المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب النفقة ــ يملك منها ولو بعدت المسافة إلا أن تسافر به - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٢

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصوم

- ‌باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده

- ‌ فرع

- ‌فصل في العوارض

- ‌ فروع

- ‌ فصل في النذر

- ‌كتاب الحج

- ‌باب الإحرام

- ‌فصل

- ‌فرع

- ‌باب القران

- ‌باب التمتع

- ‌باب الجنايات

- ‌فصل

- ‌ فصل في جزاء الصيد

- ‌باب مجاوزة الميقات بغير إحرام

- ‌باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

- ‌باب الإحصار

- ‌باب الفوات

- ‌باب الحج عن الغير

- ‌باب الهدي

- ‌مسائل منثورة

- ‌كتاب النكاح

- ‌فصل في المحرمات

- ‌باب الأولياء والأكفاء

- ‌فصل في الكفاءة

- ‌فرع

- ‌فصل في الوكالة

- ‌باب المهر

- ‌باب نكاح الرقيق

- ‌باب نكاح الكافر

- ‌باب القسم

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان

- ‌فصل في الطلاق قبل الدخول

- ‌باب تفويض الطلاق

- ‌فصل في الأمر باليد

- ‌فصل في المشيئة

- ‌باب التعليق

- ‌باب طلاق المريض

- ‌باب الرجعة

- ‌فصل فيما تحل به المطلقة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الخلع

- ‌فرع

- ‌باب الظهار

- ‌فصل في الكفارة

- ‌باب اللعان

- ‌فرع

- ‌باب العنين وغيره

- ‌باب العدة

- ‌فرع

- ‌فصل في الإحداد

- ‌باب ثبوت النسب

- ‌باب الحضانة

- ‌باب النفقة

الفصل: ‌ ‌باب النفقة ــ يملك منها ولو بعدت المسافة إلا أن تسافر به

‌باب النفقة

ــ

يملك منها ولو بعدت المسافة إلا أن تسافر به إلى دار الحرب وهو مسلم أو ذمي وإن كانت هي حربية ولو كانا مستأمنين جاز ذلك، والظاهر أن المراد بالسفر هنا اللغوي الذي هو قطع المسافة لا الشرعي إذ لا يشترط أن يقصد مسيرة ثلاثة أيام غير أنها لو قربت بحيث يتمكن من مطالعة ولده ويرجع إلى وطنه في يوم جاز لها النقل وكذلك لها أن تنقله من القرابة إلى المصر أما إلى غيرها فليس لها إلا بالشرطين المذكورين وعلم منه أنها لو أرادت الخروج به إلى ما نكحها فيه لكنه غير وطنها لم تمكن من ذلك في الأصح خلافًا لما في (الجامع الصغير) وفي التعبير بالمطلقة إيماء إلى أن المنكوحة لا تسافر به بالأولى ومنه المطلقة طلاقًا رجعيًا وأما المعتدة من بائن فقدم أنها لا تخرج وإن لم يكن معها ولد وبالولد المضاف إليها إشارة أيضًا إلى أن الجدة ليس لها ذلك وكذلك أم الولد إذا أعتقت لأنه لا عقد بينهما، كذا في (الفتح) وغيرها بالأولى وقيد بالأم لأن الأب ليس له إخراج الولد من بلد أمه ما بقي حق الحضانة لها.

وقيده في (الحاوي القدسي) بغير القريب أما المكان القريب الذي لا يقطعه عنها إلا إذا أرادت أن تنظر ولدها كل يوم فإنه يجوز كما في جانبها وهو حسن، وفي (السراجية) لو أخذ المطلق ولده منها لزواجها هل له أن يسافر به؟ قال: نعم له ذلك إلى أن يعود حق أمه انتهى. وهذا يجب أن يقيد بما إذا لم يكن له من ينتقل الحق إليه بعدها، واعلم أنه لو أخرج الولد ثم طلقها فطالبته بإعادته إن كان الإخراج بإذنها ليس عليه الرد، ويقال لها اذهبي وخذيه وإن كان بغير إذنها كان عليه الإعادة والله الموفق.

باب النفقة

ذكر العلامة أن كل ما فاؤه نون وعينه فإنه يدل على معنى الخروج والذهاب كنفق ونفر ونفخ ونفس ونفد قال في (البحر): وهي في اللغة ما ينفقه الإنسان على عياله ونحو ذلك كذا في (ضياء الحلوم)، وبه علم أن النفقة المرادة هنا ليست مشتقة من النفوق بمعنى الهلاك بل هي اسم للشيء الذي ينفقه الرجل على عياله، وفي الشرع كما قال هشام: سألت محمدًا عنها فقال: هي الطعام والكسوة والسكنى.

وأقول: كونها عبادة عما ذكر لا يمنع الاشتقاق المذكور لمن تأمله، وما قاله محمد إنما هو باعتبار المعنى الأغلب وإلا فقد عرفها في (العناية) وارتضاه في

ص: 504

تجب النفقة

ــ

(الفتح) بأنها الإدرار على الشيء بما به بقاؤه، وأنت خبير بأن هذا شامل لنفقة الدواب كما سيأتي، ثم النفقة على الغير تجب بأسباب الزوجية والقرابة والملك، بدأ المصنف بالأول لمناسبته لما مر من أن النكاح والعدة (تجب النفقة) المنصوص الصريحة فيها، وعلى ذلك انعقد الإجماع وهي الإدرار عليها بما تحتاجه أعم من كونه طعامًا أو شرابًا أو نقدًا لما قالوه من أنها لو شكت منه عدم الإنفاق عليها ولم يكن صاحب مائدة فإن القاضي يفرض عليه دراهم ونبه بوجوبها على أن لها أن تأكل من طعامه وتلبس من كرباسه بغير إذنه كما في (الذخيرة) فإن قلت هل تملك الدراهم المفرروضة بقبضها حتى كان لها خذي هذه الدنانير الخمسة لنفقتك ولم يعين الوقت فهو تمليك الإباحة.

وفي (الذخيرة) فرض لها عشرة نفقة شهر فمضى الشهر وقد بقي منها شيء تفرض لها أخرى وفي (الخلاصة) لو سرقت المفروضة لا يفرض لها أخرى بخلاف المحارم ولا يعارضه ما في (الخلاصة) أيضًا وغيرها من أن الزوج هو الذي يلي الإنفاق إلا إذا ظهر مطله فيؤمر بأن يعطيها لتنفق عليه لأن ذلك لرفع الضرر عنه لا لعدم ملكها وفي (الخلاصة) وللزوج أن يرفعها إلى القاضي ليأمرها بلبس الثوب لأن الزينة حقه وهو ظاهر في أنها لو قترت على نفسها كما هو شأن نساء زماننا حتى صارت هزيلة كان له أن يرفعها إلى القاضي ليأمرها بصرف ما يمنع من ذلك أو أن الزوج يتعاطى ذلك بنفسه.

واعلم أنه لو شرط في العقد أن النفقة تموين كان الشرط غير لازم / ولو حكم بموجب العقد حاكم يرى ذلك عرف ذلك من مارس كتبهم بقي أنه لو حكم الحنفي بفرضها دراهم واستوفى ما لا بد منه هل للشافعي أن يحكم بعد ذلك بالتموين؟ قال الشيخ قاسم في (موجبات الأحكام) بعدما ذكر صورة سجل النفقة قلت: هذا دليل لما أقوله من أنه ليس للشافعي ذلك بناء على أن الزوجية والقرابة سبب لوجوبها بشرطها وإن كان كل يوم سببًا لنفقته أيضًا وأن القضاء يعتمد السبب وتبدل الحال والسعر ونحو ذلك يعتمد السبب الثاني انتهى.

وعلى هذا فلو حكم الشافعي بالتموين ليس للحنفي أن يحكم بخلافه وهذا من الحوادث المهمة فليحفظ، وفي (البحر) من القضاء فإن قلت هل تقدير القاضي النفقة حكم منه؟ قلت: هو حكم وطلب التقرير بشرطه دعوى فقد وجد بعد الدعوى والحادثة ويدل عليه ما في نفقات (خزانة المفتين) وإذا أراد القاضي أن يفرض النفقة يقول: فرضت عليك نفقة امرأتك كذا وكذا في مدة كذا وكذا أو يقول

ص: 505

للزوجة على زوجها والكسوة

ــ

فرضت عليك النفقة مدة كذا يصح ويجب على الزوج حتى لا تسقط بنص المدة لأن نفقة الزمان المستقبل تصير واجبة بقضاء القاضي حتى لو أبرأت بعد الفرض صح انتهى، فإن قلت إذا فرض لها كل يوم أو كل شهر هل يكون قضاء بالجميع ما دامت في العصمة؟ قلت: نعم ما لم يمنع مانع بدليل ما في (الخزانة) فرض كل شهر عشرة دراهم فأبرأته من نفقة ما مضى وما يستقبل برىء مما مضى ومن شهر مما يستقبل وتمامه فيها انتهى. ولو طلبت منه كفيلاً بها خوفًا من غيته استحسن الثاني أنها تأخذ كفيلاً بنفقة شهر وبه يفتى، أي: يجبر الزوج على ذلك.

قال في (الفتح): ولو علم القاضي أنه يمكث في السفر أكثر من شهر أخذ الكفيل بأكثر من شهر ولو كفل لها النفقة كل شهر وقالا يلزمه نفقة شهر وقال الثاني: ما دام النكاح قائمًا وهو أرفق بالناس وعليه الفتوى، وأجمعوا أنه لو قال ما دمتما زوجين أو على الأبد كان الأمر كما قال ولو كان له دين عليها التقيا قصاصًا إن رضي الزوج لأن دين النفقة يضعف عن سائر الديون ودين الزوج أقوى فاشترط رضاه بخلاف سائر الديون (للزوجة) مسلمة كانت أو كتابية وفيه إيماء إلى أنه لا نفقة لها في الفاسد لأنها ليست زوجة وفي (البزازية) بعدما ذكر أنها في الفاسد لا تلزم قال: وفي النكاح بلا شهود تلزم، وفيه نظر إذ هو من أفراده (على زوجها) ولو فقيرًا أو صغيرًا له مال (و) تجب (الكسوة) أيضًا، وهي كما قال محمد درعان وخماران وملحفة في كل سنة، وثنى الدرع والخمار باعتبار الصيف والشتاء وأراد بالملحفة الملاءة التي تلبسها عند الخروج، وقيل: هي غطاء الليل ولم يذكر السراويل ولا بد منها في الشتاء وهذا في عرفهم، أما في عرفنا فتجب لها ثياب أخر كالجبة والفراش الذي تنام عليه واللحاف وما يدفع به أذى الحر والبرد ولم يذكر الخف والمكعب لأن ذلك إنما يحتاج إليه للخروج وليس للزوج تهيئة أسباب الخروج كذا في (الظهيرية)، وهذا يعين كون المراد بخطا الليل والخصاف أبدل الدرع بالقميص، قال في (الفتح): وهما سواء إلا أن القميص يكون مجيبًا من قبل الكتف والدرع من قبل الصدر، وذكر شمس الأئمة أن لها فراشًا على حدة ولم يكتف بفراش واحد لأنها ربما تعتزل عنه في أيام الحيض أو في زمان مرضها.

قال في (البحر): وقد استفيد من هذا أنه لو كان لها أمتعة من فرش ونحوها لا يسقط عن الزوج ذلك بل يجب عليه، وقد رأينا من يأمرها بفرش أمتعتها له ولا ضيافة جبرًا عليها وذلك حرام انتهى. لكن قدمنا عنه في باب المهر معزيًا إلى (المبتغى) أنها لو زفت إليه بلا جهاز يليق بها فله مطالبة الأب بما دفعه من الدراهم والدنانير إلا

ص: 506

بقدر حالهما ولو مانعة نفسها للمهر لا ناشزة

ــ

إذا سكت انتهى. وعلى هذا فإذا زفت إليه به لا يحرم عليه الانتفاع به وفي عرفنا يلتزمون كثرة المهر لكثرة الجهاز وقلته بقلته ولا شك أن المعروف كالمشروط فينبغي العمل بما مر، (بقدر حالهما) فإن كانا موسرين وجبت نفقة اليسار أو معسرين فنفقة الإعسار ولو كان أحدهما موسرًا والآخر معسرًا/ فظاهر الرواية وبه قال الكرخي ورجحه غير واحد اعتبار حال الزوج، والخصاف وغيره اعتبر حالهما فأوجب نفقة وسطًا يعني فوق نفقة المعسر ودون نفقة الموسر فيخاطب بقدر وسعة والباقي دين عليه إلى الميسرة قالوا: وعليه الفتوى، وعلى هذا فلا تجب عليه إذا كان موسرًا وهي فقيرة أن يطعمها مما يأكل نعم يندب له ذلك ثم إذا كانت دراهم فإن كان محترفًا دفع لها يومًا بيوم عند المساء عن اليوم الآتي، وإن كان تاجرًا دفع نفقة شهر بشهر، وإن كان من الدهاقين دفع سنة بسنة، أو من الصناع الذي لا يبقى عملهم إلا بانقضاء الأسبوع فكذلك كذا في (الفتح) ومعناه إذا تراضيا عن ذلك أما لو قال التاجر: أنا أدفع لها كل يوم كان لها ذلك، وفي (التجنيس) لو طلبت بعد فرض الشهر النفقة كل يوم كان لها ذلك.

(ولو) كانت (مانعة نفسها للمهر) المعجل سواء دخل بها أو لا على قول الإمام كما مر لأن المنع بحقه حتى لو كان كله مؤجلاً كانت بالمنع مناشزة إلا على قول الثاني من أن لها المنع وبه يفتى (لا ناشزة) بالجر عطفًا على الزوجة وجعله العيني خبرًا لكان المحذوفة مع اسمها وهي لغة: العاصية على الزوج المبغضة له، وعن الزجاج نشوز المزوجين كراهة كل منهما صاحبة كذا في (المغرب)، وعرفًا: الخارجة عن منزل الزوج بغير عذر شرعي فالممتنعة عن المجيء منزله خارجة عنه وأما التي لم تمكنه من الدخول إلى منزلها المملوك الذي كانت تسكن معه فيه قبل أن تسأله أن يحولها إلى منزله أو يكتري لها منزلاً فكالخارجة إلى موضع آخر ولو سلمت نفسها بالليل دون النهار أو عكسه كانت ناشزة.

قال في (المجتبي): وبه عرف جواب مسألة في زماننا هي ما لو تزوج من المحترفات التي تكون في النهار في مصالحها وبالليل عنده فإنه لا نفقة لها انتهى. وفيه نظر سيأتي إيضاحه ولو ادعى عليها نكاحًا فجحدت ثم أقام البينة فلا نفقة لها وكذلك لو كان الإنكار منه كما (الفتح) وخرج ما لو مانعته من الوطء فإنها لا تكون ناشزة، وقولنا كذلك لو أجرت نفسها لإرضاع صبي وزوجها شريف وقيل تكون ناشزة وبقولنا بغير عذر شرعي ما لو أبت السكنى في مكانه المغصوب أو بعث أجنبيًا بحملها إليه أبت أن تذهب معه وسيأتي أنها تخرج لزيارة أحد أبويها، وقالوا: إنها

ص: 507

وصغيرة لا توطأ، ومحبوسة بدين، ومغصوبة

ــ

تخرج أيضًا لمسألة وقعت لها لم يعرفها زوجها وعنها لم يسأل ولو عادت إلى منزله بعدما سافر أجابوا بأنها خرجت عن أن تكون ناشزة كذا في (الخلاصة) وفيها شهدوا أنه أوفاها المعجل وليست في بيته فلا نفقة لها ولو شهدوا أنها في طاعة الزوج للجماع لا تقبل انتهى. وبه علم أن القول لها في عدم النشوز مع يمينها (وصغيرة) أي: لا تجب النفقة لصغيرة (لا توطأ) أي: لا تطيق الوطء سواء كانت تصلح للخدمة والاستئناس أو لا لأن امتناع الاستمتاع لمعنى فيها وأورد أن هذا المعنى موجود في الرتقاء والقرناء ومن بها مرض يمنع الجماع مع أن النفقة واجبة لهن سواء أصابهن هذا بعدما انتقلت إلى بيت الزوج أو قبله وأجيب بأن المعتبر في إيجاب النفقة احتباس ينتفع به الزوج بالوطء أو الدواعي والثاني موجود هنا وعلى هذا قالوا: إذا كانت الصغيرة مشتهاة يمكن جماعها في ما دون الفرج تجب النفقة كذا في (الذخيرة).

قال في (الفتح): والظاهر أن من تشتهى للجماع فيما دون الفرج مطيقة للجماع في الجملة والأصح أن الإطاقة ليس لها حد مقرر بالسن وأن السمينة تطيقه ولو صغيرة، قيد بالنفقة لأن المهر يجب لها ولو كانت ولدت ويجبر الزوج على دفعه وبالصغيرة لأن الكبيرة تجب نفقتها ولو كان زوجها صغيرًا جدًا في ماله فإن لم يكن له مال لا تجب على أبيه إلا إذا ضمنها كالمهر كما في (الخلاصة)، (ومحبوسة بدين) أطلقه تبعًا (للجامع الصغير) ليعم ما إذا كانت قادرة على إيفائه أو لا لفوات الاحتباس واستشهد له محمد بما لو غصب العين المؤجر ضمن يد المستأجر فإن الأجرة تسقط لفوات الانتفاع لا من جهته / وعليه الاعتماد وفي (الفتح) وغيره وعليه الفتوى.

قال الحدادي: ولو حبسها هو بدين له عليها فلها النفقة على الأصح وعليه ففي إطلاقه مؤاخذة وقيد بالدين حملاً لحال المسلم على الإصلاح وإلا فالمحبوسة ظلمًا لا نفقة لها أيضًا كما في (الذخيرة).

قال الإتقاني: وفرض محمد المسألة في المفروضة لأنه في غيرها لا تتصور المسألة لسقوطها، وفيه نظر لأن عدم الوجوب لشيء لا يستلزم ثبوته أولاً قيد بحبسها لأن حبسه مطلقًا غير مسقط لنفقتها كذا غير كتاب إلا أنه في (تصحيح القدوري) نقل عن قاضي خان أنه لو حبس في سجن السلطان ظلمًا اختلفوا، والصحيح أنها لا تستحق النفقة انتهى. ولو طلب أن تحبس معه لا يجاب إلى ذلك كما في (الخلاصة) وفي (مآل الفتاوى) إذا خيف عليها الفساد يجاب إلى ذلك عند المتأخرين، (ومغصوبة) أي: ممنوعة عنه لما قلنا وهذا هو ظاهر الرواية، وعن الثاني عدم السقوط في الفصلين

ص: 508

وحاجة مع غير الزوج، ومريضة لم تزف، ولخادمها لو موسرًا

ــ

والفتوى على السقوط، (وحاجة) أي: فرضًا أو نفلاً (مع غير الزوج) سواء كان معها محرم أو لا بعدما سلمت نفسها أو قبلها في ظاهر الرواية لما مر ولو تطوعًا أما إذا حج معها فلها النفقة اتفاقًا يعني نفقة الحضر على مضى أنه ينظر إلى قيمة الطعام فيدفع لها أما الكراء ونفقة السفر فلا، وقال أبو يوسف: إن حجت مع محرم كان لها النفقة، والأول قول محمد وهو الأظهر وأما إذا حجت قبله التعلة فلا نفقة لها بالإجماع ولو بمحرم كذا في (الجوهرة) وهذا مناف لما مر، (ومريضة لم تزف) إلى بيت الزوج صحيحة هذا ظاهر في أنها لو سلمت نفسها وهي مريضة فلا نفقة لها، أما إذا كانت صحيحة فمرضت بعدما زفت إليه فإن لها النفقة استحسانًا لقيام الاحتباس فإنه يستأنس بها ويمسها وتحفظ البيت والمانع لعارض فأشبه الحيض كذا في (الهداية).

قال في (الفتح): وهذا مبني على اشتراط التسليم لوجوبها وقدمنا أنه مختار بعض المشايخ ورواية عن أبي يوسف والفتوى على ظاهر الرواية وهو الأصح تعلقها بالعقد الصحيح ما لم يمنع نشوزه والمستحسنون لهذا التفصيل هم المتأخرون لتلك الرواية والمختار وجوب النفقة لتحقق الاحتباس لاستيفاء ما هو من مقاصد النكاح من الاستئناس والاستمتاع بالدواعي، قال في (الخلاصة): لو كانت مريضة ومعها زوجها أو قبل الدخول أو بعده تجب، وفي (الجامع الكبير) سواء أصابتها هذه العوارض بعدما انتقلت إلى بيت زوجها أو قبله فيما إذا لم تكن مانعة نفسها وهذا جواب ظاهر الرواية انتهى. ومثله في (البدائع) وادعى في (البحر) أن ما ذكر المشايخ ليس مفرعًا على ما عن الثاني بل إطلاق ظاهر الرواية يفيد بأن يمكنها الانتقال معه أما إذا لم يمكنها فإنها لا تجب وأنت خبير بأن ما في (الكتاب) ظاهر في أن المريضة لا نفقة لها حيث لم تزف إليه سواء كان يمكنها الانتقال إليه أو لا، وهذا برواية الثاني أليق.

(و) تجب النفقة والكسوة أيضًا (لخادمها لو موسرًا) أي: الزوجة يعني المملوك لها في ظاهر الرواية عن أصحابنا الثلاثة كما في (الذخيرة) الذي لا شغل له غير خدمتها بالفعل فلو لم يكن في ملكها أو كان له شغل غير خدمتها أو لم يكن له لكنه لم يخدمها فلا نفقة له وقيد المسألة في (الخلاصة) ببنات الأشراف ويوافقه ما قيد به أبو الليث إطلاق الخصاف من أنها لو أبت عن الطبخ ونحوه لا تجبر عليه، وعلى الزوج أن يأتيها بمن يكفيها عمل ذلك بأن هذا إذا كان بها علة لا تقدر على ذلك، أو كانت ممن لا تباشر العمل بنفسها فإن كانت ممن تخدم بنفسها وتقدر على ذلك لا يجب عليه وفي بعض المواضع وتجبر على ذلك، وقال السرخسي: لا

ص: 509

ولا يفرق بعجزه عن النفقة وتؤمر بالاستدانة عليه

ــ

يجبر ولكن إذا لم تطبخ لا يعطيها الأدام، وهو الصحيح أي أدام هو طعام لا مطلقًا كما لا يخفى وفي كلامه إيماء إلى أنه لا يفرض لها أكثر من نفقة واحد ولو تعددت خدامها وهذا عندهما، وقال الثاني: يفرض لها نفقة خادمين ولا خلاف أنه لو كان له أولاد لا يكفيهم خادم واحد فرض عليه نفقة خادمين أو أكثر كما في (الفتح)، ولو جاء الزوج بخادم / يخدمها لم يقبل منه إلا برضاها كذا قالوا: وينبغي أن يقيد إذا لم يتضرر من خادمها، أما إذا تضرر منه بأن كان يختلس من ثمن ما يشتريه كما هو دأب صغار العبيد في ديارنا ولم يستدل به غيره وجاءها بخادم أمين فإنه لا يتوقف على رضاها قيد يساره لأن المعسر لا تجب عليه ذلك فيما رواه الحسن عن الإمام وهو الأصح خلافًا لمحمد وجه الظاهر أنها تكتفي بخدمة نفسها وإنما الخادم لزيادة التنعم فلا يلزمه إلا حالة اليسار.

قال في (الفتح): وهذا يخالف ما مر من اعتبار حالهما وأنه عند إعساره دونها تنفق بقدر حاله والباقي دين عليه وقياسه أن تجب نفقة الخادم دينًا عليه، قال في (البحر): وقد يقال إنما قبل ذلك في نفقتها للجمع بين الدليلين أعني الآية وحديث هند وليس ذلك في الخادم فكان على الأصل من اعتبار حاله.

وأقول: وفيه نظر إذ لو اعتبر حاله فيه لوجب عليه نفقته لها إذا كان موسرًا وهي فقيرة وقد علمت أنها لا تجب ولو ادعت يساره وأنكر فالقول له إلا أن تقيم البينة على ذلك ولو طلبت من القاضي السؤال عن حاله من جيرانه لا يجب عليه ذلك ولو سأل فأخبره عدلان يساره ثبت ليساره بخلاف سائر الديون، كذا في (البزازية) (ولا يفرق) أي: لا يفرق القاضي بين الزوجين (لعجزه عن النفقة) لأن التفريق إبطال حقه وفي عدمه تأخير حقها والثاني أحق صدرًا من الأول، فكان أولى على أن غاية النفقة أن تكون دينًا في الذمة وقد أعسر الزوج بها فكانت مأمورة بالانتظار بالنص، (وتؤمر بالاستدانة عليه) يعني بعد فرض القاضي نفقتها عليه وهي أن تشتري الطعام على أن يؤدي الزوج ثمنه، وقال الخصاف: وهي الشراء بالنسة ليقضي الثمن من مال الزوج، وفائدة الأمر بها إحالة الغريم على الزوج وإن لم ترض.

وقال في (التحفة): هي أن لصاحب الدين أخذ دينه من الزوج أو من المرأة وبدون الأمر لها ليس له الرجوع إلا على المرأة وأيضًا ومن الفوائد أنها لا تسقط بموت أحدهما في الصحيح بخلاف القضاء وحده، وإنما لم يؤمر الرجل بالاستدانة لأنه بعد ثبوت إعساره لا يأمنه أحد غالبًا على ماله ولو كان للزوجة ابن أو أخ موسر أمر الابن أو الأخ بالإنفاق عليها ويرجع به على الزوج إذا أيسر فإن امتنع حبس لأن هذا من

ص: 510

وتمم نفقة اليسار بطروه وإن قضي بنفقة الإعسار

ــ

الموروث كذا في (شرح المختار). قال الشارح: وبهذا تبين أن الإدانة لنفقتها إذا كان الزوج معسرًا وهي معسرة تجب على من كانت تجب عليه نفقتها لولا الزوج وعلى هذا لو كان للمعسر أولاد صغار ولم تقدر على نفقتهم تجب نفقتهم على من تجب عليه لولا الأب كالأم وكالأخ والعم ثم ترجع به على الأب.

وقوله في (البحر) ما في (شرح المختار) ينبغي أن يكون محله ما إذا لم تجد أجنبيًا يبيعها بالنسبة أو يقرضها مدفوع بالتعليل بالموروث إذ ليس منه أن يقترض من أجنبي لنفقتها مع وجود من هو قادر عليها من أقاربها، واعلم أنه إذا لم يوجد من هؤلاء أحد ولا من يدينها استحسن علماؤنا أن يأمر القاضي شافعي المذهب أن يفرق بينهما وينفذ قضاؤه، فإن كان الزوج غائبًا وأقامت بينه على إعساره فالصحيح أن قضاءه لا ينفذ ولو نفذه قاض آخر لا ينفذ أيضًا في الأصح كذا في (الذخيرة) يعني القاضي الحنفي فلا ينافيه ما في فتاوى قارىء (الهداية) ولو فسخ مع البينة فإن نفذه قاض آخر وتزوجت صح الفسخ والتنفيذ والتزويج فلا يرتفع بحضور الزوج وادعائه أنه ترك عندهما نفقة من عينه وأقامت البينة بذلك لأن المرأة بعدم النفقة اتصل بها القضاء فلا تنقض، كذا في فتاوى قارىء (الهداية).

(وتتمم نفقة اليسار بطروئه) أي: حدوثه (وإن قضى) عليه (نفقة الإعسار) لأن القضاء إنما كان للإعسار وقد زال فبطل، قال الشارح: هذه المسألة تستقيم على قول الكرخي من اعتبار حاله لا على ما ذكر الخصاف من اعتبار حالهما، فيكون فيه نوع تناقض لأنه جرى في أول الباب على قول الخصاف وهنا على قول الكرخي وعبارته في (الهداية) وإذا قضي القاضي لها بنفقة الإعسار ثم أيسر فخاصمته تم لها نفقة الموسر.

قال في (الفتح): هكذا مشى عليه أيضًا / صاحب (الكنز) بعد اعتبار حال الزوج والزوجة في وجوب النفقة فاعترض عليه شارحه فحكى ما مر وأجاب في (البحر) بأنه مستقيم على قول الكل لأن الخلاف إنما يظهر فيما إذا كان أحدهما معسرًا والآخر موسرًا وكلام المصنف أعم من ذلك فإنهما إذا كانا معسرين ثم أيسرا يتم نفقة اليسار اتفاقًا وإذا أيسر وحده قضي بنفقة يساره وهي الوسط عند الخصاف، وكذا إذا أيسرت وحدها إذا لم يقيدها يسار الزوج وإن قلنا إن المراد كما وقع التصريح به في (الهداية) فهو محول على يسارها أيضًا، ومتى أمكن الحمل فلا تناقض.

وأقول: ما ذكر مبني على أن نفقة الوسط تسمى نفقة يسار وهو ممنوع، وقال العيني: بل هو مستقيم على قول الخصاف أيضًا لأن المعتبر على قوله عند إعسار

ص: 511

ولا تجب نفقة مضت إلا بالقضاء، أو الرضا،

ــ

أحدهما النفقة المتوسطة فبعد يساره يتم نفقة الموسرين انتهى. لكن يرد عليه أن العبارة صادقة بما إذا كانا معسرين فأيسرت وعكسه فإنه لا يتم لها نفقة الموسرين على قول الخصاف فيهما ويتم على قوله الكرخي فيما إذا أيسر هو وحينئذ قال في اليسار بدل من المضاف إليه أي يسار الزوج كما فهمه الشارح وجرى عليه في (فتح القدير) كما قد علمت، وهذا لأن الكلام السابق فيه أعني قوله ولا يفرق بعجزه عن النفقة وكذا قوله وإن قضي عليه بنفقة الإعسار والله الموفق.

(ولا تجب نفقة مضت) يعني دينًا في الذمة وكذلك كسوة لأنها صلة فلم تستحكم الوجوب فيها (إلا بالقضاء) بفرضها عليه أصنافًا أو دراهم ودنانير (أو الرضى) بينهما بأن يصالحها الزوج على مقدار منها، كذا في (الشرح) وفي (الفتح) والحاصل أن نفقتها لا تثبت دينًا في ذمته إلا بقضاء القاضي بفرض أو اصطلاحهما على مقدار انتهى، والمراد به الماضية فإذا اصطلحا في الماضي على مقدار معين صار دينًا في ذمته لأن ولايتهما على أنفسهما فرق ولاية القاضي.

قال في (البحر): والمراد بالرضى اصطلاحهما على قدر معين أصنافًا أو دراهم وكذا عبر الحدادي بالفرض والتقدير فإذا فرض لها الزوج شيئًا معينًا كل يوم ثم مضت مدة فإنها لا تسقط فهذا هو المراد بقولهم، وأما ما توهمه بعض حنفية العصر من أن المراد بالرضى أنه إذا مضت مدة بغير فرض ولا رضى ثم رضي الزوج بشيء فإنه يلزمه فخطأ ظاهر لا يفهمه من له أدنى تأمل.

وأقول: رأيت في (الظهيرية) مايؤيد ما في (البحر) ولفظه فإن فرض لها القاضي أو صالحت زوجها من النفقة على شيء معلوم كل شهر ولم ينفق عليها حتى أنفقت من مال نفسها أو استدانة أولى، وفي (الذخيرة) وغيرها اختلفا فيما مضى من المدة من وقت القضاء ومن وقت الصلح فالقول للزوج والبينة لها، وهذا الثاني أظهر من الأول ومقتضى ما في (البحر) أن الصلح بناء على ما ادعاه من خطأ ذلك الفهم غير صحيح، وكان وجهه أنه صلح عما لم يجب في الذمة

واعلم أنه ينبني على كونها لا تثبت دينًا في الذمة إلا بما ذكر، أن الإبراء عنها قبل ذلك صحيح لما أنه أبرأ قبل الوجوب ولو كان القاضي فرض لها ذلك كل شهر كذا صح في الشهر الأول فقط وكذا لو قالت أبرأتك عن نفقة سنة لا يبرأ إلا عن شهر إلا أن يكون فرض لها كل سنة كذا ولو أبرأته بعد مضي شهر عما مضى وعما يستقبل برىء عما مضى وشهر فيما يستقبل كذا في (الفتح) يعني إذا فرض كل شهر

ص: 512

وبموت أحدهما تسقط المقضية،

ــ

كذا وقياسه أنه لو فرض لها كل سنة كذا فلما مضت سنة برأته عما مضى وعما يستقبل أن يبرأ عن سنتين ماضية ومستقبلة، وأنها لو فرض لها كل يوم نصفًا فأبرأته عن النفقة برىء عن يوم فقط وكذا الكفالة بها كما في (الذخيرة).

وذكر ما قدمناه عن الثاني من أنه يجبر على إعطاء كفيل ينفقه شهر استحسانًا عند الثاني قال: لما فرق في هذا الحكم بين أن تكون النفقة معروضة أو لا انتهى، وكأنه جعل نفقة الشهر لا تسقط بمضي المدة حتى صحت الكفالة بها والذي ذكره في (الغاية) عن (الذخيرة) إن عم السقوط يقيد بما دون الشهر فيحمل على أن قولهما توفيقًا وفيها الأصل أن الصلح متى حصل بشيء يجوز للقاضي أن يفرضه كان تقديرًا للنفقة سواء كان فرض القاضي أو التراضي أو بعد أحدهما وإن وقع على شيء لا يجوز فرضه كالثوب والعبد إذا كان قبل قضاء القاضي أو التراضي اعتبر تقديرًا أيضًا، وإن كان بعد أحدهما اعتبر معاوضة، وفائدة الأول أن تجوز الزيادة عليه والنقصان عنه، وفائدة الثاني أن لا يجوز ذلك انتهى، وفي قوله أو بعد أحدهما إيماء إلى أن الصلح بعد فرض القاضي مبطل لفرضه حتى لا يلزمه إلا ما تراضيا عليه وبه يعرف/ أنهما لو اتفقا على أن تأكل معه تموينًا بعد الفرض والإنفاق على قدر معين فإنه يبطل ما مضى كذا في (البحر).

(وبموت أحدهما) أي: الزوجين (تسقط) النفقة (المقضية) أي: المقتضى بها لأنها صلة، والصلاة بالموت كالهبة والدية إلا إذا استدانتها بأمر القاضي فلا تسقط بخلاف ما لو كانت الاستدانة بغير الأمر لأن للقاضي ولاية عامة فنزلت استدانتها منزلة الاستدانة وسكت عن سقوطها بالطلاق فإن فيه خلافًا فقيل لا تسقط والذي جزم به الخصاف السقوط حيث قال: وتسقط بموته وموتها وتسقط أيضًا إذا طلقها أو أبانها انتهى، وهو صريح في سقوطها بالرجعي ما لم يأمرها القاضي بالاستدانة وتستدين في الأصح، وفي (البزازية) وبالطلاق تسقط بلا خلاف، والبقالي ذكر الخلاف بين الثاني ومحمد وعلى ثبوت الخلاف فالأصح السقوط كما في شرح (المنظومة) للشيخ عبد البر لابن الشحنة، وادعى في (البحر) أنه ينبغي ضعف القول بالسقوط لما في (البدائع) لا خلاف بينهم في الطلاق على مال أنه لا يبرأ به عن سائر الحقوق التي وجبت لها بسبب النكاح، وقال قبله: وأما حكم الخلع فإن كان بغير بدل بأن قال: خالعتك ونوى الطلاق لا يسقط شيء من المهر والنفقة الماضية، وفي (غاية البيان) فإن كان بلفظ الطلاق على مال ففي ظاهر الرواية لا تقع البراءة عن الحقوق المتعلقة بالنكاح، وفي رواية الحسن تقع وهو ظاهر في أنه إذا كان على غير

ص: 513

ولا ترد المعجلة، ويباع القن في نفقة زوجته ونفقة الأمة المنكوحة، إنما تجب بالتبوئة والسكنى

ــ

مال لا تقع البراءة اتفاقًا قال: وهذا مما يتعين المصير إليه، وفيه نظر، (ولا ترد) النفقة (المعجلة) ولو قائمة بموت أحدهما أو تطليقه إياها وبالثانية صرح في (الخانية) وهذا عندهما وقال محمد: ترد القائمة، والفتوى على قولهما.

(ويباع القن) وهو العبد الذي لا حرية فيه بوجه (في نفقة زوجته) فيه إيماء إلى أن النكاح بإذن المولى، قيل: لأنه دين وجب في ذمته لوجود سببه وقد ظهر وجوبه في حق المولى فيتعلق برقبته كدين التجارة، وفي هذا التعليل إيماء إلى أنه يباع في المفروضة كما في (الفتح) وغيره المتجمدة عليه ما لم يختر المولى فداه، وفي (الذخيرة) فإذا اجتمع عليه من النفقة ما يعجز عن أدائه يباع فيه ما لم يفديه المولى، وبه عرف أنه لا يباع في نفقة يوم ولو اختارت استسعاءه ينبغي أن يجاب إلى ذلك كالمأذون على ما سيأتي ولو قتل سقطت في الأصح، وكذا لو مات اشتراه من علم بحاله أو لم يعلم ثم على فرض ظهر السبب في حقه أيضًا فإذا اجتمعت عليه النفقة مرة أخرى يباع ثانيًا وكذا حاله عند المشتري الثالث وهلم جرا، ولا يباع مرة بعد أخرى إلا في دين النفقة كذا في (الفتح).

وفي قوله: فإذا اجتمعت حينئذ إيماء إلى أنه لو بيع فلم تف قيمته بما عليه لم يبع في الباقي ثانيًا وما وقع في صدر الشريعة من أنه يباع في الباقي أيضًا فسهو قيد بالعبد لأن المكاتب والمدبر صوابه ولد أم الولد، وأم الولد إنما يستسعون إلا إذا عجز المكاتب وأطلق في الزوجة فشمل الحرة ولو بنت المولى كما في (الذخيرة) والأمة إلا أمة المولى ونفقتها لأن نفقة أولادهما لا تجب عليه.

وهل يباع في كفر زوجته بناء على ما مر من وجوبه على الزوج مطلقًا؟ على قول الثاني يبنبغي أن يباع (ونفقة الأمة المنكوحة) ولو مدبرة وأم ولد، أما المكاتبة فالكالحرة (إنما تجب بالتبوئة) وهي: أن يخلي المولى بينه وبينهما ولا يستخدمها كذا في (كافي الحاكم)، وهو ظاهر في أنها لو خدمته من غير استخدامه تجب وبه صرح في (الذخيرة) وفيها أن استخدام أهله كاستخدامه ولو استخدمها وهي في منزل الزوج فظاهر ما في (الكافي) سقوطها إلا أن تعليلهم السقوط بعدم التبوئة بأنه فات الاحتباس يفيد خلافه قيد بالأمة لأن الحرة تجب نفقتها بدونها ولو كان زوجها عبدًا ولو بؤها بعد الطلاق لا تجب بخلاف الحرة إذا نشزت ثم عادت بعد الطلاق والفرق لا يخفى، وفي قوله إنما تجب إيماء إلى فرضها قبلها غير صحيح (و) تجب أيضًا (السكنى) بمعنى الإسكان للزوجة على زوجها بقدر حالهما ولم يقيدهما بذلك

ص: 514

في بيت خال عن أهله، وأهلها ولهم النظر، والكلام معها

ــ

استغناء بما مر وهذا لأن اسم النفقة يعمها أيضًا، غير أنه أفردها لأن لها حكمًا يخصها (في بيت) لأنها في كفايتها تجب لها كالنفقة ولم يقل في دار لأنه لو أسكنها في بيت منه مفرد وله غلق كفاها لحصول المقصود، وكذا في (الهداية) وفيه إفادة إلى أنه كاف ولو كان الخلاء مشتركًا بعد أن يكون له غلق يخصه فليس لها أن تطالبه بمسكن آخر، وبه قال القاضي الإمام: لأن الضرر بالخوف هنا على المتاع وعدم التمكن / من الاستمتاع قد زال ولا بد من كون المراد كون الخلاء مشتركًا بينهم وبين غير الأجانب، والذي في شرح (المختار) أنه إن أخلى لها بيتًا وجعل له مرافق وغلقا على حدة ليس لها أن تطلب بيتا، كذا في (الفتح) وهذا يفيد أنه لا بد من بيت للخلاء ومطبخ وينبغي الاعتناء به كذا في (البحر).

(خال عن أهله) ولو ولده من غيرها إلا أن يكون صغيرًا لا يفهم الجماع فله إسكانه معها كأمته (وأهلها) كأصلها وفرعها من غيره ولم نجد في كلامهم ذكر المؤنسة إلا أنه في فتاوى قارىء (الهداية) قال: إنها لا تجب ويسكنها بين قوم صالحين بحيث لا تستوحش وهو ظاهر في وجوبها فيما إذا كان البيت خاليا عن الجيران ولا سيما إذا كانت تخشى على عقلها من سفه (ولهم النظر، والكلام معها) أي وقت اء أو تحاميًا عن قطيعة الرحم مع عدم الضرر عليه بدخول بيته، وفيه إيماء إلى أنهم يمنعون من الدخول بخلاف القيام على باب الدار كما في (الخانية) لكن الأصح أنه لا يمنع الأب والأم من الدخول عليها ولا تمنع هي من خروجها إليهما في كل جمعة وفي غيرهما من المحارم في كل سنة وإنما يمنعهم من البيتوتة عندها وعليه الفتوى، وقيد في (النوادر) عن الثاني خروجها بأن لا يقدرا على إتيانها فإن قدرا لا تذهب.

قال في (الفتح): وهو حسن، ثم قال: واختار بعض المشايخ منعها من الخروج إليهما، والحق الأخذ بقول أبي يوسف إذا كان الأبوان بالصفة التي ذكرت وإن لم يكونا كذلك ينبغي أن يأذن لها في زيارتهما في الحين بعد الحين على قدر يتعارف، أما في كل جمعة فهو بعيد فإن في كثرة الخروج فتح باب الفتنة خصوصًا إذا كانت شابة والرجل من ذوي الهيئات ولو كان أبوها زمنًا مثلاً وهو محتاج إلى خدمتها وهو يمنعها كان عليها أن تعصيه مسلماً كان الأب أو كافرًا انتهى. قالوا: وله أن يأذن لها في الخروج إلى زيارة الأبوين وعيادتهما وتعزيتها أو أحدهما وزيارة المحارم فإن وقعت لها نازلة فسأل الزوج عنها وأخبرها بحكمها لا تخرج، وإن امتنع خرجت بلا إذن وإن أرادت أن تخرج لتعلم مسألة من مسائل الصلاة أو الوضوء فإن

ص: 515

وفرض لزوجة الغائب، وطفله، وأبويه في مال له عند من يقربه، وبالزوجية ويؤخذ كفيل منها ولمعتدة الطلاق .....

ــ

أغناها الزوج عن ذلك لا تخرج وإلا فالأولى أن يأذن لها أحيانًا وإن لم يأذن فلا شيء عليه لو كانت غاسلة أو قابلة أو لم تقبض معجل مهرها أو كان لها على آخر حق تخرج بغير الإذن والحج على هذا يعني الفرض وينبغي أن يقيد حروجها فيما إذا كان لها حق بكونها غير محذرة لأنه لا يقبل التوكيل منها حينئذ فإن كانت وكلت وقول الفقيه: إنها تمنع من الحمام، خالفة الناس. قال في (الفتح): وحيث أبحنا الخروج فإنما يباح بشرط عدم الزينة وتغيير الهيئة على ما لا يكون داعية لنظر الرجال والاستمالة والله الموفق.

(وفرض) أي: فرض القاضي النفقة (لزوجة الغائب) ولو مفقودًا (وطفله وأبويه من مال له) وديعة أو مضاربة أو دينًا ويشترط أن يكون من جنس النفقة كالدراهم والدنانير وغلة العبد والدار لأن خلاف الجنس يحتاج إلى البيع ولا يباع مال الغائب اتفاقًا لأنه لما أقر بذلك فقد أقر بحق الأخذ (عند من يقربه وبالزوجية) ولا بد أن يقر بالنسب أيضًا في الوالد والولد قالوا: وعلم القاضي بذلك كاف قيد بإقراره لأنه لو أنكر وطلب يمينه لا يستحلف، ولو أقامت البرهان بما ادعته عليه لم تقبل لأنه ليس خصمًا (ويؤخذ كفيل منها) بما أخذته لا بنفسها وجوبًا في الأصح وسكت عن تحليفها، وقد قالوا: إن القاضي يسألها هل عجل لها نفقة؟ ولم تكن ناشزة ولا مطلقة انقضت عدتها وبهذا ظهر اختصاصها بأخذ الكفيل منها فاندفع بعض ما في نسخ (المستصفى) من قوله ويؤخذ كفيل منه أي من أخذ النفقة إذ ليس في الأخذ من غير الزوجة فائدة إذ غاية الأمر أن يكون قد عجل النفقة أيضًا، ولو ادعى القريب هلاكها أو سرقتها قضى بأخرى فلو جاء الغائب وأقام البرهان على تعجيلها أو إرسالها رجع عليها أو على الكفيل، قيل: ولو نكلت عن اليمين فكذلك قيد بالنفقة لأن دين الغائب لا يقضى منه ولو أقر به من عنده المال وبالمال لأنه لو لم يترك مالا وطلبت من القاضي فرض النفقة لا يفرض لها القاضي شيئًا أقامت بينه على النكاح أو لا، قال زفر: يسمعها ويفرض لها النفقة أمرًا لها بالاستدانة فإن حضر الزوج وأنكر النكاح/ كلفها القاضي إقامة البينة ثانيًا.

قال الخصاف: وهذا أرفق بالناس، وفي (ملتقى البحار) وهو المختار وفي غيره وبه يفتى، وفي (الفتح) ونقل مثل قول زفر عن أبي يوسف يقوي عمل القضاة لحاجة الناس إلى ذلك ولو غاب وترك صغارًا والمسألة بحالها أجبرت الأم على الإنفاق عليهم بعد فرضه لترجع وإلا استدانت، (و) تجب أيضًا النفقة والسكنى (لمعتدة الطلاق) لا

ص: 516

لا للموت والمعصية،

ــ

فرق في ذلك بين البائن والرجعى كذا في (الشرح) ولم يذكر محمد الكسوة واعتذر عنه بأنها لا تبقى في العدة زمنًا تحتاج إليها حتى لو بقيت يعنى بأن كانت ممتدة الطهر وجبت لها أيضًا وهذه النفقة كما هي في النكاح وتسقط بمضي المدة إلا بفرض أو صلح وإن استدانت عليه بعد فرضها فإن بقضاء رجعت وإن بغيره ففيه اختلاف الروايات والمشايخ، وأشار السرخسي إلى أنها تسقط وهو الصحيح لعدم قيام السبب حينئذ.

وقال الحلواني: المختار عندي لا تسقط، وإطلاق المتون يشهد للثاني، وفي (فروق المحبوبي) لو نشزت المبانة في العدة أو قبلت ابن الزوج لا تسقط نفقتها بخلاف المنكوحة لأن السكنى في الأول حق الله تعالى فكذا النفقة، وفي الثاني حقها وإن ادعت حبلاً أنفق عليها ما بينها وبين سنتين من يوم طلقها فإذا مضت هذه المدة وادعت أن الذي بها ريح وأنها ظنت الحمل به وأنها ممتدة الطهر ألزمه القاضي بالنفقة إلى انقضاء عدتها بحيضها، (لا) تجب النفقة لمعتدة (للموت) ولو حاملاً لأن احتباسها ليس لحق الزوج بل لحق الشرع.

قال في (الجوهرة): إلا إذا كانت أم ولد وهي حامل فلها النفقة من جميع المال، كذا في (الفتاوى)، وينبغي أن يكون معناه إذا حبلت أمة من سيدها واعترف بأن الحمل منه لكنها لم تلد إلا بعد الموت فتدبره. وفي (الظهيرية) لو أنفق الوصي على الحامل فضمنه رجع بما أنفقه عليها إلا أن يكون بإذن القاضي أي قاض يرى ذلك لأن عليا وشريحا كانا يريان ذلك من جميع المال، (و) لا تجب أيضا بفرقة (المعصية) من قبلها كتمكينها ابن الزوج وإبائها إذا أسلم هو وهي مجوسية أو وثنية ولم يقل من قبلها لأن نفي وجوبها محصور في كون المعصية منها لأنها صارت حابسة نفسها بغير حق فصارت كالناشزة بل أبعد قيد بالمعصية لأنها لو كانت بغيرها بخيار بلوغ وعتق وعدم كفاءة ووطىء ابن الزوج بها مكرهة وجبت نفقتها، وبكونها منها لأنها لو كانت منه كتقبيل بنت زوجته أو إيلائه مع عدم فيه حتى مضت المدة أو إبائه عن الإسلام إذا أسلمت هي وارتد فأبى عن الإسلام وجبت لها النفقة لأن بمعصيته لا تحرم هي النفقة.

قال في (الفتح): ولها السكنى في جميع الصور لأن القرار في منزل الزوج حق

ص: 517

وردتها بعد البت تسقط نفقتها لا تمكين ابنه، ولطفله الفقير ولا تجبر أمه لترضع

ــ

عليها فلا تسقط بمعصيتها، أما النفقة فحق لها فتجازى سقوطه بمعصيتها انتهى. والظاهر أن الكسوة كالنفقة بجامع أن كلاً منهما حق لها (وردتها بعد) الطلاق (البت تسقط نفقتها) لأن الشارع أوجب حبسها ولا نفقة للمحبوسة وكذا لو لحقت بدار الحرب حتى لو لم تلحق ولم تحبس كان لها النفقة، ولو حبست أو لحقت فعادت إلى الإسلام ورجعت إلى بيتها عاد، ولم يقيد المسألة الأولى بحبسها لأن أوامر الشرع لا يتخلف عنها المكلف فحكم سقوطها بمجرد ردتها إيذانًا بأنه موجود عقب ردتها بلا تخلف.

(و) يجب النفقة والكسوة والسكنى (لطفلة) وهو الصبي حين يسقط من بطن أمه إلى أن يحتلم، ويقال جارية طفل وطفله كذا في (المغرب) وقيل اول ما يولد صبي ثم طفل (الفقير) لقوله تعالى:} وعلى المولود له رزقهن {] البقرة: 233 [الآية، أوجب على الأب رزق الوالدات وعبر بالمولود تنبيهًا على علة الإيجاب عليه وهي الولادة، وإذا وجبت نفقة غيره بسببه فنفقة نفسه أولى قبل بالطفل لأن الكبير القادر على الكسب لا تجب نفقته على أبيه بخلاف العاجز كالذي به زمانه أو عمى أو شلل أو ذهاب عقل ومنه الأنثى إلى أن تتزوج وليس له أن يؤجرها وأبناء الكرام إذا كانوا لا يجدون من يستأجرهم وكذا طلبه العلم إذا كانوا لا يهتدون إلى الكسب، وقيده الحلواني بأن يكون لهم رشد وبالفقير لأنه لو كان غنيًا فنفقته في ماله إلا أن يكون المال غائبًا فتجب على الأب فإذا أراد أن يرجع أنفق بإذن القاضي فلو أنفق بلا إذن لم يرجع إلا إذا/ أشهد أنه أنفق ليرجع، فلو لم يشهد لم يرجع وإن جاز له ذلك ديانة وإطلاقه يعم ما لو كان الأب فقيرًا أيضًا لكنه قادر على الكسب فإن أبى عنه حبس، وإن كان عاجزًا.

قال الخصاف: يتكفف الناس وينفق عليهم ولو لولده الصغير مال كانت نفقته في مال ابنه وفي (الذخيرة) إذا خاصمت الأم في نفقة الصغار ففرضها القاضي على الأب فإنها تدفع إليها، فإن قال الأب لا تنفق عليهم لم يقبل قوله ولو طلب من القاضي السؤال من جيرانها فأخبروا بما قال منعها وزجرها ومن مشايخنا من قال: إن القاضي مخير إن شاء دفع النفقة إلى ثقة يدفعها إليها صباحًا ومساء وإن شاء أمر غيرها أن ينفق على الأولاد ولو صالحته على نفقتهم موسرًا كان أو معسرًا جاز، (ولا تجبر أمه لترضع) يعني قضاء وإن لزمها ديانة لأنه كالنفقة وهي على الأب، وإطلاقه يعم ما إذا لم يكن للأب ولا للصغير مال، وذكر الخصاف أنها في هذه الحالة تجبر.

قال في (الاختيار): وهو الصحيح، وفي (الخانية) تجبر في هذه الحالة عند

ص: 518

ويستأجر من ترضعه عندها لا أمه لو منكوحة أو معتدة وهي أحق بعدها ما لم تطلب زيادة

ــ

الكل وما إذا لم تجد من ترضعه أو وجد إلا أن الولد لا يأخذ ثدي غيرها لأنه لا يتغذى بالدهن وغيره من المائعات، لكن الأصح أنها تجبر أيضًا، قال في (المجتبي): عند الكل وفيه نظر، وفي (الخانية) وعليه الفتوى، وقال في (الفتح): إنه الأصوب لأن فطم الصبي الذي لم يأنس الطعام على الدهن والشراب سبب بمرضه وموته (ويستأجر) الأب (من ترضعه عندها) لأن الحضانة حقها والنفقة عليه.

قال في (الهداية): وقوله عندها معناه إذا أرادت ذلك لأن الحجر لها بناء على ما قدمه من أن الأم لا تجبر على الحضانة لكن قدمنا عن الفقهاء الثلاثة إجبارها، واعلم أن المرضعة لا يلزمها أن تمكث في بيت الأم إلا أن يشترط ذلك بل لها أن ترضعه ثم ترجع إلى منزلها فيما يستغنى عنها من الزمان أو تقول: أخرجوه فترضعه عند فناء الدار ثم تدخل الصبي إلى أمه أو تحمل الصبي معها إلى البيت كذا في (الشرح) ولو انقضت المدة وأبت أن ترضعه ولم يقبل ثدي غيرها. قال محمد: أجبرها عليه، قاله الإتقاني، (الأمة لو منكوحة أو معتدة) أي: لا يجوز ذلك لأن الإرضاع مستحق عليها بالنص فإن امتنعت عذرت لاحتمال عجزها غير أنه بالأجر ظهرت قدرتها فكان الفعل واجبًا عليها ولا يجوز أخذ الأجرة عليه وهو ظاهر في عدم جواز أخذ الأجرة ولو من مال الصغير، وذكر في (الذخيرة) أنه يجوز قال: وما ذكر من عدم جواز استئجار زوجته فتأويله إذا كان ذلك من مال نفسه كيلا يؤدي إلى اجتماع أجرة الرضاع ونفقة النكاح في مال واحد، وجزم به في (المجتبي)، والأوجه عندي عدم الجواز ويدل على ذلك ما قالوه من أنه لو استأجر منكوحة لإرضاع ولده من غيرها جاز من غير ذكر خلاف لأنه غير واجب عليها مع أن فيه اجتماع أجرة الرضاع والنفقة في مال واحد ولو صلح مانعًا لما جاز هنا فتدبره، وأطلق المعتدة ولا خلاف في الرجعي.

وفي البائن روايتان: قيل: وظاهر الرواية الجواز وهي أصح الروايتين كذا في (الجوهرة)(والقنية) معللاً بأن النكاح قد زال فهي كالأجنبية إلا أن ظاهر (الهداية) يفيد ترجيح عدمه وهو رواية الحسن عن الإمام وهو الأولى، (وهي) أي: الأم (أحق) بإرضاعه وهو رواية الحسن بإرضاعه بأجر (بعدها) أي: بعد العدة (ما لم تطلب زيادة)، أي: زيادة أجر على الأجنبية لأنها أشفق ونظرًا لأن طلبها الزيادة فيه إضرار بالزوج فلا يجبر عليه، وأورد أنه المانع من جواز استئجارها منكوحته وهو وجوب الإرضاع عليها وهو القدر موجودًا بعد العدة، وأجيب بأنه مقيد بإيجاب رزقها عليه بقوله:} وعلى المولود له رزقهن {] البقرة: 233 [الآية، وهذا المعنى مفقود فيما

ص: 519

ولأبويه، وأجداده وجداته

ــ

بعد العدة، قال الشارح: ولو رضيت الأجنبية بلا أجر أو بدون أجر المثل والأم بأجر المثل فالأجنبية أولى انتهى. أي: بالإرضاع، أما الحضانة فهي للأم وتستحق أجرة عليها كما في فتاوى قارىء (الهداية).

وفي (الولوالجية): لو طلبت العمة أن تربية وتمسكه من غير أجر ولا تمنع الأم عنه، فالصحيح أن يقال للأم إما أن تمسكيه بغير أجر وإما أن يدفع إلى العمة انتهى.

والعمة ليست بقيد فيما يظهر، بقي أن الأجنبية هل تكون كذلك؟ قال في (البحر): ظاهر المتون أن الأم تأخذه / بأجر المثل ولا تكون الأجنبية أولى، وظاهر كلامهم أن هذه الأجرة لا تتوقف على عقد إجارة مع الأم بل تستحقه بالإرضاع في المدة المذكورة، وعليه أيضًا نفقته وكسوته فقد صرح الشارح في إجازة (الظهيرية) بأن الطعام والثياب على الوالد انتهى. ولا تسقط هذه الأجرة بموته بل هي أسوة الغرماء كذا في (الولوالجية) هذا إذا لم يكن للصغير، مال فإن كان له كانت مؤونة الرضاع ونفقته بعد الفطام في ماله كذا في (المجتبي) وتجب النفقة والكسوة والسكنى أيضًا على الابن الموسر وهو من تحرم عليه الصدقة وبه يفتى، وشرط في (الأجناس) نصاب الزكاة قال الصدر: وبه يفتى.

قال في (الفتح): هذا إذا لم يكن كسوبًا فإن كان كسوبًا يعتبر قول محمد وهو أن اليسار بما يفضل عن كسبه كل يوم حتى لو كان كسبه ويكفيه أربعة دوانق وجب عليه الدانقان للغريب، وهذا يجب أن يعول عليه في الفتوى لا يديه، وليس من المعروف تركهما بالجوع والعري وأن تتقلب هي في التنعيم إلا أن محلها على غير الحربيتين، فأما الآباء الحربيون وإن كانوا مستأمنين في دارنا لا يجبر الابن على النفقة عليهم (وأجداده وجداته) من قبل الأم والأب لو فقيرًا.

قال في (البدائع): اختلف في حد المعسر الذي يستحق النفقة، قيل: هو الذي لا تحل له الصدقة ولا تجب عليه الزكاة، وقيل: هو المحتاج ولو كان له خادم ففي استحقاقه روايتان في رواية لا يستحق وفي أخرى يستحق وهو الصواب، ولو قال الابن هو غني وادعى الأب الإعسار فالقول للأب والبينة بينه الابن، ودل إطلاقه أن الأب لو كان مع فقره يقدر على الكسب تجب نفقته أيضًا وهذا قول السرخسي حيث قال: وقال الحلواني: أي: لا تجب، وجزم الحاكم بما قاله السرخسي حيث قال في (كافيه): ولا يجبر الموسر على نفقة أحد من قرابته إذا كان رجلاً صحيحًا إلا إذا كان لا يقدر على الكسب إلا في الوالد خاصة أو في الجد أب الأب فإني أجبر الولد على نفقته وإن كان صحيحًا انتهى.

ص: 520

لو فقراء، ولا تجب مع اختلاف الدين إلا بالزوجية، والولاد ولا يشارك الأب والولد في نفقة ولده وأبويه أحد، ....

ــ

ومن هنا قيل: إن ما قاله السرخسي هو ظاهر الرواية وفي كلام المصنف إيماء إليه إذا لم يشترط فيه غير الفقر، وفي القريب شرط معه العجز عن الكسب، وهل تجب نفقة زوجة أبيه أيضًا؟ قيل: نعم، وقال الحلواني: أي هذا أجدى الروايتين، وفي أخرى لابد أن يكون مريضًا أو به زمانة يحتاج إلى الخدمة، وبالثانية جزم في (البدائع)، وعلى هذا فما في (الخانية) منه أنه يجب عليه أيضًا نفقة الخادم خادم الأب امرأة كانت الخادم أو جارية إذا كان الأب محتاجًا إلى من يخدمه محمول على أن المراد بالحاجة ما ذكرنا قيدنا بيسار الابن لأنه لو كان معسرًا لا تجب عليه نفقته إلا إذا كان زمنًا أو لا يقدر على عمل كان على الابن أن يضمنه إلى عياله وينفق على الكل، وفي (المبتغى) لو سرق الأب عند إباء الابن الإنفاق عليه من ماله ما يكفيه إن كان في البلدة قاض أثم وإلا لا، ولا بد أن تقيد نفقة الأم بما إذا لم تكن متزوجة لا إن كانت متزوجة إلا إذا كان الزوج معسرًا فإنه يؤمر بأن يقرضها ليرجع عليه إذا أيسر.

(ولا تجب) النفقة لأحد (مع اختلاف الدين إلا بالزوجية) لأن وجوبها باعتبار الحبس المستحق بالعقد الصحيح دون اتحاد الدين (والولاد) وإن علا وفرعه وإن سفل كذمي تحته ذمية جاءت منه بولد فأسلمت وتبعها ولدها فقبل الإسلام على الأب النفقة عليه لأنه كما لا تمتنع نفقة نفسه لكفره فكذا نفقة جزئه، (ولا يشارك الأب والولد في نفقة ولده وأبيه أحد) لف ونشر مرتب أما الولد: فلما مر لا فرق في ذلك بين الصغير والكبير وفي رواية إن نفقة الابن الكبير تجب على الأبوين ثلاثًا اعتبارًا بالإرث والظاهر هو الأول غير أن الأب إذا كان معسرًا وكان للولد أم وجد معسران أمر القاضي الأم بالإنفاق لترجع عليه إذا أيسر، ولو لم يكن له إلا جد موسر فكذلك فيما ذكره القدوري.

قال في (الذخيرة): فلم تجعل النفقة عليه حال عسرة الأب، وقد ذكرنا في أول الفصل أن الأب الفقير يلحق بالميت في استحقاق النفقة على الجد وهذا هو الصحيح من المذهب انتهى. وهو ظاهر في أنه لا رجوع له على الأب إذا أيسر ولو كان زمنًا لم يرجع الجد/ بالإنفاق على أحد يعني اتفاقًا لأن نفقة الأب عليه في هذه الحالة فكذا أولاده الصغار، ثم قال في (الذخيرة): فإن لم يكن له قرابة من قبل الأب قضيت بالنفقة على أبيه وامرأة قرابة الأم بالإنفاق ليكون دينًا عليه، وهذا الجواب إنما يستقيم إذا لم يكن في قرابة الأم من يكون محرمًا للصغير ويكون أهلاً للإرث فإن كان تجب النفقة عليه ويلحق الأب المعسر بالميت لما ذكرنا انتهى، وأما الأبوان

ص: 521

ولقريب محرم فقير عاجز عن الكسب بقدر الإرث لو موسرًا

ــ

فلأن الولد أقرب الناس إليهما فكان أولى باستحقاق نفقتهم عليه وهي على الذكور والإناث بالسوية بينهما في ظاهر الرواية وهو الصحيح.

(و) تجب النفقة أيضًا (لقريب محرم) على قريبه صغيرًا كان أو كبيرًا حتى يفرض على الصغير في ماله، قيد بالقريب كالأخ من الرضاع لا تجب نفقته وبالمحرم لأن غير المحرم كان العم لا تجب نفقته أيضًا كابن العم إذا كان أخًا من الرضاع فإنه قريب محرم ولا تجب نفقته (فقير عاجز عن الكسب) حقيقة كالزمن والأعمى ومقطوع اليدين أو الرجلين أو حكمًا كالأنثى لقوله تعالى:{وعلى الوارث مثل ذلك} [البقرة: 233] وقرأ ابن مسعود: (ذي الرحم المحرم) والمراد به من هو أهل للميراث لا لكونه وارث حقيقة إذ لا يتحقق ذلك إلا بعد الموت حتى لو كان له خال وابن عم فنفقته على خاله وميراثه لابن عمه نعم عند الاستواء في الحرمية النفقة على الوارث كالعم مع الخال وأفاد بقوله (بقدر الإرث) أنه لو تعذر من تجب عليه النفقة قسمت عليهم بقدر الإرث كأم وعم للصغير أو أم وأخ شقيق، فلو كان الأقرب معسرًا والأبعد موسرًا فكل من كان حاز جميع المال وهو معسر جعل كالميت، وكانت النفقة على الباقين بقدر الإرث وكل من حاز بعضه لم يجعل كالميت على قدر مواريث من يرث معه. بيانه: معسر له ابن فقير أو صغير وثلاثة إخوة متفرقين فنفقة الأب على الشقيق والأخ للأم أسداسًا خمسة أسداسهما على الشقيق والباقي على الآخر ونفقة الولد على الشقيق خاصة كما في (البدائع).

ولو اجتمع المعسرون والموسرون ووجبت النفقة على الموسرين اعتبر الموسرون أحياء في حق إظهار قدر ما يجب على الموسرين، ثم يجب الكل على الموسرين. بيانه: صغير له أم وأخت شقيقة ولأم فقط ولأب كذلك والشقيقة والأم موسرتان فالنفقة عليهم على أربعة أسهم ثلاثة على الشقيقة والباقي على الأم، قاله الخطابي والخصاف.

(لو) كان (موسرًا) لأن المعسر عاجز عنه ولا نفقة على العاجز بخلاف نفقة الزوجة وأولاده الصغار، واعلم أن هذه النفقة لا تجب إلا بالقضاء أو الرضا بخلاف الأصول والفروع والزوجة، ولذا لا يقضى بها على الغائب وليس لهم أخذ شيء ظفروا به من جنس النفقة بخلاف الأصول ونحوهم لأن وجوبها للقريب مختلف فيه فقضاء القاضي يكون إيجابًا مبتدأ والقضاء على الغائب باطل بخلاف غيره فإن القضاء إنما هو إعانة لهم على أخذ حقهم، كذا في (الذخيرة).

قال السروجي: وهذا مشكل جدًا فإن القاضي غير مشرع فكيف جعل له ولاية

ص: 522

وصح بيع عرض ابنه لا عقاره للنفقة، ولو أنفق مودعه على أبويه بلا أمر ضمن،

ــ

الإيجاب ابتداء بل الموجب هو الله تعالى لما تلونا ولا إرث للاختلاف في نفيه، ألا ترى أن القضاء بنفقة المبتوتة ليس إعانة مع ثبوت الخلاف فيه، وأجاب تاج الشريعة بأن معنى قولهم لا تجب، أي: لا تجب أداؤها أما نفس الوجوب فثابت عندنا انتهى. وعلى هذا فقوله يكون إيجابًا مبتدأ أي للأداء إلا أن مقتضاه جواز أخذ شيء ما ظفروا من جنس النفقة وليس كذا فتدبر.

(وصح بيع) الأب الفقير (عرض ابنه) الكبير الغائب (لا عقاره للنفقة) قيد في الصورتين، وهذا أعني جواز بيع العرض استحسان، وبه قال الإمام والقياس أن لا يجوز كالعقار وهو قولهما لزوال ولايته بالبلوغ ولذا لا يملكه حال حضرته، وجه الاستحسان أن للأب ولاية حفظ مال الغائب وبيع المنقول من الحفظ دون العقار قيد بالأب لأن الأم وعيرها من الأقارب وكذا القاضي ليس لهم ذلك إجماعًا لكن في الأقضية جواز بيع الأبوين، وهكذا القدوري في (شرحه) فيحتمل أن يكون في المسألة روايتان وبتقدير الاتفاق فتأويل ما ذكر فيهما أن الأب هو الذي يتولى البيع لكن لنفقتهما فأضيف البيع إليهما لأنه بعد بيع الأب يصرف الثمن إليهما، وهذا هو الظاهر فإن جواز بيع الأم بعيد كذا في (الدارية)، وقيدنا بالكبير لأن له بيع عرض الصغير والمجنون وكذا عقارهما اتفاقًا وليس لغير الأب بيع العقار/ مطلقًا كذا في (الفتح) يعني للنفقة وإلا فسيأتي أن للوصي ذلك عند استيفاء الشروط الآتية.

وفي قوله للنفقة إيماء إلى أنه لا يجوز له بيع زيادة على قدر حاجته فيها كذا في (شرح الطحاوي) ولم يقل لنفقته لما مر من أنه ينفق على الأم أيضًا من الثمن، وينبغي أن تكون الزوجة وأولاده الصغار كذلك، وقيد بالنفقة لأنه ليس له البيع لدين سواها إجماعًا، قال الشارح: وفيه نوع إشكال وكذلك أن البيع حيث كان من الحفظ، فما المانع منه لدين آخر؟ وجوابه: أن دين النفقة خالف سائر الديون على ما مر ولو جاز بيعه للدين للزم القضاء على الغائب وهو لا يجوز، (ولو أنفق مودعه) أراد به من له عنده مال أن مديونه كذلك كما في (الولوالجية)(على أبويه) وزوجته وأولاده الصغار وكأنه إنما خص الأبوين ليعم غيرهما مما ذكر بالأولى (بلا أمر) المالك أو القاضي (ضمن) قضاء لا ديانة حتى لو مات الغائب حل له أن يحلف لورثته أنه بريء وللمسألة أخوات معروفة وهذا الإطلاق قيده في (النوادر) بما إذا وجد قاضيًا فإن لم يجده لم يضمن استحسانًا، وقالوا إذا ضمنه للغائب لم يرجع شيء لأنه بالضمان ظهر ملكه لما دفعه حالة دفعه فيظهر أنه كان مبترعًا بملكه وينبغي أنه لو انحصر إرثه في المدفوع إليه كالأب مثلاً فلا ضمان كما لو أطعم المغصوب

ص: 523

ولو أنفقا ما عندهما لا، ولو قضى بنفقة الولاد، والقريب، ومضت مدة سقطت إلا أن يأذن القاضي بالاستدانة .....

ــ

للمالك بغير علمه، وهذا لأنه وصل إليه عين ما يستحقه وأنه لا فرق في وجوب الضمان بين الإنفاق ودفع الوديعة ضمن بالأولى كما في (الذخيرة) وظاهره ولو بأمر القاضي لأنه قضاء على الغائب وهو لا يجوز، كذا في (البحر) (ولو أنفقا) أي: الأبوان (ما) أي: المال الذي (عندهما) للابن (لا) أي: لا ضمان عليهما لأنهما استوفيا حقهما.

ولو قال الابن: أنفقته وأنت موسر، وكذبه الأب حكم الحال ثم الخصومة فإن كان موسرًا فالقول له استحسانًا وإلا فللأب ولو أقاما بينة، فالبينة بينة الابن كذا في (الخلاصة) لما عندها من زيادة العلم إذ اليسار ليس أصليًا في الإنسان بل طارئ عليه قيد بالأبوين لأن القريب المحرم ولو أنفق ما عنده بغير قضاء ضمن والفرق ما مر، (ولو قضى بنفقة الولاد) وهم الأبوان والأولاد كما مر (والقريب) المتقدم ذكره وهو المحرم (ومضت مدة) طويلة (سقطت) لأن نفقة هؤلاء باعتبار الحاجة وقد وقع الاستغناء عن الماضي قيدنا بالطويلة لأن القصيرة وهي ما دون الشهر لا تسقط بل تصير دينًا.

قال في (الدراية): وكيف لا تصير القصيرة دينًا؟ والقاضي مأمور بالقضاء، ولو لم تصر دينًا لم يكن للأمر بالقضاء بالنفقة فائدة، ولو كان كلما مضى تسقط لم يكن استيفاء شيء، واستثنى الشارح تبعًا لغيره نفقة الصغير فإنها تصير دينًا بالقضاء (إلا أن يأذن القاضي بالاستدانة) فلا تسقط لأنه لعموم ولايته يصير إذنه كما مر في الغائب، وهذا الإطلاق مقيد بما إذا وقعت الاستدانة بالفعل، حتى لو أنفق من ماله أو من صدقة تصدق بها فلا رجوع له لعدم الحاجة، كذا في (المبسوط).

وما في (البحر) من أنه مقيد أيضًا بالإنفاق مما استدانه وعزاه إلى (الهداية) وغيرها ففيه نظر، إذ لا أثر لإنفاقه مما استدانه حتى لو أنفق بعدما استدان من مال آخر ووفى مما استدانه لم تسقط أيضًا والمذكور في (الدراية) عن (الجامع) أن نفقة المحارم تصير دينًا بالقضاء ولا تسقط واختلف المشايخ فيه، قيل: ما ذكر في (الجامع) إذا استدان المقضي له بالنفقة وأنفق فكانت الحاجة قائمة لقيام الدين وما ذكر في غيره إذا أنفق من غير الاستدانة، بل أكل من الصدقة أو بالمسألة وإليه مال السرخسي في (كتاب النكاح) وقيل ما في سائر الكتب إذا طالت المدة وما في (الجامع) إذا قصرت، وفي (البدائع) لو امتنع عن نفقة القريب المحرم يضرب ولا

ص: 524

ولمملوكه فإن أبى ففي كسبه،

ــ

يحبس بخلاف الممتنع من سائر الحقوق لأنه لا يمكن استدراك هذا الحق بالحبس لأنه يفوت بمضي الزمن فيستدرك بالضرب بخلاف سائر الحقوق انتهى.

وينبغي أن يقيد بما زاد على الشهر أما الشهر وما دونه فيحبس عليه لعدم سقوطه على ما مر، تجب النفقة أيضًا لمملوكه منفعة أعم من أن تكون الرقبة له أو لا، فلا يجب للمكاتب ووجب للمدبر وأم الولد وللموصى بخدمته على الموصى له بها إلا إذا مرض مرضًا يمنعه من الخدمة أو كان صغيرًا لا يقدر على الخدمة فنفقته على الموصى له بالرقبة حتى يصح ويبلغ الخدمة وللقاضي أن يبيع المريض/ ويشتري بثمنه عبدًا يقوم مقام الأول في الخدمة، ولو أوصى بجارية لإنسان وبما في بطنها لآخر، فالنفقة على من له الجارية ومثله لو أوصى بدار لرجل وسكنها لآخر فالنفقة على صاحب السكنى.

وقالوا: إنها على الراهن والمودع فلو غاب فجاء المودع وطلب من القاضي أن يأمره بالنفقة أو بالبيع أمره أن يؤجره وينفق عليه من الأجرة، وإن رأى القاضي بيعه فعل ونقلوا في أخذ الآبق إذا طلب من القاضي ذلك فإن رأى الإنفاق أصلح أمره وإن خاف أن تأكله النفقة أمره بالبيع فيقال: إن أمره بالأجرة أصلح كالمودع فلم لم يذكروه، وأما المغصوب فنفقته على الغاصب ولو طلب من القاضي أمره بالإنفاق لم يجبه وفي (القنية) نفقة المبيع على البائع ما دام في يده هو الصحيح وفيه إشكال إذ لا ملك له لا رقبة ولا منفعة أن تكون على المشتري وتكون تابعة للملك كالمرهون كالجثة بعضهم انتهى.

ولو شهدا بحرية أمته فوضعها القاضي على يد عدل ليسأل عن الشهود فالنفقة على من هي في يده إن طلبت الأمة ذلك ادعت الحرية أو لا، ولا رجوع بما أنفق إذا ثبت حريتها إلا إذا أجبره القاضي على الإنفاق أو أكلت في بيته بغير إذنه وإن كان عبدًا أمره بالاكتساب وأن ينفق على نفسه ولو أن عبدًا صغيرًا في يد آخر قال لغيره: هذا عبدك أودعته عندي فأنكر يستحلف ما أودعه ثم يقضي بنفقته على من هو في يده ولو كان كبيرًا لا يحلف كذا في (الفتح).

(فإن أبى) الإنفاق عليه (ففي كسبه) إن كان له كسب ولو نهاه المولى عن الكسب كان له أن يتناول بقدرها من ماله كالعاجز (وإلا) أي: وإن لم يكن له كسب بأن كان زمنًا أو كانت جارية لا يؤجر مثلها، أما الصحيح الذي لا يعرف حرفة فليس بعاجز لإمكان أن يؤجر نفسه في بعض الأعمال لحمل شيء وتحويله كمعين البناء

ص: 525

وإلا أمره ببيعه.

ــ

كذا في (الفتح)، امرؤ (أمره) القاضي أمر إجبار (ببيعه) بأن يحبسه حتى يبيعه حيث كان قابلاً له لأن فيه إبقاء حقه والمولى حقه باق أيضًا بالخلف، وما قيل من أن القاضي يبيعه فقال الأقطع: ينبغي أن يكون على قولهما لأنهما يريان جواز البيع على الحر لأجل حق الغير وسيأتي في الحجر أن الفتوى عليه، فأما الإمام فإنه لا يرى ذلك ولكن يحبسه فإن لم يكن قابلاً كالمدبر وأم الولد أجبر على الإنفاق لا غير، قيد بالرقيق لأن غيره من الحيوانات لا يجبر المولى على الإنفاق عليها في ظاهر المذهب لأنه فيه نوع قضاء وهو يعتمد المقضي له وأهلية الاستحقاق في المقضي وليس فليس لكنه يؤمر ديانة ويكون إثمًا معاقبًا بحبسها عن البيع مع عدم الإنفاق، وعن الثاني أنه يجبر وبه أخذت الأئمة الثلاثة، قال الطحاوي: وبه نأخذ، وفي (الفتح) وهو الحق وغاية ما فيه أن يتصور فيه دعوة حسية، قال: فيجبره القاضي على ترك الواجب ولا بدع فيه. والله الموفق للصواب.

ص: 526