعي لا شك أنه طلاق ولا رفع فيه لما في المحيط) الطلاق الرجعي لا يزيل العقد والحل للحال بل في المآل متى انضم إليه اثنتان أو انقضاء العدة فكان عليه أن يقول: ولو ماش وركنه اللفظ المخصوص الخالي عن الاستثناء وهو ما اشتمل على مادة طلق ولو هجاء

ص: 309

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بلا تركيب أو كنافي كمطلقة محققًا أو غيرها كقول القاضي- فرقت بينهما عند إنجاز الزوج عن الإسلام وسببه الحاجة إلى الخلوص عند عروض البغضاء الموجبة عدم إقامة الحدود أي: حقوق الزوجية وشرطه كون المطلق عاقلا ولو تقديرا كذا في "البدائع" ليدخل السكران كما سيأتي لا مجنونا ولا معتوها ولا مدهوشًا ولا مبرسمًا، بالغًا لا صبيًا مستيقظًا، لا مغمى عليه ولا نائمًا، وكون المرأة في النكاح أو عدته التي تصلح بها أهلا محلا للطلاق، وضبطها في (المحيط) فقال: المعتدة بعدة الطلاق يلحقها الطلاق، والمعتدة بعدة الوطء لا يلحقها الطلاق فلا تقع في عدة عن فصل كخيار العتق والبلوغ ونحو ذلك، وأورد عليه في (فتح القدير) المعتدة عن تفريق بإبائها أو ارتداد أحدث ما حيث يلحقها الطلاق مع أنها معتدة عن فسخ وسببه الحاجة إليه أي: سحبت شرعيته، وصفته أنه أبغض المباحات على ما رواه أبو داود وغيره / (أبغض المباحات عند الله الطلاق) وليس المراد بالمباح هنا ما استوى فعله وتركه بل ما ليس تركه بلازم الشامل للمباح والواجب والمندوب والمكروه قاله الشمني، وهو مبني على أنه محظور إلا لحاجة.

قال في (الفتح): وهو الأصح ويحمل لفظ المباح على ما أبيح في بعض الأوقات يعني أوقات تحقق الحاجة ككبر وريبة أو أن يلقي إليه عدم اشتهائها أو لا طول له، أو لم ترض بالإقامة بلا قسم لكن في (الغاية) تبعا (للدراية) ذهب بعض الناس إلى أن غير مباح إلا للضرورة لقوله- صلى الله عليه وسلم:(لعن الله كل مذواق مطلاق) والعامة على إباحته بالنصوص المطلقة، وهذا خلاف ما يرجحه في (الفتح) وهو الحق إذ لا خلاف لأحد في عدم كراهة المسنون منه يعني المباح ولا ينافيه قولهم: الأصل فيه الحظر وإنما أبيح للحاجة لأن معناه أن الشارع ترك هذا الأصل فأباحه كقولهم: الأصل في النكاح الحظر والإباحة للحاجة، وبهذا التقويم عوف أن ما في (الفتح) من أن بين حكمهم بإباحته وتصريحهم بأنه محظور وإنما أبيح للحاجة ما ذكرنا في بيان سببه تدافعت ممنوع، بل الحاجة أعم من ذلك ومنها إرادته التخلص منها وهي بالواحدة تندفع، ويكون مستحبًا وهو ما إذا كانت مؤذية أو تاركة للصلاة لا تقيم حدود الله كما في "غاية البيان" وهذا يفيد أن معاشرة من لا تفعلي لا إثم فيها، وواجبا كما إذا فات الإمساك بالمعروف كامرأة العنين والمحبوب، وسيأتي أنه يكون حراما، وحكمه زوال الملك عن المحل موجبة لانقضاء العدة في الرجعي

ص: 310

تطليقها واحدة في طهر لا وطء فيه وتركها حتى تمضي عدتها أحسن وثلاثا في أطهار حسن وسني .....

ــ

وبدونه في البائن وزوال حل المناكفة في الثلاث وهذا معنى قوله في (الجوهرة): الطلاق عنده م لا يزيل الملك وإنما يحصل زوال الملك عقابه إذا كان طلاقا قبل الدخول أو بائنا وإن كان رجعيا وقف على انقضاء العدة وسياسي ألفاظه مبينة، وأما أقسامه فسني وبدعي وكل منهما من حيث العدد ومن حيث الوقت فالسني حسن وأحسن وقد مر أن المواد به المباح المستوجب للثواب لأن الطلاق ليس عبادة في نفسه ليثبت له ثواب، فمعنى المسنون منه ما ثبت على وجه لا يستوجب عتابي أفاعي المصنفة القسم الأصول من السنون بقوله: بتطليقها واحد يعني رجعية وفي طهرت هذا ما دق بأوله وآخره قيل. والثاني أولى احتراز من تطويل العدة محليها وقيل: الأول.

قال في (الهداية): وهو الأظهر أي: من كلام محمد ألا وطء فيها جملة في محل جو صفة لطهر، ولم يقل: منه ليدخل في كلامه ما لو وطئت بشبهة فإن طلاقها والحالة هذه فيه لديهما نص عليه الاسبيجابي لكي يرد عليه الزنا فإن الطلاق في طهر وقع فيه سعي حتى لو قال لها: أنت طالق للسنة وهي طاهرة ولكن وطئها غيره فإن كان زنا وقع وإن بشبهة لا كذا في (المحيط)، وكان السوق أن وطء الزنا لم يترتب عليه أحكام النكاح فكان هدرا بخلاف الوطء بشبهة وبهذا عرف أن كلام المصنف أولى من قول غيره لم يجامعها فيه لكن لا بد من أن يقول: ولا في حيض قبله ولا طلاق فيهما، ولم يظهر حملها ولم تكن آيسة ولا صغيرة، كما في (البدائع) لأنه لو طلقها في طهو وطئها في حيض قبله كان بدعية، وكذا لو كان قد طلقها فيه وفي هذا الطهر لأن الجمع بين تطليقتين في طهر واحد مكروه عندنا ولو طلقها بعد ظهور حملها وكانت ممن لا تحيض في طهر وطئها فيه لا يكون بدعيا لعدم العلة أعني تطويل العدة عليها. (وتوكها) أي: من غير تطليق تحشى توفي عدتها أحسنت قال الشمري: أي: بالنسبة إلى البعض الآخر فلا ينافي كون الطلاق مبغضا لما أسند ابن أبي شيبة عن إبراهيم النوعي: (كان أصحابه عليه الصلاة والسلام يستحبون أن لا يزيدوا في الطلاق على واحدة حتى تنقضي العدة) وإن هذا أفضل عندهم من أن يطلق امرأته ثلاثا عند كل طهر واحدة وإنما كان هذا القسم أحسن مت الثاني لأنه لا خلاف لأحد في عدم الكراهة فيه كما هو بخلاف الثاني فإن مالكا يقول فيه بالكراهة.

(و) تطليقها (ثلاثة فيه ثلاثة (أطهار حسن وسني)، تخصيص هذا باسم طلاق

ص: 311

وثلاثا في طهر، أو بكلمة بدعي،

ــ

السنة لا وجه له لما علمت من أن الأول أيضا كذلك فالمناسب تمييزهـ بالمفضول من طلاقي السنة كذا في (الفتح)، وعن هذا حذفه في (الوافي) واقتصر على الأحسن والحسن وأجاب في (البحر) بأنهم إنما خصوه اتباعا لما جاء في واقعة ابن عمر:(السنة أن يستقبل الطهر فتطلق لكل طهر تطليقة) انتهى.

لكن لو قيل: إنه إنما خص الحسن بهذا ليعلم أنه في الأحسن سني بالأولى لكان في الجواب أولى، ولم يقل لا وطء فيه اكتفاء بالأول ولا بد أن يكون في حيف قبله ولا طلاق فيه أيضاً ولو كان غائبا وأنا أن يطلقها للسنة لم كتب إليها إذا جاءك كتابي هذا ثم حضت فطهرت فأنت طالق لجواز أن يكون قد امتد طهرها الذي جامعها فيه، ولو أراد أن يفعل ذلك ثلاثة كتب ثلاثا إذا حضت وطهرت فأنت طالق ثلاثا للسنة، وان كانت لا تحيض كتب ثم أهل الشهر فأنت طالق ثلاثا للسنة، وهذه الكتابة على هذا الوجه واجبة كما في (الفتح) ثم التعليل بجواز امتداد طهرها يفيد أنه لو لمسافر وهي حائض لم يجامعها فيه كتب إليها إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق إلا أن يقال: جاز أن تكون في غيبته وطئت بشبهة.

(و) تطليقها (ثلاثًا) متفرقة (في طهر، أو بكلمة) واحد ة (بدعي) منسوب إلى البدعة وهي اسم من الابتداع غلب استعمالها فيما هو نقص في الدين أو زيادة، ثم هي محرمة وغير محرمة والمراد هنا الأول ولو قال: والبدعي ما خالفها لكان أوجز وأفاد إن تطليقها اثنتين في طهر أو بكلمة واحدة كذلك ويستغني عق قوله بعد وطلاق الموبوءة حامضا بدعي واختلفت الرواية في البائن وظاهر الرواية أنه كذلك لابنه لا حاجة في الخلاص إلى إثبات البينونة وهذا يقتضي عدم كراهة الخلع، وبه صرح غير واحد بل حكى الإسبيجابي الإجماع على عدم كراهته ولو في حالة الحيض لكن ذكر الحدادي هذا رواية (المنتقى) وفي رواية (الزيادات) يكره إيقاعه حالة الحيض والكلام في الخلع على مال فقد علل في (المحيط) عدم الكراهة بأنه لا يمكن تحصيل العوض إلا به، واستدل في (المعراج) بإطلاق قوله تعالى:{فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: 229] قال؟ وكذا الطلاق على مال انتهى، وهذا بإطلاقه يعم ما لو طلبت منه أن يطلقها ثلاثا بألف فإن له أن يوقع الثلاث لتحصيل الألف.

وقوله في (البحر): لم أرى المسألة ولكن لا ضرورة إلى الثلاث لأن بعض العوض

ص: 312

وغير الموطوءة تطلق للسنة، وهو حائضًا، وفرق محلى الأشهر فيمن لا تحيض

ــ

حاصل بالواحدة وللغائب كمال الألف بخلاف الخلع مدفوع بما علمت على أن استحقاق ثلث الألف ليس متفقًا عليه فجائز أن يرفع إلى من يرى عدم استحقاقه شيئا لو فعل فكان مضطرة إلى الكل فتدبره، ثم كون الثلاث في طهر بدعي مقيد بما إذا لم يراجعها بغير الجماع فإن راجعها كان له أن يطلقها فيه آخرين عند الإمام وزفر لأن الرجعة فاصلة وقالا: غير فاصلة فلا يطلقها وتفوق على هذا الخلاف ما لو قال لها: أنت طالق ثلاثا للسنة وهو ممسك يدها بشهوة وقعت الثلاث عنده متعاقبة لما أنه صار مراجعا بالمس عن شهوة والرجعة فاصلة، وعندهما تقع واحدة للحال واثنتان في طهيرين آخرين أنها غير فاصلة! وأجمعوا أن النكاح يعتبر فاصلا حتى لو كان الأول بائنا لا يكره الثاني، وأنه لو راجعها بالجماع ولم تحمل يكرهـ إيقاع الثاني، كذا في (المحيط) وتقدم أن ظاهر الرواية أن الرجعية لا تكون فاصلة انتهى، وعلى هذا يحمل قول من قال: إنه في تحلل الرجعة ليحر له أن يطلقها اتفاقا، وحينئذ فلا حاجة لقوله في " الفتح ": ولا وجه أنه على اختلاف الرواية عنه.

(وغير الموطوءة) حقيقة (تطلق للسنة) يعني: تطليقة رجعية أو (تطلق للسنة) يعني: تطليقة رجعية (ولو) كانت (حائضًا) نبه بهما على أن السنة في الطلاق من حيت العدد لا فرق فيها بين المدخول بها وغيرها حتى لو قال لغير المدخول بها أنت طالق ثلاثا للسنة وقعت واحدة للحال ولو حائضا ولا تقع الثانية والثالثة إلا أن يتزوجها أما من حيث الوقت أعني الطهر الخالي عق الجماع فهودي المدخول بها خاصة، والفرق أن الرغبة متوفرة فيها ما لم يذقها فطلاقها في الحيض يقوم دليلا على الحاجة بخلاف المدخول بها دل أي ذلك قوله في حديث ابق عمر (فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء) وقوله فليراجعها والعدة والمراجعة فرع سبق ألد خول.

(وفرق) أي: فرق الزوج الطلاق ومحلى الأشهر فيمن لا تحيض) بان بلغت بالحق ولم ترد ما لو كانت حاملا أو صغيرة لم تبلغ تسع سنين على المختار أوديسة بلغت خمسة وخمسين سنة على الراجح، أما معتدة الطهر فمن ذوات الفقراء ولا يطلقها للسنة إلا واحدة ما لم تدخل في حد الإياس إذ الحيض مرجو في حقها، صرح به غير واحد، والأصح الأشهر قائمة مقام الحيض قيل: ومقام الطهر أيضًا ولا ثمرة لهذا الخلاف، ثبت إن أوقعه في أو كل شهر أعني أول ليلة يرى فيها الهلال اعتبرت الأشهر- بالأهلة اتفاقا وإن في وسطه فبالا عام في التفريق اتفاقا فلا يوقع الثانية في اليوم الموفي

ص: 313

وحل طلاقهن بعد الوطء، وطلاق الموطوءة حائضًا بدعي، فيراجعها، ويطلقها في طهر ثان،

ــ

ثلاثين بل في الحادي والثلاثين وحصصا في العدة عند الإمام وعندهما/ يعتبر واحد بالأيام وشهران بالأدلة فيه: والفتوى على قولهما كذا في (الكافي).

قال في (الفتح): (و) ليس بشيء أي: يحل طلاقهن) يعني من لا تحيف وبعد الوطء) من غير فصل، لأن الكرامة في ذوات الحيض باعتبار توه م الحمل وهو مفقود هنا فصارت كالحامل ومن ثم قال الحلواني: هذا في صغيرة لا يرجى حبلها أما من يرجى فالأفضل أن يفصل بين وطئها وطلاقها بشهر كما قال زفر، واعترضه في (الفتح) بأن قول زفر ليس هذا في أفضليته الفصل بل لزومه وأجاب في (البحر) بأن التشبيه في أصل الفصل لا في الأفضلية (وطلاق الموطوءة) حد ل كونها (حائضًا) أو نفساء (بدعي) لقوله تعالى:{فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق: 1] أي: لإظهار عدتهن وقال عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عمر لما أن طلق زوجته وهي حائض: (ما هكذا أمرنا الله تعالى) ولا خلاف بين الفقهاء أنه بهذا الإيقاع عاص قيد بالطلاق لأن تفريق القاضي باختيار نفسها بالبلوغ والتخييل والاختيار فيه غجر مكروه وكذا الخلع والطلاق على مال كما مر.

(فيراجعها) في الحيض خروجًا عن المعصية بقدر الإمكان لأن رفعه غجر ممكن فلم يبق إلا رفع أجره وهو العدة بالمراجعة، وهذا يؤذن بوجوبها وهو الأصح إذ الأمر في قوله عليه الصلاة والسلام لعمر:(مر ابنك فليراجعها) تم حقيقة في الوجوب (ويطلقها في طهر تان) هذا ظاهر المذل، وهو المذكور في (الأصل) وذكر الطحاوي أنه يطلقها في الطهو الذي يلي الحيضة قال الطوخي موفقا بين الروايتين: ما ذكره الطحاوي قول الإمام وما في "الأصل" قولهما لكن الظاهر أن ما في (الأصل) قول الإمام أيضا لأنه إنما يحكى أو، فإن كان ثمة خلاف ذكره وعن هذا والله أمحلت. قال في (الكافي): إنه ظاهر الرواية ومنشأ الخلاف اختلاف الرواية في حديث ابن عمر فجاء في رواية الجماعة إلا ابن ماجد: (مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر وتحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله تعالى تطلق لها النساء) وفي (مسلم) وغيره: (ثم ليطلقها إذا طهرت أو وهي

ص: 314

ولو قال لموطوءته: أنت طالق ثلاثًا للسنة، وقع عند كل طهر طلقة، وإن نوى أن تقع الثلاث الساعة أو عند كل شهر واحدة صحت،

ــ

حائل) قال البيهقي: وبهذا جاء أكثر الروايات ولو لم يراجعها حتى طهرت تقررت الحيضية كما هو المفهوم من كلام الأصحاب عند التأمل كذا في (الفتح).

قال في (البحر): وهو ظاهر على رواية الطحاوي أما على ظاهر الرواية فينبغي أن لا يتقرر حتى يأتي أوان طلاوتها وهو الطهر الثاني، (ولو قال لموطوءته: أنت طالق ثلاثًا) أو اثنتين كما في (البدائع)(للسنة) أو فيها أو عليها أو معها أو طلاق عدلا أو طلاق العدل أو العدة أو عدة أو القوات أو الإسلام أو أحسن الطلاق أو أجمله أو طلاق الحق أو القرآن أو الكتاب.

(وقع عند كل طهر طلقة) لأن هذه الألفاظ محمولة على أوقات السنة لأن ذلك لا يكون إلا في المأمور به، ولو قال: في كتاب الله أو بكتاب الله أو معه فإن نوى طلاق السنة وقع في أوقاتها وإلا فللحال ولو على كتاب الله أو به أو على قول القضاة أو الفقهاء وقع في القضاء للحال وإن نوى السنة دين، ولو عدلية أو سنية وقع عند الثاني للسنة ولو حسنة أو جميلة ففي الحال، وقال محمد في (الجامع الكبير): للحال في كليهما قيد بالموطوءة لابنه في غيرها تقع واحدة للحال يقع قبلها قبل التزوج شيء كذا في (الشرح) وغيره، فما في (الدراية) من وقوع الثلاث للحال سبق قلم وأشار بقوله طهر إلى أنها من ذوات الحيض فلو كانت من ذوات الأشهر أو حاملاً وقعته واحدة للحال، وبعدد شهر طلقة، وفي (المنتقى) أنت طالق للشهور يقع عند كل شهر طلقة ولو قال: للحيض فعند كل حيضة واحدة، وتكره الثانية في رواية ولا تكره في أخوي وقيده في (الدراية) بان ينوي الثلاث معللا بأنه أضاف الطلاق إلى ما له عدد وإلى أنها لو كانت وقت قوله في طهو لم يجامعها فيه واحدة للحال وإلا فلا بد أن تحيفتم تطهر.

(ولو نوى) بقوله أنت طالق ثلاثا للسنة وأن تقع الثلاث الساعة أول نوى أن يقع (وعند) رأس (كل شهر طلقة صحت) نيته، نبه بهذا على أن وقوع الثلاث على الأطهار مقيد بما إذا نواه أو أطلق أما إذا نوى غيره فإنه يصح لأن اللفظ يحتمله، وهذا لأن اللام كما جاز أن تكون للوقت جاز أن تكون للتعليل أي: لأجل السنة التي أوجبت وقوع الثلاث وإذا صحت نيته للحال فأولى أن تصح عند رأس كل شهر لأنه إما أن يكون زمان حيضها أو طهرها فعلى الثاني هو السني وقوعه وإيقاعه وعلى الأول سني

ص: 315

ويقع طلاق كل زوج عاقل بالغ

ــ

وقوعًا فنيته الثلاث مع العلم بأن رأسه الشهر قد تكون حائضًا فيه نية الأعم من السني وقوعا وإيقاعه معًا أو أحدهما، قيد بذكر الثلاث لأنه لو لم يذكرها وقعت واحدة للحال إن كانت في طهر لم يجامعها فيه، وإلا فئتي تطهر لأن اللام فيه للاختصاص أي: الطلاق المختص بالسنة ولو نوى ثلاثا مفرقة على الأطهار صح لأن المعنى في أوقات طلاقي السنة، ولو نوى ثلاثا جملة ذهب صاحب (الهداية) تبعا لفخر الإسلام والصدر الشهيد إلى أنه لا يصح وذهب الدبوسي وشمس الأئمة وشيخ الإسلام إلى الصحة.

قال في (الفتح): والأول أوجه لأنه مع نية الجملة لا تكون اللام للوقت مقيدة للعموم وما وقع الثلاث إلا عند ضرورة تعميمها بالوقوع لأن مجرد طالق لا يصح فيه نية الثلاث انتهى. ولو أراد بطالق واحدة وبقوله للسنة أخوي لم يقع غير واحدة، لأن لفظ السنة ليس من ألفاظ الطلاق وباللام لأنه لو صرح بلفظ الأوقات لم تصح نية الثلاث لعدم احتمال اللفظ، والنية إنما تعمل مع لفظ وهذا التعليل يفيد أنه لا فرق بين جمع الوقت وإفراده إذ هو مع الإفراد لا يحتمل غيره أيضا والله أعلم.

(ويقع طلاق كل زوج) هذه الكلية منقوضة بزوج المباني إذ لا يقع طلاقه بائنة عليها في العدة وأجيب بأنه ليس بزوج من كل وجه أو أن امتناعه لعارض هو لزوم تحصيل الحاصل ثم كلامه شامل لما إذا وكل به وأجازه من الفضولي ولو زوجته بأن قال نعم ما صنعت أو أصبت لا على وجه الإنكار، وفي (القنية) في نعم ما صنعت قال أبو بكر لا يكون إجازة، ولو قال: بئس ما صنعت فهو إجازة، وعندي على عكسه وبه أخذ الفقيه أبو الليث وهو الظاهر، وفي (الثانية) عن ابن الفضل التسوية بين نعم وبئس في أن كلأ منهما لا يكون إجازة وفي (البزازية) وتطليق الفضولي والإجازة قولا وفعلا كالنكاح انتهى. فلو حلف لا يطلق فطلق فضولي إن أجاز بالقول حنث وبالفعل لا أقول: ويمكن أن يكون كيفية الإجازة بالفعل أن يدفع إليها مؤخر صداقها بعدما طلقها الفضولي، (عاقل بالغ) لصدوره من أهله مضافة إلى محله، وخرج غيرهما على ما مر ويؤخذ من قوله بعد الإطلاق النائم اشتراط كونه مستيقظا وقد قدمناه، وبقي أنه لا بد أن يضاف إلى المحل وحده حتى لو جمع بين زوجته ورجل، فقال: إحداكما طالق لم يقع شيء عند الإمام، ولو كان المجموع بهيمة أو حجرا وقع عندهما خلافا لمحمد ولو كانت إحداهما ميتة أو أجنبية وقع، أما لو كانت إحداهما صحيحة النكاح والأخرى فاسدته لا تطلق صحيحة النكاح كذا في (الخانية)، وكان ينبغي أن يكون الرجل كالحجر والبهيمة كما قال أبو يوسف بجامع أن كلأ ليس بمحل للطلاق

ص: 316

ولو مكرهًا،

ــ

لكن وجه في (المحيط) قول الإمام بأن إضافة الطلاق إلى الرجل وإن لم تصح إلا أن حكمه يثبت في حقه وهو الحرمة ولهذا لو أضاف الزوج الحرمة والبينونة إلى نفسه صح فصار كالأجنبية، وفيه لو قال لزوجته وأجنبية: إحداكما طالق فالقول له أنه لم يرد امرأته مع يمينه لأنه صادق في هذا الإخبار في حق الأجنبية أعني كونها فارغة عن قيد النكاح، ولو قال: طلقت أحداكما وقع على امرأته لأنه إيقاع ظاهر مستعمل فيه عرفًا انتهى، وهذا يجري فيما لو جمع بينهما وبين رجل بالأولى.

(ولو) كان الزوج (مكرهًا) على إنشاء لفظ الطلاق لكنه لا يصير فارًا فلا ترث منه كما في (القنية) وإنما وقع لما صححه الحاكم: (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد الطلاق والعتاق واليمين) ولا خلاف أنه لو أكره على الإقرار به لا يقع كذا في غير كتاب، يعني قضاء وديانة بخلاف ما لو أقر به وادعى أنه كان هازلًا أو كاذبًا حيث يقع قضاء إلا إذا أشهد قبل ذلك لزوال التهمة به كما في (القنية) وقيد البزازي بالمظلوم والإقرار بالحرية كالطلاق ولو أكره على كتابته فكتب فلانة بنت فلان طالق لم يقع علله في (الخانية) بأن الكتابة أقيمت مقام العبارة باعتبار الحاجة ولا حاجة هنا. وفيها أكره على أن يوكل به فقال: أنت وكيل ثم قال لم أوكله بطلاقها لم يسمع منه لأنه أخرج الكلام جوابًا لكلام الآمر والجواب يتضمن إعادة ما في السؤال وقد حصر غير واحد ما يصح مع الإكراه في مواضع عشرة وأوصلها في (الخزانة) إلى ثمانية عشر وهي: الطلاق والنكاح والرجعة والحلف بطلاق / أو عتاق والمظاهر والإيلاء والعتق وإيجاب الصدقة والعفو عن دم العمد وقبول قوله الطلاق على مال والإسلام وقبول الصلح عن دم العمد على مال والتدبير والاستيلاد والرضاع واليمين والنذر ولم يذكر الفيء مع أن من اقتصر على العشرة عده فهي تسعة عشر والعشرون الإكره على قبول الوديعة ففي (القنية) أكره على قبول الوديعة فتلتفت في يده فلمستحقها تضمين المودع إن كان بفتح الدال وهو الظاهر ولا يخفى أن الطلاق ولو على مال والعتق كذلك يشمل المعلق والمنجز وكذلك النذر ويشمل إيجاب الصدقة فهي ستة عشر كذا في (البحر) وقد نظمتها فقلت وبالله المستعان:

طلاق وإيلاء ظهار ورجعة .... نكاح مع استيلاد عفو عن العمد

رضاع وأيمان وفئ ونذره .... قبول لإيداع كذا الصلح عن عمد

طلاق على جعل يمين به أتت .... كذا العتق والإسلام تدبير للعبد

ص: 317

أو سكران،

ــ

وإيجاب إحسان وعتق فهذه .... تصح مع الإكراه عشرين في العد

ثم ظهر لي بعد ذلك أن ما في (القنية) إنما هو بكسر الدال فليس من المواضع في شيء وذلك أنه في (البرازية) قال: أكره بالحبس على إيداع ماله عند هذا الرجل وأكره المودع أيضًا على قبوله فضاع لا ضمان على المكره والقابض لأنه ما قبضه لنفسه كما لو هبت الريح فألقته في حجره فأخذ ليرده فضاع في يده لا يضمن انتهى. وأطلق كثير صحة إسلام المكره. قال في (البحر): وقيده في سير (الخانية) بكونه حربيًا وإن كان ذميًا لا يكون مسلمًا انتهى.

وأقول: وهذا التقييد لم يوجد في سير (الخانية) بل في (المبسوط) إنه مذهب الشافعي (أو) كان الزوج (سكران) خلافًا لما اختاره الطحاوي والكرخي أنه لا يقع، ولنا أن عقله زال بسبب هو معية فجعل باقيًا حكمًا زجرًا له حتى لو شرب فصدع رأسه وزال عقله لالصداع لم يقع كذا في (الهداية) وفي كون العقل به قد زال مسامحة لا تخفى بل هو مغلوب، وإلا لم يكن مخاطبًا لكن لما كان المغلوب كالمعدوم أطلق عليه اسم الزوال كذا في (العناية) ، لكن قدمنا في الطهارة إنه سرور يزيل العقل فلا يعرف به السماء من الأرض، وقالا: بل يغلب عليه فيهذي في كلامه وأنهم قد رجحوا قولهما في الطهارة والأيمان والحدود وما في (الفتح) من تفسيره هنا بمن لا يعرف الرجل من المرأة ولا السماء من الأرض إنما هو على قول الإمام ونقل عن (شرح بكر) أن السكر الذي تصح به التصرفات أن يصير بحال يستحسن ما يستقبحه الناس ويستقبح الناس ما يستحسنونه لكنه يعرف الرجل من المرأة انتهى.

قال في (البحر): والمعتمد في المذهب هو الأول ثم الإطلاق يشمل من سكر من الأشربة المتخذة من الحبوب والعسل كما هو قول محمد وهو المختار كما في (البرازية) وفي (الفتح) وبه يفتى لأن السكر من كل شراب حرام وعندهما لا يقع بناء على أنه حلال وصححه في (الخانية).

قال في (الجوهرة): والخلاف مقيد بما إذا شربه للتداوي أما غذا كان للهو والطرب فيقع بالإجماع وكذا يقع طلاق من غاب عقله بأكل الحشيش، قال في (أشربة الجوهرة): أو البنج أو الأفيون لأن كل ذلك حرام لكن تحريمه دون تحريم الخمر انتهى، وهذا في الحشيش مسلم لاتفاق مشايخ المذهبين من الشافعية والحنفية على التحريم وذلك لما أنه فشي اكله في زمن المزني افتى بالتحريم وكان أو ظهور ذلك في عراق العرب والمزني ببغداد فبلغ ذلك أسد بن عمر صاحب الإمام وكان بعراق العجم فقال: إنه يباح ما لم يسكر فلما عمت بليته وشملت الأماكن

ص: 318

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فتنته اتفق أئمة ما وراء النهر على ما أفتى به المزني وأمروا بإحراقه مع حظر قيمته وتأديب بائعه والتشديد على آكله وإيقاع طلاقه زجرا.

وأما البنج والأفيون فصرح في (البدائع) وغيرها بعدم وقوع الطلاق بأكله معللًا بأن زوال عقله لم يكن بسبب هو معصية وفي (شرح المنار) لابن الملك أن فخر الإسلام والمصنف وكثيرًا ذكروا البنج من أمثلة المباح مطلقًا وذكر قاضي خان في (شرح الجامع) عن الإمام أنه إن علم تأثيره في العقل فأكله فسكر يصح طلاقه وعتاقه وهذا يدل على أنه حرام انتهى، والحق التفصيل وهو أنه إن كان التداوي لم يقع لعدم المعصية وإن لم يكن بل للهو وإدخال الآفة قصدًا فينبغي أن لا يتردد في الوقوع وقد قيد ابن الملك في (شرح المنار) إباحة البنج والأفيون بما إذا كان للتداوي وفي (تصحيح القدوري) معزيًا إلى (الجوهرة) وفي هذا الزمان إذا سكر من البنج والأفيون يقع طلاقه زجرًا وعليه الفتوى وأما من سكر مكرهًا أو مضطرًا / فالأصح عدم وقوع طلاقه كما في (التحفة) و (شرح الجامع) و (الفتاوى) لقاضي خان في كتاب الطلاق وأعاده في الأشربة وقال: الصحيح أنه لا يقع وعن محمد أنه يقع والصحيح الأول، وجزم في (الخلاصة) بالوقوع معللًا بأن زوال عقله حصل بفعل هو محظور وإن كان مباحًا بعارض الإكراه ولكن السبب الداعي للحظر قائم فأثر في حق الطلاق.

قال في (الفتح): والأول أحسن لأن موجب الوقوع عند زوال العقل ليس إلا السبب في زواله بمحظور وهو منتفٍ وفي (تصحيح القدوري) وهو التحقيق وإطلاق المصنف بناء على ما في (الخلاصة) وكان له العذر في اختياره ما في (المحيط) من أن القول بعدم الوقوع خلاف إجماع الصحابة فإن بعضهم قالوا: لا يقع معذورًا وغير معذور ومنهم من قال: يقع في الحالين فمن فرق بينهما كان قوله خلاف قول الصحابة فيكون باطلًا انتهى، وقد استثنى الأصوليون من تصرفات الإقرار بالحدود الخالصة والردة زاد في خلع (الخانية) الإشهاد على شهادة نفسه وفي السير منها هذا إذا كان لا يعرف الأرض من السماء فإن كان يعرف فكفره صحيح وزاد في (البزازية) رابعة وهي ما لو وكله بطلاقها على مال فطلقها في حال السكر فإنه لا يقع ولو كان التوكيل والإيقاع حال السكر وقع، ولو بلا مال وقع مطلقًا لأن الرأي لا بد منه لتقدير البدل، والخامسة الأب أو الجد إذا زوج الصغير والصغيرة بأكثر من مهر المثل

ص: 319

وأخرس بإشارته، حرًا أو عبدًا،

ــ

وبأقل وهو سكران لا ينفذ، السادسة الوكيل بالبيع لو سكر فباع لم ينفذ على موكله، السابعة لو غصب من صاح ورد عليه وهو سكران وهي في (العمادية).

(و) لو كان الزوج (أخرس) وقع طلاقه ونفذت سائر تصرفاته (بإشارته) إذا كانت له إشارة معروفة استحسانًا للضرورة ولا يخفى ان المراد بها المقرونة بتصويت منه لأن العبارة منه ذلك فكان ذلك بيانًا لما أجمله كذا في 0الفتح). وهذا الإطلاق قيده الشارح عن (الينابيع) بما إذا ولد أخرس أو طرأ عليه ذلك ودام أما إذا لم يدم فإنه لا يقه وفي آخر (النهاية) عن التمرتاشي تقديره بسنة وعن الإمام أنه لا بد أن يدوم إلى الموت، قالوا: وعليه الفتوى انتهى، وعلى هذا فتصرفاته قبل ذلك موقوفة عن بعض الشافعية إن كان يحسن الكتابة لم يقع طلاقه بدونها.

قال في (الفتح): وهو قول حسن فالخلاف إنما هو في قصر صحة تصرفاته على الكتابة وإلا فغيره يقع طلاقه بكتابته ويحتاج إلى النية حيث كان على وجه الرسم فما بالك به، حرًا أي: سواء كان الزوج (حرًا أو عبدًا) ولو مدبرًا أو مكاتبًا للعمومات ولما سيأتي ثم بين المحترزات، فقال: لا يقع طلاق الصبي ولو مراهقًا أو أجازه بعد البلوغ والمجنون لخبر (كل طلاق جائز غلا طلاق الصبي والمجنون) وأراد بالجواز النفاذ كذا في (الفتح) ، ثم المراد بالمجنون من في عقله اختلال فيدخل المعتوه والمبرسم والمغمى عليه والمدهوش كذا في (البحر) ، والتحقيق ما قدمناه من أن المغمى عليه كالنائم وفي 0الخانية) لو طلق المبرسم امرأته فلما صح قال قد طلقت امرأتي إن كان قال في حال البرسام لا يقع وإلا وقع، ولا يرد على المصنفين ما لو كانا مجنونين وأسلمت الزوجة وأبى أبواه الإسلام أو كان المجنون عنينًا وأجل بطلبها ففرق القاضي حيث يكون طلاقًا لمن تأمل.

وقالوا: لو علق طلاقها أو قال لها: طلقي نفسك إن شئت ثم جن فوجد الشرط وطلقت نفسها حال جنونه وقع وقد قال الشيباني: كل شيء يملك الرجوع فيه يبطل بالجنون وإلا فلا، ولا النائم حتى لو طلقها وهو نائم ثم قال: أجزت ذلك الطلاق أي: أوقعت ما تلفظت به في النوم لم يقع، اما لو قال: أوقعت ذلك الطلاق أو جعلته طلاقًا وقع لأنه ابتداء إيقاع ولا طلاق السيد على امرأة عبده لرواية ابن ماجة وغيره: (قال رجل: يا رسول الله إن سيدي زوجني أمته وزعم أن طلاقها بيده فقال عليه الصلاة والسلام: إنما الطلاق لمن أخذ بالساق) أما إذا قبل العبد النكاح على أن

ص: 320

واعتباره بالنساء وطلاق الحرة ثلاث، والأمة ثنتان.

باب الطلاق

الصريح هو كأنت طالق ومطلقة

ــ

أمرها بيده يطلقها كيف يشاء صح وكان الأمر في يده بخلاف ما لو قال له: زوجني أمتك على ان أمرها بيدك فزوجها منه حيث لا يكون في يده كما في (الخانية) وفيها لو قال العبد إذا تزوجتها فأمرها في يدك أبدًا كان الأمر في يده ولا يمكنه إخراجه أبدًا وسيأتي نظيره في المحلل (واعتباره) أي: اعتبار عدده له (بالنساء وطلاق الحرة ثلاثًا) حرًا كان زوجها أو عبدًا.

(و) طلاق (الأمة انثتان) حرًا كان زوجها أيضًا أو عبدًا لما أخرجه الترمذي وغيره (طلاق الأمة اثنتان وعدتها حيضتان) ولا خلاف في كونه مفردًا مضافًا فيعم كل أمة من غير نظر إلى حرية الزوج أو رقبته / ولا خلاف في اعتبار العدة بحال النساء والله الموفق بمنه وكرمه وجوده وإحسانه لإتمامه.

باب الطلاق الصريح

لما فرغ من بيان أصل الطلاق ووصفه شرع في بيان تنويعه كذا في (العناية) يعني تنويع ما به الإيقاع غلى الصريح والكناية فبدأ أولًا ببيان الصريح ثم اعقبه بالكناية وفي 0الفتح) ما تقدم كان ذكر الطلاق نفسه وأقسامه الأولية السني والبدعي وإعطاء لبعض الأحكام تلك الكليات، وهذا الباب لبيان أحكام وجزئيات تلك الكليات فإن المورد فيه خصوص ألفاظ كانت طالق ومطلقة، وطلاق لإعطاء أحكامها هكذا أو مضافة غلى بعض المرأة وإعطاء أحكام الكلي وتصويره قبل الجزئي منزل منزلة تفصيل يعقب إجمالًا، (الصريح هو) لغة: إما من صرح خلص من تعلقات الغير وزنًا ومعنى فهو صريح وكل خالص صريح وهو الذي لا يفتقر إلى إضمار أو تأويل، أو من صرحه أظهره، وفقها: ما استعمل في الطلاق دون غيره وفي (التحرير) هو ما يثبت حكمه الشرعي بلا نية هو (كأنت طالق ومطلقة) بتشديد اللام ولو كان لها زوج طلقها قبل فقال: أردت ذلك الطلاق صدق ديانة باتفاق الروايات وقضاء في رواية ابي سليمان وهو حسن كذا في (الفتح) ، وهو الصحيح كما في (الخانية)، ثم قال في (الفتح): وينبغي على قياس ما في العتق لو سماها طالقًا ثم

ص: 321

وطلقتك،

ــ

ناداها به لا تطلق أما بتحقيقها فيعطى حكم الكناية (وطلقتك) عدل عن قول القدوري فالصريح قوله أنت طالق إلخ لأن ظاهر الحمل يفيد أن لا صريح سوى ذلك وليس مرادًا، فمن أتى بالكاف المشعرة بعدم الحصر إيذانًا بأن منه غير هذه الألفاظ فيذكر منه مطلق التطليق بالمصدر، وعلى هذا فلا يصح ضبط الصريح بأنه ما اجتمع ف ط ل ق بصيغة التفعيل لا الأفعال إلا أن يقال: الوقوع بالمصدر لتأوله بطالق كذا في (الفتح).

وأقول: عبارة القدروي فالصريح قوله أنت طالق غلى آخره وقوله أنت الطلاق إلى آخره وحينئذ فلا يرد عليه ما ذكر، وقوله في (البحر): أن منه شئت ورضيت طلاقك ووهبته لك وكذا أودعتك ورهنتك وخذي طلاقك في الأصح ولا يفتقر إلى قولها أخذت كما في (البزازية) ظاهر في أنه فهم أن الصريح يكون بغير الثلاثة والمصدر وليس كذلك إذ الوقوع فيما ادعاه إنما هو بالمصدر على أنه في (تصحيح القدوري) نقل عن قاضي خان وهبتك طلاقك الصحيح فيه الوقوع انتهى، ففي أودعتك ووهبتك بالأولى، وسيأتي أن رهنتك كناية وفي (المحيط) لو قال: رهنتك طلاقك قالوا: لا يقع لأن الرهن لا يفيد زوال الملك وعلل في (الصيرفية) الوقوع بأن الرهن والإيداع لا يكونان إلا في الموجود، وفي أعرتك صار الأمر بيدها كقولي أنا طالق وكذا إذا بدل الطاء تاء والقاف عينًا أو غينًا أو كافًا أو لامًا ولم يصدق أنه لم يرد الطلاق إلا إذا أشهد على ذلك قبل التكلم سواء كان عالمًا أو جاهلًا وعليه الفتوى، وقوله أنت أطلق من فلانة كناية كما في (الولوالجية) فإن كان جوابًا لقولها إن فلانًا طلق امرأته وقع ولا يدين كما في (الخلاصة) لأن دلالة الحال قائمة مقام النية حتى لو لم تكن قائمة لم يقع غلا بالنية وأما طلقك الله ففي (النوازل) أنه يقع وبه جزم في (المحيط) معللًا بأنه لا يطلقها الله إلا وهي طالق وشرط النية في موضع آخر.

قال في (الفتح): وهو الحق، وفيه لو قال: أطلقك لم يقع إلا إذا غلب استعماله في الحال وفي (الصيرفية) لو كان جوابًا لسؤالها الطلاق وقع عند مشايخ سمرقند كأنه لأن سؤالها إياه معينة للحال لكن ينبغي أن لا يختلف في عدم الوقوع فيما إذا قرنه بحرف التنفيس إلا إذا نواه فتكون السين لمجرد التأكيد نحو (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ([الضحى: 5] واختلف في قوله طلاقك على واجب أو لازم أو ثابت أو فرض فرجح بعضهم عدم الوقوع في الكل وفي (البزازية) هو المختار وفي (الواقعات) الأصح الوقوع وفي (فتاوى الخاصي) أنه المختار، قال في (الفتح): وقد تعورف في عرفنا الحلف بالطلاق يلزمني لا أفعل كذا يريد إن فعلته لزم الطلاق ووقع

ص: 322

وتقع واحدة رجعية، وإن نوى الأكثر أو الإبانة،

ــ

فيجب أن يجري عليهم لأنه صار بمنزلة قوله إن فعلت فأنت كذا، وكذا تعارف أهل الأرياف بقوله على الطلاق لا أفعل كذا انتهى، ويؤيده ما سيأتي في قوله كل حل على أنه حرام أو أنت علي حرام أو حلال الله علي حرام حيث قال المتأخرون: وقع بائن بلا نية لغلبة الاستعمال بالعرف، ولو قال: علي الطلاق أو الطلاق يلزمني أو الحرام ولم يقل لا أفعل كذا لم أجده في كلامهم وفي (الفتح) لو قال: طلاقك علي لا يقع وفي (تصريح القدوري) ومن الألفاظ المستعملة في مصرنا وريفنا الطلاق يلزمني والحرام يلزمني وعلي الطلاق وعلي الحرام.

قال في (المختارات): وإن لم / يكن له امرأة يكون يمينًا فتجب الكفارة بالحنث وهكذا ذكر الشهيد في (واقعاته) وبه كان يفتي الإمام الأوزجندي وكان نجم الدين النسفي يقول: غن الكلام يبطل ولا يجعل هذا يمينًا انتهى. قيد بخطابها لما في أيمان (البزازية) قال لها: لا تخرجي من الدار غلا بإذني فإني حلفت بالطلاق فخرجت لا يقع لعدم ذكر حلفه بطلاقها ويحتمل الحلف بطلاق غيرها والقول له انتهى.

ولو قال: فلانة طالق ولم ينسبها أو نسبها إلى ابنها أو أمها أو أختها أو ولدها وامرأته بذلك الاسم والنسب فقال: عنيت غيرها لم يصدق قضاء ولو سماها بغير اسمها لم تطلق إلا بالنية، وعلى هذا لو حلف لدائنه فقال: إن خرجت من البلد قبل أن أعطيك فامرأته فلانة كذا واسم امرأته فلانة غيرها لا تطلق إذا خرجت قبله ولم يقيد لام طالق بالكسر إيماء غلى أنه لو فتحها وقع أيضًا ولو كان تركيًا فقال: أردت به الطحال لأنه لغتي لم يصدق كما في (الخانية) وفيها لو حذف القاف فإن كسر اللام أو كان ذلك في مذاكرة الطلاق وقع بلا نية، وإلا توقف عليها ووجه الوقوع بأنه ترخيم قال في (الفتح): وهو غلط لأنه إنما يكون اختيارًا في هذا وفي غيره اضطرارًا في الشعر انتهى.

وأقول: الترخيم لغة: يقال على مطلق الحذف كما نص عليه الجوهري وغيره وهو المراد هنا لو قال: يا طال بكسر اللام وقع بلا نية كذا في 0الخانية9 أيضًا أقول: وينبغي أن يكون الضم كذلك إذ هو لغة من ينتظر بخلاف (الفتح) فإنه يتوقف على النية وفي (البحر) لو حذف اللام أو الطاء معها لم يقع، (ويقع) بما ذكر من الألفاظ الثلاثة (واحدة رجعية وإن نوى الأكثر أو الإبانة) لا بالصريح مطلقًا لما سيأتي من أنه لو نوى بالمصدر منه الثلاثة صحت نيته، أما وقوع الواحدة ولو نوى الأكثر فهو ظاهر الرواية، وإليه رجع الإمام وكان الإمام يقول أولًا: بأنه يقع ما نوى وبه قالت الأئمة الثلاثة، لأنه نوى ما لا يحتمله لفظه ووجه المرجوع إليه أن هذا الخبر أعني: أنت

ص: 323

أو لم ينو شيئًا،

ــ

طالق نقله الشارع إلى إنشاء الواحدة لأنه لا يفهم منه لازمته أعني احتمال الصدق والكذب فجعله موقعًا به ما شاء استعماله في غير المنقول إليه، قيد بنيته لأنه لو قال: جعلتها بائنة أو ثلاثًا كانت كذلك عند الإمام، ومعنى جعل الواحدة ثلاثًا على قوله أنه ألحق بها اثنتين لا أنه جعل الواحدة ثلاثًا كذا في (البدائع)، ووافقه الثاني في البينونة دون الثلاث ونفاهما الثالث ولو راجعها ثم قال جعلتها بائنة لأنه لا يملك إبطال الرجعة وعلى هذا تفرع ما في (اليتيمة) لو طلقها واحدة ثم قال: جعلتها بائنة رأس الشهر إن لم يراجعها فهي بائنة لا إن راجعها بخلاف ما لو قال: جعلتها ثلاثًا رأس الشهر حيث يكون مطلقًا والفرق بين لمن تدبر، ولو علق طلاقها بدخول الدار ثم قال قبل الدخول: جعلتها بائنة ثلاثًا فهو لغو وأما وقوع الرجعي بها ولو نوى الإبانة بنيته إياها قصد بهذا اللفظ تنجيز ما علقه الشرع بانقضاء العدة فرد عليه قصده قيل: هذا مقيد لما إذا لم يعرض عارض كتسمية مال أو ذكر وصف على ما سيأتي.

قال في (الفتح): وقد يقال: الصريح هو المقتصر عليه من ذلك فلا حاجة إلى القيد لكن جعل (البدائع) الصريح على قسمين: رجعي وبائن والثاني: ما كان بحروف الإبانة أو بحروف الطلاق قبل الدخول أو بعده مقرونًا بالثلاث نصًا أو إشارة أو موصوفًا بصفة تنبئ عن البينونة أو تدل عليها، والرجعي: بخلافه وهو الظاهر، للقطع بأنه قبل الدخول أو على مال أو نحو ذلك ليس كناية وإلا لاحتاج إلى النية أو دلالة الحال، فتعين أن لا يكون صريحًا إذ لا واسطة بينهما وفي (القنية) لو قال: على أن لا رجعة لي عليك فبائنة ولو قال: ولا رجعة لي عليك فرجعية، فإن قلت: لو قال وإن نوى غيرها لكان موفيًا بالمراد مع أخصريته؟ قلت: لو قاله لاقتضى إطلاقه وقوع الواحدة الرجعية فيما إذا نوى الطلاق عن وثاق وكان مكرهًا لصدق الغيرية بذلك والحكم أنه لا يقع شيء ويقبل منه ذلك قضاء أيضًا كما في 0فتح القدير) وسياتي بقية تفاريعه، (أو لم ينو شيئًا) لأن المعنى لا يحتاج إلى النية يعني إذا لم ينو شيئًا اصلًا يقع ولم يقل أو لم ينوهما لئلا يرد عليه ما لو نوى غيرهما بأن نوى الطلاق عن وثاق فإنه يصدق ديانة أما عن العمل فلا إلا في رواية، ولو صرح بالمنوي ففي العمل لا يصدق قضاء وفي الوثاق بفتح الواو وكسرها بمعنى القيد يصدق لأنه يستعمل قليلًا وهذا الإطلاق قيده في (المحيط) بما إذا لم يقرنه / بالثلاث أما غذا قال أنت طالق من هذا القيد ثلاثًا لم يصدق في القضاء أنه لم ينو طلاقًا لأنه لا يتصور رفع القيد ثلاث مرات فانصرف إلى قيد النكاح كيلا يلغو انتهى، وهذا التعليل يفيد اتحاد الحكم فيما لو قال: مرتين.

ص: 324

ولو قال: أنت الطلاق

ــ

قال في (البحر): وفي قولهم لو قرن بالعمل وقع قضاء دلالة على أنه لو قال: على الطلاق من دراعي كما يحلف به العوام أن يقع قضاء بالأولى ثم قال: والحاصل أن قولهم الصريح لا يحتاج إلى النية إنما هو في القضاء أما في الديانة فمحتاج إليها لكن وقوعه في القضاء بلا نية بشرط أن يقصدها بالخطاب بليل ما قالوه لو كرر مسائل الطلاق بحضرة زوجته ويقول: أنت طالق ولا ينوي لا تطلق، وفي متعلم يكتب ناقلًا من كتاب رجل قال: ثم يقف ويكتب امرأتي طالق وكلما كتب قرن الكتابة بالتلفظ يقصد الحكاية لا يقع عليه وفي (القنية) امرأة كتبت أنت طالق ثم قالت لزوجها: اقرأ علي هذا فقرأ لا تطلق، وما في (الفتح) ولا بد من القصد بالخطاب بلفظ الطلاق عالمًا بمعناه أو بالنسبة غلى الغائبة كما يفيده.

فروع: وذكر ما ذكرناه فليس بصحيح نه صرح بالوقوع قضاء فيمن سبق لسانه وإن كان شرطًا للوقوع ديانة لا قضاء فكذلك لأنه يقتضي الوقوع قضاء فيما لو كرر مسائل الطلاق بحضرتها وفي المتعلم فالحق ما اقتصرنا عليه انتهى، وأقولل: هذا وهم بل هو صحيح وذلك أنه أراد أنه شرط للوقوع قضاء وديانة فخرج ما لا يقع به لا قضاء ولا ديانة كمن كرر مسائل الطلاق وما يقع فيه قضاء فقط كمن سبق لسانه، وبه عرف أنه لا يرد عليه من سبق لسانه لأنه لا يقع فيه ديانة كما أفصح عنه في (الفتح) في آخر كلامه حيث قال: وقد يشير إليه أي: إلى الوقوع قضاء فقط في (الخلاصة) بعد ذكر ما لو سبق لسانه ولو كان بالعتاق يدين انتهى، يعني ولا فرق بين الطلاق والعتاق وبهذا يبطل قوله في (البحر) أن الوقوع في القضاء بشرط أن يقصد خطابها لظهور أن من أراد أن يقول: اسقني فسبق لسانه بالطلاق ولم يقصد خطابها بع فعم الهازل يقع عليه قضاء وديانة لأنه مكابر فاستحق التغليظ.

وفي (البزازية) لقنته الطلاق بالعربية وهو لا يعلم أو العتاق أو التدبير أو لقنها الزوج الإبراء عن المهر ونفقة العدة بالعربية وهي لا تعلم، قال الفقيه أبو الليث: لا يقع ديانة، وقال المشايخ أوزجند: لا يقع اصلًا صيانة لأملاك الناس عن الإبطال بالتلبيس وكما إذا باع أو اشترى بالعربية وهو لا يعلم، والبعض فرقوا بين البيع والشراء والطلاق والعتاق والخلع والهبة باعتبار أن للرضا أثر في وجود البيع لا الطلاق، والهبة تمامها بالقبض وهو لا يكون إلا بالتسليم وكذا لو لقنت الخلع وهي لا تعلم وقيل: يصح الخلع بقبولها والمختار ما ذكرنا وكذا لو لقن المديون الدائن الإبراء عن الدين بلسان لا يعرفه الدائن لا يبرأ فيما عليه الفتوى نص عليه في (هبة النوازل) انتهى، ولا خلاف أنه لو أراد شيئًا فجرى على لسانه النذر يلزمه أو الكفر لا يلزمه، (ولو قال: أنت الطلاق)

ص: 325

أو أنت طالق الطلاق، أو أنت طالق طلاقًا تقع واحدة رجعية بلا نية، أو نوى واحدة، أو ثنتين وإن نوى ثلاثًا فثلاث،

ــ

أو طلاق (أو) قال: (أنت طالق الطلاق، أو أنت طالق طلاقًا يقع عليه) بهذه الأفاظ (واحدة رجعية بلا نية، أو نوى واحدة، أو اثنتين) قيده في (النهاية) بما إذا لم ينوهما بالتوزيع أما إذا نواهما به بأن نوى بالمصدر واحدة أخرى وقعتا رجعيتين وهو يروى عن الثاني وبه قال أبو جعفر، ومقتضى الإطلاق عدم الصحة وبه قال قفخر الإسلام لأن طالقًا نعت وطلاقًا مصدر فلا يقع إلا واحدة وكذا في أنت طالق الطلاق.

قال في (الفتح): ويؤيده أن طلاقًا نصب ولا يرفع بعد صلاحية اللفظ لتعذره وصحة الإرادة به ليست إلا بإهدار لزوم صحة الإعراب في الإيقاع من العالم والجاهل انتهى، وسيأتي أنه المرجح في المذهب (وإن نوى ثلاثًا فثلاث) أما بالأولى فلأن المصدر حيث استعمل في الطلاق كان الغالب إرادة الاسم به كرجل عدل ومن ثم كان صريحًا فيه ويحتمل أن يراد أنت ذات طلاق أو أنه جعلها عينه ادعاء مبالغة وبتقديرها تصح الثلاث ولما كان هذا من محتملات اللفظ توقف على النية، وبهذا اندفع ما أورد من أنه إذا أريد به الاسم يلزم أن لا تصح نية الثلاث والجواب بما أشرنا إليه أوجه مما قيل أنه وإن أريد به الاسم لم يخرج عن كونه مصدرًا لأن الإرادة باللفظ ليست إلا باعتبار معناه فإذا فرض أن معناه الذي أريد به ليس إلا ما يصلح إرادته معه فكيف يراد به ذلك الذي لا يصلح كذا في (الفتح) ملخصًا.

واعلم أن نية الثلاث إنما صحت باعتبار أنها جنس / واحد بخلاف الاثنتين في الحرة فإنها عدد محض وألفاظ الوحدان لا يراعى فيها العدد المحض بل التوحيد وهو بالفردية الحقيقة والجنسية والمثنى بمعزل عنهما وأفاد في 0البحر) أنه لو كان طلقها واحدة فنوى الاثنتين لم يقع إلا واحدة كما في 0الخانية) لو طلق الحرة ةاحدة ثم قال: أنت بائن ناويًا الاثنتين لم يقع إلا واحدة وعلله في (البدائع) بأن الباقي ليس كل جنس طلاقها وما في (الجوهرة) أنه إذا تقدم على الحرة واحدة فإنه يقع اثنتان إذا نواهما يعني مع الأولى فسهو ظاهر انتهى.

وأقول: فيه نظر لأنه إذا نوى الاثنتين مع الأولى فقد نوى الثلاث وإذا لم يبق في ملكه الاثنتان وقعتا وقصر الطحاوي نية الثلاث على المعرف أما المنكر فتقع به واحدة لا أصل له في الرواية المهورة بل لا فرق بينهما كما قال الخصاف، وأما الباقي فظاهر لأن ذكر النعت وحده يقع به مع المصدر المؤكد له أولى غير أن وقوع الثلاث بطالق طلاق إن لم يكن بالمصددر ويلغو طالق في حق الإيقاع كما إذا ذكر معه العدد وإن الواقع إنما هو بالعدد وإلا فمشكل فإنه حينئذ يقع به واحدة وإن نوى

ص: 326

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثلاثة، ويجب أن يكون طالق الطلاق مثله وإن لم يذكر إلا في المنكر قيدنا نية الاثنتين بمجموعهما كذا في (الفتح). تتميم: في (مغنى الليث) كتب الرشيد إلى أبي يوسف ليسأله عن قول القائل:

فإن ترفقني يا هند فالرفق أيمن .... وإن تخرقي يا هند فالخرق أشأم

فأنت طلاق والطلاق عزيمة .... ثلاث ومن يخرق أعق وأظلم

ماذا يلزمه إذا رفع الثلاث أو نصبها؟ قال أبو يوسف: فقلت هذه مسألة نحوية فقهية ولا آمن الخطأ فيها إن قلت فيها برأيي فأتيت الكسائي وهو في فراشه فسألته فقال: إن رفع ثلاثًا وقعت واحدة لأنه قال أنت طالق ثم أخبر أن الطلاق التام ثلاث وإن نصبها طلقت ثلاثًا لأن معناه أنت طالق ثلاثًا وما بينهما جملة معترضة فكتبت بذلك غلى الرشيد فأرسل إلي جوائز فوجهتها إلى الكسائي، قال ابن هشام: والصواب أن كلًا من الرفع والنصب محتمل لوقوع الثلاث والواحدة أما الرفع: فلأن ال في الطلاق إما لمجاز الجنس كما تقول: زيد الرجل أي: هو الرجل المعتد به، وإما للعهد الذكري أي: وهذا الطلاق المذكور عزيمة ثلاث ولا تكون للجنس الحقيقي لئلا يلزم الإخبار عن العام بالخاص، كما يقال: الحيوان إنسان وذلك باطل إذ ليس كل حيوان إنسانًا ولا كل طلاق عزيمة وثلاث فعلى العهدية يقع الثلاث وعلى الجنسية يقع واحدة، وأما النصب: فلأنه محتمل لأن يكون على المفعول المطلق فيقتضي وقوع الثلاث إذ المعنى فأنت طالق ثلاثًا ثم اعترض بينهما بقوله والطلاق عزيمة ولأن يكون حالًا من الضمير المستتر في عزيمة فلا يلزم وقوعها لأن المعنى والطلاق عزيمة غذا كان ثلاثًا فإنما ما نواه كذا فيه تأمل هذا ما يقتضيه معنى هذا اللفظ وأما الذي أراده الشاعر فهو الثلاث لقوله بعد:

فبيني بها إن كنت غير رفيقة .... وما لامرئ بعد الثلاث مقدم

انتهى ملخصًا، وفيه أبحاث الأول: أن من شرط الاجتهاد معرفة العربية وأساليبها لأنه يقع في الأدلة السمعية واتصاف ابي يوسف به يبعد أن يحتاج مع إمامته وجلالته في مثل هذا التركيب غلى غيره والذي نقل أهل الدار خلاف هذا ففي (المبسوط) ذكر ابن سماعة أن الكسائي بعث إلى محمد بفتوى فرفعها إلي فإذا فيها ما مر وأنه أجاب بما سبق كذا في (الفتح) قلت: وهو المروي في (تاريخ الخطيب البغدادي)

ص: 327

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كما ذكره الحافظ السيوطي في (حاشية المغني)، الثاني: نازعه ابن الصائغ في منع كونها للجنس الحقيقي وكان وجهه أنه لا يلزم ما ادعاه إذ المعنى كل طلاق يملكه عليها تام الثلاثة ثلاث، الثالث: أنه سوى بين احتمالي الرفع مع أن الظاهر كما قال البهاء السبكي في (شرح التلخيص) وقوع الثلاث لكون النكرة أعيدت معرفة فتكون هي الأولى كما قرره علماء البيان وعليه جرى في (فتح القدير)، ثم قال: فجواب محمد بناء على ما هو الظاهر كما يجب في مثله من حمل اللفظ على الظاهر وعدم الالتفات إلى الاحتمال، وأنت خبير بأن هذا إنما يتم لو كان جوابه مطابقًا لما ادعاه لكنه مخالف كما قد علمته إلا أن يكون قوله فجواب محمد حينئذ مقصور على النصب كما سيأتي، الرابع: أن يكون النصب على المفعولية المطلقة يقتضي وقوع الثلاث إنما يتم أن لو كانت اللام للعهد أما إذا كانت للجنس وثلاثًا مفعول مطلق للثاني فلا قاله الشمني، الخامس: أنه يجوز أن يكون/ النصب على التمييز من الأول كما قال القرافي في (قواعده).

ثم قال: فإن قلت: يمكن أن يكون منصوبًا على الحال من الثاني أيضًا أي: الطلاق معزوم عليه في حال كونه ثلاثًا أو تمييزًا له فلم خصيتموه بالأول؟ قلت: لأنه منكر يحتمل بسبب تنكيره جميع مراتب الجنس وأعداده وأنواعه من غير تنصيص على شيء من ذلك لأجل التنكير فاحتاج للتمييز ليحصل المراد من ذلك المنكر المجهول، وأما الثاني فمعرفة استغنى بتعريفه واستغراقه الناشئ عن اللام التفريق عن البيان فهذا هو المرجح انتهى. السادس: أن عدم وقوعها بتقدير أن يكون حالًا من المستتر في عزيمة ممنوع بل يحتمل وقوع الثلاث أيضًا بجعل ال فيه للعهد الذكري كأنه قال: والطلاق الذي ذكرت ليس بلغو ولا لعب بل معزوم عليه حال كونه ثلاثًا ولا يقدر حينئذ إذا كان بل إذا كان قاله الدماميني وأجاب الشمني بأنه إنما نفى لزوم الثلاث وهو صادق، السابع: أنه سوى بين الاحتمالين مع أن الظاهر هو الأول ولقلة الفائدة في إرادة أن الطلاق عزيمة إن كان ثلاثًا كذا في (فتح القدير) وقول الشارح في وجه الرفع الطلاق مبتدأ وثلاث خبره وعزيمة إن رفعها خبر وإن نصبها حال معناه

ص: 328

وإن أضاف الطلاق إلى جملتها، أو إلى ما يعبر به عنها كالرقبة، والعنق، والروح،

ــ

أن الثلاث خبر ثان كما قال الزجاج وابن يعيش وجواز أن يكون بدلًا وأن يكون نصب عزيمة مع رفع الثلاث على احتمال فعل كأنه قال: والطلاق ثلاث أعزم عليه عزيمة ويجوز أن يكون التقدير والطلاق غذا كان عزيمة ثلاث كذا في (حاشية المغني) للسيوطي ولم يذكر كثير نصبها وعليه فالخبر محذوف أي: واقع. واعلم أن هذه التكلفات إنما يحتاج إليها بناء على ما قدمناه من أن طلاقًا من الصريح أما على أنه كناية كما قال الشافعية فالعبرة بما نواه سواء رفع أو نصب ثم في (شرح الشواهد) للجلال الجليل أيضًا الرفق ضد العنف يقال: رفق بفتح الفاء يرفق بضمها والخرق بالضم وسكون الراء الإثم من خرق بالكسر يخرق به (الفتح) خرقًا بفتح الخاء والراء وهو ضد الرفق وفي (القاموس) إن ماضيه بالكسر كفرح وبالضم ككرم وأيمن من اليمن وهو البركة وأشأم من الشؤم وهو ضد اليمن وذكر ابن يعيش أن في البيت الثاني حذف الفاء والمبتدأ أي: فهو أعق وإن تعليله واللام مقدرة أي: لأجل كونك غير رفيقة والمقدم مصدر ميمي من قدم بمعنى تقدم أي: ليس لأحد تقدم غلى العشرة والأفة بعد تمام الثلاث إذ بها تمام الفرقة، وهذا الجمع المحرر من خواص هذا الكتاب فنرجو أن يكون مقبولًا عند العزيز الوهاب، (وإن أضاف) أي: نسب (الطلاق إلى جملتها) كأنت طالق.

قال في (العناية): هذا وإن عرف مما مر إلا أنه ذكره تمهيدًا لقوله (أو إلى ما يعبر به عن الجملة) يعني إلى الجزء الذي يعبر به عن الإنسان من حيث هو إنسان كذا في 0الحواشي السعدية) وبه بندفع ما في (الفتح) من أن الإضافة في أنت طالق ورقبتك طالق إلى ما يعبر به عن الجملة وأن التحقيق أن ما يعبر به عن الجملة إما بالوضع أو التجوز لأنه بتسليمه يلزم عليه استعمال اللفظ أعني ما يعبر به عن الجملة في حقيقته وهو أنت طالق ومجازه وهو رقبتك طالق وأن الجملة الأولى حشو محض فتدبره، وبهذا التقرير علمت أن الإضافة إلى الجملة مقصورة على أنت طالق وأن ما عداه من أمثلة ما يعبر به عن الجملة فقول الشارح من الإضافة إلى الجملة أيضًا الروح والجسد والبدن ممنوع، أما الروح فلأنها جزء من الإنسان وكذا الجسد أيضًا باعتبار الروح وأما البدن فلأن الرأس والأطراف غير داخلين فيه بخلاف الجسد كذا فرق بينهما في (إيضاح الإصلاح) (كالرقبة والعنق) قال تعالى:(فتحرير رقبة ([النساء: 92] أي: ذات وقال: (فظلت أعناقهم ([الشعراء: 4] أي: ذواتهم (والروح)

ص: 329

والبدن، والجسد، والفرج، والوجه،

ــ

والنفس يقال: هلكت روحه وقال تعالى: (النفس بالنفس ([المائدة: 45] (والبدن والجسد والفرج) ومنه ما روي: (لعن الله الفروج على السروج) لكنه غريب جدًا وفي بضعك ما يقع وما في بعض النسخ من أنه يقع قال شمس الأئمة: تصحيف، وإنما هو بعضك وفي (الخلاصة) استك كفرجك بخلاف الدبر قال الإتقاني: وعندي فيه نظر لأن الاست بمعنى الدبر ورده في (فتح القدير) بأن البضع أيضًا بمعنى الفرج ويقع في الفرج دونه لجواز تعارف أحدهما في الكل دون الآخر (والوجه) والرأس قال تعالى: (ويبقى وجه ربك ([الرحمن: 27] أي: ذاته ويقال: أمري حسن ما دام رأسك سالمًا كذا في (الشرح) وعدل عن استدلال كثير بقوله يا وجه العرب ويا رأس القوم لأنه فاسد إذ معنى الأول أنك في العرب بمنزلة الوجه والثاني أن القوم كالجسد وفلان الرأس منه لا أنه عبر عن جملة العرب بالوجه وناداهم به وبفلان عن القوم كلهم قال في (الفتح): وهو مبني / على أن الاستعارة مكنية لكن يجوز أن تكون حقيقية بأن يكون شبه الرجل بالرأس لشرفه على سائر الأعضاء لكونه مجمع الحواس وبالوجه لظهوره وشهرته فأطلق عليه رأس القوم ووجه العرب أي: اشرفهم انتهى، وسكت عن الدم مع أنهم صححوا الكفالة به لما في (الخلاصة) الأصح أنه لا يقع به والعتق كالطلاق فكأنه تعورف إطلاقه على الكل في الكفالة كما يقال: دمه هدر دون غيره لكن صحح في 0الجوهرة) الوقوع، والقلب والعين.

وقد قال في (الظهيرية): لو أضاف إلى قلبها لا رواية لهذا في (الكتاب) وجزم الشارح بأنه لا يقع به إلا أن يتعارف إطلاقه في الكل وفي كفالة (فتح القدير) لم يذكر محمد ما إذا كفل بعينه قال البلخي: لا تصح كما في الطلاق إلا أن ينوي به البدن، والذي يجب أن يصح في الكفالة والطلاق إذ العين مما يعبر بها عن الكل يقال: عين القوم وهو عين في الناس ولعله لم يكن معروفًا في زمانهم، أما في زماننا فلا شك في ذلك، قيد بالإضافة إلى ما يعبر به عن الجملة لأنه لو قال: الرأس أو الوجه منط طالق أو وضع يده على أحدهما أو قال: هذا العضو طالق لم يقع في الأصح كذا في 0الشرح) وفي 0الخانية) لو قال: هذا الرأس طالق وأشار إلى رأس امرأته فالصحيح أنه يقع كما لو قال: رأسك هذا طالق ولهذا لو قال لغيره: بعت منك هذا الرأس بألف درهم وأشار غلى رأس عبده فقال المشتري: قبلت جاز البيع، وعليه فالإضافة إلى ما يعبر به عن الكل ليست مقصورة على الإتيان بضمير المخاطبة بل قد يكون بالإشارة إليه أيضًا وكأن هذا هو السر في عدم إتيان المصنف بضمير المخاطبة، ولو نوى اقتصار الطلاق على ذلك العضو قال الحلواني: لم يبعد أن يصدق، قال في (الفتح):

ص: 330

أو إلى جزء شائع منها كنصفها، أو ثلثها تطلق، وإلى اليد والرجل والدبر لا، ......

ــ

وينبغي أن يكون ذلك فيما بينه وبين الله تعالى، أما في القضاء إذا كان التعبير به عرفا مشهورا لا يصدق وسيأتي ما يؤيده، (أو) أضافه (إلى جزء شائع منها كنصفها وثلثها) لأنه محل لسائر التصرفات فيكون محلا للطلاق إلا أنه لا يتجزأ فيثبت في الكل.

قال في (البحر): والتقييد بالشائع ليس بالاحتراز عن المعين لما في (الخلاصة) لو قال: نصفك الأعلى طالق واحدة ونصفك الأسفل اثنتين وقعت المسألة ببخارى فأفتى بعضهم بوقوع الواحدة لأن الرأس في النصف الأعلى وبعضهم اعتبر الإضافتين لأن الفرج في الأسفل، وبه علم أنه لو اقتصر على أحدهما وقعت واحدة اتفاق وأقول: بل هو احتراز عن المعين الذي لا يعبر به عن الكل كما سيأتي والوقوع بالنصف الأعلى أو بهما ليس إلا باعتبار أن في كل منهما ما يعبر به عن الكل كما أفصح عنه التعليل، ثم ظاهر قوله وبعضهم اعتبر الإضافتين يعني فأوقع الثلاث واحدة بالأول واثنتين بالثاني وبه عرف أن قوله: لو اقتصر على أحدهما وقعت واحدة اتفاقا ممنوع في الثاني كما هو الظاهر، (تطلق) ظاهر الكلام أن المضاف إلى الجزء المعبر به عن الكل.

(وإلى) الجزء الشائع صريح إذا لم يشرط في الوقوع به النية وهذا يؤيد ما مر من أنه لا يصدق قضاء لو نوى غيره إذا كان التعبير به عرفا مشتهرا وأن إضافة (اليد والرجل والدبر) مما لا يعبر به عن الجملة، كالشعر والأنف والساق والفخذ والظهر والبطن واللسان والأذن والفم والصدر والذقن والسن والريق والحمل والقلب، (لا) أي: لا تطلق لأن هذه أتباع وذكر التبع لا يكون ذكرا للأصل بخلاف ما مر وأورد أنه جاء إطلاق اليد على الكل في قوله صلى الله عليه وسلم: (على اليد ما أخذت حتى ترد) وأجيب بأن المراد صاحبها، وعندنا أنه إذا قال عنيت بها صاحبتها فهو على ما قال بخلاف السن ونحوه كذا قالوا. وفيه بحث من جهتين الأول: أن هذا التقرير ممكن في قوله تعالى: {فتحرير رقبة} [النساء: 92] ونحوه أي: فتحرير صاحب رقبة، الثاني أن تأنيث الفعل في الحديث يأباه ويمكن أن يجاب عن الأول بأنه لا محوج إليه والشرط موجود لأن الأخذ ينسب إلى اليد أيضا ولا كلام أنه في الآية لشيوع إطلاق الرقبة على الذات بخلافه في الحديث، وعن الثاني أجاب في (الحواشي السعدية) بأن التأنيث بناء على اكتسابه إياه من المضاف إليه والشرط موجود لأن الأخذ ينسب إلى اليد أيضا ولا كلام أنه إذا تعارف قوم التعبير بها عن الكل وقع بالإضافة إليها والعتاق

ص: 331

ونصف التطليقة، أو ثلثها طلقة، وثلاثة أنصاف تطليقتين ثلاث، ......

ــ

والظهار والإيلاء وكل سبب من أسباب الحرمة والعفو عن القصاص كالطلاق وما كان من أسباب الحل لا تصح إضافته إلى الجزء المعين الذي لا يعبر به عن الكل بلا خلاف ونصف الطلقة بالرفع على الابتداء وهو الظاهر لبعده عن التكلف البعيد والنصب على أنه صفة لمصدر محذوف يعني أنت طالق تطليقا نصف التطليقة/ هذا من حيث التركيب.

(و) أما من حيث الإيقاع فهو أن يقول: أنت طالق (نصف التطليقة) وكذا قوله: (أو ثلثها) وعلى الثاني فقوله: (طلقة) خبر لمحذوف لأن ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله صونا لكلام العاقل عن الإلغاء ولذا جعل الشارع العفو عن بعض القصاص عفوا عن كل وخصوا النصف الثاني بالتمثيل لزيادة الإيضاح وإلا فكل جزء شائع كذلك ولذا يتكرر عليه لو قال: نصف تطليقة وثمن تطليقة بخلاف ما إذا قال: وسدسها وثمنها حيث يقع واحدة فقط لأن النكرة إذا أعيدت كذلك كانت غيرا وإن أعيدت معرفة كانت عينا إلا إذا زادت الأجزاء فتقع أخرى وهكذا وهو المختار كما في (المحيط) وغيره وفي (المبسوط) الأصح في اتحاد المرجع وإن زادت الأجزاء واحدة أن تقع واحدة فقط وفي (الظهيرية) أنت طالق ثلاثا إلا نصف تطليقة قيل: على قول أبي يوسف يقع اثنتان لأنها لا تجزأ في الاستثناء أيضا وعلى قول محمد تقع الثلاث لأن النصف في الطلاق يتجزأ في الإيقاع لا في الاستثناء ولو قال: تطليقة إلا نصفها تقع واحدة وهذا إشارة إلى ما قال محمد انتهى، يعني أن وقوع الواحدة في الفرع الثاني اتفاق وهو شاهد لمحمد وقد يمنع بأن وقوع الواحدة على قول الثاني لا من حيث تجزؤ النصف بل لا يتجزأ أيضا لكنه استثناء الكل من الكل فلغا.

(وثلاثة أنصاف) طلقتين ثلاث لأن نصف التطليقتين واحدة فثلاثة أنصاف (تطليقتين ثلاث) تطليقات ضرورة قيل: ينبغي أن يقع اثنتان لأن التطليقتين إذا نصفتا كانت أربعة أنصاف فثلاثة منها طلقة ونصف فتكمل تطليقتين وأجيب بأن هذا التوهم منشؤه اشتباه قلنا: نصفها طلقتين وكلا من طلقتين والثاني هو الموجب للأربعة أنصاف واللفظ وإن كان يحتمله ولذا لو نواه دين لكنه خلاف الظاهر، ولقائل أن يقول هذا الكلام إما أن يكون حقيقة فيما أراد أو مجازا لا سبيل إلى الأول لأن اللفظ لا يستعمل فيما وضع له ولا إلى الثاني لعدم تصور الحقيقة وعدم الاتصال والجواب أنه مجاز وتصور الحقيقة ليس بشرط عند أبي حنفية والاتصال موجود لأنه من باب ذكر الجزء وإرادة الكل كذا في (العناية) وفيه بحث لأن تصور الحقيقة إذا لم يكن شرطا عنده فينبغي أن تكون المسألة خلافية ولم ينقلوه، وأيضا كون العلاقة

ص: 332

ومن واحدة، أو ما بين واحدة إلى ثنتين واحدة، وإلى ثلاث ثنتان

ــ

هنا ما ذكر ممنوع إذ لا يعقل كون ثلاثة أنصاف جزء الشيء إلا أن يراد باعتبار المجموع وعرف من كلامه وقوع الثلاث فيما إذا زاد على ثلاثة أنصاف بالأولى، أما إذا قال: نصفي طلقتين فاثنتان كنصف ثلاث تطليقات كما في (الذخيرة) قيد بالتطليقتين لأنه لو أفرد وقعت طلقتان، وقيل: ثلاث والأول أصح كما في (العناية) وهو المنقول في (الجامع الصغير) والحاصل أن المضاف مع المضاف إليه إما أن يتحد إفرادا أو تثنية أو جمعا أو لا، فإن اتحد كنصف تطليقة واحدة ونصفي تطليقتين ثنتان وثلاث أنصاف أو أربعة أنصاف تطليقات ثلاث، وإن لم يتحد كنصف تطليقتين واحدة وتطليقات ثلاث وأربعة تطليقة واحدة وتطليقتين أو ثلاث اثنتان (و) في أنت طالق (من واحدة أو) قال (ما بين واحدة إلى اثنتين) تقع (واحدة و) قال: من واحدة (إلى ثلاث) يقع (اثنتان) وهو قول الإمام، وقالا: في الأول اثنتان وفي الثاني ثلاث ولم يوقع زفر بالأولى شيئا وأوقع بالثانية واحدة وهو القياس أي: قضية الأصل لا الأصولي.

قال في (الهداية):لأن الغاية لا تدخل تحت المضروب له الغاية انتهى. وقد نص غير واحد على أن قولهما استحسان لكن قولهم في وجه قول الإمام أن مثل هذا الكلام متى ذكر في العرف يراد به الأكثر من الأقل والأقل من الأكثر يعني إذا كان بينهما عدد يفيد أن قوله استحسان أيضا، ومن ثم قال في (الفتح): إن قول كل من الثلاث استحسان بالعرف إلا أنهما أطلقا فيه وأبو حنيفة يقول: إنما وقع كذلك فيما مرجعه الإباحة كخذ من مالي أو بع من عبيدي ما بين مائة إلى ألف وكل من الحامض إلى الحلو أما ما أصله الحظر حتى ما يباح إلا لحاجة فلا والطلاق منه فكان قرينة على عدم إرادة الكل، قيل: إن الأصمعي حاج زفر عند باب الرشيد فقال له الأصمعي: ما تقول في رجل قيل له: كم سنك؟ فقال: من ستين إلى سبعين أيكون سنه تسع سنين؟ ونسب ذلك إلى الإمام غير أنه قال له: كم سنة فقال: ما بين ستين إلى سبعين فقال الإمام: سنك إذًا تسع سنين/.

قال في (الفتح): وهذا يفيد أنه يجب أن يجيب فيما بين واحدة إلى ثلاث ونحوه بذلك ثم يقال كم سنك فيجيب بلفظ ما بين أن يقال: خمسة وستون ونحوه مع ظهوره ورود الإلزام حينئذ إلا وقد أعد جوابه فلم يكن حيث ينقطع، على أنه روي أنه قال عند إلزام الأصمعي: استحسن في مثل هذا يعني إرادة الأكثر من الأقل والأقل من الأكثر، وقد جمعت مسائل الغاية في هذا المقام بلغنا الله منها المرام ففي أنت طالق إلى سنة وقع بعد السنة إلا أن ينوي الوقوع للحال، وأمرك بيدك إلى عشرة أيام

ص: 333

وواحدة في ثنتين، واحدة إن لم ينو، أو نوى الضرب،

ــ

كان الأمر بيدها من هذا الوقت إلى عشرة أيام بحفظ الساعات، ولو نوى إذا مضت عشرة أيام لا يصدق قضاء كذا في (الخلاصة).

والعتق والكفالة إلى شهر كالطلاق وعن الثاني أنه كفيل في الحال والفتوى على أنه كفيل بعد شهر كذا في (البزازية) وفي (التتارخانية) وغيرها أنت علي كظهر أمي إلى شهر لا يكون مظاهرا قبل، وفي (جامع الفصولين) حلف ليقضين دينه إلى خمسة أيام لا يحنث ما لم تغرب الشمس من اليوم الخامس وكذا لا يكلمه إلى عشرة أيام دخل العاشر، وكذا إن تزوجت إلى عشر سنين دخلت العاشرة وفي (الخلاصة) من الأمر باليد البيع إلى شهر تأجيل للثمن إلى شهر والوكالة تقبل التأقيت حتى لو تصرف بعد مضي الوقت لا يصح، وفي (فتاوى) شمس الأئمة يصير وكيلا بعد الشهر، وفي رواية يصير وكيلا مطلقا، أجرتك إلى شهر تثبت الإجارة في الحال وتنتهي بمضي الشهر، والمزارعة كذلك والصلح إلى شهر لا يصح والقسمة والشركة كالإجارة والإبراء عن الدين إلى شهر كالطلاق إلا إذا قال: عنيت به التأخير فحينئذ يكون تأخيرا إلى شهر، والإقرار إلى شهر إن صدقه المقر له ثبت الأجل وإن كذبه فالقول قول ويجب حالا ويستحلف في الأجل، إذن العبد في التجارة لا يتوقف ويصير مأذونا مطلقا، والتحكيم والقضاء يقبلان التأقيت انتهي. وسيأتي أن العارية تتوقت وفي (الجوهرة) لو شرط الخيار في البيع إلى الليل أو إلى الغد أو إلى الظهر كان له الخيار وفي الغد كله والليل كله ووقت الظهر كله عند الإمام وقال: الخيار في الليل إلى غروب الشمس، وفي الظهر إلى الزوال وفي الغد إلى طلوع الفجر انتهى، قيد بقوله: إلى ثلاث لأنه لو قال: ما بين واحدة وثلاث وقعت واحدة عند الكل إلا أن يتعارف مع يقع في (الغاية) ولو قال: عشرة فاثنتان عنده وقيل تقع الثلاث بالإجماع.

قال في (القنية): وهذا حسن من حيث المعنى، وفيها أنت طالق من ثلاث إلى واحدة يقع ثلاث قال بديع الدين: ينبغي أن يكون هذا بالاتفاق ثم ظهر أنه منصوص عليه في بعض الكتب وإن هذا قولهما وعندهما يقع اثنتان والله الموفق بمنه قال: أنت طالق (واحدة في اثنتين) يقع (واحدة)(وإن لم ينو) شيئا (أو نوى الضرب) أي: ضرب واحدة في اثنتين عالما يعرف الحساب، ولو قال: وإن نوى الضرب يعرف منه أن تقع الواحدة فيما إذا لم ينو شيئا بالأولى وقال زفر: يقع اثنتان فيما إذا نوى الضرب لأن عرفهم فيه تضعيف أحد العددين بقدر الآخر فقوله: واحدة في اثنتين كقوله مرتين ولنا أن عمل الضرب في تكثير الأجزاء لا في زيادة المضروب، إذ لو أفاده لما وجد في الدنيا فقير وتكثير أجزاء الطلقة لا يوجب تعددها كذا قالوا.

ص: 334

وإن نوى واحدة وثنتين فثلاث وثنتين في ثنتين ثنتان وإن نوى الضرب ومن هاهنا إلى الشام واحدة رجعية

ــ

قال في (الفتح): وهذا لا معنى له بعد قولنا أن عرف الحساب في التركيب اللفظي كون أحد العددين مضعفا بعدد الأجزاء والعرف لا يمنع والغرض أنه تكلم بعرفهم وأراداه فصار كما لو أوقع بلغة أخرى فارسية أو غيرها وهو يدريها، وكذا الإلزام بأنه لو كان كذلك لم يبق في الدنيا فقير لأن ضرب درهمه في مائة ألف مثلا إن كان على معنى الإخبار كقوله عندي درهم في مائة فهو كذب، وإن كان على وجه الإنشاء كجعلته في مائة لا يمكن لأنه لا ينجعل بقوله ذلك، وليس الكلام في ذلك وعن هذا اختار قوله في (غاية البيان) أيضا وما أجاب به في (البحر) من أن اللفظ لما لم يكن صالحا لم يعتبر فيه العرف ولا النية كما لو نوى بقوله اسقني الماء الطلاق ممنوع بالفرق البين بينهما.

(وإن نوى) بقوله في اثنتين (واحدة واثنتين فثلاث) إن كانت مدخولا بها وإلا فواحدة لأنه نوى ما لا يحتمله كلامه وفيه تشديد على نفسه، وذلك أن الواو للجمع والظرف بمعنى المظرف أما لو نوى معنى لفظة مع وقع الثلاث ولو غير مدخول بها لأن كلمة في تأتي بمعنى مع كما في قوله تعالى:{فادخلي في عبادي} [الفجر: 30] عند بعض أهل التأويل / وهذا لأن أحد العددين لا يصلح ظرفا للآخر وبين الظرف والمظروف معنى المعية فاستعير له كذا في (العناية) لكن لا مانع من حمل الظرفية في الآية على بابها بل هو الظاهر وإليه يرشد قول العلامة: المراد ادخلي في عبادي وقيل: في أجساد عبادي ويؤيد قراءة في عبدي، قال في (الفتح): على أن تأويلها بمعنى مع ينبو عنه وادخلي جنتي فإن دخلها معهم ليس إلا إلى الجنة، فالأوجه أن يستشهد على ذلك بنحو قوله تعالى:{ونتجاوز عن سيآتهم في أصحاب الجنة} [الأحقاف: 16] وسكت عما إذا نوى الظرفية لأن حكمه كما إذا لم ينو شيئا، (و) قال: أنت طالق (اثنتين في اثنتين) فالواقع (اثنتان) يعني: إذا لم ينو شيئا أو نوى الضرب أو الظرف، (وإن نوى) معنى الواو أو مع فعلي ما مر.

(و) لو قال: أنت طالق (من هنا إلى الشام) بسكون الهمزة تقع (واحدة رجعية) وقال زفر: بائنة لأنه وصفه بالطول وأورد عليه أنه لو وصفه به أو بالعرض صريحا تقع واحدة رجعية عنده وأجيب باحتمال كونه يفرق بين وصفه به صريحا فيوقع به الرجعي وكناية فيوقع به البائن لأن الكناية أقوى من الصريح لكونها دعوى الشيء ببينة، ألا ترى أن قولهم: فلان كثير الرماد أبلغ من جواد، وجوز في (الكافي) أن يكون عنه روايتان.

ص: 335

وبمكة، أو في مكة أو في الدار تنجيز، وإذا دخلت مكة تعليق.

ــ

قال في (العناية): وهذا أقرب قلنا: بل وصفه بالقصر لأنه متى وقع في مكان وقع في كل الأماكن فتخصيصه بالشام تقصير بالنسبة إلى ما وراءه ثم هو لا يحتمل القصر حقيقة فكان قصر حكمه وهو بالرجعي وطوله بالبائن ولأنه لم يصفها بعظم ولا كبر بل مدها إلى مكان وهو لا يحتمله فلم يثبت به زيادة في شدة على أن التمرتاشي يقول: إنما قصد المرأة لا الطلاق ووجهه في (الفتح) بأنه حال ولا يصلح صاحب الحال في التركيب إلا الضمير في طالق حتى لو وصفها بكبر أو عظم أو طول بأن قال: كبيرة أو عظيمة أو طويلة كانت بائنا كما في (المحيط).

(و) لو قال: أنت طالق (بمكة أو في مكة أو في الدار) أو في ثوب كذا وعليها غيره أو مريضة أو مصلية أو وأنت مريضة أو في الظل أو في الشمس فهو (تنجيز) لأن الطلاق لا يتصور أن يتعلق بمكان بعينه دون غيره بخلاف الزمان لأن بينه وبين الفعل مناسبة من حيث أنهما لا بقاء لهما ولا كذلك المكان، ولو عنى إذا أنت بمكة أو إذا لبست أو مرضت أو صليت ونحو ذلك صدق ديانة.

(و) لو قال: (إذا دخلت مكة) فهو (تعليق) لوجود الشرط وكذا لو قال: في دخولك إياها أو في مرضك أو صلاتك لصحة استعارة الظرف لأداة الشرط المقاربة بين معنى الشرط والظرف من حيث أن المظروف لا يوجد بدون الشرط فيحمل عليه عند تعذر معناه، أعني: الظرف، وفي (المحيط) أنت طالق تطليقة حسنة في دخولك الدار إن رفع حسنة طلقت للحال وإن نصبها تعلقت والفرق أنه على الرفع يكون نعتا للمرأة فكان فاصلا وعلى النصب يكون نعتا للتطليقة فلم يكن فاصلا وفيه أيضا معزيا إلى (الجامع) ولو قال: أنت طالق فيها دخولك الدار طلقت للحال لأنه جعل الطلاق ظرفا للدخول وأنه لا يصلح ظرفا فبقي مرسلا انتهى. إن الضمير حينئذ يرفع للطلقة الواحدة وهو ظاهر في أنه لو قال: فيه فالحكم كذلك بل هو أظهر لرجوع الطلاق وفي (الخانية) لو قال: لدخولك الدار ولحيضك طلقت، ولو بالباء الموحدة لا تطلق حتى تدخلها وتحيض وفي (المحيط) أنت طالق في حيضك وهي حائض لم تطلق حتى تحيض أخرى ولو قال: في حيضة أو في حيضتك فحتى تحيض وتطهر ولو في ثلاثة أيام طلقت للحال لأن الوقت يصلح ظرفا لكونها طالقا ومتى طلقت في وقت طلقت في سائر الأوقات، ولو عنى في مجيء ثلاثة أيام لم تطلق حتى يجيء الثالث لأن المجيء فعل فلم يصلح ظرفا فصار شرطا ولا يحتسب باليوم الذي حلف فيه لأن الشروط تعتبر في المستقبل لا في الماضي جزء منه، ولو قال في مضي يوم طلقت في الغد من مثل تلك الساعة، ولو قال: في مجيء يوم طلقت يطلع الفجر من الغد والله الموفق بمنه وكرمه.

ص: 336