الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونائمة، ومجنونة وطئتا.
[7]
فصل
ــ
المشايخ والظاهر توضيح ما في (المحيط) للشبهة كذا في (البحر) وفي احتلم ثم تعمد الأكل/ كفر ولو جاهلاً فكذا عند الإمام في ظاهر الرواية وعند محمد أنه بعدما أفتاه فيقه بالفطر فلا كفارة وهو الصحيح ولو ذرعه القيء أو اغتسل فظن الفطر وأكل كفر على كل حال وقيده في بعض الروايات بالعالم أما الجاهل فكذلك عند الإمام خلافًا للثاني وقول محمد مضطرب ولو أكل ظانًا الفطر بإنزاله ناظرًا إلى محاسن امرأة فحكمه كالقيء.
(ونائمة ومجنونة وطئتا) عطف على المجرور أي: وكنائمة ومجنونة وطئتا ثم أكلتا عمدا بعد، لا كفارة عليهما لفساد الصوم قبله بالجماع وهذا لمحي النائمة ظاهر لا في المجنونة لأنه فرع صحة صومها ولا صحة له قال أبو سليمان الجوزجاني: قلت لمحمد: كيف تكون صائمة وهي مجنونة؟ فقال لي: دع هذا فإنه انتشر في الأفق فمنهم من قال: كأنها كانت في الأصل المجبورة فصحفت وعن ابن أبان قلت لمحمد: هذه المجنونة فقال: لا بل المجبورة أي: المكرهة قلت: ألا تجعلها كذلك قال: بلى ثم قال: كيف وقد سارت بها الركبان دعوها وأكثر المشايخ قالوا: تأويله أنها كانت عاقلة بالعة في أول النهار ثم جنت فجامعها زوجها ثم أفاقت وعلمت بما فعل بها الزوج كذا في (العناية) تبعًا (للنهاية) وغيرها وهذا يقتضي عدم تصحيفها وجزم في (الفتح) بأنها مصحفة من الكاتب مستندًا لما هو عن أبي سليمان وابن أبان قال: وتركها محمد بعد التصحيف لإمكان توجيهها انتهى.
وهذا يفيد رفع الخلاف السابق إذ لا تنافي بين تصحيفها وتأويلها وقد اندفع ما في (البحر) من أن كونها مجحفة مدفوع بإمكان، لكن لا يخفى أن ما عن أبي سليمان ليعمل نصًا في أن الكاتب صحفها بل وقعت من محمد كذلك غير انه لم يصلحها لانتشارها وإمكان تحويلها وأيضا استعمال مجبور بمعنى مجبر ضعيف.
[8]
فصل في النذر
أخره بما أوجبه الله تعالى لأنه قرعة بدليل أن من شرائط صحته أن يكون من
ومن نذر صوم يوم النحر أفطر، وقضي، وإن نوى يمينًا قضي وكفر،
ــ
جنسه واجما (و) أن لا يكون واجبًا بإيجابه تعالى كما سيأتي، (من نذر صور يوم النحر أفطر) أي: وجب عليه الفطر تحاميًا عن المعصية (وقصى)، فيه إيماء إلى أن النذر صحيح إذ الباطل لا يمضي وذلك أنه نذر بصوم مشروع والنهي لغيره وهو ترك إجابة دعوة الله تعالى فيصح في ظاهر الرواية وروى الثاني عن الإمام عدم الصحة وبه قال زفر وروى الحسن عنه أنه إن عين الغد لم يصح وإن قال: غدًا فوافق يوهم النحر صح قياسًا على ما لو نذرت يوم حيضها حيث لا يصح.
ولو قالت: غدًا فوافق يوم حيضها صح وجعل في (السراج) شقي رواية الحسن محمل الروايتين توفيقًا بين الروايات وإطلاق المصنف يرده وقد صرحوا بأن ظاهر الرواية أنه لا فرق بين أن يصرح بذكر المنهي عنه أو لا ولا تنافي بين الصحة ليظهر أثرها في وجوب القضاء والحرمة للإعراض عن الضيافة. الحلم أن المذكور في (النهاية) أن شروط النذر ثلاثة في (الأصل) إلا إذا لمحام الدليل على خلافه أن يكون من جنسه واجمًا شرعًا فلا يسمح بعيادة المريض وأن لا يكون واجب عليه في الحال أو في ثاني الحال وقد من والثالث أن يكون مقصودًا لا وسيلة فلا يصح بالوضوء وسجدة التلاوة.
قال في (الواقعات): ومنه تكفين الميت وأسقط بعضهم الثاني وعليه جرى في (الفتح) كأنه استغنى بالثاني إد قولهم من جنسه واجب يفيد أن المنذور غير الواجب من جنسه وهاهنا عينه وزاد وأن لا يكون معصية وهذا بظاهره مضاد لقولهم بصحة نذر يوم النحر فيجب أن يراد كون المعصية باعتبار نفسه حتى لا ينفك شيء من أفراد الجنس عنها كالنذر بالزنى وشر ب الخمر فلا يلزمه الوفاء به لكنه ينعقد للكفارة بخلاف النذر بالطاعة حيت لا يكون يمينًا إلا بالنية على ما عليه الفتوى فلو فعل المعصية المحلوف عليها انحلت وأثم وإنما قال في (النهاية): إلا إذا قام إلى أخره لئلا يرد عليه النذر بالحج ماشيًا والاعتكاف وإعتاق الرقبة فإن النذر بها صحيح مع أن موجب له كذا قرره في (النهاية) وفيه نظير بل إنما صح النذر بها لأن من جنسها واجبًا أما الحج فلما صرح به الشارح من أن أهل مكة ومن حولها لا يشترط في حقهم الراحلة بل يجب المشي على القادر منهم وأما الاعتكاف فلان القعدة الأخيرة في الصلاة فوض وهي لبث كالاعتكاف وأما الإعتاق فلأن من جنسه واجبًا هو الإعتاق في الكفارة وأما كونه من غير سبب فليس مرادًا كذا في (البحر) وجعل بعض المتأخرين جنس الواجب في الاعتكاف هو الوقوف في عرفة لأنه الحبس واللبث خوان نوى يمينًا) بنذر الصمود (كفر) أيضًا أي: (مع القضاء) حيث لم يوف بالمنذور/ فيه إيماء
ولو نذر صوم هذه السنة أفطر أيامًا منهية، وهي يومًا العيد، وأيام التشريق وقضاها،
ــ
إلى أن الكفارة وحدها لا تجزئ عن الفعل وهو الظاهر عن الإمام لكن روي عنه أنه وجع عن ذلك قبل موته بسبعة أيام وقال: إنها تجزئ محنه واختاره الشهيد والسرخسي وبه يفتى قيد بنية اليمين لأنه لو لم ينو أو نوى النذر خاصة أو نوى أن لا يكون يمينًا بل نذرًا كان نذرًا فقط إجماعًا وعلم من كلامه بالأولى أنه لو توهمًا كفر أيضًا ولو نوى اليمين وأن لا يكون نذرًا كان يمينًا فقط فهذه وجوه خمسة والسادس منطوق (الكتاب) وهو ما إذا نوى اليمين ولم يخطر له النذر كان نذرًا ويمينًا عندهما كما لو نواهما وقال الثاني: يكون يمينًا في الأول ونذرًا في الثاني فقط لأن النذر حقيقة واليمين مجاز بدليل عدم توقفه على النية بخلاف اليمين فإذا نواه تعين بنيته أو نواهما تعينًا ولهذا أنه لا تنافي بين الجهتين لأنهما يقتضيان الوجوب إلا أن النذر يقتضيه لعينه واليمين لغيره فجمعنا بينهما عملاً بالدليلين كما جمعنا بين جهتي التبرع والمعاوضة بشوط العوض كذا في (الهداية) دي واعترضه في (الفتح) بلزوم التنافي من جهة أخرى هي أن الوجوب الذي يقتضيه اليمين وجوب يلزم بترك متعلقة الكفارة ولا كذلك النذر وتنافي اللزوم أقل ما يقتضي اليمين التغاير وغير خاف أنه لم يدع عدم التنافي من كل وجه كما لو ظاهر كلامه بل من حيث الوجوب وهذا القدر كاف في المطلوب وللناس في تحقيق مذهبهما أنواع من التوجيهات من رام إليها الوصول فعليه بالأصول. واعلم انه لو نذر صوم كل خميس والمسالة بحالها فأفطر أكثر من واحد كفر للأول فقط لانحلال اليمين بالأول كذا في (الولوالجية) لا والله الموفق.
(ولو نذر صوم هذه الصنة) لزمه جميعها دل على ذلك قوله (أفطر أيامًا منهية وهي يومًا العيد وأيام التشريق وقضاها) لأن النذر بالسنة المعينة نذر بهذه الأيام ولا شك في صحة النذر بها على ما مر قال في (العناية): هذا محمول على ما إذا نذر قبلها أما لو نذر بعدها لم يقض شيئًا وإنما يلزمه ما بقي من السنة قال الشارح: وهذا سهو لأن هذه السنة عبارة عن اثني عشر شهرًا من وقت النذر إلى وقت النذر وهذه المدة لا تخلو من هده الأيام ورده في (الفتح) بأنه هو السهو لأن المسالة كما هي في (الغاية) منقولة في (الخلاصة)، و (الخانية) في هذه السنة وهذا الشهر وهذا لأن كل سنة عربية معينة عبارة عن مدة معينة فإذا قال: هذه فإنما تفيد الإشارة إلى التي هو فيها فحقيقة كلامه أنه نذر المدة المستقبلة والماضية فيلغو في حق الماضي كما يلغو في قوله: لله علي صوم أمس ومما يناسب هذا لو قال: لله علي صوم أمس اليوم أو اليوم أمس لزمه صوم يوم ولو قال: غدًا هذا اليوم أو هذا اليوم غدًا لزمه أول الوقتين تفوه به ولو قال: شهرًا لزمه شهر كامل ولو قال: هذا الشهر وجب محليه بقية الشهر
ولا قضاء إن شرع فيها فأفطر.
ــ
الذي هو فيه فإن نوى شهرًا فهو على ما نواه وفيه تأييد لما في (الغاية) أيضًا قال في (البحر): ويمكن حمل ما فيها على ما إذا لم ينو وما في (الشرح) لا على ما إذا نوى توفيقًا وإن كان بعيدًا وبه ظهر أن ما في (الفتح) من أنه يلغو فيما مضى كما يلغو في قوله: لله علي صوم أمس ليحر بقوي أنه لو كان لغوا لما لزمه نيته.
وأقول: هذا وهم إد الذي يدعم بنية سنة أولها ابتداء النذر على ما مر لا ما مضى منها والمحكوم عليه باللغو إلزام ما مضى وحينئذ فتشبيهه بصوم الأمس صحيح فتدبر. قيد بهذه السنة لأنه لو نكرها لمحسن لثمرة التتابع اتحد الحكم إلا أنه يقضيها هنا متتابعة وإلا لم يصبح صوم هذه الأيام بل عليه أن يقضيها مع رمضان والفرق لا يخشى (ولا قضاء عليه إن شرع فيها ثم أفطر) يعني في الأيام المنهية أي: في صومها هذا هو ظاهر الرواية عن الثلاثة وعق الشيخين وجوبه لأن الشروع ملزم كالنذر فصار كالشروع في الصلاة في الوقت المكروه وجه الظاهر أن وجوب القضاء يستدعي وجوب الإتمام فإذا فوته وجب جبره به وهو هنا منتف بل المطلوب قطعه لارتكاب المنهي بمجرد الإمساك بخلاف النذر والشروع في الأوقات المكروهة حيث لم يصر مرتكبًا له بمجردهما بل حتى يقيده ما وذلك لأن الصلاة عبارة عن أركان معلومة فما لم يفعلها لم يتحقق لأن وجود الشيء بوجود جميع حقيقته فإذا قطعها لمحمد قطعه ما لم يطلب منه بعد فيكون مبطلا له فيلزمه القدماء وهذا يقتضي أن القطع بعد السجدة لا يوجبه ولا مخلص إلا بجعل الكراهة تنزيهية كذا في (الفتح). وأجاب في (البحر) بأن لنا مخلصًا مع جعلها تحريمية كما هو ظاهر المذهب هو أنه بالشروع فيها ليس مرتكبًا للنهي فوجب المضي وحرم القطع وبالسجدة حرم المصري فتعارض المحرمان ومع أحدهما وجوب فقدمنا حرمة القطع. وأقول: هذا يقتضي حرمة القطع بعد التقييد بالسجدة وليس كذلك.
خاتمة: نذر شهرًا لزمه كاملاً أو/ رجب فبهلاله أو جمعة فسبعة أيام نواها أو لا إلا أن ينوي اليوم فيصرف ولو نذر صوم السبت ثمانية أيام صام سبتين ولو قال سبعة فسبعة أسبت والفرق أن السبت في سبعة لا يتكرر فحمل كلامه على العدد بخلاف الأول وعلى هذا لو نذر صوم هذا اليوم أو يوم كذا شهرًا أو سنة لزمه ما تكرر منه في الشهر والسنة ولو نذر صوم اليوم الذي أكل فيه لمحوا شيء عليه على المشهور بخلاف الذي يأكل لمحيط حيث لا يصح إجماعا وفي نذر صوم يوم يقدم الآن فقدم بعد الأكل أو حصصها قال محمد: لا شيء عليه وأوجب الثاني عليه القدماء ولو قدم بعد الزوال لا شيء عليه أيضا عند محمد ولا رواية فيه عن غيره قال السرخسي: والأظهر التسوية
باب الاعتكاف
من لبث في مسجد
ــ
بينهما كذا في (البناية) ولو قال: أبدًا والمسألة بحالها فقدم بصد الأكل فلا شيء عليه ويلزم صوم كل يوم مثله فيما يستقبل وقال زفر: يقضيه ولو قدم في رمضان لم يلزمه شيء عند الثاني ولو عنى به اليمين كفر فقط إن قدم بعد نيته وإن قبلها فنواه ولم ينو عن رمضان بالنية ووقع عن رمضان وفي نذر يومين متتابعين من أول الشهر وآخره يلزمه الخامس عشر والسادس عشر. وأعلم أن الشيخ قاسم قال في (شرح في رب البحار): إن النذر الذي يقع من أكثر العوام بأن يأتي إلى قبر بعض الصلحاء ويكشف الستر قائلاً سيدي فلان إن رد غائبي أو عوفي مريضي أو قضيت حاجتي فلك من الذهب أو الفخمة أو الطعام أو الماء أو الشمع أو الزيت كذا باطل إجماعًا لوجوه منها أن النذر للمخلوق لا يجوز ومنها أن المنذور له بيت وهو لا يملك ومنها أنه ظن أن الميت يتصرف في الأمن دون الحق سبحانه وتعالى واعتقاد هذا كفر تعم لو قال: يا الله إني نذرت لك إن شفيت مريضي ونحوه أن أطعم الفقراء الذين بباب السيدة نفيسة ونحوها أو أشتري حصيرًا لمسجدها أو زيتا لوقودها أو دراهم لمن يقوم بشعائرها مما يكون فيه نفع للفقراء وذكر الشيخ إنما هو محل لصرف النذر لكن لا يجوز صرفه إلا إلى الفقراء لا إلى أي علم يعلمه ولا لحاضر الشامخ إلا أن يكون واحدًا من الفقراء فإذا عرف هذا فما يؤخذا الدراهم والشمع والزيت ونحوها وينقل إلى شرائح الأولياء تقربا إليهم فحرام بإجماع المسلمين ما لم يقصدوا بصرفها للفقراء الأحياء قولا واحدا انتهى. وقد ابتلي الناس بدلك ولا زعيما في موعد الشيخ أحمد البدوي ولقد قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني: لو كان العوام عبيدي لأعتقهم وأسقطت ولائي وذلك لأنهم لا يهتدون فالكل بهم يتعيشون.
[10]
باب الاعتكاف
ذكره بعد الصوم لما أنه من شرطه يعني في بعض أنواعه على ما سيأتي ولأنه يطلب مؤكدًا في العشر الأخير من رمضان فناسب ختم الصوم به وهو لغة: افتعال من عكف اللازم أي: أقبل على الشيء وأقام به من حد طلب ومصدره العكوف ومنه {يعكفون على أصنام لهم} أ [الأعراف: 138] أو المتعدي بمعنى الحبس والمنع (من) باب ضرب ومصدره العكف ومنه {والهدي معكوفًا} [الفتح: 25] وشرعا (لبث في مسجد)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بنية فالركن أو اللبث وأما المسجد والنية فشرطان ولا حياء أن صحتها تتوقف على العقل والإسلام فلا حاجة لذكرهما في الشروط كما لمحي ما البدائع دم، نعم من الشرائط فيه الطهارة عن الحيف والنفاس وينبغي أن يكون هذا على رواية اشتراط الصوم في نفسه أما على عدمه وينبغي أن يكون من شوائب الحد فقط كالطهارة عن الجنابة ولم أر من تعرض لهذا وسببه في المنذور النذر وفي غيره النشاط الداعي إلى طلب الثواب وهو من أشرف الأعمال إذا كان عن إخلاص وحكمه لمحي الواجب سقوطه ونيل الثواب في غيره وسيأتي ما يفسده وما يمنع فيه، سق الاعتكاف بيان لصفته وبدأ بها اهتمامًا لبيان الأحكام وكونه آمنة هو الصحيح حلافا لما ذكوه القدومي من أنه يستحب.
قيل: والحق خلاف كل من الإطلاقين بل هو ينقسم إلى واجب وهو المنذور تعجيزا أو تعليقا وإلى سنة مؤكدة وهو اعتكاف العشر الأخير من رمضان وإلى مستحب وهو ما سواهما كذا في (الشرح) وعليه جرى في (الفتح) ما قال في (البحر): والظاهر أنه سنة في الأصل وهي مؤكدة وغير مؤكدة وأطلق عليها الاستحباب لأنها معناه وأما النذر فبعارض هو النذر وكأنه عنى بذلك الجواب عن الاطلاقية وهو ظاهر في أن القدومي أطلق اسم الاستحباب على المؤكدة وغيرها لأمنها بمعناه لكن لا يخفى ما في إطلاق المستحب على المؤكدة من المؤاخذة فالأقرب أن يقال. إنه اقتصر على نوع منه وهو غير المؤكدة وكلام المصنف لا غبار عليه لأن المشكك حقيقة لم هي أفراده وقيل: إنه آمنة على الحماية قال بعضهم: ويؤيده قول مالك: لم يبلغني أد أبا بكر وعمر وعثمان وابن المسيح ولا أحد لمحي سلف هذه الأمة اعتكف إلا أبا بكر بن عبد الأحمق لكن ثبت في (الصحيحين ما: (أنه- صلي الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الله الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى).
وقال الزهري: عجبا للناس كيف تركوا الاعتكاف وقد كان رسول الله عبيطًا يفعل الشيء ويتركه وما ترك الاعتكاف حتى قبض يعني من غير عذر فقد جاء في الصحيح أنه تركه وذلك أنه أذن لعائشة فيه فضربت لها قبة فسمعت حمامة ففعلت كذلك ثم زينب فامض عليه الصلاة والسلام بنزعها فنزعت وترك الاعتكاف في رمضان ثم اعتكف العشر الأول من شوال وبهذا استدل في (فتح القدير) عدم وجوبه مع
بصوم ونية،
ــ
المواظبة لكن لا يخفى أن الترك لعدد لا يعد تركا فالأولى ما قدمه من أنها لما اقترنت بعدم الإنكار على من لم يفعله من الصحابة كانت دليل السنة ومدمنا في الطهارة إيضاحه وهو لبث بفتح اللام بمعنى المكث خبر لمحذوف ويجوز أن يكون نائبًا لفاعل والأول أولى في مسجد أي. مسجد جماعة وهو من له إمام ومؤذن أديت فيه الخمس أو لا قال في (البحر). أطلق في المسجد فأفاد أنه صح في كل مسجد وصححه في (غاية البيان) لإطلاق قوله: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة: 187].
وأقول: فيه نطو ففي (الخلاصة) و (الثانية) ويصح في كل مسجد له أذان وإقامة وهو الصحيح وهذا هو مسجد الجماعة كما في (العناية) لما وقد نقل بعضهم أن صحته في كل مسجد قولهما وهذا الكتاب لم يوضع إلا لبيان أقوال إلى عام وعبارته في (غاية البيان) قال: الصحيح عندي أنه يصح في كل مسجد نعم اختار الطحاوي قولهما وروى الحسن عن الإمام أن كل مسجد له إمام ومؤذن معلوم يصلى فيه الخمس بالجماعة يصح الاعتكاف فيه وصححه بعض المشايخ كذا في (المتن،، قال في (الكافية. أراد به غير الجامع أما الجامع فيجوز وإن لم يصل فيه المصلى وثمة روايات أخو عن الإمام، هذا وأما أفضل الاعتكاف ففي المسجد الحرام ثم في مسجده- صلي الله عليه وسلم- ثم في المسجد الأقصى ثم في الجامع قيل: إذا كان يصلى فيه جماعة فإن لم يكن في مسجده أفضل لئلا يحتاج إلى الخروج ثم ما كان أهله أكثر قال في (البحر): وهذا ظاهر في عدم كراهة المجاورة بمكة والنووي عن الإمام الكراهة إلا أن يقال: مرادهم في أيام الموسم انتهى.
وأقول: لا يخفى أنه لا دلالة في الكلام على ما ادعى أما أولاً فلأنه لا يلزم من الاعتكاف في غير أيام الموسم المجاورة بل قد يكون خاليا عنها فيمن كان حول مكة وأما ثانيًا فلأنه لا يلزم أيضًا من كراهة المجاورة كون اعتكافه في المسجد ليس أفضل ألا ترى أن الصلاة فيه ونحوها من المجاور أفضل من غيرها (بصوم ونية) هذا في نقل رواية الحسن وفي رواية (الأصل) ليس الصوم بشرط فيه لقول محمد إذا دخل المسجد بنية الاعتكاف فهو معتكف ما أقام تارة له إذا خرج ولا خلاف في اشتراطه في النذر قال لمحي لا الفتح (: ولمحي هذا الاستنباط نحو لجواز القول بصحته ساعة مع اشتراط الصوم وإن لم يصح أقل من يوم ولا مانع صن عتبات شرط يكون أطول من مشروعه انتهى. ولا يخفى أن هذا التجهيز العقلي مما لا قائل به فيما نعلم فلا يصح حمل كلام محمد عليه قال في ما البدائع د: وأما اعتكاف التطوع فالصوم ليس بشرط
وأقله نقلاً ساعة، والمرأة تعتكف في مسجد بيتها ولا يخرج منه
ــ
لجوازه في ظاهر الرواية وروى الحسن أنه شرط واختلاف الرواية فيه مبني على اختلاف الرواية في اعتكاف التطوع أنه مقدر وذكر محمد في (الأصل (أنه غير مقدر فلم يكن الصوم شرطا فيه لأن الصوم مقدر بيوم إذ صوم بعض اليوم ليس بمشروع فلا يصلح شرطا لما ليس بمقدور انتهى.
وبهذا عرف أن ما في (البحر) أن الثقات يصرحون بان طاهر الرواية عدم اشتراطه فجاز أن يكود مستندا ما بل هو الظاهر من ضيق العطن بقي أن ظاهر اختيار المصنف له ولرواية الحسن مناف لقوله (وأقله نملأ ساعة) وحمله لحد اعتكاف العدو الأخير من رمضان حتى لو اعتكف فيه بلا صوم لمرض أو مصفو ينبغي أن لا يصح مدفوع بتصريحهم بأن الصعود إنما هو شرط في المنذور فقط وأقرب الأحوال أنه بين الروايتين فعلى رواية الحسن يجب بالشروع وعلى رواية (الأصلي لا وكلام المصنف أولا وثانيا ظاهر في اختيار رواية الحسن وإن حكى غيرها دل على ذلك قوله بعد فإن خرج ساعة بلا عذر سد وبطل بوطئه ونحو ذلك ولما كان المسجد شوطا لصفحة اعتكاف كل معتكف اواختصت المرأة بجوازه أيضا في غيره احتاج إلى بيان ذلك فقال: (والمرأة تعتكف) أي: يجوز لها بل هو الأفضل أن تعتكف أيضا (في مسجد بيتها) وهو المعد لصلاتها الذي يندب لها ولكل أحد اتخاذه كمالي (البزازية) ما فإن اعتكفت في المسجد كله حسما في (الثانية لا فمالي (غاية البيان ما من أن مسجد حيها أفضل من المسجد الأعظم معناه أقل كوجهة وظاهر ما في (النهاية، أنها كراهة تنزيهية حيث قال: ظاهر الرواية وهو المذكور في (الأصل) أنها لا تعتكف في المسجد وعن الإمام أنها تعتكف في أيهما فجاءت وأد مسجد بيتها أفصح وهو الصحيح وفي (البدائع) لا خلاف بين الأصحاب بأن اعتكافها في مسجد الجماعة صحيح وما في (الأصل) محمول على نفي الفصيلة وينبغي على قياس ما مر من أن المختار منعهن من الخروج في الصلوات كلها أن لا يتردد في متعهد من الاعتكاف في المسجد هذا وذات الزوج لا تعتكف إلا بإذنه فلو أذنها باعتكاف وهو فأرادت التتابع كاد له التفريق بخلاف شهر بعينه كذا في (المحيط) لا فإن لم يأذن كان له أن يأتيها إلا إن أذن بخلاف الأمة حيث يملكه بعد الإذن لكن مع الإساءة والإثم كما قال محمد والعبد كالأمة إلا المكاتب.
تنبيه: لم أر حكم اعتكاف الخنثى المشكل في بيته وينبغي أن لا يصح لاحتمال كونه ذكرًا (ولا يحرج) المعتكف أي: لا يجوز له أن يخرج (منه) أي: من المسجد هدا مبني على رواية الحسن يعني أنه يلزم بالشروع وقوله في ما البحث ما: أي:
إلا لحاجة نوعية كالجمعة أو طبيعية، كالبول والغائط فإن خرج ساعة بلا عذر فسد،
ــ
لا يخرج المعتكف اعتكافه واجبة أما نملأ فله ذلك عدول عن الظاهر بما لا داعي إليه على أن الواجب لم يسبق له ذكر (إلا لحاجة نوعية كالجمعة) والعيدين والأذان لو كان مؤذنًا وباب المئذنة خارج المسجد كذا في (السراج) ما، فيخرج لها حين تزول النصر هذا إذا كان منزله قريبا فإن بعد فعن محمد حين يرى أنه يبلغه وقت النداء وهو قبل الزوال هو الصحيح كما في (الخلاصة) لا ليتمكن من الأربع قبلها أو من الست في ولاية بضمه وكعتي التحية لكن قدمنا أن الفرض والسنة يجزئان عنها فهذه الرواية إما ضعيفة أو مبنية على أن كون الوقت مما يسع فيه السنة وأداء الفرض بعد قطع المسافة مما يعرف تخمينا لا قطعة فقد يدخل قبل الزوال لعدم مطابقته ظنه فلا يمكنه أن يبدأ بالسنة بل يبدأ بالتحية فينبغي أن يتحرى على هذا التقرير لأنه قل ما يصدق الحزب كدا في (الفتح (، ويمكث بعدها قدر ما يصلي أربعًا أو ستًا على حسب اختلافهم في سنة الجمعة كما مر ولو أتمه حيث لو صح والرجوع إلى الأصول أفضل لأن الإتمام في محل واحد أحجر على النفس.
(أو) لحاجة (طبيعية كالبول والغائط) والغسل أو احتلم ولا يمكنه الاغتسال في المسجد لما في الكتب الستة من حديث عائشة رضي الله عنها كان عليه الصلاة والسلام: (إذا اعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان) ولأن هذه الأشياء مستثناة للعلم بوقوعها وعدم الاستغناء عنها ولا يمكث بعد فراغه من الطهور ولا يلزمه أن يأتي بيت صديقه القريب واختلف فيما لو كان له بيتان فأتى البعيد منهما قيل: فسد وقيل: لا كذا في (السراج) وينبغي أن يخرج على القولين ما لو ترك بيت الخلاء للمسجد القريب وأتى بيته (وإن خرج ساعة) زمانية (بلا عذرا يبيح الخروج عامدا كان أو ناسيا (فسد) اعتكافه ووجب محليه قضاؤه إن كان منذوره أو غيره على رواية الحسن إلا إذا أفسده وهذا قول الإمام وقالا: لا يفسد إلا إذا خرج أكثر النهار وقال محمد: وقول أبي حنيفة أقيس وقول أبي يوسفي أوسع قالوا: هذا الاستحسان قيد بعدم العذر لأنه لو كان به لم يفسد ومنه انهدام المسجد وتفرق أهله وإخراج السلطان أو غيره له والخوف على نفسه أو ماله وما لو طلقت وهي في المسجد فخرجت منه لمسجد بيتها وليس منه الخروج لجنازة أو لأداء شهادة وإن تعينت أو لنفيه عم أو لإنقاذ غريق أو حريق كذا في (الشرح)، وغيره والمذكور في (الخانية) وغيرها أن الخروج عامدا أو ناسيا أو مكرهًا بأن أخرجه السلطان أو الغريم أو خروج
وأكله وشره ونومه ومبايعته فيه، وكره إحضار المبيع والصمت
ــ
للبول فحبسه الغريم ساعة أو لعذر الموت مفسد مسند الإمام وعلله في المرض بأنه لا يغلب وقوعه فلم يصمد مستثنى عن الإيجاب، قال في (الفتح): فأفاد هذا التعليل الفساد في الكل وعن هذا فسد إذا عاد مريضًا أو شهد جنازة تعينت إلا أنه لا يأثم بل يجب محليه الخروج وهذا المعنى يفيد الفساد أيضا بالخروج لانهدام المسجد وقد
ذكره في (الخانية) أيضًا وتفرق أهله وانقطاع الجماعة عنه كذلك ونص الحاكم في (كافيه) فقال: وأما قول أبي حنيفة فاعتكافه فاسمع إذا خرج ساعة/ لغير غائط أو بول أو جمعة فالظاهر أن العذر الذي لا يغلب مسقط للإثم لا البطلان وإلا لكان النسيان أولى بعدم الفساد انتهى. لكن صرح به في (البدائع) وغيرها بأن عدم الفساد في تفريق الانهدام والإكراه استحسان لأنه مضطر إليه لما أنه بعد الانهدام خرج عن أن يكون معتكفًا لأنه لا يصلي بالجماعة الصلوات الخمس وهذا يفيد عدم الفساد تفريق أهله.
(وأكله) أي: المعتكف (وشربه ونومه ومبايعته فيه) أي: في المسجد فلو خرج لأجلها فسد لعدم الضرورة حتى لوهم يكن الأكل فيه خرج كما في (العناية) و (الظهيرية) وقيل: يخرج الأكل والشرب بعد الغروب حمله في (البحر) إحدى ما إذا لم يجد من يأتي له به أطلق المبايعة وقيدها في (الذخيرة لما وغيرها بالتي لا بد منها أما التجارة فمكروهة لأبنه منقطع لله تعالى فلا ينبغي الاشتغال بأمور الدنيا قيد بالمعتكف لأن مبايعة غيره فيه مكروهة للنهي وكذا نوعه قيل: إلا الغريب.
(وكره إحضار المبيع) فيه لأن المسجد محور عن حقوق العباد وهو شاغله بها والظاهر أنها تحكيمية لأنها محل إطلاقهم ودل التعليل أن المبيع أو كان لا يشغل البقعة كدراهم ودنانير وكتاب ونحوه لا يكوه إحضاره وأفاد إطلاقه أن إحضار الطعام المبيع الذي يشتريه للأكل مكروه وينبغي عدمها كما لا يخفى كذا في (البحر) وأقول: مقتضى التعليل الأول الكراهة وأن لم يشغل، وقوله وأفاد إطلاقه إلى آخره ظاهر في أن كلامه متناول بغير ما يأكله بناء على ما موفق إطلاق المبايعة وقد علمت أنها مقيدة بما لا بد منه وفي هذه الحالة يكوه له إحضار السلعة فيه.
(و) كله أيضا تحريما (الصمت) عدد محن السكوت للفرق بينهما وذلك أنه ضم الشفتين فإن طال سمي صمتًا وقد نبه على ذلك في (العناية) ما حيث قال هو ترك التحدث أو إطالة السكوت قيل: إلا أنه لم يصب في تخصيصه التحدي بإضافة الترك إليه فإن ما تعنى صدق محليه أنه ترك التحدث ولا يصدق محليه أنه صمت وأنت خبير بان الواو في قوله وإطالة بمعنى مع فلا يرد عليه ما ذكر فتدبر. وهذا الإطلاق
والتكلم إلا بخير وحرم الوطء ودواعيه
ــ
قيده حميد الدين بما إذا تعبد به كفعل المجوس فإن لم يتعبد به لم يكره وجزم به الشارح وغيره لخبر (من صمت نجا).
(و) كذا يكره له (التكلم) فيه (إلا بخير) أي: بكلام لا إثم فيه فيتكلم بالمباح لأنه خير عند الحاجة إليه لما أنه عبارة عن الشعير الحاصل وما من شانه أن يكون حاصلاً له إذا كان مؤثرًا والمباح عند الحاجة إليه كذلك كذا في ما العناية، وهو ظاهر ما في (الروح) وغيره وإليه يشير قول (الهداية) بعد لكنه يتحاشى ما يكون مؤثمًا وعبارة الإسبيبجابي ولا بأس أن يتحدث بما لا إثم فيه والظاهر أن المباح محمد الحاجة إليه خير لا محمد عدمها وهو محمل ما في (الفتح) قبيل الوتر أنه مكروه في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب وبهذا التقرير اندفع ما في (البحر) من أن الأولى تفسير الخير بما فيه ثواب يعني أن المعتكف يكره له التكلم بالمباح بخلاف غيره إذ لا شك في عدم استغنائه محنه فأنى يكره له مطلقًا.
(و) حوم على المعتكف (الوطء) لقوة هـ تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة: 187] إذ المراد بها الوطء بقرينة {فالآن باشروهن} [البقرة: 187] ومعنى المسألة أنه لو خرج للحاجة الإنسانية حرم الوطء عليه لأنه معتكف وإلا فحرمة الوطء في المسجد لا يخصه ودل على هذا المعنى ما محق قيادة كانوا يخرجون ويقضون حاجتهم في الجماع يغتسلون فيوجعون فنزلت وعليه فالجار متعلق باسم الفاعل لا بالفعل فإن قلت: لا يتعلق بالفعل ونهوا عنه لما أن حرمته على المعتكف أشد قلت: لأنه لا يستفاد منه حينئذ حرمة الوطء خارجه وإذا علق باسم الفاعل علم منه ذلك وعرف أيضًا حرمته على المعتكف فيه بالأولى.
(و) حرم عليه أيضا (دواعيه) من الصف والقبلة كما في الحج والعمرة والاستبراء والظهار بخلاف الصوم والحيض والفرق أن الوطء في الاعتكاف ونحوه محظور لأن محظور الشعير ما نهي محنه بعد وجوده وقد جاءت لوائح النهي عنه في هذه الأبواب أما الاعتكاف فلما تلونا وأما الحج فلقوله تعالى: {فلا رفث} [البقرة: 197] الآية وقال عليه الصلاة والسلام: (ألا لا توطأ الحبارى حتى يضعن ولا الحيالى حتى يستبرئن بحيضة) وقال تعالى: {ومن قبل أن يتماسا} [المجادلة: 3] فتعدت الحرمة إلى الدواعي أن الشبهات في باب المحرمات ملحقة بالحقيقة
ويبطل بوطئه، ولزمه الليالي أيضا بنذر اعتكاف أيام
ــ
بخلاف الصور فإن الكف ركنه لا محظوره وهذا لان قوله تعالى: {ثم أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة: 187] إنما تقتضي حرمة الكف وحرمة الوطء ثبتت ضمنًا فلم تتعد إلى الدواعي إذ لو تعدت وكان الكف ركتي والركنية لا تتبع بالشبهة فالحرمة تثبت بها وكان القياس في الحيض حرمة الدواعي فيه أيضا لصريح قوله تعالى: {ولا تقربوهن احتى يطهرن} [البقرة: 222] لكنها لم تحوم للزوج ولأن النص فيه معلول بعلة الأذى وهو لا يوجد في الدواعي وما في (الفتح) ما من أن النهي فيه ضمني لا قصدي وعليه جرى في (البحر) قال: إن الحرمة فيه لم تثبت بصريح النهي ففيه نظر ففي (العناية) أنه قصدي وفي (الغاية) ورد صحيح أن نهي في الحيض كالاعتكاف فكان ينبغي أن تحوم الدواعي وأجيب بما مر.
(وبطل) الاعتكاف بوطئها في قبل أو دبي لما مر من أنه محظور فكان مفسدًا عامدًا كان أو ناسيًا ليلاً أو نهارًا أنزل أو لا لأن له حالة مذكرة فلم يكن نسيانه عذر كحالة الإحرام والصلاة بخلاف الصوم قيد بالوطء لأن دواعيه لا يفسد بها إلا بالإنزال كالجماع فيما دون الفوج لأنه في معنى الجماع حينئذ بخلاف ما إذا لم ينقل لعدم معنى الجماع ولذات ما يفسد به الصوم وأورد أنه كان ينبغي أن يكون نفس المباشرة مفسدة عملا بظاهر قوله تعالى: {ولا تباشروهن} [البقرة: 187] وأجيب بأن الجماع لما كان مرادًا بالإجماع بطل أن يكون الحقيقة مرادف ولاكن الاعتكاف معتبر بالصوم فيكون فرعا محليه وقد أستقر أنها لا تفسد الصوم فكذا الاعتكاف إليه ألبير في (الأسرار) قال في (الدراية): وفيه تأمل ووجه ما في (الفتح (لا نسلم أنه من باب الحقيقة والمجاز بل المباشرة أمر كلي له جزئيات في الجماع فيما دون الفوج والمس باليد والجماع وأيها أريد كان حقيقة غير أنه لا يوجد به فردان من مفهومه في إطلاق واحد في سياق الإثبات وما نحن فيه سياق النهي وهو يفيد العموم فيفيد تحويم كل فرد من أفراد المباشرة جماعا أو غيره.
(ولزمه الليالي أيضًا) كالأيام (بنحو اعتكاف أياما بان يقول بلسانه: لله علي أن أعتكف ثلاثة أيام مثلاً حيث يلزمه الأيام بلياليها متتابعة وكذا يلزمه أيضًا بنذر اعتكاف ليال لأن ذكر أحدهما بلفظ الجمع يتناول الآخر دل على ذلك عرف الاستعمال يقال: ما رأيتك منذ أيام والمراد بلياليها وقال تعالى لزكريا عليه السلام: {آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا} [آل عمران: 41] وفي أخرى {ثلاثة ليال سويًا} [مريم: 10] والقصة واحدة ويدخل الليلة الأولى فيدخل قبل الغروب ويخرج بعد الغروب من آخر الأيام ولو نرى بالأيام الشهر صحت نيته لأنه نوى حقيقة
وليلتان بنذر يومين.
ــ
كلامه نجلاء ما إذا نوى بها الليالي حيث لا تصح ويلزمه الكل كما في (البدائع) ما ولو نوى الليالي خاصة بنحو اعتكافها صحت نيته ولا شيء عليه لعدم محليتها للصوم كذا في (الكافي) ولو نذر اعتكاف وهو بعينه ولو نوى الأيام دون الليالي أو قبله لا يصح إلا أن يقول شهود بالنهار أو إلا الليالي ولو قال: الأيام صح ولا يجب عليه شيء.
(و) لزمه (ليلتان بنذر) اعتكاف (يومين) لأن المثنى معنى جمع فيلحق به احتياطا والحاصل أنه إما أن يأتي بالمفرد أو المثنى أو المجموع وكل منهما إما أن يكون اليوم أو الليل وفي كل منهما إما أن ينوي الحقيقة أو المجاز أو لم ينوهما أو لم يكن له نية فهي أربعة وعشرون وقد علمت منها حكم المثنى والمجموع وبقي المفرد ولو ما إذا قال: لله علي اعتكاف يوم فيلزمه فقط نواه أو لا ولا تدخل الليلة إلا أن ينويها ولو نوى اعتكاف ليلة لم يصح ولو نود اليوم معها كما في (الظهيرين) لكن في (الثانية، أو نحو اعتكاف ليلة ونوى اليوم ينظمه الاعتكاف وإن لم ينو فلا شيء عليه والفوق بين ما إذا نوى اليوم معها وبين ما إذا نوى لها اليوم لا يخفى. واعلم أن كل ليلة تابعة لليوم الآتي إلا ليلة محرفة فإنها تابعة يوم النووية وليلة النحو فإنها تابعة ليوم عرفة كذا في (المحيطة. وفي أضحية (الولوالجية) أنها في أيام الأضحى تابعة لنهار ما مضى رفقة بالناس.
تتمة: نذر اعتكاف يوم أو شهر معين فاعتكف قبله صح ونذر اعتكاف أيام العيدين صحيح ويجب في غيورا لأن شرطه الصوم وهو فيها ممتنع والردة تفسد الاعتكاف وكذا الإغماء والجنون إذا تطاولا أيام فإن طاول جنونه سنة وجب عليه القضاء استحسانًا ويصح الاعتكاف مع الصبي العاقل، هذا وليلة القدر دائرة في رمضان إلا أنها تتقدم وتتأخر وقالا: لا تتقدم ولا تتأخر وأمر الخلاف يظهر فيما إذا قال لعبده بعد مضي ليلة منه أناسًا حر ليلة القدر قال الإمام: لا يعتق حتى ينسلخ رمضان من العام القابل لجواز أنها كانت في الشهر الماضي في الليلة الأولى وفي الآتي في الأخيرة وقالا: إذا مضى ليلة منه في العام القابل محتل ولا خلاف أنه لو قاله قبل دخول رمضان عتق إذا انسلخ االشهير قال في (المحيط): والفتوى علي قول الإمام لكن قيده بما إذا كان الحالف فقيها يعرف الاختلاف أما إذا كان عاميا فهي ليلة السابع والتشويق وفي (الثانية (المشهور عن الإمام أنها تدور في السنة وقد تكون في رمضان وقد تكون في غيره والله الموفق للصواب بمنه ويمنه.