الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الإيلاء
هو الحلف على ترك قربانها
ــ
فتزوجها ثم قالت: لم يكن الثاني دخل بها إن كانت عالمة بشرائط الحل لم تصدق وإلا تصدق، وفيما ذكر مبسوطًا لا تصدق بكل حال عن السرخسي لا يحل أن يتزوجها حتى يستفسرها، للاختلاف بين الناس في حلها بمجرد العقد وفي التفاريق لو تزوجها ولم يسألها ثم قالت: ما تزوجت أو ما دخل بي صدقت والمنقول في (الخلاصة) أنها لو قالت بعدما تزوجها الأول: ما تزوجت بآخر وقال الأول: تزوجت بآخر ودخل بك لا تصدق المرأة، واختلف في أقل ما تصدق فيه إذا ادعت انقضاء العدة بالإقرار فقال الإمام: ستون يومًا إن كانت حرة وقالا: تسعة وثلاثون يومًا ولو علق طلاقها بولادتها لم تصدق عنده في أقل من خمسة وثمانين يومًا على تخريج محمد وعلى تخريج الحسن لم تصدق في أقل من مائة، وعند الثاني في حق الأول تصدق في خمسة وستين يومًا وعند محمد في أربعة خمسين يومًا وساعة والتوجيه معروف في المطولات والله الموفق للصواب.
باب الإيلاء
كل من الرجعي والإيلاء يوجب حرمة الزوجة لا في الحال غير أنها بلفظ الطلاق تنجيزًا أو تعليقًا هي الأصل فقدمت ثم أولى الإيلاء لعدم استلزامه للمعصية بخلاف الظهار واللعان فإنهما لا ينفكان عنها، والخلع وإن شاركه في ذلك إلا أنه لاختصاصه بالمال كان بمنزلة المركب من المفرد، والإيلاء لغة مصدر آلى كأعطى حلف والجمع ألايا كعطايا ومنه قوله:
قليل الألايا حافظ ليمينه .... وإن نذرت منه الألية برت
والأصل بر في يمينه فحذف المضاف مع حرف الجر ثم انقلب الضمير المجرور مرفوعًا كما في قوله تعالى: {والذي خبث لا يخرج إلا نكدًا} [الأعراف: 58] على ما عرف في (الكشاف) كذا في (النهاية) والذي في (الكشاف) أن قوله: لا يخرج أي: نباته فحذف المضاف وانقلب الضمير المجرور مرفوعًا وقياس هذا أن يكون الأصل في برت بر فيها فحذف الجار/ وانقلب المجرور مرفوعًا وعلى ما قال يكون الأصل برت يمينه فوقع الحذف والانقلاب ثم أسند البر إلى اليمين مجازًا فيه من التعسف ما لا يخفى، وجوابه أن قوله: على ما عرف في (الكشاف) أي: من انقلاب الضمير المجرور مرفوعًا فقط وعرف ما أفاده بقوله: (وهو الحلف على ترك قربانها) أي:
أربعة أشهر، أو أكثر،
ــ
وطئها (أربعة أشهر) فإن هذا التعرف غير مانع لصدقه بنحو إن وطئتك فلله علي أن أصلي ركعتين مع أنه لا يكون موليًا بذلك كما سيأتي فلا بد من أن يقال: بالله أو يتعلق ما يستشقه على القربان ليخرج مثل ذلك، فإنه ليس مما يشق في نفسه وإن تعلق إشقاقه بعارض ذميم في النفس من الجبن والكسل، بخلاف إن وطئتك فعلي حج ونحوه كما سيأتي.
وأجاب في (البحر) بجوابين: الأول: أن هذا تعريف لأحد قسمي الإيلاء وهو الحقيقي أعني ما اشتمل على القسم وأما ما كان فيه معناه فسيأتي، الثاني: ما ذكر فيه خلاف الشيخين فجاز أنه أراد تعريف المتفق عليه.
وأقول: في كل منهما نظر، أما الأول فلا نسلم أنه أراد تعريف الحقيقي فقط إذ لو أراده لذكر للثاني تعريفًا فلما لم يذكره علمنا أنه أدرج القسمين تحت تعريفه بناء على أن الحلف أعم من كونه بالله أو بمعناه، وأما الثاني فلأنه لو أراد تعريف المتفق عليه لذكر ما يشق إذ الخلاف إنما هو فيما لا يشق كما سيأتي وبهذا عرف أن هذا المولي هو الذي لا يخلو عن أحد المكروهين من الطلاق أو لزوم ما يشق عليه وهو أولى من قولهم المولي من لا يخلو عن أحد المكروهين من الطلاق أو الكفارة لعدم تناوله لنحو إن قربتك فعبدي حر وأورد على هذا في (البحر) إيلاء الذمي فإنه يصح عنده ولا كفارة عليه لو قربها وأما لو قال لنسائه الأربع: والله لا أقربكن فإنه يمكنه قربان واحدة منهن من غير شيء يلزمه انتهى.
وأقول: إنما لم تجب الكفارة في حنث الذمي لما أنها عبادة وهو ليس من أهلها، ولذا وقع الطلاق عليه بمضي العدة، وأما الثاني فأجاب عنه شراح (الهداية) بما حاصله أن الإيلاء متعلق بمنع الحق في المدة وقد وجد فيكون موليًا منهن وعدم وجوب شيء لعدم الحنث لأنه يفعل المحلوف عليه وذلك بقربان جميعهن والموجود قربان بعضهن قال في (الفتح): وحاصل هذا تخصيص اطراد الأصل بما إذا حلف على واحدة بأدنى تأمل.
وفي (البدائع) لو قال لامرأته وأمته: والله لا أقربكما لا يكون موليًا من امرأته حتى يقرب الأمة، وركنه الحلف المذكور وشروطه محلية المرأة بكونها منكوحة وقت تنجيز الإيلاء فلا حاجة إلى إدخاله في التعريف بقولنا حاصلاً في النكاح أو مضافًا إليه كما في (الإصلاح) قال: وهذا التقييد لا بد منه ولا يشكل ما لو قال لأجنبية: إن تزوجتك فوالله لا أقربك خمسة أشهر فتزوجها قبل مضي شهر فإنه يكون موليًا، لأن شأن الشروط خروجها عن الماهية، وأهلية الحالف بأهلية الطلاق عنده
كقوله: والله لا أقربك أربعة أشهر، أو والله لا أقربك،
ــ
وأهلية الكفارة عندهما فيصح إيلاء الذمي بما فيه كفارة عنده كما مر، ولا خلاف في صحته بما لا يلزم قربة كإن قربتك فعبدي حر كما لا خلاف في عدم صحته بما هو قربة كقوله فعلي حج أو صوم ومن الشرائط أيضًا عدم النقض عن أربعة أشهر كما سيأتي ولا خلاف أنه إن وقع في غرة الشهر اعتبرت مدته بالأهلة ولو وقع في بعضه فلا رواية فيه عن الإمام وقالا: يعتبر بالأيام وعن زفر اعتبار بقية الشهر بالأيام والشهر الثاني والثالث بالأهلة وتكمل أيام الشهر الأول بالأيام من أول الشهر الرابع كذا في (البدائع)، وسببه كالسبب في الرجعي وهو الداعي من قيام المشاجرة وعدم الموافقة، وألفاظه صريح وكناية نبه على الأول بقوله (كقوله) لمكنوحته:(والله) وتالله أو بصفة من صفاته التي ينعقد بها اليمين لا مالا ينعقد بها على ما نبين في الأيمان، إن شاء الرحمن (لا أقربك أربعة أشهر) سواء كانت طاهرة أو حائضًا.
(أو) كقوله (والله لا أقربك) بشرط أن لا تكون حائضًا كذا في (الحواشي السعدية) وأصله في (غاية البيان) معزيًا إلى (الشامل) علله بأنه ممنوع عن الوطء بالحيض فلا يصير المنع مضافًا إلى اليمين ونبه بالكاف على أنه ليس منحصرًا في هذين بل منه أيضًا لا أجامعك لا أطأك لا أباضعك لا أغتسل منك من جنابة فإن ادعى أنه لم يعن الجماع لم يدين في القضاء، وجعل في (البدائع) الصريح وهو لا أجامعك وإن ما عداه يجري مجرى الصريح وذكر منه الافتضاض في البكر.
قال في (الفتح): والثاني أولى لأن الصراحة منوطة بتبادر المعنى لغلبة الاستعمال سواء كان حقيقة أو مجازًا لا بالحقيقة وإلا لوجب كون الصريح لفظ لا آتيك فقط والكناية لا أمسك لا آتيك/ لا أغشاك لا ألمسك لأغيظنك لأسؤنك لا أدخل عليك لا أجمع رأسي ورأسك لا أضاجعك لا أقرب فراشك، ولو آلى من إحدى زوجتيه ثم قال للأخرى: أشركتك معها لم تصح بخلاف الظهار وبخلاف ما لو قال للأولى: أنت علي حرام ثم قال للثانية: أشركتك معها حيث يكونان إبلائتين والفرق مبني على أن قوله: والله لا أقربكما إيلاء واحد وبالتشريك يلزم نقض مدته وقوله: أنتما علي حرام إيلآن فلا يلزم أنه لو علقه بشرط أو أضافه إلى وقت صار موليًا من وقت وجود الشرط والوقت، ولو وقته بغاية فإن لم يتصور وجودها في مدة الإيلاء كان موليًا كقوله في شعبان: والله لا أقربك حتى تصومي من المحرم وإلا في مكان كذا وبينه وبين ذلك المكان أربعة أشهر فصاعدًا وكذا لو قال حتى تخرج الدابة أو الدجال أو تطلع الشمس من مغربها استحسانًا وكذا حتى تقوم الساعة وإن تصور، فإن لم يتصور بقاء النكاح معه حتى تموتي أو أموت أو أقتل أو أقتلك أو تقتليني كان موليًا
فإن وطئ في المدة كفر، وسقط الإيلاء وإلا بانت، وسقط اليمين لو حلف على أربعة أشهر، وبقيت لو على الأبد، ولو نكحها ثانيًا وثالثًا ومضت المدتان بلا فيء بانت بأخريين، ولو نكحها بعد زوج آخر لم تطلق، فلو وطئها كفر لبقاء اليمين. ولا إيلاء فيما دون أربعة أشهر، والله لا أقربك شهرين، وشهرين بعد هذين الشهرين إيلاء،
ــ
أيضًا، وإن تصور كحتى اشتريك لا يكون موليًا، لأن مطلق الشراء لا يزيل النكاح، حتى لو قال: نفسي وأقبضك كان موليًا، واختلف فيما لو قال: حتى أعتق عبدي أو أطلق زوجتي فعندما يكون موليًا خلافًا لأبي يوسف، ولا خلاف أنه لا يكون موليًا فيما لو قال: حتى أدخل الدار أو أكلم فلانًا كذا في (البدائع) ملخصًا (فإن وطئ) المولي (في المدة كفر) لحنثه، ونبه بذلك على أن لو كفر قبله لم يجزه ولا فرق في الحنث بين كونه يوجبها وهو الكفارة (وسقط الإيلاء وإلا) أي: وإن لم يطأها في المدة (بانت) منه بواحدة هو المأثور عن العبادلة الثلاثة وغيرهم، ولو ادعاه بعد مضي المدة لم يقبل قوله إلا إذا نور دعواه في البرهان كما في (المبسوط).
(وسقط) الإيلاء (لو حلف على أربعة أشهر) لأنها مؤقتة بوقت فلا تبقى بعده، (وبقيت اليمين لو) حلف (على الأبد) بأن يصرح أو يطلق بشرط أن تكون طاهرة على ما مر إلا أنه لا يتكرر عليه الطلاق قبل التزوج في المختار، لأنه لم يوجد منه منع الحق بعد البينونة وسيأتي بقاء اليمين في حق الحنث ثم قالوا: لا يصح الإيلاء من المبانة في العدة وهو الأصح (فلو نكحها) يعني المبانة بالإيلاء نكاحًا (ثانيًا وثالثًا ومضت المدتان) أي: مدة الإيلاء بعد التزوج الثاني والثالث (بلا فيء بانت) منه (بأخريين) لأنها لما تزوجها ثانيًا ثبت حقها في الجماع وبامتناعه عنه صار ظالمًا فيجازى بإزالة نعمة النكاح واختلف في اعتبار ابتداء مدته ففي (الهداية) وعليه جرى في (الكافي) أنها من وقت التزوج وقيده في (النهاية) و (العناية) تبعًا للتمرتاشي والمرغيناني بما إذا كان التزوج بعد انقضاء العدة فإن كان فيها اعتبر ابتداؤه من وقت الطلاق قال الشارح: وهذا لا يستقيم إلا على قول من يقول بتكرر الطلاق قبل التزوج وقد مر ضعفه. قال في (الفتح): فالأولى الإطلاق كما في (الهداية)(فإن نكحها) يعنني التي بانت منه بالإيلاء بثلاث (بعد زوج آخر لم تطلق) لتقييده بطلاق هذا الملك، ولو نكحها بعدما بانت بالإيلاء مرة أو مرتين وعادت إليه بثلاث بانت كلما مضت أربعة أشهر لم يجامعها فيها حتى تبين بثلاث (فلو وطئها) بعد ذلك (كفر لبقاء اليمين) في حق الحنث وإن لم تبق في حق الطلاق، (ولا إيلاء) صحيح (فيما دون أربعة أشهر) رجع إليه الإمام حين بلغه فتوى ابن عباس بذلك وبه قالت الأئمة الثلاثة، والكلام في الحرة وسنذكر أحكام الأمة، ولو قال:(والله لا أقربك شهرين، وشهرين بعد هذين الشهرين إيلاء) والتقييد بالظرف اتفاقي إذ كونه إيلاء ثابت بدونه،
ولو مكث يومًا، ثم قال: والله لا أقربك شهرين بعد الشهرين الأولين،
ــ
قيد بالعطف لأنه ذكر معه حرف النفي أو القسم لم يكن موليًا لأنهما يمينان تداخلت مدتهما ولذا لو قال: والله لا أكلم فلانًا يومين ولا يومين أو قال: والله لا أكلمه يومين فكلمه في اليوم الأول والثاني لزمه كفارتان ولو كان بدون حرف النفي أو القسم يلزمه كفارة واحدة، ولو قال: والله والله لا أفعل كذا فظاهر الرواية أنهما يمينان، وفي (نوادر) ابن سماعة يمين واحد وفي (المنتقى) جعل كونهما يمينين قياسًا وكونهما واحدة استحسانًا (ولو مكث يومًا) يعني بعد قوله: والله لا أقربك لشهرين ويومًا يجوز أن يراد به مطلق الوقت أو أنه اتفاقي (ثم قال: والله لا أقربك شهرين بعد الشهرين الأوليين) / لم يكن موليًا، لأن الثاني إيجاب مبتدأ فلم تتكامل المدة، والتقييد بالظرف لا لأنه يكون موليًا مع حذفه بل لتعيين مدة اليمين الثانية، حتى لو حذف كانت مدتهما واحدة وتتأخر الثانية عن الأولى بيوم، ولو قربها في الشهرين الأوليين في مسألة (الكتاب) لزم كفارة واحدة وما توارد عليه شراح (الهداية) من أنه يلزمه بالقربان كفارتان.
قال في (الفتح): وإنه خطأ لأنه لم يجتمع على شهرين يمينًا بل على كل شهرين يمين واحدة يعني: وإذا كان لكل يمين مدة على حدة فلا تداخل بين المدتين حتى تلزم الكفارتان إلا أن يراد بالقربان في مدتيهما، كذا في (الحواشي السعدية) وعندي أن هذا الحل مما يجب المصير إليه عرف ذلك من تأمل قوله في (العناية) ويكون كلامه يمينين مستقلين يلزمه بالقربان كفارتان ولك أن تجعل بالقربان للجنس وغير خاف عنك ما مر أنه لا تلازم بين الإيلاء الشرعي واليمين فلذا قد يتعدد البر والحنث وقد يتجددان وقد يتعدد البر ويتجدد الحنث وعكسه، فالأول نحو إذا جاء غد فوالله لا أقربك، إذا جاء غد فوالله لا أقربك فإن قربها في أربعة أشهر من اليوم الأول بر في الأولى وبانت فإذا مضى يوم آخر بر في الثانية وطلقت أيضًا ولو قربها في الغد وجب عليه كفارة واحدة وبعد الغد كفارتان، والثاني نحو والله لا أقربك أربعة أشهر ومنه مسألة (الكتاب) كما مر والثالث كلما دخلت هذه الدار فوالله لا أقربك فدخلتها في يوم ثم في يوم آخر فإن تركها أربعة أشهر من اليوم الأول بانت وإذا مضى يوم آخر بانت بأخرى وإن قربها وجب عليه كفارة واحدة لاتحاد الحنث.
قال في (الفتح): وفي هذا المثال نظر لأن اليمين وقع جزاء لشرط متكرر فيتكرر بتكرره ولعله اشتبه بوالله كلما دخلت الدار لا أقربك بكلما دخلت الدار فوالله لا أقربك وأجاب في (البحر) بأنه لا اشتباه لأن المنقول في (الفتاوى): أن
أو قال: والله لا أقربك سنة إلا يومًا،
ــ
الطلاق والعتاق والظهار متى علق بشرط متكرر يتكرر بخلاف اليمين حتى لو قال: كلما دخلت الدار فوالله لا أكلم زيدًا فدخلها مرارًا لا يتكرر اليمين لأنه إنشاء عقد والإنشاء لا يتكرر بلا تكرر صيغته ألا ترى أنه لا يتعدد وإن سمى المتعدد، لأن الكفارة لا تلزم بلا هتك حرمة اسم الله تعالى والرابع إذا جاء غد فوالله لا أقربك ثم قال في المجلس: إذا جاء غد فوالله لا أقربك فهو إيلاء واحد في حكم البر حتى لو مضت أربعة أشهر من الغد طلقت وإذا قربها فعليه كفارتان لاتحاد المدة وتعدد الاسم.
(أو قال والله لا أقربك سنة إلا يومًا) أو قال: لا أقربك إلا يومًا لم يكن موليًا أيضًا في الحال حتى لو قربها وبقي بعد يوم القربان أربعة أشهر لم يقربها فيها حنث عندنا وقال زفر: يكون موليًا ويصرف الاستثناء إلى آخر السنة كما لو قال: أجرتك داري سنة إلا يومًا وكما لو أجل الدين سنة إلا يومًا وكما إذا قال في مسألة (الكتاب) إلا نقصان يوم قلنا: المولي من لا يمكنه القربان إلا بشيء يلزمه وهاهنا يمكنه إذ المستثنى يوم منكر فيصدق على كل يوم من أيام تلك السنة حقيقة فيمكنه قربانها قبل مضي أربعة أشهر من غير شيء يلزمه وصرفه إلى الآخر إخراجًا له عن حقيقته، أعني التنكير إلى التعيين بلا حاجة بخلاف الإجارة فإن الحاجة دعت إليه تصحيحًا لها والمقصود من التأجيل تأخير المطالبة فتعين بدلالة الحال، وكذا النقصان ينصرف إلى الأخير، وأورد هنا في (النهاية) ما لو قال: والله لا أكلم فلانًا سنة إلا يومًا فإنه ينصرف الاستثناء فيه إلى الأخير مع تنكير اليوم وأجاب بأن المعنى هو الحائل وهو المغايظة المقتضية لعدم كلامه في الحال، ورده الشارح بما حاصله أنه مشترك الإلزام إذ الإيلاء أيضًا يكون عن المغايظة قال تاج الشريعة: ونحن نقول في الفرق بين اليمينين أن الاستثناء لو انصرف إلى آخر السنة يلزمه أحد المكروهين لأنه إما أن يقربها فتلزم الكفارة أو لا، فيلزمه الطلاق عند انقضاء المدة ولا كذلك اليمين انتهى.
قال في (الحواشي السعدية): ولعل مراده أنه تعارض جهة المغايظة ولزوم أحد المكروهين فمتقضى الأول صرف اليوم إلى آخر السنة ومقتضى الآخر خلافه فتساقطا وعمل بمقتضى اللفظ وهو التنكير انتهى، وأنت خبير بأن هذا إنما يحتاج إليه بتقدير تسليم أنه مشترك الإلزام وهو في حيز المنع إذ الإيلاء لا يلزم أن يكون الحامل فيه المغايظة بل قد يكون عن رضا كخوف غيل على ولدها وعدم موافقة مزاجهما فيتفقان عليه لقطع لجاج النفس كما نبه عليه في (فتح القدير) أول الباب بخلاف
أو قال بالبصرة: والله لا أدخل مكة وهي بها لا. وإن حلف بحج، أو صوم، أو صدقة، أو عتق، أو طلاق، أو آلى من المطلقة الرجعية فهو مول،
ــ
اليمين على عدم الكمام (أو قال): وهو مقيم (بالبصرة والله لا أدخل/ مكة وهي) أي: المرأة (بها) يعني بمكة (لا) أي: لا يكون موليًا في هذه المسالة وووجه الأخيرة أنه يمكنه قربانها في المدة من غير شيء يلزمه بأن يخرجها من مكة فإن كان لا يمكنه بأن كان بينهما ثمانية أشهر صار موليًا على ما في (جوامع الفقه) واعتبر قاضي خان أربعة أشهر فقط، (وإن حلف بحج) أو عمرة شروع في الثاني من نوعي الإيلاء وهو الحلف بذكر الشرط والجزاء ولا يخفى حسن تقديم الأول بأن قال: إن قربتك فلله علي حج أو عمرة (أو صوم) غير معين كيوم وشهر، أما المعين فإن بقدر مدة الإيلاء أو أكثر كقوله فلله علي صوم أربعة أشهر أولها هذا فكذلك أما لو قال: هذا الشهر فإنه لا يكون موليًا لأنه يمكنه ترك القربان إلى أن يمضي ثم يطأها بلا شيء ولذا يكون موليًا بقوله: فلله علي (صدقة أو عتق) سواء كان المعتق معينًا كعبدي هذا حر، أو كان معلقًا كقوله: فكل مملوك اشتريته فهو حر وفي (الخانية) إن قربتك فعبدي هذا حر فمضت المدة وفرق بينهما فبرهن العبد أنه حر الأصل وقضى القضاء بحريته يبطل الإيلاء وترد المرأة إلى زوجها، لأنه تبين أنه لم يكون موليًا وظاهر أنه في العبد المعين لو باعه أو مات سقط الإيلاء ولو اشتراه صار موليًا من وقت الشراء إن لم يكن قربهما أو طلاق منجز ولا فرق بين كونه طلاقها.
(أو طلاق) غيرها، حتى لو قال: إن قربتك فكل امرأة أتزوجها من أهل الإسلام طالق صار موليًا وكذا لو قال: فلله علي هدي أو عتاق أو يمين أو كفارة، أو قال: علي مائة ركعة فهو مول، ولو قال: وإن حلف بما يستشقه لكان أفود وأخصر، فخرج ما لو قال: فعلي إتباع الجنازة أو سجدة التلاوة أو قراءة القرآن أو الصلاة في بيت المقدس أو تسبيحة أو أن أغزو أو نقل في الصلاة خلاف محمد فعنده يكون موليًا، وينبغي على قياس مائة ركعة أنه لو قال: مائة ختمة أو إتباع مائة جنازة أن يكون موليًا ولم أره، فإن قلت: ينبغي أن يكون موليًا اتفاقًا في الصلاة في بيت المقدس لأنها مما يشق كالحج قلت: هذا مسلم لو تعين لكن المذهب عدم تعين المكان في النذر حتى يسقط بالصلاة في غيره كتعيين الدرهم والفقير وكذا لو قال: فعلي أن أتصدق بهذه الدراهم على هذه المساكين لم يصح إلا أن ينوي التصدق به وكذا لو قال: مالي هبة في المساكين (أو آلى من المطلقة الرجعة فهو مول) في هذه المسائل، أما في الشرط والجزاء فلأن هذه الأجزئة مانعة من الوطء فكانت في معنى اليمين وأما المطلقة رجعيًا فلأنها زوجة فتناولها النص فإن امتد طهرها فكانت من ذوات الأقراء
ومن المبانة والأجنبية لا ومدة إيلاء الأمة شهران وإن عجز المولى عن وطئها بمرضه، أو مرضها أو بالرتق أو بالصغر أو بعد مسافة ففيئه أن يقول: فئت إليها وإن قدر في المدة ففيئه الوطء
ــ
بانت بمضي مدة الإيلاء، وإن انقضت عدتها قبل مضي مدة بطل، وأورد أن وقوع الطلاق في الإيلاء لظلمها بمنع حقها في الوطء ولا حق لهذه هي الجماع، فلا يكون بالمنع ظالمًا وأجاب شمس الأئمة الكردي وهو أول من قرأ (الهداية) على مؤلفها بأن العبرة في المنصوص عليه لعين النص لا لمعناه وهذه من نسائنا فيشملها نص الإيلاء، بدليل أن الله تعالى سمى المطلق رجعيًا بعلاً، وهو الزوج حقيقة ومجرد عدم ثبوت حقها في الجماع في أثر له في عدم صحة الإيلاء ألا ترى إلى أنه صح ولو أسقطت حقها من الوطء.
(و) لو آلى (من المبانة) بثلاث أو ببائن (و) من (الأجنبية لا) لفوات محله وهو الزوجية ولأنبه لو صح لوقع به البائن بمضي مدته والبائن لا يلحق مثله، ولو وطئها كفر كما مر من عدم التلازم بين الإيلاء واليمين، قيد بالمبانة لما في (الخانية) لو آلى من امرأته ثم أبانها إن مضت مدة الإيلاء وهي في العدة بانت بأخرى لا إن انقضت، ولو أعادها إن قبل انقضاء العدة بقي الإيلاء على حاله وإن بعدها اعتبرت مدته من وقت التزوج، (ومدة إيلاء الأمة) المنكوحة (شهران) لأن هذه المدة ضربت إحلالاً لبينونة فأشبهت العدة فتنصف بالرق لأنها من حقوق النكاح، وإطلاقه يعم ما لو كان زوجها حرًا أيضًا، ولو أعتقت في أثنائها بعدما طلقت انتقلت إلى مدة الحرائر، (وإن عجز المولى عن وطئها بمرضه أو) بسبب (مرضها أو) عجز عنه (بالرتق) وهو انسداد فم الرحم بنحو لجة أو القرن (أو) عجز عنه (بالصغر أو بعد مسافة) لا يقدر على قطعها في مدة الإيلاء أو جب أو عنة أو أسر أو وكانت في مكان لا يعرفه وهي ناشزة أو حال القضاء بينهما بالشهادة عليه بالثلاث للتزكية أو كان احدهما محبوسًا ولا يقدر على وطئها في السجن (ففيئه أن يقول) فيه إيماء إلى أنه لا اعتبار بالقلب:(فئت إليها)، وما دل عليه كأبطلت الإيلاء ورجعت عنه وأرجعتك/ وارتجعتك ونبه بهذه الأسباب على أنه لو كان محرمًا وقت الإيلاء بينه وبين الحج أربعة أشهر لا يكون موليًا فيه باللسان، لأن المتسبب باختياره فيما لزمه فلا يستحق تحقيقًا ولو آلى مؤبدًا وهو مريض وبانت بمضي المدة ثم صح وتزوجها وهو مريض لم يصح فيه باللسان عندهما وصح عند أبي يوسف قالوا: وهو الأصح.
(وإن قدر) المولى على الوطء (في المدة ففيئه الوطء) لأن الفيء بالقول خلف عن الوطء فحيث قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالخلف بطل حكمه
أنت عليّ حرام إيلاء إن نوى التحريم، أو لم ينو شيئًا وظهار إن نواه، وكذب إن نوى الكذب، وبائنة إن نوى الطلاق، وثلاث إن نواه.
ــ
كالمتيمم إذ وجد الماء، ونبه بهذه الجملة على أنه يشترط دوام العجز من وقت الإيلاء إلى مضي مدته، وبقي شرط ثالث نبه عليه في (البدائع) هو قيام النكاح وقت الفيء باللسان حتى لو أبانها ثم فاء بلسانه لم يصح فلو تزوجها ومضت المدة بانت منه، (أنت علي حرام) أو حرمتك أو أنت محرمة علي أو لم يقل علي أو أنا عليك حرام أو محرم أو حرمت نفسي عليك، وفي هذا يشترط أن يقول عليك وأنت معي في الحرام وحلال المسلمين علي حرام وأنت علي كالخمر أو الخنزير أو ما كان محرم العين كانت علي حرام (إيلاء إذا نوى التحريم، أو لم ينو شيئًا) لأن تحريم الحلال يمين (وظهار إن نواه) لأن الحرمة أعم من الحرمة التي فيها ظهار أو لا، والأعم يحتمل الخصوصيات فنية الظهار نية محتمل كلامه لا نية خلاف ظاهره فيصدق قضاء، وذ كر في (الهداية) خلاف محمد في ذلك ولم يذكر الخلاف في ظاهر الرواية وإنما نقله السرخسي عن (النوادر) والمذكور في (جوامع الفقه) عن محمد كقولهما.
(وكذب) بفتح الكاف مع كسر الذال ويجوز كسرها مع إسكان الذال (إن نوى الكذب)، لأنه نوى حقيقة كلامه هنا لأن وصفها بالحرمة وهو حلال كذب ظاهر الرواية واعترض بأن الحقيقة لا تتوقف في صحة إرادتها على النية وأجيب بأن هذه حقيقة أولى واليمين الحقيقة الثانية بواسطة الاشتهار وعن هذا قال السرخسي إنما يصدق في نية الكذب ديانة، لأن هذا يمين ظاهر فلا يصدق في القضاء في نية خلافه الظاهر.
قال في (الفتح): وهذا هو الصواب على ما عليه العمل والفتوى كما سنذكره والأول ظاهر الرواية لكن الفتوى على العرف الحادث انتهى، وفيه نظر لأن الفتوى إنما هو في انصرافه إلى الطلاق لا في كونه يمينًا كذا في (البحر) (بائنة إن نوى الطلاق) أو عليه دلت الحال وفي (البزازية) أنت علي حرام ألف مرة تقع واحدة وفي (الفتح) لو طلقها طلقة ثم قال: أنت علي حرام ونوى اثنتين لم يقع شيء انتهى. يعني بنيته وإن وقع بلفظ أنت علي حرام بائنة وبهذا عرف أنه لا منافاة بين هذا وبين قول غيره لم تصح نيته واندفع ما في (البحر) من أنه سبق قلم إن عبارة غيره لم تصح نيته، (وثلاث إن نواه) أي: الثلاث لأن هذا اللفظ من الكنايات على ما مر وفيها تصح نية الثلاث والأول أولى وفي الفتوى أي: التي بها يفتي المفتي ووقع في كثير من النسخ وفي الفتاوى والأول أولى، إذا قال لامرأته: أنت علي حرام والحرام عنده طلاق ولكن لم ينو طلاقًا وقع الطلاق يعني البائن ولم يقيده به اكتفاء بما قدمه من أن هذا حكم كل